- صحيفة 'تايمز'
واشنطن تسعى في الشرق الأوسط لعزل طهران / حملة دبلوماسية أميركية ضد إيران
ذكرت صحيفة 'تايمز' ، الأربعاء، أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بدأت حملة دبلوماسية في الشرق الأوسط في محاولة لعزل إيران من خلال عقوبات جديدة في ظل تصميم طهران على تخصيب اليورانيوم إلى معدلات عالية داخل البلاد.
وأوضحت 'تايمز' أن الحملة بدأت عبر زيارة تقوم بها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون للشرق الأوسط للتشاور مع الحلفاء من الدول العربية، بالتزامن مع تصريحات لمسؤولين في البيت الأبيض تتوقع أن تدعم الصين فرض عقوبات جديدة على النظام الإيراني.
ونسبت الصحيفة إلى مستشار أوباما للأمن القومي الجنرال جيمس جونز القول إن الولايات المتحدة تسعى لحث الأمم المتحدة على فرض عقوبات على طهران الشهر الجاري، مضيفة أن موقف كل من روسيا والصين اللتين تتمتعان بالفيتو في مجلس الأمن يبدو هادئا إزاء اتخاذ إجراءات رادعة ضد إيران.
وصرحت كلينتون البارحة في العاصمة القطرية الدوحة بأنها تلحظ تغيرا في موقف بكين السابق الرافض لفرض عقوبات على طهران، في ظل عدم رغبة الصين في أن تكون معزولة أو أن يتعرض اقتصادها لأي معوقات تنجم عن أي حالة من عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية في كلمة لها بمنتدى أميركا والعالم الإسلامي المنعقد في الدوحة إن بلادها تود إيجاد حل سلمي لأزمة الملف النووي مع إيران، لكن لا يمكن لواشنطن المضي في هذا الطريق في حين تسعى طهران لصنع قنبلتها النووية.
ولفتت الصحيفة إلى أن الدبلوماسيين الأميركيين سيزورون كلا من لبنان وسوريا وإسرائيل والأردن ومصر والسعودية وقطر، مضيفة أنه بالرغم من أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سيحظى بنصيب من المحادثات الأميركية في الشرق الأوسط، فإن البرنامج النووي الإيراني سيكون الموضوع الرئيس فيها.
وأشارت 'تايمز' إلى أن الحملة الدبلوماسية الأميركية في الشرق الأوسط تأتي بعد عام من دعوة إدارة أوباما طهران إلى فتح صحفة جديدة في علاقات البلدين، مضيفة أن اليد الأميركية الممدودة لإيران والنداءات الأميركية لم تلق آذانا صاغية عند النظام الإيراني.
وأضافت الصحيفة أن كلينتون ستلتقي العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز الذي تأمل واشنطن أن يلعب دورا في إقناع الصين وتشجيعها على دعم فرض عقوبات على طهران، وأن يقوم بطمأنة بكين بأن الرياض ستعوضها عن أي نقص في البترول ينشأ عن الأزمة الإيرانية.
ويتوقع أن تشمل العقوبات الجديدة البنك المركزي الإيراني وبنوكا أخرى ومزيدا من الشركات الإيرانية ومناطق تصدير السلاح إلى إيران.
- صحيفة 'لوموند'
سياسة فرض المزيد من العقوبات على طهران لن تجدي / ألان فراشون
اليقينُ رقم 1 في أوروبا، والولايات المتحدة الأميركية، وإسرائيل، والعالم العربي: إيران انطلقت بالفعل في مشروعها النووي من أجل أن تصبح قوّة نووية. اليقين رقم2: وللحيلولةِ دونها وتحقيق هذا المشروع، لا بد من إقرار سلسلةٍ جديدة من العقوبات ضد الجمهورية الإسلامية. اليقين رقم 3: والأفضل ألا نُعلّق الكثيرَ من الأوهام على فعالية هذه العقوبات. فعلى الرغم من الكابوس الذي يخلقه شرقُ أوسطٍ يتسابق نحو الأسلحة النووية، فإنّ فرْض العقوبات على إيران لا يحوز على الإجماع؛ لأنّ روسيا، وأكثر منها الصين، وهما العضوان الدائمان في منظمة الأمم المتحدة، متردّدان في الإقرار بأيّ مأخذٍ على طهران. ففي الأمم المتحدة صوّتت بكين وموسكو، مع الغربيين، على ثلاث سلاسل من العقوبات، ومعظمها عقوباتٌ تجارية. لكنّ هذه الإجراءات لم تردع النظام الإيراني: فهذا النظامُ لا يُفكر في إيقاف برنامج تخصيب اليورانيوم.
'إن روسيا تلعب 'رِهاناً مُعقّداً ومُلتبساً'، هكذا يوضّح برونو تيرتريس، من 'مؤسسة البحث الاستراتيجي'. فهي أكبر مُموّل للجمهورية الإسلامية بالأسلحة - تُقدَّر سوق الأسلحة بنحو 2 بليون دولار سنوياً، وهي 'تُنشط' حسابات المُركّب العسكري الصناعي في موسكو.
وتجدر الإشارةُ إلى أنّ البعضَ في الكرملين لنْ يُزعجهم انفجارُ أسعار البترول في حال تعرُّض المنشآت الإيرانية النووية لضربةٍ عسكرية؛ لأنّ المحروقات تمثل 80% من الصادرات الروسية.
لكنّ احتمال قيام منشأةٍ نووية على ضفاف بحر قزوين، لا يمكن أن يترك الكرملين ثابِتَ العزم. فالروس قلِقون أكثر فأكثر؛ بسبب تطور البرنامج النووي الإيراني. 'لقد ضاعف الروسُ تحذيراتهم الجادة إزاء طهران'، يقول برونو تيرتريس.
أمّا موقفُ الصين، فليس موقفاً ملتبساً. فإلى الآن، كانت بكين تحذو حذوَ موسكو في منظمة الأمم المتحدة، وبعد انضمامها إلى منتدى الكبار، أرادت الصينُ أن تلعب لعبة 'التواضع'. لكنّ زمن 'التواضع' وَلَّى! إنّ قادةَ الحزب الشيوعي الصيني يُنصّبون أنفسَهم مُدافعين عن النظام الإسلامي للرئيس محمود أحمدي نجاد. في هذا الشأن، وبلهجةٍ انتقامية، اتهمتْ يوميةُ 'الشعب' وهي جريدة الحزب الشيوعي الصيني، الولايات المتحدةَ، بإنشائِها رهطاًً من رُوّاد الإنترنت؛ من أجل زعزعة نظام أحمدي نجاد.
ففي قضية الملف النووي الإيراني، لا ترغب الصينُ في فرضِ عقوبات على طهران. إنّ مثل هذه الإجراءات، في رأيها، سوف تهدّد حظوظ نجاح الحوار مع طهران - وهو الحوارُ الذي كان طابعُه الخاص متمثلا في عدمِ وجوده أصلا: منذ سنةٍ، وإيران ترفض اليدَ الممدودة من قِبل باراك أوباما. قد تُمسك بكين بهذا الملف لأغراضٍ انتقامية، وهو أن تجعل الولايات المتحدة الأميركية تدفع ثمن قرارها الأخير ببيع 6,4 بليون دولار من الأسلحة 'الدفاعية' لـ تايوان التي تعتبرها الصينُ مقاطعةً انفصالية.
إنّ سياسة الصين الخارجية، على غرار العديد من سياسات بلدان أخرى، سياسةٌ قائمة على الاقتصاد أساساً، بل سياسات قائمة على الطاقة تحديداً: الصينيون الآن في حاجةٍ إلى الغاز والبترول، أكثر من حاجتهم إليهما في أي وقت مضى. وقد صارت التبادلات الاقتصادية الصينية الإيرانية تبادلات جوهرية: 25 بليون دولار العام 2009، إذ أنّ إيران توفّر 13% من واردات الصين البترولية.
وزيرةُ الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، تتّهم الصين بالسياسة قصيرة النظر، وهي طريقة لَبِقَةٌ أرادت كلينتون أن تقول بها إنّ الصين غير مسؤولة عن تصرفاتها. 'إن الصينيين، وهم أكبر المستهلكين للمحروقات في الشرق الأوسط، تقول السيدة كلينتون، ينبغي عليهم أن يكونوا أوّل من يرغب في تحقيق استقرار منطقةٍ باتت معرّضة لأن تكون أرضاً للانتشار النووي، لو تزوّدت طهران بالقنبلة النووية'.
ومن مفارقات هذا الوضع أنّ إسرائيل، المهدّدة صراحة من قِبل طهران، تُقيم علاقات طيبة مع الصين، ولا سيما العلاقات التجارية، وعلى الخصوص، كما يؤكد ذلك البعضُ، في المجال العسكري، وهذا ما يثير سخط الولايات المتحدة الأميركية أيّما سخط!.
أكبرُ شريك تجاري لإيران هي أوروبا، مع وجود بلدين على رأس هذه الشراكة، وهما ألمانيا وإيطاليا. هنا أيضاً، لم يكن المعنيون واضحين: إنّ العديد من المؤسسات الأوروبية، ولا سيما الألمانية والإيطالية، بحكم عدم اكتراثها بالتهديد النووي، سعت إلى الالتفاف حول العقوبات، لتفاديها. ففي شهر كانون الثاني (يناير) وعدت المستشارة أنجيلا ميركل نظيرَها الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنّ برلين سوف تبذل جهوداً كثيرة في هذا الاتجاه. أما رئيس وزراء إيطاليا، فقد قدّم أثناء جولة إلى إسرائيل، في بداية شباط الحالي، الوعد ذاته أيضاً.
وبحكم التحفظات التي تبديها موسكو وبكين حول الموضوع الإيراني، يفكّر الأميركيون والأوروبيون، في عقوبات أحادية الجانب؛ إذ ينوون استهداف رجالِ النظام، بشكل فردي، ولا سيما رؤساء حرس الثورة، وإمبراطوريتهم الصناعية والمالية.
لا ينبغي معاقبة السكان الذين يُبدي جزءٌ كبير منهم، يومياً، تمرّدهم ضد نظام باتت شرعيته موضعَ جدل. بل ينبغي فرضُ ثمنٍ باهظ على إيران مقابل مغامرتها النووية. لكنّ البديلَ عن العقوبات قد يكون مغامرةً أسوأ قد يكون ثمنُها باهظاً أيضاً.