صحف ومجلات » - أخبار ومقالات من صحف لبنانية وعربية

- مجلة 'الشراع'
لماذا تأخير القرار يا بلمار؟
حسن صبرا:
     
 يتصرف حزب الله منذ عدة اشهر على قاعدة ان القرار الظني في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري الارهابية قد صدر وان مضمونه حمل اتهاماً مباشراً لقيادات امنية في الحزب بإرتكاب هذه الجريمة، وان على الدولة اللبنانية باعتبارها مسؤولة معنوياً وقانونياً وشرعياً ان تسلم هذه القيادات (والعناصر) التي نفذت هذه الجريمة، للمحكمة الدولية لمحاكمتهم وجاهياً فالمجتمع الدولي لا يعترف الا بالدولة اللبنانية مسؤولة على الاراضي اللبنانية.
حزب الله نفسه يعتبر ان الجهة التي سيخاطبها المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن الذي انشأ المحكمة الخاصة بلبنان بموجب القرار 1757 واعمالها واحكامها تحت البند السابع من القرارات الملزمة.. هي الدولة اللبنانية.
لذا،
فإن حزب الله يهدد الدولة اللبنانية، لأنه يقدر عليها بحكم ان دولته اقوى من هذه الدولة التي لما يمض على اعادة بنائها بالصورة التي نراها اليوم اكثر من خمس سنوات ودولته مضى على بنائها ربع قرن واكثر ومعها اقوى دول المنطقة ومالها واستخباراتها ايران وما تمثل، ويطالب الحزب هذه الدولة عبثاً ووهماً بأن توقف ليس صدور القرار، بل ان تطالب أن توقف المحكمة الدولية كلها.
اي ان حزب الله يطالب بجعل الدولة اللبنانية في مجابهة مع المجتمع الدولي كله.
حزب الله يطالب بأن ينتحر سعد الحريري كرئيس للوزراء وكسياسي لبناني وكزعيم لأكبر تكتل نيابي وأكبر تشكيل حركي شعبي، وكإبن لرفيق الحريري او ما سماه حسن نصرالله وليّ الدم.
ترى أيهما أسهل؟
أن يسلِّم حزب الله عدداً من قياداته التي يعتقد هو انها تورطت في جريمة اغتيال رفيق الحريري للمحكمة لمحاكمتهم، وان يجهز لهم الدفوع والمحامين، وان يطلق حملة تضامن معهم تبدأ دائماً من طهران وتنتهي عندها وفقاً لما اعتبره علي خامنئي بأن حكم المحكمة لاغٍ وباطل؟
أم،
أن يدفع الدولة اللبنانية كلها الى الإنتحار لتصبح في نظر المجتمع الدولي دولة فاشلة كالصومال مثلاً، او أن يدفع سعد الحريري الى التخلي عن دم والده وأن يدفع أهالي وأولياء دماء الذين سقطوا منذ اغتيال الحريري وهم 22 مواطناً بريئاً معه، ومنهم الوزير باسل فليحان وصولاً الى سمير قصير وجورج حاوي وبيار الجميل ووليد عيدو وانطوان غانم وفرانسوا الحاج ووسام عيد دون ان ننسى الناجين من الاغتيال مروان حماده ومي شدياق والياس المر وسمير شحادة؟
الى ان يجيب حزب الله ومن معه ومن وراءه على هذا السؤال يظل علينا نحن ان نسأل المحقق الدولي القاضي دانيال بلمار الذي هو اليوم المدعي العام الدولي الذي عليه ان يصدر القرار الظني في جريمة اغتيال الحريري.
ماذا تنتظر يا حضرة القاضي النـزيه، الذي يعترف لك من يعرفونك بأنك تضع القانون نصب عينيك ولا اي بند او امر آخر، ترفض كل وساطة تأبى اي ضغط، تتشدد في اي تدخل؟
لماذا،لا تصدر يا بلمار قرارك الظني هذا علناً،
اذا كان امين عام حزب الله حسن نصرالله يقول انه يعرف تفاصيل القرار منذ العام 2008، اي منذ سنتين قبل ان تهل علينا سنة 2011، فلماذا صمتك إذن؟
أم انك تعتبر كلام نصر الله سياسياً ويريد استدراجك للدخول معه في سجال سعى هو وكل من في حزبه وأتباعه لمبارزتك عبر الاعلام، وأنت صامد صامت صابر كأبي الهول على كل الانواء والاعاصير والاكاذيب.
تخشى يا بلمار كما يخشى أمين عام الامم المتحدة بان كي مون اثار زلزال القرار الظني، الذي سيترجمه حزب الله زلزالاً سياسياً وعنفياً وارهابياً في لبنان، عندما تصدر قرارك الظني؟
ماذا يفعل حزب الله منذ ان اعلن هو نفسه عن صدور هذا القرار، وعن اعلانه بأن القرار يتهم قيادات وعناصر امنية داخله بارتكاب هذه الجريمة؟
ألم تعلن يا بلمار عبر المحكمة الخاصة بلبنان بأن اتهام عناصر او قيادات في حزب ما او نظام ما لا يعني بالضرورة اتهام الحزب كله او النظام؟
الا يعني هذا يا بلمار ان السياسة التي يخاف منها حزب الله، هي نفسها التي تحصر الجريمة بمرتكبيها وليس بمن اعطى لهم الاوامر، او من وضع خطة ارتكابها؟
لعلك يا بلمار سمعت ما قاله امين عام حزب الله حسن نصر الله لسعد الحريري حين التقاه، وأجرى معه الحوار الغريب، بأن ليس في حزب الله عناصر غير منضبطة، وان حزب الله لا يمكن اختراقه، وان اي اتهام لأي عنصر من عناصر الحزب باتكارب جريمة قتل الحريري تعني ان الاتهام موجه الى حسن نصر الله نفسه.
هل هذا ما يؤخر صدور القرار يا بلمار؟


'الشراع'

- بكير
 صراعات مكشوفة بين قيادات الحزب السوري القومي الاجتماعي في منطقة بعلبك – الهرمل على خلفية الإعداد منذ الآن للانتخابات النيابية عام 2013.    
 
- سري جداً   
  يعتقد مصدر قانوني مطلع ان القرار الظني في جريمة اغتيال رفيق الحريري الارهابية يلحظ اسم عماد مغنية كمخطط اساسي في تنفيذ هذه الجريمة.
المصدر نفسه أبدى خشيته من ان يكون اتهام عناصر او قيادات من حزب الله غادروا الحياة جزءاً من تسوية، حيث تسقط الاحكام القضائية بوفاة المتهمين وتنتهي القضية عند هذا الحد

-'الشراع'
الاستخبارات الايرانية في افريقيا تهدد حياة ومصالح اللبنانيين الشيعة بعد عزلهم في محيطهم الوطني
كتب حسن صبرا:

تعتذر ((الشراع)) عن عدم نشر اسم اي شخص او مدينة او بلد في هذا التقرير، حرصاً على حياة ومصالح اللبنانيين العاملين في افريقيا (واميركا اللاتينية) المهددين في الأصل من مخططات الاستخبارات الايرانية في هذه البلدان، التي يهمها الافادة من الوجود اللبناني والشيعي تحديداً، حتى لو سلمت ابناءه الى انتقام الاستخبارات الصهيونية.. والاستخبارات المحلية في بلدان هاتين القارتين.
يقول التقرير:
ان عدداً من المغتربين اللبنانيين تداعوا لبحث الضغوطات التي تتم ممارستها على اللبنانيين، في عدد من البلدان الافريقية، بسبب كشف المخططات الايرانية لاستغلال الوجود الشيعي في هذه المدن لتنفيذ السياسة الايرانية، عبر مختلف الوسائل، ومنها تهريب الاسلحة، وانشاء ودعم حركات تمرد ضد بعض الانظمة، كوسيلة ضغط عليها، للسماح لإيران بالعمل بمختلف الوسائل دون ملاحقة او اعتراض في هذه البلدان، والهدف الايراني واضح وصريح، وهو الإمساك بمفاصل بعض البلدان استراتيجياً لجعل الموقف الايراني أقوى في اي حوار او مفاوضات مع اميركا او مع اسرائيل.
ويكشف التقرير ان الاستخبارات الايرانية في الحرس الثوري الايراني قد نجحت في اقامة خلايا متعددة ترتبط افقياً مع بعضها بعضاً في عدد من بلدان افريقيا (واميركا اللاتينية) وترتبط عمودياً مع مرجعية امنية أقامتها ايران داخل هذه البلدان عبر ما يسمى الفريق الافريقي في فيلق القدس الذي يرأسه في طهران اللواء قاسم سليماني.
وان الشباب اللبناني الشيعي، يشكل العمود الفقري في هذه الخلايا، حيث يكلفه الفريق الافريقي بمهمات يسهل على اللبنانيين القيام بها، بسبب رسوخ تواجده ومعرفته وخبرته بكل نواحي الحياة في افريقيا، وإمكانية عمله دون ((ملاحقة)) وسط المجتمعات الافريقية، حيث يتعذر على الايرانيين ان يتحركوا بحرية، بسبب تسليط الجميع الاضواء على اي تواجد ايراني بدءاً من سفارات ايران في هذه البلدان وصولاً الى المؤسسات التي انشأتها ايران فيها، تحت عناوين الشركات او المساعدات او المراكز الثقافية او الدينية او المدارس.. وكلها تعج برجال الاستخبارات الايرانية العاملين تحت صفات مزعومة مختلفة.. ومكشوفة.
ويقول التقرير ان لمسؤول امن حزب الله في لبنان عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق في 12/12/2008، دوراً اساسياً في انشاء الخلايا اللبنانية، سواء في زياراته السرية بأسماء مختلفة وجوازات مختلفة الى هذه البلدان، او من خلال لقاءاته مع بعض مسؤوليها في لبنان (في الضاحية الجنوبية لبيروت او في بعض قرى الجنوب حيث ينتمي معظم الشباب اللبناني الى هذه القرى)، اما بعد قتل مغنية، فقد تولى مسؤول امني في حزب الله، مضى على اختفائه وحركته السرية بعد طول بروز سنوات، هذه المسؤولية، وكان احد المساعدين الاساسيين لمغنية خاصة في مجال الجهاز الخارجي للحزب المذكور.
ويكشف التقرير ان عدداً من مسؤولي هذه الخلايا من الشباب اللبناني يذهب الى ايران لفترات متباعدة لكن منظمة للحصول على تدريبات خاصة، بكيفية خدمة الاستخبارات الايرانية، بالتغلغل وسط مؤسسات افريقية معينة، ووسط شخصيات بعينها في بلدان القارة السمراء، وبعقد صفقات معها، بصفات مزعومة تسهيلاً لحركتها، والحصول على المعلومات المطلوبة، والتواجد في اماكن بعينها، خاصة في المرافىء، والمطارات وعلى الحدود البرية وفي المؤسسات الامنية للحصول على أذونات تحرك لا تثير الشبهة علناً، لكنها تخدم ما تريده استخبارات ايران.
ويكشف التقرير ان تحركات عدد من الشباب اللبناني في هذه البلدان، كان معروفاً لدى سلطاتها التي كانت تغض الطرف بسبب تقاضي مسؤوليها رشاوى مجزية للسكوت عن ملاحقة هؤلاء، لكن هذا لم يمنع ان يطمع بعض المسؤولين الافارقة من بيع هؤلاء لاستخبارات اخرى (صهيونية، او غربية واميركية تحديداً) للحصول على الأموال من الجهتين.
وكانت الامور تجري بشكل اعتيادي بين ملاحقة وكتمان، وبين بيع وشراء، وبين تجميد حركة بعض الشباب اللبناني اذا اكتشف أمره، ونقل بعضه من بلد الى آخر، او إرساله الى ايران فترة كمونٍ او اعادته الى لبنان لاجراءات امنية الى ان يعاد ترتيب وضعه.
الى ان،
كشفت السلطات النيجيرية امر باخرة سلاح ايرانية كانت تحمل بضائع مخصصة للبناء فوق الاسلحة، مرسلة الى مجموعات مختلفة في افريقيا (نيجيريا، النيجر، السنغال)، معظمها يرفع شعارات اسلامية، وبعضها بدأ يتحول الى المذهب الشيعي، او يرفع شعارات اسلامية – ايرانية، على غرار ما فعلته حركة الجهاد الاسلامي الفلسطينية السنية شبه المتشيعة.

لماذا الآن
لم يكن ضبط الاسلحة الايرانية الى هذه المجموعات عبر ميناء لاغوس العاصمة السابقة لنيجيريا هو الحدث، لأن سلطات نيجيريا سبق وكشفت شحنات اسلحة وذخائر عديدة ولكنها لم تثـر حولها ضجيجاً او اثارة سياسية كما حصل مع هذه الباخرة تحديداً لأسباب عديدة اهمها:
1- ان شحنات الاسلحة السابقة المرسلة من ايران الى حركات افريقية معارضة عبر نيجيريا، وصلت كلها قبل صدور العقوبات الاخيرة من مجلس الامن الدولي وفق القرار 1929، وبالتالي فإن التشدد الاممي – الاميركي تحديداً لتنفيذ العقوبات التي تشمل منع ايران من ارسال او استيراد الاسلحة أثمر تشدداً نيجيرياً في مثل هذه الحالة.
2- ان الاستخبارات الغربية – الاميركية تحديداً، تجنبت تنفيذ بند من بنود القرار الدولي المشار اليه، وهو حق اعتراض السفن الايرانية، او المتجهة او الخارجة الى ومن الموانىء الايرانية، وحق تفتيشها لمنعها من ارسال الاسلحة او استيرادها او استيراد ما يمنع القرار 1929 تصديره الى ايران من مواد قد تستخدم في مشروعها النووي.
لذا،
آثرت استخبارات اميركا (والغرب) متابعة وجهة سير أية سفينة تخرج من ايران، حتى لو مرت على عدد كبير من الموانىء العربية والافريقية، وعدم ايقافها في عرض البحر للتفتيش حتى لا تعطي لإيران فرصة المقايضة او الرد بتفتيش ايراني لسفن غربية في البحار التي تنتشر فيها قطع الأسطول البحري الايراني (الخليج العربي، بحر العرب، البحر الاحمر..) بعد ان بات لهذا الاسطول قواعد شبه ثابتة في عدد من موانىء هذه المناطق خاصة في شرق افريقيا.
3- لقد اختارت استخبارات الغرب – اميركا تحديد ميناء لاغوس النيجيري لضبط الاسلحة الايرانية في رسالة إنذار علني ومؤثر للاستخبارات الايرانية بأن تحركاتها مكشوفة تماماً في افريقيا.. وان المتعاونين معها باتوا مكشوفين ايضاً لهذه الاستخبارات.
وهذا ما يثير خوف المغتربين اللبنانيين الذين تداعوا لبحث آثار هذه السياسة الايرانية على حياة ومصالح اللبنانيين في افريقيا.
4- نجحت استخبارات الغرب واميركا تحديداً، في فرض تغيير شامل في شخصيات الضباط الامنيين الذين يتولون ضبط المرافىء في عدد كبير من البلدان الافريقية المطلة على البحار (البحر الاحمر، رأس الرجاء الصالح، المحيط الاطلسي، بعد ان عززت الاستخبارات المركزية الاميركية اعمالها في هذه المرافىء البحرية والبرية والجوية) واخضعتها لمراقبة شديدة.
5- لقد نتج عن ضبط هذه السفينة المحملة بالسلاح الايراني (الى اي وجهة كان في افريقيا) ان تقدمت نيجيريا بشكوى الى مجلس الامن الدولي ضد ايران، استناداً الى مخالفة طهران القرار 1929 الخاص بفرض عقوبات عليها، وقطعت غامبيا التي قيل ان جزءاً من هذه الاسلحة كانت موجهة للمعارضة فيها علاقاتها مع ايران، اما السنغال التي تبلغ فيها وزير خارجية ايران المقال منوشهر متقي قرار عزله من وظيفته فقد استدعت سفيرها في طهران، بسبب ملابسات هذه الاسلحة، بعد ان سرب في الاعلام ان وجهتها كانت مجموعات في السنغال مناوئة للحكومة.
6- ولا يخفى على احد ان ضبط هذه الاسلحة الايرانية الآن في ميناء لاغوس، جاء على ابواب استثئناف المفاوضات بين ايران والدول الخمس + المانيا، في اوروبا قبل ان تنتقل الى تركيا، لبحث ازمة الملف النووي، كورقة ضغط اضافية على ايران، التي تحاول من جهتها جمع اوراق مقابلة للضغط على الغرب!
7- ولأن ساحة استخدام اوراق الضغط المتبادلة بين الغرب وايران مركزة هذه الايام على افريقيا (فضلاً عن كل الساحات التي تراها ايران مناسبة لها، كلبنان دائماً) فإن المغتربين اللبنانيين الذين تنادوا للقاء يخشون من انعكاس هذه الضغوطات سلبياً على العائلات والشباب اللبناني الشيعي العامل في افريقيا.
مع الإشارة اللازمة، الى ان عدد هؤلاء الشبان المتورطين مع استخبارات ايران، لا يمثل رقماً مهماً بين عشرات ان لم يكن مئات آلاف اللبنانيين العاملين في افريقيا، ومعظمهم من الشيعة.
لكن الخشية هي ان يؤخذ اللبنانيون العاملون منذ عقود في بلدان افريقيا بجريرة شباب ملتـزم بحزب الله يقدم مصالح الاستخبارات الايرانية على مصالح شعبه بعد ان رتبت ألوف العائلات اللبنانية الشيعية تحديداً امورها في هذه البلدان، ونجحت في اعمالها، وعكست هذا النجاح في بناء منازلها في قراها وتقديم مساعدات ولو بسيطة الى اقاربها في هذه القرى، بل وعملت على استدعاء الكثير من ابنائها للعمل عندها في مصالحها في افريقيا، وبنت مؤسسات في قراها شاهدة على تضحياتها في بلاد الغربة.

عودة الى التقرير
حيث يشير الى ان دراما كشف باخرة السلاح الايراني المهرب الى افريقيا، امكانية استخدام كل امر داخلي او خارجي في الصراع على السلطة في ايران.
فقد تم عزل وزير خارجية ايران منوشهر متقي من وظيفته خلال وجوده في السنغال، كإحدى المحطات التي تتحرك فيها ايران في افريقيا، ولم يكن قد مضى وقت طويل على زيارة سابقة له لعواصم افريقية، كما لم يمض وقت طويل على قيام زيارة رئيس جمهورية ايران محمود احمدي نجاد بجولة في افريقيا لتعزيز الوجود الايراني فيها.. ولكسب اصوات بعض دولها الاعضاء في مجلس الامن الدولي مع بحث ملف ايران النووي في أروقته وقاعاته.
والمفارقة المأسوية انه عقب كل تحرك ايراني في افريقيا يجيء موقف صادم لإيران في هذه القارة.
فبعد جولة نجاد الافريقية بهدف كسب دولها بعد إغراقها بالمساعدات المالية والهدايا النفطية والرشاوى الشخصية لرؤسائها ولمسؤوليها، صوتت الدول الافريقية التي زارها نجاد لصالح فرض عقوبات على طهران ليصدر القرار 1929، وهو يحمل تواقيع دول اوغندا ورواندا..
وبعد جولات متقي في بلدان افريقية عديدة حاملاً وعوداً بمساعدات جديدة جاء كشف باخرة السلاح صدمة جديدة للسياسة الايرانية في افريقيا.
والغريب الغريب،
ان قرار عزل متقي جاء من طهران، بعد نصف نجاح حققه في نيجيريا خلال معالجة قضية باخرة السلاح، اثر اصطحابه مسؤول الفريق الافريقي في فيلق القدس علي اكبر طباطبائي الذي اشرف على نقل السلاح، وهو المرجع الايراني الامني الاعلى الذي توجه له تهمة حمل هذه الاسلحة الى لاغوس، مما دفعه الى الهروب الى سفارة ايران في ابوجا (العاصمة الادارية) لنيجيريا، ولم يخرج منها الا بعد مجيء متقي مصطحباً اياه في طائرة العودة الى بلاده.. لكنه كان ضحى بمساعده الاقل رتبة عظيم آغا جاني، بتسليمه الى السلطات النيجيرية، بعد ان كان لجأ مع طباطبائي الى سفارة ايران في نيجيريا.
اما الاخطر،
فهو ان استخبارات افريقيا كلها العربية وغير العربية – اخذت علماً مع توصية شبه ملزمة بمتابعة النشاط الايراني عبر الشباب اللبناني في بلدان القارة السمراء، وبات كثير من هذا الشباب يخشى السفر عبر مطارات معينة في هذه القارة، بعد ان ترددت معلومات عن اسماء معينة تتم مراقبة اصحابها، ومتابعة تحركاتها وهذا يعني مع تشابه الاسماء واقترابها من بعضها بعضاً في العائلات او في القرى التي ينتمون اليها ان كثيراً من اللبنانيين غير الضالعين بأي نشاط ايراني معرضون للمساءلة وربما التوقيف للتحقيق معهم في نشاطات حزب الله وايران في افريقيا.
والاخطر الاخطر،
ان نشاطات حزب الله واستخبارات ايران التي باتت مكشوفة في كل الدول الافريقية، اصبحت في حسابات الاستخبارات الغربية، جزءاً من نشاطات الجماعات الاسلامية الاخرى وتحديداً القاعدة، بعد ان تثبتت هذه الاستخبارات من علاقة شبه عضوية بين القاعدة والاستخبارات الايرانية كما اثبتت هجمات القاعدة في العراق، وعلاقات ايران مع القاعدة في افغانستان عبر طالبان، وكذلك علاقات ايران مع القاعدة عبر السودان.
ولم تعد هوية حزب الله الشيعية بمنأى عن الملاحقة تمييزاً لها عن الهوية السنية للقاعدة، ولم تعد محاولات حزب الله الشيعي لإعطاء عناصر وأطر قوته الخارجية هويات تدل على المذهب السني (كأسماء عمر، وابو بكر وعثمان، او اسم الام عائشة..) لتنطلي على الاستخبارات الخارجية، بعد كشف هذه اللعبة في مصر (بعد ان حمل الشيعي محمد يوسف منصور، اسم هاني انيس شهاب البيروتي في خلية حزب الله في مصر).
كما لم تعد تنطلي على استخبارات الغرب والعرب استخدام عناصر حزب الله اسماء مسيحية لابعاد الشبهة عن هويتهم الشيعية لتسهيل حركتهم، بعد ان بات هذا الامر تحت مجاهر هذه الاستخبارات.
لقد الزم التحرك الايراني عبر الشباب الشيعي اللبناني في افريقيا، ان يرتفع مستوى التنسيق بين استخبارات الغرب والعرب وافريقيا الى اعلى الدرجات مع وضع قاعدة اساسية للتحقيق مع اللبنانيين وغيرهم، وهو ان كل عنصر مشتبه به يمكن ان يكون عاملاً في القاعدة او في حزب الله، وان ساحة تحركه ممتدة من مصر الى موريتانيا، ومن السودان الى افغانستان ومن نيجيريا الى السنغال والنيجر والكونغو وغامبيا واريتريا والصومال.
من هنا مكمن الخطورة على اوضاع اللبنانيين والشيعة تحديداً في افريقيا (وأميركا اللاتينية) خاصة وان تهم تهريب السلاح وخدمة الاستخبارات الايرانية، مضاف اليها تهم الاتجار بالمخدرات على انواعها المرسلة عبر طرق مختلفة من اميركا اللاتينية عبر افريقيا، يمكن ان تشكل خطراً على حرية وتحرك اللبنانيين في كل مكان.. فكيف اذا ما تردد بأن المرافق اللبنانية، خاصة مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت بات مستباحاً لحزب الله يهرب منه وعبره ما يريد.. ومن يريد؟


-'الشراع'
مصالحة الحريري ـ نصر الله:المهمة المنتظرة
*مصالحة حارة حريك ـ قريطم حوار تاريخي يبدأ مما انتهت اليه لقاءات رفيق الحريري – نصر الله
*الطائفة الاقوى في لبنان هي التي تملك الاستقرار لا الامتيازات ولا السلاح ولا الاقتصاد
*تاريخ لبنان يدوّن بريشة الجنون العراقي
*المهم الا تسيطر على الحوار روحية الاستقواء الاكثري

من كان يتصور، خلال عقد ثمانينيات القرن الماضي انه سيأتي يوم يصبح فيه العماد ميشال عون والسيد حسن نصر الله حليفين، بل اكثر من حليفين: صديقان يتحدث كل منهما عن وفاء الآخر له بكلمات لا نجدها الا في قصائد الشعر العربي الكلاسيكي العذري.
وبالمقابل من كان يتصور قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري ان قريطم ستربطها علاقة ود وتحالف عضوي مع سمير جعجع.
واستطراداً من كان يتصور ان الماروني الذي قاتل السوريين لأشهر، ونفته دمشق الى باريس، والساعي الى سن قانون محاسبة سوريا، اصبح خطاً احمر في معادلة دمشق اللبنانية الراهنة، في حين ان سليل رؤساء الحكومات اللبنانية السني اصبح مصنفاً في خانة ((ضد سوريا في لبنان)).
الاسئلة نفسها بقالب معكوس، تصح كتعليق على العلاقة المستجدة بين سنة لبنان وواشنطن!
ما حدث ويحدث، هو اكثر من لا منطقي، هو اللامعقول، ولكن بحسابات السياسة اللبنانية والصراعات الاقليمية في الشرق الاوسط، هو امر ممكن الحدوث، رغم ان هذا الانطباع لطبيعة الامور في الشرق، لا يسقط عن ما يحدث سمة انه لا يستقيم مع منطق تفاعل جينات تاريخ المنطقة المعاصر وحتى الابعد من المعاصر، والسؤال هو ما الذي جعل منطق الامور السياسية المعهود، مقلوباً في لبنان؟ وما الذي يقود الاضداد موضوعياً للتلاقي، والمتجانسين تاريخياً للتنابذ؟!
السؤال العاقل الذي تثيره اسئلة اللامنطق الآنفة المتفلته من عقال الانسجام التاريخي، هو ((من يكتب التاريخ في لبنان))؟ هل هو جنون السياسة اللبنانية، ام جنون الاحداث التي تعصف في المنطقة وتنعكس على ساحته على نحو مرضي وبأسلوب انتحار الذات للخلايا السرطانية.
الاكيد ان الحدث العراقي، هو الذي شكل مدخل المنطقة الى حالة الجنون السياسي الذي نعيشه اليوم.
.. فسقوط بغداد سوف يؤرخ له، لاحقاً كحدث شبيه بحرق هولاكو لبغداد وموت الذاكرة الحضارية للعرب، او كسقوط الاندلس وانتحار الاحساس بالمجد، لم يكن العراق قبل سقوطه، مجرد جرائم صدام حسين، بل رغم ذلك، كان جداراً تستند اليه توازنات المشرق والخليج والجنوب في المنطقة العربية، ورغم ان هذه التوازنات كانت معتلة، الا انها كانت قائمة، وتقتات منها معادلات الحد الادنى من الاستقرار العربي، والحد الادنى من شكل العمل العربي الرسمي المشترك، والحد الادنى من القدرة على طمس تناقضات المجتمع العربي البينية.
والحق يقال ان التقصد الاميركي باعدام صدام حسين في يوم الاضحى، لم يكن المقصود منه عقابه على جرائمه، بل اعدام ما تبقى من المعقول السياسي في الوطن العربي على المستوى الرسمي والشعبي والديني.
وصار واضحاً الآن ان الاميركيين لم يأتوا الى العراق، لإخراج صدام حسين منه، بل جاؤوا لاخراج المنطقة العربية من عقال الحد الادنى من توازنها عن طريق تخريب العراق البلد، والنفطي الثري، والوحدة الوطنية، وذي الموقع الجيوسياسي الهام جداً.
وابلغ دليل على ما تقدم، هو ان العراق اليوم بات لا يدرك ما ان كان تم تحريره من طاغيته او من وحدته وثروته ومستقبله وموقعه.

خراب العراق اللبناني
بعد ((خراب العراق)) صار يمكن رؤية مشهد العداء ((السني – الشيعي)) في لبنان، وصار يمكن ايضاً رؤية القوات اللبنانية تقود عربة الاستقلال السني ضد سوريا في لبنان، وصار يمكن رؤية شعار فلسطين بأيدي حلفاء العرب الاقليميين وليس بأيدي العرب، وصار يمكن رؤية عون ضيفاً مدللاً في قصر المهاجرين وسمير جعجع ضيفاً مدللاً في قصر القبة في القاهرة!!
ان تاريخ لبنان يدون بريشة الجنون العراقي.. وكان يمكن لتقارب عون – نصر الله ان يكون اكثر اكتمالاً لفكرة انتصار معنى العروبة والوحدة الوطنية في لبنان، وكان يمكن النظر الى تحالف الحريري وجعجع بالنظرة نفسها، لو ان هذه المشاهد لا تحدث في بيئة عربية غير طبيعية وغير منطقية ومصابة بمرض الجنون العراقي الذي عصف باستقامة التوازنات العربية على كل صعيد، ديني ومذهبي واثني وجيوسياسي، الخ.. وكون الواقع هو كذلك، فإن هذه المشاهد – في ظل منطق اصطفافات الاضداد وتباعد المتجانسين على وزن الجنون العراقي، وليس على وزن التطور التاريخي للمواقف – اصبحت بمثابة دلائل على تفاقم المرض وتقلصت معانيها الايجابية، ان ذهاب العراق الى صيغة الطائفية اللبنانية على مستوى الحكم، وذهاب لبنان الى صيغة العرقنة المذهبية على مستوى الواقع، هو مقايضة بين مشروع اوروبي قديم معادٍ وآخر اميركي حديث معادٍ ايضاً، ولا يوجد في هذه المقايضة اي معنى عربي او اي ملمح عن تقدم لحركة تطور التاريخ السياسي والاجتماعي لا في لبنان ولا في العراق ولا في كل المنطقة.

مهمة الحوار المطلوبة
مجمل هذه التعقيدات الآنفة التي هي على صلة بحدث الجنون العراقي في المنطقة، تكتنف الآن العلاقة الراهنة بين السنة والشيعة في لبنان، وترميزاً بين السيد حسن نصر الله والرئيس سعد الحريري، وليس صحيحاً ان اغتيال الرئيس رفيق الحريري قاد الى الشقاق السني الشيعي في لبنان، ولو كان كذلك، لكانت تداعيات اغتيال الرئيس رشيد كرامي على يدي المتهم بهذه القضية سمير جعجع الماروني، قادت الى شقاق مماثل بين السنة والموارنة ولكن ما يحدث الآن هو نتيجة ان الانشغال اللبناني العام، يتفاعل في هذه المرحلة في دائرة تداعيات الجنون العراقي والمذهبي والفتنوي، فيما كان الانشغال العام اللبناني اثر اغتيال الرئيس كرامي يتفاعل في دائرة اخرى من الاهتمام.
وما يعوز ((المصالحة)) السنية الشيعية في لبنان، بدرجة اساسية، هو وعي طرفيها الاساسيين، بأن المطلوب اخراج لبنان من دائرة تداعيات ((الجنون العراقي))، وتوجيه الاهتمام العام في لبنان، بخصوص قضية اغتيال الرئيس الحريري، وغيرها من القضايا الخلافية الاخرى، الى مكان آخر من التفاعل يتجاوز الاستمرار بالبقاء داخل دائرة من أين تبدأ نتائج الجنون العراقي على لبنان.
السؤال هو من أين تبدأ المصالحة السنية – الشيعية المرمز اليها بحوار منتظر بين نصر الله والحريري؟ هناك اكثر من منطلق صلب للبداية، وان كان اولها وأساسها الوعي بأن العلاقات السنية – الشيعية في لبنان هي ضحية نتائج سيادة جو الجنون العراقي وتداعياته في دول المنطقة، ثم بعد ذلك، يمكن ترتيب العديد من المنطلقات التي تؤسس لأجندة الحوار:
المنطلق الاول، هو اعادة مراجعة الحورات التي دارت بين نصر الله والرئيس رفيق الحريري عشية اغتيال الثاني وهي حوارات جرت على جلسات عدة واتسمت بالمباسطة والشفافية والفكر العميق بدور حشد حيويات الايجابيات الشيعية والسنية في معادلة الدولة والانماء وقوة لبنان.
والمفارقة، انه في الوقت الذي يتبرع فيه كثيرون ممن عرفوا رفيق الحريري او لم يعرفوه لاخبار الرأي العام عن ماهية تفكيره، فإن وقائع هذه الحوارات بين نصر الله والحريري ما تزال غير معروفة، علماً انها استغرقت ساعات طوال، وجرت على مدى لقاءات متعددة، وكان واضحاً خلالها، ان ما دفع الرئيس رفيق الحريري الى المباشرة بها، هو ايمانه بأن قوة حزب الله الشيعية وصلابة مؤسسته الحزبية وموقعه فوق الخارطة الاقليمية وضمن معادلة الصراع العربي مع اسرائيل، يمكن لها ان تكون قوة شراكة بل رافعة شراكة في دعم مشروع بناء الدولة شرط ان يسود الحوار معه (اي الحزب) روح المبادرة المفعمة بضمانات حسن النية والاعتراف بهواجسه من موقع احترام تضحياته.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هو لماذا لا يتم الافراج عن مضامين هذه الحوارت، لتصبح بمثابة وثائق يعود اليها الحريري الابن والسيد نصر الله، بانطلاق منها نحو استكمالها بهدف الوصول الى مبتغاها النهائي الذي وضعه الرئيس رفيق الحريري نصب عينيه حينما طرق باب حارة حريك، وتجاوب معه السيد نصر الله ففتح له الباب على مصراعيه؟
وثمة ميزات في حوار الرئيس رفيق الحريري والسيد نصر الله لا يمكن تجاهلها، بحجة تقادم الزمن وتغير الظروف، وهذه الميزات تقتات اهميتها من الاعتبارات الذاتية الهامة للشخصين، فرفيق الحريري لم يكن مجرد مرشح سني لرئاسة اية حكومة، ولم يكن عضواً عادياً ينتظر دوره في نادي المرشحين السنة للرئاسة الثالثة، لقد طرح ذاته من خلال تجربته السياسية، منذ بداياتها حتى نهاياتها، بوصفه ((زعيماً للسنة في لبنان))، وليس زعيماً سنياً في لبنان، والفرق بين الصفتين كبير وبعيد المدى وهائل، فتوصيف انه زعيم سني، يعني انه لاعب بين لاعبين على تماسات المصيطبة الداخلية او البسطا او صيدا او طرابلس، وأن زعامته مستغرقة في توكيد الذات فوق خارطة السياسة المحلية السنية، اما توصيف ((زعيم للسنة في لبنان))، فيعني انه يمثل توازنات معادلتها داخل النظام اللبناني، وانه معني بهندسة تكاملها مع شركائها من الطوائف الاخرى داخل المعنى السياسي والحضاري للكيان اللبناني.
.. وهذا النوع من الزعامات هي التي تقود طوائفها من موقع الدور الوطني، وكرقم هام داخل المعادلة اللبنانية، الى تسويات الاستقرار الوطني الكبرى، رياض الصلح ينتمي لفئة انه زعيم للسنة في لبنان، وتفاهمه مع بشارة الخوري، كان يتسم بروح الزعامة التي تقود في الوطن، وليس في الطائفة، ولم يكن صائب سلام ايضاً بعيداً عن هذا المعنى، وحينما استشعر الاخير ان قرار الحرب اقوى من قرار التسوية، احال الكرسي الثالث الى شفيق الوزان ليواجه لعبة الفراغ الوطني المملوء بالشقاق الطائفي، وسعد الحريري في الحكومة التي تلت الدوحة، استشعر حريصون عليه بأن الارض السياسية في لبنان ما تزال رطبة وتعيش ارهاصات تجربة الهدنة والتفاهم وليس التسوية، ولذلك نصحوه بأن يجدد تكليفه لفؤاد السنيورة ليتابع رئيساً بالوكالة عنه للحكومة.
وبالمقابل، فإن السيد حسن نصر الله هو زعيم اعتباري، ورغم انه كمقاوم، حريص على اداء دور ((سمكة)) ماوتسي تونغ التي تسبح في بحر قاعدته الشيعية، الا ان مشروعه – الحلم يحتاج لبيئات اسلامية ولبنانية اوسع، تشاركه التجديف ضد التيار الدولي العارم الذي يتربص بمركبه، واذا كان نصر الله الشديد التصلب تجاه الخارج، الاسرائيلي وغير الاسرائيلي، الا ان مصلحة مشروعه ومكانته على رأسه تقضي ان يكون شديد المرونة تجاه الداخل اللبناني، ومن الاخطاء الشائعة عنه، ان نصر الله يريد القتال على اكثر من جبهة، كل قادة حرب الانصار عبر التاريخ كانوا يرفعون شعار تضييق دائرة الاعداء وتوسيع دائرة الاصدقاء، وشعار ماوتسي تونغ عن التناقض الرئيسي والتناقض الثانوي ما يزال امثولة يعمل بها كل من يحمل راية المقاومة فوق كل ارض وفي كل زمن.
ونصر الله، لا يريد ان يحاصره لقب الزعيم الشيعي، وحتى لقب زعيم للشيعة في لبنان، يبدو بالنسبة اليه انه قميص ضيق عليه، وهو غالباً ما يريد اهداءه للرئيس نبيه بري.
خلاصة القول ان واقعة ان رجلين اعتباريين مثل نصر الله ورفيق الحريري، التقيا لوضع معادلة بناء، او للتفكير بصوت عالٍ بها، هو حدث استثنائي، ويكتسب الآن استثنائية مضاعفة بعد غياب الحريري، والحوار الاجتهادي المفتوح حول كيف فكر، ولو انه حي كيف كان يتصرف، الخ..
وقد لا يتوافر للسنة وللشيعة في لبنان لمدى زمني ربما بعيد ان يجلس حول طاولة للحوار من اجلهما ومن أجل وطنهما، رجلان بمنـزلة وأهمية نصر الله ورفيق الحريري، وعليه يجب الافادة مما وصلا اليه في هذه الحوارت، ويجب الافادة من الاسلوب الذي اتبعاه لمقاربة المشاكل المذهبية والوطنية، فروح الزعامة التي يتسم بها الرجلان وفائض الثقة بالنفس لديهما، تؤهلهما لأن يقولا للسنة والشيعة في لبنان: من هنا الطريق.
والسؤال الاستدراكي الذي يطرح نفسه في هذا المجال، هو لماذا لا يبادر السيد نصر الله من تلقاء ذاته الى نشر المضامين العامة لهذه الحوارت، لما لهذا الامر من انعكاس ايجابي على تخفيف حدة الاحتقان المذهبي السني – الشيعي في لبنان ولما لهذا الأمر ايضاً من نتائج نفسية تساعد الحريري الإبن على تجاوز اعتراض طائفته على بدء حوار مصالحة قبل صدور القرار الظني كما يدعي محيطون به.
... ولكن، بالمقابل، قد يرى مقربون من حزب الله، ان السيد حسن نصرالله لا يملك شريكاً كرفيق الحريري ليخوض معه ((مغامرة المصالحة السنية – الشيعية والوطنية الكبرى))ن فسعد الحريري الشاب الواعد والجديد، ليس رفيق الحريري العملاق والقوي. وفيما كان حول الحريري الوالد فضاء واسع من حرية القرار، فإن نجله محاصر بفضاء واسع من التأثيرات على قراره.
والواقع انه حتى سعد الحريري لا يدعي انه ارتقى الى مكانة والده، ولكن ما يجب التنبه اليه هو ان الحريرية السياسية لم تعد تجربة شخص، ولو كان الامر كذلك، لما كنا نرى اليوم سعد الحريري يتصدى لإكمال مسيرة والده، صحيح ان الحريري الأب، جاء من عصامية سياسية، ولكن الحريري الإبن، كما الزعيم الدرزي وليد جنبلاط في لحظة بداية تجربته، جاء الى السياسة وفي فمه ملعقة ذهب سياسية. والحريرية التي بدأت ثورة عصامية في مشروع رفيق الحريري، اصبحت الآن في عهد سعد الحريري، مدرسة تقليدية في السياسة اللبنانية، واذا كانت قريطم مع رفيق الحريري، تشبه دارة المصيلح، بمعنى انها حدث سياسي بدأ للتو، فإنها مع سعد الحريري اصبح لها معنى قصر المختارة المتوارث والتقليدي. وقصارى القول في هذا المجال، ان الحريري الابن ليس شخصاً جديداً على السياسة حتى لو حاكى عمره السياسي عمر الشباب، بل هو ((قريطم)) بمعناها التقليدي، وهو معنى الحريرية السياسية المستمرة في الحياة السياسية اللبنانية. والافضل لحزب الله ان يتعامل معه ضمن هذه المحددات، كما انه من الافضل للحريري الإبن ان يتعامل مع نفسه ضمن هذه المحددات ايضاً.
المنطلق الثاني يتمثل بتحييد المحكمة الدولية من أجندة العلاقة بين السنة والشيعة في لبنان، وهذا يستلزم ان يخرج السنة من دائرة ان رفيق الحريري هو شهيدهم بالدرجة الاولى، وقبل ان يكون شهيداً وطنياً لكل لبنان واللبنانيين، وبالمقابل، على الشيعة ان يخرجوا من دائرة الربط بين اتهام المحكمة الدولية لعناصر من حزب الله وبين اتهام الحزب لرموز سياسية تناصبهم الخصومة، بوصفهم شركاء لبلمار او لعمل المحكمة، حتى لو كان هذا الربط صحيحاً تقنياً احياناً.
ويمكن في هذا الاطار البناء على اقتراح نصرالله بأن يخرج لبنانيو 14 آذار/مارس من صراع الحزب مع المحكمة الدولية، وبالمقابل، يمكن البناء على رفض سعد الحريري لمنطق الثأر في قضية الحقيقة لمصلحة تمسكه بمنطق العدالة المجردة.
ولكن الترجمة العملية لقول كل من نصرالله والحريري على هذا الصعيد، تستلزم القيام بمبادرة مشتركة منهما، كتشكيل لجنة وزارية او غير وزارية من كليهما، مهمتها محو آثار الثأر لبنانياً في قضية الحقيقة لرفيق الحريري. ويعني هذا الاقتراح، ان تضطلع هذه اللجنة بصوغ موقف وطني مهمته عدم السماح لأي قرار اتهامي بقضية الحريري، بأن يجر وراءه تداعيات لها صفة الثأر السياسي او المذهبي في لبنان، وبدل ذلك، اعتبار الحقيقة هي قضية عدالة مجردة ليس هناك طرف في لبنان يريد التخلي عنها، مع الأخذ بالاعتبار، ان ((المتهم)) يحق له رفض الاتهام والسير في طريق يناسبه لرفع المظلومية عنه حتى لو كان ملف مايسمى شهود الزور احد هذه الوسائل.
يجب ان لا يُستفز رموز 14 آذار/مارس من كلام حزب الله المدافع عن نفسه، حتى لو ارتفعت نبرته الخطابية، فالمحامون لا يطالعون بأصوات خجولة، والعدالة المجردة، هي طريق بإتجاهين: قاض يتهم ومتهم يدافع عن نفسه، وبالمقابل يجب ان لا يُستفز حزب الله من كلام 14 آذار/مارس الخاص بالتمسك بالمحكمة، فالأخيرة ليست هي القضية، بل منسوب عدالتها هو الذي سيحدد في نهاية المطاف ما اذا كنت تستأهل التمسك بها ام لا.
ويجب على قوى 14 آذار/مارس ان لا تنكر حق حزب الله باتهام المحكمة الدولية بالتسييس، فمثل هذه المحاكم، من لوكوربي الى بولندا وصربيا، غالباً ما كانت مسيّسة، وهو أمر غير مستغرب وليس جديداً على كل متابع لقضايا من هذا النوع. وبهذا المعنى، فإن المحاكم الدولية – كما اي متهم آخر – تظل متهمة بالتسييس حتى تثبت العكس.
ولا يختلف اثنان في لبنان على ان المحكمة الدولية اصبحت قضية دولية، وربما اصاب دبلوماسي عربي عندما قال: المحكمة الدولية على عهد بلمار صار اسمها ((القضية الدولية)). وفيما العالم بات يتعاطى معها على اساس انها ((قضية دولية))، فإن لبنان وحده يتعاطى معها على انها ((قضية لبنانية))، علماً ان مرحلة اللبننة في قضية المحكمة انتهت، وذلك بعد ان منحتها الدولة اللبنانية مواد تشريع ذاتها، بغض النظر عن الاخطاء التشريعية التي رافقت عملية الموافقة اللبنانية على قيامها0 المطلوب، الآن، لبنانياً، تشخيص مجالات الخلط بين المحكمة الدولية والقضية الدولية. وهذا أمر لا يتحقق الا من خلال صياغة قضاء لبناني وطني لحماية تداعيات ((القضية الدولية)) على لبنان.
وخارج لبنان، لم يعد مضموناً ان تستطيع المحكمة إزالة الخلط بين مفهومها كمحكمة دولية ومفهومها كقضية دولية سياسية، وكثيراً ما يبدو بلمار في موقف صعب، عندما يدعي ان محكمته في كفة وان الاشتباك الدولي الجديد حول النفط والغاز والقضية الفلسطينية والعراق وافغانستان وايران وتوازنات الحرب الاقتصادية الباردة بين الصين واليابان واميركا، في كفة اخرى.
ان اصغر المؤشرات اليومية التي ينتجها واقع تشابك الصراع الدولي الجديد، المحتدم في هذه اللحظة المفصلية، يشكك في ادعاء بلمار الآنف. وقبل سنوات قال بوش الإبن، انه اقتنع بمقولة مستشاريه الذين قالوا له: ((ان ظروف التناقضات الدولية الجديدة، تجعل كل السياسة الدولية، سياسة محلية))، العالم يمر بصراع حاد، بحيث ان كل تفصيل في اي مكان في العالم يتأثر ويؤثر في الصراع العام.
ويبقى من ((المحكمة – القضية الدولية))، الموضوع الاخلاقي، وهذه بقية لبنانية بالدرجة الاولى وربما اولاً واخيراً، وهي تعني بصدق البحث عن الحقيقة المجردة، وهو امر يشترك في الاجماع عليه كل اللبنانيين، ولكن هذه ((البقية)) (اي الموضوع الاخلاقي)، فإنها، بالنظر للخلط الحاصل بين مفهومي ((العدالة المجردة)) و((القضية الدولية))، اصبح لها عنوانان: العدالة للبنان والاستقرار للبنان.
وتفكيك شيفرة ازالة الالتباس الناتج عن هذا الخلط، هي مهمة اللقاء المنتظر بين نصرالله والحريري.. وحدهما يمكنهما وضع المعيار الاخلاقي لهذه القضية – الاشكالية، ولكن ليس عبر وسائل الاعلام، بل في اجواء حوار تاريخي، يستكمل الحوار الذي بدأه رفيق الحريري مع نصرالله.
والمقصود بالاساس من المنطلقين الآنفين، هو الوصول لهدفين اثنين رئيسيين: الاول، تغيير روحية النقاش حول قضية الحقيقة بإغتيال الحريري، ونقله من ((سجال)) محدود الأفق الى ((إدراك)) واسع الأفق. الثاني: استعادة ذاكرة الحوار الايجابي والمسؤول بين السنّة والشيعة، من خلال استذكار حوار رفيق الحريري مع نصر الله الذي اتسم بروح الزعامة والوطنية ، وبعد تحقيق هذين الهدفين، يمكن الدخول في تفاصيل الأجندة الوطنية للحوار المطلوب بين الحريري ونصرالله، وتبقى اشارة هامة على هذا الصعيد، وهي ضرورة ان لا يتم هذا الحوار على اساس مذهبي (شيعي – سني) صرف، بل ان تتم مقاربة الوضع المذهبي من خلال التصدي لعنوانين شديدي الخطورة: الاول الوحدة الاسلامية كشعار عام تتجاوز اهميته حدود لبنان الى كل المنطقة، الثاني: موقع الدور الايجابي والصاعد للسنة والشيعة في لبنان في معادلة البناء الوطني اللبناني العام.
هناك اهمية قصوى ان لا تسيطر على مناخ المصالحة الشيعية – السنية، روحية شعور الطرفين، او كل واحد منهما على حدة، بالاستقواء الاكثري، فالثنائية لا تحكم البلد، تماماً كما ان ((الوحدانية الطائفية)) لا يمكنها ان تديره، وان فعلت ذلك، فإنها في نهاية المطاف ستصطدم بحقيقة انها كانت تقود نفسها نحو ضمورها السياسي، ولأن الارثوذكس طائفة وطنية، ولم يخالجها شعور الاستئثار، فإنها ظلت الطائفة الاكثر قوة في استقرارها الديموغرافي والاقتصادي والسياسي، قياساً بطوائف اخرى اغراها الاستئثار، فققدت استقرارها، رغم حصولها على معاني القوة المادية والسلطوية.
وينبئنا، تاريخ لبنان المعاصر، بأن الطائفة الاقوى في لبنان، هي الطائفة التي تملك الاستقرار، لا الامتيازات ولا السلاح ولا الاقتصاد، ومفهوم الاستقرار في بلد كلبنان، متعدد الطوائف، ومهدد دائماً بنـزاعات اهلية، يعني حصراً وفقط، ((صفر مشاكل)) مع شركائه في الوطن، لقد بنى الارمن تجربتهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية اللبنانية الرائدة، بين كل الارمن في العالم، من خلال تبني شعار ((الحياد الايجابي)). والمارونية السياسية انجزت امتيازات، ولكنها لم تحقق مشروع استقرار لأبناء جلدتها، و((الشيعية السياسية)) حققت نصراً حتى على اسرائيل، ولكنها لم تنجز طمأنينة داخلية لجمهورها العريض والمنظم، بدليل ان حزب الله يتحدث عن هواجس داخلية، والسنة بلغ صعودهم السياسي خلال جمهورية الطائف، درجة قصوى، ولكنهم يصطدمون الآن بإحساسهم بأنهم فقدوا نعمة ((الاستقرار الأمني)).
ان ميزة لبنان السياسي والاجتماعي والطائفي، رغم تعقيداته، تكمن في انه ((كف مفتوح)) او ((كتاب مقروء)) يمكن استظهار عبره، وتوقع الخطا ونتيجته في اللحظة التالية، وعلى هذا فإن معظم الاخطاء اللبنانية، عادة ما تكون اخطاء مكررة، وسبق ان اعترضت هذه الطائفة او تلك، وعليه، فإن الحوار الذي ينتظر نصرالله – الحريري، يمكن ادارته من قبل الطرفين عن طريق شحذ همة الذاكرة اللبنانية لديهما، وبذا ستكون الثمرات ممكنة والأفق واضحاً ومرئياً.
ناصر شرارة    
 
 
- 'الشراع'

النائب انطوان زهرا: تسريبات التسوية تشريع للقتل السياسي واذلال اللبنانيين
معلوماتنا تقول هناك مساع لمواجهة تداعيات ما بعد صدور القرار الاتهامي
*التسوية تحصل عندما يعترف المجرم بجريمته ويطلب الغفران
*بعد ظهور الحقيقة يمكن حصول مصالحات لا تسويات على اساس نكرانها
*عون يتجاوز حجمه ويصنف نفسه مرشداً أعلى للجمهورية اللبنانية
*عون تبرع بالتعطيل نيابة عن كل حلفائه وهو يتحمل مسؤولية مواقفه
*لايران وسوريا وحزب الله مشروع كبير لوضع اليد على لبنان
*سليمان اثبت حرصه على التوافق وعلى دوره كرئيس لكل السلطات

وصف النائب انطوان زهرا التسريبات الاخيرة عن مصادر سورية بشأن التسوية لاخراج لبنان من أزمته بأنها لا تنبىء بوجود تسوية بقدر ما تنبىء بوجود سعي لتغليب فريق على فريق، وبتشريع للقتل السياسي مجدداً في لبنان، ورأى ان بعد صدور الحقائق عن المحكمة الدولية يمكن عندها اجراء مصالحات لا تسويات على حساب معرفة الحقيقة.
((الشراع)) التقت النائب زهرا وأجرت معه الحوار التالي حول آخر التطورات المتعلقة بالمسعى السوري – السعودي والنتائج التي وصل اليها.

# حسب المصادر السورية فإن التسوية شبه منجزة وأنتم اللبنانيين آخر من يعلم؟
- ما سُرب في الاعلام في المدة الاخيرة، وما نُسب الى سيادة الرئيس بشار الاسد، لا ينبىء بسعي الى التسوية بقدر ما ينبىء بعمليات ضغط بقصد اذلال اللبنانيين وعلى رأسهم دولة رئيس الحكومة الشيخ سعد الحريري، فمفهوم التسوية دائماً هو الوصول الى حل وسطي بين نظرتين، لكن ما يعرض في الاعلام اليوم هو فرض استسلام على فريق من اللبنانيين ينشد عبر المحكمة الدولية الوصول الى العدالة والى تأمين مظلة حماية للحياة السياسية والوطنية اللبنانية، اما ما يُحكى ويوضع تحت عنوان تسوية من مشاريع تستهدف المحكمة ووقف عملها فهو عملية ضغط واشاعة للقتل السياسي في لبنان مجدداً، وجعل شريعة الغاب هي السائدة.
# هل ما يشاع مجرد تسريبات، وهل لديكم معطيات او معلومات عما اذا كان ذلك صحيحاً ام لا؟
- في الواقع لا، معلوماتنا لا تتكلم عن ذلك، انما تتكلم عن وجود اتصالات لمواجهة اية تداعيات يمكن ان تحصل بعد صدور القرار الاتهامي عن المحكمة، واتصالات عن ضرورة استمرار الاستقرار في لبنان، وفي هذا الاطار عُقدت قمة بعبدا الثلاثية، اما ما يُحكى عن افكار سورية وما يُنقل من كلام عن تشويه صورة المحكمة ووضعها في اطار مؤامرة دولية، وتشبيه انهاء عملها بإنجاز 17 ايار/مايو هو كلام جديد، ولا نظن ان المملكة العربية السعودية توافق على هذا التوصيف، او هي في هذا الاتجاه لأن هذا التوصيف هو موقف فئة واحدة وطرف واحد ولا يمكن ان يشكل ارضية لتسوية بين الطرفين.
# هل لديكم افكار عن كيف يُمكن ان تكون التسوية؟
- حتى الآن ما نعرفه هو ان الاتصالات تركز على الاستقرار ولا تتكلم عن حلول تغلّب وجهة نظر على وجهة نظر اخرى، وبشكل عام نعلم ان الر

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد