تحقيقات » بوتين في القصر والصحافيون في البدروم

مصطفى فتحي
حظي فلاديمير بوتين باستقبال تاريخي في مصر، كما يظهر في وسائل الإعلام. إذ عرضت الشاشات والصحف صوراً للافتات ترحّب بالرئيس الروسي في أهمّ شوارع وميادين القاهرة، إضافة إلى صور تظهر توجهه إلى دار الأوبرا، وتناوله العشاء مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مطعم برج القاهرة... لكن خلف الكاميرا كانت الصورة مختلفة تماماً: عشوائية في التنظيم، إهانات للصحافيين، وفرقة موسيقية عسكرية غير مدرّبة، تخفق في عزف السلام الوطني الروسي.
اهتمَّت أغلب الفضائيّات المصريّة، سواء الخاصة أو الحكوميّة، بعرض مراسم استقبال بوتين في قصر القبة صباح أمس الأوّل على الهواء مباشرةً، مع استضافة محللين يتحدثون عن أهمية الزيارة. ولم يخلُ الأمر طبعاً من مبالغات اعتبرت أنّ الزيارة ضربة موجعة لأوباما، وأنّها &laqascii117o;ستحلّ كل مشاكل مصر"، على حدّ تعبير أحمد موسى في برنامج &laqascii117o;على مسؤوليتي" على فضائية &laqascii117o;صدى البلد".
ولكن بينما كانت الشاشات تنقل الاستقبال الرسمي، كان الصحافيون المصريون والروس محشورين في غرفة أشبه بالقبو في القصر، يلقون معاملة &laqascii117o;غير آدمية"، على حد تعبير المذيع المصري عمرو عبد الحميد مقدّم برنامج &laqascii117o;الحياة اليوم" على فضائية &laqascii117o;الحياة". وقال عبد الحميد إنّ &laqascii117o;أمن الرئاسة وضعهم في مكان ضيق يشبه &laqascii117o;البدروم"، بقوا فيه لأكثر من خمس ساعات منتظرين بدء المؤتمر، من دون طعام أو شراب".
&laqascii117o;البدروم" الذي تحدّث عنه عبد الحميد، هو المركز الإعلامي في قصر القبّة، الذي يعرفه بشكل جيّد الصحافيون المتخصصون في تغطية شؤون الرئاسة، إذ يتلقّون منه أغلب البيانات والأخبار الخاصة بالسيسي ونشاطاته. المكان بالفعل يشبه القبو من حيث المساحة والإضاءة لكنّ الصحافيين الذين يتعاونون معهم ألفوه لدرجة أنّه لم يعد يثير استغرابهم. لكنّ المؤتمر الصحافي لبوتين، تأجّل أكثر من مرّة، ما أطال فترة المكوث في &laqascii117o;المركز الإعلامي".
رواية عبد الحميد أكدها لـ &laqascii117o;السفير" صحافيون آخرون كانوا يغطّون الحدث، ومنهم مها البديني التي أكّدت أنّها بصدد تقديم شكوى رسميّة لـ &laqascii117o;نقابة الصحافيين" ضد ما اعتبرته &laqascii117o;إهانة كبيرة للصحافيين من قبل أمن الرئاسة".
باستثناء ما قاله عبد الحميد، تجاهلت باقي وسائل الإعلام الحديث عن التعامل غير اللائق الذي واجهه الصحافيون ذلك اليوم. ولم تختلف تغطية قناة &laqascii117o;روسيا اليوم" الناطقة بالعربية عن تغطية الفضائيات المصرية، إذ شدّدت على الصورة المبهرة لاستقبال بوتين، وتجاهلت تماماً الحديث عن الفوضى التي عانى منها الصحافيون. كما تجاهلت أيضاً عزف الفرقة العسكرية الرديء، للسلام الوطني الروسي. لكنّ الأمر اختلف على شاشة &laqascii117o;روسيا اليوم" الناطقة بالانكليزيّة، إذ سخرت المذيعة أنيسة نواوي في برنامج &laqascii117o;إن ذا ناو" من طريقة عزف النشيد الروسي، وعرضت فيه فيديو آخر لعزف النشيد ذاته، ليظهر فرق كبير بين الحالتين.
المعاملة التي لقيها الصحافيون في قصر القبة، أعادت فتح السجال حول رؤية النظام الحالي للصحافة والصحافيين، مع تكرّر حوادث حبس وإهانة صحافيين، واختفاء كلّ الأصوات المعارضة عن الساحة الإعلاميّة، منذ تولّي السيسي الحكم، لتحلّ مكانها أصوات مؤيّدة له بشكل فجّ.

المصدر: جريدة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد