صحافة دولية » أخبار ومقالات من صحف ومواقع أجنبية

- صحيفة 'صنداي تلغراف'
من عقر دار حزب الله: الأسباب التي تدعونا إلى مساندة بقاء الأسد في الحكم

تقول صحيفة 'ذي صنداي تلغراف' البريطانية ان حزب الله منخرط بقوة في الحرب الأهلية السورية، وان ذلك فتح الباب على مصراعيه امام التكهنات باحتمال اشتعال الصراع الطائفي الشامل من جديد في لبنان أيضا. جاء ذلك في مقال بعثت به مراسلتها روث شيرلوك من الهرمل، جاء فيه ما يلي: مرت سيارة سوداء اللون وقد ظللت نوافذها ولوحات تسجيلها بسرعة لا يوقفها احد من خلال نقطة تفتيش حدودية نائية في وادي البقاع اللبناني، حيث كان علم يرفرف عليها ليؤكد على الحدود مع سوريا. وأشار جندي من جيش بشار الأسد للقافلة بان تنطلق وهي تحمل مقاتلين من حزب الله متجهين إلى مكان بعيد – في مهمة سرية ولكن ليس صعبا تخمين الهدف منها. وقف الشيخ علي، وهو زعيم ديني ومتطوع مع جماعة من الميلشيات اللبنانية يرقب المشهد من فوق احد الأسطح القريبة، ما كشف عن المزيد من الاحتمالات. قال 'فقدت أربعة من أصدقائي في القصير' وأطلق ناظره في اتجاه البلدة السورية الجريحة عبر الأفق، وقد استتب فيها الهدوء إلى حد كبير الآن بعد عدة أسابيع من القتال الشرس. وأضاف 'ولكن لا تفكرين ان هناك في حزب الله أي فرد يرفض إرسال أبنائه للقتال. إنهم يشجعون أبناءهم للدفاع عن البلاد'. وبالنسبة للشيخ علي وغيره من أتباع حزب الله، فان تعبير 'الدفاع عن البلاد' لم يعد يعني لبنان فحسب، حيث ظهر حزب الله إلى الوجود خلال الحرب الأهلية في ثمانينات القرن الماضي باعتباره جناحا مسلحا شيعيا للأقلية المسلمة. لكنه اليوم يعني أيضا الدفاع عن النظام في سوريا المجاورة حيث الرئيس الأسد، وهو شيعي من العلويين، يقاتل في ما أصبح صراعا طائفيا متزايدا ضد الأغلبية السنية في سوريا. وفي الشهر الماضي، بعد وضع قيود على تورطهم في السابق، فان حزب الله دخل في الصراع بقوة وأرسل مئات من المقاتلين لدعم الجيش السوري في محاولته استعادة السيطرة على القصير من أيدي الثوار.

ومعركة القصير التي حرمت الثوار من موقع جنوبي رئيسي، سجل أول تدخل على نطاق واسع لحزب الله بالنيابة عن الأسد، وحول مسار حظوظه طوال عامين من الحرب الأهلية. ومنذ ذلك الوقت فان أحاديث الدبلوماسيين تحولت من تقدير الفترة التي سيتخلى خلالها الأسد عن الحكم، إلى ما إذا كان بإمكانه فعلا أن يظل موقعه بعد كل هذا. لكن تلك الخطوة وضعت حزب الله متورطا بلا ريب في الحرب الأهلية السورية، وزادت بشكل واسع من فرص إعادة اشتعال صراع طائفي شامل في لبنان أيضا، حيث وقعت اشتباكات بين فصائل السنة والشيعة. وفي الأسبوع الماضي فان قيادة حزب الله التي تتسم بالكتمان عادة دعت صحيفة 'ذي صنداي تلغراف' لزيارة المنطقة الحدودية التي تسيطر عليها، في محاولة لشرح دوافعها أمام العالم الخارجي في الوقوف إلى جانب النظام السوري في الصراع. وظهرت الآثار التي خلفتها الحرب بوضوح في الهرمل حيث موقع حزب الله الحصين، وهي بلدة تقوم فيها مساكن منخفضة مبنية بالاسمنت المسلح ولا تبعد عن الحدود، حيث علم الحركة الأصفر وعليه صورة بندقية كلاشينكوف ترفرف في زوايا الشارع. وخلفت القذائف التي أطلقها الثوار السوريون على لبنان مبان مدمرة، وقد زينت صور 'الشهداء' من مقاتلي حزب الله الذين قتلوا عبر الحدود. وقال الشيخ علي 'طلب مني بعض مقاتلي حزب الله أن أصلي من اجل ان ينضموا إلى لوحة الشهداء. وسألت الله أن يموت هؤلاء الرجال في ارض المعركة. انه أمر صعب. وما هو أصعب منه هو زيارة العائلات وإبلاغهم عن ابنهم الشهيد'. على أن لحزب الله أسبابا عملية للمحافظة على نظام الأسد متماسكا. فقد مر دهر من الزمن ظلت فيه دمشق حلقة وصل يحصل حزب الله من خلالها على السلاح من الملالي الشيعة في إيران، الذين يساندون حزب الله ونظام الأسد منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران العام 1979.

كانت سيطرة الثوار على القصير في الأشهر الأخيرة مصدر خطر مباشر لتوريد السلاح من إيران. وقد يجف المورد تماما إذا سقط نظام الأسد وحل محله نظام سني. واقر مسؤول في حزب الله في الهرمل للصحيفة البريطانية 'نحن نعتبر ان المسار من الحدود اللبنانية إلى ميناء طرطوس مثل رئات التنفس. ولن، كما ولا نستطيع، ان نسمح بإغلاقه لأنه ممرنا الرئيسي للحصول على السلاح'. وهناك سبب آخر لتورط حزب الله في سوريا – وهو سبب يمنحها سببا مشتركا غير عادي في معارضتها للغرب الذي يساند الثوار السوريين. ففي نقلة غريبة في التحالف الجيوسياسي، يشارك حزب الله، الذي تعتبره الولايات المتحدة منظمة إرهابية، في معاداة القاعدة، التي يقوم مقاتلوها ألان بدور رئيسي في الثورة ضد الأسد. وقال احد كبار قادة حزب الله في الهرمل بشرط عدم الكشف عن هويته أن 'الولايات المتحدة مخطئة في تقديراتها. أنهم يساعدون الآن الجانب ذاته الذي قام بهجوم الحادي عشر من أيلول . ويمكن أن يكون هناك وسيلة لفهم مدافعة الولايات المتحدة عن إسرائيل، ولكني لا استطيع أن استوعب أنهم يساعدون القاعدة. هل يرغب الغرب في أن يراهم يعملون ضد أوروبا؟' غير أن قرار التدخل في سوريا قد يحمل تداعيات خطرة بالنسبة للجماعة المتشددة نفسها، وبالنسبة للاستقرار أيضا في لبنان. لقد أدار بعض مناصري حزب الله ظهورهم في وجه الحركة، ورفضوا أجندتها. وقال احد سكان بيروت معربا عن مشاعر تتردد على نطاق واسع 'كنت احترم حزب الله عندما حارب ضد إسرائيل، ولكنهم الآن ليسوا إلا جماعة من الإرهابيين'.


- صحيفة 'نيويورك تايمز'
قطر تجاهلت طلبا أمريكيا بالامتناع عن إرسال أسلحة ثقيلة للمعارضة السورية/ 'القدس العربي'

كشفت صحيفة 'نيويورك تايمز' ان دولة قطر تجاهلت طلبا أمريكيا العام الماضي الامتناع عن إرسال أسلحة ثقيلة وصواريخ للمعارضة السورية خشية وقوعها في يد الجهاديين من القاعدة والتي قد تستخدمها لاحقا ضد الولايات المتحدة وحلفائها. وكشفت الصحيفة نقلا عن مسؤولين أمريكيين وفي المنطقة ممن لديهم معرفة بالتقارير الأمنية أن قطر استخدمت شبكة &lsqascii117o;ظل&rsqascii117o; سرية لنقل مضادات للطائرات تطلق عادة من الكتف منها شحنة من الصواريخ المصنعة في الصين (اف ان ـ 6) والتي استخدمها المقاتلون السوريون ضد طيران النظام السوري. وجاء تقرير الصحيفة الأمريكية في الوقت الذي يتوقع فيه قيام الإدارة الأمريكية للرئيس باراك أوباما بعملية شحن أسلحة محدودة حيث يخشى المسؤولون أن تفسر من قبل حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة على أنها &lsqascii117o;ضوء اخضر&rsqascii117o; لتوسيع شبكات شحن السلاح للمعارضة السورية. واعتبرت الصحيفة التحرك القطري لتعزيز قدرات المعارضة السورية آخر خطوة من خطواتها التي تستخدم فيها ثروتها كي تكون في مقدمة الأحداث في الشرق الأوسط، ولا تتوقع الصحيفة توقف هذه السياسة بتسليم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني السلطة لنجله الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الأسبوع الماضي. وكان الرئيس أوباما قد حذر الشيخ حمد خلال لقائه في واشنطن من مخاطر تسليح الإسلاميين في سورية، مع أن المسؤولين الأمريكيين كانوا حذرين من وضع ضغوط كبيرة على القطريين مشيرين إلى أن سورية تعتبر الحديقة الخلفية لهم، ولديهم أي القطريون مصالحهم الخاصة فيها. وبدأت الجهود القطرية بدعم السوريين في الوقت الذي كانت فيه الأسلحة القطرية تتدفق لمساعدة المقاتلين الليبيين الذين كانوا يحاولون الإطاحة بنظام الرئيس الليبي معمر القذافي.

واستطاع القطريون لعب دور نشيط في سوق السلاح الدولي من خلال طائرات الشحن العسكرية 'سي- 17' والتي اشترتها عام 2008 حيث أصبحت أول دولة في المنطقة تحصل على طائرات من هذا النوع. وفي الوقت الذي باركت فيه إدارة أوباما شحن قطر للأسلحة- رشاشات وبنادق أوتوماتيكية وذخائر إلا أن الإدارة عبرت عن خوفها من أدلة قالت أن قطر تقدم الأسلحة للمقاتلين الإسلاميين في ليبيا أيضا. وبنفس السياق يقول مسؤولون أمريكيون وعرب أن نفس السيناريو الليبي يتكرر في سورية، حيث يقولون أن القوى الإسلامية في شمال سورية تحولت إلى قوة ضاربة بسبب الدعم القطري. وفي الوقت الذي حاولت فيه السعودية في الفترة الأخيرة تحييد قطر واخذ الدور القيادي منها إلا أن المسؤولين يقولون أن شحنات الأسلحة القطرية لم تتوقف. ويخشى المسؤولون الأمريكيون أكثر من الصواريخ المحمولة التي أرسلتها قطر للمقاتلين في بداية العام الحالي. ويقول مسؤولون غربيون ومقاتلون أن الصواريخ وصلتهم من قطر حيث اشترتها جهة مجهولة وأحضرتها إلى تركيا. وتعتبر الشحنة هذه الثانية التي تصلهم من قطر، حيث جاءت الأولى من ليبيا وشملت على صواريخ مصنعة في أوروبا الشرقية وتم أخذها من مخازن أسلحة القذافي. وتظل الكمية قليلة ولا تتعدى عشرات الصواريخ فيما يشتكي المقاتلون من ان المشاكل الفنية التي يواجهونها في استخدام الصواريخ المصنعة في الصين.


- صحيفة 'لوس انجلوس تايمز'
بين السيدة زينب وصديانا/ 'القدس العربي'

يبدو الخطاب الذي يجمع بين الشيعة والمسيحيين كاعداء للقاعدة واضحا في الطريقة التي يحرس فيها المسيحيون كنائسهم واديرتهم في صديانا والشيعة في دمشق، حيث أشارت صحيفة &lsqascii117o;لوس انجلوس تايمز′ إلى المقارنة أو المفارقة عندما رصدت كادرا من الحراس يقوم بحراسة الأديرة في تلال صديانا والحراس الشيعة الذين ينتشرون في السهول القريبة من السيدة زينب. في التلال يقود الكادر صاحب محل بيتزا سابق يطلق عليه &lsqascii117o;الحوت&rsqascii117o; حيث يحمل الحراس بنادق من نوع اي كي ـ 17 وقرب دمشق يقول احدهم &lsqascii117o;بالروح والدم نفدي السيدة زينب&rsqascii117o;. وتقول الصحيفة أن التقارير عن الهجمات الطائفية تزداد والتي يرتكبها طرفا النزاع، حيث قام مقاتلون باستهداف قرية شيعية &lsqascii117o;الحطلة&rsqascii117o; في شرق سورية، كما قام المقاتلون بحفر قبر حجر بن عدي ودمروا مزاره. وبنفس السياق تم تشويه كنيسة القديس الياس في القصير. ويقول سكان صديانا ان الموت آو الترحيل هو الذين ينتظرهم أن لم يقاوموا الآن، وهم لا يصدقون الكلام عن الديمقراطية، ويقول حسين عازر &lsqascii117o;لو وصل الإرهابيون إلى هنا فلن يبقى منا احد حيا&rsqascii117o;، وأشارت إلى موجة من الاختطاف التي تعرض لها المسيحيون حيث يظل مصير كاهنين منهم غير معروف. وتقول الصحيفة أن مسيحيي صديانا واعون لما حدث لإخوانهم في العراق ولا يريدون ان يتكرر نفس الدرس لهم ويقول عازر &lsqascii117o;مسيحيو العراق هربوا لكن المسيحيين السوريين لن يهربوا، سنقاتل&rsqascii117o;.


- صحيفة 'الاندبندنت'
تصوير الإعلام للحرب/ 'القدس العربي'

'في كل مرة ازور فيها سورية أدهش لاكتشاف الاختلاف في ما أراه على الأرض من الطريقة التي يصور فيها في العالم الخارجي&rsqascii117o;. فالتغطية الإخبارية الأجنبية للصراع في سورية &lsqascii117o;بالتأكيد غير دقيقة ومضللة&rsqascii117o;، تماما كما هو حال الإعلام منذ الحرب العالمية الأولى &lsqascii117o;فلا استطيع التفكير في حرب أو أزمة غطيتها ولم يقم الصحافيون فيها بالاعتماد على المصادر الدعائية والمتحيزة أو تلك الثانوية والتعامل معها على أنها حقائق موضوعية&rsqascii117o;هذا ما يكتبه باتريك كوكبين في سلسلة من التقارير في صحيفة &lsqascii117o;اندبندنت&rsqascii117o; و&rsqascii117o;اندبندنت اون صندي&rsqascii117o; حيث يتنقل في داخل سورية. ويرى انه بسبب هذا الوضع المضلل فلم يستطع الساسة أو قراء الصحف ومشاهدو التلفاز الحصول على صورة حقيقية حول ما يجري من أحداث في سورية خلال الأعوام الماضية. وأشار الكاتب هنا إلى التقرير الذي أعدته &lsqascii117o;مجموعة الأزمات الدولية&rsqascii117o; في بروكسل حول سورية وكيف وصفت حلفاء المعارضة السورية بأنهم &lsqascii117o;معزولون عن الواقع′. وقال الكاتب ان الشعارات عادة ما تتفوق على السياسات حيث يتم تصوير المقاتلين بالأخيار فيما ينظر للحكومة ومؤيديها بالأشرار. فمن خلال الحديث عن تقديم السلاح للمقاتلين فأنهم سيكونون قادرين على حرف ميزان المعركة وإجبار الرئيس بشار الأسد على المشاركة في المفاوضات حسب الشروط التي تفرضها المعارضة، وقد أدى هذا الخطاب المشيطن الذي تبنته مستشارة الأمن القومي الأمريكية المعينة، سوزان رايس وويليام هيغ، وزير الخارجية البريطاني إلى تجاهل أي مفاوضات وتنازلات في محادثات سلام جدية مع دمشق، ولان الأسد كما يقول الكاتب يسيطر على معظم سورية فان ما تنصح به رايس ومعها هيغ هي حرب لانهائية. ويقول الكاتب انه من الصعب التفريق بين الصواب والخطأ من خلال الكلام العمومي حول سورية ولكن من خلال تجربته هذا الشهر هناك فمن الممكن إظهار الفرق بين ما تبثه وسائل الإعلام وبين ما يجري على الأرض في الحقيقة، حيث زار كوكبيرن دمشق وحمص والمناطق الساحلية، حيث تكشف رحلته عن أهمية فهم ميزان القوة الحقيقي على الأرض من اجل تحقيق تقدم على الأرض ووقف العنف. ويشير هنا إلى زيارته لبلدة تل كلخ التي تقع قرب الحدود مع لبنان، وكان يعيش فيها حوالي 55 ألف نسمة، فقبل وصوله بثلاثة أيام كان الجيش السوري قد سيطر عليها بالكامل، ولم تدخل القوات السورية إلى البلدة نتيجة لمعارك بل بعد اتفاق تم بين الجيش و 39 قائدا محليا من قادة الجيش الحر، كما أن عودة الحكومة للبلدة جاءت بعد سلسلة من اتفاقيات وقف إطلاق النار ودور الراعيان ووجهاء البلدة.

ويتحدث كوكبيرن عن أهمية شهود العيان في تسجيل الواقع وما شاهده في الحي المسيحي في البلدة القديمة، حيث كان يقيم. فقد حدث انفجار قرب الفندق الذي كان يقيم فيه، وعندما ذهب إلى مكان الانفجار اظهر الانفجار لم يكن كما قال التلفاز الرسمي عملية انتحارية بل نتيجة لقذيفة هاون حيث سقطت أخرى أثناء وجوده في المكان وقتلت امرأة. وفي نفس السياق قال المرصد السوري أن الانفجار نتج بسبب قنبلة مزروعة على الطريق، وبين الروايتين هناك كاميرا على المستشفى الشيعي الذي انفجرت القذيفة إلى جانبه حيث التقطت صورة قذيفة الهاون وهي في الجو، وما حدث في الحقيقة هو عملية قصف متقطع يقوم به المقاتلون من حي جوبر. وفي النهاية يقول انه من السذاجة بمكان أن لا يعتقد الصحافيون قيام كل من الحكومة والمعارضة بالتلاعب في التقارير من اجل خدمة إغراضهم ولكن ما يلحظ في التغطية الإعلامية الأجنبية قيامها على الافتراض. ويشير في النهاية إلى غرابة خطة سي اي ايه وأصدقاء المعارضة السورية لزيادة تسليح المعارضة من اجل وقف الحرب. فالحرب لا تنتج إلا حربا.


- 'معهد واشنطن'
فيلق إيران الأجنبي: دور الميليشيات الشيعية العراقية في سوريا/ مايكل نايتس

مع استمرار رحى الحرب الدائرة في سوريا تستطيع الجهات الفاعلة الخارجية أن تلعب دوراً بالغ الأهمية في تغيير ميزان القوى من خلال الدعم المادي ورعاية الوحدات المسلحة الفردية. ومن بين الألوية الدولية الأكثر أهمية التي تقاتل حالياً إلى جانب نظام الأسد هي 'لواء أبو فضل العباس'، وهو عبارة عن مجموعة من المقاتلين الشيعة العراقيين في الغالب الذين يخضعون لتنظيم ودعم 'قوة القدس'، فرع نخبوي تابع لـ 'الحرس الثوري الإسلامي' الإيراني. ورغم صغر حجم ذلك اللواء، إلا أنه يستطيع إحداث تأثير استراتيجي على مسار الحرب. وبشكل أوسع نطاقاً، فإن توسيع حجمه ربما يمثل تحولاً خطيراً للمنطقة، مما يمنح طهران فيلقاً عسكرياً شيعياً عبر الحدود تستطيع استخدامه لدعم حلفائها خارج سوريا.

مدرَّبون من قبل إيران ويحاربون إلى جانب الأسد  وفقاً للخبير المستقل المعني بعمليات 'لواء أبو فضل العباس' فيليب سميث، يتراوح عدد المقاتلين الشيعة العراقيين في سوريا بين 800 و2000 مقاتل. وينتمي هؤلاء المقاتلون بشكل يكاد يكون حصرياً إلى ثلاث مجموعات عراقية. والمساهم الرئيسي في اللواء هي مجموعة 'عصائب أهل الحق' التي يتراوح قوامها بين 2000 و3000 مقاتل كانت قد انشقت عن حركة مقتدى الصدر في عام 2006 بدعم من 'قوة القدس' التابعة لـ 'الحرس الثوري الإيراني' و &laqascii117o;حزب الله" اللبناني. والمساهم الثاني هو 'كتائب &laqascii117o;حزب الله"'، وهم نخبة قوامها 400 رجل من المقاتلين الشيعة العراقيين المتمرسين يقدمون تقاريرهم مباشرة إلى قيادة 'قوة القدس' التابعة لـ 'الحرس الثوري'. أما المساهم الثالث فهو 'كتائب سيد الشهداء'، وهي قوة قوامها 200 رجل يقودها أبو مصطفى الشيباني (المعروف أيضاً باسم حميد شيباني)، وهو شيعي عراقي عمل تحت قيادة 'قوة القدس' منذ أواخر الثمانينيات. وتشير التقارير أيضاً إلى وجود شيعة عراقيين من 'منظمة بدر' و'لواء اليوم الموعود' التابع لمقتدى الصدر. وبغض النظر عن تكوينه الدقيق، يبدو أن 'لواء أبو فضل العباس' قد استوعب نسبة كبيرة من الكوادر القتالية المتشددة المدعومة من إيران والتي ضايقت الجيش الأمريكي في العراق. وفي الواقع، لعبت إيران لعبت دوراً رئيسياً في تشكيل ودعم الجماعات التطوعية العراقية العاملة في سوريا. فمنذ خريف 2011 -- وهو الوقت الذي بدأ فيه المتمردون الشيعة في العراق يقللون هجماتهم على الأعداد المتضائلة للقوات الأمريكية في تلك البلاد -- يبدو أن 'عصائب أهل الحق' و'كتائب &laqascii117o;حزب الله"' يرسلون مقاتلين إلى إيران ولبنان من أجل إعادة تدريبهم للتدخل في سوريا. وعلى وجه التحديد، جرى تعليم هؤلاء المقاتلين كيفية الانتقال من تكتيكات المتمردين المستخدمة في العراق (على سبيل المثال، زرع قنابل على جوانب الطرق، والقيام بهجمات الصاروخية باستعمال استراتيجية الكر الفر، وعمليات الاغتيال) إلى قتال الشوارع في المدن، والتدريب على المهارات العسكرية التقليدية المطلوبة لعمليات الأمن التي يقوم بها النظام في سوريا -- وهي مهارات يمكن استخدامها أيضاً في لبنان أو حتى إيران إذا لزم الأمر.

ووفقاً لفيليب سميث، بدأ المتطوعون الشيعة العراقيون الوصول إلى سوريا بدءً من ربيع 2012 فصاعداً، وأصبح وجودهم أكثر وضوحاً بشكل تدريجي. وقد دخل بعضهم البلاد عن طريق مطار دمشق الدولي على متن طائرات الرحلات الجوية الإيرانية. ودخل آخرون براً من العراق، أو استقلوا حافلات الحجاج أو الشاحنات التجارية؛ وقد تعرضت بعض تلك القوافل للهجوم من قبل العناصر الجهادية السورية والعراقية داخل العراق قبل أن تتمكن من عبور الحدود. ويتناوب الآن معظم هؤلاء المتطوعين داخل سوريا وخارجها، ويقال أن بعضهم يقوم بتأدية عدة مهمات.  وبالنسبة لمن يلقون حتفهم أثناء القتال، تعمل إيران بسرعة على نقل جثثهم إلى العراق لدفنها على الفور-- ولعل ذلك هو المؤشر الأكثر وضوحاً عن مسؤولية طهران عن المتطوعين العراقيين الشيعة. وتميل إعلانات الشهادة لهؤلاء المقاتلين إلى ترسيخ الادعاء الاسطوري بأن الدور الوحيد لـ 'لواء أبو فضل العباس' في سوريا هو الدفاع عن مزار السيدة زينب الشيعي في جنوب دمشق. وفي الواقع، ينشط المتطوعون العراقيون عبر قطاع دمشق الجنوبي ذو الأهمية الاستراتيجية، حيث يعملون كلواء نيران موثوق به ويمكن نشره لإخماد الاضطرابات في ضواحي المدن بدون شفقة أو رحمة، والدفاع عن المطار، وحماية الأحياء السكنية المستخدمة من قبل نخب النظام. وقد تم تجهيز قوات 'لواء أبو فضل العباس' تجهيزاً جيداً وهي متماسكة أيضاً، ويبدو أنها تستفيد من التدريب الذي وفره &laqascii117o;حزب الله" في لبنان. وتشير إعلانات الشهادة أيضاً أن معظم هؤلاء المقاتلين هم في أواخر العشرينات من عمرهم أو أكبر سناً -- وبعبارة أخرى، مقاتلون ذوي خبرة، وكثيراً ما افتخروا عما قاموا به عبر سنوات من القتال ضد القوات الأمريكية في العراق. وعلاوة على ذلك، تشير برقيات الوفاة والجنازات إلى أن ما بين 12 إلى 24 شخصاً من الشيعة العراقيين يلقون حتفهم الآن في سوريا شهرياً، مما يوضح التدخل المتقطع لـ 'لواء أبو فضل العباس' في أعمال قتال طاحنة.

تأثير المتطوعين العراقيين يمكن أن يكون للقوات صغيرة الحجم والتي تمتلك حوافز قوية، تأثير لا يتناسب مع حجمها في الحروب الأهلية، حيث غالباً ما يتركز القتال على مناطق محددة، وحيث يمكن أن تؤثر المعارك الصغيرة والرمزية على المعنويات بشكل كبير. ويعتبر التدخل المباشر لـ &laqascii117o;حزب الله" اللبناني في 'القصير' مثال واحد لهذه الظاهرة، كما أن الدور الذي تلعبه قوات 'لواء أبو فضل العباس' المكونة من العراقيين في الغالب في عملياتها حول دمشق يمكن أن يصبح مثالاً آخر -- لا سيما إذا قامت 'قوة القدس' التابعة لـ 'فيلق الحرس الثوري الإيراني' بتوسيع كوادر اللواء في سوريا بصورة أكثر من خلال مجموعة 'عصائب أهل الحق'، التي تشهد بعض التطورات وفي طريقها لكي تصبح حركة سياسية جماهيرية. وسواء في سوريا أو في غيرها من البلدان، قد يصبح المتطوعون العراقيون سمة شائعة في الحروب بالوكالة المدعومة من إيران إذا لم يتم كبح جماحهم. كما أن زيادة التدريب وتعزيز الخبرة القتالية لهذه القوات، إلى جانب استمرار المشاركة الإيرانية، قد يكون له تداعيات خطيرة على استقرار العراق في المستقبل. وليس هناك شك بأن إيران ستواصل في السنوات المقبلة الضغط على بغداد من أجل الحد من آثار العقوبات الدولية (على سبيل المثال، من خلال المطالبة بالوصول إلى القطاع المصرفي في العراق، وإلى احتياطيات العملات الأجنبية، والأسواق)، وتقييد القدرات العسكرية العراقية، والحد من نفوذ الولايات المتحدة. وسوف يكون لإيران حاجة مستمرة لتجنيد وكلاء عراقيين مسلحين. ويعمل نشر الشيعة العراقيين إلى سوريا على دمج هؤلاء المقاتلين بشكل أكثر قوة في 'محور المقاومة' إلى جانب &laqascii117o;حزب الله"، فضلاً عن تعليمهم مهارات قتالية تقليدية في وقت أصاب فيه الضعف والضمور الجيش العراقي في أعقاب انسحاب القوات الأمريكية. ولهذا قد تواجه بغداد تهديداً أمنياً على مستوى أكبر بعد عودة هؤلاء المقاتلون الشيعة من سوريا بصورة دائمية، وأيديهم ملطخة بالدماء لكنهم أكثر ثقة بالنفس.

التداعيات على السياسة الأمريكية في 25 حزيران، أعلنت الحكومة العراقية أنها سوف تزيد من إجراءات المراقبة الحدودية وتوقف جميع الرحلات بين بغداد ودمشق لمنع المقاتلين العراقيين من دخول سوريا. لكن مع الأسف، فقد ثبت أن جميع العروض العراقية السابقة لوقف الدعم الإيراني لنظام الأسد كانت مجرد تصريحات جوفاء، وأن أحدث التقييدات المفروضة لن تمنع قيام رحلات مباشرة من إيران إلى دمشق. ورغم أنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تضغط على السلطات العراقية لكي تقوم بعمليات تفتيش دورية على متن الطائرات الإيرانية المتجهة إلى سوريا، إلا أن السبيل الوحيد الفعال لاعتراض طريق تلك الرحلات هو من خلال جعل مطار دمشق -- أو الأفضل من ذلك، المجال الجوي السوري -- غير صالح لاستخدام النظام. كما تستطيع واشنطن أن تربط مساعداتها للعراق في مجال مكافحة الإرهاب (والتي تحتاج إليها بغداد بشدة) بالإغلاق المؤكد للمجال الجوي للبلاد وحدودها البرية -- بصورة يمكن التحقق منها -- أمام الرحلات والقوافل الداعمة للأسد. وكثيراً ما يقال أن ضوء الشمس هو أفضل مطهر، لذا ينبغي على واشنطن أيضاً أن تبذل المزيد من الجهود لفضح دور الشيعة العراقيين في سوريا. على سبيل المثال، يمكنها استخدام أدوات العمليات المعلوماتية -- مثل اجتماعات إحاطة من قبل كبار المسؤولين في واشنطن أو السفارة في بغداد -- للتأكيد على أن الولايات المتحدة سوف تزيد باستمرار من إمدادات الأسلحة إلى المعارضة وذلك يرجع تحديداً إلى أن إيران و &laqascii117o;حزب الله"، بتحريض من العراق، توفر الدعم المباشر لنظام الأسد. وإذا كانت الأسلحة تنتقل من ثوار سوريا إلى المتمردين في العراق، بحسب ما تزعمه بغداد، فإن هذا يرجع في جزء منه إلى دعم حكومة المالكي المتعنت لدمشق.

ينبغي على واشنطن كذلك أن تنتهز أية فرصة للحصول على أدلة ونشرها، والتي تثبت وقوع مجازر على يد عناصر شيعة عراقيين في سوريا، وهو أسلوب يقال أنه أصبح شائعاً في ضواحي دمشق. ومن شأن هذه الأدلة أن تدفع المؤسسة الدينية العراقية في النجف إلى ثني الشباب الشيعة عن التطوع للقتال في سوريا. إن تأمين هذا النوع من المساعدة غير المباشرة من النجف ورجل الدين البارز فيها، آية الله علي السيستاني، هو صعب للغاية نظراً لأن 'عصائب أهل الحق' و'كتائب حزب الله' يسعيان بقوة إلى تبني نظام ولاية الفقيه الإيراني في العراق، مع الإطاحة بالمؤسسة الدينية القديمة لصالح هيكل ترتكز قيادته في مدينة قم الإيرانية. ومن أجل تسهيل مشاركة [رجال الدين] في النجف، ينبغي على واشنطن أن تعلن باستمرار أنها تسلح المعارضة السورية ليس من أجل التحيز ضد الشيعة في حرب أهلية طائفية، وإنما للإطاحة بنظام إجرامي -- أو على أقل تقدير، لفرض حالة من الجمود وحل وسط يتم التوصل إليه عن طريق التفاوض من أجل حماية جميع الأطراف، بما في ذلك العلويين الشيعة في سوريا.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد