صحافة دولية » - مقالات وتحليلات مترجمة من صحف أجنبية

- صحيفة 'لوس أنجلوس تايمز'
وضع إقليمي يرسم حدوده 'حزب الله'، و'حركة حماس'، وإيران / آيرون دايفد ميللر

تغيير النظام هو بشكلٍ عام مصطلح وتكتيك يُستعمل خصيصاً لأعداء أميركا. ولكن ماذا لو كانت إدارة أوباما تقوم بإعداد وتطوير نسخة معدّلة قليلاً منه لأقرب حلفاء الولايات المتحدة- أي إسرائيل؟
بينما لا تزال تداعيات الجلبة بين إسرائيل والولايات المتحدة حول موضوع المستعمرات تتفاقم، يجب التساؤل عمّا إذا كان الرئيس باراك أوباما مركزاً على تغيير سلوك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو تغيير رئيس الوزراء نفسه.
ذلك أنّ غياب استراتيجية واضحة لدفع مفاوضات السلام الإسرائيلية- الفلسطينية قدماً، والتي تدلّ عليها دعوات الإدارة المتكرّرة لتجميد بناء المستوطنات- التي لا يمكن أن يوافق عليها لا نتنياهو ولا إئتلافه اليميني بقيادة حزب الليكود- هذا الغياب يثير التساؤل عمّا إذا كانت واشنطن مهتمّة بتسليم السلطة الى حكومة إسرائيلية جديدة وأكثر مرونة.
هذه لن تكون المرة الأولى التي تتدخّل فيها أميركا في السياسة الإسرائيلية. وفي الحقيقة، فإنّ مقولة إنّ الولايات المتحدة لا تتدخّل في السياسة الإسرائيلية هي مقولة عبثية وغير واقعية بقدر مقولة إنّ الإسرائيليين لا يتدخلّون بالسياسة الأميركية. ففي مناسبتين على الأقل أعرفهما جيداً، لم تكتف الولايات المتحدة بتشجيع مرشحين معينين (ينتمون الى حزب العمل)، بل وعملت بقوّة على اتخّاذ خطوات لتشكيل السياسة الإسرائيلية، وحتى النتائج الانتخابية.
عام 1991، الرئيس جورج بوش ووزير الخارجية الأميركي جيمس بايكر تعمّدوا رفض إعطاء ضمانات للقرض السكني للوزير إسحاق شامير بسبب سياسته الإستيطانية، وهي خطوة ساهمت مباشرة بخسارته أمام إسحاق رابين الذي حصل على هذه الضمانات نفسها بعد ذلك بعام.
وفي تدخّل آخر، مباشر أكثر، قام الرئيس (بيل) كلينتون في محاولة منه لدعم من أصبح فيما بعد رئيساً للوزراء شيمون بيريز، بتنظيم قمّة جمعت المسؤولين عن إرساء السلام في الشرق الأوسط، في شرم الشيخ، وقام بزيارة رفيعة المستوى الى إسرائيل في آذار 1996. وبذلك لم يرد كلينتون إظهار أنّ الولايات المتحدة تقف الى جانب إسرائيل في وجه 'إرهاب حركة حماس' فحسب، بل وأن يدعم بيريز 'المعتدل' في سباقه مع نتنياهو. غير أنّ بيريز خسر الانتخابات بفارق بسيط.
ما الذي قد يدفع أوباما للتدخّل اليوم، بهدف إضعاف نتنياهو، وكيف السبيل للقيام بذلك؟ رئيس الأركان في البيت الأبيض، راهم إيمانويل، ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، كلاهما شاهدا فيلم 'بيبي bibi'، خلال ولاية نتنياهو الأولى كرئيس للوزراء من عام 1996 وحتى عام 1999، عندما كان إيمانويل مساعداً لبيل كلينتون، وهيلاري السيّدة الأولى. وكلاهما لم يحبا الفيلم في المرة الأولى، ولا يريدان عيش التجربة مرة ثانية.
ثمة وجهة نظر تنتشر في واشنطن هذه الأيام- لدرجة أنها باتت اعتقاداً راسخاً- بأنّ نتنياهو ببساطة غير قادر على إبرام اتفاق (سلام)، وأنّ الفلسطينيين والعرب لن يثقوا به أبداً. فلماذا إذاً تبديد أشهر من الجهد لإطلاق عملية سلام مع نتنياهو لا سبيل لاتمامها معه؟
الحل، إذا كان الهدف هو تغيير النظام، هو بالتمسّك بالموقف الحالي من المستوطنات، وخلق ظروف تكون منطقية للبدء بالمفاوضات ولكن لا يمكن لائتلاف نتنياهو أن يقبل بها، وبالتالي عدم القول صراحة إنّ نتنياهو لا يمكن أن يكون شريكاً حقيقياً في عملية السلام. ضف الى ذلك، إن ما جرى تسريبه في الآونة الأخيرة عن أنّ الإدارة تفكّر باقتراح خطة سلام خاصة بها، لن يؤدي إلاّ الى المزيد من إضعاف فرص الشراكة.
عاجلاً أم آجلاً، يُعتقد بأنّه سيتضّح أنّ رئيس الوزراء لا يستطيع إدارة أهم علاقة لبلده مع دولة اخرى، وأنّه يقدّم موضوع المستعمرات على موضوع الأمن الإسرائيلي في وقتٍ يلوح فيه التهديد الإيراني في الأفق، وتُعتبر فيه العلاقات مع الولايات المتحدة أكثر أهمية من أي وقتٍ مضى. وبذلك تأمل الولايات المتحدة في أن يتصاعد الضغط الجماهيري والسياسي، ويجبر نتنياهو على توسيع حكومته أو حتى دفع الأمور باتجاه يؤدي الى تغيير رئيس الوزراء نفسه.
المشكلة الوحيدة في طريقة التفكير هذه تكمن في أنّ احتمالات النجاح تقترب من الصفر. حيث يمكن للضغط أن يحدث ردّة فعل معاكسة، ويؤدي الى المزيد من الجموح الإسرائيلي وحتى الى وضع سياسي متأزّم.
وبغض النظر عن قدرتنا - التي نشك فيها - بالتلاعب في سياسة أي حليف لنا، يبقى غير واضح تماماً إذا ما كانت أي حكومة جديدة أو قائد إسرائيلي جديد سوف يحدثون أي تغيير إيجابي.
إنّ الاختلال الوظيفي في عمل إسرائيل هو واحد من مشاكل أخرى كثيرة تحول دون حصول مفاوضات حقيقية وسلام مع الفلسطينيين. إذ ثمة فجوات كبرى في الاتفاق تتعلّق بما يجب فعله حيال بعض المسائل الجوهرية، مثل قضية القدس، تحول دون نجاح المفاوضات، بالإضافة الى انقسامات أساسية بين حركتي 'حماس' و'فتح' في الجانب الفلسطيني، ووضع إقليمي يرسم حدوده 'حزب الله'، و'حركة حماس'، وإيران التي لا تخلق جواً مبشّراً باتخاذ قرارات مهمّة.
يجب العمل مع الحكومة الإسرائيلية الحالية ومع الفلسطينيين وليس ضدّهما، وبالنظر الى أي مدى يمكن أن تصل (عبر هذه الإستراتيجية). فإذا ما توصلتم الى عقبة او الى اتفاق، دعوا حينها عامل المد والجزر [أي المتغيرات] في السياسة الإسرائيلية (وكذلك السياسة الفلسطينية) يأخذ مداه، ويقود الدفة.


- صحيفة 'واشنطن تايمز'
إدارة أوباما تتخلى عن تفوقها النووي للروس

اتفاق ضبط الأسلحة النووية الذي وُقّع مع روسيا في براغ، هو نسخة باهتة عن المعاهدات التي عُقدت في عز الحرب الباردة، عندما كانت المكاسب أكبر والمخاطر أعظم.هذه المعاهدة الجديدة أطلق عليها على الصعيد العالمي تقريباً اسم 'START II'، ما يثير التساؤل عمّا إذا كان أي كان في إدارة أوباما أو في الصحافة يعلم بأمر معاهدة 'START II' التي وُقّعت في كانون الثاني 1993، او اتفاق 'START III'، الذي تم التفاوض عليه ولكنّه لم يوقّع إبان إدارة كلينتون، بالإضافة الى اتفاق 'SORT 2002'. وبدون أية مبالغة نقول إنّ الادعاءات الصادرة عن البيت الأبيض بأنّ هذا الاتفاق يمثّل التقدّم الأوّل في موضوع ضبط الأسلحة منذ 20 عاماً، هي ادعاءات غير صحيحة تاريخياً.
الإدارة الأميركية تتمسّك بهدفها 'التاريخي' المتمثّل بالتخفيض من عدد الأسلحة، متجاهلة الجهود الأساسية التي ورثتها من الإدارة السابقة. ففي ظل إدارة الرئيس جورج بوش، سحبت الولايات المتحدة 4000 رأس حربي نووي من العمل، في حين أن الاتفاق الجديد يُلزم البلد على سحب 550 رأسا نوويا. وبذلك يبدو واضحا أن الرئيس بوش كان أقرب الى تطبيق نظرة أوباما الخيالية عن عالم خال من السلاح النووي، من أوباما نفسه.
المعاهدة تبدو غير ذات أهمية بحد ذاتها، ولكن الصعوبة تكمن بالإدارة التي ستقوم بفرض تطبيقها. أوباما لا يرتاح في التعامل مع المسائل النووية، ولعلّ نفوره من مواجهة القضية الأصعب في السلطة القومية، هو السبب الحقيقي لتمنيه التخلّص من الأسلحة النووية.
لقد أخطأت إدارة أوباما في إعلان موقفها النووي الجديد قبل أيام قليلة من توقيع الاتفاقية، بما أنّ ذلك سوف يؤطّر ويشكّل النقاش بشأن إقرار المعاهدة. إذ سيكون لدى أعضاء مجلس الشيوخ مخاوف مشروعة حيال كيفية تطبيق الاتفاقية ضمن إطار العمل النووي الجديد، سيّما وأنّ هذا التحوّل الاستراتيجي يأتي بعد التفاوض على الاتفاقية.
إنّ مسألة الحد من الرؤوس النووية التي تنص عليها المعاهدة تستوجب الانتباه. ذلك أنّ أميركا سوف تخفّض مخزونها من الرؤوس النووية، غير أنّ إدارة أوباما تعهّدت كذلك من جهة واحدة بعدم تحديث القوة النووية الأميركية. وهذا التنازل يفسح المجال أمام احتمال أن تقوم روسيا بنوع من المفاجأة التكنولوجية الاستراتيجية التي قام بها الاتحاد السوفياتي في السبعينات. حيث لم تنص اتفاقية 'SALT I' على الحد من الرؤوس النووية المتعدّدة (MIRV)، جزئياً، لأنّ الولايات المتحدة كانت المتفوقة في هذه التكنولوجيا. غير أنّ الاتحاد السوفياتي فاجأ أميركا، بنجاحه في سرعة كبيرة، بتطوير إمكانيات (MIRV) ضخمة في السبعينات. وخلال خمس سنوات، أصبحت المعاهدة تلك بمثابة مسؤولية قانونية واستراتيجية تكفل تفوّق موسكو النووي.
وفي ظل المعاهدة الجديدة، اتفقت الولايات المتحدة مع روسيا على القيام بالحد من أعداد الرؤوس النووية، ولكن الولايات المتحدة وحدها التزمت بتجميد تطوير تكنولوجيتها... إنها دعوة مفتوحة لروسيا لتقوم بتحديث تقنياتها النووية وصولاً الى السيطرة النووية.
إلى ذلك تجتهد إدارة اوباما في الإشارة الى أنّ معاهدات ضبط الأسلحة تتطلّب موافقة أكثر من 90 سناتورا، وهي بذلك تستشرف مصير اتفاق 'SALT II' في حقبة الرئيس كارتر، التي تعثّرت في مجلس الشيوخ. هذا في حين يجري نقاش حيوي في روسيا حول ما إذا كانت هذه المعاهدة تصب في مصلحة موسكو، وقد يمتنع مجلس الدوما الروسي (البرلمان) عن الموافقة على إقرار المعاهدة بسبب قضية منظومة الصواريخ الدفاعية التي لا تزال عالقة، تماماً كما فعلت في معاهدة 'START II' الأصلية. ولكن في نهاية الأمر، سوف تلقي مسائل أخرى بظلالها على الاتفاقية، وخصوصاً نزعة الدول النووية الصاعدة مثل كوريا الشمالية وإيران لبناء ترساناتها الذرية الخاصة.
طريقة إدارة اوباما المتراخية في التعامل مع التحديات النووية العالمية، ستؤثر على الظروف الاستراتيجية في العقود المقبلة وتحدّدها أكثر من أي مجرّد قصاصة ورق [او اتفاقية]. ففي النهاية، الخطأ ليس في معاهدة 'START' التي وضعناها، ولكن الخطأ يكمن فينا نحن.


