- وكالة 'نوفوستي'سورية كانت وستظل حليفاً استراتيجياً لروسيا
قال ميخائيل مارغيلوف رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الفيدرالي الروسي إن زيارة الرئيس دميتري ميدفيدف إلى دمشق خطوة جدية للغاية، وإشارة واضحة للجميع بأن سورية كانت وستظل حليفا استراتيجيا لروسيا.
وأكد مارغيلوف في حديث خاص لـ 'تشرين' أن زيارة الرئيس الروسي تحمل بالنسبة له كمستشرق معان عاطفية وودية، وهي بلاشك زيارة تاريخية:' كما رأينا الوفد الروسي ضم أكثر من ثلاثين شخصية وممثلي كبريات الشركات الروسية ، ورؤساء إدارات المؤسسات والأجهزة الفيدرالية المختلفة، إضافة إلى نواب من البرلمان، مايعني أن جميع ممثلي السلطة الروسية قد أتوا إلى سورية. مثل هذا الوفد الروسي الكبير والرفيع لم يزور دمشق على الإطلاق، وبرأيي هذه خطوة جدية للغاية، وهي إشارة واضحة للجميع في منطقة الشرق الأوسط وعلى النطاق الإقليمي والدولي بأن سورية كانت وستظل شريكا استراتيجيا لروسيا، وهي مسألة مفروغ منها بغض النظر عن الكيفية التي سيتغير بموجبها التاريخ والأزمنة والأنظمة الاقتصادية والسياسية. الشيء الواضح بالنسبة لنا أن العلاقة مع سورية هي علاقة أساسية، وأعتقد أن الرئيس ميدفيديف أشار إلى هذه النقطة بلسانه وبتحركاته وبحجم الوفد الذي اصطحبه معه'.
وحول نظرته إلى آفاق التسوية في الشرق الأوسط أكد مارغليوف أن الأمر يتعلق اولا وأخيرا بالفلسطينيين أنفسهم وقال: 'إذا تمكن إخوتنا الفلسطينون من الاتفاق في نهاية المطاف وترتيب بيتهم ، ووقفوا جبهة واحدة، عندها يمكن القول بأن هناك فعلا وحدة فلسطينية.، وعندها يمكننا أن نساعدهم بفعالية أكبر، وبعدها يمكن الحديث عن أشياء واقعية'، مشيرا إلا أن الجانب الاسرائيلي في معادلة التسوية هو جانب متبدل متحول:'كما تعلمون الموقف الإسرائيلي يتغير بشكل أو بآخر، وهو يتحدد بأسباب لها علاقة بالوضع الداخلي، لهذا أحيانا، بل ودائما، يمكن القول بأن المشكلة الشرق أوسطية والعلاقة مع الفلسطينيين هي بالنسبة للاسرائليين مسألة لها علاقة بالوضع الداخلي في المقام الأول، لهاذ أعتقد ان التأثير بشكل فعال على موقف هذا الحزب الاسرائيلي أوذاك ، وهذا الجناح أو ذاك في القيادة السياسية لاسرائيل لايمكن إلا عندما نرى ان الفلسطينيين موحدون في موقفهم'.
وتعليقا على دعوة الرئيس ميدفيديف للأميركيين خلال مؤتمره الصحفي أمس للعب دور أكثر فاعلية في مسألة التسوية قال مارغيلوف:' أنا متفق مع هذا الرأي. الأميركيون مع الأسف يتحركون في المنطقة وفق مشاريع معينة، على سبيل المثال كان ولازال لديهم مشروع لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط، لكنهم لم يفكروا أبدا بأنه يجب التفكير بالتحديث أولا ومن ثم بالديمقراطية ، بل إنهم لايعطونك تعريفا للديمقراطية، ولايعيرون بالا للتقاليد الديمقراطية المعمول بها هنا في المنطقة. إذا لديهم موديل أو قالب معين يريدون جلبه. مع الأسف الكبير شركاؤنا الأميركيون أحيانا ينظرون خطوة واحدة فقط إلى الأمام ، لكنهم أبدا لم ينظروا خطوتين إلى الأمام ، لذا عليهم ان يفكروا بشكل اكثر استراتيجية'.
وعن الدور الروسي في المنطقة خلال السنوات الأخيرة أوضح مارغيلوف أن بلاده ساعدت على إجراء انتخابات ديمقراطية في لبنان، وبالتالي مهدت السبيل لعودة العلاقة الطبيعة مابين الأخيرة وسورية وقال:' لقد ساعدت روسيا جدا في إجراء الانتخابات في لبنان، وقد كانت لدينا الرغبة بان تجري تلك الانتخابات بشكل ديمقراطي، واعتقد ان نظرتنا لم تكن خاطئة، فالقيادة اللبنانية الحالية تعمل حاليا على تطبيع العلاقة مع دمشق، واعتقد أن هذا أمر مهم جدا. ونحن الآن ندعو إلى أسلوب برغماتي في التعامل، وماأثلج الصدر هو ظهور سفارة للبنان في دمشق وسفارة لسورية في بيروت.، لقد عملنا ماعلينا ، بعد ذلك ابنوا علاقاتكم مع بعضكم كما تشاؤون ونحن بدورنا سندعم جهودكم المشتركة'. وأشار مارغيلوف إلى أن روسيا لاتريد أن تكون دولة إمبريالية، لا في منطقة الشرق الأوسط، ولا في غيرها من المناطق :' نحن نعود إلى الشرق الأوسط وآسيا وأفريقا وأميركا اللاتينية، لكننا نعود فقط كدولة قوية اقتصاديا، كدولة لاتمتلك ماض استعماري، كدولة لم تهن أبدا شعوب هذه المناطق. نحن لم نكذب على احد أبدا ، لا على العرب ولا على الايرانيين ولا على الأتراك ، كان لدينا على الدوام موقف واضح ، وسنحافظ على وضوح موقفنا.
- صحيفة 'يديعوت أحرونوت'
كمين نووي لاسرائيل / كتب رونين بيرغمن
في ذروة مؤتمر ميونيخ للامن قبل اربع سنوات، حاول بعض المندوبين العرب ان يطرحوا على البحث مسألة النووي الاسرائيلي. وزير الدفاع في حينه دونالد رامسفيلد ابتسم ابتسامة خفيفة نحو اللواء غيورا ايلاند الذي كان يجلس بين الجمهور وطيرهم الى الجحيم. فقد أوضح رامسفيلد بان 'كل واحد يعرف بان اسرائيل تحتاج الى ان تدافع عن نفسها في وجه مخاطر وجودية' فأنهى البحث في الموضوع قبل أن يبدأ.أما اليوم فالواقع مغاير تماما
لاول مرة في تاريخها توشك الوكالة الدولية للطاقة الذرية على البحث في مسألة الترسانة الذرية المنسوبة لاسرائيل. البند الثامن في جدول اعمال جلسة مجلس امناء الوكالة، التي ستنعقد في فيينا في 7 حزيران (يونيو)، ينبغي أن يقلق جدا اسرائيل لسببين. السبب الاول هو ان لجنة الطاقة الذرية واسرة الاستخبارات الاسرائيلية علمتا امس بوجود البند من تقرير لوكالة اي. بي للانباء وليس من مصادرهما. والسبب الثاني، والاهم، هو أن الحديث يدور عن تآكل اضافي في سور الغموض الذي تفرضه اسرائيل منذ الستينيات حول ما يجري خلف اسيجة 'مصنع النسيج' في ديمونا.
لو تصرفت الادارة الامريكية على نحو مغاير ما كان لكل هذا ان يحصل. فبينما في مؤتمر ميونخ قبل اربع سنوات احبط المندوب الامريكي الكبير البحث في مسألة النووي الاسرائيلي، فانه في اجتماع ذات المؤتمر في شباط (فبراير) من هذا العام اطلق مندوبون امريكيون كبار ردودا ملتوية وغامضة في موضوع الحاجة الى تجريد الشرق الاوسط بأسره من السلاح النووي، والتي تشبه الصياغات الرسمية التي تخرج مؤخرا عن البيت الابيض ووزارة الخارجية الامريكية.
لماذا يفعل الامريكيون لنا ذلك؟ أوليس هذا انتهاكا للاتفاقات السرية التي تحققت في عهد غولدا مائير والرئيس نيكسون، وبموجبها تحافظ اسرائيل بعناية على غموض نووي، وبالمقابل لا تطالبها الولايات المتحدة بالتوقيع على ميثاق منع انتشار السلاح النووي أو بفتح منشآتها النووية امام رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟ ما الذي يحفز حقا الرئيس اوباما على مهاجمتنا في هذه الجبهة ايضا، او على الاقل الجلوس مكتوف اليدين في الوقت الذي يفعل فيه آخرون ذلك؟ جواب محتمل ما هو ان أوباما تحركه ايديولوجيا ليبرالية، تؤمن بحق وحقيق بانه يمكن تجريد برميل البارود المسمى 'الشرق الاوسط' حتى قبل ان يحل هنا السلام. جواب محتمل آخر يتعلق بنسيج العلاقات العام بين الدولتين. الولايات المتحدة تتميز غضبا من سلوك اسرائيل على المستوى الفلسطيني ولهذا فانها تنزع جزئيا السترة الواقية التي غطت بها اسرائيل على مدى السنين في الموضوع النووي. في اسرة الاستخبارات الاسرائيلية هناك من يعتقد بان الامريكيين ملوا نتنياهو جدا لدرجة أنهم يستمتعون برؤيته ينزف.
من المعقول الافتراض بأن الحقيقة توجد في مكان ما في الوسط. مهما يكن من أمر، فان الدول العربية تقرأ على نحو سليم التغييرات في واشنطن وتقصفنا في فيينا.
في 23 نيسان اطلق المندوبون العرب الى رئيس الوكالة، يوكيا أمانو، برسالة طلبوا منه فيها رفع تقرير الى مجلس الامناء عن كل ما تعرفه الوكالة عن القدرة النووية لاسرائيل وكذا مطالبة اسرائيل بالسماح لمراقبي الوكالة بحق الوصول الى منشآتها النووية.
ومؤخرا بعث أمانو ببرقية الى وزراء خارجية 151 دولة اعضاء في الوكالة الدولية وطلب توصيتهم في كيفية اقناع اسرائيل بالانضمام الى ميثاق عدم نشر السلاح النووي.
لو كانت اسرائيل وقعت على الميثاق، لكان البحث في الوكالة الدولية من شأنه أن يؤدي الى بحث في مجلس الامن في الامم المتحدة والقول ان اسرائيل تخرق الميثاق. استنادا الى مثل هذا القول يمكن لمجلس الامن ان يفرض عقوبات ضد الدولة الخارقة. ولكن لما كانت اسرائيل لم توقع على الميثاق، فلا يمكن لهذا أن يحصل. ولكن مجرد عقد بحث كهذا، في المحفل الاهم في العالم والذي يعنى بنشر السلاح النووي، لاول مرة منذ تشكيل المنظمة قبل 52 سنة فهو اشكالي جدا من ناحية اسرائيل.
حسب المفهوم الاسرائيلي الذي صاغه في حينه المسؤول عن الامن في جهاز الامن، يحيئيل حورب، فان كل بحث، انشغال او طلب للرقابة على ما يجري في ديمونا سيىء لاسرائيل. اذا ما تبدد الغموض، كما يهدد حورب وزملاؤه فان اسرائيل ستدخل قائمة الدول الخاضعة للمقاطعة الدولية، وحتى الولايات المتحدة تحت أي ادارة ستكون ملزمة بان تتخذ تجاهها سياسة اخرى. هذا سيضر بالعلم، بالاقتصاد وبالامن القومي لاسرائيل.
آخرون، وبينهم البروفيسور عوزي ايفن، من مؤسسي المفاعل في ديمونا، يعتقدون بانه انقضى زمن الغموض النووي. ويعتقد ايفن بان على اسرائيل أن تصل الى مكانة مشابهة لمكانة الهند: صحيح انها لا تلوح بالسلاح النووي الذي في حوزتها، ولكنها وقعت على الميثاق وتتمتع بثماره الدولية.
غير أن البحث المتوقع في الوكالة الدولية للطاقة الذرية من شأنه أن يقضم ليس فقط في سياسة الغموض بل وايضا في قدرة اسرائيل على التصدي لايران في الساحة الدبلوماسية. مجرد حقيقة أن احداً ما وضع اسرائيل وايران وسورية في جدول أعمال ذات البحث يجعل كفاح وزارة الخارجية الاسرائيلية ضد التحول النووي لنظام آيات الله اصعب بكثير.
وفي نهاية المطاف، مثل هذا البحث يمس بالمكانة الدولية لاسرائيل، المتضعـضعة أصلا. كل كارهي اسرائيل، وليس فقط في العالم العربي سيركبون بالمجان على هذا البحث وسيطالبون باتخاذ ذات الخطوات التي اتخذت في ايران تجاه اسرائيل. وبدون ذلك فان اسرائيل تعاني من عزلة متفاقمة وعملية نزع شرعية عن مجرد وجودها كوطن للشعب اليهودي. في هذا الواقع فإن طرح مسألة النووي هو آخر شيء نحتاجه.
- 'يديعوت أحرونوت'
التعلم لكيفية التعايش مع القنبلة الايرانية / شمعون شيفر
وزير الدفاع ايهود باراك الذي عاد منذ وقت غير بعيد من زيارة الى واشنطن، يطلق صافرات التهدئة. وحسب اقواله، فان ادارة اوباما لن تنضم في المستقبل المنظور الى مبادرات تجبر اسرائيل على فتح منشآتها النووية امام الرقابة الدولية. ولكني ما كنت لأعتمد فقط على ما سمعه باراك في الولايات المتحدة.
في ضوء التأخيرات والفشل في الادارة الامريكية للوصول الى اتفاق دولي حول العقوبات التي تفرض على ايران، فانه يمكن الاستنتاج بأن الولايات المتحدة ستسلم في نهاية المطاف بوجود سلاح نووي لدى ايران.
وماذا سيحصل عندها؟ في مغسلة الكلمات لدى السياسيين في العالم يتحدثون عن 'احتواء ايران نووية'، وباللغة الاكثر بساطة: 'التعلم لكيفية التعايش مع القنبلة الايرانية'. التقدير السائد هو ان الامر سيؤدي الى سباق غير مسبوق من دول اخرى في الشرق الاوسط للحصول على سلاح نووي.
هذه هي الخلفية للدعوات المتصاعدة لاجبار اسرائيل على الانضمام الى ميثاق عدم نشر السلاح النووي (NPT) والسماح بالرقابة والاشراف من قبل مراقبي المنظمة للمنشآت في اسرائيل. ويؤمن مسؤولون في الادارة الامريكية بانه سيكون ممكنا بذلك صد السباق نحو التسلح النووي في الشرق الاوسط.
اسرائيل، بمساعدة مكثفة من الامريكيين، نجحت حتى الان في صد كل محاولة للنبش والاطلاع على ما يجري في المفاعل في ديمونا. ولكن يحتمل أن يكون الغموض الذي ميز على مدى السنين النهج الاسرائيلي في هذا الموضوع الحساس يوشك على أن يتغير دراماتيكيا. الرسالة التي وزعها رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية على اعضاء المنظمة، وطرح فيها امكانية اجبار اسرائيل على التوقيع على الميثاق، الى جانب السعي العلني من الرئيس اوباما لتقليص ترسانة السلاح النووي في العالم يثير في اسرائيل علامات استفهام عديدة.
وتعتقد محافل سياسية بأنه فقط اذا ما نجحت اسرائيل في اقناع الامريكيين بجدية نواياها لانهاء المواجهة مع الفلسطينيين والوصول الى اتفاق مع السوريين، سيكون من الممكن مواصلة التظلل بالمظلة الامريكية، بحيث لا تسمح لاسرائيل بان تبتل. بتعبير آخر، المعادلة التي سيكون اصحاب القرار في اسرائيل مطالبين بالتصدي لها هي يتسهار حيال ديمونا، وليس مثلما فكروا قبل سنة: يتسهار مقابل المنشأة النووية في نتناز. من يرغب في الحفاظ على مواصلة الغموض النووي عندنا سيكون مطالبا بأن يدفع الثمن بعملة اخلاء مستوطنات من يهودا والسامرة واقامة دولة فلسطينية.
القدرة النووية التي تعزى لاسرائيل هي أحد الاسرار الاكثر انكشافا في اوساط اصدقاء اسرائيل وفي اوساط كارهيها على حد سواء. وحتى قبل ان يوفر مردخاي فعنونو، الذي كان يعمل في المفاعل النووي في ديمونا لوسائل الاعلام الدولية براهين مزعومة على ما يجري في 'مصنع النسيج'، سبق أن نشرت في العالم تقديرات بشأن انضمام اسرائيل الى النادي الاعتباري للدول التي تحوز على سلاح نووي. السر الاكثر كتمانا في اسرائيل اصبح منذ زمن بعيد من نصيب كل من يرغب في ذلك.
التآكل في الغموض النووي، الذي هو احد اسس السياسة الاسرائيلية منذ عدة عقود قد يصبح قريبا ملموسا أكثر فأكثر. ولن يأسف الجميع في اسرائيل على ذلك: هناك من يدعي بانه لم يعد هناك معنى للغموض، وفي منطقة يريد الجميع فيها ان تكون لهم ديمونا خاصة بهم، من الافضل أن يعرف الجميع بالضبط ماذا يوجد لدى الاسرائيليين.