- صحيفة 'واشنطن بوست'
أميركا عاجزة عن كسب ود الشعوب
اعتبر الكاتب الأميركي هنري ألين أن الولايات المتحدة عجزت عن كسب ود شعوب البلدان التي غزتها أو أرسلت إليها بجيوشها ودمرت بيوتها وقتلت أبناءها رغم الإمدادات أو التمويلات التي تقدمها واشنطن لتلك الشعوب، سواء في حرب فيتنام أو الحرب على أفغانستان أو حتى في لبنان أو الصومال أو العراق
ويقارن ألين، في مقال له في صحيفة 'واشنطن بوست'، تلك الهدية بما يقدمه الأميركيون للأفغان من رافعات وآليات وبنزين على أمل ألا 'يهاجموا قواتنا' وهي تنسحب من وادي كورينغال الأفغاني الواقع شرقي البلاد بعد أن تمركزت في تلك المناطق سنوات دون أن تتمكن من كسب ود الأفغان أو قلوبهم وعقولهم.
ويختتم ألين مقاله الذي نشرته له صحيفة واشنطن بوست الأميركية بالقول إن 'إمبراطوريتنا، ومحاولاتنا لفرض السيطرة وإعادة إعمار البنية التحتية أو مواجهة المتمردين' في الحرب على أفغانستان كلها تواجه مشاكل وأوقاتا صعبة، تماما كالأوقات الصعبة التي واجهت الولايات المتحدة في فيتنام أو لبنان أو الصومال أو العراق، ويضيف أنه لا يستغرب كثيرا إزاء ذلك حيث كان تواجد في كل من فيتنام وأفغانستان على حد سواء.
- وكالة 'نوفوستي'
خلاف جديد بين روسيا وأميركا وأوروبا حول إيران
أشار الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف في حديث مع صحيفة 'وول ستريت جورنال' الأمريكية إلى أن روسيا تؤيد عقوبات تفرضها الأمم المتحدة على إيران ولا تؤيد عقوبات أحادية الجانب تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية أو الاتحاد الأوروبي.
وتستعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات انفرادية على إيران تخرج عن نطاق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1929 الذي فرض عقوبات تستهدف مؤسسات وأفرادا يساعدون إيران في تنفيذ برامجها النووية والصاروخية.
ولقد أعرب نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف في يوم 17 يونيو عن خيبة أمل روسيا لأن 'الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لم تستجب لمناشدتنا الامتناع عن الإقدام على هذه الخطوات'.
وأعلن وزير المالية الأمريكي تيموثي غيثنر أن بلاده ستواصل الضغوط المالية على إيران في الأسابيع المقبلة.
- صحيفة 'يديعوت أحرونوت'
الاسطول الايراني ايقاف سهل / غي بخور
كيف حصل ان كل حدود اسرائيل هادئة ومستقرة، والبحر فقط يعج بانواع الاساطيل؟ الجواب غريب وعجيب. في كل حدود اسرائيل توجد أنظمة عربية استقرارها هام لوجودها، ولهذا فانها تحافظ على حدود هادئة. من هذه الناحية لا يهم اذا كانت هذه حدود سلام ام حدود مواجهة. للاردن ولمصر توجد ذات المصلحة مثل لبنان، بما في ذلك حزب الله، سورية او حماس. البحر وحده بقي فالتا، وذات مرة اعتقدنا بان هذا يفترض أن يكون العكس.
وبالفعل، كارهو اسرائيل وجدوا اختراعا جديدا: احراج اسرائيل من البحر، إذ لا يوجد نظام عربي يصدهم في الطريق. واذا سمحت لهم بالعبور فانهم سيعلنون 'النصر'؛ واذا قتل اناسهم، فان هذا 'نصر' اكبر بالنسبة لهم. وهكذا فانهم يكسبون الشعبية في اوساط الجماهير على نمط اردوغان، ولعلهم ينجحون في خدش اسرائيل.
والان ايران، تلك التي يرى فيها معظم العالم منبوذة مثل كوريا الشمالية، تريد أن تنضم الى الاحتفال البحري. لماذا لا؟ مع ايران بالذات الوضع أسهل منه مع دول اخرى. مؤخرا فقط اتخذ بأغلبية كبيرة قرار بفرض عقوبات دولية قاسية على ايران (قرار 1929 للامم المتحدة)، وحان الوقت ان تستخدمها اسرائيل وتستخدم الشرعية العالمية. لماذا ينبغي لنا أن نقاتل الامم المتحدة كل الوقت، بينما يمكننا استخدامها؟
البند 15 من العقوبات الجديدة يقول ان ايران تخضع من الان فصاعدا لنظام جديد من الرقابة على الشحنات المشبوهة، للعثور على التهريب الى ايران ومنعه. ودول العالم ملزمة، حسب القرار الجديد بفحص كل سفينة ايرانية في منطقتها مشبوهة بانها تحمل شحنة محظورة من والى ايران، بما في ذلك السلاح التقليدي او العناصر الحساسة للنووي والصواريخ. بل ان الدول مطالبة بان تتعاون في مثل هذه الرقابة في المياه الدولية.
اذا كان كذلك، فان السفن الايرانية التي في طريقها الى غزة لا بد مشبوهة بتهريب اسلحة ووسائل قتالية. على اسرائيل أن تطالب الدول التي تمر السفن في مياهها الاقليمية ان توقفها للفحص أو أن تفحص هي نفسها السفن المشبوهة في المياه الدولية، في ظل التبليغ عن ذلك، أو في مياهها الاقليمية، دون أي تبليغ. هذا واجبها حسب العقوبات، وليس فقط حقها. لا يمكن لاحد ان يعارض ما يطالب به مجلس الامن نفسه. وهكذا يحظى عمل اسرائيلي ببعد قوي من الشرعية.
الايرانيون انفسهم اعلنوا بانهم لن يوافقوا على ان توقف سفنهم للتفتيش، وحذروا من أنه اذا تم ايقاف احداها في ارجاء العالم فسيبدأون بتنفيذ 'تفتيشات' خاصة بهم للسفن الاجنبية في مياه الخليج الفارسي. بتعبير آخر، موضوع السفن هو بطنهم الطري. فلماذا لا نضربهم في بطنهم الطري حين يظنون أنهم سيضربون اسرائيل في بطنها. السفن ضد اسرائيل؟ لا، السفن ستكون ضد ايران.
على حكومة اسرائيل أن تعلن منذ الان بان كل سفينة ايرانية الى غزة مشبوهة بتهريب سلاح ووسائل قتالية وعليه فانها تطالب بوقفها فورا للتفتيش، وكل دول العالم ملزمة بان تطيع هذا الطلب، حسب اوامر مجلس الامن. ايران تحاول نزع الشرعية عن اسرائيل؟ هيا نحقق النتيجة المعاكسة.
مع ذلك، واضح ان هذا حل موضعي للسفن الايرانية فقط، وثمة حاجة الى حل دولي اكثر شمولا. كونه لا يوجد أي نظام عربي يحافظ على الحدود الغربية لاسرائيل، فان قوة دولية بحرية هي ضرورة، ومن السهل تنظيم ذلك. القوة يمكنها أن تجري ابحارا بحريا من ميناء محروس، حيث تفحص فيه كل الشحنات قبل الانطلاق وتضمن أن تصل السفن الى غزة بعزل تام. واضح أنه عبر هذا الابحار ستصل شحنات مسموح بها فقط، وذلك لان الناس سيدخلون ويخرجون عبر مصر فقط. مصر فتحت حدودها الى غزة بشكل مطلق، بحيث أن الحصار من جانبها لم يعد قائما.
- صحيفة 'كريستيان سينس مونيتيور'
شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل.. ثلاثة أسباب لموافقة إسرائيل / مارتن بي مالين
غطى الغضب الذي صاحب هجوم إسرائيل على أسطول السفن الذي كان متوجها إلى غزة مؤخرا، على تطور أخير كان أكثر انطواءً على الأمل. فقبل يومين من فشل الأسطول في مهمة (الرسو في ميناء غزة لكسر الحصار الإسرائيلي على القطاع) صادق مؤتمر للأمم المتحدة، والذي استهدف تقوية معاهدة عدم الانتشار النووي، على خطة لتخليص الشرق الأوسط من كافة الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية.
ومن شأن القضاء على أنواع هذه الأسلحة كافة في الشرق الأوسط أن يبدو هدفا مبهماً ومستحيلا، ويكتنفه الغموض بما فيه الكفاية في حقيقة الأمر. وفيما يبدأ التخطيط لعقد مؤتمر في العام 2012، والذي يغطي المنطقة لبحث إعلان منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، فإنه يتوجب على الولايات المتحدة أن تصر على ربط مثل هذا المؤتمر بعملية السلام الإقليمية. لماذا؟ لأن إسرائيل التي يعتقد على نطاق واسع بأنها تمتلك أسلحة نووية، لن تتخلى عن أقوى رادع لديها في الوقت الذي يرفض فيه بعض من جيرانها إقامة علاقات دبلوماسية معها. ومن دون مشاركة إسرائيل، لن تكون ثمة مباحثات ذات معنى حول خلق منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط.
وكانت الدول العربية وإسرائيل قد حاولت -وفشلت- البت في هذه الموضوعات بشكل توافقي في السابق. ففي تسعينيات القرن الماضي، وفي أعقاب مؤتمر مدريد للسلام، انهارت المباحثات الإقليمية حول السيطرة على الأسلحة والأمن عندما أصرت مصر على إدراج أسلحة إسرائيل النووية على الأجندة. وقد رفضت إسرائيل الفكرة، غير راغبة في الكشف عن باطن سياستها القائمة على الغموض النووي. فلماذا يتوجب علينا أن نتوقع نتيجة مختلفة هذه المرة؟
أولا، تواجه إسرائيل -مع أنها ما تزال مترددة في الانخراط في أي مباحثات تتعلق بأسلحتها النووية- خيارا استراتيجيا يلوح في الأفق، إذ تهدد القدرات النووية المتطورة لإيران احتكار إسرائيل النووي. وقد يعطل أي عمل عسكري ضد إيران تطورها النووي، لكن من غير المرجح أن يمنعه. وستطلب إيران المتمكنة نووياً من إسرائيل تبني عرض نووي فعال لا يتسم بالغموض -وهو احتمال خطير ومكلف تميل إسرائيل إلى تجنبه. ولدى إسرائيل حوافز قوية تدفعها لاستخدام المباحثات الأمنية الإقليمية، سعيا وراء الحد من تطور إيران نوويا.
ثانيا، تشعر الدول العربية بالعصبية بسبب التوتر الإسرائيلي-الإيراني، إذ تخشى من صعود إيران نووية من جهة، كما تخشى من تبعات إجراء عسكري أميركي أو إسرائيلي ضد إيران من جهة أخرى. وستعمل الدول العربية على دعم انعقاد مباحثات إقليمية تضع حدودا على إيران، وتبت في مسائل منطقة ظلت معلقة منذ وقت طويل مع إسرائيل، والتي تخفض من فرص اندلاع حرب متعبة أخرى في المنطقة.
ثالثا، لدى إيران سبب جيد لعدم إفساد المباحثات الإقليمية. وسيتيح لها الانضمام إلى عملية إقليمية فرصة واضحة للانفلات من عزلة متنامية، وعرض نواياها السلمية إذا كانت أصيلة وجاهزة. ومن شأن إجراء مفاوضات تنخرط فيها إسرائيل أن تضع الخطاب السياسي لإيران أمام اختبار أكثر شدة. وإذا ما أخفقت إيران في هذا الاختبار، فإنها ستواجه ائتلاف دول إقليمياً نتيجة لهذا الإخفاق.
وأخيرا فإن للقوى الخارجية مصالح أكبر في الاستقرار الشرق أوسطي قياسا مع ما كان لها في الماضي الحديث. وتوجد للصين وروسيا مصالح طاقة ومصالح اقتصادية حيوية متنامية. وكانت فرنسا قد افتتحت مؤخرا قاعدة عسكرية في الخليج. وللولايات المتحدة قوات منتشرة في قلب المنطقة. وسيصيب انتشار الأسلحة واندلاع حرب في الشرق الأوسط كل منطقة في العالم. وربما تدرك القوى الرئيسية الحاجة إلى وضع قواعد أمنية متفق عليها بغية تعزيز استقرار الشرق الأوسط.
وغضونا، لا يعني جلب الأطراف إلى مائدة المفاوضات إجراء مباحثات مباشرة. وللحيلولة دون فشل آخر في دبلوماسية الشرق الأوسط، فإن لدى الولايات المتحدة دورا حساسا للاضطلاع به في تنظيم مؤتمر العام 2012 المقترح، إذ تقع عليها مسؤولية قيادة أطراف المنطقة باتجاه عملية تدريجية ومستمرة لتشجع أولاً إقرار التزامات متواضعة ويمكن التراجع عنها، وذلك بغية بناء الثقة والأمن على طول الطريق. وسيكون التئام مؤتمر لبحث خلق منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل بمنزلة الخطوة الأولى وحسب في عملية طويلة. وستحتاج إسرائيل إلى ضمانات خاصة من الولايات حتى تقبل بالتحرك إلى الأمام.
وفي الأثناء، يجب أن يكون مدى المفاوضات واسعا بحيث لا يشتمل على السيطرة على الأسلحة الإقليمية ونزع التسلح، وإنما أن يشتمل أيضا على قضيتي عدم الانتشار وعملية السلام. ويجب أن لا يكون الهدف أقل من التوصل إلى تسوية للنزاعات الإقليمية التي تتضمن إسرائيل، والعلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وباقي المنطقة، وخلق منطقة خالية من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية وأنظمة تصنيعها. ويجب أن تضم نتائج المفاوضات نظاما للتحقق ولرصد التقيد بالتزامات نزع التسلح، وتوفر قبولاً في كامل المنطقة بأقوى الضمانات الممكنة للتأكد من أن يظل تطوير الطاقة النووية في الشرق الأوسط تطويراً سلمياً.
وفي الغضون، قد يفضل قادة إسرائيل عدم التحدث عن الترسانة النووية في بلدهم، لكنهم عادة ما يقولون عندما يتعرضون للضغط إن السلام الإقليمي يجب أن يسبق أي نزع للتسلح. وإلى ذلك، تريد الدول العربية وإيران رؤية التسلسل وهو يتحرك بالترتيب المعاكس. ولعل الطريقة الوحيدة للمضي إلى الأمام في التعامل مع كلا الموضوعين تكمن في وضعهما ضمن إطار عمل تفاوضي واحد.
- موقع 'ميدل إيست أون لاين'
المشهد المتغير في الشرق الأوسط / باتريك سيل
كانت لهجوم قوات الكاوماندوس الإسرائيلية على أسطول السفن المتجه إلى غزة يوم 31 أيار (مايو) الماضي ثلاث تبعات مباشرة: أصبحت تركيا خصماً لدوداً لإسرائيل، وأصبح الضغط الدولي على إسرائيل في حالة تصاعد لحملها على رفع الحصار عن غزة، ووجدت الحكومات الغربية نفسها مجبرة على إعادة النظر في قرارها المتعلق بمقاطعة حماس -وهو قرار كانت قد اتخذته تحت ضغط أميركي وإسرائيلي بعيد الانتصار الانتخابي الذي حققته حماس في العام 2006.
وفي تحد واضح لإسرائيل -ولأوروبا وأميركا أيضاً- وصف رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان الأسبوع قبل الماضي هجوم إسرائيل على أسطول المساعدات بأنه 'إرهاب دولة'، وفي تناقض مدهش، أعلن أن حماس لم تكن منظمة إرهابية، وإنما حركة مقاومة تناضل من أجل استعادة أراضيها. ولا يشكل ذلك أخباراً جديدة في العالم العربي، لكنه يمثل في الغرب كسراً لأحد المحرمات.
وقد تم استيعاب صرخة اردوغان في أوروبا. ومن أحد المقولات، على سبيل المثال لا الحصر، ما كتبه دومينيك دو فيلبان، رئيس الوزراء السابق في فرنسا، في صحيفة 'لوموند' يوم الخامس من هذا الشهر، من أن حصار غزة يجب ان يرفع كخطوة أولى، وأن حماس 'كما يعرف الجميع جيداً'، يجب أن تنضم إلى العملية السلمية التي ستفضي إلى إقامة دولة فلسطينية.
سيكون لتحول تركيا من حليف إسرائيلي إلى خصم لإسرائيل تبعات هائلة على ميزان القوى في الشرق الأوسط. وهي توجه بهذا التحول صفعة شديدة لتفوق إسرائيل العسكري في المنطقة، وهو الأمر الذي ظل مبدأ مركزياً في عقيدتها الأمنية منذ قيام الدولة اليهودية في العام 1948.
في الوقت الراهن، أصبحت إسرائيل تواجه مزيجاً صعباً من الخصوم، مكوناً من تركيا وإيران ذوات الوزن الثقيل في المنطقة، بالإضافة إلى كل من سورية وحزب الله وحماس.. ونادراً ما كانت البيئة الاستراتيجية غير مواتية لإسرائيل كما هي الآن، فيما يجيء في جزء ضخم منه نتيجة لسياساتها العدوانية المستمرة.
وفي الغضون، يمر المشهد الإقليمي بحالة تغير. ففي أعقاب النصر الغامر الذي حققته في حرب العام 1967، تمتعت إسرائيل بتفوق لا نظير له طوال السنوات الأربعين التالية. ولم يواجه هذا التفوق إلا بتهديد مرة واحدة وحسب، وذلك في حرب تشرين الأول (أكتوبر) من العام 1973، والتي كانت محاولة من جانب مصر وسورية لتغيير نواتج حرب العام 1967.
وكانت تلك الحرب قد بدأت بداية جيدة، وفقاً لمنطوق وجهة نظر العرب، لكن نتيجتها جاءت في المصلحة الإسرائيلية. وعلى وجه الخصوص، أفضى السلام الذي توصلت إليه إسرائيل مع مصر في العام 1979 إلى إقصاء أقوى دولة عربية من خط المواجهة العربية. وقد سمح ذلك لإسرائيل بتركيز قواتها في الشمال. وكانت النتيجة غزواً إسرائيلياً للبنان في العام 1982، والذي هدف إلى جلب ذلك البلد إلى الدوران في الفلك الاستراتيجي الإسرائيلي. ولو تحقق هذا الهدف -أي لو تمكنت إسرائيل من تنصيب حكومة صديقة لها في بيروت والتي تكون تحت حمايتها- لكانت سورية قد حيدت. لكن سورية وحلفاءها اختاروا القتال ورد الضربة، وأمكن بالتالي إبعاد ذلك الخطر.
وخلال العقود الثلاثة الماضية، قامت إسرائيل بالتصرف على نحو متكرر من أجل الحفاظ على تفوقها العسكري الإقليمي. ففي العام 2003، قامت بدفع الولايات المتحدة، وبطريقة منهجية، إلى شن الحرب ضد العراق –ذلك البلد الذي رأت إسرائيل أنه كان يشكل تهديداً محتملاً لها إلى الشرق منها. لكن تدمير العراق تمخض عنه نتيجة غير مقصودة، والتي تمثلت في تعزيز مكانة إيران كقوة إقليمية. ومنذئذ، تشن إسرائيل بلا كلل وملل حملة تستهدف ضرب إيران بدورها، وتضغط من أجل فرض عقوبات دولية صارمة عليها، وطالما هددت بمهاجمة مرافقها النووية إذا لم تقم الولايات المتحدة بتنفيذ تلك المهمة بنفسها.
وفي الوقت ذاته، قامت إسرائيل بردود فعل عنيفة على محاولتين أقدم عليهما لاعبان من غير الدول، هما حزب الله وحركة حماس، لتحدي تفوق إسرائيل من خلال الحصول على قدرة رادعة في الحد الادنى. وقد حاولت إسرائيل تحطيم
حزب الله في هجومها الذي شنته على لبنان في العام 2006، وفعلت الشيء ذاته مع حماس في حربها التي خاضتها ضد قطاع غزة في العامين 2008-2009. ومع ذلك، وعلى الرغم من أن إسرائيل ألحقت ضرراً بالغاً بكل من لبنان وغزة، فإن المرء يستطيع القول إن حزب الله وحماس قد خرجا بعد هذين النزاعين أكثر قوة من ذي قبل.
ومنذئذ، عززت تركيا موقعها كقوة إقليمية من خلال تطوير شبكة واسعة من العلاقات مع دول البلقان والشرق الأوسط والقوقاز وآسيا الوسطى. ومن بين الدول العربية، أصبحت علاقاتها مع سورية وثيقة على نحو خاص. وعلى العكس من ذلك، قررت تركيا إعادة النظر أو مراجعة اتفاقياتها العسكرية والاقتصادية مع إسرائيل، وقررت خفض علاقاتها إلى الحد الأدنى وفق ما ذكره نائب رئيس الوزراء التركي بولنت ارينش.
تمتلئ الأوضاع الحالية بالخطر، لكنها محملة بالأمل في الوقت نفسه. فمن ناحية، لا يمكن استبعاد إقدام إسرائيل على محاولة تستهدف استعادة تفوقها المحطمة من خلال توجيه ضربة عسكرية كبيرة من نوع ما. ومن جهة أخرى، يميل صبر العالم بشكل متزايد نحو النفاد من ازدراء إسرائيل للقانون الدولي واستعدادها للجوء إلى استخدام القوة.
لقد فتحت إدانة إسرائيل نافذة فرصة نادرة أمام الفلسطينيين. فهل يتمتعون بقسط وافر من الحكمة لاستغلال هذه الفرصة؟ لقد أصبح من الضروري اليوم، وأكثر من أي وقت مضى أن يضع الفلسطينيون حداً لخلافاتهم الداخلية، وأن يرصوا صفوفهم. ويجب أن ينصب هدفهم الآن على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وعلى السعي إلى ضمان اعتراف كل من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي بها.
ومن دون تحقيق الوحدة الفلسطينية، فإنه لا يمكن أن يتم تحقيق تقدم فعلي على جبهة السلام. ومن دون التوصل إلى السلام، سوف تكون المنطقة منذورة للمزيد من دوامات العنف.