- صحيفة 'السفير'ماهر منصور
ارتفاع موجة العداء على عدد من وسائل الإعلام العربية، لا سيما قناة الجزيرة، التي نشهدها مؤخراً حمالة أوجه. فالتعديات التي تعرض لها مراسلو قناة &laqascii117o;الجزيرة" و&laqascii117o;الجديد" في أحداث طرابلس اللبنانية الأخيرة، على سبيل المثال، أو ممارسات السلطات المصرية تجاه &laqascii117o;الجزيرة" من سحب تصاريح وحجب بثها على القمر &laqascii117o;نايلسات"، وقبلها الكثير من حالات القمع والتعسف، هي ممارسات قد تثير مخاوف حقيقية حيال مستقبل الإعلام العربي. وهي مخاوف لا تتأتى من الحكومات فقط، بل ربما قد يشاركها في ذلك &laqascii117o;جمهور غاضب" أو &laqascii117o;غير منضبط" وهو المصطلح الأكثر رواجاً هذه الأيام.
إلا أن في موجة العداء ذاتها ما يكشف عن حقيقة مختلفة تخص عدداً من وسائل الإعلام المرئي العربي. إذ تؤشر الأخبار العاجلة لتلك الوسائل، وساعات البث المتواصلة والحية من مواقع الأحداث الساخنة، إلى قدرة فائقة تبديها هذه الوسائل الإعلامية في التعامل مع التدفق الكبير للمعلومات الإخبارية، إضافة إلى المرونة التي تمتاز بها في إعادة تصدير تلك الأخبار مجدداً إلى العالم.
ربما يرى البعض أننا لا نأتي هنا بجديد حين نتحدث عن قدرة وسائل الإعلام العربي، ولا سيما &laqascii117o;الجزيرة" في التعامل مع الأحداث الساخنة، فقد سبق واختبرت قدراتها في حروب أفغانستان والعراق ولبنان 2006 وحرب غزة. إلا أن في الأداء الإعلامي لبعض الفضائيات في مواكبة الأحداث الأخيرة في لبنان وتونس ومصر، ما يؤكد أنه ليس هناك مبالغة في تقييم تطور أدائها الإعلامي اليوم. فهي اليوم تعمل على الأرض وسط مشاعر عداء واضحة تجاهها، تأتيها من غوغاء شعبية بالتعسف ذاته وربما أقسى، مما قد يأتيها من الحكومات. ولعل ما تعرض له فريقا &laqascii117o;الجزيرة" و&laqascii117o;الجديد" مؤخراً في طرابلس، قد لا يختلف كثيراً عما تعانيه &laqascii117o;الجزيرة" اليوم في مصر. على الأقل في الشكل العام.
في الحالتين تبدو وسائل الإعلام هذه تعمل مكشوفة الظهر في مرمى نيران الخصم والحامي، حيث تسقط أولويات المنطق والعقل، ويتماهى العدو مع الصديق.
وإن كنا نتفق على أن وسائل الإعلام تلك لم تستطع بسهولة تحقيق نجوميتها، من قبل، لولا ما أبدته من شجاعة في متابعة الأحداث الساخنة، فيمكن القول إنها اليوم تبدي مقداراً أكبر من الشجاعة، وعلى نحو يبث شعوراً بولادة بشائر ثورة ياسمين إعلامي عربي، بدأت تطفو رويداً رويداً إلى السطح. تترافق وثورات ياسمين الحرية في تونس ومصر. معها سيعجز كل من يكن مشاعر العداء لهذه الوسائل الإعلامية عن &laqascii117o;لجم" شهيته في متابعة ما تعرضه.