ـ صحيفة النهار
روزانا بو منصف:
ما هي الخيارات الأخرى المتاحة؟ وهل ثمة خيارات فعلاً، أم ان الوضع مقفل على الدوران من ضمن حلقة مفرغة تطلق عليها عبارة 'ستاتيكو' حتى السنة المقبلة وفق ما تروج اوساط سياسية متعددة من كل الاتجاهات باعتبار ان أفق العلاقات العربية - العربية مقفل على خلافات ليست قابلة للحل في المدى القريب؟ بالنسبة الى المصادر الديبلوماسية المعنية لا يمكن التسليم بواقع الامور من دون السعي الى تغييره، مهما تكن قتامته، لئلا يكون ذلك استسلاما، وهذا غير ممكن وغير مفيد في آن واحد. وثمة معطيات سياسية تفيد ان المجال واسع للبحث ليس عن مبادرات جديدة - فهذه قد لا تنقص وثمة عدد كبير من الدول الصديقة ترغب في الاضطلاع بهذا الدور - بل عن افكار جديدة يمكن ان تحقق خرقا ما في جدار الأزمة وتخرج الوضع اللبناني من الجمود السياسي. فهناك الحوار الجانبي الذي كانت ترعاه سويسرا، على مستوى غير مستوى القادة، ومحاولتها احياءه من دون تجاوب حماسي من الافرقاء اللبنانيين، ربما لأن الاقتراح السويسري طُرح وسط زحمة المبادرات ومساع ديبلوماسية في اتجاه لبنان. الا ان الحوار الجانبي الذي كان قائماً عبر ممثلين لمختلف الأفرقاء كان على وشك ان يستكمل الأسبوع المقبل في موضوع استراتيجية الدفاع لولا تراجع المعنيين في الأساس عن البحث في الموضوع وتركه للبحث في الإطار الرسمي، أو كما قال الرئيس نبيه بري برعاية رئيس الجمهورية في قصر بعبدا. وهناك أطراف أوروبيون يرغبون في القيام بوساطة لولا انهم ينتظرون أن يعلن الأمين العام للجامعة فشل المبادرة التي يقوم بها ليحاولوا التقدم مجدداً الى الواجهة متحاشين ان تدرج حركتهم في سياق 'الخربطة' أو احباط المبادرة العربية، علماً ان ثمة من يشجعهم على ذلك باعتبار ان موسى لن يعلن في أي لحظة فشل المبادرة أو الوساطة التي يقوم بها خشية أن ينعكس ذلك سلباً على الوضع الأمني في البلاد نتيجة الفراغ في الحركة السياسية الداخلية.وفي الاطار نفسه تفيد معلومات ان ثمة أفكاراً عدة يتم طرحها من بينها اطلاق مبادرة عربية - اوروبية مشتركة يمكن أن تجددها المبادرة العربية برفدها بعناصر اضافية تتعلق بضرورة إقرار سوريا بإقامة تمثيل ديبلوماسي بينها وبين لبنان، وترسيم الحدود بين البلدين الى غيرها من النقاط الحساسة بين لبنان وسوريا. ومن بين الأفكار أيضاً احتمال عقد قمة عربية مصغرة للدول المهتمة جداً بلبنان فيكون لبنان وسوريا جنباً الى جنب على طاولة حوار لحل الاشكالات في ما بينهما بضمانات عربية، بالاضافة الى اجتماع جديد لوزراء الخارجية العرب من أجل البحث مجدداً في مخارج للأزمة الراهنة رغم ان هذا الاقتراح قد لا يتسم بالأهمية نفسها للاقتراحين السابقين. ويعود ذلك الى أن المبادرة العربية اتخذت في اجتماع لوزراء الخارجية العرب واصطدمت بعراقيل لم تجد حلا لها بعد، وتاليا من العبث واللاجدوى اعتماد الطريق نفسه، أي اتخاذ قرارات لا تنفذ، اللهم إلا إذا كان هناك قرار سياسي من بعض الدول العربية بتسهيل الامور فتنفذ عند ذلك المبادرة التي لا تزال قيد التداول برعاية موسى.
ـ صحيفة النهار
احمد عياش:
على من تناور اسرائيل اليوم في أكبر مناورة من نوعها في تاريخ هذه الدولة التي يرقى تاريخها الى 60 عاما؟في الجواب المباشر والذي تواتر تباعا، المناورة توجّه 3 رسائل الى 3 جهات هي: ايران، سوريا و'حزب الله'. لكن في الجواب غير المباشر ان الرسائل موجهة الى جهات اخرى غير تلك التي ذكرت مباشرة. وفي سوابق هذا الزمن والتاريخ ان من يريد ان يفعل شيئاً، فردا كان ام جماعة أم دولة، لا يناور.
الأمر يحتاج الى خوض عميق والى خبراء ومعلومات. لكن ما يمكن ادراكه ان ايران وسوريا و'حزب الله' هم حاليا في مأمن خلال هذا العرض العسكري العبري الواسع المخصص للفرجة. فإيران تنتظر، اذا كانت تنتظر شيئاً، فمن جيوش الولايات المتحدة الاميركية التي تعسكر على مرمى حجر من حدودها مع العراق والخليج وتركيا وافغانستان، أي من كل حدب وصوب. وسوريا اعلنت بالثلاثة تبرؤها من الذهاب الى الحرب مع اسرائيل منذ 35 عاما، فاذا ما حشدت جيوشها فعلى حدود واحدة فقط من سائر حدودها التي تجاور خمس دول، أي لبنان. وهذا ما أكدته صحيفة 'القدس العربي' في نبأ لها من دمشق بعد القيامة السورية على 'النهار' على ما ذكرته حول نشر دمشق 3 فرق على الحدود مع لبنان. يبقى 'حزب الله'، هذه الفزاعة الثمينة التي كشفت أهميتها في زمن سقطت فيه موازين القوى وبقيت خيالاتها. وعلى رغم نكبة تموز 2006 التي لا يزال هذا البلد يجرجر اذيالها، فان جهتين لا تكفان عن توظيفها في غير ما هي في الواقع: 'حزب الله' يعتبرها انتصارا ومعه بالطبع من يدفع حساباته الشهرية بالعملة الصعبة، واسرائيل التي تعتبرها نكسة يجب استنفار كل عضلات الدولة التي تحتل الجولان السوري وضربت المفاعل النووي العراقي في عز سيطرة الطاغية صدام حسين وتربض فوق فلسطين والجوار وتقيم في المنطقة سلاما مع اكبر دولة عربية وعلاقات مع اكبر دولة اسلامية، وتجد ملاذا في بعض الخليج، وتدغدغها حتى الغرق في نوبة من الضحك دعوة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى ازالتها وهي التي توصف بأنها ترسانة نووية من رأسها حتى اخمص قدميها.بالعودة مجددا الى السؤال: على من تناور اسرائيل اليوم؟ لا يبقى في الميدان إلا 3 شعوب:
- شعب لبنان الذي أبتلى ولا يزال منذ احتلال الجولان بمن رفع بداية شعار انقلوا القتال الى العرقوب ثم أخذه الى جونية لينقله اخيرا الى شبعا.
- شعب فلسطين الذي أهدى اليه أرييل شارون غزة هدية مفخخة وذهب الى غيبوبة ولا يزال، استفاق هذا الشعب على كابوس: أيهما اولا، غزة أم فلسطين؟
- شعب اسرائيل الذي جاء من شتات الارض على اساس ان له دولة مثل اسبارطة تسيّرها ديموقراطية ويحكمها ملك، فلا يهنأ لها عيش إلا اذا انتصرت وهُزم سواها. وعندما يختل الميزان قليلا ترتفع الاصوات ويعلو الغبار كي يصحح الميزان فتبدأ عندئذ المباراة ليظهر من هو أكثر تشددا لتسلم اليه الكأس.ما يهمنا اليوم يا 'شعب لبنان العظيم'، بالاذن من صاحب العبارة، هو انه قبل ان تبدأ المناورة اعلن 'حزب الله' انتصاره. فماذا سيقول بعد انتهائها؟
ـ صحيفة النهار
علي حمادة:
في حال لم تربح اسرائيل الحرب أو لم تشنها خلال اشهر معدودة، سيكون في المرة المقبلة في لبنان سلاح غير تقليدي بيد ميليشيا يقلب موازين القوى والمعادلات في الشرق الاوسط برمته. والحق انه لو كان السلاح المذكور لبنانيا بالمعنى الحقيقي للكلمة، اي ان للدولة سلطة استخدامه وفق المصالح اللبنانية، لما كانت هناك مشكلة في وجود سلاح من هذا القبيل لمنع اسرائيل من الاعتداء على لبنان في شكل نهائي، وفرض هدنة لسنوات طويلة. إن طبول الحرب تقرع في المنطقة، وانسداد الآفاق السياسية على المسارح كلها من دون استثناء: في فلسطين، ولبنان وسوريا، والعراق، وإيران (النزاع النووي)، يزيد احتمالات نشوب حرب اقليمية تحرك المسرح وتدفع في اتجاه تسويات وفق معادلات تفرضها نتائج الحرب المفترضة. ولوصف الحرب هنا بأنها تتمة السياسة بوسائل اخرى معنى مضاعف، فعندما ندرك ان احتقان المنطقة وعجز اللاعبين الأساسيين عن بلوغ تسويات عربية - عربية، وعربية - ايرانية، وأميركية - سورية، واميركية - ايرانية، نفهم كم ان الانزلاق نحو الحرب ممكن في المرحلة التي بدأت من يوم انتهاء القمة العربية في دمشق، حتى نهاية السنة الجارية. في المحصلة الأخيرة الكل خائف من الكل: لبنان من بعضه البعض. وسوريا من المحكمة الدولية التي ستدينها باغتيال رفيق الحريري، 'حزب ولاية الفقيه' من اسرائيل جريحة، واسرائيل من فيلق ايراني منفلت على حدودها، ورئيس سوري يخال نفسه صلاح الدين، وايران من اميركا واسرائيل اللتين تدركان خطورة التعايش مع قنبلة نووية ايرانية، وشرعية عربية خائفة من اكبر اختراق ايراني للجسم العربي منذ الف عام.
بعضهم يقول ان الخائف لا يحارب. اما نحن فنقول ان خائفا واحدا لا يشن حربا، لكن مجموعة خائفين تشعل جحيما في هذا الشرق الدامي!