- صحيفة 'نيويورك تايمز'
مصلحة أميركا في عالم خالٍ من الأسلحة النووية / جورج بيركوفيتش

قبل عام في براغ، أعلن الرئيس أوباما 'التزام أميركا بالسعي لإحلال السلام والأمن في عالم خالٍ من الأسلحة النووية'. وقد أثارت كلمته ردود أفعال قوية حول العالم، وحظيت بإطراء النخب ووسائل الإعلام التي تحبذ نزع التسلح النووي. لكن آخرين سخروا منها، محذرين من أن عالماً من دون أسلحة نووية سيزعزع استقرار موازين القوى الإقليمية والكونية، وسيرفع من مخاطر حرب تندلع بين القوى الأعظم.
والأهم من ذلك، أن طائفة الدول التي سيكون تعاونها ضرورياً لتنفيذ أجندة براغ، إما معارضة لها، أو أنها لم تفعل سوى القليل للمساعدة في إنجازها. كما أن الرأي العام لم يغذ الخطى لجعل نزع التسلح النووي وعدم انتشاره موضوعاً بارزاً في أي بلد، بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها. والنتيجة، وجود رئيس مستعد لقيادة حملة لإزالة التهديدات الوجودية التي تنطوي عليها الأسلحة النووية، لكن الحملة ما تزال تفتقر إلى عدد كاف من الأتباع لجعلها تؤتي أكلها.
في الحقيقة، لم يدر في خلد السيد أوباما، لا صورة اليسار الكاريكاتيرية هذه ولا صورة اليمين. وكما قال بوضوح في براغ، فإنه من غير الممكن أن تتم إزالة الأسلحة النووية في فترة حياته، وأن الولايات المتحدة ستحتفظ برادع نووي طالما ظلت الدول الأخرى تمتلك أسلحة نووية أو تهدد بحيازتها. إلى ذلك، تنفي نشرة ذا 'نيوكلير بوستشر ريفيو' التي صدرت عن وزارة الدفاع الأميركية يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي بوضوح فكرة إقدام الولايات المتحدة على نزع سلاحها النووي من جانب واحد. وكذلك تفعل موازنة الرئيس المرتفعة من أجل تجديد البنية التحتية المتآكلة لمختبرات الأسلحة النووية ومرافق مناولة المادة النووية الأميركية.
وبدلاً من ذلك، يفترض السيد أوباما حاجة الدول كافة التي تحوز حالياً أسلحة نووية أو تعول على رادع نووي ممتد لاتخاذ خطوات ضرورية لتجنب حاجتها الملموسة لهذه الأسلحة. وتعيد 'ذا بوستشر ريفيو' التأكيد على مصلحة أميركا في عالم خالٍ من الأسلحة النووية، وتخفض بشكل واضح دور الأسلحة النووية في السياسة الأمنية الأميركية. وتدعو إلى إجراء مباحثات رفيعة المستوى مع روسيا والصين بغية ترويج الاستقرار والتعاون الذي يفضي إلى حالات خفض للأسلحة النووية، كما وللتعاون في عملية بناء الأمن الإقليمي. وهذا يشكل في حد ذاته تحدياً متأصلاً متعدد الأطراف. وكما قال السيد أوباما، فإن 'على كافة الدول أن تتفق على بناء نظام كوني أقوى'.إن من الواقعي الاعتقاد بأن القضاء في نهاية المطاف على الترسانات النووية كافة سيسير وفق عملية تطورية مشتركة. وستسهل التحسينات في العلاقات الأمنية بين الدول الرئيسية من إجراءات السيطرة على الأسلحة ونزع السلاح، والتي تقود بالتالي إلى المزيد من التحسينات في العلاقات الأمنية.. وهكذا. إلى ذلك، تساعد اتفاقية 'ستارت' الجديدة في تحسين العلاقات الأميركية-الروسية، لكن الاختلافات في القدرات والشكوك حول النوايا ستجعل من اتخاذ خطوات أخرى أكثر صعوبة. وفي الأثناء، تبدي دول حلف 'الناتو' قلقاً من استئساد روسيا وما يدعى 'الأسلحة النووية التكتيكية'، في الوقت الذي تتمسك فيه روسيا بأسلحتها النووية، ما لم تتم إعادة تعديل الموازين العسكرية التقليدية، وما لم تحصل على ضمانات بخصوص القدرات الصاروخية الدفاعية المستقبلية الأميركية. وكانت الولايات المتحدة والصين قد شرعتا تواً في استكشاف إمكانية أن تكون علاقتهما الإستراتيجية تعاونية على المدى البعيد. وحتى الآن، لم تضع الصين والهند والباكستان تصوراً لأشكال عمليات بناء الثقة والسيطرة على التسلح التي ستكون مطلوبة لوقف عملياتها الخاصة بالبناء النووي وقلب اتجاهها. وفي الشرق الأوسط، ستعتمد رغبة إسرائيل في التحرك قدماً باتجاه نزع السلاح النووي على إحراز سلام دائم مع جيرانها، سوية مع توفر ضمانات قابلة للتحقق منها بأن إيران وغيرها من الدول الإقليمية لن تمتلك أسلحة نووية.
كانت البلدان التي لا تمتلك أسلحة نووية، وبطرق عديدة، هي الجمهور الرئيسي الذي سعى الرئيس أوباما إلى التأثير عليه في كلمته في براغ. وقد نجح في ذلك إلى حد ما. وقد عكست الصحف حول العالم دعماً واسعاً لأطروحته. ورأت لجنة نوبل للسلام نفسها مندفعة لمنحه جائزتها للسلام (التي لم تفد في الحقيقة أجندته النووية، لا في الوطن ولا في موسكو على حد سواء).
لكن قادة البرازيل وجنوب أفريقيا واندونيسيا وماليزيا وغيرها من الدول المؤثرة غير النووية لم تتبن منطق السيد أوباما القائل بأن إحراز تقدم 'خطوة خطوة' في نزع الأسلحة يتطلب مقابلته بتقدم 'خطوة خطوة' على صعيد تقوية نظام عدم الانتشار النووي.
وفي الغضون، تدعم نشرة 'ذا نيوكلير بوستشر ريفيو' التأكيد الأميركي للدول التي لا تمتلك أسلحة نووية على أن الولايات المتحدة لن 'تستخدم أو تهدد باستخدام أسلحة نووية' ضدها. ومن المعقول بالنسبة لهذه الدول أن تصر على وجوب أن تخطو الولايات المتحدة وغيرها من البلدان المسلحة نووياً أكثر باتجاه المزيد من نزع التسلح. ومع ذلك، فإن باستطاعتها أن تشجع هذا الاتجاه من خلال الإعلان عن نيتها القيام بخطوات صلبة بغية تقوية قواعد عدم الانتشار وتنفيذ بنود اتفاقيته في ضوء العيوب التي كشفت عنها شبكة عبدالقدير خان وتصرفات إيران وكوريا الشمالية.
وثمة مناسبتان قريبتان ستشيران إلى ما إذا كان السيد أوباما قد حقق تقدماً مع الدول غير النووية. ففي هذا الأسبوع، يحل الرئيس ضيفا على اجتماع لقادة 40 دولة بهدف تعزيز التعاون لليحلولة دون انتشار الإرهاب النووي. وفي شهر أيار(مايو) ستجتمع الدول الأطراف في معاهدة عدم الانتشار النووي في نيويورك لمراجعة الاتفاقية. وسيطلب من قادة الدول كافة التي تحضر الاجتماع أن يقدموا التزامات بحراسة المادة النووية ومنع تهريب المواد النووية ومكافحة الإرهاب. فهل سيتابعون؟ وهل سيتصرفون بحيث يبنون أنظمة خاصة بالمسؤولية عن المواد النووية وضبطها؟ وهي أنظمة ضرورية ليس فقط للحيلولة دون حدوث إرهاب نووي، وإنما أيضاً للتمكين من التحقق من نزع التسلح النووي؟
يتطلب مؤتمر مراجعة عدم الانتشار المزمع عقده في شهر أيار (مايو) المقبل إجماعاً من حوالي 200 دولة تحضر المؤتمر على وضع قواعد عدم انتشار جديدة، أو ممارسة ضغط من أجل التقيد بالقواعد الحالية. ومن الناحية العملياتية، فإن هذا يجعل المؤتمر بمثابة باروميتر لقياس الأمزجة والاتجاهات.
فهل سيمنح الإجماع دعماً مستديماً قوياً لنظام عدم الانتشار النووي، أم أنه سيولد إحساساً بالحصار وتبادل الاتهامات؟ وهل ستدعم الدول غير النووية تبنياً عالمياً لبروتوكولات تفتيش أقوى من جانب وكالة الطاقة النووية الدولية، والذي سيكون ضرورياً لبناء الثقة لدى كل الأطراف في أنه لن يتم نشر الأسلحة في وقت تنتشر فيه تقنيات الطاقة النووية في أسواق جديدة؟
قولاً وفعلاً، يظهر السيد أوباما أنه يحب الدفع، على نحو أكثر قوة، باتجاه خفض المخاطر النووية، الأمر الذي يدرك أنه لا يمكن إنجازه من خلال تبني معايير مزدوجة واتفاقيات تفيد الولايات المتحدة وحسب. ومن دون قوى متابعة مصممة لتوسيع الهجوم المضاد الذي بدأه، فإنه يجازف بفشل مشروعه وبالعزلة. أما السؤال الأكثر أهمية فهو ما إذا كان أولئك الذين يدعمون أجندة الرئيس سيصبحون أكثر نشاطاً، أم أنهم سيديرون ظهرهم في حالة من النكوص السلبي.


- صحيفة 'معاريف'
السلام هو مصلحة اسرائيل / زبغينيو بريجينسكي وستيفان سولراز

قبل أكثر من 30 سنة صرح موشيه دايان بانه يفضل شرم الشيخ بدون سلام على السلام بدون شرم الشيخ. لو انتصر رأيه، لكانت اسرائيل ومصر لا تزالان في حالة حرب. اليوم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في تصريحاته عن عاصمة اسرائيل الخالدة وغير المقسمة، يطرح الصيغة الحديثة لمعتقد دايان - في أنه يفضل القدس الكاملة دون سلام، على السلام دون القدس الكاملة.
هذا مؤسف، كون مصلحة كل الاطراف هي اتفاق سلام شامل. هذه مصلحة قومية للولايات المتحدة، لأن الاحتلال في الضفة الغربية وعزلة قطاع غزة يشددان عداء المسلمين لها، ويجعلان من الصعب على ادارة اوباما تحقيق الاهداف الدبلوماسية والعسكرية في المنطقة. كما ان السلام هو مصلحة اسرائيل. وزير الدفاع ايهود باراك قال مؤخرا ان انعدام وجود حل الدولتين هو التهديد الاكبر على مستقبل اسرائيل، اكبر حتى من القنبلة الايرانية. والاتفاق هو ايضا مصلحة الفلسطينيين، الذين يستحقون العيش بسلام وكرامة وهو الذي سينشأ عن تحولهم الى دولة.
ولكن هنا لا يكفي كشف عادي آخر لخطة سلام أمريكية اخرى تجري دراستها هذه الايام، حسب التقارير. فقط خطوة دراماتيكية بحجوم تاريخية يمكنها أن تخلق الزخم السياسي والنفسي للاختراق. رحلة أنور السادات الى القدس قبل ثلاثين سنة فعلت ذلك، وشقت الطريق لاتفاق كامب ديفيد بين اسرائيل ومصر.
على نحو مشابه، على اوباما أن يصل الى الكنيست في اسرائيل والى البرلمان الفلسطيني في رام الله وان يدعو الطرفين الى التفاوض على اتفاق دائم وعليه ان يفعل ذلك بمرافقة زعماء عرب واعضاء الرباعية. خطاب اوباما في البلدة القديمة في القدس، الخطاب الذي يوجه الى كل الشعوب في المنطقة يمكنه أن يكون حدثا ذروة في حملة السلام هذه.
أولا، حل مشكلة اللاجئين متداخلا مع التعويض واعادة التوطين في الدولة الفلسطينية ولكن ليس في اسرائيل. هذا هو القرص المرير للفلسطينيين، ولكن لا يمكن ان نتوقع من اسرائيل الانتحار سياسيا من أجل السلام. ثانيا، تقسيم حقيقي للقدس كعاصمة لكل واحدة من الدولتين، مع ترتيبات دولية في البلدة القديمة. هذا هو القرص المرير للاسرائيليين، لان معناه هو القبول بأن الاحياء العربية في شرقي القدس ستكون جزءا من عاصمة فلسطين. ثالثا، تسوية اقليمية تقوم على أساس حدود 67، مع تعديلات حدودية متبادلة ومتساوية، وذلك للسماح بضم الكتلتين الاستيطانيتين الكبريين الى اسرائيل. ورابعا، دولة فلسطينية مجردة من السلاح مع قوات امريكية أو قوات ناتو على طول نهر الاردن، لضمان أمن اسرائيل.
معظم هذه البنود تبنتها الرباعية وخطة السلام العربية من العام 2002، والعناصر الاساسية فيها تبناها رئيسا الوزراء السابقان، باراك وأولمرت. والادارة ملزمة بأن توضح للطرفين بأن رد العرض من جانبهما او من جانب واحد منهما سيدفع الولايات المتحدة الى طلب المعونة من مجلس الامن في الامم المتحدة، وهكذا ينشأ ضغط عالمي على الجانب الرافض.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد