تحقيقات » موقع فايس نيوز يكتشف الحقيقة:إسرائيل الرحومة تداوي الجرحى السوريين

نور أبو فرّاج
خلال الأشهر الماضية، تزايد الحديث عن دخول السوريين إلى &laqascii117o;إسرائيل" لتلقي العلاج، خصوصاً بعد محاولة الأسير المحرَّر صدقي المقت تسريب صور من داخل مستشفى صفد لسوريين يتلقون العلاج هناك، ما دفع إسرائيل لاتهامه بالتجسس لصالح سوريا (راجع &laqascii117o;السفير" 28/03/2015). كما عاد الموضوع إلى الواجهة، بعد مهاجمة مجموعة من السوريين في مجدل شمس المحتلّة سيارة إسعاف تنقل جرحى سوريين إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة (راجع &laqascii117o;السفير" 24/06/2015).
طرحت تلك الحادثتان أسئلة متزايدة حول الأعداد الحقيقية للسوريين الذين دخلوا إلى المستشفيات الإسرائيلية، وحثّتا موقع &laqascii117o;فايس نيوز" على إنجاز تقرير وثائقي طويل بعنوان &laqascii117o;الحرب عند الجيران/ في البيت المجاور" (23/7/2015). نشر التقرير على الموقع مرفقاً بمقالات توثّق دخول السوريين إلى المستشفيات الإسرائيليّة.
يبدأ الفيلم (33:49 د.) بمحطّة &laqascii117o;تشويقيّة"، إذ يرافق مراسل الموقع سايمن أوستروفسكي الجيش الإسرائيلي في &laqascii117o;عمليّة خطرة تحت جناح الليل". ينوه المراسل أنّ &laqascii117o;المهمة ليست كما تظنون، فعوضاً عن قتال أعدائهم، الإسرائيليون ينقذونهم". ومن أمام سيارة الإسعاف الإسرائيلية يعلّق: &laqascii117o;ما نراه رائع حقاً، لم يكن من الممكن رؤية مثيل له قبل سنتين، لكنه يحدث الآن ليؤكد لأي درجة لا يمكن التنبؤ بما يحصل في الشرق الأوسط". بعد ذلك تتوزع مشاهد الفيلم بين سيارات الإسعاف ومستشفى صفد وبعض المناطق السياحيّة والنقاط الحدودية لرصد &laqascii117o;كيف تكون الحياة حينما تشتعل الحرب في الجوار".
من هضاب الجولان، وفوق خردة دبابة متروكة تعود إلى حرب 1967، يكمل المراسل تقريره مشيراً إلى أنّ الجولان كان أكثر المناطق الحدودية هدوءاً في &laqascii117o;إسرائيل" حتى بدء الحرب في سوريا. في مشهدٍ آخر، نسمع صوت طبيب إسرائيلي يطمئن مصاباً بلغة عربية متقطّعة: &laqascii117o;كلو تمام". فيما يذكر أوستروفسكي إحصائيات حول أعداد السوريين الذين تلقّوا علاجاً في &laqascii117o;إسرائيل"، وزادوا عن 1300 شخص، إلى جانب ولادة 10 أطفال سوريين في مستشفيات إسرائيليّة، بحسب تعبيره.
من دون أن يخفي إعجابه بأداء الطاقم الطبي الإسرائيلي، يتجول أوستروفسكي بين المستشفيات، ويسأل إن كان سيكتب للمصابين النجاة، وماذا ستكسب &laqascii117o;إسرائيل" في المقابل. وهناك داخل مستشفى صفد، يقابل المراسل الطبيب المشرف على علاج الجرحى، فيؤكد له بأن المستشفى يستقبل الآن &laqascii117o;المدنيين السوريين وليس المقاتلين". لكن ومع ذلك، يلتقي مراسل &laqascii117o;فايس" بمحمد الذي عرّف عن نفسه &laqascii117o;كمقاتل في الجيش الحر". يشير المصاب إلى أنه لم يكن يتخيل سابقاً أن يدخل إلى &laqascii117o;إسرائيل" لتلقي العلاج، ويؤكِّد بأن جبهة النصرة &laqascii117o;ليست بالسوء الذي يروَّج له".
وفي مشاهد أخرى، يبدو أن الحرب السوريّة، تخرّب الجولة السياحيّة لمجموعة من السيّاح الذين يتوقفون عن أخذ الصور التذكارية عند سماع أصوات الاشتباكات. لا يجد المراسل ضرراً في التوقّف عند مطعمٍ قرب المناطق الحدودية، يقصده السياّح والمراقبون الدوليون &laqascii117o;للاستمتاع بكأسٍ من النبيذ المحلي بعد مشاهدة الحرب الأهلية السورية". وفيما يعتلي المراسل صهوة حصان ضمن جولة سياحيّة على هضبة الجولان، يخبره صاحب مزرعة الخيول أنّ السيّاح يأتون لمشاهدة الحرب من هناك، بينما يشربون فنجان قهوة. يزور أوستروفسكي بعد ذلك مجدل شمس، ليتعرف إلى حياة &laqascii117o;الناس الدروز"، بعد بدء الأحداث في سوريا. هناك يركز على تفاصيل الحياة الاجتماعية، ويلتقي امرأة سورية زُفّت عروساً عبر الحدود قبل سنوات، وحرمت اليوم من دخول بلادها.
كلّ عناصر الفيلم تجعله &laqascii117o;إسرائيلي الهوى" بصورة مطلقة. يقلق معدّو التقرير على مشاعر المدنيين الإسرائيليين الذين يرون أسرّة مستشفياتهم محجوزة من &laqascii117o;السوريين الأعداء". ويؤكدون على فكرة الإعجاز الطبي الإسرائيلي في علاج حالات معقّدة، مقابل طرق العلاج بعبارة &laqascii117o;الله أكبر" في سوريا.
يحاول الوثائقي تكريس أكبر قدر من الأكاذيب والرسائل المغلوطة لتلميع صورة &laqascii117o;إسرائيل"، عبر تصويرها كالمسعف المحايد الذي يضمّد جروح أعدائه ويحميهم! في البداية يتظاهر المراسل بأنه يبحث وراء الأسباب والمكاسب الخفية لـ &laqascii117o;إسرائيل" من كل ذلك، لكنه فيما بعد ينسى الموضوع تماماً، إذ ينتهي الفيلم ليبدو الاحتلال كما لو أنه يقدّم خدماته بالمجان ومن دون مقابل، بدافع الرحمة الإنسانيّة لا أكثر.
قد لا يستطيع المشاهد العربي، والسوري على وجه الخصوص، لجم غضبه لدى مشاهدة الإسرائيليين يتجولون على صهوة الأحصنة، ويتأملون حربه بغرض التسلية، ومن فوق التي يحتلّونها. لكنّ الأقسى هو ذلك الشعور بالحنق جراء تصوير السوريين كخائنين وعملاء يرضون تلقي العلاج في المستشفيات الإسرائيلية، ويتجاوزون التطبيع إلى حد التماهي مع العدو وقبوله.
لا سبيل للتأكد من أرقام &laqascii117o;فايس نيوز"، حول أعداد السوريين الذين دخلوا &laqascii117o;إسرائيل" للعلاج بالفعل، ولكن تبقى احتمالات التضخيم والكذب أكثر من واردة. يحاول الفيلم تعميم حالات من رضوا التطبيع مع &laqascii117o;إسرائيل" وقبول علاجها، باعتبارها مؤشراً على توجهٍ جديدٍ نحو علاقة السوريين مع العدو الصهيوني. ولكن هناك أدلة بسيطة، بدءاً من مهاجمة سيارة الإسعاف الإسرائيلية، إلى محاولات صدقي المقت توثيق ما يحصل في المستشفيات الإسرائيلية، تثبت أنّ السوريين ما زالوا يفضلون الموت على أخذ قطعة ضماد واحدة من &laqascii117o;إسرائيل".
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد