بعد &laqascii117o;قانون المطبوعات"، أقرّت المملكة أخيراً قانوناً جديداً يمنع الإعلاميين المستقلين من مزاولة عملهم، إلا إذا انتسبوا إلى &laqascii117o;هيئة الصحافيين السعوديين". خطوة أخرى ... إلى الوراء
- صحيفة 'الأخبار'
مريم عبد الله
كالعادة، خرجت السعودية بقرار يعاكس التوجه العالمي نحو الحريات؛ إذ أقرّ مجلس الوزراء في المملكة، قبل أيام، قانوناً اقترحه وزير الإعلام عبد العزيز خوجة، يقضي باقتصار ممارسة العمل الصحافي على الإعلاميين المعتمدين لدى &laqascii117o;هيئة الصحافيين السعوديين". القانون، الذي أصبح نافذاً، يقضي بتحويل &laqascii117o;هيئة الصحافيين" إلى هيئة حكومية، تجبر العاملين في هذه المهنة على طلب العضوية فيها بغية شرعنة عملهم.
وطبعاً، يعني هذا تدخّل النظام الحاكم في قبول العضويات ورفضها، ما سيمنع بعض الصحافيين من الكتابة في وسائل الإعلام السعودية. لم يحدث في تاريخ الصحافة العالمية أن مُنع إعلاميون من الكتابة في الصحف إلا بشرط انتسابهم إلى نقابة أو جمعية. وهنا، يجدر التذكير بأن &laqascii117o;هيئة الصحافيين السعوديين" ليست عضواً في &laqascii117o;الاتحاد الدولي للصحافيين"، بسبب مخالفتها لشروطه، أي أنّها ليست مؤسسة مستقلّة، ولا تلتزم بالمعايير الدولية في العمل النقابي.
بعيداً عن القراءة السياسية، يَحرُم القرار الوزاري الصحافة السعودية من كتّاب عديدين يعملون في مجالات مستقلة لا علاقة مباشرة لها بالصحافة، مثل موضوع المرأة، وموضوعات الثقافة (كالسينما، والمسرح، والكتب الصادرة حديثاً)، إضافة إلى كتّاب أعمدة الرأي الذين ليسوا صحافيين بالضرورة. التخوف من القرار راح أبعد من ذلك، إذ يخشى كثيرون من أن يطال الصحافة الإلكترونية وعالم المدوّنات الحرة. وتصدر في السعودية 16 صحيفة غير مستقلة، تعيّن وزارة الداخلية رؤساء تحريرها، وهم المسيطرون على الهيئة. هذا هو النموذج الخليجي المثالي، حيث &laqascii117o;المستقلون"، الذين من المفترض أن يمثلوا الصحافيين في نقابات مدنية، يشغلون مناصب سياسية في الأساس! وتلعب جمعيات الصحافيين في دول الخليج أدواراً سلبية، فهي لا تدعم الصحافة، ولا تدافع عن الصحافيين، كما أنها لا تطالب بالحريات، مبتعدة عن خوض المعارك مع حكوماتها. إنها أجهزة حكومية بصيغة مؤسسات مجتمع مدني، تُطلق عليها في الغرب تسمية gongo، وهي مؤسسات تصنعها الدولة، لتزاحم بها مؤسسات المجتمع المدني الحقيقية. هكذا، وجد كثير من الصحافيين السعوديين أنفسهم حائرين، بين قانون يمنعهم من العمل من جهة، ونقابات وهيئات لا تمثلهم من جهة أخرى. وإذا افترضنا حدوث مشكلة تتطور إلى دعوى قضائية ضد أحد صحافيي المملكة، فإن الصحافي &laqascii117o;اليتيم" سيذهب وحيداً إلى المحكمة، من دون أن يجد صحيفة تدافع عنه، منتظراً وقوف منظمات عالمية إلى جانبه، مثل &laqascii117o;مراسلون بلا حدود"، و&laqascii117o;الاتحاد العالمي للصحافيين" ... لكن حتى هاتان المؤسستان لا تستطيعان فعل شيء. عادل مرزوق، رئيس &laqascii117o;رابطة الصحافيين البحرينيين" المعارضة، يقول لـ&laqascii117o;الأخبار" تعليقاً على القرار السعودي: &laqascii117o;إن الدول العربية لا تستحي من إطلاق قوانين وقرارات تحدّ من سقف حرية الصحافة. هذه الدول مستعدة لأن تقتل اليوم صحافياً، وتسجن 20 آخرين غداً ... وما بين هذين الفعلين، تخرج علينا ببيانات تؤكد فيها أنّ حرية الصحافة في البلاد مضمونة ومقدسة، ولا سقف لها سوى السماء!". القانون الجديد حلقة أخرى من سلسلة القرارات التي تتحفنا بها المملكة بها بين الحين والآخر، ولعلنا نتذكر &laqascii117o;قانون المطبوعات" الذي أصدرته وزارة المال السعودية العام الماضي، وقضى بفرض عقوبات طائلة وغرامات كبيرة على كل من يتعرّض بالكتابة لأي مسؤول أو رجل دين سعودي!