تحقيقات » المهرجان اللبناني للكتاب: رسالة إلى الأجيال ومواجهة المجتمع التقليدي


antelyes_300
مايا ابو صليبي خشان

أخرجت الحركة الثقافية ـ انطلياس، أمس، قامة كنسية وفكرية ثمينة من كواليس الإهمال والنسيان، حيث سلطت الضوء على المطران نعمة الله أبــي كــرم في ندوة عُقدت من أجله وحوله، اجتمع فيها عدد كبير من الفعاليات الثقافية والشخصيات الدينية للتحدث مع المطران مارون ناصر الجميل حول مؤلفه الأخير 'المطران نعمة الله أبي كرم حياته، مؤلفاته، مراسلاته'، الذي امتلأ سرداً وشرحاً وتحليلاً واستنتاجاً... وتقديراً وإقراراً بإسهامات وأعمال المطران أبي كرم في حقول المعرفة والإنتاج.
كما كان للجبل وزعيمته 'الست' نظيرة جنبلاط مكاناً مميزاً على منبر الثقافة في المهرجان اللبناني للكتاب، بحيث دفعت جملة القضايا الإشكالية التي تثيرها تجربة سيدة المختارة، الكاتب شوكت إشتي لإعداد كتابه 'الست نظيرة جنبلاط' الذي شكل محور نقاش جذب العديد من المهتمين والمشاركين.
 في البداية أدار الأب جوزف بو رعد الندوة أو 'اللقاء الحبري'، على حدّ تعبيره، والذي خصص لمناقشة كتاب المطران الجميل. إذ وصف المطران حنا علوان المطران أبي كرم بالعبقري الكبير عارضاً لسيرته الأسقفية والفكرية، وللصدف التي جمعتهما على طريق واحدة ومن غير موعد، فرأى ذاته فيه ورآه مثالا يُحتذى في العلم والعمل والمعرفة.
 وتمحورت مداخلة المطران عاد أبي كرم حول المطران أبي كرم 'الرسالة والالتزام بالكنيسة وبالإنسان وبالوطن'. وتوقف عند الجوانب الكنسية والعلمية والاجتماعية والسياسية التي ساهمت في صنع هذه الشخصية المميزة. كما خلص إلى القول أن المطران أبــي كـــرم لم يكن رسولاً وحسب، بل هو رسالة إلى الأجيال تستدعينا وتـلح علينا من أجل التزام مستمر بثلاث: الكنيسة، الإنسان والوطن. ومن خلال الأحاديث العائليّة، لفت جورج الأشقر إلى أنه تعرف بعمق إلى شخصية المطران أبي كرم والى أعماله. واعتبر أن موسوعة المطران الجميل عالجت بالدقة والتفصيل القسم الأكبر من تفاصيل مؤلفات وترجمات أبي كرم الفلسفية واللاهوتية والقانونية المتعددة المتنوعة، والإرث الوحيد الذي تركه بعد وفاته بالاضافة الى فكره  وأعماله الخيرة.
هذا وبدأ ناصيف قزي إدارته للندوة التي عقدت حول كتاب اشتي، معلناً أن الجبل قبلتنا، ولبنان انتماؤنا، والعروبة إطارنا الجامع، والمشرقية هويتنا الحضارية، والعيش معاً خيارنا. وأضاف أن تلك هي شهادتنا، ولا حاجة بنا إلى أي انتماء غير ذلك، سياسياً كان أو غير سياسي، لتحديد هويتِنا الوطنية. وأما إيماننا، فليجعلنا أكثر إنسانية في زمن البربرية الجاحدة.
واعتبرت فاديا كيوان أن الست نظيرة هي الحجة التي استخدمها الكاتب لتناول مواضيع في غاية الأهمية والحساسية. ورأت أنه من الواضح أنه كان محرجا في تناول الواقع الدرزي، ولكن السلاسة والديبلوماسية في كلامه وفرت له الأمان بالاضافة الى الأمانة العلمية.  ثم قرأ غسان العياش الكتاب ﺑﻌﯾن أﻛﺎدﯾﻣﻲ ووﺟد ﺑﯾن ﺻﻔﺣﺎته ﺑﺣﺛﺎً ﻋﻠﻣﯾﺎً راﻗﯾﺎً ﻣطﺎﺑﻘﺎً ﻷرﻗﻰ اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻷﻛﺎدﯾﻣﯾﺔ. ولفت إلى أن المؤلف بيّن همه في كيفية نجاح الست نظيرة في الإمساك بقيادة الغرضية الجنبلاطية بنجاح، واﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ عليها ﻓﻲ ظروف وطﻧﯾﺔ وطﺎﺋﻔﯾﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺻﻌوﺑﺔ، وهﻲ اﻣرأة ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﺣﺎﻓظ.
بدوره أشار مؤلف الكتاب إلى أن مقاربة تجربة الست نظيرة تثير جملة من القضايا الإشكالية سواء لجهة متابعة التجربة السياسية وتقويمها، أو لجهة تصدّر امرأة الزعامة التقليدية في بيئة محافظة وخاصة، أو لجهة قراءة التجربة في إطار الإنقسام السياسي التقليدي في طائفة الموحدين الدروز، أو لجهة مواكبة زعامة الست نظيرة الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش، لافتاً أخيرا إلى أن كتابه هذا دعوة لتمكين المرأة لمواجهة ذهنية المجتمع التقليدي وعلاقاته البطريركية.
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد