- صحيفة 'السفير'
مصطفى فتحي
المشهد الأول:
يجلس الرئيس المصري محمد مرسي بجانب رئيسة الوزراء الأسترالية جوليا جيلارد. ورغم الكاميرات التي تنقل اجتماعه معها يلمس مرسي منطقة حساسة في جسده أكثر من مرة وهو الأمر الذي اعتبره التلفزيون الأسترالي كسراً لبروتوكول اللقاء الديبلوماسي.
المشهد الثاني:
يجلس الرئيس مرسي بجانب الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون متحدثاً عن مدنية مصر، وحقوق الأقليات، وفجأة يخرج منديلاً من جيبه ثم يبصق فيه ويتمخط، في وقت كان اللقاء يبثّ مباشرةً على الهواء، وتنقله فضائيات عديدة حول العالم.
المشهد الثالث:
يقف مرسي أمام كاميرات العالم في أنقرة، خلال المؤتمر الرابع لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا. يقول بثقة على الهواء إن داود أوغلو، وزير الخارجية التركي، كان أول من زاره في قصر الرئاسة في القاهرة بعد يومين على حلفه اليمين الرسمية، لتهنئته بالفوز بالرئاسة. لكنّ الصحيح أنّ أول من زار الرئيس مرسي من مسؤولين سياسيين عقب توليه السلطة، كان الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء. وكان ذلك صباح يوم الاثنين 2 تموز الماضي.
ما سبق هو أهم ثلاثة أخطاء وقع فيها مرسي أمام الإعلام العالمي، في فترة قصيرة جداً، إذ لم يمضِ على حكم الرئيس المصري أكثر من مئة يوم. وهذا ما جعل محللين نفسيين يصفون مرسي بالرئيس الذي يحتاج إلى دروس خاصّة في البروتوكول السياسي.
في هذا الإطار، يرى محمد الغزالي، وهو محلل نفسي وكاتب وأحد المهتمين بتحليل خطابات الرئيس المصري الإعلامية، أنّ مرسي يفتقد التعامل السليم مع الإعلام، والدليل أنّه يطلّ متجهماً، في كل لقاءاته التلفزيونية، ولا يبتسم أبداً. وبحسب الغزالي، فإنّ مرسي يعتمد هذا الأسلوب، ظناً منه أنّ ذلك يقربه أكثر للوقار. كما أن لغة الجسد لديه تكشف العديد من الأخطاء منها مثلاً أنّه يشبك أصابع يديه عندما يقف، وهو ما يشير إلى حالة من القلق تنتابه أمام الكاميرات.
&laqascii117o;مرسي يخاف من الإعلام"، يقول الغزالي ويكمل مفصلاً: &laqascii117o;خوف مرسي من الإعلام هو نفس خوفه من النقد، فالظهور في الإعلام يعني أنّ كلّ حركة يقوم بها، وكلّ كلمة يقولها، ستكونان محطّ نقد. لذلك يفضل مرسي إلقاء خطبه على المصريين في المساجد المختلفة في القرى، حيث سيكون بعيداً عمّن ينتقده أو يناقشه. فهناك مواطنون بسطاء، يتخيّل مرسي أنّهم سيكونون منبهرين بكل كلمة وبكل حركة يقوم بها". ويكمل المحلل النفسي: &laqascii117o;لم يعتد مرسي على ثقافة الانتقاد، فهو شخصية إخوانية تعلمت السمع والطاعة داخل الجماعة، لذلك يعاني مرسي من ذعر من أي منتقد له ولقراراته، وهو الأمر نفسه الذي يصيب أعضاء جماعة الإخوان، والذين يسعون دائماً للدفاع عن مرسي بشكل تطوعي لأنهم يظنون أنهم بذلك يتقربون إلى الله، فالبيئة الإخوانية بيئة هادئة لا نقاشات حقيقية في داخلها. وهم لا ينتقدون شيئاً ما، إلا حين يكون ذلك الشيء ضد مشروعهم وأفكارهم".
ويشير الغزالي إلى نقطة مهمة. فالملك فاروق كان حاكماً مدنياً لمصر، تعلّم البروتوكولات في القصر، وكان لديه مساعدون يعلمونه كيف يأكل وكيف يشرب وكيف يمشي أو يتكلم. الأمر نفسه حدث مع بقية رؤساء مصر، من محمد نجيب وصولاً إلى حسني مبارك الذين تربوا على بروتوكول المؤسسة العسكريّة. أمّا &laqascii117o;الإخوان المسلمون"، فيبدون غير معنيين بالبروتوكول إطلاقاً. ويحذر الغزالي من أنّ أخطاء مرسي الإعلاميّة ستتواصل، إن لم تتحملّ مؤسسة الرئاسة مسؤوليتها في هذا الخصوص، إذ انّ مرسي ليس مسؤولاً وحده عن هذا الفشل الإعلامي البروتوكولي؟