رجاء يحياوي
احتدّت المعركة الإعلاميّة في تونس على باب الانتخابات التشريعيّة (26/10) والرئاسيّة (23/11)، ونشطت بموازاة ذلك مراصد لمراقبة نزاهة المؤسسات الإعلاميّة، في التعاطي مع الفاعلين السياسيين في الاستحقاق، على مختلف انتماءاتهم.
في هذا السياق، صدر عن &laqascii117o;الهيئة العليا المستقلة للانتخابات"، و&laqascii117o;الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السمعي البصري" قرار مشترك، حدّدتا فيه المبادئ التوجيهية الكبرى لمواكبة الانتخابات إعلامياً، وضمان مبادئ التعددية والمساواة بين التشكيلات الحزبيّة المتنافسة ومرشحيها. كما قامت &laqascii117o;النقابة الوطنيّة للصحافيين التونسيين" بمتابعة وتحليل مضامين الصحافة المكتوبة، والمواقع الالكترونية، و&laqascii117o;وكالة تونس افريقيا للأنباء"، بهدف ضبط المخالفات، كما أطلقت مرصداً للإعلام ضمن تحالف يضمّ جمعيّات مدنيّة عدّة.
ثقافة &laqascii117o;التعديل الذاتي"
بيّن تقرير صادر عن وحدة رصد وسائل الإعلام التابعة لـ&laqascii117o;الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري/ هايكا" في تونس، أنّ حزب &laqascii117o;حركة النهضة"، حظي بحصّة الأسد من الحضور التلفزيوني بنسبة 9,51 في المئة، يليه حزب &laqascii117o;حركة نداء تونس" بنسبة 6,30 في المئة، ونال &laqascii117o;الحزب الجمهوري" نسبة 5,57 في المئة. كما حظيت &laqascii117o;النهضة" بالصدارة أيضاً على صعيد البثّ الإذاعي، إذ وصلت نسبة حضورها إلى 8,8 في المئة، تليها &laqascii117o;الجبهة الشعبية" بنسبة 7,03 في المئة، لتكون المرتبة الثالثة من نصيب &laqascii117o;حركة نداء تونس" بنسبة 6,7 في المئة.
تلحظ نقيبة الصحافيين السابقة نجيبة الحمروني تطوّراً في تعاطي وسائل الإعلام مع سير العملية الانتخابية، مقارنة بانتخابات العام 2011. وتشير الحمروني إلى أنّ هناك حرصاً لدى الصحافيين على أداء دور مهنيّ، في هذه المرحلة الانتقالية. برأيها، فإنّ &laqascii117o;الهيئة العليا المستقلة للانتخابات" نجحت خلال فترة قصيرة، في ترسيخ &laqascii117o;ثقافة التعديل الذاتي" بين الصحافيين التونسيين، وذلك ما &laqascii117o;تحتاج اليه الصحافة المكتوبة، خصوصاً أنّ محاولات التعديل الذاتي اقتصرت إلى الآن على مبادرات فرديّة لصحافيين يجعلون من أخلاقيات المهنة والموضوعية أولويّتهم". في المقابل، تبدي الحمروني تخوّفها من &laqascii117o;لبننة" الإعلام التونسي، خصوصاً &laqascii117o;أنّ المال السياسي والمال الفاسد موجودان، ومن السهل على أيّ طرف يمتلكهما أن ينشئ وسيلة إعلامية خاصة به"، وتثمّن في هذا السياق قرار &laqascii117o;الهايكا" عدم منح الرخص لأصحاب المؤسسات الإعلامية من رؤساء أحزاب.
تجاوزات بالجملة
منذ انطلاق الحملة للانتخابات التشريعية، رصدت وحدة المراقبة في &laqascii117o;الهيئة العليا المستقلة للانتخابات" 106 مخالفات من قبل وسائل الإعلام المكتوبة والالكترونية. وقد تمّ رصد تلك التجاوزات انطلاقاً من معيار تكافؤ الفرص بين جميع المرشَّحين في الظهور الإعلامي، ومراقبة مدى التزامها بالقواعد والضوابط القانونيّة المتعلّقة بالحملة.
وقد أكدت وحدة المراقبة أنّ 40 في المئة من التجاوزات المرصودة، كانت على شكل مادة إعلاميَّة اتسمت بالانحياز السياسي، بينما شكّل نشر &laqascii117o;خطب متشنّجة" تجاه فاعلين سياسيين، 46 في المئة من تلك التجاوزات. كما رصدت الوحدة 6 حالات إعلان سياسي، وحالة إعلان سياسي مقنّع واحدة.
ولعلّ السجال حول عرض قناة &laqascii117o;نسمة" تقريرا بعنوان &laqascii117o;الوعود الانتخابية الكاذبة والمال السياسي" (راجع &laqascii117o;السفير" 20/10/2014) أكثر ما أثار اهتمام الرأي العام التونسي. إذ أكّد رئيس &laqascii117o;الهايكا" نوري اللجمي انّ البرنامج &laqascii117o;لا يمتّ للصحافة الاستقصائيّة بصلة، ويخالف الفصل 52 من القانون الانتخابي التونسي الذي يمنع كل أشكال التشهير". إلا انّ قناة &laqascii117o;نسمة" دافعت عن موقفها من بثّ البرنامج، ولاحظت أنّ الهيئة لم توجّه أيّ تنبيه لقنوات أخرى تمارس الدعاية السياسيّة بشكل مباشر. يرى بعضهم انّ &laqascii117o;نسمة" لم تخرج عم إطار حريّة التعبير لدى عرض البرنامج. في المقابل، تتفق معظم مكوّنات المجتمع المدني في تونس على أنّ ما يحصل لا يعدو كونه محاولات صريحة للسيطرة على المشهد الإعلامي من طرف بعض رجال الأعمال، واستغلال مؤسساته كحلبات صراع ومنابر لتصفية الحسابات الشخصية، أو لتضليل الرأي العام والتشويش على العمليّة الانتخابيّة.
المصدر: صحيفة السفير