ـ صحيفة السفير
تم قبل ظهر امس في فندق شيراتون الدوحة، إعلان الاتفاق الذي توصل اليه طرفا الازم اللبنانية في العاصمة القطرية، بعد خمسة ايام من اللقاءات والمشاورات والمداخلات والاتصالات العربية والاقليمية، فعقد رئيس وزراء قطر وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، مؤتمرا صحافيا مع أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى في حضور أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وكافة المشاركين اللبنانيين في مؤتمر الحوار، أعلن خلاله «إعلان الدوحة»، الذي ينص على الاتفاق حول انتخاب العماد سليمان رئيسا للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية وفق معادلة 16-11-,3 واعتماد قانون القضاء للانتخابات النيابية مع تعديلات عليه في بيروت ولمرة واحدة، حيث تقسم العاصمة الى ثلاث دوائر بنسب 10-5-4 وقال رئيس الوزراء القطري في كلمته: لقد تم بحمد الله وبفضل تعاون الأخوة اللبنانيين وجهود اخواني الامين العام لجامعة الدول العربية وأصحاب المعالي اعضاء اللجنة الوزارية التوصل الى اتفاق بالتراضي والتفاهم بين الاشقاء اللبنانيين. اضاف: ولقد كان لحكمتكم ايها الاخوة اللبنانيون وتعاونكم معي ومع اخواني اعضاء اللجنة، الدور الاساس في تحقيق هذا الاتفاق والذي نأمل في البدء بتنفيذه فورا للحفاظ على أمن لبنان واستقراره وتقدم شعبه ورفاهيته.
ثم تحدث الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى فقال: هو يوم تاريخي لا شك يوم صلح الدوحة، يوم وقّع الجميع على وثيقة تعيد اطلاق لبنان من أسره، حيث يحتفل به العرب، فإني اهنئ اطراف المعادلة اللبنانية الذين توصلوا بتراضٍ كامل بعد عمل مضنٍ الى اتفاق يضمن العيش المشترك والسلم الاهلي، ويطلق العمل اللبناني السياسي نحو اقرار الصيغة المثلى التي تعايش بها اللبنانيون جميعا بانتخاب رئيس وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية والاتفاق على القانون الذي سوف تجري على اساسه الانتخابات البرلمانية المقبلة. هذه هي المبادرة العربية واليوم يبدأ تنفيذها.
اضاف مخاطبا الامير: لقد رأيتكم تقودون هذه المفاوضات المضنية في لحظات حرجة وفي منعطفات حساسة، واود ان اهنئكم شخصيا. فوجودكم كان عاملا حاسما في نجاح هذه المفاوضات البالغة الاهمية، كما يسرني ايضا ان احيي اخي الشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء ووزير الخارجية الذي اصبح خبيرا في الدوائر اللبنانية الانتخابية ومخططاتها وتقسيماتها، فأريد ان اهنئه وأشكره باسم كل جامعة الدول العربية على هذا العمل الكبير الذي لعب فيه دورا رئيسيا، واريد ايضا ان اؤكد اننا توصلنا الى صيغة لا غالب ولا مغلوب وهذا شعور مهم. ولقد اثبتنا ان الصيغة اللبنانية التاريخية لا غالب ولا مغلوب هي الصيغة الوحيدة التي يمكن ان تصل بنا الى بر الامان. وتابع: بالنسبة الي شخصيا وبعد عشرين شهرا من مجهود متواصل ومناقشات واتفاقات، اشعر بسعادة بالغة اننا وصلنا الى نقطة البداية. وعلى كل، كان مجلس وزراء جامعة الدول العربية حكيما في تشكيل هذه اللجنة واختياره لأعضائها واليوم سنعود الى الجامعة العربية ببشرى خيرة. ان العمل العربي المشترك يمكنه بالفعل ان يصل الى حل، ان يتوسط وأن يتعامل مع القضايا العربية. ان المهام التي نجحنا في لبنان يجب ان تطبق بالنسبة الى بقية المشكلات، حيث العمل العربي المشترك فاعل وناجح. اهنئ دولة قطر المضيفة الكريمة وجميع الاطراف اللبنانية والعالم العربي.
ثم كانت كلمة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قال: 10452 كيلومترا مربعا لم تتسع لجمعنا، وفعلت ذلك طائرة قطرية، وفندق في الدوحة قائم على بحر يعيدنا الى بحر وحدتنا وعنفواننا. فشكرا لقطر، شكرا لأميرها اول مَن زار الضاحية الجنوبية وعاين التدمير والتنكيل الاسرائيليين بعد حرب تموز. اغاث القرى والمدن اللبنانية، بنت جبيل، الخيام، عيناتا، عيتا الشعب. كفكفت الدموع، كفكفت دموع الأيامى واليتامى، وأعدت البناء، ودعمت المقاومة، فشكرا ثم شكرا لأنك الآن ايضا تواسي وتؤاسي ليس اهل الجنوب فقط وانما كل بيت، كل بيت في لبنان، كل اللبنانيين من دون استثناء. شكرا ثم شكرا لرئيس وزراء قطر، من اجترح المعجزة مرة اخرى. وشكرا لشعب قطر وشكرا للجنة الجامعة العربية والجامعة. لذلك هدية لاتفاق الدوحة هذا اعلن ابتداء من اليوم باسم المعارضة رفع الاعتصام من وسط بيروت. يا سمو الامير فعلا اول الغيث قطرة فكيف اذا كان قطر.
والقى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة كلمة جاء فيها: اود ان اعبر لكم عن الشكر الكبير الذي يعتمر في نفسي وفي نفوس جميع اللبنانيين على هذا الانجاز العظيم الذي تم اليوم، كما اود ان اعبر عن تقديري لما قاله صاحب السمو عن تمسكه كباقي العرب بلبنان الذي عرفوه واحبوه، بصيغته الفريدة كواحة للديموقراطية وللانفتاح والحرية والاعتدال. اود ايضا ان اشكر الجامعة العربية التي عملت وككل العرب، كل من دوره وبقدراته على دعم هذا الاتفاق ولا سيما ايضا اعضاء اللجنة العربية المشاركة في هذا العمل الكبير والجليل في تاريخ امتنا العربية وفي تاريخ لبنان في التوصل الى هذا الاتفاق الكبير، هذا الدور الذي قامت به الجامعة العربية وبقيادة الشيخ حمد بن جاسم بن جبر، والذي كان يعمل بتوجيهات صاحب السمو واللذين كانا يتابعان لحظة بلحظة ماذا يجري على صعيد التقدم بهذه المناقشات والتداولات.
ان دور الجامعة دور كبير في لبنان وما زال هناك الكثير كي تقوم به من اجل رعاية الحوار اللبناني بين اللبنانيين، وايضا من اجل عمل كبير يخدم امتنا ويخدم ايضا لبنان ويخدم سوريا، الشقيقة سوريا في تصويب العلاقات بين لبنان وسوريا حتى تتعزز هذه العلاقة، بين شقيقين جارين يربطهما تاريخ وحاضر ومصالح مشتركة ومستقبل. لا شك بأن ما جرى امر كبير، علينا ان نستخلص منه الدروس والعبَر. بداية علينا ان نعود كما ذكر هذا البيان بأن ننبذ العنف ونتعاهد بألا نحتكم الى السلاح في حل الخلافات السياسية، ونبدأ بأن نقبل بعضنا بعضا، نقبل الآخر ونتحاور معه من اجل حل المشكلات بشكل حضاري وبشكل ديموقراطي. ان اختلافاتنا في لبنان يجب ان تكون مصدر ثروة وغنى لنا وهذا هو التنوع، هذه هي صيغة لبنان الحقيقية، لا ان نستعملها من اجل تعميق خلافاتنا في ما بيننا. لا شك اننا من الدروس التي استخلصناها، ان نعود للتمسك باتفاق الطائف، كناظم للعلاقات بين اللبنانيين في ما بينهم. ان ما توصلنا اليه، هو اتفاق استثنائي في مرحلة استثنائية اقتضتها ظروف استثنائية وبالتالي يجب ان نؤكد مجددا ودائما على احترام الدستور وقواعد العمل الديموقراطي وقيَم ومبادئ واساليب الديموقراطية. الحرية كما تعلمناها تمارس في ظل القانون وفي كنف الدولة، الدولة التي يجب علينا ان نسهم جميعا في بنائها، ولا يمكن ولا يجوز لاحد منا ان يستقيل من مسؤولياته في بناء هذه الدولة التي نريدها حماية لحاضر ومستقبل اللبنانيين جميعا. لا يمكن لاحد ان يستنكف وينتظر حتى تبنى الدولة ليعود للمساهمة فيها. علينا ان نبنيها جميعا وأن نسهم في ذلك. نحن جئنا الى هنا ليس لننتزع حقوقا من بعضنا بعضا، بل لنلبي حقوق اللبنانيين، علينا في بناء وطن آمن يتحقق فيه العيش المشترك الذي هو الضمان الحقيقي لحرية اللبنانيين ووفاقهم الوطني وبالتالي لكرامتهم ومستقبلهم. هذا الحوار الذي قمنا به اليوم هو خطوة اساسية ومهمة على طريق التعامل في ما بيننا لمعالجة المشكلات ولا سيما مشكلة سلطة الدولة وبسط سيادتها على كامل اراضيها ضمانا لحقوق اللبنانيين في الامن والسلام والسلم الاهلي، وايضا حتى نسترجع الارض التي ما زالت تحتلها اسرائيل في مزارع شبعا. ايضا من اجل اقدار اللبنانيين على مواجهة ذلك الكمّ الكبير من المشكلات التي تراكمت على مدى ثلاثة عقود، والتي اخّرت اللبنانيين وأعاقتهم عن اللحاق بدرب النمو والتقدم والازدهار. علينا ان نعمل من اجل تعزيز جيشنا وقواتنا الامنية، من اجل ان يكونا فعليا مجهزين تجهيزا عصريا وسليما ومدربين تدريبا يمكنهما من حماية الوطن وحماية الامن لدى اللبنانيين.هذا الامر يقتضي مجددا دعم اشقائنا العرب لأن ما حصل في لبنان كان اساسا مشكلة عربية ومشكلة اسهمت فيها وبشكل كبير محنة فلسطين، التي نتمنى ويجب ان نعمل من اجل حل عادل وسليم يعيد الفلسطينيين الى ديارهم حيث اتفق اللبنانيون جميعا على رفض التوطين كأمر يجمعون عليه. هذا الامر نحن نريده حقيقة من أجل حل قضية فلسطين وايضا من اجل حل مشكلاتنا التي نحن بصددها.
أودّ أن أنتهز هذه المناسبة لأترحّم على الشهداء الذين سقطوا في المكان الخطأ وفي الزمن الخطأ. أترحّم عليهم وأواسي باسمنا جميعا كل الذين تعذبوا وتألموا وما زالوا يتألمون، ونعاهد أنفسنا على ان نتخذ مما جرى دروساً نتعظ بها بأن ليس لنا مستقبل الا في وحدتنا الداخلية، فهي التي تحمينا وهي التي تشدّ من عضدنا وهي التي تمكننا من مواجهة اسرائيل. وحدتنا وتضامننا الداخلي هو الذي يحقق ذلك، ليس هناك من طريق آخر حتى نضمن استمرار لبنان، هذه الصيغة الفريدة التي يحسدنا عليها العالم، هذه هي وصيتنا بأن نعمل دائماً من اجل احترام دستورنا وقوانيننا ونظامنا الديموقراطي ان نقبل بعضنا لا ان نخوّن بعضنا ولا أن نشيطن بعضنا. نحن نريد ان نعيش سوية وسنظل نعيش سوية وليس هناك الا خيارنا في ان نبني بلدنا وتكون لنا دولة تبسط سلطتها على كل الاراضي اللبنانية. اشكركم واعذروني على الاطالة، ولكن ما قمتم به يا صاحب السمو وما قامت به دولة قطر وشعب قطر ودولة الرئيس واللجنة العربية، سيبقى يذكره اللبنانيون بضمائرهم، بعيونهم بأهدابهم ولكنهم يتمنون منكم ان تبقوا الى جانبهم، ان تصونوا ما اتفقنا عليه حتى نستطيع فعلا ان نبني وطننا الذي نريد والذي يطمح اليه اللبنانيون.
ثم تحدث امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني فقال: لم يكن يخالجنا شك حين دعونا الى هذا الحوار اللبناني ـ اللبناني في الدوحة أنه واصل بمشيئة الله الى نجاح. لقد كنا نثق دائما ان شعوب الامة عندما تواجه لحظات الفعل والمصير في حياتها وحين تتاح لها معرفة الحقائق كاملة وحين تملك الفرصة لحوار حر ونزيه في شأن مستقبلها، فإن اختيارها يكون الاقرب الى الصواب خصوصا اذا كان هذا الاقرب الى الصواب هو الاقرب الى الامان، وأمامكم الآن وأمام العرب والعالم فإنه يشرفني ان أعلن أن هذا اللقاء في الدوحة قد نجح لأن اطرافه جميعا قد تحملوا مسؤولياتهم بشجاعة واتخذوا من المواقف ما يعلو على المشاعر واحتكموا الى العقل والضمير تأكيدا لحق شعبهم اللبناني ومستقبله ووفاء بعهدهم أمام الامة والتاريخ. لقد عملنا سويا أياما شاقة وواصلنا الجهد نهارا بليل وأطلنا الدرس ووسعنا الحوار، مدركين ان هناك حلا واحدا حتى يتجنب لبنان مهاوي الفتنة والفوضى، ويخرج ذلك الوطن القاني من دائرة الصدام الدموي ماشيا الى الساحة الرحبة للتوافق الحر بين أهله وهو ضامن لحريته ومستقبله. انني في هذه اللحظة اريد ان أعبر عن عرفان الامة وعرفاني لكل الاطراف الذين تغلب حسن نواياهم على رواسب شكوكهم، وتجاوز املهم عقد خوفهم. اريد ان أعبّر عن عرفان الامة وعرفاني لذلك الجهد الخلاق الذي بذلته اللجنة الوزارية العربية برئاسة الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، فقد تحملت هذه اللجنة بعناء مهمة صعبة وعسيرة الى درجة الاستعصاء. أريد أخيرا ان أطمئن شعب لبنان. لقد خرجت جموع منه تخاطب الزعماء القادمين الى هنا بأن «لا يعودوا اذا لم يتفقوا» ولقد اتفقوا وهم الآن على طريق العودة بادئين معا ومع شعبهم يوما جديدا نرجوه صافيا وسالما. والسلام عليكم.
وفور اعلان الاتفاق جرت مصافحات بين عدد من أعضاء الوفود من طرفي الموالاة والمعارضة فسجلت مصافحات بين النائب وليد جنبلاط وعدد من أعضاء كتلته وبين النائب محمد رعد والوزير محمد فنيش وكذلك سلام وقبلات بين النائب العماد ميشال عون والنائب سعد الحريري. وشوهد عدد من النواب من مختلف الكتل يتبادلون المصافحات وبدت علامات الارتياح بشكل واضح على وجوههم. في هذا الوقت، جمع أمير قطر ورئيس وزرائها الرئيسين بري والسنيورة والنائبين رعد والحريري حيث تصافحوا وتبادلوا قبلات التسامح، والتقطت الصور التذكارية. وبعد الظهر بدأت الوفود اللبنانية بحزم الحقائب استعداداً للعودة الى لبنان ، لمباشرة تنفيذ الاتفاق فيما أبلغت الوفود الاعلامية بضرورة التواجد في فنادق الاقامة اعتبارا من الثانية والنصف بعد الظهر تمهيدا للمغادرة. الجدير ذكره ان أقطاب المعارضة والموالاة زاروا مساء أمس سوق «واقف» في قطر.
ـ صحيفة النهار:
أقل من ساعة استغرقها الاحتفال الرسمي باعلان "اتفاق الدوحة" بين الغالبية والمعارضة في رعاية قطر، كانت كفيلة بنقل لبنان من حقبة الى أخرى، بل من عصر سياسي الى عصر سياسي آخر.
وقد انقلب المشهد اللبناني رأساً على عقب ظهر أمس ايذاناً بانفراج سياسي وأمني واقتصادي وسياحي على مشارف صيف واعد، على نحو كادت تغيب امام مظاهره حسابات القوى السياسية في الربح والخسارة بعدما أودع الزعماء السياسيون العاصمة القطرية تواقيعهم على الاتفاق المولود بجراحة قيصرية استهلكت خمسة ايام بلياليها البيضاء.
واذا كانت مظاهر البهجة اللبنانية بالانفراج المحمول مع نص الاتفاق ومراسم اعلانه قد طغت على كل شيء، فان جدولة تنفيذ الاتفاق بدأت على الفور بالاعداد للاستحقاق المتأخر ستة أشهر عن موعده وهو انتخاب رئيس الجمهورية الجديد الذي سيتم الأحد المقبل.
وشاءت المصادفة التي أملت تأخير موعد الانتخاب الرئاسي الى الأحد بسبب توجيه دعوات الى عدد من الضيوف العرب وربما الأجانب وفي مقدمهم الرعاة القطريون للاتفاق اللبناني لحضور الجلسة، ان يتزامن موعد جلسة الانتخاب والذكرى الثامنة لتحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي. وسيتوج اتفاق الدوحة بانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية لتبدأ مع انتخابه رحلة اعادة الصراع السياسي الطويل والمعقد من الشارع الى المؤسسات بعد أزمة استمرت 18 شهراً وكادت ان تدفع بلبنان الى متاهة حرب مذهبية. وسيكون "الرئيس ميشال سليمان"، رئيس الجمهورية الـ 12 منذ الاستقلال، والرابع منذ اتفاق الطائف، والثالث الذي يصل الى سدة الرئاسة من قيادة الجيش، والثاني بعد الرئيس الياس الهراوي الذي لم يتسلم منصبه من سلفه نظراً الى شغور المنصب. وسادت توقعات مساء امس ان ينتخب العماد سليمان بأوسع إجماع نيابي ناله رئيس جمهورية حتى الآن نظراً الى حرص سائر القوى السياسية والكتل النيابية والنواب على ترجمة الطلائع التنفيذية لاتفاق الدوحة ومحض سليمان القوة السياسية الكافية لرعاية المراحل التالية من الاتفاق.
وبدا طبيعياً ان يطرح السؤال الفوري عن الشخصية التي قد ترشحها الغالبية لرئاسة الحكومة الأولى في عهد "الرئيس سليمان". ولكن أوساط الغالبية والمعارضة على السواء بدت متحفظة عن الخوض في هذا الاستحقاق الثاني وتركه للاصول احتراماً للاتفاق المعلن من جهة، وتأكيداً لعدم البحث في الاسماء المحتملة في جلسات مؤتمر الحوار في الدوحة وخلواته باعتبار ان تسمية رئيس الحكومة تعود الى الاستشارات النيابية الملزمة التي سيشرع الرئيس المنتخب في اجرائها غداة انتخابه، غير ان ذلك لم يحجب تكهنات ذهبت في اتجاه الحديث عن امكان تسمية النائب سعد الحريري او الرئيس فؤاد السنيورة مجدداً نظراً الى التوازنات التي املت حصول المعارضة على "الثلث المعطّل" في الحكومة والتقسيمات الانتخابية التي ارضت الفريقين، فضلاً عن عوامل أخرى.
وكتب موفد "النهار" الى الدوحة خليل فليحان ان ولادة "اعلان الدوحة" امس كرست التسوية السياسية بين الغالبية والمعارضة بدعم سعودي ومصري ودولي وبجهود قطرية هائلة وضع عبرها امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني كل ثقله للتوصل الى التسوية وتدخل شخصياً اكثر من مرة لحل العقد وتذليل العقبات الكثيرة التي كادت ان تودي بالمفاوضات الى الانهيار.
وأبرزت مصادر المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني النتائج الفورية لاعلان الدوحة والتي تمثلت أولاً في رفع اعتصام المعارضة من وسط بيروت وتحريرها بعد 18 شهراً (538 يوماً كاملاً) فور اعلان الاتفاق واستتبع ذلك قفزة كبيرة في بورصة بيروت بلغت نسبتها 8,86 في المئة وارتفاعا لأسعار أسهم سوليدير الى أعلى مستوى تاريخي لها متجاوزة صعودا عتبة الـ31,00 دولارا في السوق المحلية والـ36,50 دولارا في لندن حيث تخطت شهادات الايداع العائدة اليها الـ41,00 دولارا. كما اتسعت قاعدة عرض الدولار في سوق القطع على نحو حمل مصرف لبنان على خفض سعر تدخله شاريا اياه من 1512,00 الى 1511,00 ليرة.ويسود اعتقاد ان اعادة الوضع الطبيعي وعودة الحركة التجارية الى وسط بروت سيشجعان المستثمرين العرب على العودة بزخم الى لبنان، مما يعوضه الكثير من الاستثمارات التي فقدها بفعل الازمة.
أما على الصعيد السياسي فان الاتفاق أحدث مناخا جديدا بين الغالبية والمعارضة بدأ مع المصافحات وبعض العناق في نهاية الجلسة الختامية.وبالنسبة الى انتخاب العماد سليمان فقد علم ان موعد جلسة مجلس النواب ستحدد في الرابعة بعد ظهر الاحد افساحا في المجال امام حضور رئيس اللجنة الوزارية العربية رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني لحضور الجلسة بعد إتمام ارتباطات له في لندن، اضافة الى مشاركة ممثلين لدول عربية أخرى، وكذلك الافساح امام عودة نواب موجودين في الخارج.وعلم ايضا أن الجلسة ستنقسم قسمين بحيث يجري أولا انتخاب الرئيس ومن ثم يلقي الرئيس المنتخب خطاب القسم في الجلسة نفسها. وسيوجه رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة الى الجلسة في الساعات الاربع والعشرين المقبلة على ان يبدأ تنفيذ الترتيبات اللوجستية اليوم.
وقالت مصادر المشاركين في المؤتمر ان اتفاق الدوحة اتسم بتوازن واضح في المكاسب والتنازلات. فالمعارضة حصلت على مطلبها الجوهري المتمثل بالثلث المعطل، فيما نالت الغالبية مطلبها الجوهري ايضا المتمثل ببندي الامتناع عن العودة الى استخدام السلاح واطلاق الحوار حول تعزيز سلطات الدولة على كل أراضيها وحصر السلطتين الامنية والعسكرية بيد الدولة. اما قانون الانتخاب فشكل منعطفا رضائيا للفريقين وخصوصا في ضوء الاتفاق على تقسيمات بيروت.
وأفادت معلومات ان الرئيس بري أخّر الانتهاء من وضع الاتفاق حتى الساعات الاولى من فجر امس عبر اصراره على عدم اجراء تعديل دستوري لانتخاب العماد سليمان لرفضه اعداد مشروع قانون تحيله الحكومة على المجلس باعتبار ان الحكومة "ليست دستورية" وأن اقتراحه لانتخاب الرئيس من دون تعديل دستوري هو الاسلوب الامثل من الناحية الدستورية في هذه الظروف الاستثنائية. وقبلت الغالبية بذلك بناء على رغبة امير قطر. وقد راجع قانونيون قطريون النص مع اعضاء من الوفود اللبنانية، وأنجز وضعه قرابة الخامسة صباح امس وساهم في التدقيق فيه النائب بطرس حرب وكذلك الرئيس أمين الجميل والنائب جورج عدوان باعتبارهم محامين . وعلم ان البنود المتعلقة بالشق الامني كانت نتيجة ورقة قدمها الرئيس فؤاد السنيورة الى الراعي القطري بعدما عرضها على فريق الغالبية وأخذ بها كاملة في نص الاتفاق.
ـ صحيفة الأخبار:
من المرجّح أن تجري استشارات التكليف والتأليف في شأن الحكومة الجديدة إثر انتخاب رئيس الجمهورية بحيث لا ينتهي الأسبوع المقبل إلا وتكون الحكومة قد ولدت، وخصوصاً إذا لم تواجهها أي عقد استيزار لدى هذا الفريق أو ذاك، ولا سيما في ما يتعلق بالوزارات السيادية، إذ إن بعض المشاركين في الحوار من الموالاة قال لـ«الأخبار» إن المتحاورين في الدوحة اتفقوا على الحصص العددية في الحكومة، ولكنهم لم يبحثوا في الوزارات التي يفترض أن تسند إلى أيّ منهما.
(...) وكانت الساعات الأخيرة قبيل إعلان الاتفاق قد شهدت مصالحة سنية ـ شيعية برعاية الأمير شارك فيها بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة ورئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الدين الحريري ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، وهي أول مصالحة بين الحريري وحزب الله بعدما كانت سبقتها الاثنين، برعاية أمير قطر أيضاً، مصالحة بين بري والسنيورة ورئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون والحريري. ولم تنجح الجهود التي بذلت لمصالحة حزب الله مع رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، لكن جنبلاط تصافح ورعد أمس في فندق شيراتون الدوحة حيث انعقد مؤتمر الحوار.
وقال بري قبيل عودته «إن الساعات التالية لانتخاب الرئيس هي تأليف حكومة وحدة وطنية لأنها الاستحقاق الداهم».
وسئل بري هل يستعيد الاتفاق الثقة بين الأفرقاء اللبنانيين، فقال: «إذا أحسنّا العمل من الآن حتى موعد الانتخابات النيابية فسنعيد الثقة كاملة بين الأطراف، لكن ذلك يتطلب وقتاً وجهداً كبيرين». وأبدى ارتياحه إلى ما حصل، وقال «إن الظروف الأخيرة أوجبت هذه التسوية وكنا نتمنى أن نصل إلى تسوية أفضل على صعيد قانون الانتخاب». ونفى بري نفياً مطلقاً أن تكون مداولات اتفاق الدوحة قد تناولت شخصية رئيس الحكومة المقبل والوزراء والحقائب، وأشاد بأمير قطر قائلاً: «إنه لم ينقطع يومياً عن زيارة المتحاورين اللبنانيين في مقر إقامتهم وبذل جهود من أجل تسوية الأزمة، حتى إنه فور عودته فجر أمس من السعودية توجه فوراً إلى الفندق والتقى أركان الطرفين وبحث معهم في الاتفاق الذي تم التوصل إليه».
وتوالت أمس المواقف العربية والدوليّة المرحّبة بالاتفاق اللبناني الذي أبرم في الدوحة، وصدر أبرزها عن دمشق وطهران، اللتين شدّدتا على دعم الاتفاق، فيما رأت واشنطن أنه «لا ينهي الأزمة»، مطالبة بتطبيق بنوده المتعلّقة بالأمن.وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم إن سوريا «تدعم الاتفاق الذي من شأنه أن يضع حداً للأزمة السياسية في لبنان»، وقال: «إن بلاده تدعم كل ما يتوافق عليه اللبنانيون». وأعلنت وكالة الأنباء القطرية أن الرئيس السوري بشار الأسد اتصل بأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وهنّأه بالاتفاق الذي توصّل إليه الأفرقاء اللبنانيون.
ورحّبت إيران باتفاق الدوحة، وأشارت إلى أنها كانت قد كرّست كل إمكاناتها لإنجاح مؤتمر الحوار الوطني اللبناني.
وفي واشنطن، قال مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد ولش، في مؤتمر صحافي، «هذا تقدّم إيجابي وضروري». وشدد المسؤول الأميركي على أن اتفاق الدوحة يجب أن يوضع الآن موضع التنفيذ «بمجمله»، ولا سيما في بنوده المتعلّقة بالأمن. ورأى أن هذا الاتفاق «لا يمثّل نهاية الأزمة» اللبنانية، مشيراً إلى «وجوب أن يطبّق اللبنانيون هذا الاتفاق». وفي الرياض، قال سفير السعودية في لبنان، عبد العزيز خوجة، إن المملكة تؤيّد وتدعم الاتفاق الذي توصّل إليه الأفرقاء اللبنانيون، مضيفاً «نحن سعداء جداً بالتوصل إلى الاتفاق». وأكد أنه سيعود «قريباً إلى لبنان».
ـ صحيفة المستقبل:
جاء في بنود الاتفاق كما أعلنها الشيخ حمد بن جاسم "يدعو رئيس مجلس النواب اللبناني البرلمان الى الانعقاد خلال 24 ساعة لانتخاب المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان (...) تشكيل حكومة وحدة وطنية توزع على اساس 16 وزيرا للاكثرية و11 للمعارضة وثلاثة للرئيس. ويتعهد الاطراف عدم الاستقالة او اعاقة عمل الحكومة"، وأكد "تعهد جميع الاطراف عدم العودة الى استخدام السلاح والعنف بهدف تحقيق مكاسب سياسية، واطلاق الحوار حول تعزيز سلطات الدولة على كافة اراضيها وعلاقتها مع كافة التنظيمات على الساحة اللبنانية بما يضمن أمن الدولة والمواطنين".وبموجب الاتفاق، تعهد كل من الاكثرية والمعارضة "عدم الخروج عن عقد الشراكة (...) وحصر السلطة بيد الدولة بما يشكل ضمانا للعيش المشترك وتطبيق القانون واحترام سيادته"، وأعلن "التزام القيادات اللبنانية وقف استخدام لغة التخوين والتحريض المذهبي". وفي البنود ايضا "اعتماد القضاء دائرة انتخابية طبقا لقانون 1960 ويتم تقسيم بيروت كالاتي: الدائرة الاولى الاشرفية ـ الرميل ـ الصيفي، الدائرة الثانية الباشورة ـ المدور ـ المرفأ، الدائرة الثالثة ميناء الحصن ـ عين المريسة ـ المزرعة ـ المصيطبة ـ رأس بيروت".وذكّر الاتفاق بالبند الرابع من اتفاق بيروت الذي ينص على "الامتناع عن او العودة الى استخدام السلاح"، وأشار الى البند الخامس الذي ينص على ان ينطلق في الدوحة "حوار حول تعزيز سلطات الدولة اللبنانية على كافة اراضيها"، معتبراً أنه "بذلك تم اطلاق الحوار في الدوحة حول تعزيز سلطات الدولة طبقا للفقرة الخامسة من اتفاق بيروت عبر الاتفاق على حظر اللجوء الى استخدام السلاح او العنف او الاحتكام اليه فيما قد يطرأ من خلافات ايا كانت هذه الخلافات وتحت اي ظرف كان بما يضمن عدم الخروج على عقد الشراكة الوطنية"، ودعا الى "حصر السلطة الامنية والعسكرية على اللبنانيين والمقيمين بيد الدولة بما يشكل ضمانة لاستمرار صيغة العيش المشترك (..) وتطبيق القانون واحترام سيادة الدولة في كافة المناطق اللبنانية بحيث لا تكون هناك مناطق يلوذ اليها الفارون من وجه العدالة"، مشيرا الى ان الحوار حول هذه النقاط الحساسة "يستأنف برئاسة رئيس الجمهورية (...) وبمشاركة الجامعة العربية (..)".
وفور تلاوة الاتفاق، أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري من الدوحة رفع اعتصام المعارضة في وسط بيروت، فيما أعلن مستشار الرئيس فؤاد السنيورة محمد شطحح لوكالة "فرانس برس" ان "رئاسة الحكومة تبلغت من رئاسة مجلس النواب ان جلسة انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا ستعقد الاحد المقبل". وقد أعرب العماد سليمان عن سروره الكبير باتفاق الدوحة. وقال لوكالة "فرانس برس" أمس "انا مسرور جدا".
من جهته، اعتبر رئيس "تيار المستقبل" النائب سعد الحريري ان هذا الاتفاق "فتح صفحة جديدة رغم الجراح العميقة"، وأشار الى "اننا اليوم نفتح صفحة جديدة للمصالحة في تاريخ لبنان"، وقال "اننا مستعدون دائما لتقديم التضحيات من اجل لبنان ومن اجل ان يعيش جميع اللبنانيين معا". مضيفا "نريد في هذه اللحظة ان نتذكر الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكل التضحيات التي قدمها في سبيل لبنان وخصوصا في الاوقات الصعبة التي مر بها"، ومشدداً على "ان الحوار الذي سيشهده لبنان حول السلاح سيكون حوارا هادئا وليس هدفه التحدي بل هدفه بناء الدولة وبسط سيادتها وتدعيم الجيش وقوى الامن الداخلي (..)".
عربياً أيضاً، أعرب وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط عن ترحيب مصر الكبير بالاتفاق، واعتبر انه "ينهي أزمة معقدة كادت تعصف باستقرار لبنان لولا حكمة بعض السياسيين وسرعة التدخل العربي لاحتواء الموقف وحل الازمة من جذورها بما فتح بالفعل مرحلة جديدة هامة". وقال أن "مصر تشعر بالارتياح بشكل خاص لما تضمنهوتفاق الدوحة بشأن تعهد جميع الاطراف اللبنانية بعدم اللجوء مجددا الى استخدام السلاح لحسم أي نزاعات أو تحقيق مكاسب سياسية". وكان كل من الرئيس السنيورة والنائب الحريري أجريا اتصالات هاتفية بالرئيس المصري حسني مبارك والوزير أبو الغيط جرى خلالها عرض التطورات ونتائج حوار الدوحة. وفي باريس، اعتبر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في بيان صادر عن قصر الاليزيه ان اتفاق قطر "يشكل نجاحا كبيرا للبنان ولجميع اللبنانيين الذين لم تنقصهم يوما الشجاعة والصبر بالرغم من المحن التي مروا بها"، مشدداً على ضرورة "تنفيذه بالكامل لضمان نجاحه ووضع اسس مصالحة وطنية حقيقية"، وقال "ان الحوار الذي بدأ في الدوحة ينبغي مواصلته في لبنان (...)".
كما رحبت الولايات المتحدة بالاتفاق. وقالت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس "نعتبر هذا الاتفاق تقدما ايجابيا نحو حل الازمة الحالية بانتخاب رئيس، وتشكيل حكومة جديدة واصدار قانون انتخابي جديد انسجاما مع مبادرة الجامعة العربية". الاتفاق رحب به الاتحاد الاوروبي واعتبره "شجاعا"، ودعا "كل الاطراف الى بذل كل ما في وسعهم من اجل تطبيق كل بنوده، بدءا بانتخاب الرئيس في اسرع وقت ممكن، بنية حسنة وبكل شفافية".
وفي نيويورك، اشاد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بالاتفاق. وجاء في بيان عن مكتبه الصحافي: "ان الامين العام يشيد بهذا الاتفاق الهام اليوم بين القادة السياسيين في لبنان.. انه يأمل في ان يمثل هذا الاتفاق مقدمة لفترة دائمة من المصالحة الوطنية والاستقرار السياسي والسلم والتقدم لكافة اللبنانيين ولمستقبل بلادهم".
كما اعرب بان عن ارتياحه "للانتخاب القريب لرئيس لبناني جديد ولتشكيل حكومة وحدة وطنية".
ـ صحيفة الحياة:
علمت «الحياة» ان من أبرز هذه الاتصالات واللقاءات: - الاتصالات الهاتفية التي أجراها أمير قطر مع كل من القيادتين الإيرانية والسورية والتي استتبعها رئيس وزرائه باتصالات مع وزيري خارجية البلدين منوشهر متقي ووليد المعلم، إضافة الى اتصال أجري بين الشيخ حمد بن جاسم والأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله بعد ظهر أول من أمس. ومارس الجانب القطري ضغطاً وإلحاحاً كبيرين على دمشق وطهران، لم يخلُ من التشدد في التخاطب الى درجة أن متقي اضطر لأن يقول لحمد بن جاسم رداً على تذمر الأخير من «عدم تسهيل حلفاء طهران للحلول»: «نحن وإياكم أصدقاء». فرد حمد بن جاسم: «نريد أن تترجَم الصداقة مواقف عملية». كما ان الجانب القطري رفض طلب الجانب السوري ونصرالله تمديد المهلة التي وضعتها اللجنة الوزارية العربية حتى ظهر أمس للتوصل الى اتفاق، وقالت مصادر مطلعة لـ «الحياة» ان أمير قطر عاد مساء أول من أمس من القمة الخليجية التشاورية في الدمام فوراً الى فندق «شيراتون» متسلحاً بدعم سعودي كامل لجهود الدوحة.
- ولعب بعض أعضاء اللجنة الوزارية، دوراً خصوصاً الذين يعرفون لبنان عن كثب، مثل مدير الشؤون السياسية في الخارجية المغربية السفير محمد الازروال الذي كان معاوناً للأخضر الإبراهيمي وزير الخارجية الجزائري السابق في 1989 في الجهود التي انتهت الى اتفاق الطائف، وكان بين الذين شجعوا على وضع سقف زمني يكون عنصراً ضاغطاً على الفرقاء اللبنانيين كي يتوصلوا الى الاتفاق.
- لقاءات الساعات الأخيرة بين فريقي النزاع حيث أجمعت مصادر المعارضة والأكثرية على الإقرار بأن انضمام الوزير محمد فنيش (حزب الله) الى اللجنة التي أنجزت الاتفاق على تقسيم دوائر بيروت بناء لاقتراح وإلحاح الرئيس بري، لعب دوراً مؤثراً في إخراج الاتفاق. ودعا فنيش الى مراعاة وجهة نظر رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري في ما يخص دوائر بيروت، كما ان بري تدخل لدى رئيس «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون لمطالبته بتليين موقفه، فضلاً عن أن نائب رئيس الحكومة السابق النائب ميشال المر كان يتنقل بين الحريري وبري بتشجيع ودعم من رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط للتوصل الى الجامع المشترك في شأن قانون الانتخاب.
الى ذلك، نُقل عن بري قوله أمام زواره في الدوحة: «لم نتحدث في مسألة من سيكون رئيس الحكومة المقبلة أو في توزيع الحقائب الوزارية»، مذكراً بما تم تداوله سابقاً عن «وزير داخلية حيادي» يشرف على إجراء الانتخابات النيابية المقبلة. وقال بري أمام زواره: «إذا اختارت الأكثرية الرئيس السنيورة رئيساً للحكومة المقبلة فسأحترم هذا الخيار انطلاقاً من احترام الدستور، وآمل أن لا تبقى الفروقات بين معارضة وموالاة في المستقبل». وتوقع بري أن تبدأ الاستشارات لتشكيل الحكومة بسرعة «وربما الثلثاء»، لكنه قال: «هذا يعود الى رئيس الجمهورية». وأشار الى دور جنبلاط الإيجابي في «التقريب» بين المتحاورين، وقال: «هذه التسوية مفيدة للبلد وليست لأحد مصلحة في تخريبها، وبمقدار ما نتمكن من تطويرها وردم الهوة، نستعيد الثقة ببلدنا وبأنفسنا، وليست المسألة «مسحة رسول» ولكن توافر الإرادة يجعلنا ننجح». وشدد على «سحب اسم الطائفية من دون المس بالطوائف» من أجل إعادة بناء لبنان.
وأعرب العماد سليمان عن سروره الكبير باتفاق الدوحة. وعلمت «الحياة» أن قائد الجيش اتصل بالرئيس بري مباركاً ومثنياً على جهوده وجهود بقية القيادات اللبنانية في الدوحة، وقال له بري ممازحاً: «نريد الأحد بزة غير عسكرية»! وفي اتصال بين الحريري وسليمان بادر الأول قائد الجيش قائلاً: «أهلاً بفخامة الرئيس».
وعلمت «الحياة» أن خوجة أجرى اتصالات بالقيادات اللبنانية في الدوحة مهنئاً بالاتفاق، وناقلاً إليها تهاني خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز. (...) وقال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط إن «الاتفاق ينهي أزمة معقدة كادت أن تعصف باستقرار لبنان لولا حكمة بعض السياسيين اللبنانيين وسرعة التدخل العربي لاحتواء الموقف».وأجرى الرئيس السوري بشار الأسد اتصالاً بأمير قطر وهنأه بالاتفاق الذي «أسفر عنه الحوار الوطني اللبناني الذي عقد في الدوحة». وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم أكد من المنامة أن حكومته تدعم الاتفاق.كما رحب بالاتفاق الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبدالرحمن العطية والامين اعلام لمنظمة المؤتمر الإسلامي اكمل الدين احسان اوغلو.
واعتبر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في بيان أصدره قصر الاليزيه أن الاتفاق يشكل «نجاحاً كبيراً للبنان» وينبغي «تنفيذه بالكامل». وأكد «ان فرنسا التي بذلت كثيراً من الجهود في إطار السعي الى إيجاد حل للأزمة اللبنانية لم تكف عن دعم العملية التي سمحت بالتوصل الى هذا الاتفاق».ووصف الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا الاتفاق بأنه «خطوة شجاعة». وأكد دعم الاتحاد للبنان «أكثر من أي وقت مضى» والتمسك بسيادته واستقلاله. كما رحبت روسيا بالاتفاق، وقال الناطق باسم الخارجية بالوكالة بوريس مالاخوف إن «من الضروري الانتقال الى ترجمة الاتفاق بكل جوانبه الى الواقع العملي من دون إضاعة الوقت وبروح التعاون البنّاء».
الى ذلك، أعلن الناطق باسم الخارجية الإيرانية محمد علي حسيني، أن بلاده ترحب بـ «اتفاق الأطراف اللبنانيين على حل الأزمة السياسية في البلاد وتهنئهم، واللجنة الوزارية في الجامعة العربية وحكومة قطر». وأضاف: «تتمنى الجمهورية الإسلامية في إيران أن يؤدي اتفاق الدوحة الى مستقبل باهر للشعب اللبناني ويشكل مرحلة أولى لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلة» من إسرائيل.
واعتبر ديفيد ولش مساعد رايس، في ايجاز صحافي حضرته «الحياة» أن واشنطن ترحب باتفاق الدوحة وترى فيه «تطورا ايجابيا وضروريا « لوقف تدهور الأمور في لبنان الذي «كان على وشك أن يولد تهديدا اقليميا بتحريض من ايران وسورية». واعتبر أن «الأزمة لم تنته وأن التحدي هو في تطبيق الاتفاق»، مشيرا الى أن واشنطن «تود أن ترى اتفاق الدوحة يطبق برمته» منوها بالبنود «المتعلقة بالجانب الأمني». ولفت الى أن الجانب الأميركي «يعي مدى صعوبة نزع سلاح حزب الله»، وأن هذا الأمر «قد يأخذ وقتا».
ولم يبد ولش تحفظات عن اعطاء المعارضة الثلث المعطل في الحكومة، مبررا ذلك بالنمط «التقليدي التوافقي» الذي يحكم السياسة في لبنان، ولأن الحكومة نجحت قبل استقالة الوزراء الشيعة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006 من «التعايش مع هكذا واقع وتمرير أكثر من 4000 قرار»، بموافقة من وزراء المعارضة. لكن مصادر قريبة الى البيت الأبيض أكدت لـ»الحياة» أن واشنطن طرحت علامات استفهام حول خطوة 14 آذار باعطاء الثلث المعطل لمعارضة، وطلبت ايضاحات في هذا الشأن.وأبدى ولش شكوكا حول الدورين الايراني والسوري في لبنان، بقوله «على ما يبدو أنهما دعما الاتفاق وربما يستطيعان القيام بدور أكثر بناء في لبنان، انما هذا سيكون أمرا مفاجئا بالنسبة الينا والعبرة تبقى في النتائج». واضاف أن اتفاق الدوحة «رغم أنه ليس الحل المثالي» يظل «أحسن الحلول وأفضل البدائل» اذ أنه «أوقفت العنف والتهديد الاقليمي الذي أطلقه حزب الله بتحريض من ايران وسورية» في الخامس من أيار (مايو).
وتطرق ولش الى لقاء الكاردينال نصرالله بطرس صفير الرئيس جورج بوش في البيت الابيض أمس، والذي تناول «مستقبل لبنان والموقف من اقتراب نهاية الفراغ الرئاسي وانتخاب ميشال سليمان رئيسا للجمهورية» وطريقة تعامل صفير مع هذا الأمر و»تأثيره على رعيته» والطبقة السياسية المارونية.الى ذلك أكد مسؤول أميركي رفيع المستوى أن ما حصل في الدوحة هو «انتكاسة لسورية وايران» لأسباب عدة أبرزها، «فشل سورية في ايصال مرشحها النائب ميشال عون الى الرئاسة»، ولأن «ميشال سليمان هو مرشح الاجماع وليس مرشحا سوريا». وأشار الى تحول في الشارع اللبناني والعربي ضد «حزب الله» بسبب تصرفاته الأخيرة. ولاحظ أن «الدور العربي تغير في المنطقة وأن دمشق ليست في مركز القيادة على الاطلاق»، وأنه رغم «الانتصار التكتيكي الذي حققه حزب الله في الشارع، تأذت صورته السياسية بشكل كبير»
ـ صحيفة اللواء:
في حديث الى محطة "العربية" في الدوحة، وصف الحريري الاتفاق "بالتسوية المشرّفة" وقال: "إن خادم الحرمين الشريفين كان على علم بما يحصل ومشجعاً لأي اتفاق يتوصل إليه اللبنانيون"، لافتاً الى أن المفاوضات كانت صعبة، مشدداً على أن الحوار الذي سيشهده لبنان حول السلاح سيكون حواراً هادئاً وليس هدفه التحدي بل بناء الدولة وبسط سيادتها وتدعيم الجيش وقوى الأمن الداخلي•أما الرئيس أمين الجميّل، فقد اكتفى بالقول: "سأقول مبروك عند التنفيذ"، مشيراً الى أنه تم فتح صفحة جديدة نتمنى أن تكون مشرقة، وأنه مطمئن الى الشق المتعلق بالسلاح