- مجلة 'التايم' الأميركية
الصحافي وراء القضبان: مخاطر العمل الصحفي في لبنان/ أرين باكر
... رامي عيشه، وهو صحفي مستقل لبناني من أصل فلسطيني، يعمل صحفياً ومترجماً لعدة وسائل إعلام تعمل في لبنان بما فيها مجلة 'تايم'، قد اعتُقل قبل أسبوعين فيما كان يؤدي عمله في منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت التي يسيطر عليها حزب الله. وكان عيشة يستقل سيارة مع رجلين آخرين حينما قام عملاء حزب الله بإيقافهم بقوة السلاح. وقد تعرض الصحفي ورفيقاه للضرب المبرح كما حطمت الكاميرا التي كانت بحوزته، ثم نُقلوا إلى مركز للشرطة العسكرية في بيروت، حيث تعرضوا للضرب هناك أيضاً، وفقا لما قاله محامي عيشة.
ووفقا للمحامي، إن قضية عيشة عرضت على قاض عسكري رفض إطلاق سراحه بكفالة. وفي 12 أيلول، نُقل رامي عيشة إلى سجن القبة في مدينة طرابلس البعيدة عن مكان سكنه حيث تعيش زوجته وابنته، حيث يسمح له بتواصل محدود فقط مع عائلته. وقال رمزي عيشة، شقيق الصحفي، إن الصحفي يشعر بقلق شديد وأضاف 'انه محاط بالمجرمين، رغم انه لم يفعل شيئا سوى تأدية عمله الصحافي'. ووفقاً لتقرير بثه تلفزيون 'المنار' التابع لحزب الله، إن عيشة قد اعتقل بصحبة ضابط في الجيش برتبة رائد يدعى وسام عبد الخالق، وشخص ثالث هو أحد أقارب هذا الضابط. وقد أقر التقرير بأن رامي عيشة هو صحافي يحقق بقصة إخبارية محتملة.
وفي يوم الخميس، قال قاضٍ عسكري إنه لن يتم الإفراج عن الصحفي حتى استكمال التحقيقات، وفقاً لما أفاد به شقيق الصحافي. ولم تحدد السلطات لغاية الآن موعداً لمحاكمة الصحفي، ويتيح القانون اللبناني مواصلة احتجازه لمدة ستة أشهر دون توجيه أيه اتهامات، حسبما أفاد رمزي عيشة. وقال جويل سايمون، المدير التنفيذي للجنة حماية الصحافيين، 'نحن نشعر بانزعاج شديد جراء تواصُل احتجاز رامي عيشة وما تعرّض له من إساءات ونطالب بالإفراج الفوري عنه. يجب أن يتمكن الصحافيون في لبنان من العمل بحرية خلال هذه المرحلة الحرجة من تاريخ البلاد'.
ملاحظة: لقد أفاد تقرير لجنة حماية الصحافيين أن الصحفي اقتيد ورفيقاه إلى مكتب تابع لحزب الله حيث احتجزوا هناك لبضعة ساعات تعرضوا خلالها لضرب مبرح. وقد أصيب رامي عيشة بكدمات جراء الضرب، وقام عناصر حزب الله بتحطيم الكاميرا التي كانت بحوزته. وأضاف التقرير أن اعتقال عيشة جاء على خلفية قيامه مرات عديدة بتغطية صحفية حول موضوع تهريب الأسلحة من لبنان إلى سوريا، وربما يكون هذا هو سبب اعتقاله.
- صحيفة 'نيويورك تايمز'
قلاقل الشرق الأوسط الأخيرة تكثف النقاش بشأن تدخل الولايات المتحدة في سوريا من عدمه/ روبرت ويرث
في الأسابيع الأخيرة، دفع ازدياد عدد القتلى في سوريا الحرب الأهلية في ذلك البلد إلى قمة أجندة إدارة أوباما، والى ضغط بعض القادة العرب بصورة اشد من اجل دور أميركي اكبر في إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد. ثم جاءت احتجاجات الأسبوع الماضي في الشرق الأوسط – لتبين بصورة حية أن دعم الولايات المتحدة لمزيد من الديمقراطية في العالم العربي خلال السنتين الماضيتين ليس ضماناً ضد قوة العواطف الإسلامية الحارقة وسخطها المناوئ لأميركا. ولم يكن من شأن الجيشان إلا تقوية معضلة حيرة طغت عليها إلى حد كبير ملة انتخابات الرئاسة. هل يجب أن تبقى الولايات المتحدة وحلفاؤها مترددين في الإطاحة بالرئيس الأسد، احد آخر الحكام الدكتاتوريين العلمانيين في المنطقة، والذي أبقى حكمه، مهما يكن قمعياً، قوى الإسلام الشعبوي في عقالها؟ أم هل تبرز الاحتجاجات مخاطر عدم القيام بعمل، مع وجود متزايد بسرعة للجاديين في سوريا من المرجح أن يزيد من زعزعة استقرار المنطقة برمتها. لقد أثارت الهجمات على المقار الدبلوماسية الأميركية والأوروبية، خصوصا موت سفير وثلاثة أميركيين آخرين في ليبيا، دعوات في الولايات المتحدة إلى فك الارتباط مع العالم العربي وفوضاه التي يبدو أن لا نهاية لها. ويقول البعض أن كون فيديو مدته 14 دقيقة يهاجم النبي محمد يمكن أن يثير مثل هذا الغضب لا ينبئ بخير بالنسبة إلى إي استثمار مستقبلي في الديمقراطية العربية. ولكن بعض المحللين يقولون أن تلك الدعوات لفك الارتباط تهدد بطمس السياق الأكبر في سوريا حيث يمكن لسفك الدماء الطائفي المتصاعد ووجود 'القاعدة' المتزايد على عتبة إسرائيل ان يثبت، إذا لم يتم وقفه، انه أكثر ضررا للمصالح الأميركية من الاحتجاجات الأخيرة.
قال سلمان الشيخ، مدير مركز بروكنغز الدوحة: 'تستطيع أن ترى لماذا يمكن أن تريد الولايات المتحدة فك الارتباط بعد ما حدث للتو في القاهرة وبنغازي. ولكن، في الواقع، الفوضى والإسلاميون الذين رأيناهم في ليبيا يجب أن يكونوا تحذيرا لنا من سياسة الوقوف في الخلف هذه. أن سوريا يمكن أن تصبح اخطر بكثير من ليبيا بالنسبة إلى الولايات المتحدة والمنطقة، وما زال من غير المتأخر إحداث فارق'. لقد ازداد عدد القتلى في سوريا زيادةً حادة في الأسابيع الأخيرة، وتقول بعض التقديرات أن العدد يزيد عن 23 ألفا. وأوضحت قوى إقليمية مثل تركيا والمملكة العربية السعودية، اللتين تقدمان الآن كمية ضئيلة من الأسلحة الخفيفة للمتمردين، انها لن تقوم بدور أكثر حسما من دون دعم أميركي. في الوقت نفسه أدت الطبيعة الطائفية بصورة متزايدة للصراع وخطر التورط في حرب بالوكالة مع إيران وروسيا، اللتين تواصلان تقديم الدعم العسكري للحكومة السورية، إلى استمرار التزام إدارة أوباما وحلفائها الأوروبيين بالحذر. ويلوح فوق أي تدخل محتمل خيال العراق حيث دمرت الحرب الأهلية الطائفية البلاد في 2006 و 2007 بالرغم من وجود عسكري أميركي كبير. وقال احد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية بشرط عدم الكشف عن هويته، ان الهجوم على السفارات الأميركية الأسبوع الماضي اظهر مدى الحكمة في الأسلوب الذي اتبعه الرئيس أوباما، والذي اشتمل على توفير المعونات الإنسانية واللوجستية ولكن ليس الأسلحة إلى الثوار. وقد تعرض أوباما إلى انتقادات من الجمهوريين، ومن بينهم السيناتور جون ماكين عن ولاية أريزونا، الذي دعا إلى استخدام الأسلوب العسكري، وميت رومني، مرشح الحزب للرئاسة، الذي اقترح تسليح المعارضة عن طريق وسطاء وليس بصورة مباشرة. وقد يُتخذ إجراء ما للتدخل العسكري في سوريا من دون تفويض من مجلس الأمن الدولي حيث ظلت روسيا باستمرار تعارض ذلك.
وقال بريان كاتوليس، الخبير في شؤون الأمن القومي في مركز التنمية الأميركي، وهو هيئة أبحاث ودعم لها علاقات قوية مع البيت الأبيض في عهد أوباما، إن 'هذه الحوادث تمنح الناس مزيدا من الوقت للتفكير، ذلك ان وكالاتنا الاستخباراتية ظلت تقول لنا أن بين صفوف المعارضة السورية، التي يفترض أن ندعمها، بعض الموالين لتنظيم القاعدة'. ومما يضيف إلى تعقيد القضية السورية تلك العلاقة مع إيران والنقاش في الولايات المتحدة وإسرائيل حول ما إذا كان هناك ما يبرر استخدام القصف الجوي لإيقاف برنامج إيران النووي. ومن بين ما قيل تأييدا للإطاحة بالأسد أن ذلك يضعف طهران التي تعتمد على سوريا باعتبارها الحليف العربي الوحيد وحلقة الوصل مع حزب الله والجماعات الأخرى المناوئة لإسرائيل. ويترنح الاقتصاد الإيراني بالفعل تحت طائلة العقوبات، وإذا ما خسرت إيران الدعم من سوريا، فقد تميل أكثر مما هي عليه الآن نحو التوصل إلى حل وسط بشأن برنامجها النووي، أو لعل هذا ما تنطوي عليه هذه النظرية. الا انه ليس واضحا ما إذا كان التدخل الغربي في سوريا سينجح في إبعاد إيران، التي تحتفظ بشبكات قوية في البلاد وقد يثبت أنها أكثر مهارة من أي دولة غربية أو عربية في إدارة الفوضى في سوريا بعد فترة حكم الأسد. ويقول بعض المؤيدين للتدخل أن من المحتمل أن يقع ذلك في وقت ما، وان الولايات المتحدة وحلفاءها حينئد لن يجدوا أمامهم ما يكفي من الخيارات. وقد صرح أوباما انه سيتدخل في سوريا إذا بدا أنها على استعداد لاستخدام أسلحة كيماوية، وإذا تسبب التزايد الكبير في أعداد القتلى، أو التهديد بحملة للإبادة الجماعية ضد أتباع احد الأديان أو الأقليات العرقية في سوريا، إلى إيجاد ضغوط اكبر كثيرا للتدخل. وإذا ما نجح الثوار في الإطاحة بالأسد من تلقاء أنفسهم، فان الفوضى والصراع على السلطة المترتب على ذلك سيخلق دافعا قويا للتدخل.
وقال إميل هوكايم، احد كبار الزملاء في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، أن 'مخاطر عدم التدخل لا تقتصر على كونها تؤدي إلى فسحة عمل اكبر للجهاديين. بل انك تخاطر بعدم وجود حلفاء على الأرض في اليوم التالي لسقوط الأسد' وبعدم وجود قوة لحماية المعتدلين في سوريا الجديدة. وبعيدا عن موضوع التدخل، فان الاحتجاجات الأخيرة المناوئة للأميركيين قد يكون لها تأثير على الطريقة التي تتبعها الولايات المتحدة في توزيع الدعم المحدود الذي توفره للثوار المقاتلين ضد حكومة الأسد. وقال هوكايم أن 'التركيز حتى الآن ينصب على التحقق من الجماعات الثائرة لدعمها' ولاستئصال العناصر الأكثر إسلامية، اذ 'لا شك في أن هذه الفئات سيشتد عودها'. قام مسؤولون من الجيش السوري الحر، وهو الذي يضم المعارضة الثائرة الرئيسية في سوريا، بزيارة واشنطن وطالبوا الولايات المتحدة ودولا أخرى بإعلان منطقة يُحظر فيها الطيران جزئيا فوق سوريا. ويقول مسؤول في الإدارة الأميركية مقرب من أوباما انه رغم انه يستمر في معارضة القيام بتدخل عسكري في سوريا، فان أحداث الأسبوع الفائت فصلت بينه وبين أي مجال للتقارب مع المعارضة السورية. ويقول أصدقاء وزملاء السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز الذي قتل خلال الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي، ان آخر ما كان يريد آن يشاهده هو تراجع الولايات المتحدة عن العالم العربي، بما فيه سوريا. إذ أن ستيفنز كان ينظر إليه لتولي منصب كبير في السفارة في دمشق، قبل أن يقرر التوجه الى ليبيا. وقال اندرو تابلر، الخبير في الشؤون السورية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن 'كريس كان يؤمن ويقول أن هذا يحتاج إلى نوع من النشاط الدبلوماسي الذي لا نجيده، لأننا اعتدنا على التعامل مع الدكتاتوريات. كان يدرك أن هناك مخاطر. وما أخشاه هو كما لو كانت ليبيا قد استغلت ذلك ليكون سببا لانسحاب الولايات المتحدة من المنطقة. لقد تغير الواقع الحالي، والجماهير الآن هي العامل الفعال في هذه الدول'.
- 'نيويورك تايمز'
صبرا وشاتيلا أضعفت نفوذ واشنطن/ 'الجزيرة'
قالت صحيفة 'نيويورك تايمز' إن مذبحة صبرا وشاتيلا أضعفت بشكل كبير نفوذ الولايات المتحدة بالشرق الأوسط كما قللت من سلطتها الأخلاقية، وإن واشنطن شعرت غداة المذبحة بالذنب الأمر الذي دفعها لإعادة نشر قواتها بالمنطقة لتغادر بعد فترة بدون رسالة واضحة.
وذكرت الصحيفة في مقال لسيث أنزيسكا أن وثائق الاجتماعات بين المندوب الأميركي إلى الشرق الأوسط آنذاك موريس دريبر والمسؤولين الإسرائيليين تكشف إلى أي مدى قد تواطأت واشنطن 'غير متعمدة' في حدوث مأساة صبرا وشاتيلا.
وأضاف أنزيسكا المرشح لنيل الدكتوراه في التاريخ الدولي بجامعة كولومبيا بأن سجلات الأرشيف تكشف حجم الخداع الإسرائيلي الذي أضعف الجهود الأميركية لمنع وقوع المذبحة. وأشار المقال إلى أن واشنطن التي كانت تتصرف اعتمادا على معرفة جزئية بالحقيقة على الأرض استسلمت للحجج الإسرائيلية الكاذبة والتكتيكات المتحايلة التي سمحت للمذبحة بالاستمرار. وقال المقال إن الدرس المستفاد من مذبحة صبرا وشاتيلا واضح. ففي بعض الأحيان يتصرف حتى الحلفاء الوثيقين بعكس ما تقتضي المصالح والقيم الأميركية. والفشل في استخدام القوة الأميركية للحفاظ على هذه المصالح والقيم من الممكن أن تكون له نتائج كارثية 'على حلفائنا، وموقفنا الأخلاقي، وقبل كل شيء على الأبرياء الذين يدفعون أعلى من الجميع'.
وأورد المقال تفاصيل اجتماع بين دريبر ووزيري الخارجية والدفاع الإسرائيليين آنذاك إسحق شامير وأرييل شارون وعدد من كبار مسؤولي الاستخبارات الإسرائيلية يوم 17 أيلول 1982 أي بعد ساعات من بدء المذبحة. وجاء في التفاصيل أن شامير الذي كان يعلم بما يحدث من قتل من قبل قوات الكتائب بالمخيمين لم يشر إلى ذلك مطلقا، وأن شارون سبق وأن أبلغ واشنطن بأن المخيمين يوجد بهما ما بين ألفين وثلاثة آلاف من 'الإرهابيين' وأن هذه المعلومات تسببت في تقاعس الأميركيين وتأخرهم عن منع المذبحة. وأورد المقال أيضا قولا لشارون جاء فيه 'عندما يتعلق الأمر بأمننا، فإننا لا نسأل أبدا. وعندما يتعلق الأمر بالوجود والأمن، فإننا نعتبر أن ذلك من صلب مسؤولياتنا ولا نتخلى عن التقرير بشأنه لأي أحد كان'. وأجمل المقال بأن دريبر أعطى، باستسلامه للخداع والكذب الإسرائيليين، تل أبيب غطاء للسماح لقوات الكتائب اللبنانية بالبقاء في المخيمين وإكمال المذبحة.
- صحيفة 'التايمز'
'التايمز' تدعو الغرب إلى مساندة الربيع العربي/ 'الجزيرة'
تطرقت صحيفة 'التايمز' إلى تداعيات نشر الفيلم المسيء للإسلام في الشارع العربي والإسلامي، فقالت إنه على الرغم من الاحتجاجات العنيفة على الفيلم فإنه لا ينبغي للغرب أن يدير ظهره للربيع العربي، داعية إلى ضرورة التدخل لحماية المدنيين ووقف شلال الدم بسوريا. وأوضحت تايمز في افتتاحيتها أنه يبدو أن الربيع العربي سرعان ما بدأ يتحول إلى خريف عاصف ودام، مشيرة إلى الهجوم الذي استهدف القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي، والذي أسفر عن مقتل السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز وثلاثة من مواطنيه الثلاثاء الماضي. كما أشارت الصحيفة إلى موجة الاحتجاجات والمظاهرات الغاضبة أمام السفارات الأميركية في دول الربيع العربي مثل مصر وتونس واليمن.
وقالت إن حركة طالبان في أفغانستان شنت هجوما على معسكر باستون الذي يعتبر القاعدة العسكرية البريطانية الرئيسية في أفغانستان مما تسبب في مقتل جنديين بريطانيين، وقالت إن هذا الهجوم جاء ردا على الفيلم المسيء للإسلام والذي أثار ردودا غاضبة في جميع أنحاء العالم الإسلامي. كما أشارت إلى استمرار شلال دم المدنيين السوريين على أيد قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد التي ما فتئت تستهدف المدن والبلدات السورية بالطائرات والمروحيات الحربية والمدافع الثقيلة وراجمات الصواريخ، وقالت إن الحرب الأهلية الدائرة في سوريا تجعل العواصم الغربية في حيرة من أمرها بشأن ضرورة التدخل لوقف حمام الدم في البلاد.
ودعت الصحيفة الغرب إلى ضرورة دعم ومساندة الدول العربية التي شهدت الربيع العربي وتخلصت من الحكم الاستبدادي، خاصة وأن هذه الدول لم تكمل طريقها بعد إلى ممارسة الديمقراطية الحقيقية، في ظل وجود بعض المتطرفين المسلحين الذين لا يزالون ينشرون الفوضى في البلاد، كما هو الحال في ليبيا. ودعت تايمز العواصم الغربية إلى ضرورة حماية المدنيين السوريين والتدخل لوقف شلال الدم النازف هناك، مشيرة إلى أن عدد القتلى في سوريا بلغ أكثر من 27 ألفا، وإلى أن مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي وصف الأزمة هناك بأنها خطرة على السوريين وعلى المنطقة وعلى العالم أجمع. واختتمت الصحيفة بالقول إن سياسة الغرب المتمثلة في المراقبة والانتظار جعلت الأسد يستمر في ارتكاب العديد من المجازر ضد المدنيين بطريقة وصفتها بالهمجية، وإن هذه هي الأوقات الصعبة في المنطقة العربية التي تستوجب أن لا ينأى الغرب بنفسه عنها.
- صحيفة 'صنداي تلغراف'
أساطيل أميركية وبريطانية تحتشد في الخليج/ 'الجزيرة'
قالت صحيفة 'صنداي تلغراف' إن أساطيل من القوات البحرية الأميركية والبريطانية تحتشد في الخليج العربي للتعاطي مع تداعيات احتمال قيام إسرائيل بضربة استباقية تستهدف المنشآت النووية الإيرانية. وأوضحت الصحيفة أن السفن الحربية وحاملات الطائرات وكاسحات الألغام والغواصات من 25 دولة بدأت تجتمع معا في مضيق هرمز ضمن استعراض عسكري غير مسبوق في ظل اقتراب المواجهة بين إسرائيل وإيران إلى شفا حرب. واستعدادا لأي ضربة استباقية أو انتقامية من قبل إيران، تبدأ اليوم سفن حربية من أكثر من 25 دولة بما فيها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية والإمارات، تدريبات عسكرية لمدة 12 يوما، وتعتبر هذه التدريبات الأكبر من نوعها في المنطقة.
وتتضمن التدريبات كيفية اختراق أي عملية إغلاق في المضيق، بالإضافة إلى مواجهة الألغام. وتتكون القوات الدولية من مجموعة من حاملات الطائرات الأميركية التي تضم كل واحدة عددا من الطائرات يفوق القوة الجوية الإيرانية. ويدعم تلك الحاملات ما لا يقل عن 12 سفينة حربية بما في ذلك طرادات الصواريخ البالستية والفرقاطات وسفن هجومية تحمل الآلاف من مشاة البحرية والقوات الخاصة. أما القوات البريطانية فتتألف من كاسحات ألغام وزوارق تنقل المواد اللوجستية إضافة إلى المدمرة دياموند. ومن المفترض أن يجري القادة محاكاة على تدمير الطائرات الإيرانية المقاتلة وبطاريات الصواريخ على الشواطئ والسفن.
ونقلت الصحيفة عن مصدر دفاعي قوله إنه رغم أن القدرة الإيرانية قد لا تكون على قدر كبير من التعقيد، فإنها قد تسدد سلسلة من الضربات القاتلة للسفن البريطانية والأميركية بواسطة الغواصات الصغيرة والزوارق السريعة والألغام وبطاريات الصواريخ المضادة للسفن المنتشرة على الشاطئ. ويؤكد المصدر أن نشوب حرب سيفضي إلى وقوع مجزرة، مشيرا إلى أن الخسائر الإيرانية ستكون كبيرة، ولكن طهران ستكون قادرة على تسديد ضربات قوية للقوات الأميركية والبريطانية.
وتشير 'صنداي تلغراف' إلى أن العديد من المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما يرجحون قيام إسرائيل بشن ضربة استباقية للمنشآت النووية الإيرانية قبل الانتخابات الأميركية التي ستجري في تشرين الثاني المقبل. ويعتقد القادة الغربيون أن إيران سترد على أي هجمة بمحاولة تلغيم أو إغلاق مسار الحركة بمضيق هرمز الذي ينقل 18 مليون برميل نفط يوميا، أي ما يقرب من 35% من التجارة النفطية عبر البحر. وتأمل حكومتا أميركا وبريطانيا بأن يظهر استعراض القوة لإيران بأن حلف شمال الأطلسي والغرب لن يسمحا لرئيس إيران محمود أحمدي نجاد بتطوير ترسانة نووية أو إغلاق مضيق هرمز. وتشير 'صنداي تلغراف' إلى أن إغلاق هرمز يحمل تداعيات كارثية على الاقتصادات الهشة في بريطانيا ودول أوروبا واليابان، التي تعول كثيرا على إمدادات النفط والغاز من الخليج.
- صحيفة 'واشنطن بوست'
واشنطن أمام تحديات في الشرق الأوسط/ 'الجزيرة'
تناولت بعض الصحف الأميركية بالنقد والتحليل الاضطرابات التي يشهدها العالم العربي والإسلامي احتجاجا على الفيلم المسيء للإسلام والمسلمين، وأشار بعضها إلى التحديات التي تواجه السياسات الخارجية الأميركية في ظل الربيع العربي وما سمته إستراتيجية بعض الجماعات المتطرفة في المنطقة.
فقد أشارت صحيفة 'نيويورك تايمز' إلى أن الولايات المتحدة تعد نفسها لتحديات جسام، ولفترة طويلة من الاضطرابات والمظاهرات التي يشهدها العالم العربي والإسلامي احتجاجا على الفيلم المسيء للإسلام. وقالت الصحيفة إن البيت الأبيض بصدد اتخاذ إجراءات لمواجهة فترة طويلة من الاضطرابات في العالمين العربي والإسلامي، من شأنها اختبار أمن البعثات الدبلوماسية الأميركية، بل اختبار قدرة إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على تشكيل قوى التغيير في الشرق الأوسط. وأوضحت أنه بينما تضغط إدارة أوباما على القادة العرب للتخفيف من حدة الاضطرابات الاحتجاجية، فإن مستشاري أوباما يدرسون احتمالات تقليص الأنشطة الدبلوماسية الأميركية في المنطقة. وأضافت أن الفيلم المسيء للإسلام والمسلمين أصبح يشكل الهاجس الأكبر في السياسة الخارجية للرئيس أوباما، ونسبت إلى العديد من المحللين تساؤلهم عن مدى كون أوباما فعل ما فيه الكفاية لدعم الربيع العربي والمساعدة في التحول من القمع والاستبداد إلى الديمقراطية. كما تساءل محللون عن مدى ما فعله أوباما لكبح جماع المتطرفين، وعما إذا كانت إدارة أوباما قد فشلت في معالجة المخاوف الأمنية الأميركية.
من جانبها، دعت صحيفة 'واشنطن بوست' المتحدة إلى الاستمرار في دعم القوى الإسلامية والليبرالية المعتدلة التي تولت زمام الأمور في الدول العربية التي شهدت الربيع العربي، وإلى تفويت الفرصة على الجماعات الإسلامية المسلحة والمتطرفة التي تحاول أن تظهر الأميركيين بمظهر المعادي للإسلام والمسلمين. وقالت إن ما يشكل التهديد الأكبر للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط لا يتمثل في توقع المزيد من الهجمات ضد السفارات الأميركية أو مقتل المزيد من الدبلوماسيين، ولكنه يتمثل في إساءة فهم واشنطن للاحتجاجات الغاضبة في العالم الإسلامي بشأن الفيلم المسيء للإسلام وللرسول. وأوضحت أنه يخشى أن تقوم بعض الحركات الإسلامية المسلحة -التي لم تستطع الوصول إلى السلطة في تونس ومصر وليبيا- باستغلال الاحتجاجات الغاضبة، وذلك لخلق أزمات للإسلاميين الذين وصلوا إلى السلطة في بعض الدول العربية التي شهدت الربيع العربي.
وقالت الصحيفة إن الحركات الإسلامية المسلحة التي خسرت الرهان في الوصول إلى السلطة في بعض دول الربيع العربي أمام القوى الإسلامية والليبرالية الأكثر اعتدالا تحاول استغلال غضب الشارع الإسلامي والتعبئة ضد تلك القوى المعتدلة. وأضافت أن القوى الإسلامية المسلحة التي لم تستطع الوصول إلى السلطة تحاول أن تضع العربة أمام حصان الرئيس المصري محمد مرسي، بوصفه يمثل جماعة إسلامية معتدلة ممثلة بالإخوان المسلمين. وقالت إن الرئيس مرسي يحاول في ظل هذا الضغط الذي يواجهه الموازنة بين الرغبة في بناء علاقات بناءة مع الولايات المتحدة، وبين التنافس مع القوى الإسلامية المسلحة في الحصول على الدعم الشعبي، مضيفة أن هذا يشكل عذرا لمرسي أو يفسر استجابته البطيئة والغامضة تجاه الاحتجاجات ضد السفارة الأميركية في القاهرة. وقالت إن الرد الأميركي الذكي لا يتمثل في قطع المساعدات الأميركية إلى مصر، كالذي يطالب به البعض في الكونغرس، ولا في الضغط على الرئيس المصري لجعله يتخذ إجراءات أصعب وأشد، ولكن الرد الأميركي الأمثل يتمثل في تقويض إستراتيجية المتطرفين، الذين يحاولون تصوير مجتمع وحكومة الولايات المتحدة بأنهما يقفان ضد الإسلام والمسلمين.
ودعت الصحيفة الولايات المتحدة إلى الاستمرار في العمل مع الحكومات الجديدة في دول الربيع العربي، ومساعدتها على تنمية اقتصاداتها، وبالتالي تقويتها لمواجهة العنف الذي يتسبب فيه المتطرفون، مضيفة أن رد الرئيس الأميركي المنتهية ولايته باراك أوباما الأسبوع الماضي كان يصب في هذا المسار، حيث كرر التنديد بالفيلم المسيء للإسلام بالتزامن مع الدفاع عن حرية التعبير. وأشارت واشنطن بوست إلى دور الولايات المتحدة الحذر والمعتدل في التأثير في الربيع العربي، داعية واشنطن إلى الاستمرار في تنبي المثال الذي ضربه السفير الأميركي الراحل كريستوفر ستيفنز في المنطقة.
- 'صنداي تلغراف'
احتمالات مخيفة في المنطقة/ 'الجزيرة'
اعتبرت صحيفة 'صنداي تلغراف' أن الاحتمالات المقبلة بالشرق الأوسط ستكون مخيفة في ظل انتشار الاحتجاجات المعادية للولايات المتحدة الأميركية، واحتمال دخول إسرائيل في حرب مع إيران. وشبهت الصحيفة في تقريرها تأييد الرئيس الأميركي باراك أوباما للربيع العربي منذ العام الماضي بخبير مفرقعات يجري تفجيرا لجهاز لا يعرف ما يحتويه بالداخل. ومن المؤكد -تتابع صنداي تلغراف- أن ذلك الخبير علم بما سيحدث من ألسنة لهب وحدوث خسائر، ولكن أثناء الاحتراق لا يمكن التكهن بالضرر النهائي. وتوضح 'صنداي تلغراف' بأن أعمال الشغب التي تكتسح معظم ربوع العالم الإسلامي تنديدا بفيلم مسيء للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) تعد أقل المشاكل بالنسبة لأوباما. ومن الاحتمالات 'الأكثر إثارة للخوف' تحول الحلفاء السابقين للولايات المتحدة مثل مصر إلى أعداء، وهيمنة الجماعات الإسلامية المعادية لأميركا على السلطة، واندلاع الفوضى في بلاد تمزقها الحروب مثل سوريا.
أما الاحتمال الذي وصفته الصحيفة بـ'الكبير' فهو الهجوم الإسرائيلي على إيران الذي قد يفضي إلى رد عنيف من قبل طهران ووكلائها، وسط سخط المسلمين العاديين بالمنطقة من أي تدخل عسكري جديد بالشرق الأوسط. وتشير الصحيفة إلى أنه بعد أحداث 11 أيلول على نحو خاص، فإن أي إساءة للإسلام كانت تقابل باحتجاجات، فبعد نشر صحيفة دانماركية صورة تجسد الرسول عام 2005، وقع قتلى في ليبيا وأفغانستان ولبنان ونيجيريا. أما الآن -تقول الصحيفة- فإن الولايات المتحدة تشعر بالقلق تجاه الرد الغامض الذي قد يصدر عن الحكومة الجديدة في مصر حيث فاقم 'فشل' الشرطة في حماية السفارة الأميركية الرد الشخصي المتأني من قبل الرئيس محمد مرسي. وبينما جاءت انتقادات لاذعة من قبل حزب الإخوان المسلمون للولايات المتحدة لأنها عجزت عن منع عرض ذلك الفيلم، فإن تنديد مرسي بالهجوم على السفارة الأميركية كان فاترا، وفق تعبير الصحيفة. وترى التلغراف أن الولايات المتحدة تشعر أيضا بقلق من تطور علاقات مصر مع إيران بعد أن كان يشوبها الفتور بعهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، ولهذا السبب رد أوباما بإحدى المقابلات على سؤال عما إن كان النظام المصري حليفا أم خصما، بالقول 'إنه جديد يحاول أن يتحسس طريقه'.
- 'معهد واشنطن'
سوريا في أتون الحرب: وجهات نظر من الحدود التركية واللبنانية/ أندرو تابلر و جيفري وايت
'في 10 أيلول 2012، خاطب أندرو تابلر وجيفري وايت منتدى سياسي في معهد واشنطن لمناقشة رحلتهما الأخيرة إلى لبنان وتركيا. والسيد تابلر هو زميل أقدم في برنامج السياسة العربية في المعهد، يركز على سوريا وسياسة الولايات المتحدة في دول المشرق العربي. والسيد وايت هو زميل دفاع في المعهد، ومتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية لبلدان المشرق العربي وإيران. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهما.'
أندرو جيه. تابلر في الوقت الذي يمتد فيه الصراع الطاحن بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة، يبدو نظام الأسد متوجهاً نحو الانكماش والاندحار في النهاية. وبالتأكيد من المستحيل التنبؤ بالإطار الزمني لهذه العملية وآلياتها لاسيما وأن النظام ما يزال مسلحاً بشكل جيد وقادراً على الهجوم في جميع أنحاء البلاد. لكن تلك القدرات لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، ولا يستطيع الأسد السيطرة على سوريا إلى أجل غير مسمى. وحيث ينكمش النظام وينهار في النهاية يستعد مقاتلو المعارضة على الأرض لتحديد مسار السياسات السورية، ويتنامى نفوذ العناصر المسلحة. وفي حين تتطور هياكلهم السياسية يصبح التمييز بين المقاتلين والنشطاء غير المسلحين أمراً صعباً. ومقارنة بما كان عليه الوضع قبل ستة أشهر فقط فقد اصطف المزيد والمزيد من النشطاء إلى جانب الجماعات المسلحة وأصبحت المعارضة العسكرية أكثر تنظيماً. وعموماً، ما تزال المعارضة غير متجانسة في تكوينها حيث تختلف الجماعات من محافظة إلى أخرى، بل حتى على مستوى المدينة أو القرية. ورغم تعقيدها وتنوعها إلا أنه لا شك أن هذه العناصر سوف تكون في صدارة أية فترة انتقالية في سوريا ما بعد الأسد. وبناءاً على ذلك، يجب على واشنطن أن تدرك أهميتها وتبني المعرفة والعلاقات التي تمكن الولايات المتحدة من لعب دور في مسار الأحداث. وقد انصب تركيز الحكومة الأمريكية حتى الآن على العناصر الخارجية كـ 'المجلس الوطني السوري'. صحيح أن تلك العناصر الخارجية ربما تحوز تأثيراً لكن هذا الأمر محدود بمدى اتصالها المباشر مع العناصر التي تقود المعركة في الداخل.
وعلاوة على ذلك، ركز التخطيط الأمريكي على نوع الهيكل السياسي الذي ينبغي أن يأتي بعد الأسد، وهو ما يتجاهل حقيقة حاسمة هي أن النظام ما يزال قائماً، وأن طريقة دحره - بما ستستلزمه بخصوص من سيُعجل بهذا السقوط - ستكون هي المحددات الأساسية لمستقبل سوريا السياسي. وقد عبَّرت عناصر المعارضة المسلحة على الأرض عن إحباط متنام من 'المجلس الوطني السوري' وعناصر أخرى خارجية لما أسموه دعماً غير كاف. ورغم أن تلك المشاعر قد أدت إلى قيام استياء متزايد تجاه الولايات المتحدة إلا أن هذا الاتجاه يمكن عكسه. لكن ذلك سيتطلب جهداً كاملاً من الحكومة الأمريكية والمجتمع البحثي في واشنطن لتطوير معرفة مفصلة عن عناصر المعارضة تلك والتعاطي مع بعضها. وينبغي أن يكون هذا الجهد أيضاً ذا بُعد استراتيجي بالنسبة لصناع السياسة الأمريكيين لأن الأزمة السورية الآخذة في التدهور كفيلة وحدها باستثارة صراع طائفي يزعزع استقرار المنطقة بأسرها. فالتوترات بين السنة والشيعة خاصة في شمال لبنان ملموسة بالفعل. كما أن المحادثات مع المقاتلين في تلك المناطق تُظهر صبغة طائفية أكثر من أي وقت مضى، حيث أن هناك أفراداً يعترفون صراحة أنهم لا يحاربون الأسد فحسب بل أيضاً شيعة إيران و &laqascii117o;حزب الله" بل والعراق. وفي علامة أخرى على التوسع المحتمل للصراع كانت قوات الأسد تقصف وادي نهر الكبير في شمال لبنان لوقف حركة اللاجئين والمقاتلين عبر الحدود. وعلى الرغم من أن التوترات الطائفية بين العلويين والسنة واضحة في تركيا أيضاً إلا أن المشكلة الأكبر هي الطريقة التي يتحرك بها مقاتلو المعارضة المسلحة بحرية في الجزء الجنوبي من البلاد. وحيث أصبحت الحدود التركية أكثر عرضة للاختراق فإنه ليس بوسع أنقرة أن تحدد بسهولة أي المقاتلين هم أصدقاء، مما قد يفرض تهديداً على استقرار تركيا نفسها. وقد أدى تجدد الفوران مؤخراً في صراع الحكومة القائم منذ عقود مع 'حزب العمال الكردستاني' إلى إثارة مخاوف تجاه ما قد تفرزه الأحوال على الحدود.
جيفري وايت يمكن اختبار جماعات المعارضة السورية على العديد من المستويات المختلفة، ويكشف كل واحد منها اختلافات جوهرية. فالفرق بين المقاتلين على الأرض والعناصر الخارجية مثل 'المجلس الوطني السوري' هو أحد مستويات التحليل. والطبقة الأيديولوجية - الطيف الذي يتراوح من العلمانيين الأقحاح إلى الإسلاميين المتطرفين - هو مستوى آخر. كما أن الموقع يشكل عامل مهم حيث تختلف الجماعات حسب المحافظة، وما إذا كانت من أصل ريفي أو حضري. بل إن الوحدات الفردية المقاتلة والقادة يُظهرون خصالاً فريدة من المهم إدراكها. إن الوحدة الأساسية لـ 'الجيش السوري الحر' هي الكتيبة - وهي مجموعة متماسكة من المقاتلين يمكن أن يتراوح عددهم ما بين 50 إلى أكثر من 200 شخص. وتقع تلك الوحدات بصورة عامة تحت نفوذ أو سلطة مجلس عسكري أو لواء. وتحدد العلاقة بين الكتائب وتشكيلاتها الأكبر ما إذا كانت الهياكل القيادية المتماسكة تنبع من وحدات المعارضة المتفرقة وغير المتجانسة أم لا. إن القيادة هي أكثر من مجرد نفوذ. فهي قادرة على إعطاء الأوامر التي سيتبعها المرؤوسون بصفة ثابتة. وبالنسبة لـ 'الجيش السوري الحر' يشكل تطوير هيكل قيادة فعالٍ أمرٌ مهم ليس لمقاتلة الأسد فحسب بل أيضاً تحسباً لأية فترة انتقالية مرتقبة. وفي اللاذقية على الساحل الغربي من سوريا يبدو أن المجلس العسكري يمارس النفوذ على الكتائب المحلية. وربما كان هذا هو الحال أيضاً في دير الزور في الشرق. ومع ذلك، فإن المجلس العسكري في حلب يمارس فقط نفوذاً على الوحدات المحلية وليست لديه القدرة على إصدار أوامر.
وربما ساهمت تشكيلات الألوية الناشئة في مساعدة المعارضة على توسيع سلطتها القيادية. فالألوية متنوعة في الحجم والهيكل حيث يدعي قائد واحد السيطرة على ثلاث كتائب فقط بينما يدعي آخر السيطرة على ما قد يصل إلى ست عشرة كتيبة. واللافت للنظر هو أن قادة الكتائب والألوية يبدو أنهم يقرون سوياً بعلاقتهم التراتبية حيث تعتمد القيادة في تلك الوحدات عادة على الهيبة الشخصية التي ترتبط غالباً بأسرة القائد وأدوار قبيلته أو عائلته. كما أن الخبرة العسكرية تضفي على صاحبها هيبة أيضاً. ومن حيث القدرات يُظهر مقاتلو المعارضة نقاط قوى مادية ومعنوية. فالقدرات اللوجستية لـ 'الجيش السوري الحر' يبدو أنها تتنوع من موقع إلى آخر حيث تتشكى بعض الوحدات من نقص الذخيرة فيما تؤكد أخرى أنها تتلقى جميع العتاد الذي تحتاج إليه من مصادر من داخل النظام. ويبدو أن المجلس العسكري في حلب متطور جداً في هذا السياق. ووفقاً لصحفي محل ثقة في المنطقة، يجهز المجلس العسكري الوحدات المحلية لـ 'الجيش السوري الحر' بصورة منتظمة بأسلحة وذخيرة بما في ذلك طلقات الرشاشات الآلية الخفيفة PKC وطلقات الرشاشات من طراز AK-47 وقذائف صاروخية. وفضلاً عن تلك القدرات المادية فإن موقف المعارضة المسلحة واستعدادها على المثابرة سيكون حاسماً في تحديد مصير المعركة. ويُظهر المتمردون في الوقت الحالي درجة عالية من الثقة، ولا يبدو أنهم يرتدعون من قدرات النظام المدرعة والجوية. ووفقاً لصحفي ملحق بوحدة تابعة لـ 'الجيش السوري الحر' أثناء العمليات في حلب، انتقل مقاتلو 'الجيش السوري الحر' بالشاحنة إلى مواقعهم وانتظروا الأوامر للهجوم، وتلقوا تلك الأوامر عبر اللاسلكي. وفي أثناء القتال قدم لهم السكان المحليون الطعام والماء ومعلومات عن التضاريس. وطوال العملية لاحظ الصحفي الثقة العالية بين المقاتلين حتى على الرغم من قيام طائرات النظام (بشن غارات) على مواقعهم.
وعلى نحو أعم، يبدو أن مقاتلي المعارضة يُظهرون تماسكاً وانضباطاً قوياً نسبياً على مستوى الكتائب في أثناء المعركة. وهم على استعداد لمواصلة القتال في اشتباكات متواصلة حتى وهم يرون رفاقهم يُقتلون ويُصابون بجراح من حولهم. كما يبذلون قصارى جهدهم لمساعدة الجرحى واستعادة جثث رفاقهم القتلى بغرض دفنها. وقد جاء هذا التماسك جزئياً ثمرة لمنشأهم المحلي المشترك وعلاقاتهم الشخصية. وفي الغالب تتشكل وحدات القتال تلقائياً حيث يتوحد القاطنون في المدينة معاً ضد تهديد النظام لهم أو رداً على فظائعه. وأما عن الحرب نفسها فما تزال في معظمها غير محسومة، حيث تقع مناطق تحت سيطرة المعارضة ثم تستعيدها قوات الحكومة بتكلفة عالية. وحتى عندما تستولي قوات المعارضة على منطقة لبعض الوقت، إلا أنها لا تكون حصينة أبداً ضد هجوم جوي أو مدفعي. وفي نظرة إلى المستقبل سوف يسقط نظام الأسد عندما تنهار قواته - والجيش السوري هو في طريقه إلى الانهيار بالفعل. وما تزال الحكومة عازمة على السيطرة على البلاد بكاملها، وهذا الالتزام المفرط يضع ضغوطاً هائلة على قدراتها. وفي غضون ذلك، ولسوء الحظ، يُلحق النظام عمداً إصابات بالمدنيين في محاولة لقطع الاتصال بين الجماهير والمعارضة المسلحة. ولو نجح النظام في هذا الجهد حتى لو كان ذلك على المستوى المحلي فقط فسيكون قد أحرز مكسباً مهماً.
- 'معهد واشنطن'
إستراتيجية إيران الانتخابية/ مهدي خلجي
تعرقلت مرة أخرى المفاوضات حول برنامج إيران النووي لكن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي يبدو غير مبال. وفي الحقيقة فإن خامنئي يبدو مقتنعاً أنه لا الولايات المتحدة ولا إسرائيل سوف تهاجم منشآته النووية، على الأقل ليس قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني. ومن المفارقات أنه في حين أن خامنئي ليس من مناصري الديمقراطية إلا أنه يعتمد على حقيقة أن أعداءه الرئيسيين تكبحهم القيود الديمقراطية. ويسيطر خامنئي على برنامج إيران النووي وسياستها الخارجية، لكن يجب على الولايات المتحدة وإسرائيل أن يعملا سوياً للتوصل إلى إجماع ليس فقط ضمن أنظمتهما السياسية الخاصة بكل منهما بل أيضاً مع بعضهما البعض (بوجه عام). ويؤمن قادة إيران الذين يتابعون عن كثب النقاشات السياسية الإسرائيلية بأن إسرائيل لن تشن أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية دون وجود تعاون كامل من جانب أمريكا لأن العمل الأحادي من شأنه أن يُعرض علاقات إسرائيل مع حليفتها الاستراتيجية الأكثر أهمية إلى الخطر. ونظراً لأنه سيكون من الضروري تنسيق الهجوم الإسرائيلي مع الولايات المتحدة، بينما أن هجوماً أمريكياً لن يحتاج إلى دعم عسكري إسرائيلي فإن إيران سوف تنظر إلى كليهما باعتبارهما هجومين من قبل الولايات المتحدة. بيد، ما يزال قادة إيران يشككون في أيٍّ من السيناريوهين على الرغم من موقف أمريكا الرسمي الذي يقضي بأن 'كل الخيارات مطروحة على الطاولة' فيما يتعلق بمنع إيران من تطوير قدرة تصنيع أسلحة نووية. وحتى الآن فإنهم ببساطة لا يشعرون بوجود ما يكفي من الضغط للتفكير في التوصل إلى تسوية. وفي الحقيقة ما يزال قادة إيران يسخرون من إسرائيل من بعيد واصفين البلاد بأنها 'إهانة للإنسانية' أو 'ورم خبيث' في المنطقة يجب استئصاله. وفي الوقت نفسه فإن مواطني إيران - بما فيهم الملالي في مدينة قُم المقدسة قرب منشأة فوردو النووية - قلقون بشدة من عواقب الهجوم. وفي هذا الصدد، طلب آية الله يوسف صانعي - النائب العام الأسبق والمرجع الديني - من الحكومة الامتناع عن استفزاز إسرائيل. وفي الواقع يعتقد معارضو الحكومة أن خطابها الزاعق ربما يؤدي إلى حرب مدمرة. لكنَّ من منظور قيادة إيران فإن لهذا التعنيف قيمة تكتيكية إلى حد أنه يعزز رؤية شائعة بين الشعب الإسرائيلي مفادها أن إيران عدو خطير سيكون على استعداد للرد بشدة.
وفي الواقع، فإن الخطاب المعادي لإسرائيل يعكس ثقة القادة الإيرانيين في أن إسرائيل لن تبادر بالهجوم، وهي الرؤية التي عززها الوضع في سوريا. فهم مقتنعون أنه حتى لو سقط نظام الرئيس السوري بشار الأسد فسوف تكون إيران قادرة على زعزعة استقرار البلاد بطريقة من شأنها أن تخلق تهديداً أمنياً خطيراً ضد إسرائيل. وحسب هذه الرؤية فإن إسرائيل هي من لها مصلحة في الكفِّ عن المبالغة في معاداة إيران لا العكس. وتشير الافتتاحيات الأخيرة في 'كيهان' إلى أن خامنئي يتطلع مسترخياً إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وبغض النظر عن المحصلة فإنه يتنبأ أنه لن يكون هناك تهديد بالقيام بعمل عسكري، على الأقل خلال العام المقبل. كما أن فوز أوباما من شأنه أن يعزز عدم رغبة الولايات المتحدة في مهاجمة إيران وتجديد الجهود الرامية لكبح جماح إسرائيل. ولو فاز المنافس الجمهوري ميت رومني فسوف يحتاج إلى أشهر لتشكيل فريق الأمن الوطني التابع له واختيار وزرائه بما يجعله عاجزاً عن القيام بهجوم فوري على إيران. وهذا يعني أنه منذ ظهور الجمهورية الإسلامية في عام 1979 كان قادة إيران بوجه عام يفضلون الرؤساء الجمهوريين على الديمقراطيين. فالجمهوريون رغم خطابهم الخشن إلا أنهم كانوا أكثر رغبة في التقارب مع إيران على المستوى العملي. وفي الحقيقة فإنه نظراً لكون إيران قد نجت حتى الآن من العقوبات الدولية الشديدة إلا أن قادتها يؤمنون أن باستطاعتهم نيل عرض من الولايات المتحدة بعد الانتخابات - لاسيما لو فاز رومني - يعترف بحقهم في تخصيب اليورانيوم. وفي الواقع، فإنه من غير الواضح إن كانت إيران ستصمد في وجه الضغوط المرتبطة بالعقوبات الحالية إلى أجل غير مسمى. لكن ثقة قادتها تكمن في أن باستطاعتهم أن يجعلوها عنصراً حاسماً في استراتيجيتهم لاسيما وأنه لا يسع الغرب أن يتجاهل تصوراتهم. فالولايات المتحدة سواء كانت تحت قيادة أوباما أو رومني يجب أن تفهم أن إيران لن تتفاوض بجدية على برنامجها النووي حتى ترى إجماعاً واضحاً ومقنعاً وموحداً في الولايات المتحدة وإسرائيل حول نهجٍ يعالج تطلعات إيران ومخاوف إسرائيل في ذات الوقت. ولن يكون الوصول إلى هذا الإجماع في سياق الانتخابات الأمريكية أمراً سهل المنال. بل وليس من السهل الوصول إلى إجماع حتى في إسرائيل وحدها خاصة وأن أحزابها السياسية تستعد للانتخابات في العام المقبل. لكن قادة إيران سيفكرون في قبول التسوية بشأن برنامجهم النووي فقط عندما تلاحظ إيران توحد الرؤية على نحو متزايد ما بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول هذا الموضوع.