صحافة إقليمية » مقالات مختارة من صحف عربية صادرة السبت 26/12/2009

- 'البيان' الإماراتية
&laqascii117o;الهوية الوطنية" والابتزاز السياسي
د. محمد قيراط *:
يبدو أن اليمين الفرنسي هذه الأيام يستغل الوضع في أوروبا، لاستثمار مشكلة الأقليات والديانات التي أصبحت تنمو بوتيرة سريعة، لفرض أجندته الخاصة التي تخدم أهدافه ومصالحه. حيث يلاحظ المتتبع للشأن الفرنسي والأوروبي، حوارا كبيرا يدور في فرنسا حول ماهية الهوية الوطنية وعناصرها ومفرداتها، وما يجب أن يتوفر في الفرد حتى يعتبر فرنسيا...الخ، بمبادرة من وزير &laqascii117o;الهجرة والاندماج والهوية الوطنية" الفرنسي.
ومنذ أن طُرح النقاش حول الهوية الوطنية في فرنسا، والتشكيك قائم حول النوايا الكامنة وراء تلك المبادرة. فمنهم من يرى أن حزب &laqascii117o;الاتحاد من أجل الحركة الشعبية" الحاكم وراء المبادرة لتحضير الانتخابات المحلية المقررة في مارس 2010.
ومنهم من يرى أن المبادرة برمتها تستهدف العرب والمسلمين، حيث صرح أحدهم بأن فرنسا ليست &laqascii117o;ملزمة بإيواء 10 ملايين شخص لا ينتجون شيئا ولا فائدة منهم". وترى المعارضة أن وراء &laqascii117o;حملة الحجاب والبرقع جاء الآن دور القبعات".
إشار ة إلى أبناء المهاجرين الذين يلبسون القبعات بالمقلوب، والمعروف عنهم أعمال الشغب والمظاهرات ضد التهميش والبطالة والتمييز. من جهته طالب الحزب الشيوعي الفرنسي بحل وزارة الهجرة والاندماج، وتعليق النقاش حول الهوية الوطنية وغلقه نهائيا وفورا. أما الحزب الاشتراكي فأدان الخلط بين الهجرة والإجرام والإسلام والهوية الوطنية.
كما أن عددا كبيرا من المثقفين والأكاديميين والمفكرين رفض المشاركة في المبادرة، كونها إعلانا صريحا لرفض الآخرين والتمييز ضدهم، واستعداء شريحة كاملة من الفرنسيين.
ماذا يجب أن يتوفر عليه الفرد في فرنسا حتى ينال الهوية الفرنسية؟ ماذا بالنسبة للأقليات؟ وماذا عن الفرنسيين الذين أسلموا؟ وإذا كنت متجنساً، هل يجب أن تتجرد من شخصيتك الثقافية ومن أصولك وجذورك؟ وهل يجب أن تذوب في الثقافة الفرنسية حتى تنال الهوية الفرنسية؟ ماذا لو أردت أن تحافظ على دينك ومعتقداتك وقيمك الإسلامية أو الإفريقية أو الآسيوية... الخ؟
وما المقصود بالاندماج؟ هل هو الذوبان في كل ما هو فرنسي ونبذ المتجنس لشخصيته، وإنكار أصوله وجذوره وذاته؟ لماذا طُرح الموضوع في هذا الوقت بالذات؟ ولماذا هذا التخوف من الإسلام والمسلمين والتشكيك في احترام الوطن الذي يعيشون فيه؟
عبر عقود من الزمن لم تعرف فرنسا كيف تتعامل بطريقة فعالة وإيجابية وبعيدة عن التمييز والعنصرية، مع الأقليات الموجودة على أراضيها، خاصة المسلمة منها. فشباب الضواحي الذي يمثل دائما كابوسا للحكومات الفرنسية المتعاقبة، ما زال يعاني التهميش والبطالة والفقر والحرمان.
وحتى المحاولات &laqascii117o;التجميلية" التي قام بها نيكولا ساركوزي عند اعتلائه سدة الحكم، بإقحام ثلاث وزيرات من أصول مغاربية وإفريقية، لم يساعد في حل مشاكل الأقليات في فرنسا.
فمشكلات الضواحي ما زالت مطروحة وبحدة، حيث الفقر والتهميش والمشاكل الاجتماعية والمخدرات والجرائم... الخ. فكل البرامج الاجتماعية باءت بالفشل، بسبب عدم معالجتها للمشاكل الحقيقية التي يعيشها المهاجرون والأقليات وسكان الضواحي.
حملة &laqascii117o;الهوية الفرنسية" التي تُطرح وتُناقش هذه الأيام في ربوع فرنسا، تزيد الطين بلة. وبدلا من محاولة إيجاد حلول ناجعة لإدماج الأقليات في المجتمع الفرنسي، مع احترام دياناتهم ومعتقداتهم وخصوصياتهم العقائدية والثقافية، فإنها تثير قضايا تنبعث منها رائحة العنصرية والأحكام المسبقة واستعداء الآخر. فدول مثل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وأستراليا ودول أوروبية عديدة، تخطت هذه المشكلة من خلال التسامح والبرامج الاجتماعية الناجحة، وإدماج الآخر والتأقلم مع المعطيات الجديدة والتطورات المتسارعة التي يعيشها العالم.
من جهة أخرى نلاحظ تعنت فرنسا ومحاولة محو شخصية الآخر الذي يتمتع بجنسيتها والذي وُلد فوق ترابها، لكن أصوله وجذوره تأتي من وراء البحار. فبدلا من تذليل التوتر والصراعات والمشاجرات والتسريع بالاندماج، نلاحظ أن ما يجري في فرنسا هذه الأيام باسم الهوية الوطنية، من شأنه أن يؤدي إلى تصدع المجتمع الفرنسي وتفجير مشاكل اجتماعية ونزاعات وحساسيات، تكون عواقبها وخيمة على الجميع.
فالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ومنذ توليه رئاسة الجمهورية الفرنسية، حذر وما زال يحذر من &laqascii117o;الخطر الإسلامي" وتداعياته وانعكاساته السلبية على الهوية الفرنسية بشكل خاص والأوروبية بشكل عام، وهذا من خلال المهاجرين المسلمين الذين يتزايد عددهم يوما بعد يوم، إلى جانب تراجع المعتقد الديني عند الفرنسيين والأوروبيين واعتناق عدد منهم الديانة الإسلامية.
والمتتبع اليوم لما يجري في فرنسا يلاحظ التمييز والإقصاء والتهميش والفشل الذريع في عملية إدماج الآخر. فقانون &laqascii117o;الهجرة المختارة". على سبيل المثال، يعبر عن النية الحقيقية لدولة لا تريد إدماج الآخر، أو تريد إدماجه بعد طمس شخصيته ومسح هويته وجذوره وأصوله، وهذا مبدأ يتناقض جملة وتفصيلا مع حرية العقيدة والحريات الفردية وحقوق الإنسان.
فرنسا الجمهورية الرسمية يجب أن تعترف بالأمر الواقع، ويجب أن تعيش على غرار الشعوب المتطورة والمتحضرة التي تؤمن بالثقافات والديانات والأعراق الأخرى، وأن تعترف أنه حان الوقت للانفتاح على الثقافات الأخرى والتعايش مع الأقليات والديانات، والإيمان الصادق بالحوار من أجل الوصول إلى التأقلم مع المعطيات الجديدة، بعيدا عن الانغلاق على الذات والتقوقع حول قيمها وثقافته وموروثها الاجتماعي.
وهذا يتطلب التوقف عن الاستغلال والابتزاز والتلاعب بالمفاهيم والمصطلحات، لتحقيق أهداف بعيدة كل البعد عن المواطنة والهوية الوطنية والاندماج. فالتنوع والاختلاف عنصران من عناصر القوة والإبداع والتميز والنجاح، والانغلاق والتقوقع على النفس عوامل تؤدي إلى الإقصاء والتهميش والصراع والتخلف.

* عميد كلية الاتصال، جامعة الشارقة


- 'البيان'
جدار القطع والوصل
طلال عوكل: 

بعد عام على العدوان الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة، بقي الحال على حاله في ما يتصل بإعادة إعمار ما دمرته الآلة الحربية الإسرائيلية، وما يتصل أيضاً بالحصار المفروض على سكان القطاع، وكذلك بتجميد الوساطة المصرية دون تحقيق مصالحة وطنية تنهي الانقسام الفلسطيني الخطير الذي وقع في يونيو 2007.
مصدر القلق يكمن في التهديدات التي لا تتوقف، حول نية إسرائيل شن عدوان آخر على القطاع، بدعوى أن حركة حماس تمتلك جيشاً من خمسة عشر ألف مقاتل ومعدات عسكرية متطورة، من بينها صواريخ يصل مداها إلى مدينة تل أبيب، ومضادات للدروع، بالإضافة إلى مضادات أكثر فاعلية للطائرات، وفي ظل استمرار حصار بشع يترك آثاره بقوة على نفوس وأجساد وأحلام الفلسطينيين الكبيرة منها وحتى الصغيرة.
على أن الفلسطينيين الذين اعتادوا على تحمل وحشية العدوانات الإسرائيلية، وتحصنوا في مواجهتها بالصبر والصمود، فوجئوا بمصدر قلق آخر يأتي هذه المرة من أنباء إقامة جدار حديدي يضرب في عمق الأرض حتى ثلاثين متراً ويرتفع في سماء الحدود المصرية مع قطاع غزة، بضعة أمتار أخرى، ويمتد ما يقارب عشرة كيلومترات هي المنطقة الحيوية التي تقع فيها شبكة الأنفاق التي تشكل لسكان القطاع شريان الحياة.
مشهد الآلات الضخمة، من آلات حفر ورافعات تعمل على الجانب المصري من الحدود ويراها بالعين المجردة من يقف على الجانب الفلسطيني، لم يكن وحده كافياً لخلق قلق متزايد لدى الناس، لولا أن صحيفة &laqascii117o;هآرتز" الإسرائيلية نشرت خبراً يفيد بأن تلك الآلات الضخمة تعمل من أجل إقامة جدار فولاذي ضخم، تدعم الولايات المتحدة إقامته بحسب الصحيفة الإسرائيلية.
الحكومة المصرية لم تنف ولم تؤكد طبيعة ونوع المهمة التي تقوم بها تلك الآلات والمعدات الضخمة، واكتفت بالقول إن مصر دولة ذات سيادة ومن حقها أن تقوم داخل أراضيها بما يلزم لحماية الأمن القومي المصري.
حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، ويحدوها أمل كبير بإمكانية الإطاحة بالحصار الإسرائيلي، سواء عبر شبكة الأنفاق التي تغذي القطاع بمعظم احتياجاته أو عبر قوافل فك الحصار، أخذت تستشعر خطراً مستطيراً من وراء إقامة ذلك الجدار الذي سيؤدي إلى خنق سكان القطاع، ويهدد بالإطاحة بكل آمال كسر الحصار. ردود الفعل الأولية، اتخذت طابع إطلاق نار من مسلحين على الجانب الفلسطيني في اتجاه الأراضي المصرية، نفت حماس مسؤولياتها عنه وقالت إنها حوادث فردية، ثم قامت الحركة بمظاهرة احتجاجية على الحدود أطلقت شرارة التصريحات الاتهامية ولتوتر العلاقات بين الطرفين.
وفي غياب الحوار والتفاهم المتبادل لاحتياجات كل طرف ومصالحه، فإن الفترة المقبلة مرشحة لتحمل المزيد من التوتر وربما الأحداث المؤسفة، بين حماس ومصر، من شأنها أن تترك آثاراً سلبية أعمق على الوضع الفلسطيني. حتى الآن لم تدل مصر بكل ما لديها لتفسير وشرح أبعاد وأهداف إقامة مثل هذا الجدار، الذي تستغرق إقامته ثمانية عشر شهراً، بحسب صحيفة &laqascii117o;هآرتز" أيضاً. غير أن القرار المصري لا يتوقف عند ما تردده أوساط حماس بأن الجدار يستهدف ممارسة الضغط عليها.
فقد أكد حسام زكي الناطق باسم الخارجية المصرية، أن هذا الجدار سيقام في كل الأحوال وحتى لو لم تكن حركة حماس هي التي تسيطر على قطاع غزة، أو لو أنها وقعت على الورقة المصرية. مما يعني أن لدى مصر مخاوف حقيقية على أمنها القومي، لا تحتمل التأجيل أو المجاملة، الأمر الذي يستدعي من حركة حماس فحص هذه المسألة بقدر من الحرص، يقابل حرص مصر على القضية الفلسطينية، وعلى عدم تجويع سكان القطاع ومضاعفة الآلام الناجمة عن الحصار الإسرائيلي.
ويبدو أنه من الغباء الاعتقاد بأن مصر يمكنها أن تتحمل المسؤولية عن تجويع سكان القطاع، أو أن تتحمل اتهامات بأنها تكمل العدوان الإسرائيلي، حتى لو أن مصر غاضبة من مواقف وسياسات حركة حماس. يدور الحديث عن مخاوف مصرية قديمة متجددة، من أن إسرائيل تتبع استراتيجية تقضي بفصل قطاع غزة كلياً عن بقية الأراضي المحتلة، ودفعه نحو مصر لتتحمل هي المسؤولية عن كل حياة السكان في القطاع، وذلك في إطار مخطط لحل إقليمي للقضية الفلسطينية. الحل الإقليمي رسم معادلة دعائمه أرييل شارون عام 2001 في ما أسماه بالحل المرحلي بعيد المدى، وبدأ بتطبيقه عبر جدار الفصل العنصري والاستيطان وتهويد القدس، وبإعادة الانتشار وإخلاء المستوطنات في قطاع غزة عام 2004.
المخطط الإسرائيلي القائم على استراتيجية شارون يقضي بدفع القطاع نحو مصر، وإعادة الانتشار من 43% من مساحة الضفة، وهي التي تضم الكتل السكانية الفلسطينية الأساسية التي ستدفع هي الأخرى في اتجاه كيان يرتبط بالأردن. هذا المخطط يستجيب لمخططات قديمة طرحت في خمسينيات القرن الماضي، وكانت تقضي بتوطين الفلسطينيين في سيناء المصرية.
ومن الواضح أن إسرائيل التي لم تتخل عن تلك المخططات القديمة المتجددة، إنما تعمل لإنهاء فكرة الدولة الفلسطينية التي يطالب المجتمع الدولي بإقامتها، فضلاً عن أنها تنهي قضيتي اللاجئين والقدس، وتخلق حلولاً للخطر الديمغرافي الذي يتهدد مستقبلها، بسبب ارتفاع معدلات الزيادة السكانية لدى الفلسطينيين.
وفق هذا المخطط فإن قطاع غزة يشكل بمساحته المحدودة خزاناً بشرياً مخيفاً، من شأنه أن ينفجر بعد سنوات قليلة، لذلك فإن إسرائيل تعمل على أن ينفجر هذا الخزان بعيداً عنها، وفي حدود مصر كدولة عربية كبيرة يمكن أن تستوعب نواتج ذلك الانفجار.
والحال أن القاهرة تنظر بقلق بالغ لهذه المخططات الخبيثة، خصوصاً حين تتذكر مشاهد مئات آلاف الغزيين الذين تجاوزا الحدود واجتاحوا شمال سيناء حتى العريش في بداية العام السابق 2008، الأمر الذي شكل في حينه حالة غضب شديد جراء شدة الحصار، عبروا عنه من النقطة الأضعف في الحدود، إذ لم يكن بمقدورهم أن يفجروا غضبهم على الحدود مع إسرائيل التي كانت سترتكب ضدهم مجازر رهيبة.
إذا كانت مصر لديها مخاوف من هذا المستوى الاستراتيجي وتستشعر الخطر على أمنها القومي، وأيضاً على ما يمثله ذلك من خطر على القضية الفلسطينية، فإن لحركة حماس مخاوفها أيضاً، الأمر الذي لا يمكن معالجته سوى بالحوار والتفاهم وإبداء الحرص كل على مصالح الآخر، إذ لا يمكن للفلسطينيين تحقيق مصالحهم عبر فتح الصراع مع مصر، ولا نعتقد أن لمصر مصلحة في خوض مثل هذا الصراع مع الفلسطينيين، مهما بلغت خلافاتها معهم أو مع بعض أطرافهم.
 

- 'الأهرام' المصرية
جماعات المصالح في أمريكا‏...‏ نظرة أخرى
فهد سعد:

فريق التواصل الإلكتروني وزارة الخارجية الأمريكية
ليس هناك شك في أن مفهوم جماعات المصالح يعتبر من أكثر المفاهيم إثارة للجدل فيما يتعلق بالسياسة في الولايات المتحدة‏,‏ فمن الصعب أن نجد فكرة تؤجج العواطف ـ بطريقة سلبية ـ أكثر من مصطلح جماعات الضغط أو لوبي والذي يستخدمه البعض للإشارة إلي أي من آلاف جماعات المصالح المتنوعة في الولايات المتحدة‏,‏ ومع ذلك‏,‏ فإن نظرة أخري لدور تلك الجماعات في صنع القرار السياسي سوف تسلط الضوء علي حقيقة مهمة وهي أن طبيعة العملية السياسية الديناميكية‏,‏ والتي تنخرط فيها تلك المنظمات‏,‏ مبنية علي مبدأ يتناسق مع طريقة الأمريكيين في الحياة والذي يعتبره الكثيرون من أهم المباديء التأسيسية للدولة الأمريكية‏,‏ ألا وهو مبدأ المنافسة الذي يؤدي الي حالة من التوازن في النظام‏.‏
ولابد أن اعترف بأنني أتعجب لمدي سعة انتشار أحد أبرز الانطباعات الخاطئة عن النظام الأمريكي والذي لا يمكنني أن أصفه إلا بـأسطورة اللوبي‏.‏
فقد انتشرت تلك الصورة التي تتخيل أن الولايات المتحدة ـ والتي يسكنها أكثر من ثلاثمائة مليون نسمة من ذوي الأعراق والديانات المختلفة ـ تسيطر عليها ـ وفي بعض الروايات تتحكم فيها كليا ـ عصابة شريرة قد أدت قسم الولاء لدولة أخري‏!‏ هذا الوصف ليس مجرد مبالغة الي أبعد الحدود فحسب‏,‏ وانما وفي نفس القدر من الأهمية‏,‏ هو يسيء تفسير دور جماعات المصالح‏,‏ حيث يعتبر أنه بالضرورة دور سلبي‏.‏
ونظرا للعدد الذي يكاد لا يحصي من الجماعات المتنافسة ولطبيعة النظام الأمريكي‏,‏ الذي يقسم السلطة تقسيما أفقيا بين السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية‏,‏ وعموديا بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات والحكومات البلدية‏,‏ فإنه من شبه المستحيل أن تتمكن جماعة واحدة من تحديد مصير ثلاثمائة مليون أمريكي وبدون أي منافسة‏,‏ كما يزعم البعض‏.‏
الحقيقة هي أن تشكيل جماعات المصالح أو الضغط هي إحدي الآليات المهمة والتي يتمكن من خلالها المواطنون الأمريكيون من الإفصاح عن أفكارهم واحتياجاتهم وآرائهم للمسئولين المنتخبين ولبقية الشعب الأمريكي‏,‏ آملين في أداء دور مهم في عملية صنع القرار السياسي‏,‏ وهناك وبدون مبالغة الآلاف من تلك المجموعات‏,‏ والتي يمثل بعضها أولويات أصحاب الصناعات أو المهن‏,‏ بينما ينشط آخرون بالنيابة عن مؤيدي قضية معينة والتي عادة ما تكون ذات أهمية عامة للمجتمع والدولة الأمريكية‏,‏ وعلاوة علي ذلك‏,‏ هناك مجموعات تمثل مصالح الجماعات العرقية والدينية المختلفة‏,‏ وكون أن حق التظلم من الحكومة قد جاء ضمن الحقوق المنصوص عليها في التعديل الأول علي الدستور الأمريكي‏,‏
هو خير دليل علي أن أهميته توازي أهمية حق حرية التعبير أو ممارسة الدين أو حق إقامة التجمعات السلمية والتي جميعها تعتبر من المباديء المؤسسة للدولة الأمريكية‏.‏ ومع ذلك‏,‏ فليس هناك شك في أن بعض المجموعات تجيد تنظيم نشاطاتها علي نحو أفضل من غيرها‏,‏ وهناك جماعات أخري والتي تأسست منذ فترة طويلة تمكنت من اكتساب خبرة من تجربتها ومن ثم أصبحت أكثر فعالية من غيرها‏,‏ وفي الوقت نفسه تتسم بعض الجماعات بميزة مهمة وهي التزام قوي من قبل أعضائها ومؤيديها الذين يبذلون قصاري جهدهم في حشد الدعم العام لمواقفها تجاه القضايا ذات الأهمية لها‏,‏ ولا يمكننا أن ننكر أن بعض المجموعات تتفوق علي غيرها في مدي قدرتها علي القيام بنشاطات تهدف للحصول علي الدعم المادي ولايمكن أن نقلل من أهمية ذلك في عصر التواصل الفوري ومجتمع المدن الكبري‏.‏
هذا الجو المفعم بروح التنافس المفتوح بين الجماعات المختلفة ـ والذي يسميه البعض النموذج التعددي ـ هو النظام الأنسب لتنظيم دور جماعات المصالح في عملية صنع القرار السياسي في الولايات المتحدة‏,‏ وهو نظام يؤمن الأمريكيون بأنه يوازن ما بين المصالح المختلفة‏,‏ فهو يتيح الفرصة للجميع للمشاركة في السياسة وللوصول لصانعي القرار بطريقة سهلة نسبيا‏.‏
بينما تتبع أنظمة ديمقراطية أخري ما يسمي النموذج الشركاتي والذي ينطوي علي عملية أقل مرونة‏,‏ وعلي عدد من الآليات الرسمية والتي تنظم الحوار بين الحكومة وأصحاب العمل والعمال حول قضايا السياسة العامة بشكل مباشر‏,‏ ففي مثل هذه الأنظمة تمكن الحكومة بعض الجماعات الكبيرة من احتكار مجال التفاعل معها مقابل تعاون تلك الجماعات مع الحكومة في وضع السياسات‏.‏
وفي الواقع‏,‏ فإن جماعات المصالح في الولايات المتحدة لاتحاول إثبات وجودها عبر الضغط علي السلطتين التنفيذية والتشريعية ـ فحسب‏,‏ وانما بين الفينة والأخري‏,‏ تلجأ هذه المنظمات أيضا الي السلطة القضائية‏,‏ وفي حين أن المحكمة الأمريكية العليا لا تصنع سياسة الولايات المتحدة‏,‏ إلا أن قراراتها القضائية بشأن قضايا ذات أهمية للمجتمع الأمريكي بأكمله تلزم الجميع وعادة ما تحدد مسار السياسة في البلاد‏.‏
ومن الجدير بالذكر أيضا‏,‏ فإن هناك عددا من جماعات المصالح التي تؤيد وتعبر عن أولويات المسلمين والعرب الأمريكيين‏,‏ وقد ذاع صيت عدد منها وأصبح لها ثقلها في المجتمع خاصة في السنوات الأخيرة‏,‏ وقد حرص عدد من المرشحين في انتخابات العام الماضي للرئاسة ـ بما في ذلك الرئيس أوباما ـ علي توصيل رسالة خاصة لمؤيدي هذه المجموعات وعلي التعبير عن تقديرهم لما قدموه للمجتمع الأمريكي من اسهامات وطلبوا منهم مساندتهم في حملاتهم الانتخابية‏,‏ كما أكد المرشحون اهتمامهم بالقضايا التي تحوز علي أهمية خاصة لدي كلتا الجاليتين‏.‏
وإن كان هناك مبدأ مشترك يسود ويميز الطريقة الأمريكية في الحياة من جميع جوانبها‏,‏ فذلك هو روح المنافسة‏,‏ الأمريكيون يفتخرون بأن انتخاباتهم حرة وتنافسية وتسمح لأي شخص صاحب رسالة في الصعود الي أعلي المستويات في الحكومة‏,‏ وفي الوقت نفسه‏,‏ يتباهي الأمريكيون بنظامهم الاقتصادي الذي يكافيء الابتكار وروح المبادرة‏,‏ وبين الحكومة والقطاع الاقتصادي‏,‏ يقع مجال المجتمع المدني والذي يشمل جماعات المصالح والتي هي أيضا تتنافس مع بعضها البعض حيث يسعي جميعها الي اقناع صانعي القرار بأن موقفها تجاه قضية ما‏,‏ هو الأنسب‏,‏ فمن وجهة نظر الأمريكيين‏,‏ لا تعد تلك العلاقة خللا في النظام السياسي‏,‏ وانما هي احدي سماته المميزة‏.‏


- 'الأهرام'
حقائق
إبراهـيم نـافـع:
الاستفزاز الإيراني باحتلال مواقع بترولية جنوب العراق سيدفع حتما إلي ردود أفعال متعددة‏,‏ خاصة أنه بعد انسحاب القوات الإيرانية عن موقع البئر‏4‏ بحقل الفكة لتتمركز علي بعد‏50‏ مترا منه‏,‏ أعلن رئيس مجلس محافظة ميسان التي يقع ضمنها الحقل أن هذه القوات عادت لتحتل البئرين‏11‏ و‏12‏ في الحقل نفسه‏,‏ بينما نفت وزارة البترول العراقية هذه المزاعم‏.‏
وهذا الاستفزاز الإيراني يشكل في تقديري امتحانا صعبا لجميع القوي والكتل السياسية العراقية‏,‏ خاصة قبيل نحو ثلاثة أشهر من الانتخابات العامة‏,‏ وهو امتحان من سؤال واحد رئيسي‏:‏ هل تغلب القوي والكتل السياسية انتماءها الوطني علي أي انتماء آخر‏,‏ أم يكون للانتماء المذهبي والعلاقات التاريخية كلمتها الفاصلة؟
ويبدو من ردود الأفعال أن هذا السؤال واضح للجميع‏.‏ فقد قامت موجة من المظاهرات في بعض المدن العراقية مثل العاصمة بغداد‏,‏ وكربلاء والأنبار والحويجة يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين ضد الاحتلال الإيراني‏,‏ وفي بيان أصدروه عقب مظاهرة يوم الأربعاء أكد المتظاهرون أن الاحتلال الإيراني للأراضي العراقية إنما هو اعتداء علي سيادة العراق‏,‏ داعيا الحكومة إلي استخدام جميع الأساليب وبذل كل الجهود لردع هذا الاعتداء السافر‏.‏
وكان نائب رئيس الجمهورية العراقية طارق الهاشمي قد أشار في تصريحاته يوم الثلاثاء الماضي إلي أن البئر الرابعة لحقل الفكة تقع ضمن الأراضي العراقية‏,‏ وعلي هذا الأساس أوجه ندائي إلي إيران وأذكرها بما تقوله من أنها مع العراق وأنها تدعم العملية السياسية‏,‏ إذا كانت إيران تطمح إلي علاقات جيدة مع العراق لتكف أذاها عنه‏.‏
وأوضح أن التصرف الإيراني أثار مشاعر العراقيين جميعا‏,‏ مشيدا بموقف العراقيين‏,‏ خصوصا عشائر الجنوب‏,‏ وأردف قائلا‏:‏ أنا سعيد جدا بوقفة أهلنا في الجنوب‏,‏ لقد أثبتوا فعلا أنهم علي قدر المسئولية‏,‏ وأن الهوية الوطنية تغلب علي كل انتماء آخر وبات تدخل الحكومة العراقية السريع لإنجاز انسحاب سريع للقوات الإيرانية من الأراضي العراقية أمرا ملحا‏,‏
خاصة في ظل ما أعلنه مجلس قبلي في جنوب العراق عن تشكيل فرقة مسلحة من أبناء القبائل في البلاد لمواجهة القوات الإيرانية المتمركزة في المنشأة النفطية‏,‏ فعلاج الموضوع علي المستوي السياسي أفضل من ترك الأمور للتفاعل بصورة سلبية تضر بشدة بموقف العراق الساعي بشق الأنفس للخروج من آثار سنوات طويلة من التخريب والدمار‏.‏


- 'الأيام' البحرينية
نصف العرب فقراء
إضاءات - فاضل عباس:

التقرير الذي أطلقته جامعة الدول العربية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتاريخ 20 ديسمبر 2009 حول تحديات التنمية العربية يحمل في طياته جرس إنذار لكل الأقطار العربية فالتقرير يتحدث عن تقدم محدود في مكافحة الفقر والحد منه، فيؤكد التقرير ان 40% بما يعادل 140 مليون عربي فقير، وإذا كان النمو السكاني في الوطن العربي وفق إحصائيات 2009 يؤكد أن عدد سكان الوطن العربي بلغ 287.3 مليونا، ومن هنا تكون خطورة تقرير التنمية العربية الذي يعطي مؤشرات بان نصف العرب فقراء وهي نسبة عالية جداً تؤكد على فشل مشاريع التنمية التي قامت بها بعض الحكومات العربية ونشرتها. ان نشر التقرير كاملاً سوف يوضح الأقطار العربية التي يرتفع فيها الفقر عن الدول الاخرى، لان ما هو منشور حالياً خطير ولكنه يتحدث بشكل اجمالي عن الوطن العربي، ونحن بحاجة لتحديد مواطن الخلل في تحديات التنمية العربية لكل قطر عربي، وبالتأكيد فان بعض الأقطار العربية سوف يرتفع فيها معدل الفقر عن الاخرى على الرغم من كون التقرير حدد 40% متوسط لكل الوطن العربي. التقرير أكد على زيادة معدل الفقر في بعض الأقطار العربية وأكد على ارتفاع معدل البطالة في الوطن العربي خصوصاً بين الشباب بحيث تصل إلى نسبة 50%، وهنا يكون لذى القارئ العربي مؤشر على مدى جدية بعض الانظمة العربية في دعم الشباب، فارتفاع البطالة بينهم يضع المجتمع ضمن حالة الخطر وانتشار الجريمة، لذلك فان التقرير طالب بضرورة سرعة توفير 51 مليون فرصة عمل، وهي مسؤولية تتطلب برامج وتخطيط اقتصادي طويل المدى وبعيد عن أي حالة تخبط اقتصادي كما يحدث في بعض الأقطار العربية، هذا بالإضافة إلى مسؤولية الخصخصة والفصل التعسفي للعمال من العمل وجزء كبير منهم من الشباب يساهم في تفاقم المشكلة التي أشار إليها التقرير. التقرير أكد على الحاجة إلى عقد اجتماعي جديد يشمل التحول من نموذج نمو قائم على البترول والمواد الأولية ولا يحقق التنمية، إلى نموذج الدولة التنموية التي تتوقف أمام نجاح أو فشل القطاعات الإنتاجية المختلفة، وضرورة ضمان حق الغذاء لكافة الشعوب العربية لان الأمن الغذائي العربي لم يتحقق إلا في دولتين هما السودان وسوريا، وهو ما يعني وجود خطر غذائي بنسبة 90% في الأقطار العربية التي لا تمتلك الأمن الغذائي. ولكن يبقى التحدي الأكبر للتنمية كما أشار التقرير إلى ضرورة أن يكون هناك سياسات اقتصادية تعمل على حماية الفقراء وليس زيادة الفقر في المجتمع وهذا يؤكد على ان السياسات الاقتصادية فى عدد من الاقطار العربية قد اثبتت فشلاً ذريعاً بزيادة الفقر في المجتمع والبطالة بين الشباب، وفشلها في تحقيق الامن الغذائي الضروري للمواطن العربي وهو ما يفقد بعض الانظمة العربية المصداقية في تقاريها القطرية التي تمجد بسياسة الحكومات والتنمية، بينما يكشف هذا التقرير الاممي – العربي مدى فشل السياسات الاقتصادية في بعض الاقطار العربية، لذلك نحن بحاجة إلى إعادة النظر في الادارة الاقتصادية في بعض الاقطار العربية بما يوضع حدا للفقر، وبغير ذلك تكون بعض الحكومات العربية أمام امتحان عسير، لانها فشلت في التنمية والحد من الفقر، وخفض البطالة، وتحقيق الامن الغذائي، ولو حدث ذلك في الدول &ldqascii117o;الديمقراطية العريقة&rdqascii117o; لاستقالت حكوماتها هناك، ولكن بالتأكيد لن يستقيل أحد في &ldqascii117o;الوطن العربي&rdqascii117o;!!!.
 
 
- 'الوطن' الكويتية
العلاقات العربية ـــ الإيرانية
مازن حماد:

كانت العلاقات العربية ـ الإيرانية الموضوع الوحيد تقريباً على جدول أعمال المباحثات التي أجراها الرئيس المصري حسني مبارك خلال جولته الخليجية الأخيرة التي شملت دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والكويت. لكن اللافت في هذه الجولة ان مبارك نفذها بعد ساعات فقط من استقباله في القاهرة رئيس مجلس النواب الإيراني علي لاريجاني.
وخلال زيارة لاريجاني التي تمثل أول لقاء على مستوى رفيع بين القاهرة وطهران منذ سنة، سلم المسؤول الإيراني الرئيس المصري رسالة من القيادة الإيرانية وصفت بالهامة والسرية. ورغم انه لم يتسرب شيء رسمي عن محتوياتها، تعتقد مصادر سياسية مصرية مطلعة أن الرئيس محمود أحمدي نجاد يعرض في هذه الرسالة منهاجا إيرانيا جديدا لحل القضايا العالقة بين البلدين.
وحسبما تقول الصحافة المصرية، فإن إيران عبرت عن رغبتها في استئناف العلاقات الطبيعية مع مصر بعد انقطاع مستمر منذ توقيع أنور السادات معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل عام &laqascii117o;1979". لكن القاهرة حددت شرطين لتحقيق تلك الرغبة وهما إزالة لوحة جدارية ضخمة لخالد الإسلامبولي قاتل السادات من أحد شوارع طهران، وتعهد إيران بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية.
غير أن رسالة نجاد لمبارك لم تقتصر على العلاقات المصرية ـ الإيرانية، إذ يريد الرئيس الإيراني من نظيره المصري أن ينقل الرغبة ذاتها إلى دول مجلس التعاون الخليجي، وهذا ما يفسر سبب زيارة مبارك السريعة للدول العربية الخليجية الثلاث المذكورة.
وتضمنت محادثات مبارك مع قادة الدول الثلاث العلاقات مع إيران، وكذلك استكشاف الوسائل الممكنة لتجنب حدوث مجابهة غربية ـ إيرانية في وقت تشهد فيه تطورات الملف النووي الإيراني تصعيدا خطيرا على حد وصف الناطق الرئاسي المصري سليمان عوض.
وفيما تنظر مصر وكثير من الدول العربية بقلق إلى تطلعات طهران النووية ورغبتها في بسط المزيد من النفوذ في الشرق الأوسط، تخشى هذه الدول أيضاً من عواقب لجوء أميركا أو إسرائيل إلى توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية.
حتى هذه اللحظة، لا يبدو أن هناك أي اختراق على صعيد العلاقات المصرية ـ الإيرانية أو العربية ـ الإيرانية عموما، ربما لأن مثل هذا الملف يحتاج إلى الكثير من النقاش خصوصا مع الغرب وتحديدا الولايات المتحدة التي لا نظن أنها تقبل بأن يفتح بعض العرب صفحة جديدة مع إيران قبل أن تستجيب الدولة الفارسية لمفاتحات الولايات المتحدة المتعلقة بالحوار بين البلدين بخصوص ملفها النووي، وهو الحوار الذي تنتهي المهلة الأميركية المحددة له مع نهاية هذا الشهر دون أدنى تغير في الموقف الإيراني.


- 'عكاظ' السعودية
لن أتطعم!؟
محمد أحمد الحساني:

ظهر الرئيس الأمريكي باراك أوباما وهو يأخذ حقنة تطعيم ضد انلفونزا الخنازير .. ربما لإقناع شعبه بأن اللقاح آمن أو لأنه يريد حماية نفسه من المرض، بعد أن أصبح واثقا من مأمونية اللقاح، ومن قبل الرئيس الأمريكي ظهر وزير الصحة السعودي وهو يلقح نفسه وابنته ضد المرض، ولكن ذلك كله لم يجعل &laqascii117o;الشعب" يطمئن إلى اللقاح وبدلا من ذلك أعطوا آذانهم الكبيرة والصغيرة لما ينشر على شبكة الإنترنت من أقاويل تحذر من المضاعفات والآثار الجانبية للقاح حتى بلغ الأمر بطلاب صغار في المرحلة الابتدائية أن يقول واحد منهم لوالده: إذا كتبت على ورقة التطعيم أنك موافق فلن أذهب إلى المدرسة حتى لو قطعتني &laqascii117o;حتت"! أو أضيع الورقة قبل وصولي إلى المدرسة فإن سأله والده عن سبب رفضه القاطع للتطعيم أجابه قائلا: يقولون إن الذي يأخذ التطعيم لن ينجب أطفالا إذا كبر وتزوج وأنه ربما يصبح معوقا مثل ولد الجيران؟! فمثل ذلك الطفل تأثر سلبا بما تم تداوله على الألسنة وعبر الإنترنت من &laqascii117o;هرطقات" زعم مروجوها أنها معلومات طبية حتى أصبحت نسبة الإقبال على التطعيم أقل من واحد في المائة لاسيما في ظل انحسار أعداد الإصابات بالمرض والمتوفين بسببه عالميا وإقليميا ومحليا، فوقر في نفوس الناس أن الحاجة إلى التطعيم ضد الوباء لم تعد ملحة فلماذا يخاطر الإنسان بنفسه أو بولده فيطعمه مع وجود أقاويل عن أعراض جانبية بعضها خطير؟
وهكذا انتقل الوضع من هلع من المرض إلى خوف من التطعيم ضده، وساعد على ترسيخ هذا الوضع عدم وجود تأثير إيجابي للحملة الصحية المصاحبة لانطلاق عملية التطعيم، ولا أعلم عما سوف تفعله وزارة الصحة بنحو عشرة ملايين عبوة تطعيم قيل إنه تم التعاقد مع شركات أدوية لتوريدها بمئات الملايين من الريالات وهل هي أدوية قابلة للتخزين لشهور أو أعوام مقبلة ريثما يقتنع المجتمع بالتجربة أن اللقاح آمن، أم أنه دواء غير قابل للتخزين لمدة طويلة، أما السؤال الأكبر فهو عن أسباب فقدان كثير من الناس للثقة وتصديقهم لأقاويل المواقع الإلكترونية؟


- 'الدستور' الأردنية
السلام والاستيطان لا يجتمعان
 
لقد أثبتت الاحداث والوقائع ان السلام والاستيطان لا يجتمعان ، ولا يلتقيان تحت سقف واحد ، فهما نقيضان ، كون الاستيطان غير شرعي ، وغير قانوني ، ويشكل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية ، ومن هنا تجيء مطالبة الاردن بوقف هذه الاجراءات والاعمال غير الشرعية ، كمقدمة ضرورية لاطلاق مفاوضات جادة تنتهي بحل الدولتين.
ان رفض عصابات الاحتلال وقف الاستيطان ، واصرارها على اطلاق المفاوضات ، فيما جرافاتها تنهب الارض الفلسطينية ، وتدمر بيوت الفلسطينيين ، وتحولها الى انقاض ، يؤكد انها غير معنية بالسلام الحقيقي ، وغير معنية بعودة الامن والاستقرار الى المنطقة.
فالسلام الحقيقي يستدعي وقف كافة الاعمال التي تشكل انتهاكاً للقانون الدولي ومنها الاستيطان ، واجراءات التطهير العرقي ، وهذا ما تفرضه اسرائيل وتصر على فرض سياسة الامر الواقع ، والاستمرار في ممارساتها العنصرية واجراءاتها القمعية ، لتنفيذ أهدافها العدوانية التوسعية ، وبالذات تهويد المدينة المقدسة ، وتحويل سكانها العرب الى أقلية خلال العقد القادم.
لقد أدان المجتمع الدولي هذه الاعمال الاجرامية ، ودعا الاتحاد الاوروبي في بيان صدر مؤخرا ، الى وقف كافة اعمال الاستيطان ، والتوقف عن هدم البيوت العربية ، والاجراءات العنصرية التي تهدف الى تغيير الديمغرافيا ، محذرا سلطات الاحتلال بأن كافة الاعمال التي تقوم بها ، مخالفة للقانون الدولي وغير شرعية ، وتنسف العملية السلمية من أساسها.
كما طالب الاردن واكثر من مرة وعلى لسان جلالة الملك سلطات الاحتلال التوقف عن الاستيطان ، وعن كافة الاعمال العدوانية التي تستهدف المسجد الاقصى ، وكنيسة القيامة ، حيث قامت عصابات الاحتلال مؤخرا ، برفع وتيرة اعتداءاتها على الاماكن المقدسة ، مستغلة الاعياد الدينية لحشد رعاع المستوطنين ، ودفعهم تحت حماية الجيش الصهيوني لاستباحة المسجد الاقصى ، وهذا ما حذر منه جلالة الملك ، مؤكدا ان القدس والاقصى خط أحمر ، لا يسمح بتجاوزه ، مناشداً الدول دائمة العضوية في مجلس الامن النهوض بمسؤولياتها ، ومن منطلق الحفاظ على السلم العالمي ، ولجم العدوان الاسرائيلي الذي يهدد بدفع المنطقة كلها الى حافة الانفجار.
مجمل القول: ان مناورات عصابات الاحتلال ، أصبحت مكشوفة ، ولم تعد تنطلي على أحد ، وليس أمامها اذا ارادت الانضمام الى معسكر السلام ، الا وقف الاستيطان في كافة الاراضي العربية المحتلة ، وخاصة في مدينة القدس العربية ، تمهيداً لعودة المفاوضات ، وفق سقف زمني محدد ، واجراءات واضحة تنتهي بحل الدولتين ، وفقاً للمرجعيات الدولية ، ومبادرة السلام العربية.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد