ـ صحيفة الأخبار:
في يوم احتفالي شهد حضوراً غير مسبوق لممثّلي جميع الدول العربية يتقدمهم أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، وعدد كبير من العواصم الخارجية ومندوبين عن منظمات عربية ودولية، جرت امس الانتخابات الرئاسية خلال نصف ساعة، وتقدم عدد من النواب بآراء تتصل بآلية تعديل الدستور، قبل أن يتم التصويت الذي تلاه أداء الرئيس سليمان للقسم وإلقاء خطاب بدا وفقاً لأحد المراقبين &laqascii117o;متواضعاً في الآمال والطموحات" و&laqascii117o;عامّاً في تناول القضايا الخلافية"، وأظهر &laqascii117o;تفهّم الرئيس الجديد لطبيعة التفاهم الداخلي والخارجي الذي أوصله، فحرص على إبقاء الخطوط مفتوحة مع الجميع في الداخل والخارج". وبدت كلمة أمير قطر أكثر صراحة في حديثه عن &laqascii117o;مسؤولية اللبنانيين" في معالجة الأسباب الكاملة لخلافاتهم، لافتاً الى أن المخاطر في العالم العربي &laqascii117o;لم تعد تسمح بأطراف يتجدّد الخلاف بينها بين وقت وآخر، فالآن هناك مصير أوطان على المحك، فأمن الأوطان لا خلاف الأطراف هو الأساس".
بدوره، دعا الرئيس نبيه بري العرب الى تسوية خلافاتهم التي قامت بسبب الأزمة اللبنانية، ودافع عن موقفه وموقع المجلس النيابي خلال الفترة الماضية، قائلاً إن المجلس لم يكن مخطوفاً ولم يكن مغلق الأبواب، وكان اختيارنا دائماً احترام الدستور والنظام. وأشار الى وجود نقطة أخيرة تتطلب نقاشاً وحواراً عاماً تتعلق بالاستراتيجية الدفاعية للبنان.
بعد ذلك، انتقل الرئيسان سليمان وبرّي الى مجمّع &laqascii117o;البيال" حيث وافاهما أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وتناول الجميع العشاء الذي شارك فيه أعضاء الوفود المشاركة في جلستي الانتخاب والقسم، وأفرقاء مؤتمر الحوار الوطني، إضافة الى شخصيات رسمية وسياسية وروحية. وكان اللافت في عشاء البيال تقدُّم النائب وليد جنبلاط من وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي والسفير في لبنان محمد رضا شيباني وتحادثه معهما لبعض الوقت معتذراً عن تصريحاته ضد إيران وتلك الداعية الى طرد السفير من بيروت. أمّا النائب سعد الدين الحريري فحرص على التوجه الى طاولة جلس إليها نواب من حزب الله وصافحهم فرداً فرداً، فيما كان السفير السعودي عبد العزيز خوجة يدخل في حوار طويل مع نائب حزب الله حسن فضل الله، قبل أن يغرق وزير خارجية إيران في حديث مع المفتي محمد رشيد قباني وشيخ عقل الدروز نعيم حسن. وكان المشهد لافتاً الى حدود أن جنبلاط بادر الى القول للرئيس بري: الشيخان يتحدّثان الفارسية.
لكن لقاء البيال شهد أيضاً مداولات جانبية تتعلق بالتركيبة الحكومية. ونفت مصادر قطرية المعلومات التي سرت عن احتمال بقاء رئيس حكومة قطر حمد بن جاسم في بيروت للمساعدة في تذليل أي عقبات يمكن أن تظهر، علماً بأن الجميع كان يهتم بالسؤال عن الموقف النهائي للنائب الحريري. وتراوحت معلومات كثيرين بين القول إنه راغب في تولي المنصب لحاجته وتياره إليه، وبين قائل بأن السعودية ومعها الولايات المتحدة تؤيدان بقاء الرئيس فؤاد السنيورة في سدّة رئاسة الحكومة، علماً بأن القرار النهائي يفترض أن يتخذ اليوم، وسوف يكون له أثره على تركيبة الحكومة والترشيحات فيها. وقال مصدر في المعارضة إنه إذا رشح السنيورة، فإن قوى المعارضة لن تقف حجر عثرة لكنها لن ترشحه، بينما هناك احتمال قوي جداً بأن تؤيّد المعارضة تولي الحريري للمسؤولية، لو قرر الأخير ذلك. والجميع يفترض أن من يدعم فكرة بقاء السنيورة إنما يريد القول إن المعارضة هزمت في معركة إبعاده. لكن يبدو أنّ للأمر تبعات حتى على مستوى تسمية الشخصيات التي سوف ترشحها المعارضة لتولي المناصب الحكومية.
أما على صعيد التشكيلة الحكومية، فإن ما برز حتى الآن هو النقاش داخل فريق 14 آذار حول حصة فريقها المسيحي، حيث يطالب قائد القوات اللبنانية بثلاثة مقاعد لمواجهة العماد ميشال عون الذي سيحظى بخمسة من 11 وزيراً للمعارضة. وفي الوقت عينه، يطالب الرئيس أمين الجميّل ومجموعة &laqascii117o;قرنة شهوان" بثلاثة مقاعد أيضاً لمواجهة متطلبات الحملة الانتخابية، وهو ما أظهر حاجتهم الى حقائب خدمات. ويجري الحوار مع النائب جنبلاط الذي لا يمانع أن يتولى الوزير السابق طلال ارسلان منصباً وزارياً، ولكن الموالاة لا تريد أن يكون تمثيل أرسلان من حصة الأغلبية.
وفي جانب المعارضة، يبدو أن العماد عون يتّجه الى تسمية وزراء من خارج الكتلة النيابية وفق مبدأ الفصل بين النيابة والوزارة. ولا يزال حزب اللّه يفضّل أن يتخلّى عن قسم من حصته الوزارية لمصلحة حلفائه في المعارضة، وخصوصاً السنّة منهم. أما الرئيس بري فهو يناقش أهمية أن تبقى للشيعة وزارات أساسية كالتي كانت معهم سابقاً. أمّا من جانب الرئيس سليمان، فإن الصورة لم تتضح بعد، وهناك تداول بعدد كبير من الأسماء. لكن الأكيد أن المعارضة أبلغته بأنها لن تتحفظ على تسميته الوزير الحالي الياس المر أو والده النائب ميشال كجزء من حصته، ولكنها لن تقبل أن يتولى أي منهما حقيبة الداخلية. وتبيّن أن هناك اتفاقاً على أن يسمّي الرئيس سليمان وزير الداخلية شرط أن يكون حيادياً وغير مرشّح للانتخابات النيابية، وأن يكون ذلك بالتوافق مع فريقي الموالاة والمعارضة.
في هذه الأثناء، كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يتابع مع قيادة الحزب مناقشة الخطوط العامة للخطاب الذي سيلقيه غروب اليوم في احتفال الحزب بعيد المقاومة والتحرير. وهو الخطاب الأوّل له بعد التطوّرات الاخيرة. ويبدو أن نصر الله سوف يكون مشغولاً في التركيز على ما &laqascii117o;يلمّ الوضع الداخلي" ويتوجّه بصورة واضحة الى الشارع السنّي في لبنان والعالم العربي. كما ستكون له سلسلة من المواقف في ما خص تيار المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق.
ـ صحيفة السفير:
ما كان ناقصا في مجلس النواب اكتمل في العشاء التكريمي الذي اقامه رئيس مجلس النواب نبيه بري، مساء أمس، في &laqascii117o;البيال"، على شرف أمير قطر، حيث حضر قادة الموالاة، واكتمل عقد المعارضة بمن في ذلك الرئيس عمر كرامي وأركان &laqascii117o;اللقاء الوطني" والوزير السابق سليمان فرنجية، بالاضافة الى كتلة الوفاء للمقاومة والعماد ميشال عون وأعضاء كتلته، فيما غاب وزراء خارجية السعودية ومصر وسوريا الذين غادروا بيروت نظرا لارتباطات سابقة. وبعدما أمضى رئيس الجمهورية آخر ليلة في منزله العسكري في الفياضية، من المقرر أن ينتقل رسميا اليوم الى القصر الجمهوري عند الثانية عشرة ظهرا، على أن يشارك قبل ذلك، في مراسم وداع أمير قطر في مطار بيروت، الى جانب رئيسي المجلس والحكومة، وبعد ذلك، يستقبل وزير خارجية ايران منوشهر متكي الذي سيكون أول زائر رسمي للقصر الجمهوري في عهد ميشال سليمان.
وبينما أعطيت تفسيرات كثيرة، من جانب الموالاة، لمغادرة الوزير السوري وليد المعلم سريعا لبيروت، بعد جلسة أداء القسم، فإن مصادر متابعة للزيارة قالت لـ&laqascii117o;السفير" ان المعلم أبلغ مستقبليه اللبنانيين اعتذاره عن تمضية ليلته في بيروت (كان قد حجز له مبدئيا) وذلك بسبب ارتباطه بموعد مفاجئ في مطار دمشق مع وزير خارجية اسبانيا ميغيل انخيل موراتينوس، وهو اللقاء الذي عقد ليلا على مدى تسعين دقيقة وأعرب خلاله الأخير عن تقديره لدور سوريا البناء في المساعدة على تحقيق التوافق اللبناني، كما نوه بالدور السوري &laqascii117o;البناء جدا" في المنطقة.
ومن المقرر أن يجتمع عمرو موسى اليوم بالرئيس السوري بشار الأسد ونائبه فاروق الشرع والوزير المعلم، فيما كشفت مصادر دبلوماسية عربية في العاصمة المصرية لـ&laqascii117o;السفير" أن الجانب المصري، قرر على خلفية التطورات الايجابية الأخيرة في لبنان، أن يتحرك بسرعة، على خط العلاقات السعودية السورية، وقالت ان رسائل غير مباشرة تم تبادلها بين الجانبين في الآونة الأخيرة ولم تستبعد احتمال قيام الوزير المصري عمر سليمان بزيارة قريبة الى العاصمة السورية. وألمح رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني الى أن الدوحة تقوم بمسعى جدي أيضا على خط اعادة تطبيع العلاقات بين دمشق والرياض. وجاء اللقاء الذي عقد، امس، في مجلس النواب اللبناني، بين وزيري الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل والايراني منوشهر متكي، في مكتب الأمين العام للمجلس عدنان ضاهر، بناء على ترتيب مسبق، ليعطي اشارة اضافية حول منحى عام لاعادة ترتيب العلاقات الاقليمية وخاصة بين طهران والرياض اللتين واجهتا ما يشبه القطيعة خلال شهر مضى، كذلك بين الرياض ودمشق، اللتين انتقلتا بعد زيارة الفيصل السرية الى دمشق (كشفت عنها &laqascii117o;السفير" في حينها) من مرحلة التوتر الى المواجهة الدبلوماسية. وقالت مصادر تابعت مجريات اللقاء بين متكي والفيصل أن الجزء الاقليمي استحوذ على معظمها، وقالت ان الجانبين اتفقا على استمرار التواصل بينهما، وأشارت الى أن الخلوة بين الوزيرين بدأت موسعة بحضور السفيرين عبد العزيز خوجة ومحمد رضا شيباني، ثم تحولت الى لقاء ثنائي مغلق، خرج بعده الوزيران وعلامات الارتياح بادية على محياهما، وخاصة الفيصل الذي دخل لوداع الرئيسين ميشال سليمان ونبيه بري في مكتبه بينما كان مجتمعا بوزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط ورئيس مجلس الشعب المصري فتحي سرور. وقال بري انه يأمل أن يشكل الوفاق اللبناني مدخلا للتوافق السوري السعودي الذي من شأنه تحصين اتفاق الدوحة. وبينما راجت معلومات في بيروت أن لقاء الفيصل ومتكي، تطرق الى موضوع رئاسة الحكومة اللبنانية في المرحلة المقبلة، فان الأوساط اللبنانية التي اطلعت على مضمون اللقاء، نفت ذلك بشدة، وقالت لـ&laqascii117o;السفير" ان مسألة رئاسة الحكومة لم تحسم بعد وإن الترشيحات تقتصر على أحد اسمين لا ثالث لهما (سعد الحريري وفؤاد السنيورة)، لكن لكل اسم شروطه الداخلية والخارجية، ولذلك من الأفضل القول ان اسم الحريري مطروح جديا لكن الأمور لن تحسم، الا هذه الليلة، اذا إن من سيشاركون في استشارات التكليف، غدا، سيقدمون اسما متفقا عليه. وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس، لم تكن قوى الموالاة، قد توافقت على موعد اجتماع موسع لاركانها في قريطم من أجل اتخاذ موقف موحد من التسمية.
يذكر أن القصر الجمهوري قد حدد مواعيد للنواب حتى ظهر يوم الأربعاء المقبل، ما يعني أن استشارات التأليف لن تبدأ الا يوم الخميس وتستمر حتى مساء الجمعة، على أن تبدأ ملامح الحكومة بالتبلور في نهاية الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، لتبدأ بعد ذلك عملية اعداد البيان الوزاري الذي سيكون في جزء كبير من بنوده متكئا على بنود اتفاق الدوحة. وعلمت &laqascii117o;السفير" ان الجانب القطري، على هامش جلستي مجلس النواب وكذلك على هامش عشاء &laqascii117o;البيال"، قام بعملية جس نبض لقضية التأليف الحكومي، حتى أن أمير قطر تحدث علنا أمام عدد من قادة الموالاة والمعارضة بما في ذلك خلال زيارته ليلا للنائب الحريري في قريطم، حول وجوب تسريع عملية التأليف الحكومي، وأعطى تعليمات لرئيس الحكومة بأن يتابع هذا الملف حتى يبلغ خواتيمه السريعة. وقالت مصادر المعارضة لـ&laqascii117o;السفير" ان التأليف لن يكون صعبا لأن الحصص واضحة، وربما هناك أمر وحيد عالق، هو ما اذا كان النائب الحريري يرغب بتوزير شيعي من ضمن حصة الموالاة (16)، &laqascii117o;وذلك أمر سيكون في مصلحة المعارضة التي ترغب أيضا بأن يكون هناك وزير سني بين الـ 11 وزيرا للمعارضة". وقالت المصادر انه اذا كان أمر حقيبة الداخلية محسوما لمصلحة رئيس الجمهورية، فان المعارضة والموالاة ستتقاسمان حقائب الخارجية والمالية والدفاع والعدلية (اثنتين لكل جهة).في هذا السياق، علم أن &laqascii117o;تكتل التغيير والاصلاح" حسم أمر مرشحيه وهم على الشكل الآتي: جبران باسيل ونبيل نقولا (عن مقعدين مارونيين)، اللواء عصام أبو جمرة (عن أحد المقاعد الأرثوذكسية)، هاغوب بقرادونيان (المقعد الأرمني)، ايلي سكاف (عن المقعد الكاثوليكي.) وتردد أن رئيس الجمهورية يتصرف على أساس تسمية ثلاثة وزراء، هم ماروني (الأرجحية لأحد النائبين السابقين ناظم الخوري ومنصور غانم البون)، أرثوذكسي (آل المر)، كاثوليكي.
أما &laqascii117o;حزب الله" وحركة &laqascii117o;امل" فقد حسما أيضا والى حد كبير أسماء الوزراء الذين سيمثلون الطرفين في الحكومة، حيث ستكون هناك تعديلات طفيفة، خاصة في ما يتصل بالحقيبة السيادية الشيعية. من جهة الموالاة، فإن نصيبها سيكون موزعا على الشكل الآتي: ستة مقاعد سنية، بينها مقعدان لكل من الوزير محمد الصفدي والوزير خالد قباني، ثلاثة مقاعد مارونية (واحد منها للقوات والثاني للكتائب والثالث لأحد ممثلي قرنة شهوان)، ثلاثة مقاعد درزية، من حصة النائب وليد جنبلاط الذي يتجه لترشيح النائب وائل أبو فاعور بالاضافة الى كل من غازي العريضي ومروان حمادة، علما بأنه ترددت شائعات أن اسم الأخير لم يحسم حتى الآن، بالاضافة الى وزيرين أرثوذكسيين ووزير كاثوليكي (ميشال فرعون) ووزير من الأقليات أو الأرمن. الى ذلك، تلقى الرئيس ميشال سليمان، أمس، أول دعوة رسمية لزيارة بلد عربي من الرئيس المصري حسني مبارك، سلمها له وزير الخارجية أحمد أبو الغيط، ووعده بتلبيتها في أقرب فرصة ممكنة، كما تلقى سليمان اتصالات تهنئة أولها من نظيره السوري بشار الأسد وثانيها من الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد وثالثها من الزعيم الليبي معمر القذافي. وعلـــمت &laqascii117o;السفير" ان رئيس الجمهورية وفور انجاز عملية تأليف الحكومة ونيلها ثقة مجـــلس النواب سيبدأ جولة عربية هي الأولى له خارج لبنان، تبدأ من دولة قطـــر وتشـــمل عواصم عربية عدة أبرزها حتى الآن، المـملكة العربية السعودية وســـوريا ومصــر والامارات العربية المتحـــدة. الى ذلك، من المقرر أن يلقي الأمين العام لـ&laqascii117o;حزب الله" السيد حسن نصر الله، خطابا سياسيا شاملا، في احتفال يقام مساء اليوم، في الضاحية الجنوبية في الذكرى الثامنة للتحرير من الاحتلال الاسرائيلي، يتطرق فيه الى المستجدات الداخلية ما بعد اتفاق الدوحة وانتخاب العماد سليمان. وقالت مصادر قيادية في المعارضة إن خطاب نصر الله سيتضمن إشارات واضحة إزاء سياسة الأبواب المفتوحة على مصراعيها بين السيد نصر الله والنائب الحريري، وذلك بعد انتفاء الأسباب التي كانت تحول دون عقد لقاء بين الطرفين طيلة المرحلة التي أعقبت اندلاع حرب تموز.
ـ صحيفة النهار:
أطل الرئيس سليمان في صورته السياسية الاولى عبر خطاب القسم ليثبت تكرارا ان 'التوازن' هي الكلمة التي ستختصر توجهاته وعهده في الولاية الرئاسية الجديدة، حتى ان هذا الخطاب بدا بمثابة تقديم الرئيس سليمان نفسه ضمانا للقوة السياسية التي ستشاركه في الحكم. وإذ حرص الرئيس المنتخب على طبع خطاب القسم بمبادىء حكمه متجنبا 'الاغراق في الوعود' ومشددا على 'مقاربة الواقع وميادينه المختلفة بامكاناتنا'، دعا الى ان 'نتحد ونتضامن ونسير معا نحو مصالحة راسخة لزرع الامل لدى أبنائنا ونطلق مبادرات ابداعية شجاعة لتحقيق ذلك'. وبرزت سمات التوازن في خطابه في تشديده على 'تحقيق التوازن المطلوب بين الصلاحيات والمسؤوليات' بما يمكن رئاسة الجمهورية من 'تأدية الدور المنوط بها'. وأعلن ان 'لبنان اختار السير في ما اتفق عليه في الطائف وهو مدعو الى حماية هذا الخيار والعمل على ترسيخه'. وانتقد 'الخطاب السياسي' الذي 'يرتكز على لغة التخوين والاتهامات المتبادلة'، داعيا الى 'تحصين الوطن والعيش الواحد عبر التلاقي ضمن ثقافة الحوار وليس بجعله ساحة للصراعات'. وفي القضايا التي شكلت محاور الصراعات السياسية شدد الرئيس المنتخب على 'التزامنا مواثيق الامم المتحدة واحترامنا لقراراتها'، مؤكدا 'مساهمتنا في قيام المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وما تلا من اغتيالات'. كما تناول قضية المقاومة مشيرا الى 'التفاف الشعب حولها واحتضان الدولة كيانا وجيشا لها'، ودعا الى 'استراتيجية دفاعية تحمي الوطن متلازمة مع حوار هادىء للافادة من طاقات المقاومة خدمة لهذه الاستراتيجية فلا تستهلك انجازاتها في صراعات داخلية'.اما في العلاقة مع سوريا فقال 'اننا ننظر بشدة الى أخوة في العلاقات بين لبنان وسوريا ضمن الاحترام المتبادل لسيادة كل بلد وحدوده وعلاقات ديبلوماسية تعود بالخير على كل منهما والعبرة هي في حسن المتابعة لعلاقات ندّية خالية من أي شوائب اعترتها سابقا'.
ويشار الى ان جلسة انتخاب العماد سليمان رئيساً للجمهورية شهدت جملة مفارقات وسوابق. فهي المرة الأولى يلقي رئيس دولة عربية أو اجنبية كلمة في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية. وقد كانت لأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، راعي اتفاق الدوحة، كلمة تميزت باعتباره ان هذا الاتفاق 'شكل خروجاً على قاعدة لا غالب ولا مغلوب'، معتبراً 'ان الغالب هو لبنان والمغلوب هو الفتنة'.كما ان حشد الضيوف الدوليين والعرب عاين في بداية جلسة الانتخاب اشكالاً دستورياً تمثل في اعتراض النائب بطرس حرب أولاً على عدم تعديل الدستور لانتخاب العماد سليمان، رافضاً اتباع آلية انتخابه. ولم يستجب رئيس مجلس النواب نبيه بري لاقتراح قدمه الرئيس حسين الحسيني باجماع الحكومة الماثلة في الجلسة في قاعة مقابلة لتولي تقديم اقتراح تعديل الدستور، كما انضمت الوزيرة نايلة معوض والنائب جورج عدوان الى تسجيل تحفظهما عن الآلية باسم نواب زغرتا و'القوات اللبنانية'. ونال الرئيس سليمان 118 صوتاً، وهو عدد مواز تماماً لعدد الاصوات التي نالها الرئيس اميل لحود لدى انتخابه، فيما وجدت ست اوراق بيض وثلاث اوراق حملت اسماء النائبين السابقين نسيب لحود وجان عبيد والرئيس 'رفيق الحريري والنواب الشهداء'. واعتبر الرئيس بري في كلمته ان جلسة الانتخاب 'تشكل تتويجاً لوفاقنا الوطني الذي تحقق نتيجة لاقتناع ولرغبة ولمصلحة ولضرورة لبنانية وعربية مشتركة بان الوفاق هو طريق الخلاص'. وعقب تلقيه التهاني في مكتب رئيس المجلس، عقد الرئيس سليمان سلسلة لقاءات مع عدد من رؤساء الوفود ووزراء الخارجية، فيما صدر قراره الأول باعتبار الحكومة مستقيلة والطلب منها الاستمرار في تصريف الاعمال ريثما تؤلف حكومة جديدة.وتقرر مساء أمس تأخير اجراء مراسم استقبال الرئيس الجديد في قصر بعبدا حتى الثانية عشرة ظهر اليوم بعد مشاركة الرئيس سليمان في وداع امير قطر في مطار بيروت قبل الظهر. وكان الامير زار قريطم ليل أمس عقب المأدبة التكريمية التي اقامها الرئيس بري على شرفه في مجمع 'البيال'، ورافقه الى قريطم رئيس الوزراء القطري ووزير الخارحية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني.وتلقى الرئيس سليمان ليلاً اتصالاً هاتفياً من الرئيس السوري بشار الاسد هنأه فيه بانتخابه 'منوهاً بما أعلنه في خطاب القسم' ومعرباً عن 'استعداد سوريا لمساعدة لبنان'. وشكر له الرئيس سليمان تهنئته مشدداً على 'العلاقات الاخوية التي تربط البلدين الشقيقين'.كما تلقى اتصالات مماثلة من عدد من الزعماء ورؤساء الدول، منها اتصال من الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي وآخر من الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد.ومن أبرز ردود الفعل على انتخاب سليمان تهنئة الرئيس الاميركي جورج بوش للرئيس الجديد معتبراً ان 'لبنان اختار رئيساً ملتزماً سيادته ومد سلطة الحكومة فوق كل الاراضي اللبنانية ودعم التزامات لبنان الدولية بموجب قرارات مجلس الأمن ومنها القرارا ت 1559 و1701 و1757'. وأعرب عن تطلعه الى العمل مع الرئيس سليمان لتحقيق قيمنا المشتركة في الحرية والاستقلال'.
ـ صحيفة المستقبل:
مع هذا التبشير بعهد سيادي، يشكل خطاب القسم ليس فقط نهاية للفراغ في سدّة الرئاسة الأولى، إنما أيضاً نهاية لعهد لحود وخطاب قسمه الشهير الذي وعد بقطع اليد التي تسرق، فسادَ الفسادُ، فيما وعد سليمان بواقعية المسؤول بورشة عمل لإصلاح 'أوضاعنا السياسية والإدارية والاقتصادية والأمنية وبتعزيز هيئات الرقابة' ليعاد البناء المتين للدولة. (...) واقترع احد النواب للنائب السابق نسيب لحود، واقترع النائب باسم السبع للرئيس الشهيد رفيق الحريري والنواب الشهداء، فيما اقترع ستة نواب بورقة بيضاء ونائب واحد اقترع للنائب السابق جان عبيد. واستكمل الحضور العربي قبيل جلسة أداء القسم بوصول أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى المجلس النيابي.