صحافة إقليمية » الأردن: الصحافيون ينتظرون تعديل قانون المطبوعات والنشر

- 'سكايز'

ينتظر الجسم الصحافي في الاردن، تعديل قانون المطبوعات والنشر النافذ، لإصداره في شكل مؤقت في غياب البرلمان، بعد ان بات هذا التعديل في حكم المؤكد إثر صدور قرار محكمة التمييز في 13 كانون الثاني/يناير 2010 بإخضاع المواقع الالكترونية للقانون المذكور.

ولم يكن جديداً ولا سراً ما نقلته بعض وسائل الاعلام من تصريحات لما وصفتها بـ'المصادر المطلعة' حول دراسات تجري لتعديل القانون. فقد أكد وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال الدكتور نبيل الشريف في حديث إلى صحيفة 'الغد' في 17/12/2009، وجود 'لجان قانونية في وزارة العدل تدرس حالياً التعديلات المقترحة على حزمة التشريعات الإعلامية التي أمر الملك عبدالله الثاني بسنها في كتاب التكليف الملكي لحكومة سمير الرفاعي الجديدة'. وقال الشريف: 'إن أي قرار لم يتخذ حتى الآن في شأن هذه التشريعات'، مشدداً على أن 'الخطة الحكومية المقبلة في التعامل مع الإعلام ستستند إلى توسيع هوامش الحرية الصحافية والإعلامية وتعزيز التواصل مع المؤسسات الإعلامية والصحافيين العاملين فيها'.

لكن الجديد في أمر التعديلات يتمحور حول أمور عدة، أولها أن الحكومة ستمضي بالتعديل متسلحة بقرار محكمة التمييز الاخير القاضي بإخضاع المواقع الالكترونية لقانون المطبوعات، والثاني إصداره بشكل مؤقت في ظل غياب البرلمان، وأخيراً ما تسرب للصحافة عن المواد التي يجري العمل لتعديلها.

وقد وجدت الحكومة في قرار محكمة التمييز، التي أصرَت على صدوره من خلال ملاحقة الدعوى القضائية ضد أصحاب موقعي 'عمون' و'رم أون لاين'، فرصتها القانونية لتعديل القانون.

وكشف الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور نبيل الشريف، في حديث إلى صحيفة 'الدستور' في 14/1/2010، ان الحكومة تعمل على 'تحديد آلية قانونية للتكيف قانونياً مع قرار محكمة التمييز باعتبار المواقع الالكترونية مطبوعة صحفية'، لافتاً إلى أنه سيعلن هذه الآلية 'في الايام القليلة المقبلة'. وأوضح الشريف أن 'دائرة المطبوعات ستقوم بالاعتماد على مستشاريها القانونيين لإعداد آلية لهذا الموضوع، إضافة الى الخطوات القانونية الواجب اتباعها لتوفيق الاوضاع مع هذا الاستحقاق القانوني الجديد الذي سينظم عمل المواقع الالكترونية'.

وكانت المحكمة اعتبرت في قرارها أن المواقع الالكترونية تدخل ضمن تعريف المطبوعة بشكل عام وفقاً للمادة الثانية من قانون المطبوعات والنشر التي عرفها المشرع بأنها 'كل وسيلة نشر دونت فيها المعاني أو الكلمات أو الافكار بأي طريقة من الطرق، وأن الموقع الالكتروني هو وسيلة من الوسائل التي يتم فيها تدوين الافكار والمقالات ونشرها'.

وفي 14/1/2010 نقلت صحيفة 'السبيل' تقريراً مطولاً نسبته الى 'مصادر مطلعة'، وهو تعبير يكثر استخدامه في البلد، إذ يمتنع المسؤولون الحكوميون عادة عن الادلاء بتصريحات بالاسماء الصريحة، توقعت فيه أن يتم تنفيذ قرار محكمة التمييز 'إما عن طريق تعديل بعض بنود القانون، أو إصدار نظام يعالج تفصيلات لم تكن في بال المشروع عن سن القانون، ولا سيما طريقة التعامل مع تعليقات القراء على المواقع'.
وبحسب الصحيفة، ومصادر إعلامية أخرى، فإن أبرز ملامح التعديلات، أو النظام المقترح، التي يتم تداولها لتطرأ على قانون المطبوعات والنشر بخصوص المواقع الالكترونية والتي تحتاج إلى قانون مؤقت، تتلخص بالآتي :
أولاً: سيتم وضع شرط رأس المال لترخيص 'المواقع الإلكترونية' ليوضع في حساب أحد البنوك كشرط لترخيص الموقع أسوة بما يجري مع ترخيص الصحف اليومية والأسبوعية الشاملة.

ثانياً: اشتراط حصول المواقع الإلكترونية على تصاريح رسمية من دائرة المطبوعات والنشر والجهات ذات العلاقة، وأن يكون لها مُلاك ورؤساء تحرير توضع أسماؤهم على واجهة الموقع، ما يجعل لها هوية واضحة، وصفة اعتبارية وقانونية حتى تتحمل مسؤولية أي تجاوزات قانونية.
ثالثاً: التزام أصحاب المواقع بقانون المطبوعات في مادته الثانية عشرة في مسائل التعريف عن الهوية، وتحديد المسؤولين عن النشر ومكان ومحل النشر، وتلزم الناشر بالحصول على ترخيص للنشر.

رابعاً: إلزام أصحاب المواقع الإلكترونية بضرورة أن يكون التعليق المدرج على الأخبار والمقالات من المواطنين متضمناً 'إيميل' الشخص الذي يقوم بالتعليق وعنوانه واسمه الكامل، لضبط فوضى الإساءات في بعض التعليقات.

خامساً: أن يكون للموقع الإلكتروني رئيس تحرير مسؤول، على أن يكون عضواً في نقابة الصحافيين على الأقل، وله أربع سنوات أقدمية، بحيث يكون مسؤولاً عن المواد المنشورة في الموقع، ومن ضمنها تعليقات القراء على الأخبار والتقارير عبر الإشراف عليها.

سادساً: وضع مجموعة من العقوبات على مخالفات تتعلق بقضايا النشر، منها غرامات يتم تدارسها تصل بعضها إلى الحبس لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.
سابعاً: بحسب المسودة الأولى، يتم تدارس وضع عقوبات على كل من 'أنشأ موقعاً على شبكة المعلومات أو نشر أو أرسل معلومات لأي مجموعة تدعو إلى تسهيل وترويج برامج وأفكارمن دون التراخيص، وهو ما يشمل محرري المواقع الإلكترونية'.

وتفيد بعض المصادر أن توجهات برزت أثناء مناقشة تنظيم المواقع الإلكترونية، تشير إلى أن مسؤولية النشر هي مسؤولية القائمين على الموقع، على غرار الصحافة الورقية أو السمعية والبصرية، وبذلك يمكن للقوانين الناظمة لعمليات النشر بالوسائل التقليدية أن تحكم عملية النشر الإلكتروني بوضعها الراهن أو بإجراء بعض التعديلات عليها، فضلاً عن تراتب وتعاقب المسؤوليات وأهمية التعريف عن الهوية في مواقع الإنترنت وحقوق الرد، وآليات ذلك'.

وقد سبق لصحيفة 'السبيل' ان نشرت تقريراً بتاريخ 30/12/2009، نقلاً عن مصادر وصفتها بـ'المطلعة'، ضمنته نصوص 'مسودة القانون'، قيد الدرس، وأخطر ما جاء في المسودة: 'إن مشروع القانون سيضع عقوبات على كل من أنشأ موقعاً على شبكة المعلومات أو نشر أو أرسل معلومات لأي مجموعة تدعو لتسهيل وترويج برامج وأفكار دون التراخيص، وهو ما يشمل محرري المواقع الإلكترونية'.

 وهذا يعني وفقا للنص السابق أن العقوبة تشمل الصحف الالكترونية والمدونات والشبكات الاجتماعية مثل 'الفيس بوك' والتويتر'، حتى أن هذا النص 'المطاطي' سيطال تبادل الرسائل الالكترونية عبر 'الايميلات' وهو ما يعني أن كل من يتعامل مع الشبكة العنكبوتية في الاردن ويبث من خلالها افكاراً، أياً كان نوعها، من دون ترخيص ستطاله العقوبة 'المزعومة'.

غير ان صحيفة 'الأنباط'، نقلت عن رئيس الوزراء سمير الرفاعي في عددها الصادر بتاريخ 31/12/2009، نفيه وجود توجه لدى الحكومة لإصدار قانون مؤقت لتنظيم عمل الصحافة الالكترونية. ورغم ان 'الانباط' أوضحت أن نفي الرئيس جاء خلال اجتماع عقد مع رؤساء تحرير الصحف اليومية، إلا أن أياً من الصحف اليومية لم ينشر النفي.

وعلى أي حال، إذا كان الرئيس الرفاعي نفى الحديث عن التعديل، فقد كان هذا النفي سابقاً لقرار محكمة التمييز، وبالتالي بات مؤكداً، على الاقل من خلال تصريحات الوزير الشريف، أن الحكومة أصبحت بصدد إما التعديل أو إصدار نظام لتطبيق القرار، الذي صدر بإلحاح من الحكومة نفسها.

والسؤال الذي يتناقله الجميع على الساحة الاعلامية الاردنية، يتحدث عن مدى واقعية إخضاع الانترنت للقانون. ويؤكد المحامي المختص في قوانين الإعلام محمد قطيشات، صعوبة التطبيق، لأسباب عدة أهمها 'الحكمة التشريعية والأسباب الموجبة للقانون التي لا بد من إرفاقها عند تعديل القانون، لذلك فإن اعتماد القرار سيثير كثيراً من الإشكاليات ومنها أن قانون المطبوعات يتحدث عن الصحافيين المسجلين في النقابة ويستثني أي عامل أو محرر أو صاحب موقع إلكتروني من تعريف الصحافي، إضافة إلى أن القانون يتحدث عن رئيس تحرير ويتحدث عن مطبوعات حاصلة على تراخيص من إجراءات الوزراء وكل ذلك لا يمكن أن يشمل المواقع الالكترونية، وأيضا في باب التجريم: كيف يمكن أن تطبق العقوبة على الموقع الالكترونية؟'.

والمفارقة أن وزير الدولة الدكتور نبيل الشريف، المتحمس لتطبيق قرار المحكمة الآن، سبق له أن وصف مهمة تطبيق القرار، حين صدر عن ديوان التشريع في ايلول/سبتمبر 2009، بأنه 'مهمة مستحيلة'. وكتب الشريف حينها في صحيفة 'الدستور' التي كان يرأسها: 'من حق الجهات المسؤولة أن تشعر بالضيق من هذه المواقع التي انتشرت انتشار النار في الهشيم من دون ان يكون لأحد سلطان عليها... وأنا أقول فقط إن متابعتها وإخضاعها للقوانين مهمة صعبة بل مستحيلة'.

ويرى خبير أمن المعلومات رعد نشيوات، من ناحيته،  أن الدولة تمتلك القدرات التقنية على تطبيق القرار وإخضاع الانترنت للرقابة. وكتب مقالاً على موقع 'الهلال نيوز' بتاريخ 17/1/2010، أشار فيه إلى 'أن حجب وفلترة المواقع على الإنترنت هي صناعة كاملة قائمة بحد ذاتها. فالعديد من الشركات الكبرى في مختلف أنحاء العالم توظف أنظمة فلترة ومراقبة لاستخدام الإنترنت داخل شبكاتها لضمان عدم إهدار موظفيها للوقت بتصفح المواقع المخالفة لسياسة الشركة الداخلية. وتقنياً لا تختلف مسألة مراقبة وفلترة استخدام الإنترنت في الأردن عن الأنظمة التقنية التي تستخدمها الأمم المتحدة للسيطرة على ولوج موظفي الأمم المتحدة إلى شبكة الإنترنت. ولهذا فإن التكنولوجيا التقنية متوفرة للحكومة الأردنية لتطبيق قرار محكمة التمييز. أما مسألة مضي الحكومة في تنفيذ القرار، فهي قضية سياسية وحقوقية وليست تقنيةً بتاتاً'.

واذا صدقت معطيات نشيوات، فإن الاردن مقبل فعلاً على فرض رقابة على الانترنت، وعلى عمل المواقع الالكترونية تحديداً، إذ أن النية السياسية متوفرة بدليل سعي الحكومة الحثيث إلى إصدار القرار قضائياً، وبدليل ما ورد في ردها على خطاب التكليف الملكي في 14/12/2009: 'ستعمل على تطوير التشريعات لضمان حق وسائل الإعلام في الوصول إلى المعلومة ونشرها، وحماية المجتمع من ممارسات بعض وسائل الإعلام اللاأخلاقية واللامهنية، والتي باتت عبئاً على الوطن، وأصوات إفساد وتخريب واعتداء على حقوق المواطنين'.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد