تنوعت اهتمامات الكتّاب والمحللين في الصحف اللبنانية واختلفت صور تناولهم للقضايا اللبنانية، إذ ركّز كل واحد من الكتّاب على جانب من الجوانب المثارة على الساحة، من القمة العربية إلى زيارة الدكتور سمير جعجع إلى واشنطن إلى جبهة المعارضة وتحرك الموالاة، وصولاً إلى عودة الحديث عن حرب ما في المنطقة خلال المرحلة القادمة.
ـ صحيفة الاخبار
ابراهيم الامين:
مقال يوجز فيه الضغوطات التي تعرض لها كل من الاردن ومصر وفلسطين واليمن وبعض الدول العربية الاخرى من ضغوطات لعدم حضور القمة العربية ونورد هنا الموقف المصري للدلالة فقط :
منذ مدة غير وجيزة، حاول عرب أميركا تطيير القمة، أو تأجيلها على الأقل. فعل ذلك المصريون والسعوديون دون توقف. خرج الرئيس حسني مبارك في رحلة عاجلة إلى عدد من العواصم العربية داعياً علناً إلى مقاطعة القمة. قال لأحد ملوك الخليج إنه حاول مع الرئيس السوري بشار الأسد تأجيل القمة أسابيع على أمل إيجاد حل للأزمة اللبنانية. يومها تولّى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى نقل الرسالة. كان الأسد في غاية الصراحة مع وزير الخارجية المصري السابق الذي أطاحه مبارك على طريقة السوفيات: الإبعاد بالترفيع. قال الأسد لموسى: &laqascii117o;إن مبارك يتجنّب زيارة سوريا. وهو يتخذ موقفاً لا يعبّر عن موقع مصر في العالم العربي. وبدل أن يقنع السعوديين بأن الأمور تحتاج إلى معالجة مختلفة، تراه يتبنّى موقفهم بطريقة تجعل من الصعب الموافقة على اقتراحه تأجيل القمة. وأنا مصرّ على عقدها في موعدها وفي مكانها، ولو حصلت على مستوى السفراء".لا يتحدث الراوي عن ردة فعل موسى. لكن الأكيد أن الأسد حمّله رسالة بدت قاسية، وقال له: &laqascii117o;قل له ما أقوله لك، وعن لساني، ولا تُصَب بالحرج". غير أن الأسد كان قد تلقّى توضيحات من مسؤولين عرب آخرين. جاءه من الخليج من روى له تفاصيل الجهود التي بذلها مبارك، وتلك التي تولّاها رئيس الاستخبارات السعودية الأمير مقرن. ولم يكن بعيداً عن رسائل الجانب الأميركي إلى الجميع. وقال دبلوماسي عربي: عندما أكد لنا السوريون أن خطاب الأسد سوف يكون هادئاً، صارت الأنظار متجهة إلى الزعيم الليبي معمر القذافي، والكل يده على قلبه"، بينما كان كثيرون من معارضي عرب أميركا يتمنّون لو أن القذافي يفجر القمة تماماً. لكن دمشق سارعت إلى احتواء الموقف، وأرسل الرئيس السوري إلى القذافي من يتمنّى عليه عدم تفجير الوضع بصورة كاملة. ولم يكن هناك أفضل من الوزير وليد المعلم ليقول كلاماً هادئاً دفع بالقذافي إلى القول: &laqascii117o;إذا كانت هناك مصلحة في ألا أتكلم، فأنا مستعد". لكن المعلم صارحه: &laqascii117o;خطابك منتظر ومطلوب، ولكن هناك من يراهن على أشياء يريدها ذريعة للقيام بما يبرّر خطواته الخطأ".مرّت القمة على خير. لكن الكلام الكثير قيل في الرواق الذي كان أعضاء الوفود يلجأون إليه طلباً لقهوة أو ماء، وبحثاً عن متنفّس لقول الكلام الذي لا تتحمّله القاعة الكبرى!
ـ صحيفة الاخبار
نزار عبود نيويورك:
أفادت مصادر واسعة الاطلاع في الأمم المتحدة بأن قضية محكمة لبنان الدوليّة دخلت مرحلة جمود قد تطول نسبياً بعد صدور تقرير المحقق الدولي الجديد، دانيال بلمار، فيما تدرس بعض الدول الأعضاء في المجلس إثارة قضيّة القادة الأمنيين الموقوفين، مطالبة بالإسراع في بتِّ قضيتهم.
ـ صحيفة الاخبار
انطوان سعد:
يجري التداول في أوساط الطرف المسيحي من المعارضة، وبخاصة في محيط رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، في إمكان تحقيق اتفاق مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على قانون الانتخاب العتيد، وذلك على رغم قلق جميع الأطراف السياسية من المرحلة القريبة المقبلة وخشيتهم أن يؤدي الانقسام الحالي إلى تفكك ما بقي من المؤسسات الدستورية والوطنية وعدم التمكن من إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها في ربيع عام 2009.
ـ صحيفة النهار
جورج ناصيف:
اليوم، تتحرّج قوى الامن الداخلي، كما يتحرّج الجيش، من اي تحرك شرعي، إلا بعد موافقة قوى الامر الواقع، حتى بات الشرطي او المخفر، وحتى الثكنة العسكرية، مجرد ديكور خارجي لسلطة عاجزة في شطر كبير من البلد.هل تتساوى الاحزاب والقوى السياسية في تغليب سلطتها على سلطة الدولة؟لا. ثمة متباينات.في رأس الهرم، يأتي 'حزب الله' (الذي نكرر إكبارنا لدوره الجهادي وتشكيله سدا رادعا في وجه اسرائيل) الذي استكمل تقريبا امارته بانشاء جيشه و'عناصر انضباطه' الحزبي ومكاتبه الامنية وشبكة اتصالاته الهاتفية، فضلا عن إعلامه ومدارسه ومؤسساته الاستشفائية والهندسية والاجتماعية. اما الاحزاب التي تتشكل منها 'السلطة'، فان خروجها على الشرعية ومؤسساتها ما زال خفراً وجنينياً، إما بسبب قرار سياسي يوكل الى الدولة أمر الامن والخدمات الاجتماعية، وإما بسبب عدم امتلاكها آلة قتالية او استخبارية ذات شأن، فاقتصر خروجها على انشاء بضع 'شركات امنية' للحماية الفردية، وانتشار امني مستتر في مناطق نفوذها بهدف المراقبة والتحوط من عمليات الاغتيال او العبث الامني، وتوزيع فردي للسلاح في بعض المناطق. لكن المسألة ليست في هذا الطرد (المتفاوت) للدولة فقط، بل في الدجل السياسي الذي يرافقها على ألسنة السياسيين، المعارضين على وجه الخصوص. فالسياسي اللبناني لا يخجل من رفع صوته باتهام الفريق الخصم بالتسلح او توزيع السلاح، فيما لا يشير بكلمة الى تخمة السلاح لدى فريق حلفائه. 'الشركات الامنية' شرّ، ويجب ادانتها وتقبيحها والمطالبة بحلها. هذا اكيد وصحيح. ولكن ماذا عن المناطق المغلقة برمتها في وجه الدولة وقواها الشرعية؟ لماذا النظرة العوراء؟
ـ صحيفة النهار
سركيس نعوم:
قلت للمسؤول الأميركي الرفيع السابق: سمعت في واشنطن ان هناك داخل الادارة من يحرّض الرئيس بوش على توجيه ضربة عسكرية كبيرة الى ايران لأن من شأن ذلك تأمين الشرعية التاريخية له والتراث المحمود. فهل لا تزال هذه الضربة خيارا جديا لدى الرئيس الاميركي؟ سألت. فاجاب: 'ان ضرب ايران على النحو المتداول منذ سنوات لن يمنعها من مواصلة مشروعاتها النووية. قد تؤخر الضربة هذه المشروعات فقط لأن اميركا لا تعرف فعلا تفاصيل دقيقة عن خريطة انتشارها. سألني مرة مسؤول اميركي كبير عن ضرب ايران عسكريا، فاجبت ان احسن ما تفعلونه اذا قررتم الضربة العسكرية ونفذتموها الا 'تدقوا' بالجيش الايراني كجيش بل بالبنى التحتية والادارات. اي اضرب وأوجّع كثيراً. ثم سأل ماذا سيكون الرد الايراني في هذه الحال؟ فاجبت: لن يكون طبعا احراق الخليج لأن الايرانيين لن يربحوا هذا النوع من المعركة في النهاية. ولكن بعد شهر او شهرين او اكثر قد تسمع ان سفارة اميركية في هذه المنطقة او تلك من العالم تعرضت للتدمير بسبب تفجير تخريبي. ولن تكون هناك اي ادلة تشير الى ان الفاعل المسؤول هو ايران. علما ان الرئيس بوش حُضّ اكثر من مرة ومن قادة عرب وتحديدا خليجيين على التعاطي عسكريا مع ايران. وفي احدى المرات سمع وصفاً 'عربيا' لا علاقة له بالشجاعة والاقدام لعسكري اميركي تعرضت زوارقه لاستفزاز عسكري ايراني واضح ولم يرد عليه مع الاشارة ايضا إلى ان قادة خليجيين عدة بالكويت وقطر وايران يطلبون منا اي من اميركا الا نضرب ايران'.
ـ صحيفة السفير
جورج علم:
لقد شهدت بورصة ردود الفعل شيئا من الاستقرار خلال الساعات الـ24 الماضية، ويقول بعض المعنييّن &laqascii117o;في نهاية المطاف، لا أحد على استعداد أن يقاتل، لا كرمى عيون المبادرة (العربية)، ولا عيون لبنان"، ويخشى ان يأتي يوم قد لا يكون بعيدا &laqascii117o;ينكفئ" فيه الدور الداعم الذي يلعبه بعض الغيارى، ليصبح لبنان متروكا مهملا، ولقمة سائغة تلوكها أنياب التدويل، وتهضمها المخططات الاميركيّة ـ الاسرائيليّة؟
ـ صحيفة السفير
خضر طالب:
نجحت ســوريا في &laqascii117o;تصحــيح" صــورة &laqascii117o;محـور الممانــعة" بتعزيزه عربياً عبر توســيع &laqascii117o;دائرة العضــوية" فيه بإضـفاء ألـوان جديدة إليه، ولم يعد مقتصراً على &laqascii117o;محـور الـشـرّ السوري ـ الإيـراني"، وبدا أن هذا المحور يستعد لـ&laqascii117o;الهجوم المعـاكس" بعـد أن كان محاصـَراً ومهدَّداً بالوجود. ـ إن ما أنتجته قمة دمشق هو اعتراف بدور ســوريا وتأثيرها في لبنان، وبأن الحل فيه لا يمكن أن يمرّ إلا بالتعاون معها ومــراعاة مصالحـها وحماية خاصرتها. ـ كانت سوريا على استعداد قبل القمة للقبول بالعودة إلى توازنات ما قبل العام 1989 في لبنان، من خلال منحها حق الفيتو في لبنان، وهي ربما تطمح بعد نتائج القمة إلى ما هو أفعل من ذلك الدور. ـ بدأت القناعات العربية والإقليمية والدولية تتعزز بصعوبة فك الملف اللبناني عن مجمل الملفات الكبرى، وبأن &laqascii117o;مقصورة" التسوية في لبنان لا يمكن أن تسير وحدها قبل إقلاع قطار التسوية في كل المنطقة بالتفاهمات الإقليمية والدولية. لكل ذلك، لا يمكن للأمين العام للجامعة العربية &laqascii117o;المغامرة" مجدداً بمشروع الحل العربي لإدراكه أن المطلوب في لبنان راهناً هو احتواء أزمته بالحد الأدنى، وأن الدور الخارجي المطلوب اليوم هو في تأمين حماية لهذا الاحتواء في انتظار نضوج الظروف المناسبة لتظهير الحل، خصوصاً أن ما كان ممهداً في ما مضى للذهاب بالأزمة نحو تدخل دولي بالرافعة الأميركية والقبول العربي قد سقط عملياً، لأن الترتيبات التي تريدها الولايات المتحدة إطاراً لحل الأزمة في لبنان إنما كانت تهدف لصياغة السلطة فيه بما يخدم استراتيجيتها إلى كل المنطقة. في حين أن أول ما ينتجه التمسك بالسلة المتكاملة للمبادرة العربية ورفض تجزئتها إنما يُسقط أي طموح بحسم النزاع على حساب طرف أو آخر ويرجح التسوية المتوازنة.
ـ صحيفة السفير
غراسيا بيطار:
من أجواء جولته الأميركية اقتبس سمير جعجع لكي يفتتح المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس في دارته في معراب. قبل ذلك، &laqascii117o;اطمأن" الى حضور &laqascii117o;المنار" وجريدة &laqascii117o;الأخبار" وسمى الزميل عبد الله شمس الدين بالاسم، مستفسرا إذا كان لا يزال في دمشق يغطي أعمال القمة العربية. ثم بدأ بتسجيل مستفيض لـ&laqascii117o;انطباعاتي عن الجولة وهنا أريد أشكر الإدارة الأميركية على حفاوة استقبالها". وهنا سمى أيضا أحد أعضاء الإدارة الأميركية الذي اكتشف في مكتبه صورا للرئيس رفيق الحريري والرئيس فؤاد السنيورة &laqascii117o;لبنان حاضر في أكبر وأصغر دائرة أميركية".
ـ صحيفة السفير
ساطع نور الدين:
الأحد الماضي، أعلن الفاتيكان ان المسلمين فاقوا الكاثوليك عددا، للمرة الاولى في التاريخ، وباتوا يشكلون 19 بالمئة من سكان العالم، مقابل 17 بالمئة هم اتباع الكنيسة الكاثوليكية، لكنهم ما زالوا اقل من عدد المسيحيين من بقية الطوائف الارثوذكسية والانغليكانية والبروتستانتية الذين يمثلون 33 بالمئة من البشر، أي نحو مليارين، من اصل ما يقارب السبعة مليارات نسمة. (...) السباق انتهى على الجبهة المسيحية، وهو على وشك الانتهاء على الجبهتين الصينية والهندية.. عسى ان يقرأ اليهود بملايينهم العشرين هذه الاحصاءات بدقة !
ـ صحيفة السفير
غاصب المختار:
تحضّر المعارضة لرسم اطارها الجبهوي العريض، والكلام عنه صار كثيرا مع ان تحديد شكل الاطار والبرنامج ما زالا على النار، الا ان ما يقوله احد كبار قادة المعارضة عن توزيع الادوار هو المهم في الرؤية المقبلة للمعارضة. فهي ستضم المسيحي (بكل مذاهبه) والسني والدرزي، والعلوي والشيعي، وهذا هو الامر الجديد، إذ ان &laqascii117o;حزب الله" وحركة &laqascii117o;امل" سيكونان من صلب هذا الاطار الجبهوي العام، عدا عن ان بعض الاحزاب العلمانية التاريخية ستكون ممثلة على الارجح. والمهم في ما يُطبَخ، ان العصب السني الوطني والعروبي سيكون هو اكثر ما يميز هذا الاطار الجبهوي، لمواجهة مشروع الموالاة الذي يقوم برأي القطب المعارض على &laqascii117o;العصبية السنية المذهبية"، التي عمل عليها بعض اطراف الموالاة، خاصة في الشمال، وبالاخص في منطقة المنية، وجعلها حالة سياسية مذهبية في المعادلة السياسية يواجه بها خصومه في طرحهم السياسي ومطلبهم في المشاركة، فصارت &laqascii117o;السنّية السياسية" هي مصدر الشكوى الوطنية، وسببا اضافيا لأسباب التأزم الداخلي وعرقلة الحلول، بعدما كانت المارونية السياسية لسنين طويلة قبل اتفاق الطائف.إذ ان هذه السنية السياسية صارت تريد ان تتحكم بمقدرات البلد سياسيا واقتصاديا، وتحدد للاطراف الاخرى الموجودة حجمها ودورها وما هو المطلوب منها. وكما كانت المارونية السياسية بلا مذهب، انما نهج سياسي تسلطي يشارك فيه اطراف من طوائف ومذاهب اخرى، فإن &laqascii117o;السنية السياسية" الآن ملونة بالوان اخرى. الا ان المشروع السياسي الذي تحمله هو الذي مكن المعارضة من ان تتجه ليكون لها عصب سنّي وطني قوي يتمثل بالعديد من الشخصيات السنية العاملة في الحقلين الوطني العام والرسمي، والتي تملك قواعد شعبية في الكثير من المناطق، لكنها تفتقر الآن الى عنصري المال والخدمات، اللذين تتميز الموالاة بهما بحكم الموقع في الحكم، وبفضل نعمة ربانية و&laqascii117o;نِعَم ملكية". ويبدو ان المعارضة في اطارها الجبهوي العام الذي تحضر له، انما تحضر نفسها لمعركة سياسية وطنية طويلة مع الموالاة، لا على عدد الكراسي في الحكومة وهو حق تفرضه اصول المشاركة، انما على أي دور سيكون للبنان مستقبلا في الصراع المفتوح مع الادارة الاميركية المحافظة التي تحطم كل دول العالم الآن لتثبيت اميركا على عرش العالم بلا منازع او معارض، ومع الكيان الاسرائيلي الذي يريد ان يعيد فرض نفسه امبراطورا للمنطقة العربية سواء بالحرب او بمشروع الشرق الاوسط الجديد. ولأن السنّة كانوا دوما السباقين في لعب ادوار المواجهة ضد مشاريع الاستعمار بكل وجوهه في المنطقة، سيكون عصب جبهة المعارضة السني قويا وبارزا.
ـ صحيفة السفير
د. سليم الحص:
(...) الفرقة السنّية الشيعية ظاهرة مدمرة لا يجوز أن تستمر لحظة واحدة. إن المذهب الجعفري أحد المذاهب الإسلامية التي يعترف بها الأزهر الشريف، تماماً كالمذاهب السنّية، ومنها الشافعي والمالكي والحنبلي والحنفي.وأهل السنّة كانوا ولا يزالون من سدنة العروبة في لبنان. في مرحلة من المراحل كانوا هم شارع جمال عبد الناصر الناشط في لبنان وسائر العالم العربي. فما بالنا نسمع اليوم من قلة خارجة عن الصف توازي بين الشقيقة سوريا والعدو الإسرائيلي، لا بل بعضهم لا يخفي إيثاره العدو على الشقيق. هذا في منزلة الكفر قومياً، ونحن نربأ بأي من شعبنا الوقوع في شركه. فالاعتبار القومي العربي اعتبار يتعلق بالمصير كما يتعلق بالمصالح الحيوية لشعبنا بصرف النظر عن توزعه الفئوي. نحن أهل السنّة، إذ ننادي بالتزام القيم الإسلامية السامية، ندعو إلى الاعتصام بالدين ونبذ الفئوية، المذهبية كما الطائفية. وندعو وطنياً إلى التمسك بالوحدة الوطنية وقومياً إلى التشبث بعروبة بلدنا.
ـ صحيفة المستقبل
فادي شامية:
(...) في قراءة لمآلات مشروع 'حزب الله' لاختراق الساحة السنية من خلال الإسلاميين تبدو النتائج معاكسة لما أراده الحزب بصورة مذهلة:
1 ـ لقد كان الهدف الأساس لـ 'حزب الله' وما يزالـ من دعمه 'المفرط' لـ'حلفائه'، 'استنبات' و'تسمين' قوى ذات وزن تمثيلي مقبول في أوساط الإسلاميين وفي عموم السنة، الأمر الذي لم يحصل حتى في ذروة صعود القوى والأطر التي يدعمها الحزب، وما تحقق كان عكس ذلك تماماً، إذ شعرت 'الجماعة الإسلامية'، القوة الأساس وسط الإسلاميين السنة، أنها مستهدفة بهذا المشروع، وأن استخدام المال السياسي في 'ساحتها'، ولا سيما من خلال الدكتور فتحي يكن، ليس بالأمر الذي يُسكت عليه، الأمر الذي انعكس تدهوراً غير مسبوق في العلاقة مع 'حزب الله'، وسخطاً كبيراً من قبل مناصريها ومؤيديها على 'حزب الله'، و'توتر' في النظرة إلى الحزب حتى في أوساط الإسلاميين الساخطين على 'تيار المستقل' و'الجماعة الإسلامية' و'14 آذار'.
2ـ أدى سعي 'حزب الله' للترويج إلى مفهومه الخاص لـ'مشروع المقاومة'، وتسليحه وتدريبه لبعض العناصر التي لا يتناسب تاريخها ولا حاضرها مع هذا المشروع، إلى انحدار كبير في النظرة إلى المقاومة، لدرجة ألجأت البعض، بدافع السخط، إلى رفض مشروع المقاومة من أساسه، أو على الأقل التشكيك بدوافعه.
3 ـ على عكس ما يعلنه 'حزب الله' ويسعى إليه من تجنب الاقتتال بين السنة والشيعة فقد أدت 'الاعترافات المتلفزة'، وبدون تحقيق أو ضغط، إلى نتيجة مفادها أن الحزب 'يدفع المال ويسلّح الشباب ويدربهم في النبي شيت في البقاع وفي إيران'، ليستعمل هذه المجموعات كوسيلة ضغط داخلية و'فرض الأمر الواقع في الشوارع والأحياء'، كما جاء على لسان مجموعة خضر عواد المنشقة عن الجبهة، الأمر الذي يعتبر فضيحة حقيقية، لا سيما عندما يقول المنشقون إن المدربين في معسكرات 'حزب الله' قالوا لهم: 'نحن نحمي الجنوب من العدو الإسرائيلي، وأنتم عليكم حماية الداخل اللبناني بقتال عملاء اليهود في الشمال'.
4 ـ بفعل هذا الجو، بات شعار 'الوحدة الإسلامية' الذي رفعه العديد من الإسلاميين السنة والشيعة، وعملوا من أجله بإخلاص، مجرد كلام فارغ المضمون، وقد انقلب عليه بعض الذين حملوه، وأسهم الأداء الداخلي لـ'حزب الله' بشكل كبير في هذا السقوط، الأمر الذي وضع في مهب الريح جهود سنوات طويلة من عمل 'تجمع العلماء المسلمين'، الذي انطلق لهذه الغاية على وجه التحديد، وقد انتهى حاله إلى أنه تجمّع في خدمة إيران و'حزب الله'.5
ـ بطبيعة الحال، فقد استتبع سقوط 'مشروع الاختراق'، إلى سقوط 'محزن' لأدواته في الشارع السني، لا سيما 'أصحاب التاريخ' منهم، بعدما باتوا موضع رفض وتشكيك من 'إخوانهم' و'أبنائهم' ومحيطهم. (...)إن أي قراءة موضوعية من قبل 'حزب الله' تفضي إلى أن حجم 'الاستثمار' الكبير في الشارع السني قد خدم الآخرين... أولئك الذين يعتبرهم 'حزب الله' أدوات للمشروع الأميركي، بدل أن يكون 'الاستثمار' لصالح الحزب، وأن أية زيادة في هذا 'الاستثمار' ستعني زيادة في الخسارة، لكنها ستعني أيضاً زيادة في المخاطر المحدقة بالبلد واستقراره!