صحافة دولية » أخبار ومقالات من صحف ومواقع أجنبية

- صحيفة "لوس أنجلوس تايمز"
اغتيال بن لادن عامل حاسم في انتخابات أميركا / "الجزيرة"

وصفت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما باستهداف زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن واغتياله، بأنه القرار الذي حظي بدعم من الحزبين الأميركيين الرئيسيين الديمقراطي والجمهوري، وهو القرار الذي حقق إجماعا حزبيا في مرحلة اتسمت بالتوتر والانقسام العميق بين الحزبين منذ دخول أوباما البيت الأبيض. ولكن رغم ما تقدم، ومع اقتراب الذكرى الأولى لاغتيال بن لادن، فقد أصبحت عملية اغتياله ذخيرة لمناوشات مبكرة بين أوباما وخصمه الجمهوري الرئيسي المحتمل في الانتخابات الرئاسية القادمة، مت رومني.

وأصبحت عملية اغتيال بن لادن بالنسبة للديمقراطيين تجسد الطبيعة التنافسية الشرسة للانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، حيث يستخدمها الديمقراطيون لإبراز تفوقهم على الجمهوريين في مجال الأمن القومي. ورغم إنكار الديمقراطيين في بعض المناسبات أنهم يستخدمون اغتيال بن لادن لمصلحة حزبهم، فإن الأسبوع الماضي شهد عدة مناسبات استشهد فيها مندوبو أوباما بالحادثة، وتساءلوا بنبرة متشككة أمام الملأ، هل كان رومني سيعطي الضوء الأخضر للإغارة على بن لادن في مجمع سكني وسط باكستان لو كان محل أوباما. كما أشاروا إلى موقف رومني في حملته في الانتخابات الماضية، عندما أصدر بيانا تساءل فيه عن جدوى أن "تقوم الدنيا ولا تقعد" للإمساك ببن لادن، كما وجه نقده للمرشح أوباما في ذلك الحين لإبدائه الاستعداد لشن غارات على مواقع لأشخاص تعتبرهم الولايات المتحدة "إرهابيين" في داخل باكستان حتى لو كان ذلك خلافا لإرادة الأمة. ولم يتوقف الأمر عند مندوبي أوباما في حملته الانتخابية، بل أشارت الصحيفة إلى تطرق أوباما نفسه للقضية في تصريحاته خلال زيارة رئيس الوزراء الياباني الأخيرة التي قال فيها "أنصح الجميع بأن ينظروا إلى المواقف السابقة للأشخاص، فيما يخص اعتقادهم بصحة الإغارة على باكستان للقضاء على بن لادن. بالنسبة لي، فقد قلت إننا سنغير عليه إذا حددنا موقعه بوضوح، وقد فعلت ذلك. وإن كان هناك آخرون يقولون شيئا ويفعلون شيئا آخر، فإنني سوف أمضي إليهم واسألهم أن يفسروا موقفهم ذاك".

رومني من جهته، نفى في خطابه الأخير في هامشاير بالولايات المتحدة، أنه كان سيتقاعس عن إصدار أمر باغتيال بن لادن، وقال بنبرة صارمة "بالطبع بالطبع، حتى جيمي كارتر كان سيعطي مثل هذا الأمر". بعض وجوه الحزب الجمهوري المعروفة، استنكرت من جهتها ما سمته "تسييس" قضية اغتيال بن لادن، ومن أبرز المنتقدين لذلك السناتور جون ماكين الذي رشح نفسه في انتخابات رئاسية سابقة ولكنه فشل في انتزاع الفوز بمقعد الرئاسة. ووصف ماكين تناول أوباما للموضوع بأنه "رقص معيب يمارسه أوباما في الوقت الضائع لدعم إعادة انتخابه"، وقال "لا أحد ينكر أن الرئيس (أوباما) يستحق الثناء على إصداره الأمر بالغارة، ولكن أن تسيس هذه المسألة بهذا الشكل فهو أعلى درجات الرياء".  

وعلّقت الصحيفة بالقول إن هجمات الحادي عشر من سبتمبر (2001) وحدت الأميركيين في المرحلة التي تلتها ضد المخاطر التي قد تتعرض لها بلادهم، ولكن قضية احتمال استهداف الولايات المتحدة التي برزت نتيجة لهجمات سبتمبر أصبحت منذ عام 2001 عاملا حاسما في السياسة الأميركية، وقد تجسد ذلك في انتخابات عام 2004 عندما ركزت حملة جورج بوش الابن على أن أميركا كانت ستتعرض لاختراق أمني خطير لو انتخب الديمقراطي جون كيري، وقد فاز بوش فعلا بتلك الانتخابات وأعيد انتخابه لولاية رئاسية ثانية.


- صحيفة "الغارديان"
معظم الإسرائيليين يرفضون حربا مع إيران

قالت صحيفة "الغارديان" إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصقور الغرب الذي يسعون لضربة مبكرة ضد إيران يتجاهلون آراء خبراء الأمن والناس بأن معظم الإسرائيليين لا يريدون حربا مع إيران. وأشارت الصحيفة إلى ما قاله يوفال ديسكين، الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشين بيت) بأن نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك يضللان الشعب حول مسألة إيران ويضعان قرارات مبنية على مشاعر "يسوعية" ووصفه لنتنياهو بأنه غير كفء للإمساك بعجلة قيادة السلطة.

وقال ديسكين "لقد لاحظتهما عن كثب... فهما ليسا من الأشخاص الذين يمكن الوثوق بهم لقيادة إسرائيل إلى حدث بهذه الضخامة ويفوزون فيه... وهما يخبران الشعب بأنه إذا تحركت إسرائيل فإن إيران لن يكون لديها قنبلة نووية.. وهذا تضليل. والحقيقة هي أن كثيرا من الخبراء يقولون إن هجوما إسرائيليا سيسرع السباق النووي الإيراني". وقالت الصحيفة إن ديسكين ينضم إلى قائمة طويلة من أعضاء بارزين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية الذين عبروا علنا عن نقدهم ومعارضتهم لخط حكومتهم الصقوري المتشدد تجاه إيران. وهذا الهجوم المثير من ديسكين جاء بعد 48 ساعة فقط من إعلان رئيس المؤسسة العسكرية الجنرال بيني غانتس أن القيادة الإيرانية لم تتخذ قرارا بعد لبناء أسلحة نووية، وأنه من غير المحتمل أن تخطو هذه الخطوة الخطيرة وأنها قيادة من أناس في غاية العقلانية. وأضاف أن القرارات يجب تتخذ بعناية بسبب المسؤولية التاريخية لكن بدون هستيريا.
وأشارت الصحيفة إلى أن مئير داغان، الرئيس السابق للمخابرات الإسرائيلية (الموساد) قال في مقابلة مع شبكة سي بي إس الأميركية الشهر الماضي إن حربا مع إيران ستكون مدمرة للإسرائيليين لأنها "ستشعل، من وجهة نظري على الأقل، حربا إقليمية". وفي وقت سابق وصف الهجوم الإسرائيلي على إيران بأنه "أغبى فكرة سمعتها". وأضافت الصحيفة أنه ليس هناك إجماع يؤيد العمل العسكري ضد إيران داخل المؤسسة السياسية الإسرائيلية أيضا. وهناك تقارير إعلامية تشير إلى حالة من العزلة التي يعيشها نتنياهو وباراك داخل مجلس الوزراء. والشعب الإسرائيلي أيضا أدلى بدلوه في هذا الأمر. فقد أظهرت نتائج استطلاع نشره الشهر الماضي المعهد الديمقراطي الإسرائيلي وجامعة تل أبيب أن 63% من الإسرائيليين يعارضون ضربة إسرائيلية منفردة ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وفي استطلاع سابق لجامعة ميريلاند في فبراير/ شباط أيد خمس الإسرائيليين فقط ضربة ضد إيران بدون دعم الولايات المتحدة. وقالت الصحيفة إن في هذا الموقف درسا هاما لصقور وحمائم الغرب على السواء. فالصقور في مجلسي العموم البريطاني والنواب الأميركي الذين يستحضرون الأمن القومي لإسرائيل بأنه المبرر الأساسي لهجمة استباقية على إيران يتجاهلون آراء الخبراء بالمؤسستين العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية، في الحاضر والماضي. وفي نفس الوقت ينبغي على الحمائم الذين خرجوا إلى الشوارع رافعين شعارات مناوئة للحرب تلوم الدولة اليهودية على المبالغة في التهديد القادم من إيران أن يدرسوا استبدال كلمة "إسرائيل" بـ"نتنياهو". لأنه هو الذي ينتهز كل فرصة للترويج للخوف من التهديد المشابه للنازية القادم من إيران. لكن نتنياهو ليس إسرائيل -فهي أمة من 7.8 ملايين شخص، بمن فيهم 1.6 مليون عربي. وأولئك الذين يعارضون صراعا كارثيا في الشرق الأوسط ينبغي ألا يسمحوا لخطابه هذا المثير للخوف بدون داع واليسوعي أن يطغى على أصوات حمائم إسرائيل: المنتقدون للعمل العسكري الذين يفوقون في عددهم وفصاحتهم الحمائم في البرلمان الأميركي أو البريطاني ومصداقيتهم أفضل بكثير. وختمت الصحيفة بأنه كما هو خطأ اختصار إيران في شخص أحمدي نجاد أو الولايات المتحدة في شخص رئيسها السابق جورج بوش فمن الخطأ أيضا ومن غير المثمر اختصار إسرائيل في شخص نتنياهو. فمواطنوها العاديون لا يريدون حربا مع إيران وقادة التجسس والجنود فيها يصطفون ليقولوا لنا سبب ذلك.


- "الغارديان"
الاستعمار يعود بحلة القانون الدولي/ "الجزيرة"

اعتبر الكاتب البريطاني جورج مونبيوت أن الاستعمار لم ينته بعد ولكنه جاء بحلة جديدة تسمى القانون الدولي الذي بموجبه تفرض القوى القوية والغنية نفوذها على القوى الضعيفة.

ويسرد الكاتب في مقال نشرته صحيفة "الغارديان" جملة من الأدلة التي يرى أنها تؤكد أن الإمبريالية لم تنته، ولكنها جاءت بأشكال جديدة. ومن هذه الأدلة الحرب التي شنها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير في بلاد ما بين النهرين بحثا عن السلطة والنفط ومناطق النفوذ فضلا عن استمرار الحرب الاستعمارية في أفغانستان، وحصر مهام حفظ الأمن الدولي في أيدي القوى الكبرى، والعدالة من طرف واحد بموجب القانون الدولي. 

فبينما يقال إن إدانة الرئيس الليبيري السابق تشارلز تايلور بارتكاب جرائم حرب بعثت برسالة جلية إلى القادة الحاليين مفادها أن المنصب الكبير لا يمنح الحصانة، فإن تلك الإدانة تبعث برسالتين. الأولى: إذا كنت تدير دولة صغيرة وضعيفة فإنك ستخضع للقانون الدولي بكامل قوته، والثانية: إذا كنت تدير دولة قوية، فلا تخشى لومة لائم. وفي حين أن الإدانة يجب أن تلقى ترحيبا من قبل كل من يبالي بحقوق الإنسان، فإنها تذكر بأنه لم يواجه أحد تبعات قانونية لشن حرب غير قانونية ضد العراق. ويقول مونبيوت إن التهم التي يبنغي التحقيق بشأنها مع بوش وبلير أكثر خطورة من التهم التي أدين بسببها تايلور، مشيرا إلى أن محكمة الجنايات الدولية -رغم أنها تأسست قبل عشرة أعوام، ورغم أن جريمة العدوان معترف بها وفق القانون الدولي منذ 1945- لا تزال تفتقر إلى النظام القضائي بشأن "أكثر الجرائم خطورة". ويعزو ذلك إلى أن القوى الكبرى -ولأسباب واضحة- تماطل في ذلك، فلا المملكة المتحدة ولا الولايات المتحدة ولا دول غربية أخرى دمجت جريمة العدوان في قوانينها التشريعية. فالقانون الدولي -والكلام للكاتب- لا يزال مشروعا إمبرياليا يعاقب بموجبه على الجرائم التي ترتكبها الدول التابعة فحسب.

وينطبق ذلك على قوى كونية أخرى، منها صندوق النقد الدولي الذي لا يزال تحت سيطرة الولايات المتحدة والقوى الاستعمارية السابقة. فجميع المسائل الدستورية تتطلب التصويت بنسبة 85%، في حين أن الولايات المتحدة تحتفظ بنسبة 16.7% لضمان حق النقض (الفيتو) على إجراء الإصلاحات. وبينما لا تزال بلجيكا تحتفظ بثمانية أضعاف أصوات بنغلاديش، تحظى إيطاليا بنصيب أكبر من الهند، وتملك المملكة المتحدة وفرنسا نصيبا أكبر من 49 دولة أفريقية. أما المدير الإداري للمؤسسة الدولية فلا يزال حسب التقاليد أوروبيا ونائبه أميركيا. ولهذا، يبقى صندوق النقد الدولي وسيلة الأسواق المالية الغربية لبسط سيطرتها على باقي أرجاء العالم. ويشير الكاتب إلى أن الاستعمار لم ينته حتى تمكنت القوى الاستعمارية السابقة والإمبراطوريات المالية من إنشاء وسائل أخرى للاحتفاظ بالهيمنة، فمنها ما لم يتغير مثل صندوق النقد والبنك الدوليين، ومنها ما جاء ردا على تحديات جديدة للهيمنة العالمية مثل برنامج تسليم المشتبه فيهم الاستثنائي. فكما يتضح من خطفها لعبد الحكيم بلحاج وزوجته الليبيين -عقب إبرام عقود نفطية في ليبيا عام 2004- فإن أجهزة المخابرات البريطانية رأت في نفسها قوة بوليسية دولية تتدخل في شؤون الدول الأخرى. وقد بقي برنامج التسليم بعيدا عن أنظار العامة، شأنه في ذلك شأن باقي الجرائم الاستعمارية التي ارتكبتها بريطانيا في كينيا وأماكن أخرى.


- "معهد واشنطن"
"الجيش السوري الحر": تقييم عسكري / جيفري وايت وأندرو إكسوم

"في 10 نيسان 2012، خاطب جيفري وايت وأندرو إكسوم منتدى سياسي في معهد واشنطن. والسيد وايت هو زميل للشؤون الدفاعية في المعهد، خدم سابقاً في "وكالة الاستخبارات الدفاعية" فترة دامت 34 عاماً تقلد خلالها العديد من المناصب التحليلية والقيادية البارزة. والسيد اكسوم هو زميل بارز في "مركز الأمن الأمريكي الجديد"، ومحرر المدونة "أبو مقاومة". وشملت خدمته العسكرية قيادة فصيلة من جوالة الجيش الأمريكي "رينجرز" في العراق وأفغانستان، فضلاً عن تقديم المشورة لكبار المسؤولين في القيادة المركزية الأمريكية. وفيما يلي خلاصة المقررة لملاحظاتهما."

«الجيش السوري الحر» ليس آلية عسكرية ثابتة أو مُتقنة. وإنما هو آلية تتطور مع الوضع في سوريا، كما أنه آخذ في الظهور كفاعل قوي على الساحة. وبينما يعمل على تطوير نفسه وتحسين قدراته، فإن تأثيره على الأزمة سوف يزداد من دون شك. ومن ثم فإن «الجيش السوري الحر» يستحق الدعم الخارجي، سواء الفتاك منه أو غير الفتاك، بما في ذلك المساعدة في زيادة فعاليته التنظيمية.  وتساعد أحداث كانون الثاني- شباط في إلقاء الضوء على تطور «الجيش السوري الحر» ووضعه الحالي. ففي كانون الثاني، حققت الميليشيا مكاسب هائلة ضد قوات الأسد، ونجحت في السيطرة الكاملة أو الجزئية على الزبداني وحمص ورستن وأحياء دمشق وأجزاء من إدلب. ورداً على ذلك، شنّ النظام هجمات قوية ضد «الجيش السوري الحر» في وقت لاحق من ذلك الشهر. وقد أعادت قوات النظام تأكيد نفسها في مناطق كان يُعتقد في السابق أنها خاضعة لسيطرة الميليشيا، بهدف تدمير تشكيلات «الجيش السوري الحر» ومعاقبة من يدعمونه وإعادة السيطرة على المناطق. وفي أوائل شباط، نجحت قوات الأسد في استعادة أحياء دمشق والزبداني وباب عمرو وحمص وأجزاء من إدلب وأجرت عمليات قمع في درعا وحماة وحلب ودير الزور.  غير أن «الجيش السوري الحر» تجنب التدمير وأفلت من التعرض لخسائر فادحة وألحق ضرراً بالقوات الحكومية. وعلاوة على ذلك، أرغم «الجيش السوري الحر» النظام على استخدام الأسلحة الثقيلة وكشف عدم قدرته على تنفيذ أكثر من عملية أو عمليتين على نطاق واسع في آن واحد. ورغم أن ذلك لا يعد قطعاً نصراً لـ «الجيش السوري الحر»، إلا أن النتيجة أظهرت أن الميليشيا شكلت تهديداً حقيقياً على النظام. والواقع أن «الجيش السوري الحر» بدا أنه تعافى بشكل كامل مع بداية شهر آذار.  إن «الجيش السوري الحر» آخذ في التحسن بشكل متسق كمنظمة عسكرية. إذ بدأت تظهر تشكيلات من المستويات العليا بحجم الكتيبة، إلى جانب ازدياد عدد تشكيلات الألوية. كما أنه أنشأ عدداً من "المجالس الثورية" التي تتولى التنسيق المحلي والبلدي والإقليمي بين الكتائب. ويقود «الجيش السوري الحر» قادة معروفون، وتكتسب تشكيلاته سجلاً حافلاً في العمليات القتالية، ويتعلمون كيفية القتال مع تنفيذ عمليات عديدة ضد مواقع النظام المكشوفة. وبالإضافة إلى التركيز على نصب الأكمنة للقوافل العسكرية والهجوم على نقاط التفتيش وتنفيذ عمليات اغتيال استهدافية، فإنهم يهاجمون خطوط اتصالات النظام وبنيته التحتية للنقل.

ورغم هذه التطورات الهائلة والهامة، لا يزال «الجيش السوري الحر» يواجه العديد من التحديات الجوهرية. وأهم تلك التحديات أن النظام بدأ في استخدام الطيران القتالي لقمع المعارضة، وهو عامل يستحق المزيد من الاهتمام الدولي. وبالإضافة إلى ذلك، يواجه «الجيش السوري الحر» صعوبات بالغة فيما يتعلق بالقيادة والتحكم، رغم أنه حقق بعض التقدم على تلك الجبهة. كما أن القدرة على الانتقال عبر مسافات طويلة لا تزال تمثل تحدياً لقوات المعارضة المتمركزة، والتي لا يمكن نشرها بسهولة وتواجه صعوبات في التنسيق عبر أنحاء مدينة كبيرة أو إقليم. ورغم ذلك يبدو أن هناك تحسن في هذا الجانب أيضاً. وأخيراً، يواجه الشعب السوري ضغطاً متزايداً من النظام للتوقف عن توفير الدعم الذي يمثل أهمية جوهرية لعمليات «الجيش السوري الحر». وهذا الضغط لم يفلح حتى الآن في تشتيت الناس وفصلهم عن «الجيش السوري الحر»، لكنه إن فلح سيكون كارثياً بالنسبة للميليشيا.  وبشكل إجمالي، تُظهر الأدلة أن فعالية «الجيش السوري الحر» آخذة في النمو. وللاستمرار في هذا المسار، تحتاج المعارضة إلى الأسلحة والمعدات الملائمة، إلى جانب إمدادات موثوقة من الذخيرة. وقد أظهر النظام أنه يسعى إلى حل عن طريق استخدام القوة لإنهاء الصراع، وليس حلاً سياسياً. ويرجح أن يتصاعد النزاع على المدى القصير بينما يُظهر النظام رغبته في القتال بقوة أكبر مع عدم إظهار «الجيش السوري الحر» لأي مؤشرات على التراجع.  لا شك أن لدى الولايات المتحدة قوات سرية وخاصة قادرة على التدخل بشكل مباشر أو غير مباشر في سوريا. ورغم أن المسار الأخير سوف ينطوي على مخاطر أكبر، إلا أن التدخل المباشر هو الاستراتيجية الأسرع والأفضل والأكثر فاعلية، وسوف يمنح الولايات المتحدة مزيداً من التأثير على النتائج على المدى البعيد.
يمثِّل تقييم «الجيش السوري الحر» ثلاث مشاكل تحليلية. أولاً، يصعب الحصول على تقارير نزيهة من أرض المعركة. فمعظم التقارير تأتي من أطراف مشتركة في النزاع لديها مصلحة في تقديم معلومات خاطئة عن قوتها النسبية والوضع على الأرض. ثانياً، رغم أن الصراع السوري يبدو مشكلة تقليدية تتعلق بنظام المعركة، إلا أن هناك فرضية مماثلة ثبت عدم صحتها في ليبيا منذ أشهر قليلة مضت. ثالثاً، في حين تبدو قوات الأسد قوية جداً، فإن هناك تكلفة للعمليات المستمرة، ويصعب على المُحللين الخارجيين حساب تلك التكلفة. ومن ثم قد تكون قوات النظام أكثر قوة أو ضعفاً عما تبدو عليه.  وبالإضافة إلى قبول هذه القيود على التحليل، فإنه من المهم صياغة النزاع بشكل أوسع نطاقاً. فأعضاء المعارضة السورية مترددون في وصف أنفسهم بـ "المتمردين" بالنظر إلى الإيحاءات الإرهابية التي يحملها هذا المصطلح في ضوء الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط. إلا أنه وبحسب تعريف الحكومة الأمريكية، فإن المعارضة تعد حركة تمرد قطعاً.  لقد تعرّف المحللون على الكثير من خصائص حركات التمرد على مدار السنوات العشر الأخيرة. فحركات التمرد والحروب الأهلية - التي تُشكل نحو 80 بالمائة من جميع الحروب - شائعة وممتدة ويصعب تحقيق الفوز فيها. وقد فازت الحكومات القائمة بنحو 80 بالمائة من جميع حركات التمرد والحروب الأهلية، كما أن الأطراف الثالثة الداعمة لتلك الانتفاضات واجهت أوقاتاً أكثر صعوبة بكثير لتحقيق الهيمنة والسيادة.

وعادة يحاول كل طرف في التمرد أن يُنشئ نظاماً معيارياً للتحكم. وبالنسبة لمعظم الناس العالقين في مثل تلك الصراعات، يتم استبدال التصرفات السياسية قبل الحرب بميل للانحياز مع الطرف الذي يخدم بشكل أفضل مصالحهم المحسوبة في البقاء. وبناءً عليه، فإن الشعب يتأرجح بسهولة من جانب إلى آخر أو يظل سلبياً طوال فترة الصراع حتى يزيد فرصه في البقاء. وإذا كان أي طرف يرغب في تطبيق استراتيجية ناجحة لكسب "القلوب والعقول"، فيجب أن يُقنع الناس أن دعمه سوف يحقق مصالحهم الاستراتيجية الأفضل.  وفي سوريا، فإن إقناع الشعب بأن الدعم الدولي لا يتأرجح من المرجح أن يزيد الدعم الشعبي لـ «الجيش السوري الحر». إلا أن هذا التأثير سوف يتباين من منطقة إلى أخرى، مما يجعل من الضروري دراسة ظاهرة "القلوب والعقول" على مستوى محلي. وفي المقابل، فإن الدعم الدولي غير المتسق يُنذر غالباً بالهزيمة. وحتى لو اختارت الولايات المتحدة عدم التدخل، فهناك مخاطر بأن يتحول الوضع إلى حرب بالوكالة، حيث ليس هناك شك بأن لاعبين آخرين سيتدخلون في الصراع.

ورغم أن سقوط نظام الأسد سيكون انتكاسة كبيرة لإيران ونعمة للمصالح الأمريكية في المنطقة، إلا أن هناك ثلاثة مظاهر للقتال لا تزال تُقلق واشنطن. أولاً، يمتلك النظام أسلحة كيميائية وبيولوجية منتشرة في جميع أنحاء البلاد. وبالنظر إلى التواجد الذي تحدثت عنه التقارير لـ تنظيم «القاعدة» ومقاتلين أجانب آخرين في سوريا، فإن احتمال أن تقع أسلحة الدمار الشامل في أيدي خاطئة من المرجح أن تزداد في حالة الإطاحة بالنظام أو مواجهته ما يكفي من التهديدات. إلا أن هذا ليس سبباً جيداً بما يكفي لكي تتجنب الإدارة الأمريكية التدخل. وعلى العكس من ذلك، فإن وجود أسلحة الدمار الشامل يمكن أن يمثل قوة دافعة للتدخل، بهدف تأمين الأسلحة ومنع إساءة استخدامها. ثانياً، قد ينتشر النزاع إلى بلدان مجاورة؛ ولدى الإدارة الأمريكية قلق خاص من الآثار السلبية المحتملة لذلك على لبنان والعراق. ثالثاً، لدى الإدارة قلق من أن يمتد النزاع لفترات طويلة. وسواء فازت المعارضة أو خسرت، فمن المرجح أن يستمر القتال لفترة طويلة، وهذه الاحتمالية تؤثر بشكل كبير على واشنطن.  وفي المرحلة اللاحقة، يجب على الولايات المتحدة أن تتخذ قراراً واضحاً بشأن التدخل. فإذا قررت التدخل، فيجب عليها أن تفعل ذلك في وقت مبكر وبشكل قاطع. وإذا قررت عدم التدخل، فيجب أن تبقى بعيدة كلية عن الصراع. وإلى الآن، يبدو أن الإدارة الأمريكية تتبع المسار الأخير، على عكس النداءات الدولية للإطاحة بالنظام من السلطة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد