- صحيفة "السفير"
علي محروس
ظن البعض أن «إعلام الثورة» ليس إلا تغيير أسماء البرامج لتصبح مستمدة من مفردات الثورة. وعلى غرار الكثير من المطاعم والمحال التجارية والسلع التي غيرت أسماءها إلى أسماء «ثورية»، مثل «كافيتريا 25 يناير» وصولا إلى «لحاف الثورة»، فقد أسرعت الكثير من وسـائل الإعـلام المرئية والمســموعة والمقروءة إلى اللحاق بالركب الثوري، وأًصبح «الميدان» و«التحرير» و«الثورة» و«الشباب» كلمات تكاد تبدو كأنها لازمة لاستصدار تصاريح أي وسيلة إعلامية أو الموافقة على بث برنامج جديد. فضلا عن استخدام الكلمة الواحدة بأكثر من طريقة في أكثر من برنامج : «الميدان»، «من الميدان»، «في المــيدان» إلـخ. وهي أسماء تصلح من خلالها مناقشة أي موضوع.
وفي برنامجــه «بني آدم شــو» سخــر الفنان أحمد آدم ممــا سمــاه: «التمــاحيك» في الثورة، أي محاولة الانتـساب إليهـا من دون وجه حــق، متــحدثا عن أحد البــاعة المتجولين الذي كتب عبارة 25 يناير فوق «حلة الكبدة».
حرب التنافس على الأسماء الثورية اتخذت طابعا أكثر طرافة وتعقيداً. فقد عمد بعض الشبان من الأعضاء السابقين في الحزب الوطني في الأقاليم إلى الانخراط في تجمعات تحمل أسماء ثورية. فلم يعد غريباً أن تكتشف أن «ائتلاف شباب يناير» في إحدى محافظات الصعيد يعمل لصالح أحد رجال الأعمال، بل قد يحرض على الفتنة الطائفية.
وفي الوقت الذي أصرت فيه ائتلافات الثوار الأصلية على أنها لا تمثل إلا نفسها ولا تقدم نفسها ممثلة عن الشـعب، فإن الائتـلافات المزيفة سرعان ما مارست ثورتها المضادة تحت شعار «الشعب يريد». صنع ذلك مشكلة لوسائل الإعلام التي وجدت أن عليـها أن تتقصى خلف كل تجمع يحمل اسمــاً ثوريا حتى لا تقضي وقتها بعد ذلك في التنويه والتصحيح.
بالطبع فإن بعض البرامج والمحطات التي رفعت شعارات «التحرير» و«الميدان»، كان أصحابها من المشاركين فعـلا وصـدقاً في الثورة، لكن كثرة المتزاحمين جعل كلــمات الثورة تبهت، بعد أن استخدمها بعض أعدى أعدائها. ذلك ما فطن إليه إعلامــيون لم يــتركوا أنفسهم للحماس فاستمروا تحت أسمائهم القديمة، فظل «العاشرة مساء» في المقدمة، وصعد «آخر كلام» سريعاً، وانضمت قناة «التحرير» إلى القائمة الناجـية، لأنها قدمت محمود سعد وإبراهيم عيسى ونوارة نجم وبلال فضل.. وهم ليسوا بحاجة إلى اسم المحطة.