صحف ومجلات » قضايا وآراء مختارة من الصحف اللبنانية الصادرة السبت 8/1/2011

- 'السفير'
رئيس الحكومة يقصد سوريا من دون أن يسميها.. والبداية من &laqascii117o;المذكرات" / من هو &laqascii117o;الطرف الآخر" الذي يخاطبه الحريري وبماذا التزم؟
خضر طالب:

رمى رئيس الحكومة سعد الحريري &laqascii117o;حجراً" في &laqascii117o;البركة" اللبنانية التي عاشت ركوداً منذ أسابيع على وقع ملاحقة إشارة ولو صغيرة عن &laqascii117o;سراب" التحرك السعودي ـ السوري المشترك لإنهاء الأزمة في لبنان، ما شجّع كثيرين على الاعتقاد والمجاهرة بأنه لا توجد تسوية سورية ـ سعودية أصلاً وأن الأمر لا يتعدّى مجرّد أفكار متداولة بين الرياض ودمشق لم تتبلور إلى تفاهم أو مبادرة.
لكن &laqascii117o;حجر" سعد الحريري ترك خلفه أنواعاً مختلفة من الترددات:
النوع الأول أصاب فريقه وحلفاءه بصعقة قوية بعد أن صالوا وجالوا لأسابيع في نفي وجود أي مبادرة، فابتلعوا ألسنتهم بعد كلام رئيس &laqascii117o;المستقبل" إلى الزميلة &laqascii117o;الحياة"، وانكفأوا مرغمين بفعل وقع الصدمة عليهم وغياب التبريرات التي يستطيعون الخروج بها على الملأ بعدما شككوا بوجود المسعى السوري ـ السعودي إلا في سياق عنوان الحفاظ على التهدئة في لبنان.
النوع الثاني، هو الارتياح الذي تركه كلام الحريري في أوساط اللبنانيين الذين كانوا عاشوا قلقاً حول طبيعة ومصير جهود العاصمتين السعودية والسورية، وهو أعاد إليهم الأمل الذي كادوا يفقدونه بإمكان الخروج من الأزمة الراهنة.
النوع الثالث، حمل أسئلة كثيرة حول توقيت موقف الحريري والجهة التي توجه إليها لدعوتها إلى الالتزام بما عليها حتى ينفّذ التزامه بالتفاهم السوري ـ السعودي. فالتوقيت يوحي أنه قد يكون إشارة الإنطلاق لتطبيق المبادرة، لأن الصمت الذي كان يتحصّن به الحريري إنما كان مرتبطاً بمسار الاتصالات بين دمشق والرياض، أما الاعتراف العلني بالمبادرة فشكل عملياً قطعاً للطريق على الاستثمار في الأزمة كما أنه يمنع الاصطياد في الماء العكر. لكن الأكيد أن الحريري ما كان ليطلق موقفه هذا لولا أن المبادرة قد وصلت إلى خواتيمها السعيدة، بل وأن هذه المبادرة حصلت على التغطية اللازمة أميركياً، في حين أن فترة الانتظار السابقة كانت مرتبطة بعدم نضوج الظروف الكاملة لوضع المبادرة موضع التنفيذ.
لكن النقطة التي أثارها الحريري في حديثه وبقيت، أمس، محور النقاش، هي المتعلّقة بهوية &laqascii117o;الطرف الآخر" الذي دعاه إلى تنفيذ ما التزم به كشرط مســبق لوضع التزاماته موضع التنفيذ.
وإذا كان الانطباع الأولي يقود إلى الاستنتاج بأن &laqascii117o;حزب الله" هو &laqascii117o;الطرف الآخر" الذي خاطبه الحريري، إلا أن ردة فعل الحزب يوم أمس عبّرت عن جهل بما عليه من التزام يسبق وضع المبادرة السورية ـ السعودية قيد التنفيذ العملي، وهو ما أوحى باحتمال أن يكون الحريري قصد بـ&laqascii117o;الطرف الآخر" سوريا تحديداً من دون معرفة ما هو الالتزام الذي قدمته سوريا للمملكة، وتحديدا للملك عبدالله وما إذا كان هناك التزام أصلاً، وهو ما يبقي هذا الشرط عالقاً حتى معرفة مضمونه والجهة التي التزمت به، علما أن الحريري في حديث صحافي سابق تحدث أيضا أن المطلوب التزام بما تم التعهد به أمام الملك عبدالله.
وقال متابعون لحركة الحريري انه يقصد سحب المذكرات السورية بحق المقربين منه، إذ أنه ليس منطقيا أن يذهب إلى التسوية وهناك من يريد رأس كل الفريق السياسي والإعلامي والأمني والقضائي الذي عمل معه خلال السنوات الماضية... وأن خطوة من هذا النوع فضلا عن حسم ملف شهود الزور، وبالتالي إعادة تفعيل حكومته، تؤول للحديث عن الأمور الأخرى والمقصود هنا المحكمة والقرار الاتهامي.
إلا أن بعض المتشائمين سارعوا أمس إلى اعتبار أن الحريري رمى من يده كرة النار التي يحملها على &laqascii117o;الطرف الآخر" لأنه ما زال يراهن على عامل الوقت لإسقاط التسوية من دون أن يتحمّل وزر سقوطها، وإن بدا أن هذا الاحتمال ضعيفاً لأن الحريري لم يكن مضطراً لحسم الجدل ومنح التسوية &laqascii117o;وثيقة ولادة" لبنانية وإعلان التزامه بمضمونها، في حين أن طرفيها المباشرين (دمشق والرياض) يفترض فيهما رعاية ولادتها وتظهيرها...
أين الحلقة المفقودة في كلام الحريري؟ بل وما هي العقدة التي تقف إلى اليوم عائقاً أمام إبرام التسوية؟
ثمة من يعتقد أن سعد الحريري انتقل من خلف المتراس الذي خاض منه معاركه خلال السنوات الخمس الماضية إلى منتصف خط التماس الفاصل بين مجموعات عدة من المتقاتلين، وهو يقف حائراً بين رغبته في أن يفرض وقوفه وقفاً لإطلاق النار وبين خشيته أن يتحوّل إلى هدف، لكنه فوجئ بأن الرصاص استمر حتى من ذلك المتراس الذي كان يقف خلفه.
فالحريري الذي اكتشف أن المشروع الذي رفع عناوينه اصطدم بوقائع غير قادر على تغيير حرف فيها وأن جل ما يستطيع فعله هو تأمين مخرج له يمنع عليه إعلان الاستسلام أو الهزيمة، اكتشف أيضاً أن التجاذبات التي تحيط به شديدة وقاسية وقريبة منه جداً. وتبين له أن تيار المستقبل الذي &laqascii117o;اجتاح" الشارع السني بنسبة عالية في الماضي إنما تأثّر بمحاور الاستقطاب الداخلي والإقليمي، فأصبح &laqascii117o;المستقبل" انعكاساً للإختلاف المصري ـ السوري، كما أنه يترجم التباين السعودي ـ السعودي في التعاطي مع الأزمة، في لبنان بعد أن انتصرت نظرية التسوية بواقع سلطة الحكم للملك عبد الله بن العزيز على نظرية المواجهة التي قادها في فترة سابقة الفريق السعودي المختلف مع سوريا... والذي ما زالت آثاره موجودة ووزنه لا يستهان به ولكن الحريري لن يلتزم إلا بما يقرره الملك عبدالله، ما خلا بعض المناورات التي لا تعدل في مضمون التزامه.


ـ 'المستقبل'
8.. متّهمة
فيصل سلمان:

ماذا سيقول أي مواطن بينه وبين نفسه بعدما يسمع أو يقرأ ما قاله سعد الحريري في جريدة 'الحياة' يوم امس؟
الحريري قال إن الاتفاق السعودي السوري منجز منذ اكثر من شهر وقبل مرض الملك عبدالله وسفره الى نيويورك.
وقال ايضاً، انه، هو، قام بما عليه من خطوات والتزامات ولكن أطرافاً أخرى لم تنفذ ما كان مطلوباً منها حتى الآن.
ليست هي المرة الاولى التي يقول فيها الحريري هذا الكلام، فهو سبق وقاله أمام قصر الاليزيه الفرنسي قبل شهر تقريباًُ.
ثم هو أعاد تمريره إعلامياً وعبر جريدة 'الحياة' أيضاً قبل أسبوع.. واليوم يعود للتأكيد عليه شخصياً.
حسناً، لو كان أي منا محايداً ما بين 8 و14، فماذا سيقول إزاء ما أعلنه الحريري؟
ولو طلبنا من احد مؤيدي 8 آذار ان يسمعنا رأيه في كلام الحريري.. ترى ماذا سيقول؟
منطقياً، يمكن القول ان الحريري رمى بجمرة كبيرة بين يدي قادة 8 آذار.
إذا كان الرجل 'يكذب' فلماذا لم يتصدَّ له أحد؟ وإذا كان يقول الحقيقة، فلماذا تعطل 8 آذار التسوية؟
في الواقع لا يمكن لأحد الدفاع عن 8 آذار في هذا الخصوص، ومستوى الكلام الذي قاله الحريري بات يتطلب كلاماً من السيد حسن نصرالله شخصياً.
.. اللهمَّ إذا كان المطلوب، فقط، هدم أسوار الدولة.


ـ 'النهار'
إذا لم تنجح المساعي السعودية والسورية قبل القرار الاتهامي
هل توسع 8 آذار حلقة التعطيل أم تنسحب من الحكومة ؟
إميل خوري:

ينتظر الناس بفارغ صبر وبقلق شديد ظهور نتائج المساعي السعودية السورية وصدور القرار الاتهامي، وبالتالي معرفة نوع الحسم هذا الشهر الذي قال به الرئيس بري لاخراج البلاد من دائرة تعطيل عمل الحكومة الذي اخذ ينعكس سلباً على الاوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية.(...)
لذلك فإن مواجهة المرحلة التي تلي صدور القرار الاتهامي تتوقف على مدى صمود قوى 14 آذار في هذه المواجهة واستمرار تضامنها وتماسكها، سواء عمدت قوى 8 آذار الى توسيع حلقة تعطيل عمل المؤسسات لجعل الشارع يتحرك من تلقائه احتجاجاً على غلاء المعيشة وارتفاع الاسعار، وهو ما بدأت طلائعه في الظهور، او عمدت الى الانسحاب من الحكومة لفتح ابواب أزمة وزارية على شتى الاحتمالات.
ان المواجهة بين قوى 8 و14 آذار سوف تتجدد وعلى أشد مما كانت عليه عام 2005 اذا لم تنجح المساعي السعودية – السورية في التوصل الى تسوية او مخرج لأزمة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لا يموت فيها ذئب طرف ولا يفنى غنم طرف آخر. وان صمود قوى 14 آذار واستمرار تماسكها وتضامنها هو الذي يجعلها تحافظ على المكتسبات التي حققتها حتى الآن، في حين ان انقسامها وتفككها، وهو ما تراهن عليه قوى 8 آذار، هو الذي يجعلها تخسر هذه المكتسبات وتعود الى الوضع الذي كانت فيه قبل عام 2005 وتتحول بانقسامها اقلية تواجه اكثرية. وهذا يعطي مرحلة انتظار نتائج المساعي السعودية – السورية اهمية كبرى، فإما تكون المواجهة مجددا بين 8 و14 آذا وهي مواجهة حاسمة، او تكون المصالحة والصفح انقاذاً للبنان.


ـ 'النهار'
اسرائيل تخاف على 'شرعيتها' ومصر من 'دينية' الصراع !
(...) ماذا عن الانطباعات عن الاجتماعات داخل اسرائيل؟
سركيس نعوم:

يفيد الانطباع الاول عن وجود شعور واسع لدى الاسرائيليين بوجود هدوء امني رغم التهديد المستمر الذي تمثله صواريخ 'حزب الله' وحركة 'حماس' وكذلك صواريخ سوريا في حال نشوب حرب معها. ولعل من اسباب الارتياح انخفاض العمليات المنطلقة ضد الاسرائيليين من الضفة الغربية بنسبة عالية جداً، وحربي 2006 و2009 على غزة. ولعل من اسبابه ايضاً اقتناع قيادات الجيش الاسرائيلي والمسؤولين السياسيين عنهم بأنهم مستعدون جيداً لتوجيه ضربة سريعة وساحقة في حال تكرر 'العدوان' عليهم. وهذا ما لم يكونوا مستعدين له في الحربين المشار اليهما. الى هذه الأسباب استنتج اعضاء المجموعة البحثية الاميركية من مباحثاتهم ان هناك اربعة عوامل مهمة تقف وراء الهدوء الامني الظاهر في اسرائيل. اولها، نجاح تجربة جدار الفصل او 'السور الواقي' كما يسميه الاسرائيليون بين الفلسطينيين والاسرائيليين. وثانيها، استمرار التحسن الاقتصادي الفلسطيني. وثالثها، تطور إحتراف رجال الامن الفلسطيني نتيجة تدريبهم الاحترافي وتعاونهم مع السلطات الامنية الاسرائيلية. ورابعها، استمرار وجود الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية. ويفيد الانطباع نفسه ايضاً وبعد الاجتماع الى رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض ان هناك ثقة في مستقبل الوضع الاقتصادي وفي عملية بناء المؤسسات وربما في العملية السياسية داخل الضفة الغربية. كما يفيد ان معاودة عملية السلام من شأنها مضاعفة الايجابيات المذكورة من امنية واقتصادية.
في اختصار يقول الباحثون الاعضاء في المجموعة البحثية ان رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو يؤمن بأن تفاهماً بينها وبين اميركا على موضوع الاستيطان من شأنه منع انفجار موجات الغضب الفلسطيني التي اثّرت سلباً على العلاقات الثنائية مع اميركا اربع مرات خلال الـ18 شهراً الاخيرة. ويقولون ايضاً انه يقر بعدم توقعه نتيجة كبيرة او حاسمة لمعاودة المفاوضات مع الفلسطينيين. لكنه في الوقت نفسه يعتقد ان فكرة تجميد الاستيطان ثلاثة اشهر التي عرضها قبل اشهر كان يمكن ان تفيد بعض الشيء ورغم اقتناعه بأن اي اختراق سلمي يبقى مستحيلاً في هذه المرحلة.
في النهاية يقول الابرز في مجموعة الباحثين الكبار الاميركيين انفسهم انها صُدمت بتعليقين سمعت اولهما من مسؤول مخابراتي اسرائيلي وثانيهما من رئيس وزراء مصر احمد نظيف. الأول، اعرب عن القلق من مواصلة عملية او محاولة نزع شرعية اسرائيل في المحافل الدولية والتي تشكل تهديداً استراتيجياً لها. والثاني حذَّر من تطورات خطيرة مقبلة على الساحة العربية – الاسرائيلية قد يكون ابرزها تحوّل الصراع الوطني – القومي – الارضي بين العرب والاسرائيليين صراعاً دينياً بين المسلمين واليهود. وفي حال كهذه فان الاطراف الاساسيين للصراع لا يعود في إمكانهم احتواؤه او وقفه أو إيجاد حل له.


ـ 'النهار'

لماذا كسر الحريري حلقة الصمت ؟
راجح خوري:
 
وضع سعد الحريري نقاطاً ضرورية ومهمة فوق حروف الأزمة المفتعلة، التي تمسك بخناق لبنان واللبنانيين، وقد عطلت الدولة وشلّت الحكومة وأغرقت الناس في اليأس والقنوط.
ما سماه الحريري 'كسر حلقة الصمت' جاء في الواقع اكثر من ذلك بكثير. ليس لأنه سدد كرة قوية الى شباك 'حزب الله' وحلفائه في ما يتصل بالمبادرة السعودية – السورية، بل لأنه يشكل حركة تصحيحية، من شأنها ان تسقط جدارا متراكما لتعمية اللبنانيين عبر التصريحات والتحليلات والسيناريوات المفبركة سواء في المخيلات او المطابخ عند اهل 8 آذار، ويتمثل هذا بما يأتي:
❑ أولاً: ازالة كل الغموض والتشكيك اللذين أحاطا المسعى السعودي – السوري. ففي حين يحاول الكثيرون القول ان هذا المسعى عالق وانه لا يتقدم، تارة لأن الامور ليست على ما يرام بين دمشق والرياض وتارة لان الملك عبد الله اضطر الى دخول المستشفى، يأتي كلام الحريري واضحا وحاسما:
'المسعى السوري – السعودي ناجز وينتظر التنفيذ'. وان جهود الطرفين وصلت الى نتائج محددة قبل اشهر.
❑ ثانياً: اسقط الحريري كل ما قيل وتمّ نسجه من روايات ومزاعم عن ان الحل عالق في قريطم، وان عدم استجابة رئيس الحكومة نقاطاً او بنوداً مطلوبة، هو الذي يؤخر حلّ الأزمة.
اسقط كل هذا عندما أكد أن المسعى السعودي – السوري يتطلب خطوات إيجابية عدة لم يقم الطرف الآخر بأي منها حتى الآن، بما يعني أن الحلّ عالق في الضاحية الجنوبية عند 'حزب الله'.
❑ ثالثاً: كل حديث عن أن مرض الملك عبد الله أجّل إعلان الحلّ، هو مجرّد ذريعة أو تهرّب من التزامات على الطرف الآخر ان ينفذها، لأن ما تم الاتفاق عليه حصل قبل شهر من الوعكة التي ألمّت بالملك.
❑ رابعاً: وبصيغة الجزم أوضح الحريري ان على الطرف الآخر ان يبدأ بتنفيذ ما التزمه بما يعني ان 'حزب الله' التزم ما يُطلب منه لكنه لم ينفّذ. وان القاعدة الأساس في المسعى المذكور تلحظ ان على الحزب تحديداً ان يبدأ بالتنفيذ: 'وليكن مفهوما بكل صراحة ان اي التزام من جانبي لن يوضع موضع التنفيذ قبل ان يقوم الطرف الآخر بتنفيذ ما التزمه'. وان المطلوب خطوات محددة، لو كان الطرف الآخر نفذها لما كنا الآن في سباق مع الوقت!
❑ خامساً: ان المسعى السوري – السعودي لن يتراجع. وكل ما قيل في اطار التشويش عليه لن يؤثر اطلاقا. لكن الحريري الذي التزم الصمت لمدة طويلة يكسر الآن حلقة هذا الصمت اولا من اجل حماية الاتفاق، وثانيا لأنه كمسؤول، عليه حماية ما توصّل اليه المسعى خدمة لمصلحة لبنان واستقراره.
❑ سادساً: ان كل ما قيل ونشر من سيناريوات تتصل بتغيير الحكومة او بتعديل في حقائبها هو من صنع المخيلات. وان المسعى السعودي – السوري يضع هذا خارج البحث قاعدة ثابتة هي ان ليس في وسع اي حكومة غير حكومة الوحدة الوطنية ان تنهض بلبنان.
ان التدقيق في مجمل ما قاله سعد الحريري، يؤكد ان صمته في الاشهر الماضية كان من منطلق الالتزام المسؤول ببنود واردة في المسعى السعودي – السوري وبتراتبية التنفيذ، لكن التشويش على هذا المسعى عبر سياسة 'حديد بقضامي' التي وصلت بالمعارضة الى حدود الربط بين مسألة المحكمة الدولية والشروط المتصلة بالحصص الوزارية وتوزيع الحقائب وحتى بتسيير امور الناس وتلبية مطالبهم، كل هذا دفع الحريري الى كسر حلقة الصمت.
لكن هل كان كسر الحلقة ليحصل من دون رغبة من 'س – س' او موافقة على كسرها؟!
   
 
ـ 'النهار'
موقف الحريري أطلق أولاً من الإليزيه ولم يحظَ بتفاعلات
تحديد اتجاهات 'التفاهم' بعد محطة نيويورك؟
روزانا بومنصف:

 يوم الخميس 2 كانون الاول الماضي وفي نهاية زيارة قام بها لباريس والتقى خلالها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ومسؤولين فرنسيين آخرين، رد على انتقادات وجهتها قوى 8 آذار الى رئيس الوزراء سعد الحريري الى تحركه الخارجي متهمة اياه بتضييع الوقت قائلا 'انا لا اضيع الوقت ولا اتأخر بل ان الآخرين الذين يتهمونني بتضييع الوقت هم الذين يجب ان يقوموا ببعض الامور ولم يقوموا بها بعد وهم يعرفون انفسهم '. ولم يحظ هذا الكلام آنذاك بالاهمية المفترضة لا من جانب قوى 8 اذار التي اصرت على وجهة نظرها من التسوية التي ترغب فيها في موضوع المحكمة الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري والاغتيالات المرتبطة بها ولا من جانب قوى 14 آذار التي تعاطت مع المسألة في اطار متابعة ما قاله الحريري لا اكثر. فمر هذا الموقف المهم من دون اي انعكاسات بفعل بدء تسريبات 'ويكيليكس' او اكثر بفعل انتظار زيارة الرئيس السوري بشار الاسد للعاصمة الفرنسية بعد ايام معدودة على زيارة الحريري للاليزيه. وقد كرر الحريري في حديثه امس الى صحيفة 'الحياة' مضمون ما قاله في باريس انما بوضوح اكبر وبتفاصيل اكثر نسبيا، فحظي بردود فعل مختلفة من الجانبين. غالبية من قوى الاكثرية بدت كأنها فوجئت بما اعلنه الحريري من تقدم للتفاهم باعتبار انها لم تطلع على الاجواء مسبقا من اجل المواكبة في ظل علامات استفهام كثيرة اثارها كلام الحريري. لكن هذه الغالبية امتنعت عن التعليق في انتظار عودة الحريري من زيارته الثانية لنيويورك واستيضاحه حقيقة الاجواء والتفاصيل علما ان بعض التساؤلات يتصل باجواء غير موحية في الاتجاه الذي تحدث فيه الحريري قبل ايام على الاقل. والبعض الآخر من هذه التساؤلات يتصل باسباب عدم مواكبة سوريا هذا التفاهم الذي هي جزء منه وشريكة فيه بخطوة معبرة تنزع فيها فتيلا من فتائل الازمة السياسية التى تصاعدت مع اصدار المذكرات القضائية السورية في حق شخصيات لبنانية فتسحب هذه المذكرات كدليل محفز لـ'حزب الله' من اجل السير قدما في هذا التفاهم علما ان الحريري اشار الى ان التفاهم انجز قبل توجه الملك السعودي الى نيويورك للعلاج. وقوى 8 آذار سارعت الى الرد رافضة رمي الكرة في ملعبها لجهة التزامات يتعين عليها القيام بها في مقابل الالتزامات التي تحدد الكثير منها للرئيس الحريري على انها من متطلبات التفاهم او التسوية وفق وجهة نظرها علما الى ان رئيس كتلة 'الوفاء للمقاومة' النائب محمد رعد كان اشار الى التزامات يتعين على الحزب القيام بها بدوره مؤكدا انه سيتشاور مع الحلفاء في هذا الاطار. وبدا ان هذه القوى اعطت الموقف المكرر للحريري وليس الموقف السابق نفسه الذي اطلقه قبل خمسة اسابيع اهمية في ضوء عاملين، احدهما هو توجهه الى نيويورك بعد ساعات على الادلاء بحديثه وذلك تلبية لدعوة من العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز للقائه وفق ما تكشف معلومات والآخر هو لقاؤه وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون، علما ان مساعدها لشؤون المنطقة جيفري فيلتمان سيشارك في هذا اللقاء مع ان هذا اللقاء ليس هو الهدف من التوجه الى نيويورك وقد رتب موعده على عجل. ولعل هذه القوى فهمت، كما تقول مصادر سياسية، ان الحريري حدد موقفه والعناوين التي يتمسك بها لاقفال الباب امام تأويلات وتفسيرات ستلجأ اليها قوى 8 آذار كما تعمد دوما فتعزو مضمونها ايا يكن طبيعته الى تدخل الاميركيين وتعطيلهم اي تسوية او تفاهم. وسبق ان عمد سياسيون في هذه القوى الى توجيه اتهامات الى الاميركيين بتعطيل التسوية السعودية السورية المفترضة. علما ان معلومات سياسية وديبلوماسية موثوق بها تتحدث عن عدم معرفة الاميركيين فعلا بما يعمل عليه على مستوى التفاهم السوري السعودي وصولا الى دخول الفرنسيين على الخط من دون ان يعني ذلك عدم انزعاجهم من السعوديين او من الفرنسيين ايضا لهذه الاسباب. او لعل هذه القوى فهمت ان الملك السعودي ربما يبلغ الحريري موقفا ما مما يحتم عليها الادلاء برد فعل استباقي على اي ضغوط محتملة على رغم ان لا معلومات عن اتصالات جرت في الايام العشرة الاخيرة الفاصلة بين زيارة الحريري لنيويورك للاطمئنان الى صحة الملك وزيارته الحالية.
وتقول المصادر السياسية المعنية ان عودة الحريري من نيويورك ستكون الاكثر اهمية من بين كل جولاته او زياراته للخارج من حيث بلورة الاطار الصحيح لاطلاقه مواقفه الاخيرة ولمعرفة اين وصل التفاهم السعودي السوري وتاليا ما سيبلغه الملك عبدالله الى رئيس الحكومة اللبنانية اضافة الى الموقف الاميركي الذي ستعبر عنه كلينتون والذي يمكن ان يشتم منه اتجاهات رياح التفاهم نظرا الى اهتمام الولايات المتحدة بالمحكمة الخاصة بلبنان وتمسكها في الوقت نفسه باستقرار لبنان وعدم المساومة على اي منهما وفق المواقف الاميركية المعلنة اخيرا.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد