صحافة إقليمية » تم إيقافه بسبب مواكبته ثورات عربية / مثقفـون مغـاربـة يستنكرون منع مشارف

-36319_430 صحيفة "السفير"    
عبد الرحيم الخصار

توالت البيانات المستنكرة لتوقيف البرنامج الثقافي «مشارف» الذي كان يقدمه الإعلامي والشاعر ياسين عدنان، منها بيان «اتحاد كتاب المغرب»، وآخر لبيت الشعر، وثالث وقعه نخبة من أبرز مثقفي المغرب أمثال: فاطمة المرنيسي، محمد الأشعري، عبد اللطيف اللعبي، أحمد المديني، محمد بنيس، الطيب الصديقي، محمد سبيلا، محمد برادة و غيرهم.
وفي ظل غياب أي تفسير رسمي لمنع البرنامج من البث، فان الصحافة الوطنية عزت أسباب المنع إلى مواكبته للحراك الشعبي الذي تعرفه البلاد، وفتحه النقاش حول الربيع الديمقراطي والثورات العربية. بالإضافة إلى أن مقدم البرنامج كان يخرج مؤخرا في مظاهرات «حركة 20 فبراير» المطالبة بالتغيير وإسقاط مختلف أشكال الفساد.
لم يكن «مشارف» برنامجا مغربيا فحسب، بل تحول الاستديو المخصص له في مدينة الدار البيضاء إلى غرفة ضيافة شاسعة، تجاذب فيها أطراف الفكر والفن والأدب عدد كبير من أبرز المثقفين العرب: أدونيس، سعدي يوسف، عباس بيضون، أحمد فؤاد نجم، علوية صبح، جابر عصفور، سلوى النعيمي، ابراهيم العريس، سعيد الكفراوي، شوقي بزيع، مرام المصري، صلاح فضل، ميسون صقر وغيرهم. ويكفي أن هذا البرنامج فتح الحدود الثقافية الجزائرية التي أغلقتها السياسة عبر استدعائه لأبرز مثقفي الجزائر: رشيد بوجدرة، أمين الزاوي، زينب الأعوج و الراحل الطاهر وطار و غيرهم.
ومثلما كان يفتح النقاش حول الكتابة بالعامية في مصر مع أحمد فؤاد نجم، كان يفتح نقاشا آخر مع لينة كريدية ورنا سهيل ادريس حول النشر في بيروت، ومع الحبيب السالمي حول الرواية الجديدة في تونس، ومع محمد العلمي حول الصحافة العربية في أميركا.
عبر برنامجه الذي أصبح أشهر لقاء ثقافي في تاريخ التلفزيون المغربي، قدّم ياسين عدنان مختلف المثقفين المغاربة من مختلف التيارات والأجيال، سواء المنتسبين لأحزاب الحكومة أو المنتمين للمعارضة، أو أولئك الذين يوجدون خارج مظلة الحزبز كما قدم نماذج تمثل المؤسسات الثقافية الرسمية وأخرى تكيل دائما النقد اللاذع لهذه المؤسسات، استقدم للبلاتو مثقفي الهوامش وكتاب الأنترنت والمناصرين للكتابة بالفرنسية والمعادين لهم، والمتعصبين للعربية والمنادين بتحويل الأمازيغية إلى لغة أولى في البلاد.
لم يكن «مشارف» الذي تجاوز عدد حلقاته المئتين على مدار أربع سنوات، برنامجا أدبيا يهتم بالشعر والقصة والرواية فقط، بل انفتح على السينما والتشكيل و المسرح والنقد والإعلام والموسيقى والتاريخ وعلم الاجتماع، وتناول في العديد من الحلقات مواضيع طريفة كلعبة الكلمات المتقاطعة و مكر الجوائز الثقافية.
تناولت عدد من حلقات هذا البرنامج بالتحليل الصحافة العربية في لبنان ومصر والخليج والمهجر، إذ استطاع ياسين عدنان بفضل انخراطه في المشهد الثقافي العربي، أن يلفت أنظار المثقفين من خارج المغرب إلى التلفزيون الوطني، وخلق فسحة من الضوء وزرع روح الحداثة والثقافة الجديدة في جسد القناة الرسمية المعروفة بطابعها الكلاسيكي المحافظ.
واعتبر بيان المثقفين المغاربة التضييق على «مشارف» تراجعا مؤسفا في لحظة حساسة يحتاج فيها الإعلام المغربي إلى الانفتاح على النخبة الثقافية التي تضيء بخبرتها النقاش العمومي الراهن، واستنكر البيان بشدة «مخطط الإجهاز على البرنامج باعتباره إحدى لحظات الحوار النادرة التي ما زال صوت المثقف المغربي يحضر من خلالها في إعلامنا العمومي. وشجب استمرار هيمنة العقلية الأمنية على التلفزيون، وهي العقلية التي تعيق أي انفتاح لهذا الأخير على دينامية التحولات التي تشهدها بلادنا، مما يوسع الهوة بينه وبين عموم المغاربة الذين يضعون تحرير الإعلام على رأس مطالبهم الديموقراطية».
وبين نداء المثقفين المغاربة وصمت الجهة الوصية على الإعلام المرئي في هذه البلاد، تبقى الثقافة الجديدة كالعادة ضيفا غير مرغوب فيه على بلاتو التلفزيون «الوطني» الذي بدأ يعوض حصة «مشارف» مساء كل أربعاء بالأفلام الهندية.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد