- صحيفة 'السفير'
بتول خليل
لم يكد إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ يلملم آثار فضيحة التجسس على الهواتف في بريطانيا التي طالته في العام 2011، حتى برزت وقائع جديدة دفعت بالقضية إلى واجهة المشهد الإعلامي البريطاني من جديد. إذ نشرت صحيفة &laqascii117o;الغارديان" قبل فترة تقريراً، تعلن فيه أنّ &laqascii117o;محققين بريطانيين يقومون بالبحث والاستقصاء في حوالي 600 ادّعاء جديد يتعلّق بحوادث قرصنة هواتف قامت بها صحيفة مردوخ &laqascii117o;نيوز أوف ذا وورد". وبحسب &laqascii117o;الغارديان" فإنّ &laqascii117o;مباحث &laqascii117o;سكوتلاند يارد" يملكون اليوم أدلّة وسجلاّت هواتف حصلوا عليها من شخص موثوق من داخل مجموعة مردوخ الإعلامية، وهذا الشخص أصبح اليوم الشاهد الملك في هذه القضية. وعلى إثر ذلك يُتوقّع أن تمدد فترة التحقيقات حتى العام 2015.
من المؤكد أنَّ فتح خطٍّ ثانٍ في التحقيق سيكون بمثابة كابوس جديد بالنسبة لمردوخ ولمدراء مجموعته &laqascii117o;نيوز انترناشونال"، خصوصاً أنّهم كانوا منشغلين في الآونة الأخيرة بمحاولة ترميم سمعتهم قبل المضي في تطبيق قرار تقسيم المجموعة الإعلامية الأم &laqascii117o;نيوز كوربورايشن" إلى فئتين مستقلتين في حزيران المقبل.
القضية الأخلاقية التي شغلت في تفاصيلها وتداعياتها الرأي العام البريطاني منذ عامين، أصبحت مثار تحقيق موسّع في بريطانيا ولفتت نظر السلطات نحو أبواب مغلقة وبعيدة عن الأضواء في الصحافة البريطانية، من دون معرفة ما تخفي وراءها. غير أنّ التحقيقات كشفت عن مخالفات متنوّعة قامت بها عدة صحف بريطانية، أبرزها عمليات قرصنة وتجسس على الهواتف حصلت منذ عشر سنوات وبين العامين 2005 و2006. وعلى إثر ذلك لا تزال موجة الاعتقالات سارية منذ بدء التحقيق وحتى اليوم، وكان آخرها اعتقال رئيسة التحرير السابقة لصحيفة &laqascii117o;صانداي ميرور" وثلاثة من زملائها في الصحيفة في الشهر الفائت، وذلك للاشتباه بتآمرهم على قرصنة هواتف بعض الشخصيات. وذكرت صحيفة &laqascii117o;دايلي مايل" أن &laqascii117o;موجة الاعتقالات قد تطال أيضاً الإعلامي البريطاني الشهير بيرس مورغن، بهدف التحقيق معه حول ادعاءات تقول &laqascii117o;إنه متورط بعملية قرصنة هواتف حصلت منذ عشر سنوات عندما كان يشغل منصب رئيس تحرير صحيفة &laqascii117o;دايلي ميرور" حينها".
أظهرت هذه الفضائح جانباً آخر للقدرة التي تمتلكها بعض وسائل الإعلام البريطانية في التأثير على رجال الدولة والأمن، بهدف الحصول منهم على معلومات من المفترض أن تبقى سرية. وفي هذا الإطار تمّ سجن ومحاكمة شرطي سابق وضابط سجن سابق، بتهمة تسريب وبيع معلومات سرية لصحيفة &laqascii117o;ذا صن" البريطانية.
أتت هذه الأحداث والوقائع الجديدة المتعلقة بقضية &laqascii117o;نيوز أوف ذا وورد" في وقت حسّاس بالنسبة للصحافة البريطانية، التي عاشت في الفترة الأخيرة حالة من الترقّب في ظل النقاش الذي سبّبه انقسام النواب البريطانيين، ممثلي الأحزاب السياسية الرئيسية في بريطانيا، حول آليات تنظيم الصحف البريطانية إثر توالي الفضائح والمخالفات في السنوات الأخيرة. إلى أن تمّ الاتفاق قبل أسبوعين على إنشاء هيئة جديدة لتنظيم الصحف البريطانية منبثقة من &laqascii117o;ميثاق ملكي"، ومدعومة بتشريع قانوني صادر عن البرلمان البريطاني. وتعود فكرة هذه الهيئة إلى القاضي البريطاني ليفيسون، وهو الذي قام بـ&laqascii117o;تحقيق ليفيسون" الشهير على خلفية فضيحة القرصنة في العام 2011. وأصدر ليفيسون تقريره النهائي حول هذا التحقيق في نهاية العام 2012، وخرج حينها بتوصيات تتعلق بمعايير أخلاقية ومهنية لتنظيم العمل الصحافي في بريطانيا. كما وضع حينها مقدمة قانون الصحافة الأول في بريطانيا منذ القرن السابع عشر، مقترحاً تشكيل هيئة تشريعية على غرار &laqascii117o;أوف كوم" (الجهة الرسمية المنظمة لقطاع الاتصالات والبث في بريطانيا). إذ إنّ الصحافة البريطانية، على عكس قطاع البث الإذاعي والتلفزيوني، لم تخضع لأيّ جهة تنظيمية رسميّة منذ أن تم إلغاء التراخيص في العام 1695، إلى أن قام ناشرو الصحف والمجلات بإنشاء &laqascii117o;لجنة شكاوى الصحافة"، لتلقّي الشكاوى بشأن المخالفات أو الاعتراضات والنظر فيها. غير أنّ الواقع أظهر أنّ دور هذه اللجنة وأنشطتها اقتصرت على نطاق ضيّق، في ظل هيمنة ونفوذ ناشري الصحف وفرض شروط وقواعد تلائم مصالحهم الخاصة. هذا الواقع دفع بالقاضي ليفيسون إلى تسليط الضوء على &laqascii117o;فشل السياسيين ورجال الشرطة وكذلك &laqascii117o;لجنة شكاوى الصحافة" بالتحقيق في فضيحة &laqascii117o;نيوز أوف ذا وورد" بعد أن كانت صحيفة &laqascii117o;الغارديان" أوّل من كشفها في العام 2009". وفي هذا السياق رأى ليفيسون أن &laqascii117o;تشكيل هيئة تنظيمية مستقلة هو مساهمة لمنع تكرار حوادث قرصنة الهواتف وفضائح أخرى أيضاً".