- صحيفة 'الراي' الكويتية
المشهد اللبناني
وليد الرجيب:
لولا القضية الأمنية لما فكر اللبنانيون بضرورة وجود الحكومة، لكن وجود حكومة لون واحد أفرز بعض التوترات الأمنية المتفرقة مثل حادثة طرابلس والشمال، أي القنبلة التي انفجرت وراح ضحيتها بعض جنود حفظ السلام، أو الفلتان الأمني في الجنوب ومحاولة أفراد من &laqascii117o;حزب الله" لهم تاريخ مشبوه بالاعتداء على مواطنين داخل بيوتهم في النبطية وجوارها بحجة تعاطي هؤلاء للخمور رغم ان البيوت التي دخلوها قدمت شهداء أثناء الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، ورغم أن أفراد حزب الله المشبوهين كانوا عملاء لإسرائيل في جيش لحد، وهي محاولة لتطبيق قانون الدولة داخل الدولة عن طريق الزعرنة.
ولن تنتهي هذه اللخبطة اللبنانية إلا بإعادة تأسيس الوطن تحت ظل القانون وشرعية الجيش وتحويل المقاومة إلى مقاومة وطنية لا طائفية اللون تسمح بالتدخلات الخارجية القريبة منها والبعيدة بالشأن اللبناني ووضع سياسة اقتصادية مالية جديدة وقانون جديد للانتخاب.
- صحيفة 'الوطن' السعودية
السيد بين (رجل الدولة) و(زعيم المليشيا): صفر (قريب) على الشمال
قينان الغامدي:
في ذكرى حرب تموز(2006) ظهر السيد حسن نصرالله وقد نسي نفسه قليلاً فتحدث باعتباره (رجل دولة) يتحدث باسم الرئاسة اللبنانيةفي ذكرىحرب تموز(2006) ظهر السيد حسن نصرالله وقد نسي نفسه قليلاً فتحدث باعتباره (رجل دولة) يتحدث باسم الرئاسة اللبنانية فقال: لا مانع من التفاوض مع إسرائيل لترسيم الحدود البحرية، ولتباشر دولة لبنان التنقيب عن البترول والغاز اللذين يمثلان ثروة عظمى لمستقبل الأجيال اللبنانية. حسنا ياسيد حسن، لن أقول كما قال غيري – وهو مُحق – إن كلامك يتضمن اعترافاً بإسرائيل أو أنه لا مانع من الاعتراف من أجل المفاوضات لثروة المستقبل، لكنني سأكرر سؤال جعجع: من الذي فوضك للحديث في هذا الموضوع باسم اللبنانيين؟ أنا أزعم أنني أعرف لكن قبل أن أقول ما أعرف لابد من التوضيح بأن السيد حسن لم ينس صفته الأساسية الحالية طويلاً، فقد استدرك في ذات الخطاب حيث أشار (زعيم المليشيا) إلى أن من يعتدي على منابع النفط والغاز أو على من ينقب عنهما فإن مليشيا السيد حسن وخلاياه سترد عليه، يعني تحقيق الأمن بالإرهاب.
كان المفروض لو أن السيد استمر في تقمص شخصية (رجل الدولة) حتى دون أن يفوضه أحد لقال يجب أن يكون هناك أمن لبناني قادر على منع أي جريمة، ومن المفروض أن نكوَن هذا الأمن، وهناك قانون محلي ودولي يمكن اللجوء إليهما في حال أي اعتداء على مقدرات لبنان، لكن الأمن والقانون عدوان لدودان للمليشيات، والسيد وهو معذور عاد بسرعة إلى طبيعته ودوره كـ(زعيم مليشيا) فأشار إلى أسلوب الحزب الإلهي في التصفية والثأر والإرهاب، وهذا هو الشيء الطبيعي الذي لايستغرب من معدنه.
الآن أعود للإجابة على سؤال من فوض السيد للحديث باسم اللبنانيين حكومة وشعباً،
وأقول إنه (الخطة والطموح والمستقبل) كلها مجتمعة فوضت السيد. فأما الخطة فسبق أن أعلنها السيد بعظمة لسانه منذ نحو خمس عشرة سنة في خطاب سري مُسجل تسرب للإعلام منذ أشهر؛ أعلن فيه لقيادات الحزب الخطة والآلية لإقامة دولة ولاية الفقيه في لبنان، وأوضح في الخطاب المشار إليه أن المقاومة إحدى الوسائل المرحلية لتحقيق الهدف، وأنها – أي المقاومة – أفضل وسيلة للتضليل من جهة ولكسب التعاطف من جهة أخرى، وهذا ماتحقق فعلاً. طبعاً هناك وسائل أخرى يعرفها اللبنانيون، فهي واضحة في أرضهم وبين ظهرانيهم، لكن تظل المقاومة أبرزها وأهمها، وإسرائيل – قطعاً – تعرف ذلك وتتصرف على أساسه، والسياسيون اللبنانيون الذين يريدون اليوم طرح نزع سلاح حزب الله للحوار الوطني إما أنهم لايعرفون هدف الحزب الأساسي أو أنهم يتجاهلونه في سبيل تحقيق خطوات تكتيكية أو نقاط سياسية معينة، سيما وأن حزب الله دخل مُعترك السياسة لكنه لايستخدم أدواتها وآلياتها كما تفعل الأحزاب الأخرى، فليس لديه مقرات سياسية مفتوحة، ولا ندوات ولا مؤتمرات ولا نقاشات، فعمله السياسي كما هو العسكري في الظلام وتحت الأرض، وسلاح المقاومة المزعومة هو وسيلته الوحيدة لفرض مطالبه وآرائه السياسية، ولهذا فجميع الفعاليات السياسية اللبنانية تتحدث في واد والحزب يعمل في واد آخر.
أما الطموح فإن السيد حسن يشعر أن خطته تسير من نجاح إلى آخر، مما يعني اقتراب تحقيق هدف إقامة دولة ولاية الفقيه في لبنان، وهذه الدولة إذا قامت لن تكفيها
الأموال الطاهرة القادمة بانتظام وتزايد من طهران، وإنما تحتاج لأموال النفط والغاز
من السواحل اللبنانية، وفي سبيل الحصول على هذه الأموال لتكون جاهزة لحظة قيام
الدولة المُنتظرة لا مانع من التفاوض مع العدو والاعتراف به وبدولته لتحديد الحدود
البحرية، بل وكرماً غريباً من السيد حسن أعلن أنه وحزبه يقبلون ماتقرره الدولة
اللبنانية الحالية، على اعتبار أنها مؤقتة إلى أن تصل دولة الولي الفقيه القادمة.
السيد حسن لم يشر في خطابه الأخير إلى سوريا كما فعل في خطابين سابقين، ولهذا لن أشرح كيف يتضامن المستقبل مع الخطة والطموح، لأن مستقبل الحزب نفسه سيتحدد بمصير نظام البعث في دمشق، وتبقى الإشارة إلى نقطة مهمة جداً هي أن السيد على قناعة تامة بأن ولاية الفقيه خرافة حقيقية، مثله في ذلك مثل ملالي طهران وقم، لكنه يروجها ويتمسك بها، فبدونها يصبح السيد ومليشياه ومن خلفه داعموه في طهران صفرا على الشمال، وهو ماسيتحقق قريباً جداً.
- صحيفة 'الرياض' السعودية
لماذا يصرّ &laqascii117o;حزب الله" على تسييس &laqascii117o;نفط" لبنان؟!
بينة الملحم:
يأخذ لبنان في وتيرته السياسية هذه الأيام أجواء الثورة السورية. كل الأحداث الأخيرة كانت تجسيداً للانعكاس الذي يمكن أن تحدثه الثورة السورية على نسيج لبنان، بدءاً من تشكيل الحكومة، ومن ثم التصعيد ضد ما سُمّي مؤخراً ب'الحريرية السياسية' إلى استجلاب موضوع 'النفط' في خطاب حسن نصر الله الأخير، كلها مواقف صدرت من الموالين لسورية تجاه المعارضة.
من مفارقات السياسة في لبنان، أن المعارضة تهاجم والموالاة التي تمسك بزمام المؤسسات تدافع، على عكس الكثير من الحكومات الديمقراطية في العالم، ما حدث في لبنان العكس، الموالاة تهاجم المعارضة وتريد فتح 'الملفات' وتريد محاسبة المعارضة في الحقبة السابقة! وتدل المواقف الحالية المأزومة للموالاة ممثلةً بحزب الله والتيار الوطني الحر وأتباعهما، تجاه المعارضة ممثلةً بحزب المستقبل والقوات
اللبنانية والكتائب اللبنانية أن الموالاة تعيش تأزّم الأجواء السورية.
المواقف التي تصدر من وليد جنبلاط ذات دلالةٍ خاصة، لأنه - وفق كثيرٍ من اللبنانيين - 'شعرة الاستشعار' في جسد السياسة في لبناناعتاد لبنان منذ أن بسطت سورية سلطتها على الكيان السياسي في لبنان التحرك ضمن الموجة السورية، سواء لدى المعارضةِ أو الموالاة؛ حيث تحضر سورية في الخطاب السياسي اللبناني لدى من يعارضها أو يواليها، لهذا جاءت الثورة السورية الحالية بمثابة 'صدمة' للموالين لسورية، لم يكن يتوقع أولئك الحلفاء التاريخيون لها أن يبصروا هذا النظام 'المهيب' الذي كانوا يتحركون بأوامره مثل التلاميذ وقد غدا محاصراً من قبل الشباب الذين يريدون تغيير النظام، وكأنني بهم يتساءلون: من كسر حاجز الخوف هذا؟!
وبقراءة مضمونية لما ورد في خطاب نصر الله الأخير نراه يصر على قوّة حزبه، ويتحدث عن 'مئات الملايين' التي يمكن أن تجلبها الأراضي النفطية في لبنان في حال التنقيب عنها، يحاول أن يطرح الحزب بوصفه مستقلاً عن الذي يجري في سورية مهدداً إسرائيل، لكأنه يرسل رسالة مفادها أن 'ضعف النظام السوري الذي يمرّ به الآن، لا يدل بالضرورة على ضعف حزب الله'، لكن النفق الذي أدخل نصر الله اللبنانيين فيه في خطابه الأخير هو إعلانه 'تسييس الثروة النفطية' فهو نطق بلغة العارف بأسرار هذه البقع النفطية، وهذا شكّل صدمةً لبعض القوى المسيحية المعارضة ممثلةً بسمير جعجع في مؤتمره الصحافي الذي عقده في 29 (تموز) يوليو، ذلك أن حديث نصر الله عن النفط ربما يعني 'حصره بطائفةٍ ما' ولو على سبيل الإدارة وهذا الكلام يرعب المسيحيين الذين عانوا من تهميشٍ تاريخي، إذ صدمهم نصر الله بأخذ منصب مدير الأمن العام المعروف تاريخياً أنه منصب مسيحي، ثم بإعلانه عن 'تسييس النفط' وربما 'تشييعه' كما يلمّح جعجع في
مؤتمره الصحافي الأخير.
وإذا عدنا بالذاكرة إلى الحركة السياسية في لبنان منذ تشكيل حكومة 'ميقاتي' وإلى
اليوم سنرى أن التأزيم السياسي يأتي من الموالاة، وليس من المعارضة؛ حيث تنشغل الموالاة بحرب المعارضة، بينما تتفرج المعارضة بهدوء وتصرح بين الفينة والأخرى نافيةً بعض الاتهامات. هذا التوتر الذي يبديه حلفاء سورية في لبنان، إن دلّ فإنما يدل على صعوبة الوضع في سورية، ذلك أن إدارة معظم المناطق أفلتت من السلطة، هناك فرق بين أن يستطيع الجيش السوري أن يصل إلى هذه المدينة أو تلك؛ وبين أن يستطيع إدارتها والتحكم بها، إن فقدان النظام السوري قدرته على إدارة المدن يعني أن حلفاءه في لبنان لن يكونوا سعداء، بل سيعيشوا حالةً من 'تهشّم الحصن' الذي كان يحميهم من كل القوى الإقليمية منذ نصف قرن.
لنقرأ لبنان جيداً حتى نفهم الذي يجري في سورية، خاصةً وأن التعتيم الإعلامي السوري قد بلغ أوجه، ففي رصد حركة السياسة في لبنان ما يدل على مستوى الفلتان في سورية، هذه هي المعادلة التي دلت عليها المواقف الأخيرة..