القمة العربية التي انعقدت في دمشق وما نتج عنها من قرارات ومواقف، وخصوصاً ما يتعلق بلبنان كانت الموضوع الأبرز الذي ركزت عليه افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الاثنين، وقد استمر الانقسام في وجهات التعاطي مع القمة بين من اعتبرها قمة النجاح السوري وبين من رأى فيها قمة التشتت والانقسام العربي.
ـ صحيفة الأخبار
بدت صورة الموقف النهائي أقرب إلى فوز سوريّ بالنقاط على خصومها، وخصوصاً على السعودية. ويمكن حساب هذا الفوز بالآتي:
أوّلاً: تقدّمت سوريا من حيث الشكل، إذ إن الحضور الرئاسي لقمة دمشق لم يكن مختلفاً كثيراً عن الحضور الرئاسي في أي قمّة أخرى.
ثانياً: في جدول الاعمال، لم ينجح السعوديّون ولا مصر في تقديم ملف الأزمة اللبنانية الى رأس الاهتمامات، بل إنّ من يُفترض أنهم حلفاء للسعودية لم يحاولوا خلال الاجتماعات التمهيدية ولا في الاجتماعات الموسّعة ولا في الاجتماع المغلق، أن يجعلوا من ملف لبنان ورقة الخلاف البارزة.
ثالثاً: على مستوى النتائج، إنّ ما خرجت به القمة على صعيد الأزمة اللبنانية لم يكن من النوع الذي يحرج سوريا. .ولخص مصدر واسع الاطلاع في العاصمة السورية مداولات الجلسة المغلقة بالآتي:
1ـ في ملف لبنان:رأى الرئيس الأسد أن الوفد اللبناني لو كان موجوداً، لكانت سوريا على استعداد لمناقشة كلّ ما يتّصل بالملف اللبناني، سواء ما يتعلق بآلية عمل المبادرة العربية وجهود الامين العام، او ما خص مستقبل العلاقات اللبنانية السورية. ولكنّ غياب لبنان وغياب آخرين سوف يعقّد النقاش بعض الشيء. وهنا تدخّل الزعيم الليبي معمر القذافي ليقول إنّه لا يجوز في حالة غياب لبنان أن يُناقش الملف، ومن لا يرد الحضور الى القمة فكيف له أن يفرض علينا مناقشة وضعه.
2ـ ملف العلاقات مع إيران: بادر عمرو موسى الى إثارة ملف العلاقات العربية مع إيران ووجود مخاوف لدى دول عربية من الدور الايراني. وجاء كلامه معطوفاً على توضيحات طلبها آخرون في ضوء كلمة القذافي في الجلسة الافتتاحية عن أن 80 في المئة من شعب الخليج العربي هو من أصل إيراني. وتحدّث أمير الكويت عن أن العائلات الحاكمة في الخليج العربي هي من العرب الأقحاح، فيما تحدث الجانب الاماراتي عن أن المشكلة القائمة بشأن الجزر تحتاج الى علاج. وهنا عاد القذافي ليكرر موقفه الداعي لإحالة هذا الملف إلى محكمة العدل الدولية بدل عملية التحريض القائمة الآن، والقول إنّ إيران فارسية والحديث عن سنّة وشيعة وخلاف ذلك من الامور، مكرراً حديثه عن الدور الاميركي في الحرب العراقية ـ الإيرانية. وهنا تحدّث رئيس وفد سلطنة عمان عن مبالغات وتزوير للحقائق في تصوير وجود مشكلة بين دول الخليج وإيران. وقال إن هذا الكلام يُشتمّ منه وجود مشكلة، وهو أمر غير صحيح، وإن العلاقات مع إيران جيدة ويجب العمل على تطويرها، وهو الكلام الذي وافق عليه أمير قطر الذي قال إن الجميع يعمل على تطوير العلاقات مع إيران لا العكس. ثمّ عاد النقاش الى مسألة الجزر من خلال تثبيت ما يرد عادة في مقررات القمم العربية، مع إضافة الطلب الى القذافي البحث مع إيران في إمكان نقل الملف الى محكمة العدل الدولية. ولم يتحدث المندوب السعودي في هذا الملف.
3ـ في ملف فلسطين: كان واضحاً أن وفد السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس يريد تجنّب أمرين، الاول يتصل بعدم صدور موقف يعطّل مفاوضاته القائمة مع الاسرائيليين، والثاني يخصّ عدم تحويل إعلان صنعاء الاخير الى أساس للبحث في مستقبل العلاقات الفلسطينية الداخلية.
4ـ في ملف العراق: كان الوفد العراقي غاضباً جداً من كلام القذافي عن إعدام الرئيس العراقي صدام حسين، وقال رئيس الوفد إن ما حصل كان عملية محاسبة لنظام مجرم. .
ـ صحيفة النهار:
بعدما كشف المعلم ان الموضوع اللبناني لم يناقش في الجلسة المغلقة للقمة، علق مصدر حكومي في بيروت على كلامه قائلاً ان عدم البحث في الملف اللبناني تم بطلب من لبنان، وان رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة ابلغ هذا الطلب الى الامين العام للجامعة قبل انعقاد القمة، وتمنى عليه عدم مناقشة الموضوع اللبناني في غياب لبنان. في مقابلة مع قناة 'الجزيرة' الفضائية القطرية وصف الأسد القمة بأنها 'خطوة إلى الأمام لا يجوز أن نبني عليها آمالا كبيرة'، موضحاً أنها في حاجة الى تطوير الآليات. وقال: 'أنا تحدثت اليوم عن تطوير آليات العلاقة بين المسؤولين العرب في المستويات المختلفة، وفي الوقت نفسه الآليات الموجودة في الجامعة العربية '.في الموضوع اللبناني قال موسى خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المعلم في ختام أعمال القمة، أنه تم التطرق الى الملف اللبناني خلال الجلسات المغلقة في القمة قائلا: 'لبنان أشير اليه واستمعنا الى مداخلات في شأن لبنان، ومناقشة في شأنه'. لكن المعلم قال رداً على السؤال عينه: 'في الجلسة المغلقة عندما طرح موضوع لبنان ارتأى القادة انه لا يجوز بحث موضوع لبنان في غياب لبنان'. وكرر ان 'موضوع لبنان هو في الاساس لبناني لبناني، ولا أحد يحل مكان اللبنانيين في ايجاد حل لقضيتهم، ما دمنا نتحدث عن السيادة والاستقلال، إذاً فليمارسوا حقهم في السيادة والاستقلال، ويتوصلوا في ما بينهم الى توافق. سوريا وحدها لا تستطيع. المملكة (السعودية) وحدها لاتستطيع، إذاً، جهد سوري- سعودي مدعوم من الدول العربية جميعها اذا انصب خلف الامين العام لدعم جهوده، نستطيع ان نتوصل من خلال اللبنانيين لتشجيعهم على الحوار، ومن دون ذلك انا اعتقد سيبقى كلام '. وعن المبادرة العربية وتفسيرها، قال: 'هناك مبادرة عربية. اتفق العرب وفي منزل الاخ عمرو موسى (خلال مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة الذي انبثقت منه المبادرة) على ثلاث نقاط، على خطة متكاملة. الان يجري تحريف لهذه المبادرة يريدون ان ينتخب الرئيس ثم يتم الاتفاق على النقاط الاخرى. وهذا خروج على المبادرة ولذلك اقول اذا دعمنا جهود الامين العام وانطلقنا بهذه المبادرة لتشجيع اللبنانيين على الحوار في ما بينهم والتوافق، ولن يكون هناك حل في لبنان من دون توافق اللبنانيين، هذه هي الطريق لتحقيق امن لبنان واستقراره'. وفي ما يتعلق بتفسير المبادرة العربية، قال موسى: 'لقد اجتزنا موضوع التفسير، والان تقدمنا لمناقشة أمور اخرى. هذا ليس مطروحاً بعدما تمت مناقشته، وانا عبرت عن هذا التفسير، والمبادرة سوف تستمر، وبدعم عربي كامل، سنحاول ان نصل الى تطبيق هذه السلة'.
وقال قطان أنه سيجري العمل لتسوية العلاقات السعودية - السورية، مشدداً على مكانة سوريا ودورها في المنطقة. وقال: 'سنعمل إن شاء الله على تسوية الأمور ولا أحد يشكك في دور سوريا أو في مكانتها في قلوب الجميع'.أما في شأن لبنان، فقال إن موقف المملكة واضح وصريح من الأزمة اللبنانية والمبادرة العربية التي أعادت القمة تأكيدها، متسائلاً: 'ما هو الدافع الى تعطيلها حتى الآن... ما هو المطلوب من المملكة؟ هل المطلوب منا أن نذهب إلى الأكثرية ونطالبها بأن تنتقص من حقوقها التي كفلتها صناديق الانتخاب'. وأضاف: 'ان المرشح للرئاسة هو صديق وحليف للاقلية في لبنان ورئيس مجلس النواب صديق وحليف لها ايضاً... وبعد ذلك تطالب الاقلية ان تعطى لها الوزارات السيادية... المحصلة في النهاية هي ان تكون هناك سيطرة كاملة للاقلية على كل اجهزة الدولة، فهل هذا هو المطلوب الآن من المملكة ان تتقدم به لدى الاكثرية؟ هل مطلوب ان تذهب المملكة الى الاكثرية وتقول لهم تناصفوا الوزارات مع الاقلية؟'
وقال الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي ان القمة العربية لم تسفر عن نتائج 'شأنها شأن القمم العربية السابقة' وان حاولت رأب الصدع العربي. وأضاف: 'لا مستجدات تذكر في هذه القمة شأنها شأن القمم العربية السابقة. لقد حاول الرئيس بشار الاسد ان يذلل هذه الخلافات والتناقضات السائدة لتبدو للعالم كأنها خلافات عادية وطبيعية'.وأكد وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي، الذي شارك في القمة بصفة مراقب، ان الجزر الخليجية الثلاث التي تطالب بها الامارات العربية المتحدة هي ايرانية، منتقداً قرار القمة العربية في هذا الشأن. من جهة أخرى، قال متكي إن 'ايران تبذل جهودا لتحسين العلاقات بين الدول العربية، بما فيها سوريا والمملكة العربية السعودية'. ولفت الى ان 'السعودية وايران تضطلعان بدور مهم لاحباط المؤامرات التي تحاك ضد العالم الاسلامي، بما فيها الصراع السني - الشيعي المفتعل'. وأمل ان 'تستخدم السعودية نفوذها في المنطقة للتوصل الى تسوية نهائية للازمة في لبنان'.
ـ صحيفة السفير:
قالت مصادر دبلوماسية عربية لـ&laqascii117o;السفير" انه عندما بلغ النقاش في الجلسة المغلقة للقمة، الملف اللبناني، ارتأى أحد رؤساء الوفود أنه من غير الجائز نقاشه في غياب لبنان، فوافق الرئيس السوري على الاقتراح &laqascii117o;لأنه ليس هناك من نناقشه في هذا الشأن"، ولم يقدم الجانبان السعودي أو المصري اية اقتراحات مضادة، لكن العديد من المداخلات مرت على الوضع في لبنان، وخاصة أنه أخذ حيزا كبيرا في تقرير الأمين العام حول &laqascii117o;العمل العربي المشترك" .ومن دمشق لخص مراسل &laqascii117o;السفير" زياد حيدر أجواء الجلسات المغلقة، سواء الأخيرة منها (أمس) أو جلسة أمس الأول، وذلك في التقرير الآتي: قالت مصادر سورية رفيعة المستوى لـ&laqascii117o;السفير" إن الجلسة المغلقة الأولى للقمة العربية العشرين التي عقدت أمس الأول، تخلل انطلاقتها شيء من الفوضى بعد أن بدا غير واضح ما هو المقصود من مناقشة العلاقات العربية العربية، إلا أنها استقامت وأصبحت أكثر عمقاً لتستغرق ثلاث ساعات من النقاش المتبادل بين المشاركين. وعلمت &laqascii117o;السفير" أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أعلم الجانب السوري أنه سيسعى في طريقه إلى بلاده إلى لقاء الرئيس المصري حسني مبارك، في اطار توجه لتصحيح العلاقات العربية العربية، علماً أن الرئيس الجزائري كان سبق له المحاولة في طريقه إلى دمشق. وحول &laqascii117o;إعلان دمشق"، قالت المصادر السورية لـ&laqascii117o;السفير" ان التحفظ العراقي &laqascii117o;المفاجئ" على الإعلان انتهى إلى تسجيله كتحفظ دون المساس بنص الإعلان لأن نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي احتج &laqascii117o;على عمومية الإعلان وليس على اية فقرة". وعلم أن العراقيين كانوا يرغبون بأن يتضمن الاعلان اشارة الى رفض الارهاب والدعوة الى محاربته ودعم جهود الحكومة العراقية على الصعيدين الأمني والسياسي لتحقيق المصالحة الوطنية".
ـ صحيفة الحياة:
بعد اختتام القمة العربية العشرين أعمالها في دمشق أمس، سألت &laqascii117o;الحياة" أحد المشاركين البارزين فيها ان يختصر أجواء القمة بكلمتين، فأجاب مبتسماً: &laqascii117o;لا إنفجارات ولا إنفراجات". وحين طلب منه توضيح ما يقصد قال: &laqascii117o;لم تشهد القمة ما كان يخشاه البعض من توتر أو تفجير للاتهامات بسبب تراجع العلاقات الثنائية والخلافات حول الملفات الصعبة كلبنان والعلاقات الفلسطينية - الفلسطينية. غابت الانفجارات حتى عن الجلسة المغلقة. لكن اللهجة الهادئة والودية أحياناً لا تعني ان انفراجات قد حصلت".وزاد: &laqascii117o;خلال الجلسة المغلقة اتسم سلوك العقيد معمر القذافي بهدوء غريب. وحين رد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح على ما قاله الزعيم الليبي عن نسبة الايرانيين بين أهل الخليج، قال القذافي انه لم يقصد الإساءة إلى أحد و &laqascii117o;ان كلامه فهم خطأ".