صحافة إقليمية » مقالات وآراء مختارة من صحف عربية صادرة الأربعاء 30/12/2009

- صحيفة 'الوسط' البحرينية
تصريحات أميركا لن تخدم الإصلاحيين الإيرانيين
علي الشريفي

ما أن تخرج تظاهرة في إيران ضد الحكومة حتى تعلن واشنطن ودول أوروبية أخرى بيانات منددة بنظام طهران.
حالة التصريحات الأميركية والأوروبية تتكرر مع كل تظاهرة أو حالة عنف ضد إصلاحيين أو عملية اعتقال يتعرض لها معارض في إيران، وهي حالة حميدة لو كانت هذه التصريحات ستؤدي الى دعم المعارضة لإصلاح الواقع السياسي في إيران، لكن الأمر قد يبدو عكس ذلك.
صار من شبه المسلمات أن مواقف أميركا والدول الأوروبية من الأنظمة تقاس على مدى مواءمة سياسات تلك الأنظمة معها، وطهران من تلك الدول المتخالفة مع سياسات أميركا وأوروبا، ولو كانت الصورة معكوسة وكان المحتجون هم فلسطينيون ضد استمرار سياسات الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، واستخدمت القوات الإسرائيلية عيارات نارية سقط خلالها عدد من المحتجين، فهل كانت واشنطن والدول الأوروبية ستتحمس لإصدار إدانات ضد &laqascii117o;إسرائيل"؟
رأيي هنا بالتأكيد لا يمكن تعميمه على كل متلقٍّ يسمع عبر وسائل الإعلام عن مدى الاندفاع الغربي ضد حكومة إيران، لكنه قد يمثل وجهة نظر مجاميع لا بأس بها من المراقبين ومنهم بالطبع إيرانيون يمثلون نسبة غير قليلة من المحتجين على الواقع السياسي في بلادهم الذي بات شيئا فشيئا يصطبغ بصبغة عسكرية.
الغرب، وأقصد هنا واشنطن وعددا كبير من الدول الأوروبية، لم يعودوا وجها ناصعا للحرية أو نموذجا يحتذى به في أدبيات احترام حقوق الإنسان، ولا هم طرف محايد يمكن الاعتماد عليه للمساهمة في تغيير المجتمعات نحو الأفضل، وخصوصا أن العراق وأفغانستان يعدان نموذجين حيين لما آلت إليه الاحتلالات الأميركية والتدخل المباشر لتغيير الأنظمة.
على أميركا أن تعرف أنها لم تعد نموذجا للشعوب المتطلعة لنيل حقوقها الوطنية، والغرب الأوروبي أثبت تبعيته لواشنطن بعد أن كان قبل سنين قطبا مهما في المعادلة الدولية، وأن أيَّ تدخل في الشأن الداخلي الإيراني سيقوي الحكومة الإيرانية ويمنحها المبرر لقمع شعبها، وبالمقابل سيحرج الإصلاحيين ورموز المعارضة في إيران التي لا أعتقد أنها بحاجة إلى تصريحات داعمة من الغرب بقدر ما هي بحاجة إلى تغطية إعلامية تظهر ما يجري داخل الحدود الإيرانية.
عندما نقول إن أميركا ودول الغرب لم تعد نموذجا لاحترام حقوق الإنسان، لا يعني أن الحكومة الإيرانية هي النموذج المنشود، وخصوصا أن ما تفعله بشعبها لا يمكن أن تقبله أية دولة ديمقراطية، لكن ما يحدث في إيران منذ أشهر يؤكد أن الشعب الإيراني قادر على تحديد خياراته بنفسه، وأن التدخل الغربي في الشئون الداخلية لدولة كبيرة مثل إيران لم يعد مقبولا بعد أن صار التعاطي معه يوازي العمالة للخارج، ولا عاقل (بعد كل الذي صار في العراق) مستعد لأن يكون بيدقا ضمن طابور خامس داخل بلاده.


- 'الوسط'
كرة النار الإيرانية
اتساع الأزمة الإيرانية وتدحرجها كان من الاحتمالات المتوقعة بعد تدوير انتخابات الرئاسة في يونيو/ حزيران الماضي. فالسلطة حين تقرر إقفال باب التفاوض وتعطل التسوية وتهدد قوى الاعتراض باستخدام القوة تكون قد فتحت من دون إدراك قنوات العنف. السلطة الإيرانية أخطأت في قراءة المسألة وتعاملت معها وكأنها مجرد حادث بسيط يمكن احتواء تفاعلاته من خلال التخويف والتهديد بالمطاردة والاعتقال والتعذيب والقتل. وحين تكون القراءة خاطئة إلى هذا الحد من التهور تصبح مسارات العنف مفتوحة على موجات متتالية من التصادم بين شارع سياسي اشتهر بالحيوية والاستعداد للتضحية وسلطة تقودها شريحة من الرؤوس الحامية.
وضع إيران أسوأ الآن مما كان عليه الأمر قبل نصف سنة تقريبا. ويرجح أن يستمر الحال بالتفاقم إذا استمر تعامل السلطة مع قوى الاعتراض بالشكل الذي قررته منذ أعلن وزير الداخلية السابق (محصولي) نتائج الانتخابات الرئاسية.
إيران أمام مفترق طرق وعلى القيادة السياسية أن تقرر الاتجاه الذي تريد السير نحوه. فهل تعيد النظر بالحسابات وتبدأ الانفتاح على قوى الاعتراض وتأخذ موقع الوسط وتفتح الباب للتصالح والتسوية مع جيل الثورة والدولة الأول أم أنها تستأنف خيار المواجهة وتدفع الأزمة نحو مزيد من الاتساع والتدحرج؟
القرار يحتاج إلى عقلية تسووية تضع الاحتمالات في ميزان يحتكم إلى العدالة ويرى الأمور من موقع يتعالى على خصوصيات تلك الشريحة من الطفيليات التي أخذت تتحكم بمصادر الثروة وتدفع السلطة نحو التدهور والانزلاق في صدامات دائمة مع الجمهور.
مصلحة تلك الشريحة من الطفيليات تقوم على معادلة القوة والإفراط في استخدامها حتى تتوصل إلى التحكم بشرايين الحياة وتفريغ الثورة من عصبها وتجويف الدولة من عناصرها التي ساهمت في بناء مؤسساتها. وهذه المصلحة تأسست على مبدأ المصادرة والاحتكار والكسب السريع والانتقام من المؤسسات المدنية والمجاميع الأهلية والتيارات الفكرية وهيئات المراقبة. بسبب ضيق أفق هذه الشريحة من الطفيليات يمكن توقع المزيد من حالات العصيان المدني واتساع نطاق الاعتراض. فالشريحة المذكورة حديثة النعمة وهي مستعدة لدفع البلاد نحو موجات من العنف لتبرير الانغلاق وإعطاء شرعية للديكتاتورية والعسكريتاريا. ومشكلة هذا النوع من الطفيليات أنه يعتمد على سياسة تتوهم القدرة على السيطرة اعتمادا على البطش والابتزاز وتزوير الوقائع وتدوير الحقائق. والتوهم في مجال السياسة يكثر من الأخطاء لأنه من جانب يقلص قاعدة الدولة وشبكاتها الاجتماعية الممتدة ومن جانب آخر يوسع من دائرة الخصوم ويرفع درجة التوتر السياسي على مساحة الجمهورية.
المؤشرات تدل على أن السلطة غير مستعدة للتراجع وربما أصبحت في موقع لا يسمح لها بالمراجعة وإعادة قراءة الملفات وترتيبها وفق جدول ينظم الأولويات ويحدد خريطة طريق للتعرف على الأصحاب والأعداء. الإفراط في العنف والتوغل في استخدام القوة والانغلاق على الذات كلها سمات تتبعها السلطات في لحظة انعدام الثقة بالشارع والخوف منه، وهذا ما بدأ يظهر من خلال رصد التصدعات التي أخذت تنتشر في مختلف المحافظات والمدن والحواضر والمراكز التقليدية والهيئات المرجعية.

--------------------------------------------------------------------------------

المعلوم والمجهول

مشكلة أصحاب الرؤوس الحامية في السلطة الإيرانية تتمثل في اللحظة الراهنة في عدم قدرة الرئيس المضطرب على التمييز بين التيار الذي يريد تصحيح الأخطاء حفاظا على الدولة والثورة وبين تيارات مجهولة الهوية والعنوان تتربّص في الزوايا وتتحين الفرص للاندفاع ودفع المواجهة نحو خيارات أخرى. الجيل الأول لا يريد التغيير ولا يفكر بتجاوز حدود الجمهورية وقواعدها وإنما يأمل أن يرتب الأمور بما يضمن التوازن والانفتاح والتصالح مع العالم ودول الجوار. وهذا الجيل لايزال يتمتع حتى الآن بتلك القدرة التي تسمح له بإعادة إنتاج مصالحة عاقلة تضبط ميزان العدالة في الحدود المقبولة.
السلطة لم تستوعب هذه المسألة وهي تتعامل مع الجيل المؤسس وكأنه يريد الانقلاب على الجمهورية التي وضع دستورها ودافع عنها وبنى مؤسساتها وله مصلحة في استمرارها وصيانتها ومنعها من التقوض. وبسبب ضعف إدراك سلطة الطفيليات لهذا النوع من الاستعداد للتعاون اتجهت نحو خيار المواجهة انطلاقا من رؤية تبسيطية تقوم على الحل الأمني وتختزل الأزمة بحادث عارض يمكن السيطرة عليه بسهولة.
المسألة أعقد من تهويمات السلطة السياسية لأنها تتجاهل هواجس جيل ثالث أخذ يتشكل ويتكون خارج عباءة الجيل الأول. والجيل الثالث في حال خرج من تحت الأرض بقوة إلى الشارع فإنه سيعطل على الأول (المؤسس) تلك القدرات التي تمنحه فرصة ترتيب تسوية عادلة ومقبولة مع السلطة.
حتى الآن لايزال الجيل الأول يتمتع بذاك النفوذ التاريخي الذي يساعده على ضبط العنف تحت سقف الشرعية والدستور، إلا أن تطور الأمور باتجاه المزيد من المصادمات سيؤدي إلى إضعافه وتراجعه لمصلحة نمو قوة مجهولة تعتمد أجندة سياسية لا تتوافق مع هيئة الدولة ومبادئ الثورة.
المريب في الموضوع أن السلطة تتواجه مع الجيل الذي يريد حماية الثورة وعدم التفريط بمنجزات الدولة من خلال ابتزازه بمطاردة العائلات وتهديد أولاد وأحفاد الرموز التقليدية والتاريخية بالاعتقال، وتتعامى عن قراءة تحولات بنيوية بدأت تنمو في محافظات الجمهورية ويرجح أن تأخذ مواقعها بعيدا عن دائرة الجيل المؤسس في حال تواصل القمع وتمدد.
الأسوأ لم يظهر على الشاشة السياسية الإيرانية. وهذا الاحتمال ليس مستبعدا في حال قررت السلطة متابعة نهج الحل الأمني والسير باتجاه الانغلاق على كل المسارات السلمية والتسووية. ومشكلة هذه الشريحة من الطفيليات أنها تعتقد أن معركة الفصل هي مع رموز الجيل المؤسس، وهي إذا نجحت في تطويق وعزل أو اعتقال رفسنجاني وخاتمي وموسوي وكروبي ورضائي تكون سددت ضربتها الكبرى وأنهت الجولة لمصلحتها وأصبحت تتحكم بمصادر الثروة من دون منازع. هذه القناعة هي الخطأ بعينه لأن المعركة مع الجيل الأول سهلة في اعتبار أن رموزها لا تريد دفع الأزمة نحو الانفجار بل تطويعها والسير بها نحو الحل ما يعني أن إزاحة هؤلاء وإبعادهم عن المشهد سيساعد على فتح المعركة على مسارات العنف والخيار الأسوأ.
إيران أمام مفترق طرق والأزمة التي أخذت بالانفلاش والتدحرج منذ ستة أشهر يرجح أن تستمر في الاتساع والتحول والتطور نحو مزيد من التعارضات. وتدحرج كرة النار يعني انتقال الأزمة من إمكانات الحل مع الجيل الأول إلى انفجارها مع أطراف مجهولة.
 

- صحيفة 'الوطن' القطرية
رسالة إسرائيلية جديدة (رأي الوطن)

واضح أن إسرائيل بإعلانها عن طرحها عطاءات لبناء حوالي 700 وحدة استيطانية جديدة في القدس المحتلة تبعث برسالة تحد جديدة للعالم كله عموما وللعرب خصوصا، تقول فيها واصلوا اعتراضاتكم واداناتكم اللفظية، ونحن نواصل أفعالنا على الأرض.
تلك الرسالة التي تكررت عشرات المرات، وكان يقابلها في كل مرة، ومع كل مشروع استيطاني سيل من الانتقادات والاعتراضات والادانات والتحذيرات من مخاطر السياسة الاستيطانية الاسرائيلية على &laqascii117o;عملية السلام"، ولكن ماذا كانت النتيجة غير زراعة الأراضي الفلسطينية بالمستوطنين حتى غصت بهم الضفة الغربية، وتؤكد أن إسرائيل غير معنية لا بالسلام ولا بالشرعية الدولية ولا بما يعنيه الغضب الدولي وما يصاحبه من إدانات واستنكارات.
لكن لماذا هذه اللامبالاة الإسرائيلية إزاء كل هذه الانتقادات الغربية والاستنكارات والإدانات العربية &laqascii117o;اللفظية"؟ وبكل بساطة لأنها تحتمي بالولايات المتحدة الاميركية التي لاتؤمنها من كل عقاب تستحقه لخروقاتها اللامحدودة للقانون وللشرعية الدولية، بل وتساندها في كل المحافل الدولية والاقليمية وتمارس انحيازا الى جانب الاجندة الاسرائيلية التي تتعارض مع أبسط متطلبات السلام.
فلو وجدت اسرائيل جدية اميركية في ملف الاستيطان والسعي الجاد لاحلال السلام في المنطقة، ووجدت من الدول العربية مواقف حازمة وحاسمة تتعدى اللفظ والكلام، لما استمرأت الدولة العبرية هذه اللامبالاة وهذه الصلافة والتعنت، ولأدركت أن لرفض السلام ثمنا باهظا ستدفعه.


- 'الوطن' القطرية
صناعة القرار داخل البيت الأبيض

عاطف الغمري

من الطبيعي أن تختلف الآراء حول الاجابة عن السؤال: هل تراجع أوباما عن الموقف الذي أعلنه عن حل المشكلة الفلسطينية؟
ومن الطبيعي كذلك أن نشعر بالاحباط من تباطؤ حركة أوباما في هذا الاتجاه، ومن ليونة موقفه من سياسات حكومة اسرائيل وعنادها معه.
.. لكن منطق التحليل السياسي يفرض ألا نكتفي بوجه واحد من وجوه المشكلة محل التناول، بل أن نمسك بكل أبعادها. فليس هناك قرار سياسي أو حتى انساني من صنع عنصر واحد بمفرده، لكن السلوك السياسي وكذلك الانساني هو حصيلة تراكم مجموعة عناصر، تشترك معا في صفة في النهاية ومن المهم النظر إلى كيفية صناعة القرار في حكومة أوباما، فمثلا:
1- لدينا نموذج قريب حين اتخذ أوباما قراره بشأن استراتيجيته في أفغانستان. فقد استغرق الأمر ثلاثة أشهر من التفكير، وجمع المعلومات، والتحليل، وطرح البدائل والخيارات، والمناقشات في دائرة ضمت مسؤولين مختصين في حكومته، وبعض أصحاب الخبرة والمعرفة من خارج الحكومة.
وقبل أن يستقر أوباما على استراتيجيته النهائية، كان يرأس بنفسه الجلسات، ويدير المناقشات، ويحرص على طرح الآراء، التي تتنافس وتختلف مع بعضها البعض، وكل ذلك يجري في مواجهته، دون أن يبين في هذه المرحلة الأولية، الاتجاه الذي يميل اليه تفكيره ومن خلال ما توفره له هذه الطريقة من انضاج التفكير، وتقوية الرؤية لديه، يكون قد استقر على قرار.
2- لم يكن كل رئيس من رؤساء أميركا السابقين، يشارك بصورة كاملة في هذه العملية، بل كان يلقي بكثير من مراحلها، على عاتق مستشاره للأمن القومي، أو وزير خارجيته، وحدث نتيجة ذلك أن من بين هؤلاء من ضللوا رؤساءهم، ودفعوا الرئيس لاتخاذ سياسات بناء على معلومات ناقصة أو غير صحيحة.
من هذه النماذج التي كشفت عنها الوثائق المعلنة، واقعة تكليف الرئيس نيكسون لوزير خارجيته هنري كيسنجر عقب اشتعال حرب 73. بتوصيل رسالة إلى الزعيم السوفياتي بريجينيف، لاجراء مشترك من الدولتين لانهاء الحرب، والتحرك معا نحو تسوية عادلة للقضية الفلسطينية. وبينما كان كيسنجر في منتصف رحلته إلى موسكو، قرر وهو في الطائرة عدم تسليم الرسالة، بغرض تفويت الفرصة على أي ضغط أميركي على اسرائيل.
وهناك واقعة تشجيع الكسندر هيج وزير الخارجية في حكومة ريغان، اسرائيل على غزو لبنان عام 1982. وأخفى عن رئيسه ريغان أن الحرب وشيكة على لبنان.
وعلى العكس من هؤلاء كان جيمس بيكر أحد القلائل الذين لم يضللوا رؤساءهم، وعرف بأنه يضع أمام الرئيس بوش الأب، الأمور في صورتها الصحيحة.
3- تبقى العناصر السبعة المؤثرة على صنع القرار، وهي التي يسمح لها بذلك الدستور وطبيعة النظام السياسي في الولايات المتحدة وهي: الرئيس، والكونغرس، والنخبة النشطة في مراكز البحوث، وجماعات المصالح، وقوى الضغط، والميديا، والرأي العام.
وكلها صاحبة ضغوط مشروعة بحسب النظام السياسي، ومسموح لها بأن تلعب دورها، ولها توجهات متنافسة ومتعارضة أحيانا، وبعضها نافذ بقوة في دوائر صنع السياسات، وله مواقف مضادة لأوباما، وانتهاجه أي سياسة متوازنة، أو لأي خروج على تقليد التحيز لاسرائيل.
وفي مواجهتها قوى أخرى يعلو صوتها منذ أواخر عام 2008. وحتى اليوم، وتضم مؤسسات، وشخصيات لها وزنها في مؤسسات ومراكز صناعة السياسة الخارجية، وهي التي وضعت أمام أوباما الرؤية القائلة بأن عدم تسوية النزاع العربي ـ الاسرائيلي، وحل الدولتين، بقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية، سيكون تصرفا ضارا بالأمن القومي للولايات المتحدة، وأن أوباما يتحمل مسؤولية تدارك حدوث ذلك، والعمل على تغيير اتجاه السياسة الأميركية في الشرق الأوسط.
4- يؤخذ في حسبان عملية تحديد السياسة تجاه منطقتنا، ذلك التعبير الذي سبق أن سمعته من مسؤول في الحكومة الأميركية، أثناء عملي في واشنطن عام 1997، وهو ما اسماه السكون العربي. يومها قال: عندما يتولى رئيس جديد في واشنطن، ويبدأ في رسم سياسته تجاه المنطقة، فانه يفرز عناصر الضغط والتأثير النشط والمتحرك، وعادة ما يجد أمامه، عنصرا ثابتا لا يتغير، ولا يتحرك، وليست له قوة ضغط، وهو السكون العربي.
.. فما الذي يدفعه عندئذ إلى الخروج على السياسة التقليدية المتبعة تجاه العرب واسرائيل؟ !
ان في أميركا نظاما سياسيا، يأخذ في اعتباره، ويضع ضمن أولوياته قدرة كل طرف على التأثير على العملية السياسية.
هناك وحين نطرح الاجابة عن السؤال الذي عرضته في بداية هذا المقال: هل تراجع أوباما؟ لا نستطيع تجاهل كافة مكونات الصورة التي أمامنا، ونتوقف عند جانب منها، ونغفل بقية الجوانب. عندئذ يكون السؤال هو: هل لعب العرب دورهم في ساحة هذه العملية شديدة التعقيد؟. أم أنهم تركوا لغيرهم أن يلعبوه نيابة عنهم، وتكفيهم خصيصة الترقب والانتظار، فيما لم يعد يحتمل انتظارا؟ !
ان الساحة هناك مفتوحة أمامهم بحكم طبيعة النظام السياسي الأميركي، ليكون لهم دور فاعل وضاغط من أجل الدفاع عن مصالح طالما أن السياسة مصالح أولا وقبل أي شيء.
فلأي سبب هم ممتنعون؟.. وهذا سؤال آخر ملحق بسابقه، اذا كان له جواب !!


- صحيفة 'الأهرام' المصرية
حول الإجراءات المصرية على الحدود الشرقية
السفير محمد بسيوني
  
تابع الرأى العام باهتمام بالغ ما يثار من جانب البعض حول الإجراءات المصرية علي حدودها الشرقية والادعاءات المغلوطة حول الهدف من تلك الإجراءات‏,‏ لذا كان من الأهمية توضيح حقيقة وطبيعة هذه الإجراءات‏.‏ 
من حق الحكومة المصرية اتخاذ الإجراءات علي حدود مصر الشرقية بهدف منع تهريب السلاح‏,‏ وكل ما يهدد أمن مصر عبر الأنفاق‏,‏ حيث إن كثيرا من الأحداث التي وقعت مؤخرا سواء في سيناء أو غيرها من الأراضي المصرية كانت لعناصر إرهابية تسللت من خارج سيناء إلي داخل الأراضي المصرية وكانت تحمل معها أسلحة وذخائر وأحزمة ناسفة‏,‏ وما تم كشفه بالفعل من عناصر إرهابية تسللت حتي بني سويف‏,‏ فمصر من حقها الكامل اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمنع تهريب السلاح والعناصر الإرهابية إلي داخل مصر‏,‏ وماذا لو اتخذ ارهابيون من تنظيم القاعدة أو غيرها تلك الأنفاق سبيلا لممارسة أعمال إرهابية ضد الشعب المصري‏.‏
إن ما يثار من جانب البعض من معلومات مغلوطة ومضللة حول ما تقوم به مصر من إجراءات تسهم في زيادة معاناة الشعب الفلسطيني أمر عار تماما من الصحة‏.‏
فمصر تتحرك في مختلف الاتجاهات لرفع المعاناة والحصار علي الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة‏.‏ ويجب الأخذ في الاعتبار أن هناك تهديدات تسعي لإحداث خروقات من خارج سيناء إلي داخلها وإلي داخل الأراضي المصرية وأن من يترك أمور الأمن القومي نهبا لهذه المحاولة أو تلك خاصة في ظل هذا الوضع الإقليمي يكون قد تهاون في أمن الوطن وهو شيء مقدس‏.‏
إن أي إجراءات لصيانة الأمن القومي المصري وتأمين الحدود ـ مهما كان شكل هذه الإجراءات سواء أعمالا إنشائية أو هندسية أو معدات جس أو معدات للاستماع فوق الأراضي أو تحتها ـ هي شأن مصري يتعلق بالأمن القومي المصري‏,‏ ويدخل في مسئوليات الدولة وأسرارها‏,‏ باعتباره حقا كفله القانون الدولي لكل دولة علي حدودها وداخل إقليمها‏.‏ كما أن مصر هي صاحبة الحق السيادي وفقا لأحكام القانون الدولي لحماية وكفالة أمن وسلامة حدودها ولا تتخذ إجراءا‏,‏ جديدا‏,‏ وإنما تباشر حقها السيادي في اتخاذ ما تشاء من إجراءات لضمان أمن وسلامة حدودها ومواطنيها‏.‏ علاوة علي أن مسألة سيادة مصر علي أراضيها هي مسألة مقدسة‏,‏ ويجب عدم التذرع بأي حجج لمحاولة تبرير تفريط مصر في سيادتها أو أراضيها أو أمن شعبها ـ فقد قامت به دول أخري كثيرة في مختلف قارات العالم لحماية حدودها وأمنها القومي‏.‏
إن مصر هي التي تختار من الإجراءات التي تتخذ علي أرضها بما يحمي أمنها وهذه الإجراءات لا تهدف كما يدعي البعض إلي معاقبة حركة المقاومة الإسلامية حماس والضغط عليها للتوقيع علي وثيقة المصالحة وهذه الإجراءات التي اتخذتها مصر بدأت منذ فترة طويلة قبل موضوع وثيقة الوفاق الوطني‏.‏ هناك سور أقامته مصر منذ سنوات وأيضا بقايا سور أقامته إسرائيل ـ الأول تم تحطيمه في‏23‏ يناير‏2008‏ عندما تحركت جموع من الشعب الفلسطيني في غزة نحو مصر وتم إعادة بنائه مرة أخري لأن هناك خطا للحدود يجب أن يحترم ومن لا يحترمه يصبح معتديا علي السيادة المصرية‏.‏
تدين مصر الإجراءات الاستفزازية التي وجهت ضد المعدات المصرية التي تقوم بأعمال داخل الحدود المصرية من إطلاق نار علي تلك المعدات وحشد لبعض الجماهير الفلسطينيين وانخراط بعض المسلحين في تلك التظاهرات غير العفوية‏.‏ وأن هناك فارقا بين جدار الفصل العنصري الذي بني في الأراضي الفلسطينية لتكريس الاحتلال والإنشاءات التي تقوم بها مصر داخل حدودها لحماية أمنها وسيادتها الوطنية‏.‏
من جهة أخري‏,‏ يجب مراعاة أن التعريف القانوني لقطاع غزة هو أرض محتلة‏,‏ فرغم خروج القوات الإسرائيلية من القطاع إلا أنها مازالت تسيطر عليه برا وبحرا وجوا وتتحمل مسئولياتها كقوة احتلال‏,‏ فالتصرفات التي تأتي من الأراضي المحتلة قطاع غزة سواء كانت تصرفات فلسطينية أو إسرائيلية وتمس أمن مصر ومصالحها هي تصرفات مرفوضة تماما وأن الإجراءات الهندسية التي تقوم بها مصر علي حدودها الشرقية ليست موجهة لحماية الأمن القومي المصري ضد أفعال تصدر من الفلسطينيين ولكن أيضا من المحتلين الإسرائيليين‏.‏
وكذلك أهمية وضرورة الاستمرار في إعلاء المصلحة الوطنية المصرية والتي لم ولن تتعارض مع مسئوليات مصر القومية تجاه أمتها العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية دونما مزايدات وخدمة لأدوار إقليمية لبعض الدول التي تحاول اتخاذها ذريعة لتحقيق مصالحها علي حساب المصلحة الفلسطينية‏.‏


- 'الأهرام'
انتباه‏..‏ القاعدة مازالت هناك‏!‏
د‏.‏ حسن أبوطالب
 
في وقت واحد تقريبا‏,‏ فرض اليمن نفسه علي قائمة الأخبار العاجلة والمثيرة‏، المرة الأولي حين قررت السلطات الأمنية في‏17‏ ديسمبر الحالي توجيه ضربة جوية ومداهمات لعدد من المواقع والأوكار في محافظات أبين وشبوه وصنعاء‏,‏ والمنسوبة لتنظيم القاعدة في اليمن والجزيرة العربية‏.
وجاء الحصاد في صورة ما يقارب‏70‏ قتيلا لأعضاء وقيادات في التنظيم‏,‏ وعدد آخر تم اعتقاله‏,‏ ثم قامت مرة اخري بتوجيه ضربة لموقع آخر في محافظة شبوه في‏24‏ ديسمبر الحالي أيضا قتل فيه آخرون‏.‏
أما المرة الثانية فجاءت عندما ذكر المتهم عمر عبد المطلب النيجيري الأصل والذي اجهض الركاب محاولته تفجير إحدي الطائرات الامريكية في رحلتها قبل ثلاثة أيام بين امستردام وديترويت‏,‏ أنه فعل ذلك بأمر من تنظيم القاعدة فرع اليمن والجزيرة العربية‏.‏ وأيا كان مدي صدق رواية المتهم النيجيري‏,‏ فإن جزءا من قصة الشاب حسب رواية والده الثري يتضمن تأثره في الاشهر القليلة الماضية بأفكار متطرفة جعلته ناقما علي الغرب الذي تلقي فيه التعليم معظم سنوات عمره‏,‏ وهو ما أرجعه الوالد إلي قراءات ابنه بمصادر موجودة علي شبكة الانترنت تجذب الشباب إلي أفكار القاعدة‏,‏ لكن الصلة العضوية بتنظيم اليمن‏,‏ فربما جاءت لأن والدة الشاب النيجيري يمنية الأصل‏.‏
الحدثان يثيران أكثر من ملاحظة‏,‏ فهما أولا متكاملان‏;‏ وهو ما يظهر في أن تنظيم القاعدة الموجود عضويا في أماكن مختلفة من العالم‏,‏ وفي الوقت نفسه موجود فكريا علي الانترنت‏,‏ بما يؤكد أن المواجهة مع هذا التنظيم هي مواجهة فكرية بالدرجة الأولي‏,‏ جنبا إلي جنب كونها مواجهة مادية عضوية تستخدم فيها الوسائل العسكرية والأمنية والقانونية‏.‏ والثانية أن فرع القاعدة في اليمن والجزيرة العربية هو القاسم المشترك‏,‏ الأمر الذي يجعل من المواجهة الأمنية التي تقودها الحكومة اليمنية بدعم أمريكي معلن وصريح مواجهة تجمع بين ما هو محلي وما هو دولي في آن واحد‏.‏ فبينما قدمت الولايات المتحدة معلومات مهمة عن أماكن تدريب لأعضاء القاعدة فرع الجزيرة العربية في مناطق مختلفة من البلاد‏,‏ كانت مهمة قوات الأمن اليمنية القيام في الوقت المناسب بتوجيه الضربة المنسقة والمتزامنة‏.‏ بيد أن هذا التداخل بين المحلي والدولي لا يعني أن اليمن يفعل ذلك لحساب الغير وحسب‏,‏ وإنما أولا وأخيرا لحساب نفسه واستقراره وأمنه وسمعته والتي تضررت كثيرا في السنوات الأخيرة نظرا لكم المشكلات التي قادت إلي حروب مع حركة التمرد الحوثية في الشمال‏,‏ وبروز مطالب انفصالية في الجنوب‏,‏ وحالة استياء شعبي من الفشل في مواجهة الفساد الاداري وتعثر العملية الديمقراطية الموعودة‏.‏ ومن هنا ينظر الجميع الآن إلي ما يجري في اليمن باعتباره أكثر من مجرد مواجهة مع حركة تمرد أو تنظيم خارج عن القانون‏,‏ أي باعتباره مواجهة بين وجود الدولة بمؤسساتها ورموزها وآلياتها وعقدها الاجتماعي‏,‏ وبين اللادولة والفوضي الشاملة‏.‏
وبينما تبدو مؤشرات المواجهة العسكرية مع حركة التمرد الحوثية‏,‏ وبعد أكثر من خمسة أشهر متواصلة‏,‏ مؤشرات إيجابية نسبيا ولصالح الدولة ونظامها الجمهوري‏,‏ فإن مؤشرات المواجهة مع القاعدة فرع اليمن والجزيرة العربية ليست واضحة بما يكفي‏.‏ صحيح أن العمليات العسكرية التي تمت في‏17‏ و‏24‏ ديسمبر في ثلاث محافظات قد أدت أهدافها المرصودة من قتل لأعضاء وقيادات في التنظيم واعتقال عدد آخر‏,‏ ومنهم سعوديون وباكستانيون ومن المغرب العربي وأفارقة‏,‏ تعد خطوة إلي الأمام‏,‏ إلا أن غياب الصورة كاملة عن حجم وجود التنظيم في اليمن وحجم المتعاطفين معه وهؤلاء الذين يزودونه بالدعم المادي ويوفرون له ملاجئ بعيدا عن أعين الدولة‏,‏ يجعل مهمة التقييم لما تم حتي الآن مسألة غير مكتملة الأركان‏.‏ ومن الواضح أن ثمة نقصا في المعلومات عن هؤلاء القادة الذين قيل انهم كانوا في معسكر التدريب في قرية المجعد في محافظة أبين أو في جبال شبوة‏,‏ ومن منهم قتل ومن استطاع الهرب وإلي أين؟ فالمعلن في اليمن وبصورة شبه رسمية أن قائد التنظيم في جزيرة العرب ناصر الوحيشي كان موجودا في اجتماع لاعضاء التنظيم في معسكر في منطقة جبلية معزولة في محافظة شبوة وقت قصفها جويا‏24‏ ديسمبر‏,‏ ولكن لا يعرف مصيره بعد‏,‏ وأن من بين القتلي قياديين من التنظيم‏,‏ منهم سعد الفطحاني ومحمد أحمد صالح عمير‏,‏ الذي كان قد ظهر في شريط مسجل بثته قنوات فضائية توعد فيه السلطات اليمنية ومن يؤيدها بعد عملية أبين التي جرت في‏17‏ ديسمبر‏.‏ وربما قتل أيضا الشيخ الامريكي اليمني الأصل أنور العولقي في هذه الغارة الجوية‏,‏ وهو المرتبط ـ وفقا للرواية الأمنية الامريكية ـ بنضال حسن‏,‏ المتهم باطلاق النار في قاعدة فورت هود العسكرية في تكساس وقتل آنذاك‏13‏ شخصا في الخامس من ديسمبر الحالي‏.‏
غياب المعلومات الدقيقة يجعل ولا شك مهمة القضاء علي التنظيم في بلاد اليمن مسألة صعبة ولكن ليست مستحيلة‏.‏ ومن الواضح ان هناك صلة قوية بين العمليات الامنية اليمنية والدعم الاستخباري الامريكي‏.‏ وعلينا هنا أن نتذكر أن هذا الفرع الجديد أعلن عن نفسه في يناير من هذا العام كفرع يجمع بين القاعدة في اليمن والقاعدة في السعودية‏,‏ وكان أيمن الظواهري قد بشر به في يونيه‏2008‏ في حديث مسجل كنموذج لتوحيد جهود الخلايا القاعدية العاملة في أكثر من بلد‏,‏ باعتبار أنه ينطلق من الارض اليمنية ويعتبر نطاق عملياته كل الجزيرة العربية حتي العراق‏.‏ ووفقا للبيان الذي أصدره التنظيم آنذاك فقد ضمت القيادة الجديدة أميرا يمنيا وهو ابو بصير‏,‏ ونائبا سعوديا هو ابو سفيان الشهري‏,‏ وهو معتقل سابق في سجن جوانتانامو الامريكي‏,‏ كان قد افرج عنه قبل عام تقريبا‏,‏ وأعلن توبته حين سلم للسلطات السعودية‏,‏ ولكنه استطاع الاختفاء والهرب إلي داخل اليمن‏.‏ والمثير في أول حوارات ابو بصير الصحفية في مجلة التنظيم الالكترونية التي تسمي صدي الملاحم‏,‏ انه بشر بمناصرة أهل غزة وفلسطين‏,‏ ووعدهم بالمدد الدائم حتي تحرير بلادهم‏,‏ وأعلن أن استراتيجية الإمارة الجديدة هي فتح معسكرات التدريب في كل مكان لإرسال المدد لأهل فلسطين‏,‏ وقطع الإمدادات عن الحملة الصهيونية الأمريكية المتمركزة في الجزيرة العربية‏,‏ فيما كشف أسلوب التنظيم في الاستغلال الإعلامي للقضية الفلسطينية من أجل الحصول علي شرعية لما يقوم به‏,‏ وجذب عناصر جديدة‏.‏ هذا الميلاد وبهذه الصورة التي جمعت بين عناصر التنظيم في اليمن وبقايا التنظيم في المملكة كان نتيجة للحملة الأمنية الشرسة التي قامت بها السلطات السعودية في السنوات الخمس الماضية ضد التنظيم داخل المملكة‏,‏ وكان من نتيجتها أن ضعف التنظيم ماديا ومعنويا‏,‏ ولم يعد أمام الناجين من أعضائه إلا التفكير في موطن آخر ينطلقون منه‏,‏ فوجدوا ضالتهم في مناطق نائية في اليمن‏,‏ تتسم بالوعورة والبعد عن أعين الدولة‏.‏ وساعدهم علي ذلك وجود طرق ومسارات كثيرة بين حدود البلدين التي تصل إلي‏1500‏ كم لا تخضع للسيطرة من الجهات الشرعية‏,‏ مما وفر لهم القدرة علي الحركة ذهابا وإيابا بين اليمن والسعودية‏,‏ وهو ما بدا جليا حين حاول عبد الله طالع عسيري وهو أحد أعضاء القاعدة مدعيا رغبته في التوبة استهداف الامير محمد بن نايف نائب وزير الداخلية في مجلسه الاسبوعي‏30‏ أغسطس الماضي‏,‏ وثبت وقتها أنه جاء من اليمن إلي السعودية‏.‏
واقعة محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف أعطت بدورها آنذاك مؤشرا قويا علي أن التنظيم يعمل جاهدا علي اثبات الوجود‏,‏ وانه قادر علي توجيه الضربات من خلال آلية العمليات الانتحارية‏,‏ وانه لن يمل المواجهة مع السلطات السعودية رغم انحصار وجوده في أراضي المملكة ذاته‏.‏
وبالقطع فإن المواجهة التي تقوم بها حاليا السلطات اليمنية تعد بشكل أو بآخر امتدادا لهذه المواجهة التي سبقت بها السلطات السعودية‏.‏ أو بمعني آخر ثمة تكامل بين المواجهات الأمنية السعودية واليمنية ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب‏,‏ كما هو الحال في تكامل المواجهة مع عناصر التمرد الحوثي المسلحة التي تصورت أنها بعبورها إلي الأراضي السعودية مطلع نوفمبرالماضي سوف تضع البلدين معا في مأزق‏,‏ فإذا بها هي التي تواجه المأزق الكبير وتدفع ثمنا غاليا له‏.‏


- صحيفة 'الوطن' السعودية
رمزية تصدي الجيش اللبناني للطائرات المعادية 
صبحي زعيتر 

حملت وكالات الأنباء الأجنبية أمس، خبراً مفاده أن المضادات الأرضية التابعة للجيش اللبناني تصدت لأربع طائرات إسرائيلية من طراز فانتوم كانت تحلق فوق الأجواء اللبنانية الجنوبية.
كان للخبر وقعه الخاص عند من يعرف أن السماء والمياه وحتى الأرض كانت إلى حين، مرتعاً للخروقات الإسرائيلية، رغم أن القرارات الدولية والمواثيق والأعراف تمنع ذلك، وتعطي للبنان حق الدفاع عن أرضه ومياهه وسمائه.
كان لبنان يغض الطرف، ليس لأن التشريعات تمنعه، بل لأنه كان عاجزا عن ذلك، على اعتبار أن الجيش اللبناني غير مجهز لا بالأسلحة الهجومية ولا بالأسلحة الدفاعية، وقرار عدم تجهيزه ليس قراراً ذاتياً، وإنما قرار دولي تساهم فيه إسرائيل وتنفذه الدول التسليحية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض الدول الأوروبية.
خطوة الجيش اللبناني بالأمس، كانت مؤشرا إلى أن شيئاً ما تغير ليس من حول لبنان، وإنما في عواصم القرار. والخطوة مسبوقة بزيارات قام بها الرئيس ميشال سليمان إلى الولايات المتحدة ورئيس الحكومة سعد الحريري إلى دمشق، من دون التقليل من دور بعض الأوروبيين، بوضع إسرائيل في موقع المعرقل لكل خطوة على طريق السلام في المنطقة.
إذا كانت قوات اليونيفيل تمنع اعتداءات إسرائيل البرية، فضلاً عن تضمين البيان الوزاري الأخير ضرورة التصدي لأي عدوان من قبل الدولة والشعب بما تعنيه كلمة الشعب من مضامين، فإن قرار التصدي الجوي يحمل أكثر من رسالة إلى إسرائيل. 


- صحيفة 'الرياض'
حرب أوباما في اليمن
عادل بن زيد الطريفي

احتلت الأخبار القادمة من اليمن صدارة الأخبار العاجلة طوال الأسبوع الماضي، فقد أكدت الحكومة اليمنية مقتل عبدالملك الحوثي قائد التمرد في صعدة، بعد أسابيع من شائعات قضائه بضربة جوية، بينما أعلن الأمريكيون بشيء من الاعتداد عن تمكنهم من تصفية نشطاء بارزين في تنظيم القاعدة عبر ضربة جوية قيل إن الحكومة اليمنية هي التي نفذتها، وكان من بين الأسماء التي تم القضاء عليها ناصر الوحيشي مسؤول تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، ونائبه السعودي سعيد الشهري، وعلى الرغم من أن الأمريكيين كانوا يسعون بشكل جاد للقضاء على أنور العولقي رجل الدين المتطرف (الأمريكي الجنسية) لارتباطه بالعملية الإرهابية بفورت هود (تكساس) التي نفذها الميجور نضال حسن – الأمريكي من أصل فلسطيني-، إلا أن مصير العولقي مازال مجهولا. ولم ينته الأسبوع حتى أقدم طالب نيجيري بمحاولة تفجير طائرة أمريكية متجهة من أمستردام إلى ديترويت في الولايات المتحدة، وكشفت التحقيقات الأولية عن صلة ما تربط بين الشخص المحتجز واليمن، قيل أولا إنه ربما يكون على صلة بالعولقي، وقيل –أيضا- إنه ربما تلقى تلك المواد المتفجرة من احدى الخلايا الإرهابية المختبئة في اليمن.
منذ أن ثارت الأزمة الحوثية في 2004، وكثير من المراقبين والناشطين يتحدثون عن سوء الأحوال السياسية والاقتصادية في اليمن، وكيف أن تلك المشكلات - ومن أهمها الفساد - قد قادت إلى الوضع الراهن الذي لا يستطيع اليمن فيه تبديد المخاوف من احتمالات تفككه كدولة أو سقوطه بأيدي التنظيمات المتطرفة، وهؤلاء غالبا ما يحملون الحكومة اليمنية وأركان النظام المسؤولية عن تدهور الأوضاع.
وعلى الرغم من وجاهة تلك التحليلات، إلا أنها في واقع الحال لم تعد عملية خصوصا مع تصاعد نشاط الحركة الحوثية فيما بات يعرف بالحرب السادسة، لاسيما وأن الحركة قد أوقعت اليمن في شرك إقليمي عبر الارتباط بالحرس الثوري الإيراني وفتح جبهة الحرب مع دولة بحجم السعودية. لو كانت المسألة امتدادا لحرب الجنوب كما يقول علي سالم البيض – نائب الرئيس اليمني السابق والمعارض حاليا - لكان من الواجب أن يكون الجنوب هو مصدر الحوار السياسي لهذه الأزمة التي يراها الكثيرون شمالية بامتياز، بالإضافة إلى أن بعض مناطق الجنوب تحولت مؤخرا إلى مأوى للتنظيمات المتطرفة.
لكن الملاحظة الأبرز، هي أن الأمريكيين وبعض دول المنطقة بدأوا بشكل فعلي بمواجهة مخاوفهم في اليمن كل على طريقته. طبعا، مسألة تعاون الاستخبارات فيما بينها لمراقبة فلول القاعدة في اليمن ليست جديدة، فمنذ توجه الأفغان العرب نهاية الثمانينيات إلى اليمن، واستخبارات إقليمية ودولية تنشط في مراقبة الوضع اليمني ولكن كانت تلك المتابعة والمراقبة تقوى وتضعف تبعا لحالة النظام السياسي في اليمن. بيد أننا نشهد اليوم ملامح تغيير كبير لهذه الاستراتيجية حيث بدأت تلك الدول بالتدخل المباشر لتأمين مصالحها.
في أوائل هذا الشهر نفى المسؤولون الأمريكيون بشدة أي علاقة لهم بما يحدث شمال صعدة، وفي منتدى المنامة الاستراتيجي (13 ديسمبر) تجنب كل من جيفري فيلتمان – مساعد وزير الخارجية -، والجنرال ديفيد بترايوس – قائد القيادة المركزية للجيش الأمريكي- تأكيد أي دعم أمريكي للحكومة اليمنية ضد الحوثيين، بل إن فيلتمان أكد أن بلاده ليس لديها أي دليل على تورط الإيرانيين المباشر في صعدة وسط استغراب عدد من المراقبين والباحثين. السؤال الذي برز حينها: لماذا يتردد المسؤولون الأمريكيون عن إعلان الدعم الرسمي للحكومة اليمنية في حربها ضد الحوثيين؟
الإجابة كشف عنها تقرير مهم نشرته جريدة النيويورك تايمز (27 ديسمبر)، وملخصه أن إدارة الرئيس أوباما قد وافقت قبل عام على مشروع سري لمواجهة تنظيم القاعدة في اليمن، وفقا لتوصية كانت عرضت على الإدارة السابقة تفيد بأن التنظيم بعد فشله في إقامة قواعد ثابتة في السعودية والعراق بات يعيد تمركزه فيما بين اليمن والصومال، بحيث يوفر له الصومال معسكرات للتدريب، والتهريب عبر إريتريا، وحيث تتحول حدود اليمن - السعودية قواعد جديدة لشن هجماته. التقرير يذكر أن كبار عملاء الاستخبارات الأمريكية رحلوا قبل عام إلى اليمن من أجل بناء برنامج لمكافحة الإرهاب، وتدريب وحدات خاصة من القوى الأمنية اليمنية لتنفيذ هجمات مشتركة على معسكرات تدريب تابعة للقاعدة. إضافة إلى عمليات السي آي أي، رصد البنتاغون 70 مليون دولارا في هيئة مساعدات عسكرية ولوجستية لتقوية حرس الحدود ووزارة الداخلية اليمنية خلال الثمانية عشر شهرا القادمة.
إذاً التحفظ الأمريكي فيما يخص الحوثيين هو في الواقع تغطية لمشروع أمريكي آخر لمواجهة القاعدة، وعلى الرغم من أن الحركة الحوثية –كما القاعدة- تعتبر الولايات المتحدة الهدف الأول في عملياتها إلا أن بعض صانعي القرار الأمريكي مازالوا يعتقدون أن بإمكانهم تحييد حركة دينية متشددة –كالحركة الحوثية- حتى يتسنى لهم مواجهة الازدياد الكبير في نشاط القاعدة في اليمن والذي بدأت نيرانه تصيب الداخل الأمريكي مجددا. هذه البراجماتية السطحية تكشف عن قصور في تعاطي الإدارة مع الأزمة اليمنية؛ فالاعتقاد بأن أمريكا قادرة على شراء الوقت مع الحوثيين فيما تواجه القاعدة هي نظرية قاصرة للغاية لسببين: أولا: أن التعاون –وإن يكن تكتيكياً- فيما بين القاعدة والحوثيين بات بارزا خلال الحرب الأخيرة، ولاسيما في عمليات التسلل داخل الحدود السعودية - اليمنية.
ثانيا: أن الداعمين الرئيسيين للحركة الحوثية في الخارج –الحرس الثوري الإيراني- مصرون على أن تستمر المواجهات حتى تحقق الحركة شرطها الأساسي وهو تحقيق الاعتراف بها كحركة سياسية مسلحة، وهو ما لن تتمكن من تحقيقه إلا عبر مفاوضات مع السعودية واليمن عبر وساطة إيرانية تماما كما حدث مع حزب الله اللبناني بعد اتفاق الطائف، والذي لم يتحصل على الاعتراف الرسمي به إقليميا إلا بعد عملية عناقيد الغضب 1996، وهي ذات السنة التي أوعز بها الحرس الثوري الإيراني لخلاياه بتنفيذ مهمات في لبنان والخليج في وقت كانت إيران فيه تغلي سياسيا ضد حكم ولاية الفقيه.
الإدارة الأمريكية ترتكب خطأ فادحا في مقاربتها للحدث اليمني. صحيح، أن الإدارة لا تريد التشويش على المحادثات الرامية لفرض عقوبات على طهران خلال الأسابيع القادمة، وذلك عبر التعامي عن الحدث الحوثي، إلا أن الإشارات التي ترسلها واشنطن بخصوص خصومها مضطربة وغامضة. تنظيم القاعدة عدو بلا شك لدول وشعوب المنطقة، وكذلك الولايات المتحدة، ولكن الحركة الحوثية بهيئتها الراهنة لا تقل تطرفا أو عداءً لهذه الأطراف. إذا تم التغاضي عن الحركة الحوثية الآن، فإن ذلك من شأنه أن يضعف القدرة على مواجهة مشروعات تبيئة الأحزاب المسلحة والمتطرفة في المنطقة. إرسال عملاء السي آي أي، أو صرف الملايين لمواجهة القاعدة لا يحل مشكلات الولايات المتحدة مع عدم الاستقرار في اليمن، ولكن المبادرات السياسية هي وحدها الكفيلة بإعادة اليمن إلى مرحلة الإنعاش. تذكروا أن السي آي أي يزعم معرفة الساحة اليمنية جيدا لكي يقود حملات مواجهة القاعدة فيها، والحقيقة أن اليمن هي احدى أبرز الدول التي تعرضت فيها لضربات موجعة. هذا لا يعني أن على الولايات المتحدة أن تتخلى عن دعم الشرعية في اليمن، ولكن إرسال المزيد من الجنود –كما فعلت الإدارة في أفغانستان مؤخرا- ليس حلا، فأهل اليمن أدرى بشعابها.


- صحيفة 'الصباح' العراقية
آراء: متى يُقِرّ مجلس النواب قانون الاحزاب؟
يونس جلوب العراف

المتابع للواقع السياسي اليوم لابد ان يقف امام مسألة مهمة وهي غياب قانون ينظم عمل الاحزاب في البلاد الذي اصبح وجوده ضروريا لاسيما مع وجود اعداد كبيرة من الاحزاب والحركات السياسية الراغبة في العمل السياسي
فخلال المدة الماضية دعا عدد من البرلمانين مجلس النواب ورؤساء القوى السياسية الى الإسراع بسن قانون للأحزاب ينظم عملها ويراقب مصادر تمويلها ولكن ذلك لم يلق أي صدى فبقيت مسودة القانون اسيرة رفوف البرلمان و لذلك عبر آخرون عن خشيتهم من تأثير المال السياسي في العملية الانتخابية التي سيشهدها العراق في الربع الاول من العام المقبل.
لقد بات من ا لواضح أن  البرلمان يشهد حاليا جدلا كبيرا ومعقدا بشأن قانون الأحزاب ولو كان القانون مقرا لكفت الأحزاب عن محاولة الحصول على الدعم من الخارج لتمويل حملاتها الانتخابية ولجنبنا العملية السياسية الكثير من التدخلات الخارجية، فالمعروف أن الأحزاب  تمول في كل دول العالم من ميزانية الدولة بحسب نسبة ما تحققه في الانتخابات لذلك ينبغي تشريع قانون ينظم عملها في العراق اذ أن القانون لا يزال معطلا حتى الآن وهناك طرق متعددة لدخول الأموال وقد لمسنا ذلك في الانتخابات السابقة ولذلك برزت مسألة توظيف المال السياسي الذي تمنحه دولا اقليمية لضمان صعود تيارات تخدم اجندتها في الانتخابات المقبلة ووصولها الى سدة الحكم  في البلاد  فنحن نلمس مثل هذا التوظيف  لدى بعض الجهات السياسية  التي تتلقى الدعم المالي من بعض الدول الاقليمية لكن خوفنا أن يتم ذلك من الداخل لذا يجب سن قوانين تستهدف حماية المال العام  فتحجيم الأموال التي تأتي من الخارج متوقف على سن قانون الأحزاب اذ أن غياب هذا القانون لا يتيح السيطرة على الأموال الداخلة إلى البلاد وبالتالي تكون الانتخابات المقبلة على يد عفريت  فالحزب الذي يحصل على تمويل خارجي يكون خاضعا لإملاءات الجهة الداعمة وهذه مشكلة بحد ذاتها كما ان كثرة الكيانات السياسية تشكل عائقا أمام إقرار القوانين وهذا ما نلمسه بشكل يومي في مجلس النواب من هنا يفضل أن تتوحد هذه الكيانات عبر الدخول في ائتلافات من شأنها توحيد الخطاب وبالتالي تمرير القوانين بسهولة ودون معرقلات.
ان  ولادة هذا القانون   يعطي صفة شرعية   ومصداقية كبيرةلتمويل الأحزاب وكشف حساباتها امام الملأ و بذلك ينتهي الحديث عن هذا الملف الخطير اذ يؤكد بعض السياسيين  أن لدى بعض الكتل من المشاركين في العملية السياسية ارتباطات بالدول المجاورة ومن الطبيعي أن يتم دعمهم بالمال كما هو متوقع و أن لجنة الأمن والدفاع  البرلمانية  بحسب اعضائها تتسلم تقاريرا من الأجهزة الأمنية تؤكد هذا الأمر دائما ومنذ أشهر وان ما يؤسف له حقا أن بعض دول الجوار لديها تدخلات في الشأن العراقي ولا حاجه لذكر اسم هذه الدولة أو تلك فالقرائن باتت واضحة للقاصي والداني واخذت حيزا كبيرا في الاعلام والاوساط السياسية.
وعلى الرغم من الأعداد الكبيرة للأحزاب والقوى السياسية العاملة في العراق حالياً، التي برزت بعد عام 2003، والتي تزيد عن 500 حزب أو كيان سياسي، إلا أنه لا يوجد قانون ينظم عملها وشروط تشكيلها بعد مرور اكثر من ست سنوات على تغيير النظام السابق.
من هذا المنطلق ندعو القوى السياسية للاستفادة من الأخطاء التي رافقت الانتخابات السابقة اذ أن البلاد بحاجة لقانون الأحزاب بشكل ملح حتى يمكن الاستفادة منه في تأسيس الاحزاب لأن من أهم مهام هذا القانون  تنظيم الأموال والعائدات للأحزاب السياسية ورؤسائها والأشخاص المنتمين إليها لأن عملية إخضاع العائدات المالية للأحزاب للرقابة المالية مهمة جدا.
في بعض الاحيان يكون لدىبعض الأحزاب  املاكا وعقارات وهبات وهدايا واستثمار وإذا ما أخضعت هذا العائدات للرقابة المالية عندها سنتمكن من معرفة الأموال التي تأتي من الخارج وهو ما يمكن ان يبعد الشبهة والظنون والشكوك لكن القانون يسن حتى الآن وهناك خلافات سياسية بشأنه بل ان البعض استبعد التوصل إلى اقرارقانون الأحزاب خلال الفترة القصيرة المتبقية من عمر البرلمان معللين ذلك بانه لم يتبقى من عمر البرلمان إلا القليل فلا يمكن إقرار هذا القانون وهناك جهات معروفة لدى الجميع تحاول عرقلة تشريعه بل قتله في المهد ان صح التعب

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد