- صحيفة 'لوموند'
الفعالية التركية
ليس من الخطر التفكير منذ الآن في نتائج الهيئة التي أنشأتها إسرائيل للتحقيق في ظروف هجوم يوم 31 أيار (مايو)، ضد السفينة الإنسانية المتوجهة إلى غزة. فبالنظر إلى تشكيلة هذه اللجنة المضحكة، يظهر أن إسرائيل قد مارست حقها السيادي في منع حماس من التزود بالأسلحة والمؤونة، من قبل عصابة تهريب أرضي وبحري، ما دامت غزة، منذ العام 2007، كيانا عدوانيا في نظر الدولة العبرية.
تعوّل إسرائيل على قصر الزمن الإعلامي، وعلى تقلب معدل السرعة الدبلوماسية، وكذلك على آفاق الانتخابات التشريعية الأميركية التي ستصل إلى منتصف عهدتها في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، حتى تذوب عاصفة هذه المقاربة الدولية، مثلما ذابت من قبل عواصف كثيرة. ففي الحال، تسعى حكومة بنيامين نتنياهو إلى إدارة أزمة جديدة، وفشل سياسي جديد، يواكب الانتصار السياسي الذي حققته حماس.
أما مصر التي لم يحدث أن حط أحد من قدرها من قبل، والتي تشعر بحساسية إزاء الرأي العام في البلدان العربية التي ترى أن تعاونها مع إسرائيل أصبح غير مبرر، فقد كانت أول من يستسلم، بقبولها إعادة فتح معبر رفح جزئيا، هذا المعبر الذي ظل 'قماط' الحصار المفروض على قطاع غزة. وكانت قد تبعت إسرائيل لأن الإدارة الأميركية ما انفكت تطلب منها ذلك بإلحاح، ولأن السماح لبضعة مئات من المواد الغذائية الإضافية بالمرور إلى غزة، لا يضر في شيء الحصار الأمني المفروض على قطاع غزة.
على هذا النحو، يستعيد نتنياهو، شيئا فشيئا، الانطباع الذي ما انفك يعطيه للبلدان الصديقة والحليفة لإسرائيل، بأنها تصغي إلى آرائها وتعمل بها. وقد فرضت حقيقة عدم فعالية الحصار، نفسها، إذ أثبتت أن هذا الحصار لم يتح إخلاء سبيل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي صادف يوم 25 حزيران (يونيو) الذكرى الرابعة لأسره في غزة. وقد حولت إسرائيل قطاع غزة الضيق، إلى مستنقع مغلق، حيث سيطرة حركة المقاومة الإسلامية تمارس من دون مشاركة، أو بشكل مطلق تقريبا.
بمعنى من المعاني، يمكن القول إن السطو على السفينة الإنسانية المتوجهة إلى غزة، والذي حظي بغطاء إعلامي هائل، شكل مفاجأة ربانية لحماس، إذ أن كفاح هذه الأخيرة من أجل رفع الحصار الذي ظل حتى تلك اللحظة لا يلقى إلا دعما واهيا من البلدان العربية والغربية على السواء، ما لبث أن صار أولوية دولية. والحال أن هذا النجاح ليس خبرا سعيدا للسلام، ما دام يهدد بدعم وتعميق تصلب حركة المقاومة الإسلامية إزاء شقيقتها حركة 'فتح' التي تناصبها العداء.
فالأولى ترفض توقيع وثيقة المصالحة الفلسطينية التي أعدتها القاهرة، حتى لا تدعم سلطة محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية. ويعمل تخفيف وطأة الحصار على توسيع هامش المناورة السياسية لحماس التي كسبت في الوقت نفسه 'عرابا' قويا: فبعد أن صارت بطل القضية الفلسطينية، ها هي ذا تركيا تقصي مصر التي بدأت تفقد تأثيرها تدريجيا في العالم العربي.
هذه الفعالية التركية لا تقلق السلطة الفلسطينية، ومصر، والعربية السعودية وحسب، بل وتقلق أيضا البلدان العربية المعتدلة، التي لا ترغب كثيرا في أن تشهد قوة متصاعدة لتأثير طهران ودمشق، اللتين تسلحان وتمولان حماس، وحزب الله اللبناني. ومن السابق لأوانه أن نستنتج من ذلك ظهور محور جديد يتكون من تركيا وإيران وسورية. فإذا كانت إرادة التقارب لدى رئيس وزراء تركيا، رجب طيب أردوغان قوية، فإن تردده إزاء إيران النووية، أقوى بكثير من تلك الإرادة.
مثلما من السابق لأوانه، رغم التوتر الدبلوماسي بين البلدين، أن نخلص لشيء فيما يتعلق بالشرخ الذي تشهده الشراكة الاستراتيجية بين إسرائيل وتركيا. إن خطاب أنقرة الملتهب لا تحركه أيديولوجية معادية لإسرائيل. لقد تجاوزت التجارة الليبرالية ما بين البلدين، 2.6 بليون دولار (2 بليون يورو)، وتعاونهما العسكري متواصل: فبفضل الطائرات الحربية الإسرائيلية 'هيرون' يواصل الجيش التركي هجومه على المتمردين الأكراد التابع لحزب العمال الكردستاني.
إن تحليلا نبيها ينبغي أن يحفز حكومة نتنياهو على إعداد حصيلة كئيبة: لقد رأى الأميركيون في هذه الحلقة من الحرب البحرية اللاذعة في عرض غزة، إخفاقا جديدا لفرص عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية العسيرة. لا بد من الإصغاء إلى مير داغان، قائد الموساد، أي مصالح الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية، عندما ينشغل برؤية واشنطن التي تعتبر 'إسرائيل عائقا لعملية السلام، أكثر منها ورقة رابحة بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية'.
وعلى الصعيد السياسي، خلق مسلسل السفينة الإنسانية، في قلب الحكومة الإسرائيلية نفسها، البحث المستميت عن ضحية. ولقد لعب رد فعل البقاء السياسي الغريزي، دوره، وقدرت إسرائيل أنه من الأسهل توجيه أصابع الاتهام إلى 'خيانة' العرب الإسرائيليين. أما توجيه أصابع الاتهام إلى المصالح الاستخباراتية، واستنطاقها فضيحة 'دبي غيت' فما يزال في بدايته. ثم إن استراتيجية 'القبو' القديمة، في الداخل، وإزاء المجتمع الدولي، قد فرضت نفسها في النهاية، وقد تقوقعت إسرائيل في داخل التفسير الذي يلائمهما أكثر، وهو 'فرض الإقصاء الدولي إزاءها'. مع وجود لجنة تحقيق ذات مصداقية، كان أمام الحكومة الإسرائيلية فرصة لإبداء شفافية حقيقية، ولمواجهة الاختلالات الداخلية، ولإقناع الآخرين بصدق مقاومتها لحماس. لكن الحكومة الإسرائيلية فوتت هذه الفرصة.
- صحيفة 'نيويورك تايمز'
حجم قوة القاعدة
قدر مسؤولو مكافحة الإرهاب في الاستخبارات الأميركية أن هناك ما يزيد على 300 قائد ومقاتل من تنظيم القاعدة مختبئون في المناطق القبلية من باكستان، جاء ذلك في تقدير عام نادر لقوة التنظيم الذي يعد الهدف المركزي لإستراتيجية الحرب للرئيس باراك أوباما.
وسيضاف هذا التقدير لتقييم سابق كان قد أجراه رئيس المخابرات المركزية الأميركية (سي آي أي) ليون بانيتا، يشير فيه إلى وجود نحو 50 إلى 100 ناشط من القاعدة في أفغانستان. وبجمع التقديرين تعتقد الاستخبارات الأميركية أن هناك على الأرجح أقل من 500 فرد من التنظيم في المنطقة التي نشرت فيها الولايات المتحدة ما يقارب مائة ألف جندي.
وقالت نيويورك تايمز إن كثيرا من المسؤولين الأميركيين ينبهون إلى مثل هذه المقارنات قائلين بأن القاعدة صاغت علاقات وطيدة مع عدد من الجماعات المسلحة التابعة، وإن وجودا أميركيا كبيرا للقوات ضروري لمساعدة الحكومة الأفغانية في منع القاعدة من كسب ملاذ آمن في أفغانستان مشابه لما كان لديها قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001.
وقال رئيس الأركان المشتركة الأدميرال مايكل مولن إنه دُهش خلال زيارة أخيرة للمنطقة من عمق التآزر بين القاعدة وعدد من الجماعات المتمردة بما في ذلك طالبان الباكستانية والأفغانية.
لكن مع تصاعد حدة القتال في أفغانستان وبعض المؤشرات على أن حركة طالبان بدأت تضعف، فإن التقديرات الأخيرة لقوة تنظيم القاعدة يمكن أن تعطي ذخيرة لمنتقدي إستراتيجية الرئيس أوباما الذي يعتقد أن على الولايات المتحدة أن تسحب قواتها من البلد وتعتمد بدلا من ذلك على فرق صغيرة من قوات العمليات الخاصة وضربات صاروخية بواسطة طائرات وكالة المخابرات المركزية بدون طيار.
ويتحدث مسؤولو الإدارة الأميركية كثيرا عن المخاطر التي تشكلها الجماعات المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة قائلين بأن لدى هذه الجماعات النية والقدرات لمهاجمة الولايات المتحدة.
وأضافوا أن الشخص المتهم بمحاولة تفجير سيارة في ميدان تايمز في مايو/أيار الماضي تلقى تدريبا من حركة طالبان الباكستانية، تلك الجماعة التي كان يعتقد أنها مهتمة فقط بالهجمات داخل باكستان. وكذلك الشاب النيجيري فاروق عمر عبد المطلب الذي حاول تفجير طائرة متجهة إلى ديترويت في ديسمبر/كانون الأول الماضي كان قد تلقى تدريبا على أيدي جماعة القاعدة بشبه الجزيرة العربية المتمركزة في اليمن.
- صحيفة 'يديعوت أحرونوت'
ايران بقيت وحدها تماما / غي بخور
ايران المنذهلة لا تصدق بأن هذا حصل لها: الحلم الاسوأ من ناحية نظام الخميني يتحقق امام ناظريها، في شكل خنق مطلق للاقتصاد الايراني في غضون بضعة أشهر استهدف البطن الاكثر طراوة لايران النفط والغاز. احمدي نجاد المغرور اعتقد بان هذا اليوم لن يحل ابدا، ولكن 'القوة العليا' التي وجهته، برأيه، كفت على ما يبدو عن العمل.
الولايات المتحدة واوروبا قررتا خنق الاقتصاد الايراني، ليس أقل. فلم يعد يدور الحديث عن العاب هنا وهناك، عقوبات فاترة هنا وهناك ضد شركات ايرانية. هذه المرة الهدف هو الاقتصاد الايراني بأسره. من ناحية اسرائيل ومعظم الدول العربية لا يمكن ان يكون هنالك نجاح أكبر من هذا: الدولة التي تقف خلف كل ما يمس باستقرار الشرق الاوسط مهددة بالانهيار.
في نهاية شهر حزيران (يونيو) صادق الكونغرس ومجلس الشيوخ الامريكيين بأغلبية كبيرة على قانون حظر دخول شركات دولية تعنى بعلاقات مع صناعة النفط والغاز الايرانية الى الولايات المتحدة. وهذا قانون جارف ومتصلب، سيجفف ايران مثلما جففت كوبا. ومع دخول القانون حيز التنفيذ، سيحظر الدخول الى الولايات المتحدة على كل من دخل الى ايران بل وفي الصناعة الاكثر حساسية للايرانيين (ايران تصدر النفط، ولكنها ملزمة بأن تشتري من الخارج مشتقات الوقود للسيارات والطائرات، ولهذا فان تعلقها بالعالم عالٍ).
أثر هذا القانون بات ملموسا منذ الان، وكبرى شركات الطاقة التي تبيع الوقود للسيارات والطائرات في ايران اعلنت على الفور عن نهاية العلاقات مع الدولة العاقة والمتفككة. فمثلا، شركة 'توتال' الفرنسية أنهت على الفور اعمالها التجارية في ايران.
ولكن هذا ليس كل شيء، وهذا هو الاكثر ايلاما للايرانيين: الاتحاد الاوروبي فرض خنقا على الاقتصاد الايراني، ليس أقل. القرار اتخذ في الشهر المنصرم من قبل كل رؤساء دول الاتحاد: ابتداء من بداية تموز (يوليو) ستحظر الاستثمارات الجديدة على الدول والشركات الاوروبية في ايران في مجال الطاقة، النفط والغاز. وهذه مقاطعة مطلقة، شاملة وجارفة. كما سيحظر تقديم المساعدة الفنية، العلم والتكنولوجيا ونقل البضائع والخدمات الى صناعات النفط والغاز الايرانية. كل خرق للقرار سيكون غير قانوني.
ويجدر بالذكر ان الاتحاد الاوروبي هو الشريك الاقتصادي رقم واحد لايران. 80 في المئة من الدخل الايراني يأتي من مرابح النفط والغاز، وعليه فان هذه هي بطنها الطرية. ولماذا الاستثمارات الاجنبية حرجة؟ لان الابار في ايران تتقادم، وثمة حاجة كل الوقت لتجديدها، ولكن لا يوجد مال لذلك الا اذا جاء كاستثمارات اجنبية وهذه محظورة الان. اذا لم تجر هذه التجديدات كل الوقت، فان المال سيتوقف والاقتصاد سيتدهور بسرعة.
الايرانيون المغرورون ومغلقو الحس غاضبون الان على العالم بأسره: على الولايات المتحدة وعلى الاتحاد الاوروبي (الاتحاد 'سيعاقب بتشدد'، الالمان حسب الايرانيين هم 'عبيد اسرائيل')، وعلى الروس الذين هجروهم (روسيا حسب ايران 'قوة عظمى متفككة'. كلهم متفككون، باستثنائهم بالطبع) وعلى الصينيين الذين خانوهم. الى اين سيسيرون الان؟ النظام في طهران بقي وحيدا في العالم بأسره، ودونه الشركة الايرانية التي تريد منذ الان انهاء دكتاتورية آيات الله، التي هي بالاجمال ابنة 30 سنة.
الان بالذات محظور التنازل للايرانيين، وما اقترحه العالم على ايران في الموضوع النووي في العام الماضي ورفضته لا يجب طرحه من جديد. حان الوقت لأن ينتهي البازار الفارسي. هذا الضغط كفيل بان يدفع نظام آيات الله الى الانهيار، يعرفون في طهران، وعليه فلا ينبغي الاكتفاء بأقل من الوقف التام للسباق النووي.
في كل الاحوال، الاقتصاد الايراني المنهار معناه ارهاب أقل في المنطقة، تطرف واستفزاز أقل، مساعدة لحزب الله وحماس اقل، ومن هذا فان الاستقرار في الشرق الاوسط سيكسب فقط.
قرار عزل ماكريستال يعكس أزمة سياسة معمقة في أفغانستان
عن كاونتربنتش كتب غاريث بورتر :على الرغم من نفي الرئيس أوباما أن يكون عزله للجنرال ستانلي ماكريستال قائد قوات الحلف الأطلسي في أفغانستان واستبداله بالجنرال ديفيد بترايوس، جاء نتيجة خلافات مع ماكريستال حول استراتيجية الحرب، فإن قرار العزل يعكس أزمة سياسة معمقة في أفغانستان.
وعلى الرغم من أن السبب الظاهر وراء العزل كان تعليقات حمقاء أدلى بها ماكريستال ومساعدوه ونشرتها مجلة 'رولينغ ستون'، فإن التحول عن ماكريستال إلى بترايوس جاء بوضوح نتيجة لعدم ارتياح البيت الأبيض للطريقة التي يتعامل بها ماكريستال مع الحرب في أفغانستان.
وكان قد تبين بوضوح في الأسابيع الأخيرة أن استراتيجية ماكريستال لا تؤتي أكلها كما كان قد وعد، في الوقت الذي أصبح فيه الكونغرس والنخبة السياسية الأميركية أصلاً غير مرتاحين إلى حد كبير من احتمال أن تكون الحرب سائرة في المسار الخطأ.
وبدعوة بترايوس، تبدو إدارة أوباما وأنها تستعير صفحة من قرار إدارة جورج دبليو بوش في أواخر العام 2006 إنقاذ الحرب في العراق، بعدما ساد شعور عام في واشنطن بأنها أصبحت فشلاً محرجاً. لكن كلاً من أوباما وبترايوس يدركان، إلى حد كبير، طبيعة الفوارق بين الحالة في العراق في حينه والحالة في أفغانستان راهناً.
عند تسلمه زمام القيادة في العراق في العام 2007، طلب من بترايوس تنفيذ استراتيجية جديدة لمحاربة الإرهاب بشكل دراماتيكي، والتي تكون مستندة إلى 'زيادة' رئيسية في عديد القوات الأميركية.
من المؤكد، في الغضون، أن يقع أوباما تحت ضغط الحزب الجمهوري بقيادة السناتور جون ماكين لحمله على الموافقة على إلغاء الموعد النهائي المحدد في منتصف العام 2011 للبدء بسحب القوات الأميركية، وربما دفعه إلى إقرار زيادة أخرى في عديد القوات الأميركية في أفغانستان.
لكن التقارير الخاصة بصناعة سياسة الحرب لدى إدارة أوباما في العام الماضي تشير إلى أن أوباما رضخ للضغط العسكري في العام 2009 من أجل زيادة عديد القوات في العام 2010، كجزء من حل وسط وافق بموجبه ماكريستال وبترايوس على زيادة عديد القوات لمدة 18 شهراً. وزيادة على ذلك، فهم المسؤولون المدنيون والعسكريون على حد سواء وبوضوح، أن الإدارة ستدخل في أعقاب استكمال زيادة عديد القوات في مفاوضات حول تسوية الحرب.
توفر مهارات بترايوس السياسية وقدرته على بيع استراتيجية تنطوي على انخراط في تسوية متفاوض عليها مرونة أكثر لأوباما قياساً مع ما خبره مع ماكريستال في قيادته. وعلى النقيض من وجهة النظر المقبولة بشكل عام، والقائلة بأن بترايوس شن حملة كللت بالنجاح لمقاتلة التمرد في العراق، فإن إنجازه الرئيسي تمثل في أول تطويع رسمي للمتمردين السنة.
وكان بترايوس قد أظهر أثناء قيادته في العراق رغبة في تعديل الأهداف الاستراتيجية على ضوء الحقائق التي لم يستطع فرض السيطرة عليها. وقد ترتب عليه أن يبلغ قواته منذ البداية أنه يترتب عليهم بذل جهد آخر وأخيرا لتحقيق التقدم، لكنه وضع في الحسبان أمر إبلاغ الكونغرس بأن الوقت قد حان للانسحاب في حال وجد أن خطته لم تؤت ثمارها.
عندما كان قائداً في العراق، اختار بترايوس ضباط أركانه ممن كانوا إما متشككين أو واقعيين، أكثر من كونهم مؤمنين حقيقيين، وفق تقارير وردت عن أعضاء من أتباعه في العراق. وعندما اقترح أحد المساعدين، في مذكرة، في الأسابيع الأولى من قيادته، فكرة التفاهم مع المتمردين الشيعة بقيادة مقتدى الصدر مثلاً، لم يستبعد بترايوس تلك الفكرة.
إلى ذلك، تقف تلك الرغبة في الاستماع إلى وجهات النظر التي ربما لا تتوافق مع الاستراتيجية القائمة في تناقض حاد مع أسلوب ماكريستال في أفغانستان. وكان ماكريستال قد عول، على نحو كبير، على دائرة صغيرة من الأصدقاء الذين يأتون بشكل رئيسي من سنوات خدمته كقائد لقوات العمليات الخاصة، الذين يظلون يبدون الشكوك والارتياب إزاء وجهات النظر التي تأتي من خارج دائرة قوات العمليات الخاصة، طبقاً لما تقوله مصادر معتادة على الطريقة التي عملت بها دائرته الداخلية.
وفي إحدى المقابلات، وصف مصدر عسكري مطلع على ماكريستال وتابعيه من الدائرة الداخلية المكونة من حوالي ثمانية أشخاص، و'التي تعمل كل شيء سوية، بما في ذلك احتساء الشراب حتى الثمالة، بأنها مجموعة 'متشددة جداً'. وقال مصدر آخر كان قد تعامل مع بعض هؤلاء العاملين في الدائرة الداخلية، إن 'ماكريستال أحاط نفسه برجال مطواعين'. وأضاف: 'وعندما كان البعض يتحدون الرأي السائد، كان يعمد إلى طردهم وإبعادهم'. وأشار إلى أن الدائرة الداخلية لماكريستال درجت على البقاء في العزلة نفسها التي كانت قوات العمليات الخاصة تحيط نفسها بها تقليدياً في تنفيذ عملياتها.
وكان المثال الرئيسي لرفض ماكريستال للخبرة الخارجية التي تناقض معتقداته، هو كما قالت المصادر نفسها، قضية ديفيد كلكولين. ويعرف كلكولين، الضابط الاسترالي المتقاعد، بأنه واحد من أكثر المتخصصين العارفين في شؤون التمرد، وكان قد عمل مستشاراً لبترايوس في العراق في العامين 2007-2008. ويعرف عن كلكولين أنه يعبر عن ضميره وما يعتقد بأنه الحق حتى لو كان ذلك يتضارب مع السياسة القائمة.
وبعد أن تولى ماكريستال قيادة القوات الأميركية وقوات الناتو في أفغانستان في العام الماضي، كان كلكولين مرشحا لأن يصبح مستشاراً له. لكن ماكريستال ألغى ذلك القرار في أعقاب التعاملات الأولية المبكرة بين كلكولين وفريق ماكريستال، كما قالت المصادر. وقد تضاربت وجهات نظر كلكولين حول عمليات القتل المستهدف مع افتراضات ماكريستال ودائرته الداخلية.
وكان من المفترض أن يشكل أتباع ماكريستال 'فريقاً أحمر'، يكون مكوناً من متخصصين خارجيين بشؤون أفغانستان ممن يمكنهم تقديم منظورات مختلفة ومعلومات. لكن تلك الفكرة قيض لها أن تموت بعد أن شددت الدائرة الداخلية لماكريستال من مراقبتها على المعلومات الخارجية، وفق أحد المصادر.
ويظل عدة أعضاء من الدائرة الداخلية لماكريستال منتمين إلى مجموعة الضباط الذين كانوا قد عملوا مع الجنرال خلال خدمته كمسؤول لقيادة العمليات الخاصة المشتركة، والتي نفذت غارات مستهدفة لقتل أو اعتقال قادة المتمردين في العراق وأفغانستان في الفترة بين العامين 2003-2008، وفق المصادر.
ومن بين الضباط الرئيسيين التابعين لماكريستال واللذين كانا جزءا من دائرته الداخلية في قيادة قوات العمليات الخاصة سابقاً، كل من رئيس استخباراته الميجر جنرال مايكل تي فلين، ونائب رئيس أركانه للعمليات الميجر جنرال بيل مايفيل. وكان فلين مدير استخبارات ماكريستال في قيادة عمليات القوات الخاصة المشتركة من العام 2004 وحتى العام 2007، ثم مديره للاستخبارات في هيئة الأركان المشتركة في العام 2008. كما خدم مايفيل تحت قيادة ماكريستال في قيادة عمليات القوات الخاصة المشتركة.
ولا يعتبر المستشار السياسي لماكريستال كولونيل الجيش المتقاعد جاكوب مكفيرين من مخضرمي قيادة عمليات القوات الخاصة، لكنه يوصف بأنه واحد من 'رفاق الشرب' في الجيش القديم للجنرال، وفق ما ذكره مصدر على معرفة بفريق ماكريستال.
- صحيفة 'واشنطن بوست'
أساليب أوباما في الأزمات أنثوية
إنتقدت الكاتبة الأميركية كاثلين باركر الأساليب الخطابية الناعمة التي يتبعها الرئيس الأميركي باراك أوباما في محاولاته مواجهة الأزمات التي قالت إنها برزت في فترة رئاسته بشكل غزير.
وأوضحت الكاتبة في مقال نشرته لها صحيفة 'واشنطن بوست' الأميركية أنها لا تقصد أن تنعت رئيس بلادها الحالي بكونه أقرب إلى النعومة الأنثوية في تصرفاته إزاء مواجهة الأزمات، ولكنه يبدو وكأنه يعاني نقصا في الهرمونات الذكورية عندما يتعلق الأمر بخطاباته بشكل عام.
وبينما قالت باركر إن النساء كن يُنتقدن لتجرؤهن على الكتابة أو الحديث أمام الملأ ويلمن على تصرفهن بشكل 'أقرب إلى الرجولة' أو 'أبعد عن الأنوثة' إلى وقت ليس بالبعيد، أشارت الكاتبة إلى دراسة وصفتها بالمدهشة تناولت تصرفات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي خلصت إلى أن السيدة الأولى السابقة للولايات المتحدة تتصرف وكأنها محام أو بشكل أوضح وكأنها 'رجل'.
وفي حين أشارت الكاتبة إلى أن بيل كلينتون أيضا كان يوصف بكونه 'أول رئيس أسود'، حيث كان يستخدم الكثير من المفردات والعبارات التي يستخدمها السود، قالت إن القبول بذلك الوصف المتعلق ببيل والتسليم بكون هيلاري تتصرف كالرجال قد يسمح للمرء بالقول إن أوباما يتصرف بنعومة أقرب إلى 'الأنوثة'. ر
كما انتقدت باركر الرئيس أوباما إزاء المفردات التي قالت إنه استخدمها أثناء محاولته مواجهة أزمة التسرب النفطي في خليج المكسيك، وأضافت أنه يمكن جمعها لتشكل كتابا، وقالت إنه لا أحد كان يتوقع من أوباما أن يرتدي بزة ضد البلل ويغوص إلى أعماق البحر ليغلق مكان التسرب، لكنه كان يملك السلطة التي تمكنه من التدخل المباشر ولم يفعل.
وأضافت أن أوباما أوكل أمور التسرب لشركة بي بي وأنه كان يقدم النكات للصحفيين أثناء تناول العشاء في البيت الأبيض بدلا من تواجده في سواحل ولاية لويزيانا المتضررة بالتسرب النفطي في الوقت المناسب.
ومضت باركر إلى أن عدم اتخاذ أوباما قرارا حاسما وفوريا إزاء التسرب النفطي ربما يعبر عن نقص في مهارات القيادة، وأضافت أن رئيس بلادها لم يظهر ليخاطب الأمة الأميركية إلا بعد مضي 56 يوما على الكارثة، وأن خطابه احتوى 13 تركيبا لغويا في صيغة المبني للمجهول.