- صحيفة 'السفير'
مصطفى فتحي
منذ بداية الثورة وحتّى الآن، تخوض صحافيّات مصر معركة من نوع خاص، في مواجهة الخطر والاعتقال والتحرّش. في يوم المرأة العالمي، ثلاث صحافيات مصريّات، يتحدّثن لـ&laqascii117o;السفير" عن تجاربهنّ في الشارع.
وسط دخان القنابل المسيّلة للدموع، وتحت زخّ الرصاص الحي، تحمل صحافيات مصريات كاميراتهن، وينزلن بها إلى الشارع، لتوثيق التظاهرات... داخلهنّ إصرار أكبر من الخطر الذي ينتظرهنّ في الميادين يومياً.
مروة الطوخي، صحافية شابة تعمل في موقع &laqascii117o;البداية" الإخباري. لا تفارق كاميرتها أبداً. وحين تغادر بيتها لتغطية مسيرة أو تظاهرة، توقن أنّها ربما لن تعود سالمة. لكنّ احترامها لمهنة الصحافة، يدفعها دوماً صوب الأمام. تقول: &laqascii117o;اخترت أن أكون صحافيّة حتى أنقل الحقيقة للناس. هذا عملي الذي أحبّ، رغم الخطر". في تشرين الثاني من العام 2012، ألقي القبض على مروة، أثناء تغطيتها معركة بين الأمن والمتظاهرين، قرب السفارة الأميركيّة في القاهرة. &laqascii117o;احتجزوني في مدرعة أمن مركزي، وتم ضربي من دون رحمة لمدة 4 ساعات، وبعد أن أطلقوا سراحي، عدت لاستكمال عملي، ووثقّت كل الاشتباكات والتراشق بالحجارة وقوارير الغاز المسيل للدموع"، تقول الطوخي. تضيف: &laqascii117o;كلّ يوم أخرج من منزلي، وأنا أدرك أنني أواجه خطراً كبيراً. ورغم تفهّم أهلي لطبيعة عملي، إلا أنّ والدتي ـ ككلّ أمّ مصريّة ـ لا تتوقف عن ترداد نصائحها لي، بالابتعاد عن الأمن والخطر، مع علمها أنيّ سأستمرّ بتوثيق التظاهرات".
من جهتها، اختارت أمل القاضي، الصحافية في جريدة &laqascii117o;الوطن" اليومية، العمل الميداني، لأنّها تكره المكاتب. تقول: &laqascii117o;أحب تغطية التظاهرات لأنها تعرّفني على تجارب وخبرات جديدة". تجيد أمل التصوير الفوتوغرافي والفيديو، وتحمل كاميرتها وتتوجّه بشكل شبه يومي لتغطية التحرّكات في الشارع. &laqascii117o;قمت بتغطية مسيرات احتجاجيّة كثيرة، منذ بداية الثورة وحتى الآن. ومن أهم التغطيات التي قمت بها، كانت لمسيرة وزارة الدفاع في ظلّ حكم المجلس العسكري عقب الثورة. يومها واجهت تهديدات من مؤيدي المجلس، وحاولوا استخدام العنف ضدّي، ومنعوني من التصوير، لكني أصريت على ممارسة عملي، رغم تهديداتهم". تكمل: &laqascii117o;من المرّات التي كنت فيها بمواجهة خطر حقيقي، كانت خلال تغطية مسيرة ضخمة لألتراس النادي &laqascii117o;الأهلي"، عند ميدان مسجد مصطفى محمود في المهندسين. كان ذلك عقب مجزرة بورسعيد. يومها سرت في مقدمة المسيرة كي ألتقط صوراً جيّدة. فجأة بدأت الاشتباكات، والتراشق بالأحجار، ووجدت نفسي وسط حرب شوارع حقيقية، حاولت أن أحمي نفسي، والحمد لله ما زلت حيّة".
هبة خميس، محاربة أخرى في مجال صاحبة الجلالة. تعمل خميس صحافية ميدانية في صحيفة &laqascii117o;التحرير"، وتعرضت منذ أيام قليلة إلى اعتداء على يد القوات المسلحة، وذلك أثناء قيامها بتغطية مصورة لانهيار عقار في أحد أحياء محافظة الإسكندرية. تقول: &laqascii117o;اعتدى عليّ الجنود لمجرد أنني صحافية. طلبوا مني ألا أصوّر ما يحدث، وحاولوا كسر كاميرتي، التي حاولت أن أوثّق من خلالها الإهمال الواضح في تعامل الأمن مع الحادث، فالإسعاف وصل متأخراً، وهم طبعاً لا يريدون الظهور أمام الرأي العام". وتضيف: &laqascii117o;تمكن الأهالي من تخليصي من يد الجيش، مردّدين هتافات منها: &laqascii117o;الصحافة لأ... الصحافة لأ"، وأخرجوني من المنطقة تحت حمايتهم".
تواجه هبة خميس صعوبات أخرى أثناء عملها، أبرزها تغطية المؤتمرات الصحافية الخاصة بالسلفيين في مصر. &laqascii117o;في البداية كان السلفيون يمنعونني من تغطية أي مؤتمرات أو تظاهرات خاصة بهم، لمجرد كوني شابّة. فهم يعتبرون المرأة عورة، لكنّي صمّمت على التغطية والآن رضخوا، وصاروا يسمحون لي بالتواجد والتقاط الصور". بدأت هبة العمل في مهنة المتاعب كمتدرّبة من دون أجر، لكنّها أثبتت نفسها بسرعة، لتصير المراسلة الرسميّة لـ&laqascii117o;التحرير" في محافظة الإسكندرية.
مروة الطوخي، وأمل القاضي، وهبة خميس، ثلاث محاربات في معترك الصحافة المصريّة. وهنّ نموذج عن عشرات، لا بل مئات الصحافيات المصريات، اللواتي يواجهن مخاطر كثيرة في الميدان قد لا تنتهي عند الضرب والتهديد والتحرّش والاعتقال... لكنّهنّ لا يملكن للدفاع عن أنفسهنّ سلاحاً، إلا حماسهنّ ووفاءهنّ للمهنة.