- صحيفة 'واشنطن تايمز' الجيش الأميركي يلغي تمرينا نوويا
ذكرت صحيفة 'واشنطن تايمز'، الأربعاء، أن جيش الولايات المتحدة ألغى تمرينا كان مخططا الشهر الجاري، لاختبار قدرته على الرد ومدى نجاح التنسيق بين الجيش ووزارة الأمن الداخلي إذا تعرضت البلاد لهجمات نووية أو كوارث طبيعية.
ومضت الصحيفة إلى أنه تم إلغاء التمرين إثر رفض السلطات في لاس فيغاس إجراءه على أراضيها خشية تداعياته السلبية على بيئة الأعمال المتعثرة في المدينة.
وقال مسؤول حكومي إن الجيش لم يتمكن من إيجاد بقعة أخرى في البلاد يجري فيها تمرينه المخطط له لمواجهة احتمالات تعرض البلاد لهجمات 'إرهابية' نووية.
وأضافت الصحيفة أن من شأن التمرين تمكين كل من وزارة الدفاع الأميركية والمؤسسات والدوائر الأميركية الأخرى من مراجعة مخططاتها والتركيز على التدريب على كيفية سد الثغرات المحتملة.
من جهتها، بررت وزارة الدفاع إلغاء التمرين لعدم تمكنها من إيجاد ولاية أو منطقة أخرى مناسبة في الوقت الحالي.
ويعد التمرين العسكري الذي تم البدء بممارسته في أعقاب أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 الأكبر من نوعه في البلاد، والذي يدمج بين نشاطات للجيش ووزارة الأمن الداخلي والحكومات المحلية لاختبار قدراتها ومدى استجابتها لمواجهة حالات الطوارئ.
وكان مخططا أن يختبر التمرين الميداني في لاس فيغاس كيفية مواجهة 'إرهابيين' يشنون هجمات باستخدام قنابل 'نووية' بدائية تمكنوا من تجميعها وتصنيعها عبر تهريب يورانيوم مخصب بدرجة مناسبة لصناعة القنابل النووية.
- صحيفة 'اسرائيل اليوم'
الهدوء بعد العاصفة أم قبلها؟ / العدو هو الاسلام المتطرف الذي يحاول هدم السلام والقضاء على اسرائيل وازالة الوجود الامريكي من الشرق الاوسط/ شلومو تسزنا
كانت السياسة الامريكية في اثناء السنة الماضية في شأن التفاوض متعوجة. لقد تم الاتفاق في البدء على بدء التفاوض بلا تجميد في القدس، بعد ذلك عاودوا في واشنطن طلب تجميد البناء في القدس ايضا في الاحياء اليهودية التي أنشئت بعد 1967.
نشرت صحيفة 'وول ستريت جورنال' أمس نبأ فحواه ان نتنياهو نقل للامريكيين جوابا لا لبس فيه يقول انه لا تنازلات في القدس. قالت الصحيفة الامريكية ان نتنياهو مستعد لأن يخطو خطوات مختلفة ايجابية تجاه الفلسطينيين، في ضمنها توسيع مجال سلطة الشرطة الفلسطينية. لكن نتنياهو بين أنه لا يوجد ما يتحدث عنه في شأن القدس.
نشر هذا الشهر على لسان محللين امريكيين ان الادارة الامريكية تخطط لعرض خطة سلام وان تلقيها على الطاولة في الخريف القريب. وفي الخريف ايضا سيزول سريان فعل تجميد البناء في يهودا والسامرة. بينوا في القدس انه لا احتمال لتسوية مفروضة وتبنوا في البيت الابيض سريعا جدا النهج الامريكي التقليدي، بأن لا يفرضوا اتفاقات في الشرق الاوسط، وبين رام عمانويل رئيس الفريق في البيت الابيض هذا الاسبوع قائلا 'لا نستطيع ان نريد تفاوضا اكثر من الطرفين نفسيهما'.
وفيما يتعلق بايران، لا توجد للادارة ايضا خطة عمل في مواجهة المشروع الذري الايراني ويعتمد الكلام هنا على تقارير نشرت هذا الاسبوع. تأخرت العقوبات في مجلس الأمن عن الاتيان ويبدو أنها لن تكون ضربة مشلة كما يطلبون في اسرائيل. واذا لم يكن هذا كافيا، فان نائبة وزير الدفاع الامريكي في شؤون السياسة، ميشيل فلورنوي، بينت هذه الاسبوع أن هجوما أمريكيا غير موجود الان في جدول العمل.
وفي شأن القدس يقول نتنياهو إن المطالب الامريكية مبالغ فيها. وترد جهات أمريكية أن اوباما لم يبالغ في المطالب من اسرائيل وأنها تعبر عن النظرة الى اسرائيل التي تبنى في امريكا منذ زمن بعيد. وقال ان اوباما هو الزعيم الشجاع الذي أتى ووضع الأمور على الطاولة، في قصد الى انهاء النزاع وادخال نتنياهو كتب التاريخ.
تذكر البروفيسور شلومو سلونيم، من قسم الدراسات الامريكية في الجامعة العبرية في القدس، هذا الاسبوع الرسائل التي ضمها بيغن والسادات وكارتر الى اتفاقات كامب ديفيد، عندما طلب الى كل واحد من الزعماء تحديد موقفه من قضية القدس. اقتبس بيغن القانون الاسرائيلي الذي يقول إن القدس في مساحتها البلدية الموحدة هي عاصمة اسرائيل 'أراد اوباما الان تغيير الوضع. كان واضحا آنذاك أن هذا موضوع لا يتحرك ولهذا اكتفوا بالرسائل'. ويبينون الآن أيضا في القدس ان نتنياهو سيصر على رأيه.
رسميا لا أحد في الادارة الامريكية او في حكومة اسرائيل يتحدث عن أزمة في العلاقات. استعمل نتنياهو في مقابلة صحافية مع شبكة اي بي سي هذا الاسبوع مصطلحا اختاره اوباما قبل نحو من شهر، ليصف العلاقات بين الدولتين وهو ان العلاقات 'صلبة كالصخر'.
ان التصريحات المعلنة في الاسابيع الاخيرة عن كبار مسؤولي البيت الابيض، من ديفيد اكسلرود الى رام عمانويل، وفي برامج التلفاز لتشارلي روز، 'عن أن العلاقات بين نتنياهو وأوباما جيدة جدا'، هي الأصوات الوحيدة التي تسمع علنا. 'الحديث عن شخصين يتحملان مسؤولية عن بلديهما'، أضاف عمانويل. 'العلاقة باسرائيل صلبة ونظام العلاقات صلب حقيقي. لا أعتقد أنه يوجد زعيم آخر في العالم جالس أوباما زمنا أطول مما فعل نتنياهو في لقاءين خاصين. أحدهما لمدة ساعتين والآخر لمدة ساعة وربع الساعة'.
بيد أن هذا الكلام يختلف تماما عما يقول المحللون الذين توجههم الادارة. كان أبرزهم هذا الاسبوع مارتن انديك الذي كان في الماضي سفير الولايات المتحدة في اسرائيل. 'اذا كانت اسرائيل قوة عظمى لا تحتاج الى المساعدة الامريكية فلتتخذ اذن قراراتها وحدها. لكن اذا كانت اسرائيل محتاجة للمساعدة الامريكية فعليها أن تأخذ في حسابها المصالح الأمريكية. يجب على نتنياهو أن يتخذ قرارا هل ينوي مواجهة شركائه في الائتلاف أم مواجهة الرئيس الامريكي أوباما؟'.
ليس انديك مجرد محلل. فهو مستشار للمبعوث الامريكي الى الشرق الاوسط جورج ميتشل. كتب اندك في مقالة نشرها هذا الاسبوع في صحيفة 'نيويورك تايمز' أن نتنياهو لم يحضر القمة الذرية للتهرب من الجواب في موضوع تجميد البناء في القدس. يوجد في القدس من يعتقد أن كلام انديك رد على التأييد الذي يحظى به نتنياهو من لجنة الرؤساء في الولايات المتحدة ومن جماعة الضغط الموالية لاسرائيل الايباك، اللتين تدفعان عن اسرائيل ضغوطا امريكية في شأن القدس.
انضم الى النشاط هذا الاسبوع ايضا رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، رون لاودر، والفائز بجائزة نوبل الأديب ايلي فيزل. دعوا الى وقف الضغط على اسرائيل في شأن القدس، والتوجه الى القضية في مرحلة متأخرة من التفاوض. في رسالة معلنة من لاودر الى رئيس الولايات المتحدة ذكر أن يهود العالم قلقون للعلاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل.
على العموم، يبدو شيء ما من السلوك على محور القدس ـ واشنطن سيئا جدا. الى الان، في اللقاءات بين الزعيمين لم تسجل لغة دبلوماسية مناسبة لاصدقاء، بل لزعماء من النوع الذي يخاف الظهور الى جنبه. بعد ذلك فقط، في التصريحات الرسمية، من أوباما ومن نتنياهو أيضا أعلنا أن العلاقات جيدة.
بيد ان الخلاصة تدور بين اللقاءات والأدب الدبلوماسي وأقوال الزعماء. العمل بين المكتبين هو بين الممثلين والموظفين في مستويات مختلفة. وهذا هو الذي يجعلهم يغضبون عندما ينظرون في مكتب رئيس الحكومة في تقارير وسائل الاعلام التي تتحدث عن أزمة. انهم يبينون ان الصورة الكاملة تختلف تماما وهي تشتمل على تعاون تام بجميع المجالات وفي الجانب الاستخباري والأمني بطبيعة الأمر.
يعترفون في وزارة الدفاع، بهدوء بأن محاولات اسرائيل والولايات المتحدة لبيان أن العلاقات جيدة، ضرورية أيضا كي لا ينبه أعداء مشتركون قد يغريهم اعتقاد أن النزاع بين الأصدقاء هو زمن مناسب لضرب اسرائيل من الخلف. وبحسب ما ترى تلك العناصر، هذا الذي جعل مستشار الأمن القومي للولايات المتحدة جيمس جونز يقول في الاسبوع الماضي ان 'العلاقات بين واشنطن والقدس جيدة'.
أضاف جونز أمس الأول تصريحا آخر قال ان الولايات المتحدة ما زالت تلتزم بأمن اسرائيل وأن الذين ينكرون شرعية اسرائيل يجب أن يدركوا أنها 'لن تختفي'.
في وثيقة عن معهد 'ريئوت' يذكر المؤلفون أنه لا يوجد اليوم من يعترض على أن العلاقات الخاصة بين اسرائيل والولايات المتحدة أصبحت عنصرا مركزيا في التصور الأمني القومي الاسرائيلي. تشتمل العلاقات الخاصة في المجال الأمني على حسب تلك الوثيقة على عدد من الخصائص: الحفاظ على تميز اسرائيل النوعي ويشتمل على صفقات سلاح وبيع جارات اسرائيل سلاحا مراقبا، ومساعدة في أوقات الطوارىء، وتنسيق وتعاون استراتيجيين: التنسيق سلفا لاجراءات عسكرية اسرائيلية، وتدريبات عسكرية ومجموعات عمل مشتركة، وتنسيق السياسة الذرية الاسرائيلية، والتطوير المشترك لاسلحة والتعاون الاستخباري على محاربة ارهاب الاعداء المشتركين. لا داعي للقلق على العموم. بيد انهم في القدس قلقون من أحداث قد تشهد على النهج الذي تسير فيه ادارة اوباما ولا سيما اذا قيست بالادارة السابقة. برزت الأمور هذا الاسبوع في الرد الامريكي على تقدير اسرائيل أن سورية نقلت صواريخ سكاد الى حزب الله.
سمع قبل ذلك توجه أمريكي بيّن أن جنودا أمريكيين أصيبوا بسبب سياسة اسرائيل في المناطق. هذا التوجه الذي اقتبس في الماضي عن الجنرال ديفيد باتريوس، 'قائد منطقة المركز' للامريكيين، وأنكر على الفور، سبب هيجان النفوس في اسرائيل. هنا المشكلة، لكن الحل هنا أيضا بالضبط، يقولون في القدس. العدو واضح هو الاسلام المتطرف الذي يحاول هدم السلام ويريد القضاء على اسرائيل والذي يوجه نشاطه الى ازالة الوجود الامريكي من الشرق الاوسط.
- صحيفة 'لوموند'
وجه نتنياهو المتجهم / الآن فراشون
لم تكن إذاً سوى تمريرةٍ سيّئة. فالقدس وواشنطن تتبادلان منذ بضعة أيّام كلماتٍ معسولة ومهدّئة. يكاد الكلّ يؤكّد أنّ العلاقة الإسرائيليّة الأميركيّة ما زالت على حالها: تملك من القوّة ما يسمح لها بتخطّي بعض العواصف.
كانت الولايات المتّحدة قد عرضت لتوّها على الملأ خلافاً كبيراً لها مع إسرائيل. هي تعترض على مشروع حكومة بنيامين نتنياهو في بناء سلسلة من المجمعات السكنيّة في الجزء العربي من القدس، وتطالب بتأجيله مدّة 4 أشهر حتى تتيح استعادة المحادثات الإسرائيليّة الفلسطينيّة.
وتّرت هذه المسألة الأجواء أثناء زيارة نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن لإسرائيل أوائل مارس الماضي، وأفسدت على &laqascii117o;بيبي" نتنياهو إقامته في واشنطن أواخر الشهر ذاته. أمّا اليوم، فتوتّرٌ حقيقي في الأجواء لكن لا شيء حاسما. والخلاف لم يتمكّن من هدم علاقةٍ متينة استطاعت أن تواجه صراعاتٍ عدّة.
نستطيع أن نقرأ هذا الخلاف بطريقةٍ مختلفة، وأن نقول انّه على العكس، ليس عابراً إطلاقاً. بل هو مفصلٌ حاسم للبلدين، وقد يتحوّل الى صراعٍ سياسي من الدرجة الأولى. فهو يضع وجهاً لوجه رجلين لا يجمع بينهما شيء، وسياستين يصعب التوفيق بينهما. باراك أوباما يريد التهدئة مع العالمين العربي الإسلامي وذلك لا يمرّ الا عبر التطور في المحادثات الإسرائيليّة الفلسطينيّة وإيقاف بناء المستوطنات. زعيم اللّيكود من جهته، مهما كان عملياً، فهو يدير حكومة من اليمين تريد الاستمرار في الاستيطان، وسينفجر عند أوّل تطوّرٍ ممكن في محادثاته مع الفلسطينيّين.
عودةٌ صغيرة الى التاريخ. شأنه شأن قطاع غزّة والضفة الغربية، تمّ احتلال الجزء الشرقي من القدس في العام 1967 خلال الحرب الإسرائيليّة العربيّة. لكن في حين تركت إسرائيل وضع القطاع والضفة من دون تحديد، قامت مباشرةً بإلحاق القدس الشرقيّة بأراضيها. لم تعترف الولايات المتّحدة يوماً بهذا الاستيلاء، كما اعترضت دوماً على عمليّات البناء الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينيّة: وهي سياسة الأمر الواقع التي تضيّق إمكانيّات إيجاد حلٍّ جدي.
إسرائيل تريد أن تكون القدس الموحّدة عاصمتها، بينما يطالب الفلسطينيّون بجعل القدس الشرقيّة عاصمةً لهم. لكنّ الاعتراضات الأميركيّة لم تتخطَّ حتى اليوم عتبة الكلام والإثبات على ذلك واضح، حيث انّه بعد 40 سنة من العام 1967، يوجد ما يقارب 300 ألف إسرائيلي يعيشون في الضفّة الغربيّة، و200 ألف في الجزء الشرقي من القدس. لقد تركت الولايات المتّحدة لإسرائيل الحريّة المطلقة. يعود ذلك لسببٍ أساسي: ففي الشراكة التي تربطها بإسرائيل، بقي الخلاف على الأراضي هامشياً.
حيث انّ التحالف الذي أبرمه البلدان ضمنياً أواخر العام 1960 كان قبل كلّ شيء تحالفاً استراتيجياً: خلال الحرب الباردة، كانت اسرائيل تشكّل للولايات المتّحدة محطّة دعمٍ لا تثمّن في الشرق الأوسط. فطالما كانت مصر والعراق وسوريا في معسكر موسكو وحافظت على موقعها المحارب ضدّ اسرائيل. أخذت العلاقات بين الأميركيّين والإسرائيليّين تتوطّد مع مرور السنوات، من الناحية السياسية والعسكرية والثقافية. وما ان طويت صفحة الحرب الباردة، شكّلت الحرب على الحركة الإسلاميّة محرّكاً جديداً.
غير أنّ الأجواء الاستراتيجيّة تتبدّل، وتكاد توّلد اصطداماً بين سياستي أوباما ونتنياهو. حيث ان أوباما يملك صورةً شاملة عن الشرق الأوسط، ويريد تشكيل حلفٍ عربي يعرقل الطموحات النوويّة لإيران. &laqascii117o;امبرياليّة" طهران تخيف معظم الزعماء العرب وسيتعلّقون أكثر وأكثر بالولايات المتّحدة اذا ما استطاعت أن تحدث تقدّماً في تحقيق مطالب الفلسطينيين، وخصوصاً تلك المتعلّقة بوقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية، ووقف سياسة الأمر الواقع في القدس الشرقيّة.
الولايات المتّحدة ملتزمة بقضايا العالمين العربي الإسلامي، بحسب ما قاله الجنرال ديفيد بتراوس في 17 مارس. هو قائد القيادة الوسطى الأميركيّة والمسؤول عن أفغانستان والعراق ولم يتوانَ في التعبير عن قلقه للجنة القوّات المسلّحة في مجلس الشيوخ معتبراً أنّ الولايات المتّحدة في هذا النطاق تُشبّه بإسرائيل، وتتأثّر سلباً بتصرّفات حليفتها، أكان الأمر في محلّه أو في غير محلّه. الرسالة موجّهة ل&laqascii117o;بيبي" نتنياهو: مشاريعكم في القدس تخصّ أيضاً جنودنا المتواجدين على الأرض...
نادراً ما تمّ تناول خلافٍ واضحٍ في المصالح الاستراتيجيّة بين الحليفين بهذه العلنيّة على طاولة النقاش في واشنطن. يطمئن الإسرائيليّون أنفسهم في القدس متحدّثين عن وجهٍ آخر للعلاقة الإسرائيليّة الأميركيّة. هي ليست استراتيجيّة فقط، بل أبعد من ذلك، عاطفيّة. الأميركيّون يحبّون إسرائيل. هم أكثر من الأوروبيّين، يظهرون تعاطفاً طبيعياً مع ما تمثّله إسرائيل ولا حاجة لاستخدام لوبي يهودي أو آخر حتى يتمّ ذلك، لأنّ الأمر أكثر تعقيداً وعمقاً. يجدر البحث في خبايا روح هاتين الدولتين.
- صحيفة 'الغارديان'
إعلانات دعائية 'ضميرك... اختيارك' / راشيل شابي
يبدو الأمر وأن السلطة الفلسطينية، التي ضاقت ذرعاً من نعتها بأنها تابعة لإسرائيل، تحاول إعادة تجديد نفسها وعرضها من جديد بوصفها سلطة الشعب. فقد رفعت السلطة الفلسطينية من وتيرة دعمها لبعض نماذج 'المقاومة الشعبية'، حيث خرجت أعداد متزايدة من المسؤولين للمشاركة في مظاهرات في مناسبات مختلفة، مثل الاحتجاجات الأسبوعية ضد جدار الفصل العنصري في قريتي بلعين ونعلين في الضفة الغربية المحتلة. وبطبيعة الحال، كان مسؤولو حركة فتح قد درجوا على حضور التجمعات الأسبوعية في قرية بلعين منذ عدة سنوات -لكن السلطة، كهيئة، تبدو وأنها قد شرعت بمحاولة جعل التزامها أعلى صوتاً وظهوراً.
إلى ذلك، ظهر سلام فياض رئيس حكومة الضفة الغربية التي تسيطر عليها فتح في قرية قراوة بني زيد القريبة من قلقيلية في المظاهرات التي نظمت في القرية بمناسبة يوم الأرض في 30 من شهر آذار (مارس) الماضي، وقد التقطت له صور مشهودة وهو يعمل وراء محراث يجره حصان، والتي كان القصد منها هو إيصال رسالة من منطقة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية وفق أحكام اتفاقيات أوسلو. كما كان السيد فياض واحداً من المتحدثين في بلعين في المؤتمر السنوي الخامس لانطلاق المقاومة الشعبية مؤخراً.
في غضون ذلك، شنت السلطة الفلسطينية حملة لمقاطعة السلع المنتجة في المستوطنات - وتقول إعلانات دعائية 'ضميرك... اختيارك'. ويقدر وزير الاقتصاد الفلسطيني كلفة تلك المنتجات بما بين 200 مليون دولار و 500 مليون دولار (130 - 325 مليون جنيه استرليني) في شكل مبيعات تتم في الضفة الغربية. وكانت السلطة الفلسطينية قد صاغت مسودات قوانين تحظر التوظيف الفلسطيني في تلك المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية .
ولكن، هل باستطاعة هذه الإجراءات الأخيرة أن تكسب السلطة الفلسطينية صعوداً في الدعم الشعبي؟ يطري العديدون على حملات السلطة الفلسطينية هذه، ويصفونها بالإيجابية وبأنها خطوات ضرورية، كما أن منظمي حملة العمل المباشر السلمية الذين تحدثت معهم رحبوا بهذه الخطوات.
لكن هناك قلقاً في الوقت ذاته من أن هذه الخطوات لا تعدو كونها تكتيكاً وحسب، وليست استراتيجية، وهو تكتيك من المرجح أن يظل متبعاً طالما ظلت المفاوضات مع إسرائيل تمر في حالة جمود.
ويقول أحمد العزة، وهو أحد المشاركين في الحملة من مدينة بيت لحم في الضفة الغربية: 'بالنسبة لنا، فإن العمل المباشر الذي لا يقوم على العنف يعتبر طريقة حياة، وهو ليس اتجاهاً تستطيع السلطة الفلسطينية دعمه الآن، ثم تعمد إلى ممارسة الضغط علينا لتغييره لاحقاً عندما يقنعهم الأميركيون باستئناف المفاوضات'.
بالإضافة إلى ذلك، تبدو شهية السلطة الفلسطينية فيما يتعلق بالاحتجاجات انتقائية. فقد كانت قوات السلطة الفلسطينية على سبيل المثال، هي التي ساعدت مؤخراً في تفريق المظاهرات التي نظمت في بيت لحم. كما أن لدى السلطة الفلسطينية أفكارا محددة حول أنواع الاحتجاج الصحيح -حيث لا يجب أن يكون هذا الاحتجاج شيئاً يمكن أن يفسر على أنه دعم لحماس مثلاً، وهو ما يفسر السبب في أن قوات السلطة الفلسطينية قمعت مظاهرات العام الماضي ضد الهجوم الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة.
لكنها حتى هذه القائمة الموصوفة من المظاهرات التي تستحق الدعم تعد شيئا كثيرا ومفرطاً بالنسبة لإسرائيل، التي كانت قد طلبت أصلا من السلطة الفلسطينية سحب الدعم للاحتجاج الشعبي وأعربت عن قلقها مما أسمته 'انتفاضة فياض'.
وفي الأثناء، تتسم الحملة التي تحظر منتجات الاستيطان بأنها تحظى بالشعبية، لكن البعض يتساءلون: 'لماذا نتوقف هنا؟ إنه يتوجب علينا مقاطعة كافة السلع الإسرائيلية تماما مثلما يقاطعون هم منتجاتنا من خلال عدم السماح لها حتى بالوصول إلى القدس الفلسطينية'، كما يقول جمال جمعة، منسق حملة 'أوقفوا بناء الجدار'.
تلتزم السلطات الإسرائيلية والفلسطينية، وفق اتفاقيات اوسلو، بضمان المرور الحر للتجارة. أما من الناحية العملية، فإن ذلك الالتزام هو نظام يطبق لصالح طرف واحد؛ إذ تغمر السلع الإسرائيلية السوق الفلسطينية، بينما تقوم نقاط التفتيش والإغلاقات الإسرائيلية وغير ذلك، بإعاقة ومنع تدفق الصادرات الفلسطينية.
مرة تلو الأخرى، قال الفلسطينيون إن أقصى ما يريدونه من السلطة الفلسطينية هو تشكيل حكومة وحدة مع حماس. وهم يحثون السلطة الفلسطينية على عدم الالتزام بالاتفاقيات السابقة مع إسرائيل؛ لأنها لم تخلق أي إحساس بالحرية لدى الفلسطينيين، كما أنهم يتساءلون تكرارا لماذا يتوجب على السلطة الفلسطينية أن تتقيد بمطالب إسرائيل الأمنية في وقت يقوم فيه الجيش الإسرائيلي بانتهاك منطقة نفوذ السلطة الفلسطينية، ويقوم بشن غارات على الضفة الغربية ويطوق ويحاصر الفلسطينيين.
يقول أحد المشاركين في الحملة: 'إن الشعب لا يريد الغذاء والازدهار الاقتصادي وحسب -انه يريد الأمن- والتهديد الرئيسي هو ذلك الذي تشكله إسرائيل نفسها'.
لكن السلطة الفلسطينية تستمر في قبول القيود التي تكبلها وتجعلها غير قادرة، أو غير راغبة في التحرر منها. ويجوز أن يكون ذلك هو أحد الأسباب في وجود ذلك الرسم التعبيري في نابلس، والذي يحث على مقاومة 'الحكومة الزائفة التي فرضتها أميركا'.
عبر اختيارها أن تكون الحكومة المفضلة للجنة الرباعية الخاصة بالشرق الأوسط وإسرائيل، ومن خلال التقيد بكل ما يصاحب ذلك القبول من المطالب، وعبر تصغير تلك المطالب وعدم تمكينها، تجد السلطة الفلسطينية نفسها وأنها تدفع إلى الزاوية، وهي تحتاج للخروج من ذلك إلى أكثر من مجرد تحولات تكتيكية صغيرة الشأن إن هي أرادت تنقية صورتها الملوثة.