صحافة إقليمية » بعد عامين على الثورة: من يقود الإعلام التونسي؟

91055_430- صحيفة 'السفير'
نسرين حامدي

يحتفل التونسيون اليوم، بمرور عامين على الثورة، وذلك على وقع أسئلة كبيرة، أبرزها مستقبل حريّة التعبير والإعلام في البلاد. واليوم أيضاً، يزور الرئيس المصري محمد مرسي تونس، وسط مقاطعة معظم الوسائل الإعلاميّة لتغطية زيارته، في خطوة تضامنيّة مع الإعلام المصري. ويأتي ذلك ضمن حراك ضخم وطويل بدأته النقابات الصحافيّة في تونس خلال العام 2012، وتخلَّله إضراب عام للصحف كان الأوّل في تاريخ تونس، ضدّ محاولة هيمنة الحكومة وحركة &laqascii117o;النهضة" الحاكمة، على القطاع الإعلامي، والتعديلات القانونيّة الرامية إلى الحدّ من حريّة التعبير.. إضافة إلى تظاهر مناصري حركة &laqascii117o;النهضة" أمام التلفزيون الحكومي، داعين إلى تطهير &laqascii117o;إعلام العار"، بحسب تعبيرهم.
تحديات كبيرة يواجهها الإعلاميون التونسيون، خصوصاً مع تداعيات قضيّة سجن المنتج وصاحب قناة &laqascii117o;التونسيّة" سامي الفهري، وإضرابه عن الطعام. ويأتي ذلك وسط تحوّلات شهدها سوق صناعة الإعلام في تونس، ما بعد الثورة، وهي صناعة احتكرها القطاع العام بشكل صارم، لأكثر من أربعة عقود. فتح النظام السابق مجال المرئي والمسموع للاستثمار، فتملّكه رجال أعمال، كانوا حيتان الإعلام التونسي قبل الثورة، وبقوا كذلك بعدها. وباتت جميع الأطراف التونسيّة تعلم أنّ الإعلام هو الورقة الأهمّ لتوجيه الصراع السياسي في تونس. لذلك، أصبحت وسائل الإعلام بمثابة مسرح تدور فيه صراعات إيديولوجية شرسة، بين خصمين كبيرين في البلاد هما الإسلاميّون المحافظون والنخب العلمانية التقدميّة.
في مقدّمة حيتان الاعلام التونسي، العربي نصرة أو &laqascii117o;باعث القناة"، كما يلقبونه في تونس، من باب السخرية. أسس النصرة أول قناة خاصة في تونس، &laqascii117o;حنبعل"، وتمّ إيقافه بعد سقوط نظام بن علي بتهمة التحريض على العصيان، ونشر معلومات مغلوطة هدفها خلق فراغ دستوري، وتقويض الاستقرار.. ثمّّ إطلق سراحه من خلال قرار غامض. يعرف عن العربي نصرة علاقته الوطيدة برموز النظام السابق، كما تحوم حوله إشاعات انه تاجر سلاح، نفاها نصرة.
ظهر أيضاً اسم نبيل القروي، وهو رجل أعمال تونسي، وصاحب مشاريع تجارية أهمها شركة الأخوين قروي وقناة &laqascii117o;نسمة" التي يديرها. واجهت القناة في بدايتها أزمة مالية خانقة دفعت بمالكيها الأخوين القروي للبحث عن شركاء. هنا تعاونا مع المنتج السينمائي التونسي طارق بن عمّار، وشركة &laqascii117o;ميدياست" الإيطالية المملوكة من سيلفيو برلوسكوني. وأثار بثّ &laqascii117o;نسمة" لفيلم &laqascii117o;برسيبوليس" المأخوذ عن كتاب الرسامة الإيرانيّة مرجان سترابي، زوبعة إعلامية وأمنية في تونس وصلت إلى حدّ مثول القروي أمام القضاء بتهمه المس بالمقدسات. من أبرز المسيطرين على سوق الإعلام في تونس، رجل الأعمال والمنتج طارق بن عمار، الذي اشترى مؤخراً مجموعة &laqascii117o;أون تي في" المصريّة. يمتلك بن عمّار قنوات كثيرة، منها &laqascii117o;إيطاليا سبورت 1و 2"، و&laqascii117o;بريسما تي في"... وهو معروف بعلاقته الوثيقة ببرلوسكوني، إذ أسسا معاً مجمع &laqascii117o;كوينتا" في العام 1990، ويتشاركان ملكيّة شركة &laqascii117o;ميديا سات". مع العلم أنّ بن عمّار أنتج عشرات الأفلام السينمائيّة، كان آخرها &laqascii117o;الذهب الأسود" للفرنسي جان جاك آنو. كما أنّ استثماراته وأعماله لم تتأثّر بسقوط النظام السابق.
وبرز أيضاً اسم المنتج والمخرج سامي الفهري، صاحب قناة التونسية، القناة الأكثر مشاهدة في تونس والمعروفة بعلاقتها المتوترة مع الحكومة التونسية. بدأ الفهري مشواره الإعلامي كمذيع، وأسس شركة &laqascii117o;كاكتوس برود" مع شريكه بلحسن الطرابلسي، شقيق ليلى الطرابلسي زوجة زين العابدين بن علي. بعد سقوط النظام السابق، رفعت ضدّه قضايا عديدة، إذ يعتبره البعض أحد رموز النظام السابق، وها هو يقبع في السجن، بتهمة الفساد، ولا يزال إطلاق سراحه محل جدل بين الحكومة من جهة، ومساندي الفهري من جهة أخرى.
ومن أبرز الفاعلين على الساحة الإعلاميّة التونسيّة، المناضل والسياسي طاهر بن حسين، الذي أسس في العام 2003 أول قناة تلفزيونية معارضة لنظام بن علي، هي &laqascii117o;قناة الحوار التونسي"، وكانت أوّل قناة تستضيف راشد الغنوشي من منفاه.
بعد ثورة &laqascii117o;14 يناير"، فتحت وسائل الإعلام المرئي والمسموع في تونس صفحة جديدة، بعدما تحرَّرت من قبضة نظام بن علي الخانقة. فأُطلق العنان لشهيّة مكبوتة وتوّاقة إلى النشر منذ فترة طويلة، ما جلب نوعاً من الفوضى إلى صناعة كانت منظّمة بشكل محكم وصارم في السابق. ومع احتفاظ رجال الأعمال المذكورين أعلاه بحصصهم في السوق، برز جيل جديد من المستثمرين. من بين هؤلاء عبد الحميد بن عبد، وهو أستاذ في القانون التجاري والعلوم السياسيّة، يشغل أيضاً وظيفة مستشار دولي في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ومن مشاريعه قناة &laqascii117o;تونسنا تي في". من جهة أخرى ظهر أسامة بن سالم صاحب قناة &laqascii117o;الزيتونة"، وهو نجل وزير التعليم العالي. وأثارت قضية ملكية قناة &laqascii117o;الزيتونة" المقربة من حركة النهضة الإسلامية جدلاً كبيراً، بعد نشر أحد المواقع وثائق تكشف امتلاك المستشار لدى رئيس الحكومة لطفي زيتون للقناة، رغم نفي سالم وزيتون ذلك. ودخل الفنان فرحات الجويني باب الإعلام مع خلال قناة &laqascii117o;الجنوبيّة" التي أسسها مع شريكيه علي وربيع بعبورة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد