- صحيفة 'النهار'
في ندوة عن 'المخاطر المهددة لحرية التعبير' في تونس نشرته 'الصباح' التونسية تحدث عدد من الناطشين عن غياب مفهوم واضح لحرية التعبير بعد الثورة، وعن تهديدات بالقتل يتلقاها صحافيون، وعن الفراغ الدستوري الذي يتهدد المؤسسات.
واكد غياث الجندي من منظمة القلم الدولي، ضرورة 'بناء مفهوم واضح لحرية التعبير في تونس، بحيث تكون 'حرية التعبير حرية مطلقة، خصوصا انه لاحظ من خلال زياراته المتعددة تونس خلطا واضحا في مفهوم حرية التعبير'.
ونبه الى ان المواطن التونسي 'له الحق في اعلام مستقل، والحكومة من واجبها ضمان اعلام حر ومستقل'.
واوضح الجندي في السياق عينه ان تونس 'تعرف نقصا واضحا في تأسيس جبهة من منظمات المجتمع المدني لمواجهة الاعتداءات المسجلة على حرية التعبير، والتي وصلت حد الاغتيال السياسي وتهديد الصحافيين بالقتل'.
الاعتداءات
ومن ناحيته، بين الفاهم بوكدوس مدير 'مشروع رصد الانتهاكات' في مركز تونس لحرية الصحافة أن خلال الاشهر الاربعة الماضية سجل نحو 200 اعتداء على الصحافيين.
ولاحظ ان الحكومة الحالية 'تسارع الى مقاضاة الصحافيين، في حين تغض النظر عن الكم الهائل من الاعتداءات التي يتعرض لها العاملون في قطاع الاعلام بصفة يومية'.
وابدى تخوفا كبيرا من عودة ما اسماه 'الرقابة الناعمة' في مؤسسة الاذاعة والتلفزة التونسية ومؤسسة 'شمس اف ام' حيث سجل تدخل سافر للمديرين في نشرات الاخبار وضيوف البرامج التلفزية والمقالات المنشورة على الصفحات الالكترونية.
واشار مدير وحدة رصد الانتهاكات انه 'وفق تقديرات اولية هناك ما بين 30 و40 في المئة من الصحافيين لا يصرحون بالانتهاكات التي يتعرضون لها خلال ادائهم مهماتهم، اما خوفا من رؤسائهم في العمل او لعدم ثقتهم بالمراكز والجهات المعنية برصد الانتهاكات ومتابعتها، وهي من الامور التي قد تتسبب بعودة الانتهاكات من الباب الكبير'.
كما نبه بوكودوس الى 'محاولات بعض المسؤولين في رئاسة الجمهورية او في رئاسة الحكومة احياء وكالة الاتصال الخارجي'.
فراغ دستوري
واعتبرت بشرى بلحاج حمدية في تقديمها للمقاربة القانونية لوضع الاعلام ان الفراغ الدستوري 'شرع تطبيق الفصل 222 (في 2004 ويهتم بالمس بالاخلاق الحميدة) و221 (في 2001 ويتناول جرائم العصيان بعد تنقيح مجلة الصحافة والغاء الفصول الزجرية منها) من المجلة الجنائية اللذين تم سنهما في منظومة قانونية ذات تاريخ اسود، ومن اجل فرض الدكتاتورية'. واشارت الى انه 'تمت بفضلهما محاكمة 300 مواطن تونسي امام قضاء غير عادل'. وقالت: 'اننا في صدد بناء استبداد جديد، فليس لنا قانون يتماشى مع الثورة، واتسعت دائرة الممارسات الديكتاتورية فلم تعد الحكومة الطرف الوحيد الذي يمارس التضييق، بل اصبح المواطن ورجل الدولة وعضو المجلس التأسيسي كلهم اطرافا في التضييق على حرية التعبير'.
ورأت ان قضية المدونين جابر الماجري وغازي الباجي اللذين حكم عليهما بالسجن 7 سنوات 'خير دليل الى ذلك، فبعد وضعهما صورا على الصفحة الخاصة بكل منهما من وسائل الاتصال الاجتماعي تمت مقاضاتهما، في حين ان حرية المعتقد مكفولة وفق الاعلان العالمي لحقوق الانسان والقوانين التونسية'.
واشار الناشط الحقوقي سفيان الشورابي الى ان المجتمع التونسي أصبح بدوره 'يستبطن الاستبداد والتضييق، فرجال الدين ورجال السياسة ورجال الاعمال والمؤسسات جميعها يسعون الى التضييق على الاعلاميين ومحاسبة كل من يكون له رأي مخالف او ناقد'.