- صحيفة 'نيويورك تايمز'
دعوة لعقوبات قاسية ضد طهران
قالت صحيفة 'نيويورك تايمز' إن النظام الإيراني يثبت مرة بعد أخرى مدى قدرته على استغلال عامل الوقت لصالحه، وأضافت أن طهران غير راغبة في حل النزاع المتعلق ببرنامجها النووي رغم مرور ستة أشهر على المفاوضات الدبلوماسية الغربية معها.
ودعت الصحيفة الرئيس الأميركي باراك أوباما والقادة الأوروبيين لزيادة الضغط على إيران عبر فرض عقوبات قاسية.
ومضت إلى القول إن أوباما الذي عرض فتح صفحة جديدة من العلاقات مع إيران أمهل طهران في الوقت نفسه حتى نهاية 2009 كي تجلس إلى طاولة المفاوضات، وأضافت أن الرئيس الأميركي حذر في خطابه لحالة الاتحاد قادة النظام الإيراني من مغبة استمرارهم في تجاهل التزاماتهم الدولية. وبعد مرور أربع سنوات من طلب مجلس الأمن الدولي من إيران التوقف عن تخصيب اليورانيوم الذي من شأنه حصولها على وقود نووي أو صناعة قنبلة نووية، قالت الصحيفة إن إيران باتت تمتلك آلاف أجهزة الطرد المركزي.
وبينما تشارك كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا أوباما مشاعر القلق إزاء البرنامج النووي الإيراني، قالت نيويورك تايمز إن كلا من روسيا والصين اللتين تملكان حق النقض الفيتو وتربطهما علاقات اقتصادية قوية مع إيران تسعيان إلى تخفيف العقوبات، ما يخرج مجلس الأمن من هيبته ويجعل طهران تتمادى أكثر فأكثر غير آبهة بالقوانين الدولية.
وأثنت 'نيويورك تايمز' على تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الجمعة المتمثلة في تحذيرها الصين من مواجهة عزلة دبلوماسية في حال فشل بكين في دعم العقوبات الجديدة ضد إيران.
ودعت إلى ضرورة فرض عقوبات قاسية يكون من شأنها التأثير على مؤسسة الحرس الثوري الإيراني الذي وصفته بأنه يدير البرنامج النووي وبحيث لا تترك تداعياتها على أبناء الشعب الإيراني العاديين. واختتمت نيويورك تايمز بالقول إنه في حال لم يقم مجلس الأمن الدولي بالتحرك سريعا، يجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فرض مزيد من الضغوط ضد طهران على طريقتهما، ودعت أوباما إلى التحدث علنا وبقوة بالنيابة عن المعارضة الإيرانية التي تسعى للتغيير سلميا في البلاد.
وكان مجلس الشيوخ الأميركي وافق على مشروع قانون يسمح للرئيس الأميركي بفرض عقوبات جديدة على إيران خاصة على الشركات التي تورد البنزين للجمهورية الإسلامية، في ظل تداعيات مواقف الحكومة الإيرانية بشأن عدة ملفات، بينها سجلها في مجال حقوق الإنسان وبرنامجها النووي المثير للجدل.
- صحيفة 'الاندبندت'
فلسطين الغنية تموت ببطء / روبرت فيسك
خلص الصحفي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط روبرت فيسك لدى زيارته إلى منطقة الجفتلك بفلسطين المحتلة إلى أن تلك البلاد تموت بشكل بطيء بسبب بيروقراطية إسرائيل التي تدفع الفلسطينيين إلى مغادرة منازلهم في أغنى الأراضي المحتلة.
وقال فيسك في تقريره بصحيفة 'الإندبندنت' تحت عنوان 'في ثنايا التلال الصخرية بالضفة الغربية، فلسطين تموت بشكل بطيء' إن ما يجري في ما يسمى 'منطقة سي' لا يبشر بالخير.
وأضاف فيسك أن هذه التلال الصخرية ذات الوديان الخُضْر التي هي جزء من حطام اتفاقية أسلو المحطمة أصلا، تشكل 60% من أراضي الضفة الغربية المحتلة التي يفترض أن تسلم إلى السكان الفلسطينيين.
غير أن أكوام الورق من أوامر هدم المنازل التي تشاهدها على طاولة رئيس مجلس قرية الجفتلك عبد كساب، تكشف عن تطهير عرقي عبر البيروقراطية.
فلا يسمح بتشييد المنازل، والآبار تُغلق، وأنظمة الصرف الصحي تُزال.
وهذه المشاكل تبقى في نظر كساب صغيرة أمام المماطلة الإسرائيلية وتأجيل تصاريح بناء المنازل لسنوات إن لم ترفض، وهدم المنازل التي تبنى بدون تصريح.
ويقول كساب الذي لم يبد خشية من كتابة اسمه باعتبار أن 'التنفس هو الشيء الوحيد الذي لا يتطلب تصريحا'، إن الفلسطينيين ينتظرون أكثر من ثلاث سنوات للحصول على تصاريح لبناء منازل وطرق جديدة وآبار ارتوازية، مضيفا: 'إننا لا نستطيع حتى بناء مستوصف صحي بدون تصريح'.
والحصول على تصريح إعادة إصلاح نظام المياه يتطلب 70 ألف شيكل (أكثر من 18 ألف دولار)، أي يفوق تكلفة إعادة الإصلاح نفسها.
وفي هذه المنطقة، يقول فيسك، هناك 150 ألف فلسطيني يجاورهم 300 ألف إسرائيلي يعيشون في 120 مستوطنة 'رسمية إسرائيليا' و100 أخرى تعتبر غير قانونية دوليا وإسرائيليا على السواء.
ويتابع الكاتب أنه حتى المنظمات غير الحكومية من الغرب العاملة في تلك المنطقة تجد صعوبة في تنفيذ أعمالها بسبب السياسة الإسرائيلية، ووصف ذلك بأنه فضيحة دولية.
فقد رفضت إسرائيل طلبا لمنظمة أوكسفام ببناء بئر ارتوازية للفلسطينيين في الجفتلك، ولم تسمح لها بنصب أنابيب المياه تحت الأرض ولا فوقها. ويشير فيسك إلى أن أكوام الأوراق من التصاريح سواء المرفوضة أو المسموح بها تخفي حقيقة مروعة في 'منطقة سي' وهي أن إسرائيل تعتزم إرغام الفلسطينيين على هجر أراضيهم والانضمام إلى مناطق 'بي' و'أي' التي تخضع للسلطة الفلسطينية مدنيا ولكنها تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، كما يعتقده العديد من النشطاء الإسرائيليين والغربيين.
وهذا يعني أن الفلسطينيين سيفاوضون على 44% من الضفة الغربية، أي 22% فقط من أصل ما كان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يطمح إليه.
ويختتم فيسك بالقول إن 'منطقة سي' هي من أغنى أراضي الضفة الغربية من حيث مصادر الجبن ومزارع الحيوانات، ومعظم سكانها البالغ عددهم خمسة آلاف هم من اللاجئين الذين هُجّروا من أراضيهم عام 1947 و1948 في القدس الغربية، ولم تنته محنتهم بعد.
- 'الاندبندنت'
رد حتمي
إن الأخبار التي قالت أن الولايات المتحدة ستنشر نظام دفاع صاروخي في عدد من دول الخليج تشكل تأكيدا محبطا وجديدا على فشل مبادرة أوباما لإعادة وضع العلاقات مع إيران على أساس جديد. ولا شك أن هذه التحذيرات المبكرة تهدف بشكل رئيسي إلى مواجهة الهجمات الإيرانية في حال وقوع أي صراع عسكري محتمل مع إيران. وبعبارة أخرى، إن الولايات المتحدة تواجه التهديد الحربي بتهديد حربي مماثل بدلا من الثرثرة غير المجدية...
إن تحول الإدارة الأمريكية إلى سياسة الاحتواء العسكري مع تشديد العقوبات كان أمرا حتميا وقد ظهر هذا الأمر في خطاب الرئيس أوباما وفي تصريحات وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وقائد القيادة العامة الجنرال ديفيد باتريوس.
إلا أن هذا لا يعني أبدا أن واشنطن تعتبر أن مسألة شن هجوم عسكري ضد إيران بات أمرا حتميا أو محبذا أو محتملا. بل على العكس إن البيت الأبيض يأمل أن مبيع السلاح إلى دول الخليج سيقنع إسرائيل بأن شن هجوم استباقي على إيران بهدف إعاقة برنامجها النووي هو أمر غير ضروري...
إلا انه ليس مؤكدا على أية حال كيف ستنظر إيران إلى هذه التحركات، فالأمر الأكثر إثارة للقلق حول إيران هو أنها قوية وضعيفة في الوقت نفسه، فهي قوة إقليمية عظمى ولكن حكومتها متخوفة من شعبها ولا يمكن التنبؤ بتصرفاتها.. ويبقى السؤال هل سيكون استعراض العضلات هذا من جانب دول الخليج المتحالفة مع الغرب عامل ردع لإيران أم انه سيؤدي إلى نتائج عكسية.
- صحيفة 'الغارديان'
واشنطن تزيد من خطر شن هجوم على ايران عبر ارسال سفن وصواريخ / كريس ماكغريل
ارتفعت حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران بسبب بظهور مؤشرات على أن إدارة الرئيس باراك أوباما تفكر في نشر درع مضاد للصواريخ لحماية حلفاء الولايات المتحدة في منطقة الخليج من أي هجمات إيرانية. وسترسل واشنطن سترسل مزيدا من صواريخ باتريوت الدفاعية لأربع دول هي قطر والإمارات العربية المتحدة والبحرين والكويت، كما ستحتفظ بسفينتين حربيتين في الخليج قادرتين على إسقاط الصواريخ الإيرانية، كما ستساعد المملكة العربية السعودية على بناء قوة عسكرية قادرة على حماية منشآتها النفطية.
وتهدف هذه الخطوة بحسب مسؤولين أميركيين أيضا غالى ثني إسرائيل عن توجيه أي ضربات لإيران بإظهار أن الحليف الأمريكي قادر على احتواء أي خطر من جانب طهران.ولم تعلن الإدارة الأمريكية بشكل رسمي عن خططها بإرسال تلك المعدات العسكرية إلى منطقة الخليج بل سربتها إلى الصحف الأمريكية بهدف لفت انتباه إيران إلى النبرة الجديدة والتشدد في الموقف الأمريكي...
- موقع 'كاونتر بتش'
المجتمع الدولي يخفق تحت قيادة الولايات المتحدة: الفلسطينيون على حافة الانفجار/ نقولا ناصر
على كلا جانبي القسمة الفلسطينية الداخلية بين الرئاسة المدعومة أميركياً والمجلس التشريعي المهوّس.إسرائيلياً، والضفة الغربية التي تقودها فتح (حيث قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ملتزمة بالسلام، وبالمفاوضات المباشرة والتنسيق الأمني مع قوة الاحتلال الإسرائيلية. حيث 'عملية السلام' التي بلغ عمرها 16 عاماً وصلت إلى طريق مسدود، والمفاوضات غارقة في جمود لمدة عام؛ بسبب المستوطنات الكولنيالية الإسرائيلية التي تنتشر مثل السرطان، وبين قطاع غزة الذي تقوده حماس (حيث تلتزم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بصرامة بوقف لإطلاق النار في دفاع عن النفس، بينما تجري محادثات غير مباشرة تتوسط فيها مصر وألمانيا حول تبادل للأسرى)، أخفقت المحاولات العسكرية والسياسية كافة لحلّ صراع القرن العربي-الإسرائيلي، وأجهضت احتمالات السلام كافة التي أثبتت أنه سراب مخاتل، وفشل ساطع للمجتمع الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. ويبدو أن ثمة انفجاراً فلسطينياً وشيكاً يقع على بعد خطوة قادمة فقط إلى الأمام.
'ليس هناك حلّ ثنائي. وأسرع الطرق إلى الجولة التالية من العنف يمر عبر عملية مفاوضات فاشلة أخرى... وهي تتمتع بفرصة نجاح تساوي صفراً. وفي السنة القادمة... ربما يكون الوضع قد نضج وأصبح جاهزاً لحدوث انفجار'، هكذا قال غيرشون باسكين من المركز الإسرائيلي الفلسطيني للمعلومات والأبحاث أمام جلسة حوارية رعتها روسيا، وعقدت على الجانب الأردني من البحر الميت مؤخراً. إن 'الجمود الخطر' يحتاج إلى 'مهمة إنقاذ'، كما قال المتحدثون وفقاً لوكالة رويترز. وحذر وزير الخارجية الروسي السابق يفغيني بريماكوف من أن 'أزمة حقيقية' يمكن أن تتطور إن لم يتدخل المجتمع الدولي، مضيفاً أن دور ما يدعى برباعية الشرق الأوسط (الولايات المتحدة، والأمم المتحدة، وروسيا، والاتحاد الأوروبي) قد اتسم بالتقصير. وفي 15 كانون الأول (ديسمبر)، كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد قال أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في رام الله: 'لقد أصبحت الكرة الآن في ملعب المجتمع الدولي، وفي ملعب أميركا'. لكن عباس يبدو وأنه يدق الباب الخطأ. ذلك أن التاريخ سيسجل باراك أوباما بوصفه أول رئيس أميركي دفع بحليف قديم مثل عباس إلى البوح بأول 'خيبة أمل' معلنة ومنطوقة من تصرفات الولايات المتحدة ودورها كوسيط في الصراع، على الرغم من النشوة الفلسطينية التي أثارها أوباما عندما اختار عباس ليكون أول زعيم أجنبي يتصل به بمجرد أن وضع أقدامه في البيت الأبيض. لكن إدارة أوباما أحرزت 'تقدماً يساوي صفراً. وهي لم تفشل فقط، بطبيعة الحال، حتى في الإبقاء على المفاوضات قائمة... وإنما ليست هناك أي شذرة من دليل للاعتقاد بأن أي شيء سيتغير خلال بقية الفترة الرئاسية'، كما كتب باري روبين، مدير الأبحاث العالمية في مركز الشؤون الدولية في مطبوعة 'غلوبال بوليتشن' يوم 19 كانون الأول (ديسمبر).
كان أوباما قد أطلق النار ليجهز على مهمة مبعوثه الرئاسي للشرق الأوسط جورج ميتشيل، عندما أرسل وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون في أوائل شهر آذار (مارس) فيما بدا أنه بعثة لجلب القادة الإسرائيليين والفلسطينيين معاً لاستئناف مفاوضاتهم، لكن مهمتها كانت فشلاً مدوّياً لأنها فعلت العكس تماماً، ممّا جعل زيارتها علامة تحول لإدارتها عما كان يعتقد الفلسطينيون بأنه وسيط نزيه إلى وسيط أجهض وساطته نفسها عن طريق تبنّيه الكامل لوجهات نظر الإسرائيليين.
أما الصفقة الأميركية-الإسرائيلية التالية من أجل قتل تقرير غولدستون في مهده –فيما زعم بأنه يعود إلى أنه خلق 'فجوة كبيرة جداً' بين الجانبين (حسب نائب وزير الخارجية الأميركي بي. جيه، كراولي يوم 10 كانون الأول) –فقد تضمنت حقيقة أن فشل كلينتون لم يكن فشلاً شخصياً، وإنما فشل سياسة رسمية كان ينبغي أن تكون متوقعة بعد أن فشل أوباما في دعم مطلبه الأبكر بـ'تجميد' كامل للاستيطان الكولنيالي الإسرائيلي كشرط مسبق لاستئناف المحادثات الفلسطينية-الإسرائيلية، وهو مطلب ضلّل عباس، وقاده إلى عدم المطالبة بأقل من ذلك، ليصبح رهينة لوعد أميركي لم تتم المحافظة عليه، ولقراره الخاص بوضع كامل بيضه في السلة الأميركية.
لا يبدي أوباما وإدارته أي ندم، وإنما يسيرون على إثر خطى التحالف الأميركي-الإسرائيلي التقليدي، مريقين ما تبقى من وعود أوباما عن 'التغيير' لناخبيه... وفي الأسبوع الماضي، وقّع أوباما قانون المساعدات الخارجية للعام 2010، رافعاً قيمة المساعدات الأمنية لإسرائيل بمقدار 225 بليون دولار في السنة القادمة لتصل إلى 2.775 بليون دولار، وهي مساعدة من المقرر أن ترتفع، تبعاً لمذكرة تفاهم، من 2.55 بليوناً في العام 2009 إلى 3.1 بليوناً في العام 2013. وينظر العرب، بمن فيهم الفلسطينيون، إلى هذه المساعدة على أنها تغذي العناد الإسرائيلي فيما يتعلق بعملية السلام. أما المساعدة بقيمة 500 مليون دولار، والمخصصة للسلطة الفلسطينية، والتي تتضمن 100 مليون لاستخدام الجنرال الأميركي كيث دايتون، فإنها تتحول عملياً إلى مساهمة في الإبقاء على السلطة الفلسطينية عائمة فقط لتكون ضمانة للأمن الإسرائيلي.
وحتى في أفضل الأوقات، قبل وقت طويل من الانقسام الفلسطيني الداخلي، فإن إعادة الاحتلال العسكري لمناطق السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية في العام 2002، والحصار الحالي المحكم المفروض على غزة، كانت السلطة الفلسطينية قد أصبحت معتمدة على المانحين منذ تم توقيع 'إعلان المبادئ' بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في واشنطن في العام 1993، مما حلل سلطة الاحتلال الإسرائيلي من التزاماتها المنصوص عليها بموجب القانون الدولي.
عن غير رغبة، ولو بامتنان، قبلت منظمة التحرير الفلسطينية نقود المانحين بوصفها ترتيباً مؤقتاً، في انتظار نهاية الفترة الانتقالية في مفاوضات المرحلة النهائية التي كان يفترض أن تختتم بخلق دولة فلسطينية مستقلة، تعيش بسلام وأمن جنباً إلى جنب مع إسرائيل، كما وعد المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة، أولاً في العام 1999، ثم في العام 2005، ومرة أخرى في العام 2008، وفي غضون سنتين وفقاً لما تقوله إدارة أوباما حالياً.
مع ذلك، وعلى الصعيد السياسي، أصبحت أموال المانحين ترتيباً مؤقتاً ودائماً معاً، رافعة عن كاهل موازنة قوة الاحتلال أعباء كان ينبغي أن تكون مسؤولة حملها، بحيث تقوم بتمويل الاحتلال العسكري المقيم، وتجهض الحافز الاقتصادي للثورة ضد الاحتلال، وتبقي على السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية رهينتين للشروط السياسية المرتبطة بمساهمات المانحين.
الآن، يتصاعد اتجاه التخلص من الأوهام المتعلقة بالدور الذي تلعبه أموال المانحين معا مع التخلص من الأوهام إزاء 'عملية السلام'. ويبقى الفلسطينيون الذين أسهموا بشكل استثنائي وبالغ الأهمية في بناء الدول الإقليمية الأخرى، والذين ما يزالون يسهمون في العديد من الاقتصادات الإقليمية حتى الآن، أناساً مستائين يمتلكون رأس المال، والخبرة والعمالة الماهرة، والقدرة البشرية العلمية والفكرية، والذكاء والإرادة السياسية ليبنوا مجتمعهم الخاص بمجرد أن يتزوّدوا بتقرير المصير للحصول على التحرّر والحرية والاستقلال. ومع ذهاب الأوهام المتنامية، يصبح الدور السياسي للمانحين مشبوهاً، خالقاً حساً بالإهانة، مما أدى إلى تفاقم مشاعر الإحباط الوطني، وبحيث لم يعد بالإمكان إخفاء تحويل الوضع المؤقت والانتقالي إلى حالة دائمة بحكم الأمر الواقع.
ظلّ شعور الفلسطينيين بتعرضهم لخيانة وخذلان المجتمع الدولي قديماً قدم صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 في العام 1947، والقاضي بتقسيم أرضهم إلى دولتين، وقرارها رقم 194 في العام 1948 والخاص بعودتهم إلى وطنهم. وقد أصبح لنفس هذا الحس بالتعرض للخيانة صوت عال وقوي في الضفة الغربية مؤخراً من خلال 'خيبة الأمل' التي عبّر عنها عباس، الموقع على اتفاق المبادئ، وبكل وضوح بقراره الذي لا رجعة عنه عدم التسابق لفترة رئاسية جديدة: 'لقد وجدت كافة الطرق مغلقة، ثم قررت أن لا أعود إلى فترة رئاسية أخرى. إنني لست متفائلاً ولا أريد أن تكون لديّ أوهام'، كما قال لصحيفة الشرق الأوسط التي تصدر من لندن. وفي قطاع غزة، كان آخر فصول خيانة المجتمع الدولي للفلسطينيين قد وجد التعبير عنه في باريس يوم 22 كانون الأول (ديسمبر) من خلال جماعات الحقوق الإنسانية الستة عشرة، بما فيها منظمة العفو الدولية 'أمينستي'، و'أوكسفام' و'كريستيان إيد'، حيث ورد في تقريها: 'إن المجتمع الدولي قد خذل شعب غزة بفشله في دعم أقواله بإجراءات فعّالة لضمان إنهاء الحصار الإسرائيلي... كما خذلت القوى الدولية أيضاً، بل إنها خانت مواطني غزة العاديين. لقد رفعوا الأيدي وأصدروا التصريحات، لكنهم قاموا بالقليل من الأفعال الهادفة المنطوية على معنى'، كما قال التقرير.
هذا الحس بالشعور بالتعرض للخيانة يظل قابلاً للانفجار؛ نظراً للحصار السياسي الذي يفرضه الاحتلال العسكري الإسرائيلي المباشر على منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، والاحتلال العسكري الإسرائيلي المضروب بإحكام على قطاع غزة. وتبدو الظروف الآن ناضجة لقيام 'انتفاضة' فلسطينية ثالثة في الضفة الغربية، فيما تشير كلّ المؤشرات إلى تجدد الغزو العسكري الإسرائيلي لغزة.
في مقابلة مع صحيفة 'وول ستريت جورنال' نشرت يوم 22 كانون الأول (ديسمبر) حذر عباس من إمكانية اندلاع 'انتفاضة' وشيكة. صحيح أنه التزم بأنه 'طالما بقيت في المنصب، فإنني لن أسمح لأحد ببدء انتفاضة جديدة، أبداً أبداً. لكنني إذا ما غادرت، فإن ذلك لا يعود من مسؤوليتي، ولا أستطيع تقديم أي ضمانات بهذا الصدد'، كما قال.
في الأثناء، وفي قطاع غزة، حذرت حركة حماس عشية الذكرى الأولى لغزو إسرائيل الذي استمر ثلاثة أسابيع في 27 كانون الأول (ديسمبر)، من احتمال غزو إسرائيلي وشيك لغزة. وأقوى المؤشرات على ذلك، حسب رأي الحركة، هو الجدار الفولاذي الذي تقوم الفرق الهندسية الأميركية ببنائه؛ من أجل إغلاق ما يقدر عدده بحوالي 1.500 نفق تمتد على طول حدود غزة مع مصر البالغة 14 كيلومتراً. وفي شهر كانون الأول (يناير) 2008، كان آلاف من العرب الفلسطينيين من غزة قد اجتاحوا الحدود المصرية مع غزة لإيجاد مخرج لحكومة عربية شقيقة، والتي أثبتت مع ذلك أنها ليست أكثر تعاطفاً مع محنتهم تحت الحصار من الإسرائيليين، عندما قامت بعد ذلك الحدث مباشرة بإغلاق معابرها الحدودية. وكانت الأنفاق هي البدائل الفلسطينية عن إغلاق المعابر.
والآن، فإن صفائح الجدار الفولاذي 'المصنوعة في أميركا' بارتفاع 18 متراً، والتي جرى اختبارها في المختبرات الأميركية لتقاوم القنابل، والتذويب بالحرارة أو القطع، والتي ينتوى أن تصل إلى عمق 30 متراً تحت الأرض، تهدد –بالإضافة إلى قطع وتلويث المياه الجوفية- عندما يتم إنجاز المشروع في غضون 18 شهراً كما يقال، بحرمان الفلسطينيين من 60% من حاجاتهم الأساسية، وفقاً لمفوضة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الأميركية الجنرال كارين كونينغ أبو زيد، التي قالت أمام المنتدى الذي نظمته الجامعة الأميركية في القاهرة، إن ذلك الجدار الفولاذي الذي يجري بناؤه على الحدود المصرية مع غزة هو أكثر أماناً من خط بارليف الذي كان الجيش الإسرائيلي قد بناه على طول الساحل الشرقي من قناة السويس بعد احتلال شبه جزيرة سيناء من مصر في العام 1967.
ليس هناك شعب أو دولة في العالم يمكن أن تتسامح مع وجود مثل هذا الجدار 'الدفاعي' على حدودها، وهو الأول من نوعه في العام، أو أن لا تراه على أنه عمل من أعمال الحرب. إن الجدار المعدني يخدم الأهداف السياسية والعسكرية الإسرائيلية فقط، دون إغفال حقيقة أنه 'صناعة أميركية' وفقاً لأبو زيد، في حين أن العمال وكذلك جنود الحراسة فإنهم مصريون. وهكذا، يُنظر إلى الجدار على أنه جزء من الاحتلال الإسرائيلي وكجزء متمّم ومندغم من آليات الحصار الإسرائيلي. وبذلك، ومن وجهة نظر فلسطينية، يبقى استهدافه أمراً مشروعاً. ومع ذلك، فإن الفلسطينيين، في قطاع غزة على الأقل، هم في حالة حرب مع إسرائيل، لكنهم ليسوا في حرب مع مصر. وعليه، فإن أي اشتعال للعنف يمكن أن يقدح زناده بناء الجدار سوف يكون أعمالاً حربية فلسطينية-إسرائيلية. وتقول حماس إن مصر لا تستطيع أن تغامر بمواجهة الدعوات الغاضبة والاحتجاجات الفلسطينية، والعربية، والإسلامية والدولية ضدّ هذا العقاب الجماعي لمليون ونصف من الفلسطينيين في غزة، إلا إذا كانت القاهرة تتوقع غزواً إسرائيلياً، والذي سيكون من شأنه أن يجعل من مثل هذه الدعوات الغاضبة قصيرة العمر.
تقوم إسرائيل بتحويل الانتباه بعيداً عن الانفجار الفلسطيني الوشيك، وبعيداً عن حصارها السياسي للقيادة الفلسطينية في الضفة الغربية وحصارها العسكري المفروض على خصمها، القيادة الفلسطينية في غزة، عن طريق إلقاء الضوء على التهديد النووي الإيراني كأولوية، والذي تنبغي معالجته أولاً. وتقول كلّ المؤشرات إن إدارة أوباما قد خضعت للأجندة الإسرائيلية، ساحبة معها فلكها الأوروبي. وتستطيع كافة أزمات الشرق الأوسط الإقليمية الأخرى أن تنتظر، كما يبدو، حتى الأزمة العربية والفلسطينية-الإسرائيلية الموشكة على الانفجار.