- صحيفة 'جيروزاليم بوست'
وكيل إيران الإرهابي / افتتاحية
اعتقل مؤخرا ثلاثة من المرتزقة الاذاريين التابعين لحزب الله من قبل قوات الأمن الأذربيجانية بتهمة التآمر لشن هجوم على مركز شاباد في باكو والسفير الإسرائيلي هناك. هذا الخبر لم يتصدر عناوين الصحف في الخارج... لكم حقيقة أن حزب الله، وكوكيل عن الإرهاب الإيراني، خطط لضرب اليهود في أذربيجان يشير بإسهاب إلى طبيعة أعداء إسرائيل. لقد تم الكشف عن مخططات مماثلة في تايلاند وبلغاريا. كما تعد اليونان أيضا أرضا خصبة محتملة لهكذا نوع من المخططات الشريرة. إلا أن هذه المحاولات وللأسف، لا تحمل أي جديد من حيث اتصافها بالجبن الشديد. فعندما يتخوف حزب الله من مواجهة الغضب الإسرائيلي وجها لوجه، فانه يسعى للنيل من أهداف 'لينة' خالية من المخاطر نسبيا في أماكن بعيدة، حيث الأعمال العدائية غير متوقعة بطبيعة الحال ... لقد كان من المقرر أن تنفذ مؤامرتهم الأحدث في باكو قبل ثلاثة أسابيع من الذكرى السنوية لمقتل مغنية. إذا كان الأمر كذلك، فهذا في حد ذاته يكشف عن شعور مشوه للعدالة، التي لا تعطي إسرائيل الحق في معاقبة مغنية للتحريض على القتل الجماعي...
مع ذلك، إن هذا قد لا يكون أكثر من مجرد ذريعة، لأن الإرهابيين لا يتوانون أبدا عن إيجاد مناسبات أو أعذار لسفك الدماء باسم العدل... لكن الحقيقة الواضحة في هذه المسألة هو أنه لا يهم حقا ما تفعله إسرائيل أو ما لا تفعله. إن رغبتهم في إراقة الدماء لا تتعلق أساسا بأي إجراءات إسرائيلية محددة إنما هي نابعة من حقيقة أن إسرائيل موجودة على الإطلاق. خلال سنوات الوجود الإسرائيلي في المنطقة الأمنية جنوب لبنان، قال حزب الله أن هدفه الوحيد هو إخراج الإسرائيليين من الأراضي اللبنانية. ومتى يحدث ذلك، فإن حزب الله لن يثير أية متاعب مع الدولة اليهودية. غير انه وبرغم الانسحاب الإسرائيلي الأحادي من كل شبر من الأراضي اللبنانية منذ ما يقرب إلى عشر سنوات مضت، فإن حزب الله صعد اعتداءاته -- فخطف إسرائيليين، وهاجمهم داخل حدود البلاد الشرعية وأطلق الصواريخ بكثافة على الشمال الإسرائيلي بأكمله. وبرغم قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي أنهى حرب لبنان الثانية التي أثارها حزب الله، استجمعت المنظمة قواها وباتت الآن مدججة بالسلاح كما لم يسبق لها من قبل. إن مسؤولية الوصول إلى هذه الحالة المؤسفة تقع على عاتق المجتمع الدولي الذي يتغاضى عن تعزيز حزب الله لإمكانيته، على الرغم من التصريحات والوجود العديم الفائدة لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل). وبالمثل لم يول العالم اهتماما يذكر لدور إيران كدولة راعية للإرهاب في العالم. ولكن عندما تجبر إسرائيل على حماية شعبها، يصدح صوت جوقات الإدانة.
- صحيفة 'نيويورك تايمز'
هل ستقوم إسرائيل بضرب إيران؟ / موقع 'شؤون إيرانية'
نشرت مجلة 'نيويورك تايمز' في عددها الصادر يوم الأربعاء (25-1-2012) تقريرا مطولا عن إسرائيل وإيران في محاولة للإجابة على سؤال ما إذا كانت الأولى ستقوم بشن هجوم عسكري ضد الأخيرة. وقد جاء التقرير المعنون بـ 'هل ستقوم إسرائيل بضرب إيران؟'، في حوالي 11 صفحة وقام بكتابته رونين بيرغمان، المحلل لصحيفة يديعوت احرنوت الإسرائيلية ومؤلف كتاب 'الحرب السرية مع إيران- وهو كاتب متعاون مع مجلة نيويورك تايمز أيضا. قابل المؤلف شخصيات سياسية كبيرة من بينهم رئيس الوزراء الإسرائيلي وضباط استخبارات من الصف الأولى في الموساد والسي أي أي. كما سبق وأن كان ضمن فريق صحفي التقاء في عام 2010 برئيس الاستخبارات الإسرائيلية وتحدثوا خلال اللقاء حول الأوضاع السياسية في المنطقة وعلى رأسها العلاقات الإسرائيلية الإيرانية... بدأ بيرغمان مقالته بالحديث عن مقابلته مع وزير الدفاع الإسرائيلي، يهود باراك،التي استمرت في لقاءهما الأول لساعتين ونصف الساعة، تحدثا فيها عن وجهة نظر رئيس الموساد السابق الجنرال مائير داغان حول التقليل من خطر إيران وبرنامجها النووي وأنه ليس على أقل تقدير على المدى القريب وأن نتائج الهجوم على إيران ستكون كارثية، فاستشاط باراك غضباً وقال أنني وداغان مسئولان وبشكل مباشر عن ضمان أمن واستقرار إسرائيل. كما طرح باراك ثلاثة أسئلة مفصلية وهي:
1- هل تملك إسرائيل القدرة على إلحاق أضرار جسيمة بمواقع إيران النووية وإحداث تأخير كبير في المشروع النووي الإيراني؟ هل بإمكان الجيش والشعب الإسرائيلي الصمود في وجه الهجوم المضاد الذي لا مفر منه؟
2- هل تملك إسرائيل الدعم العلني والضمني خاصة من قبل أمريكا لتنفيذ الهجوم؟
3- هل استنفدت كل الاحتمالات الأخرى لاحتواء التهديد النووي الإيراني، وبذلك وصلت إسرائيل إلى نقطة الملاذ الأخير؟ إذا كان الأمر كذلك، هل هذه هي الفرصة الأخيرة للهجوم؟ فجاءت الإجابة من باراك بأنه ومنذ ظهور التهديد النووي الإيراني في منتصف التسعينات، فإن بعض أقوى قادة إسرائيل يعتقدوا أن الرد على كل هذه الأسئلة هو نعم.
يرى الكاتب كذلك أن باراك ونتنياهو غير متأكدين من نجاح الموساد على المدى الطويل في إبطاء برنامج إيران النووي. حيث يرى أنه ومنذ بداية ولايتهما (باراك وزيرا للدفاع في حزيران 2007 ، نتنياهو رئيسا للوزراء في آذار 2009)، فقد كانا يؤمنان بالرأي القائل بأن على إسرائيل يجب أن يكون خيارها العسكري جاهزا في حالة فشل الجهود السرية. وأمر باراك باستعدادات عسكرية واسعة للهجوم على إيران و لا تزال هذه الاستعدادات مستمرة حتى يومنا هذا، وأصبحت أكثر تكرارا وإصرارا في الأشهر الأخيرة. وقال انه ليس وحده قلق من أن عمليات الموساد السرية، جنبا إلى جنب مع العقوبات الدولية ضد إيران، لن تكون كافية لردع طهران. وأضاف أن الاستخبارات العسكرية تعاني من تراجع الحماس. وقال أن ثلاثة من كبار ضباط الاستخبارات العسكرية، أحد هم لا يزال على رأس العمل واثنان قد تقاعدا مؤخرا، قد أخبروني بأنه و مع كامل الاحترام لمحاولات داجان لإبطاء المشروع النووي الإيراني، إلا أن إيران لازالت نحقق تقدما ملحوظاً. وأشار أحد إلى أن عمليات إسرائيل ضد البرنامج النووي العراقي في أواخر السبعينيات، عندما تمكن الموساد من تصفية بعض من العلماء العاملين في المشروع وتخويف الآخرين. ففي ليلة 6 نيسان 1979، دخل فريق من عملاء الموساد إلى الميناء الفرنسي في مدينة لا سين سور مير وفجروا الشحنة اللازمة لنظام التبريد المفاعل العراقي الذي كان يجري تصنيعها في فرنسا. لم تتمكن الشرطة الفرنسية من العثور على منفذي هذه العملية، كما أعلنت منظمة غير معروفة للدفاع عن البيئة مسئوليتها عن الحادث.
لقد كان الهجوم ناجحا، ولكن بعد عام واحد تم إصلاح الأضرار وأحبطت الجهود لتخريب أخرى. تقدم هذا المشروع حتى أواخر عام 1980 ، عندما اكتشف أنه قد تم إرسال شحنة من قضبان الوقود التي تحتوي على اليورانيوم المخصب من فرنسا إلى بغداد، وكانوا على وشك أن تغذي قلب المفاعل. حينها رأت إسرائيل أنه ليس لديها خيار آخر سوى شن عملية 'أوبرا'، وهي غارة جوية مفاجئة في حزيران 1981 على مفاعل أوزيراك ، خارج بغداد. وبالمثل، يقول منتقدوا داغان، تمكن الإيرانيون من التغلب على معظم النكسات واستبدال العلماء الذين تم اغتيالهم بآخرين. وفقا لأحدث المعلومات، فإن لدى إيران الآن نحو 10000 جهاز طرد مركزي يعمل بفاعلية، ولديهم تبسيط عملية تخصيب اليورانيوم. كما لدى إيران حاليا خمسة أطنان من المواد الانشطارية من درجة منخفضة وهي كفاية عند تحويلها إلى مواد عالية الجودة لصنع نحو خمس إلى ست قنابل، كما أن لديها حوالي 175 رطل من المواد متوسطة المستوى، والتي بحاجة لحوالي 500 رطل لصنع القنبلة. ويعتقد علماء إيران أنهم قادرون على ذلك وأن ذلك يستغرق لتسعة أشهر من لحظة تلقيهم الأوامر وتجميع أجهزتهم المتفجرة الأولى وستة أشهر أخرى لتكون قادرة على الحد منه لأبعاد حمولة صواريخ شهاب-3 القادرة على الوصول إلى إسرائيل. إنهم يسيطرون على المواد الانشطارية في مواقع مختلفة في أنحاء البلاد، وعلى الأخص في منشأة فوردو قرب مدينة قم المقدسة ، وتشير تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية إلى أنه هذا المصنع يقع في قبو بعمق 220 قدم في باطن الأرض، بعيدا عن متناول حتى قنابل أمريكا المتقدمة والمضادة للتحصينات.
بعد ذلك تحدث الكاتب عن عدة نقاط من ضمنها مدى تورط إسرائيل في اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين واتهامات إيران لمجموعات مثل جند الله ومجاهدي خلق بالتعاون مع إسرائيل والموساد الإسرائيلي، الأمر الذي أنكرته إسرائيل مرات متكررة. ثم نقل الكاتب عن باراك الذي يعمل أيضا كممثل لإسرائيل في التنسيق مع الولايات المتحدة بخصوص إيران. يقول باراك حول الهدف الذي تسعى طهران إلى تحقيقه بحصولها على السلاح النووي: 'إن القنبلة الإيرانية ضمان لبقاء النظام الحالي، والتي بدونها لن يتمكن نظام الملالي من الاحتفال بالذكرى الـ 40 على قيام الثورة في ضوء الإعجاب الذي قدمه جيل الشباب في إيران للغرب (يقصد هنا أحداث ما بعد انتخابات 2009). ثم تحدث باراك عن إمكانية فتح باب سباق نووي في المنطقة قائلا: ' في اللحظة التي تصبح فيها إيران دولة نووية، ستكون البلدان الأخرى في المنطقة مضطرة إلى أن تفعل الشيء ذاته. فالسعوديون أعلنوها صراحة وأبلغوا الأميركيين بذلك ، ويمكن للمرء أن يفكر في كل من تركيا ومصر في هذا السياق، ناهيك عن الخطر المصاحب لتصنيع مثل هذه الأسلحة حيث من الممكن أن تتسرب الأسلحة والمواد الأولية لتصنيعها إلى الجماعات الإرهابية ثم انتقل الكاتب إلى مقابلة أخرى أجراءها مع مسئولين إسرائيليين حيث قال أطلعني مصدر امني إسرائيلي كبير جدا بأن ' الأمريكيين يقولوا لنا أن الوقت لازال مبكرا لإيران لانتاج سلاحها النووي، ونحن نقول لهم إن لديهم ما بين ستة إلى تسعة أشهر فقط، وبالتالي ومن أجل استنفاد هذا المسار، فإن العقوبات يجب أن تقر وتفعل فوراً'.
ثم تطرق الكاتب لمقابلة أخرى مع مسئول إسرائيلي لم يكشف عن هويته. يقول ابلغني مصدر كبير في المخابرات الإسرائيلية بتذمره من الأمريكيين في التعامل مع هذه القضية:'لقد فشلت في فهم منطق الأمريكيين، أنني أتفهم من يقول إننا سوف نمنع إيران من إنتاج السلاح النووي بالدعاء والأمل في مزيد من الخلل في أجهزة الطرد المركزي. واستوعب جيدا من يقول أن علينا أن نقوم بالهجوم فورا لكي نوقف هذا البرنامج ، ولكن أن يقول أحدهم أننا سنوقفهم بعد أن يحصلوا عليه فعلياً فإنه لا يمكنني فهم ذلك إطلاقا'. بعدها يستعرض الكاتب وجهة نظر أخرى ألا وهي نظرة يعلون، نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي. يقول الكاتب أخبرني يعلون في شهر أكتوبر الماضي بالتالي: 'كان هناك نقاش وأخذ ورد بيننا وبين الإدارة الأميركية على مدى العامين الماضيين، ولكن في ما يتعلق بالمسألة الإيرانية فإننا تمكنا إلى حد كبير من سد الثغرات كافة الثغرات. تصريحات الرئيس بوش في لقائه الأخير مع رئيس الوزراء -- يقصد تصريحات اوباما 'نحن ملتزمون بمنع' و 'كل الخيارات مطروحة على الطاولة' -- مهمة للغاية. العقوبات بدأت بعد فوات الأوان ، لكنهم انتقلوا من سياسة الانخراط إلى سياسة (عقوبات) أكثر جدية ضد إيران. من جهة أخرى، تنهد يعلون واعترف: التحدي الحقيقي ينتظرنا. هذا واضح '.
والآن وبعد أن طرحت النقاط المتفق عليها إلى حد كبير، فإن الحجج التي يتنبأ بها يعلون هي تلك التي سوف تتصدى للسؤال عن آلية التصرف أو الفعل -- ماذا سيحدث في حال قررت إسرائيل أن الوقت قد حان للتدخل. المسألة الأكثر حساسية بين البلدين ماهية الإشارة التي سترسلها أمريكا إلى إسرائيل و ما إذا كانت إسرائيل ستبلغ أمريكا عن قرار الهجوم مقدما. ماثيو كرونيج زميل في برنامج ستانتون للأمن النووي التابع لمجلس العلاقات الخارجية، وعمل كمستشار خاص في وزارة الدفاع من يوليو 2010 إلى يوليو 2011. كان إحدى مهامه السياسة الدفاعية والإستراتيجية بشأن إيران. تحدثت إلى مرونيج الأسبوع الماضي حول الموضوع وقال: 'ما أفهمه هو أن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل عدم مهاجمة إيران، كما يجب عليها إشعار واشنطن عندما تحدد ساعة الصفر. إلا أن الرد الإسرائيلي جاء بالرفض و لكلا الطلبين. لقد رفضت إسرائيل ضمان عدم مهاجمتها لإيران أو تقديم إشعار مسبق، ' وتابع كرونيج' في اعتقادي إن إسرائيل ستقرر إخطار واشنطن قبل قرار الهجوم بساعة أو ساعتين فقط، وهو ما يكفي فقط للحفاظ على العلاقات الطيبة بين البلدين ولكن لا يكفي تماما للسماح لواشنطن بمنع الهجوم '.
في نهاية المطاف، يقول الكاتب، فإن الهجوم الناجح لن تزيل الخبرة العلمية التي يملكها علماء مشروع إيران النووي ، وأنه من الممكن أن إيران ، وبالأخذ في الاعتبار بنيتها التحتية التكنولوجية المتطورة جدا ، ستكون قادرا على إعادة بناء المناطق المتضررة أو المدمرة. ما هو أكثر من ذلك، وعلى العكس من سوريا التي لم ترد بعد على تدمير مفاعلها النووي في عام 2007، فإن إيران أعلنت صراحة إنها سترد وبشراسة متى ما تعرضت لهجوم. إيران لديها المئات من صواريخ شهاب مسلحة برؤوس حربية يمكن أن تصل إلى إسرائيل، وأنها يمكن أن تسخر حزب الله لضرب البلدات الإسرائيلية بصواريخه التي يبلغ عددها 50000صاروخ، وبعضها يمكن أن يصل إلى تل أبيب. سلاح الجو الإسرائيلي يملك طائرات لديها القدرة طويلة المدى والكفيلة بإيصال ذخائرها إلى أهداف في العمق الإيراني ، فضلا عن عدد من الطائرات بدون طيار القادرة على حمل قنابل لتلك الأهداف ولديها المقدرة على البقاء جوا لمدة تصل إلى 48 ساعة. وتعتقد إسرائيل أن هذه المنصات لديها القدرة على إلحاق أضرار بما يكفي لإعادة المشروع النووي الإيراني إلى الوراء لثلاث إلى خمس سنوات. ويختم الكاتب مقاله بأنه وبعد التحدث مع العديد من القادة الإسرائيليين الكبار وقادة الجيش والاستخبارات، لقد وصلت إلى الاعتقاد بأن إسرائيل ستضرب إيران في عام 2012. ربما كان هناك مخرج ضئيل جدا ولكنه تقلص أكثر بشكل كبير ومن أي وقت مضى، ألا وهو أن الولايات المتحدة سوف تختار التدخل في نهاية المطاف، ولكن هذا، و من وجهة النظر الإسرائيلية، ليس هناك أمل كبير لذلك. البديل عن ذلك هو أنه يوجد مزيج غريب من الخوف الإسرائيلي -- المتجذر، بمعنى أن إسرائيل تعتمد على دعم ضمني من الدول الأخرى من أجل البقاء -- والمثابرة، وإدانة عنيفة، صحيحة أو خاطئة، إلا أن الإسرائيليين في نهاية المطاف لديهم المقدرة على الدفاع عن أنفسهم .
- صحيفة 'الإندبندنت'
روبرت فيسك: المشروع النووي الإيراني بدأ منذ عهد الشاه
تحدث الكاتب روبرت فيسك في مقالة له في صحيفة 'الإندبندنت' عن إيران وقال إن إسرائيل لا تريد أن ينسى الغرب أبدا المساعي النووية لإيران، ويقول إنه حتى قبل 20 عاما كان المسئولون الإسرائيليون يحذرون من أن تصبح إيران نووية في غضون سنوات قليلة. فالرئيس الإسرائيلي الآن، شيمون بيريز يحذر من أن إيران على وشك إنتاج سلاح نووي، لكن الصحفيين لا يذكرون أن بيريز قال الأمر نفسه عندما كان رئيسا للحكومة عام 1996، كما أن رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتانياهو قال في عام 1992 إن إيران ستمتلك سلاحاً نووياً في عام 1999، أي قبل 13 عاماً. لكننا في الحقيقة، يتابع فيسك، لا نعرف أن إيران تطور سلاحاً نوويا. فبعد العراق، من المدهش أن تظهر تفاصيل أسلحة الدمار الشامل القديمة بنفس الهراء الذي تحدث عن ترسانة صدام حسين الجبارة. ويشير الكاتب إلى أن تلك المسألة برمتها بدأت في حكم الشاه الذي أراد امتلاك طاقة نووية، بل إنه قال إنه يريد أن تكون لديه قنبلة نووية لأن الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى لديهما قنابل نووية، ولم يعترض أحد حينها. بل إن الأوروبيين سارعوا لتحقيق رغبة الحاكم الديكتاتور، وبنت مؤسسة سينمز مفاعل بوشهر النووي. لكن عندما تولى آية الله الخميني الأمور في إيران بعد الثورة الإسلامية عام 1979، أمر بإغلاق المشروع النووي برمته على اعتبار أنه من 'عمل الشيطان' لكن عندما بدأ صدام حسين الحرب ضد إيران بتشجيع من الغرب وبدأ في استخدام الغازات السامة، أقتنع الخميني بإعادة فتح المشروع النووي. كل هذا تم إلغاؤه من التاريخ، وتم التركيز على أن الملالى هم من بدأوا المشروع النووي، وأن إسرائيل ربما تقوم بتدمير هذا السلاح الإرهابي من أجل تأمين بقائها ومن أجل بقاء الغرب والديمقراطية إلخ، إلخ. ويرى الكاتب البريطاني أن المشكلة هي أن إيران فازت تقريبا في كل الحروب التي خاضتها مؤخرا دون أن تطلق طلقة واحدة. فجورج بوش وتونى بلير دمرا عدوهما في العراق، صدام حسين. وقتلوا الآلاف من الجيش السني الذي كانت إيران نفسه تعتبره طالبان الأسود'.
- معهد 'واشنطن'
تحليل تأثير العقوبات الأوروبية / پاتريك كلاوسون
'في تشرين الأول 2010، بدأ 'معهد الولايات المتحدة للسلام'، بالإشتراك مع 'مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين'، بنشر 'الكتاب التمهيدي حول إيران: السلطة والسياسة، وسياسة الولايات المتحدة'، وهو خلاصة وافية ومستمرة تُنشر على الإنترنت عن وجهات النظر المختلفة حول السياسة الإيرانية والاقتصاد والجيش والبرنامج النووي والمجتمع في تلك البلاد. وقد ساهم خمسة من كبار باحثي 'معهد واشنطن' في هذا المشروع، وفيما يلي الفصل الأخير الذي شارك فيه پاتريك كلاوسون.'
ماذا يعني الحظر الجديد غير المسبوق من جانب الاتحاد الأوروبي على النفط الإيراني من الناحية العملية؟ التأثير المباشر للحظر الجديد من جانب الاتحاد الأوروبي على النفط محدود نسبياً. ويفضل الاقتصاديون القول بأن النفط 'قابل للتعويض' بمعنى أنه في حالة عدم بيع النفط للاتحاد الأوروبي فبالإمكان بيعه لدول أخرى، ولذا يتلخص التأثير النهائي في التكلفة الصغيرة لإعادة توجيه حركة السفن وتعديل معامل التكرير لاستخدام مزيج مختلف من النفط. لكن التأثير غير المباشر يمكن أن يكون أكبر بكثير. ويعود ذلك جزئياً إلى أن الاتحاد الأوروبي سيبذل ضغطاً على بنوكه للحد من أو إنهاء التعاملات مع 'البنك المركزي الإيراني'. وعلاوة على ذلك ربما يؤدي تصرف الاتحاد الأوروبي إلى قيام الشركات سواء من الاتحاد الأوروبي أو من غيره إلى إعادة تقييم وجودها في السوق الإيرانية والذي ربما يُنظر إليه بأنه سيصبح أكثر إشكالية، بمعنى أنه سيكون مثيراً للجدل سياسياً ويُحتمل أن يخضع للمزيد والمزيد من القيود الحكومية. ولعل التأثير الأهم للحظر الجديد على النفط من جانب الاتحاد الأوروبي هو أنه يؤشر على تشدد كبير في موقفه السياسي تجاه إيران. وهذا يمكن أن يؤكد أن الاتحاد الأوروبي سوف يفكر في اتباع إجراءات اقتصادية وسياسية أخرى ضد إيران إذا استمر المأزق النووي. ويبدو أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يتفقان الآن إلى حد كبير حول السياسة تجاه إيران، بما في ذلك استحسان فكرة بذل المزيد من الضغط عليها. ويُعتبر هذا تغييراً إلى حد كبير عما كان عليه الوضع قبل عقد من الزمن وهو ليس تطوراً جيداً من وجهة نظر قادة إيران.
بأية سرعة يمكن أن يكون لذلك تأثير على اقتصاد إيران؟ سيستغرق التأثير المباشر لحظر النفط من قبل الاتحاد الأوروبي شهوراً كثيرة. فالمبيعات مسموح بها حتى نهاية حزيران ، وسيستمر الدفع للنفط المقرر شحنه حتى نهاية حزيران لبضعة أشهر بعدها. لكن قد يتم الشعور بحظر النفط - من قبل الاتحاد الأوروبي - بصورة غير مباشرة على نحو أسرع بكثير. ومن جانب، ربما يخفض الكثير من المشترين في الاتحاد الأوروبي أو يُنهوا مشترياتهم قبل الموعد النهائي في 1 تموز/يوليو. والأهم من ذلك، ربما يرد الإيرانيون على حظر النفط من جانب الاتحاد الأوروبي بتوقعهم بأن الأوقات الاقتصادية الأسوأ قادمة ومن ثم ينبغي عليهم اتخاذ تدابير لحماية أنفسهم. والعملة الإيرانية التي تتعرض بالفعل لضغوط شديدة هي ضعيفة بشكل خاص بسبب الخوف من العقوبات بالإضافة إلى سياسات طهران الاقتصادية.
وتأتي إجراءات الاتحاد الأوروبي في لحظة صعبة للسياسة الاقتصادية الإيرانية حيث تعاني الحكومة من عجز كبير بسبب تكلفة المدفوعات النقدية المقدمة للأفراد عند انتهاء الدعم. وتواجه العديد من الشركات صعوبة كبيرة في دفع التكاليف غير المدعومة للوقود والكهرباء. ولتغطية عجز الحكومة ومساعدة الشركات على التعامل مع ارتفاع التكاليف، يبدو أن طهران قد تبنت سياسة نقدية توسعية تغذي بدورها التضخم الذي يزيد حينئذ القلق من أن الريال يساوي أقل [من سعره العادي] مما يجعل الناس تسعى إلى الحصول على العملات الأجنبية. وربما تتحول هذه الدورة المدمرة إلى الأسوأ في الفترة ما قبل عيد النوروز في 21 آذار وهو الوقت التقليدي لعقد صفقات شرائية كبرى. إن التصور العام عن تصاعد الأسعار وهبوط الريال لن تكون موضع ترحيب من قبل الحكومة في فترة التمهيد للانتخابات البرلمانية في آذار. والخطر الذي تواجهه السلطات هو أن قطاعاً كبيراً من الشعب يلقي باللائمة على تصرفات الحكومة في التسبب في العقوبات التي تضر الاقتصاد. وحتى الآن تحاول السلطات التقليل في ذات الوقت من تأثير العقوبات والقاء اللوم على الأعداء الخارجيين للجمهورية الإسلامية عن الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد.
ماذا عسى أن يكون التأثير على أسواق النفط العالمية وأسعار النفط في الولايات المتحدة؟ يعتمد سعر النفط جزئياً على العرض والطلب لكن لن ليس من المرجح أن يتأثر أيٌّ منهما كثيراً وبصورة مباشرة بحظر النفط من جانب الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، قد تكون هناك تأثيرات غير مباشرة، على سبيل المثال إذا كان رد فعل إيران هو غلق مضيق هرمز أو مهاجمة الملاحة. لكن ربما يكون الأمر الذي له نفس الأهمية على الأقل هو تصورات ممثلي السوق بأن حظر النفط من جانب الاتحاد الأوروبي ربما يؤشر على قيام توترات سياسية أكبر. ويؤكد الكثير من المحللين أن أسعار النفط العالمية تشمل بالفعل على 'قدْر من المجازفة' بسبب المخاوف من احتمال نشوب صراع في الخليج. ويمكن لهذا القدْر أن يزيد. ومن العوامل المساعدة هو أنه مع كون معدلات الفائدة العالمية منخفضة جداً فإن تكلفة الاحتفاظ بمخزونات النفط ليست مرتفعة بشكل خاص مما يجعل التكهن بارتفاع أسعار النفط فكرة أكثر جاذبية. وتكوين المخزون وقائياً أو على سبيل المضاربة إنما يضيف إلى الطلب وبالتالي يدفع الأسعار إلى الارتفاع بطريقة تؤكد توقعات المضاربين نحو زيادات الأسعار المستقبلية. وقد أكد بعض المعلقين أن هذه النبوءات ذاتية التحقق قد ساهمت في زيادات حادة في أسعار النفط في السنوات الأخيرة.
كيف يُرجح أن يكون رد فعل إيران؟ تبحث إيران عن أسواق أخرى لبيع نفطها فيها. لكن هذا المسعى يمكن أن تُعقده الضغوط من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على المصارف في جميع أنحاء العالم لكي لا تتعامل مع 'البنك المركزي الإيراني' وخاصة في مبيعات النفط. وقد واجهت العديد من الصفقات الشرائية الآسيوية للنفط الإيراني مؤخراً صعوبات في إجراءات الدفع. والمفترض أن الاستخدام المتسارع للحسابات المجمدة (حيث يدفع الشاري بالعملة المحلية التي يستخدمها عملاء إيرانيون بعد ذلك لشراء السلع في ذلك البلد لشحنها إلى إيران) سوف يقدم بديلاً واحداً لبيع غالبية النفط الإيراني إن لم يكن جميعه. وثمة بديل آخر وهو الدفع بعملة أخرى غير الدولار أو بالذهب. لكن هذه الحلول الملتفة يمكن أن تفرض تكاليف إضافية على إيران وذلك بتقليل قيمة صادراتها النفطية. وعلاوة على ذلك، ففي الأسابيع الأخيرة لم تكن إيران ماهرة على نحو خاص في تسويق نفطها حيث أصرت على شروط صعبة مع العملاء الصينيين والهنود الذين كانوا يتوقعون منحهم تخفيضات. وقد هدد العديد من المسؤولين الإيرانيين بأنه لو لم تتمكن إيران من تصدير نفطها فإنها ستهاجم شحنات النفط من دول أخرى أثناء مرورها عبر مضيق هرمز. وقد صدرت عن جمهورية إيران الإسلامية مراراً تهديدات مماثلة ولا سيما بعد محاولة إنقاذ الرهائن الأمريكيين في نيسان 1980. لكن لم يحدث قط أن نفذت إيران تهديداتها.
ومن ناحية أخرى، هاجمت إيران بالفعل سفناً في المضيق والخليج الفارسي في الفترة بين 1984 و 1988 فيما سُمي بـ 'حرب ناقلات النفط' أثناء الحرب بين إيران والعراق. وعندما هاجمت إيران السفن أنكرت مسؤوليتها عن فعل ذلك حتى تم ضبطها متلبسة في شريط فيديو صوَّرته القوات الأمريكية. واختصاراً فإنه عندما هددت إيران بالقيام بهجوم فإنها لم تنفذه وعندما قامت بهجوم أنكرت مسؤوليتها عن التنفيذ. هناك أسباب قوية لعدم قيام إيران بمهاجمة الملاحة في المضيق، ذلك أن الكثير من القوى البحرية ستعترض بقوة على مثل هذه الهجمات وربما تردُّ البعض منها عسكرياً ضد شحنات النفط الإيرانية. بيد، تصرفت إيران في بعض الأحيان بطرق لا تبدو أنها تعزز مصالحها الخاصة مثل اقتحام السفارة البريطانية في الآونة الأخيرة أو المخطط المزعوم لقتل السفير السعودي في الولايات المتحدة. ولذلك فقد لا تحسب إيران مصالحها بنفس الطريقة التي يحسبها معلقون غربيون.
- 'معهد واشنطن'
كيف يجب على الولايات المتحدة أن تتعامل مع الصعود الإسلامي في مصر/ روبرت ساتلوف وإريك تراغر
الوضع السائد في مصر ليس سوى كابوس من وجهة النظر الأمريكية. فبعد عام واحد على نجاح 'ميدان التحرير' في الإطاحة بالدكتاتور يستعد الإسلاميون للاستفادة من 'سلطة الشعب' المصرية. وقد أثبتوا - هم وليس الليبراليون أو العلمانيون - حنكتهم في العملية الانتخابية حيث حصل 'حزب الحرية والعدالة' التابع لـ جماعة &laqascii117o;الإخوان المسلمين" و 'حزب النور' الذي هو أكثر أصولية منه على حوالي ثلثي مقاعد البرلمان المصري القادم. ورغم أن كلا الحزبين قد أظهرا بالكلام احترامهما لالتزامات مصر الدولية إلا أن القادة الأمريكيين لا يمكنهم تجاهل حقيقة أن الشراكة الأمنية التي استمرت بين واشنطن ومصر لأكثر من 30 عاماً هي الآن في خطر شديد. وقد حاول البعض تجميل صعود الإسلاميين بالتأكيد أن استحقاقات الحكم ستدفعهم نحو الاعتدال. وتؤكد التجربة عكس ذلك، إذ أن الحكومات الإسلامية في إيران والسودان وغزة قد بدت مرنة ومتصلبة لمبادئها ضد الضغط الدولي الحاشد، وليس من المرجح أن تواجه مصر هذا النوع من الضغط الدولي في أي وقت قريب. وقد مرَّت تركيا - النموذج الأكثر حداثة - بجيل من الحكم الذي يشرف عليه الجيش قبل أن يُنحى إسلاميوها مرتين عن السياسات من قبل الجنرالات ثم وجدوا أخيراً صيغة للحكم.
ويرى آخرون أنه إذا كانت الولايات المتحدة قد بنت علاقات أمنية وثيقة مع أكثر الدول المسلمة محافظة مثل السعودية وقطر فبالتأكيد أن مصر بقيادة &laqascii117o;الإخوان المسلمين" يمكن أن تكون ودودة أيضاً. لكن مصر تختلف تماماً لأن التصور الإسلامي فيها يجد لزاماً عليه أن يحارب من أجل أن ينجو من قبضة حديدية لمستبد فاسد مدعوم من قبل الولايات المتحدة. كما أن معاداة أمريكا - إلى جانب معاداة الغرب وإسرائيل - مترسخة بعمق في وجدان الجماعات الإسلامية المصرية. ومع ذلك، ثمة آخرون يعلقون آمالهم على العملية الديمقراطية نفسها التي تُقَوي الإسلاميين الآن. ونصيحتهم هي سياسة النفس الطويل - بمعنى المساعدة على بناء بدائل سياسية غير إسلامية تستطيع المنافسة عندما يُصوت المصريون في الانتخابات الثانية أو الثالثة. وهذا النهج له ميزته لكن فقط لو لم يتخذ الإسلاميون في ذات الوقت خطوات لمنع أي تنافس حقيقي في المستقبل مثل إقناع الأقلية القبطية في البلاد - والتي تبلغ نسبتها ما يقرب من 10 إلى 15 بالمائة من عدد السكان - بأنه لا يوجد لها مستقبل في مصر الإسلامية. ولن يكون لغير الإسلاميين أي فرصة في تحقيق نجاح انتخابي إن كانت هناك هجرة جماعية قبطية. ولكن كفانا هذا القدر من الحجج النظرية، ذلك أن أقوال وأفعال الإسلاميين في الأشهر القليلة الماضية تتحدث عن نفسها وهي تؤكد أن المصالح الأمريكية الرئيسية ستعاني على الأرجح.
أولاً، تعهد قادة &laqascii117o;الإخوان المسلمين" بعرض معاهدة السلام التي وقعتها مصر مع إسرائيل عام 1979 إلى استفتاء شعبي - وهي الاستراتيجية التي يؤمنون أنها ستمكنهم من إبطال المعاهدة دون أن يقع عليهم اللوم. وكون &laqascii117o;الجماعة" ستعمل على نحو ملتوٍ للتراجع عن وثيقة منعت الحرب على مدى أكثر من ثلاثة عقود إنما يُظهر تفضيل المنظمة للتطرف أكثر من الواقعية. ثانياً، تُظهر مصر تحت حكم &laqascii117o;الإخوان المسلمين" ميلاً نحو تأجيج التطرف العنيف بدلاً من التصدي له. وبهذه النزعة فإن دعوة &laqascii117o;الإخوان" لـ &laqascii117o;الجماعة الإسلامية" للانضمام إلى ائتلافها، حتى لو رفضت، ينبغي أن تكون مصدراً للقلق الشديد. فـ &laqascii117o;الجماعة الإسلامية" هي تنظيم مصنف من قبل الولايات المتحدة كإرهابي، وأن أحد أول أولوياته هي المطالبة بإفراج واشنطن عن 'الشيخ الضرير' عمر عبد الرحمن الذي حرَّض على الهجوم على 'مركز التجارة العالمي' عام 1993. ثالثاً، ستصبح مصر في ظل قيادة إسلامية غير مرحِبة بالأقليات الدينية والعلمانيين المصريين. ويسعى البرلمانيون الإسلاميون المنتخبون حديثاً إلى جعل الشريعة هي المصدر الحصري للتشريعات المصرية وليس فقط الرئيسي لها، وقد تعهدوا بمقاضاة من ينتقدون الشريعة الإسلامية. والقضية الأخيرة التي رفعها الإسلاميون ضد الملياردير القبطي نجيب ساويرس لنشره صورة ساخرة على موقع 'تويتر' لميكي وميني ماوس وهما يلبسان زياً سلفياً إنما هي علامة مخيفة على ما سيأتي مستقبلاً.
غير أن لواشنطن أصولاً تساندها في الحفاظ على أسهمها في مصر. فالمعونة العسكرية الأمريكية التي تبلغ 1.2 مليار دولار تمثل بالضرورة ميزانية مشتريات للقوات المسلحة المصرية. وفي حين أن الإسلاميين ربما يريدون أن يبتعد الجيش عن السياسة إلا أنهم أيضاً لا يريدون أن يُتهموا بأنهم يريدون إضعاف البلاد مادياً. [وصحيح] أن الدعم الأمريكي الاقتصادي المباشر أصغر ، حيث يبلغ 250 مليون دولار، إلا أن للولايات المتحدة صوت كبير في المؤسسات المالية الدولية التي من المؤكد أن مصر ستلجأ إليها لطلب المساعدة. وفي الفترة المقبلة عندما يدرك السياسيون الإسلاميون في مصر مدى ما ستميل به الولايات المتحدة إلى التأقلم مع واقع سياسي جديد فعندئذ يتعين على واشنطن أن تكون على استعداد لاستخدام كلتا الأداتين لتعزيز مصالحها.
وينبغي أن تكون رسالة واشنطن إلى القادة الناشئين في القاهرة هي أن الدعم الأمريكي، سواء المباشر وغير المباشر، مشروط بتعاونهم في الحفاظ على السلام مع إسرائيل والتمسك بالتعددية السياسية والحقوق الدينية وحقوق الأقليات. وينبغي لأمريكا أن تحدد علاقتها بناء على ما يفعله حكام مصر الجدد في الواقع وليس الكلام الناعم الذي يقوله متحدثيهم بالإنجليزية مع الصحفيين والدبلوماسيين والسياسيين الأمريكيين الزائرين لهم. وفيما يخص إسرائيل فإن عدم إلغاء معاهدة السلام هو ببساطة ليس كافياً. فعلاقة مصر وإسرائيل كانت قد جُردت من الكثير جداً من مضمونها لدرجة أنه لم يبقَ شيء لاتفاقية السلام سوى أن معناها هو عدم الحرب. إن الاختبار التجريبي الأجدى سيكون التزام مصر بالاستثمار بالأشخاص والموارد الضرورية لتأمين شبه جزيرة سيناء. وهذا الجهد وحده هو ما سيحمي المنطقة من أن تصبح كغزة في الخمسينيات وجنوب لبنان في السبعينيات، أي ملاذاً آمناً للإرهابيين والذي من المرجح أن يجرُّ مصر وإسرائيل إلى صراع في نهاية المطاف.
وحماية التعددية السياسية والدينية وحقوق الأقليات أمر حساس لكنه ليس أقل أهمية. بل الأكثر حساسية هو حماية الأقباط الذين يمثلون عناصر الاختبار والقياس في مصر. إن مصير الديمقراطية المصرية - وفرص ظهور خيارات غير إسلامية - سوف يعتمدان على ما إذا كانت هذه الطائفة التي عمرها آلاف السنين، فضلاً عن منظومة مجموعات أخرى ستشعر بالرضا في مصر الجديدة أم لا. كما أن التركيز الحصري على حماية التعددية وحقوق الأقليات بدلاً من الجهد الأوسع والأكثر عمومية لتنمية المؤسسات الديمقراطية في مصر هو الأسهل من حيث الاستمرارية والأيسر إفضاء إلى سياسة المساعدة بالعصا والجزرة والأكثر رجحاناً للحفاظ على بدائل سياسية مستقبلية منفتحة. على أن حماية أمن مصر وإسرائيل والدفاع عن التعددية وحقوق الأقلية فقط سيكون بعيداً كل البعد عن الشراكة القوية في السنوات الماضية. لكن بالنظر إلى ما هو متوفر للولايات المتحدة فإن هذا النهج يبقى أفضل فرصة للحفاظ على ما يهم أكثر بالنسبة للمصالح الأمريكية ذات المدى الطويل.