تحقيقات » انقسام في الإعلام الإيطالي حول رحمة إسرائيل

وليد حسين
ap_300

&laqascii117o;فلنتوقّف عن استخدام صور الأطفال ضدّ إسرائيل". هكذا عنون الصحافي والكاتب الايطالي فابريتسيو روندولينو مقاله في صحيفة &laqascii117o;أوروبا"، مطالباً الصحف الايطالية بعدم استخدام صور الحرب على غزة، &laqascii117o;لأنها تساهم في تشويه سمعة إسرائيل في ايطاليا وفي الغرب".
على المقلب الآخر، استشهد مراسل وكالة &laqascii117o;أسوشييتد برس" الايطالي سيموني كاميللي (35 عاماً) في غزّة الأسبوع الفائت، خلال تغطيته عملية تفكيك عبوة ناسفة زرعها الاحتلال. أمضى كاميللي سنوات من العمل في أماكن الخطر، بين فلسطين المحتلّة ولبنان والعراق، وقد نقل في تقاريره العام 2011 أوضاع أهالي غزّة المزرية، بسبب الحصار الإسرائيلي.
وجهان إعلاميان إيطاليان يساهمان في نقل صورة عمّا آلت إليه الأوضاع في غزّة. يكتب الأوّل من خلف مكتبه في ايطاليا عن أطفال &laqascii117o;يموتون مثلهم مثل الآخرين لأن الحرب فظيعة"، بينما سار الآخر في شوارع غزة، ونقل معاناة أبنائها، ثمّ مات بينهم.
لوهلة يعتقد القارئ أن روندولينو ينتقد الحروب وفظاعتها، لكنّه يوضح أنّ &laqascii117o;المشكلة ليست إذا مات الأطفال، بل اذا كانت الحرب المخاضة عادلة أو لا". هذا الصحافي الشيوعي سابقاً (مساعد رئيس الوزراء السابق ماسيمو داليما)، والذي انتقل إلى ضفة اليمين، لم يتجاهل فقط الأعراف والقوانين والاتفاقيات الدولية، في ما يتعلق باستخدام القوة المفرطة وتحييد المدنيين وعدم استخدام الأسلحة المحرمة دولياً، بل ذهب في استخدام معزوفة الحرب العادلة بعيداً، بغية التأكيد على أنّ &laqascii117o;كل الحروب التي خاضتها إسرائيل منذ نشأتها في 14 أيار العام 1948، أجبرت عليها دفاعاً عن النفس". لم يكتفِ اليساري السابق بالدفاع عن حقّ &laqascii117o;إسرائيل" بخوض الحرب حتى تدمير آخر نفق من أنفاق غزة، بل اعتبر ذلك أمراً طبيعياً، لوقف الحرب وأسبابها.
يتَّهم هذا الصحافي اليساري السابق الصحف الإيطالية بأنها &laqascii117o;خاضعة كلياً لبروباغاندا حركة حماس التي تستغلّ المدنيين لإثارة شفقة الغرب". ولا يكتفي بهذا، بل يذهب إلى محاكمة الوسائل الإعلاميَّة على ما لم تكتبه أو تنطق به، إذ يقول: &laqascii117o;لا تجرؤ وسائلنا الإعلامية على المجاهرة بأن إسرائيل تقتل بلا رحمة، لكنها على الأرجح تفكّر كذلك وتريدنا أن نعتقد بذلك". إذاً، لا يطالب روندولينو بعدم نشر صور الأطفال فقط، بل إنّه يريد إخصاء مخيّلة القارئ والمشاهد، كي لا تذهب بهما حدّ التفكير بأن إسرائيل تقتل بلا رحمة.
الأكيد أنّ روندولينو لا يريد &laqascii117o;استخدام الضحايا الأبرياء" في الحملات الإعلاميّة، كي لا تُشتِّت صور الأطفال تركيز الرأي العام عن &laqascii117o;إرهاب حركة حماس والتطرف الاسلامي". لكنّه لا يريد أيضاً نقل الخبر عن أحوال أهل غزة، لأنه سيحدث &laqascii117o;تبدلاً خطيراً في الرأي العام قد يبدأ بالتمييز بين اليهود والحكومة الإسرائيلية، وقد يتوسع لاحقاً ليشمل التشكيك بالدولة العبرية بأكملها". هذا هو بيت القصيد إذاً. يخشى روندولينو مجرد تشكيك الرأي العام الغربي في مزاعم &laqascii117o;إسرائيل"، برغبتها في العيش بسلام مع جيرانها.
في المقلب الآخر، بنى شهيد الصحافة كاميللي صداقات في غزة، وجالت كاميرته في شوارعها، ناقلة مشاهد الفقر والبؤس التي يعيشها الأهالي يومياً. وقد أثّرت التقارير الصحافية التي نقلها من قلب الحدث، في جزء كبير من الرأي العام الايطالي والغربي، حدّ محاكمة &laqascii117o;إسرائيل" أخلاقياً على الفظاعات المرتكبة. خلال دفن كاميللي، قالت والدته: &laqascii117o;يقولون لي عليك التحلِّي بالصبر والشجاعة أمام أفراد عائلتك الباقين... لكنّ هذا لا يكفي. اشعر انه عليّ الذهاب إلى هناك (إلى غزَّة) عليّ أن أقوم بشيء ما". وإضافة إلى ذلك، تليت يوم تأبينه كلمة تحت عنوان &laqascii117o;شكر أهالي غزة لكاميللي"، أرسلها المواطن الفلسطيني رامي البلاوي إلى صحيفة &laqascii117o;لا ريبوبليكا" الإيطالية. وأفرد البلاوي في رسالته أبرز صفات صديقه كاميللي، وقال فيها إنّ &laqascii117o;أهالي غزة لن ينسوا سيموني كاميللي الذي خسر حياته ناقلاً معاناتنا في الحرب ضدّ إسرائيل".
إذاً نحن أمام موقفين أخلاقيين قُدّما للرأي العام الايطالي، والعالمي بطبيعة الحال. الأول حاول بشتى الطرق تبرئة &laqascii117o;إسرائيل" من جرائمها في غزة، والثاني حاول بشتى الطرق نقل معاناة غزة وأهلها جراء الحرب والحصار الإسرائيليين. لم يكتف روندولينو بمحاولة تشويه الوقائع لتلميع صورة &laqascii117o;إسرائيل" في &laqascii117o;حربها العادلة" على غزة، بل شارك ويشارك في قتل كاميللي مرتين، رافضاً نقل الصور الغزاوية كما شاهدها الصحافي الراحل.
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد