صحافة إقليمية » الإعلام الرسمي السوري: أوتيل «صحّ النوم»

111677_430- صحيفة 'السفير' 
صهيب عنجريني

يبدو المراهن على صحوةٍ مفاجئة تصيب الإعلام الرسمي السوري، أشبه بالغارق في استعادة الحكاية الأسطورية التي تقول إن الأميرة النائمة استيقظت حين قبّلها فارس الأحلام.. غير أن القبلة لن تفلحَ في تغيير ما عجزت عن هزّه الزلازل، ما دام النائم ليس بأميرة، ومسرح الحدث واقع دموي وليس خيالاً حالماً. فمثلما فشلت كل تحولات الأزمة السورية عبر عامين ونصف عام في التحول إلى صدمة كهربائية تُنعش &laqascii117o;المريض الرسمي"، فشلت أيضاً طبول الحرب الخارجية.
منذ حادثة الاعتداء الكيميائي الذي طال مناطق في غوطة دمشق، واصل الإعلام الرسمي السوري مسيرته المتعثّرة ذاتها. وفي حين شغلت أنباء المجزرة معظم وسائل الإعلام العربيّة والعالميّة، علاوة على مواقع التواصل الاجتماعي صبيحة 21 آب الحالي، اكتفت وكالة الإعلام السورية الرسمية &laqascii117o;سانا" بوضع خبر عاجل على صفحتها الرئيسة يقول: &laqascii117o;مصدر إعلامي: لا صحة إطلاقاً للأنباء حول استخدام سلاح كيماوي في الغوطة". يومها بقي الخبر العاجل ساعات، قبل أن تبدأ الوكالة ببث أخبار بديلة لا تُنكر وقوع المجزرة بل تتهم بارتكابها &laqascii117o;مجموعات إرهابية".
لا يعكس ذلك الأداء ارتباكاً إعلامياً طارئاً، بقدر ما يمكن اعتباره طابعاً وسم أداء الوكالة الرسمية منذ بدء الأزمة. أداء حافظ على القوالب الحجرية ذاتها في صياغة الأنباء، مع تغيرات طفيفة تكرس الاستسهال. فعلى سبيل المثال لم تعد الأخبار المكررة من قبيل: &laqascii117o;قواتنا الباسلة تقضي على.." تحفل بذكر أعداد &laqascii117o;المقضي عليهم"، وتكفلت عبارة &laqascii117o;أعداد كبيرة من الإرهابيين" بحل المسألة. وتكاد الوكالة ذاتها تكون الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي يمكن أن تقرأ فيها خبراً من طراز: &laqascii117o;لبنانيان يحذران من محاولات استهداف سوريا".
لا يختلف أداء الصحف الرسمية الثلاث (&laqascii117o;الثورة"،"تشرين"، &laqascii117o;البعث") عن الوكالة. فهذه الصحف تستمد أخبارها السياسية والميدانية بشكل أساسي من الوكالة الأم، ليجد القارئ نفسه على موعدٍ مع العناوين ذاتها، إنما مع اختلاف الترتيب. ولا تبدو القنوات التلفزيونية الرسمية أو شبه الرسمية بحالٍ أفضل. ومن هذه الزاوية سيصبح من غير المستغرب أن يكون المشهد عبر قنواتٍ بلد يعيش احتمالات اعتداء خارجي كما كان عشية أمس الأول الخميس. الفضائية السورية تعرضُ برنامجاً ثقافياً يتناول مسيرة الشاعرة ملكة أبيض، قناة &laqascii117o;تلاقي" تعرضُ برنامجاً طبياً عن أمراض الكلى، قناة &laqascii117o;سما" وهي النسخة المُحدثة من تلفزيون &laqascii117o;الدنيا" تستضيف قائد الفرقة السيمفونية الوطنية ميساك بغبادوريان للحديث عن مسيرته الفنية... بينما تعرض" الإخبارية السورية" حواراً &laqascii117o;استراتيجياً" حول المؤامرة الكونية، لا يكاد يشهد جديداً غير الاستدلال بقرع طبول الحرب الخارجية وسيلة لإثبات وجود المؤامرة.
ولم تحل المستجدات بين القنوات السورية وممارسة هوايتها في الاحتفاء بأحداث شتى تقع في أصقاع الأرض، من قبيل إلقاء قوات الأمن المصرية القبض على القيادي الإخواني محمد البلتاجي، حيث يُعتبر الانشغال بالأحداث العربية والعالمية واحداً من أهم القواسم المشتركة الكثيرة لوسائل الإعلام الرسمية. وتبدو تلك الشاشات كأنها لا تصدق أن يقع حدث يتوافق مع الرؤى السياسية الرسمية حتى تنهمك به نقلاً وتحليلاً، مفردة له صفحات وساعات، بطريقة تُذكر بجملة حسني البورظان الخالدة: &laqascii117o;إذا أردنا أن نعرف ماذا يحدث في إيطاليا، علينا أن نعرف ماذا يحدث في البرازيل". للمفارقة؛ فإن الشخصية ذاتها اشتهرت بجملة أخرى: &laqascii117o;انطق أيها الحجر"، وللتذكير: كان اسم المسلسل حينها: &laqascii117o;صح النوم".

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد