- وكالة 'نوفوستي'
اتفاقية التعاون العسكري ستدفع بتنمية العلاقات الروسية الإسرائيلية
يرى وزير الدفاع الروسي أناتولي سيرديوكوف أن اتفاقية التعاون العسكري بين وزارتي الدفاع الروسية والإسرائيلية التي سيتم التوقيع عليها في موسكو ستعطي دافعا جديدا للعلاقات بين البلدين.
وأشار سيرديوكوف خلال مفاوضاته مع نظيره الإسرائيلي إيهود باراك في موسكو إلى 'الطابع النشط للتعاون' بين وزارتي الدفاع في البلدين في مختلف الاتجاهات.
وأضاف 'إن مواقفنا حيال العديد من تحديات العصر متقاربة، بل حتى متطابقة، لاسيما فيما يتعلق بقضايا الإرهاب ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل'.
وأوضح سيرديوكوف أن 'الاتصالات بين الوزارات والدوائر المعنية في البلدين 'تسهم في التصدي لهذه التهديدات'.
- صحيفة 'نيويورك تايمز'
لدى إسرائيل متطلبات أمنية
محتمية بظلال الهولوكوست، بذلت إسرائيل جهداً حازماً قيض لها النجاح في نهاية المطاف لامتلاك أسلحة نووية. وتماما مثلما كان الخوف من الإبادة الجماعية هو مفتاح فهم تصميم إسرائيل على سلوك المسار النووي، كان ذلك الخوف أيضاً عاملاً مشجعاً لها على ضبط النفس نووياً. وبعد كل شيء، وفي حالة امتلاك أعداء إسرائيل للقنبلة النووية أيضاً، فإن الدولة اليهودية الصغيرة ستواجه الدمار. وبالإضافة إلى ذلك، فإن طيف قتل أعداد ضخمة من الناس الابرياء يعد من الناحية الأخلاقية عاملاً لا يبعث على الاستقرار.
وقد قاد هذا الخلط بين الإصرار وضبط النفس إلى نجوم وضع نووي يتسم بالغموض والإبهام، ويختلف من ناحية أساسية عن مواقف كافة الدول الأخرى التي تمتلك أسلحة نووية. وفي الغضون، لا تؤكد إسرائيل ولا هي تنفي حيازتها لأسلحة نووية. وفي الحقيقة، ترفض الحكومة قول أي شيء حقيقي عن نشاطاتها النووية، فيما يلقى المواطنون الإسرائيليون التشجيع، من جانب القانون والعرف على حد سواء، للحذو حذوها.
وكان الغموض والإبهام قد بدأ أول الأمر باتفاق سري بين الرئيس ريتشارد نيكسون ورئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير في شهر أيلول (سبتمبر) من العام 1969. وطالما لم تعلن إسرائيل عن حيازتها لأسلحة نووية، سواء عن طريق التصريح بذلك أو عن طريق اختبار تلك الأسلحة، فإن الولايات المتحدة توافق على التسامح مع برنامج إسرائيل النووية وتوفير درع الحماية له. ومنذ ذلك الوقت، أعاد الرؤساء الأميركيون كافة ، شأنهم شأن رؤساء الحكومات الإسرائيلية كافة، التأكيد على هذه السياسة. وكان أحدث ما يتصل بهذا الأمر قول الرئيس أوباما خلال اجتماع في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في شهر تموز (يوليو) الماضي: 'إن لدى إسرائيل متطلبات أمنية فريدة من نوعها.. ولن تطلب الولايات المتحدة من إسرائيل أبداً اتخاذ خطوات من شأنها أن تقوض هذه المخاوف الأمنية'.
وغضونا، يستمر هذا الغموض والإبهام بأن يلقى دعماً عالمياً تقريباً لأعضاء المؤسسة الأمنية الإسرائيلية الذين يطرحون أن إسرائيل قد عملت، من خلال امتناعها عن التباهي والتفاخر بوضعها النووي، على خفض الحوافز لدى جاراتها من الدول للالتحاق بركب الانتشار النووي، وجعلت من الأسهل مقاومة المطالب بتنازلها عن درعها النووي قبل إحلال سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.
لكن هذه السياسة أصبحت تنطوي الآن على مفارقة تاريخية، حتى إنها باتت تأتي نتائج معاكسة. ففي الأيام الأولى من برنامجها النووي، لم تكن إسرائيل تبدي أي اهتمام أو قلق بالشرعية الدولية والاعتراف والمسؤولية. وقد انصب جل اهتمامها على حيازة القدرة النووية وحسب. أما اليوم، فقد أصبح الوضع مختلفاً. ذلك أن إسرائيل تعد في الوقت الحالي دولة ناضجة تتوافر على الأسلحة النووية، لكنها تجد من الصعوبة في ظل تضييقات الغموض والإبهام في القول، على نحو مقنع، بأنها دولة مسؤولة. وبالقدر الذي يوفر فيه ذلك الغموض درعاً واقية لقدرات إسرائيل ونواياها النووية، فإنه يعوق الحاجة إلى إعلام المواطنين حول المواضيع التي تهم، حرفياً، مسائل الحياة والموت، مثل: من الذي سيضع إصبعه على الزناد النووي؟ وتحت أي الظروف سيتم استخدام الأسلحة النووية؟
ويمنع الغموض إسرائيل أيضاً من طرح قضية مقنعة قائمة على أسس أن سياستها النووية هي في الحقيقة سياسة دفاعية، والتي تستخدم كملاذ أخير تلجأ إليه، كما يمنعها من المشاركة على نحو ذي مغزى في المداولات التي تتعلق بالسيطرة على الأسلحة الاقليمية، ونزع الأسلحة كونياً.
وبالاضافة لذلك، تحتاج إسرائيل لأن تدرك أن عملية السلام في الشرق الأوسط، ترتبط بموضوع الأسلحة النووية في المنطقة. كما أن الدعم الدولي لإسرائيل وقنبلتها الغامضة يتآكل على نحو متزايد مع استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية، واستئنافها السياسات التي تدعم ذلك الاحتلال، وثمة احتمال كبير بأن يتناول الانتقاد المتصاعد لهذه السياسات المجال النووي أيضاً، مما يجعل إسرائيل هشة أمام الاتهام بأنها دولة مسلحة نووية منبوذة. وهكذا تتم عملية مقارنتها، وإلى درجة غير مريحة، بالنظام الإيراني الذي يعد مارقاً في الوقت الحالي.
وفي الحقيقة، وفيما تعلن كافة الدول تقريباً وبشكل علني أنها تعارض حيازة إيران للأسلحة النووية، فإن هناك دعماً متنامياً أيضاً لفكرة التعامل مع هذه المشكلة بطريقة 'منصفة'، وتحديدا عبر تأسيس منطقة خالية من الأسلحة النووية في عموم المنطقة برمتها.
ومع ذلك، وإذا أخذت إسرائيل على محمل الجد مسألة تعديل موقفها النووي الخاص وتقربها من العملية السلمية، فإنه سيكون من المرجح احتمال تشكل دعم دولي أقوى يعاضد تبني إجراءات تستهدف لجم إيران ومنعها من تجاوز العتبة النووية، واحتواء إيران المسلحة نووياً في حال فشلت تلك الخطوات.
لم تكن إسرائيل أول دولة تحوز على الأسلحة النووية في العالم. وفي ضوء مخاوفها الجيو-سياسية الفريدة من نوعها، فإنه لا ينبغي أن يتوقع أحد منها قيادة العالم باتجاه عصر خال من الأسلحة النووية. ولكن، وبغية التعامل بفعالية مع البيئة النووية الإقليمية الجديدة ونجوم معايير نووية كونية جديدة، فإنه يجب على إسرائيل أن تعيد تقييم الحكمة من وراء التزامها غير القابل للتنازل بانتهاج أسلوب الغموض والإبهام إزاء ترسانتها النووية، وأن تدرك بالتالي أن الدعم الدولي لاحتفاظها بتفوقها العسكري، بما في ذلك قدرتها النووية، يعتمد على محافظتها على تفوقها الأخلاقي في نظر العالم.
- 'نيويورك تايمز'
حملة سورية ضد الاسلاميين
ذكرت صحيفة 'نيويورك تايمز' أن السلطات السورية في الآونة الأخيرة إجراءات قوية لتقليص دور الشخصيات والجماعات الإسلامية في الحياة العامة واستهدفت في ذلك المساجد والجامعات العامة وكذلك المنظمات الخيرية.
وأوضحت الصحيفةأن تلك الحملة تجلت في عدة أمور، إذ طلبت الحكومة من الأئمة تسجيل خطب الجمعة واتخذت إجراءات رقابية مشددة على المدارس الدينية، كما أصدرت تعليمات لجماعة إسلامية نسوية بالحد من أنشطتها الدعوية التي تشمل الوعظ وتدريس الشريعة الإسلامية.
وفي وقت سابق من الصيف الحالي، قامت السلطات السورية بتحويل 1000 مدرسة يلبسن النقاب إلى وظائف إدارية.
واختارت الصحيفة لعنوان هذا التقرير: 'سوريا تتحرك لتقليص نفوذ المسلمين المحافظين', وجاء فيه:
يصر المسؤولون السوريون على أن هذه الحملة التي بدأت عام 2008 وزادت قوتها خلال الصيف الحالي هي محاولة من الرئيس السوري بشار الأسد للتأكيد على العلمانية التقليدية لسوريا في وجه التهديدات المتزايدة للجماعات المتطرفة في المنطقة.
ويعد هذا تحولا كبيرا في السياسة السورية التي دأبت منذ سنوات عدة على تجاهل تصاعد نفوذ المحافظين، كما يضع الحكومة في خط يبدو متناقضا مع سياستها المؤيدة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتنظيم حزب الله اللبناني.
غير أن المسؤولين السوريين يؤكدون أن الحملة الحالية تأتي نتيجة نزعات وتوجهات محلية مقلقة ولا تأثير لها على الدعم الذي تقدمه سوريا لتلك الجماعات.
ورغم أن هؤلاء المسؤولين تحدثوا باعتزاز عن حملة العلمانية الحالية، فإنهم ضنوا بالكشف عن تفاصيلها.
قضايا ملحة
ويرى بعض المحللين السوريين في هذه الحملة محاولة انفتاح أوسع على الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية، التي ما فتئت تغازل سوريا ضمن إستراتيجيتها لعزل إيران وكبح جماح حماس وحزب الله.
ويقول المدافعون عن حقوق الإنسان إن هذه السياسة تسلط الضوء على قضايا مثيرة للقلق وملحة كالسجن التعسفي للإسلاميين والاستمرار في منعهم من أي فضاء سياسي (يمكنهم التحرك ضمنه).
وكانت الضغوط على المسلمين المحافظين قد بدأت بشكل فعلي بعد انفجار سيارة مفخخة في العاصمة السورية، دمشق عام 2008, أودى بحياة 15 شخصا. وقد أنحت السلطات السورية بالمسؤولية عن هذا الانفجار على مجموعة فتح الإسلام المتشددة.
وحسب المحلل البارز في مجموعة الأزمات الدولية بيتر هارلينغ فإن تلك العملية مثلت المحفز الأول على استهداف الإسلاميين، مشيرا إلى أن النظام السوري قرر بعد فترة من مجاملة الإسلاميين أن يتصدى لهم بحملة قمعية بعد أن أدرك مدى التحدي الذي تمثله بالنسبة له أسلمة المجتمع السوري.
مخاطر
وأثار قرار الحكومة هذا الصيف منع المنقبات من التسجيل في الجامعات لغطًا داخل المجتمع السوري بعد أن قورن بإجراء مماثل في فرنسا، غير أن المسؤولين السوريين رفضوا تلك المقارنة بدعوى أن النقاب دخيل على المجتمع السوري.
وتنطوي الحملة الحالية على بعض المخاطر، خصوصا أن النظام السوري خاض معارك عنيفة مع الإسلاميين، أبرزها قيام الرئيس السوري السابق حافظ الأسد عام 1982 بتدمير مدينة حماة، وقتل عشرات الآلاف من السوريين خلال مواجهة مع حركة الإخوان المسلمين.
ورغم أن الحملة الحالية لم تسفر حتى الآن عن ردّ محليّ ظاهر، فإن رجل دين -قال إنه فصل من عمله قبل سنتين من دون تقديم أي سبب لذلك- يقول إن ذلك قد يتغير.
ويضيف الرجل، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، أن 'للإسلاميين اليوم حجة قوية تثبت أن النظام يستعدي المسلمين'.
تودد
وكانت الحكومة السورية قد توددت للمسلمين المحافظين عندما بدأت الدول العظمى الغربية إجراءات لعزل سوريا وسط اتهامات وجهت إليها بالوقوف وراء اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005، فعينت شيخا بدلا من عضو في حزب البعث الحاكم وزيرا للشؤون الدينية كما سمحت لأول مرة بنشاطات دينية في ملعب دمشق.
ومع خروج البلاد من عزلتها الدولية، بدأت الحكومة تركز على التحديات الداخلية، في ظل المخاوف من اتساع رقعة التوترات الطائفية في المنطقة، خاصة أن سوريا دولة ذات أغلبية سنية وتحكمها أقلية علوية.
- مجلة 'فورين بوليسي'
فشل العقوبات الدولية لإيران
قال الكاتب هومان ماجد، في مقال نشر في مجلة 'فورين بوليسي'، إن العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على إيران فشلت وإنها لم تؤت أكلها، في ظل تمني بعض المراقبين الغربيين لها أن تزرع بذور الشقاق في أوساط النخبة من القادة السياسيين الإيرانيين وأبناء الشعب الإيراني.
وأوضح ماجد، وهو مؤلف كتاب 'آية الله يتلهف للمواجهة' وكتاب 'ديمقراطية آيات الله' الذي سينشر الشهر الحالي، أن العقوبات لم تفلح في بث بذور الفرقة بين زعماء إيران، مضيفا أن وسائل الإعلام الإيرانية نقلت بعض أوجه الخلافات في الأوساط السياسية والاقتصادية الإيرانية، إلى أن تدخل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في ساحة المواجهة والخلاف في أواخر الشهر الماضي مطالبا الزعماء السياسيين بترك خلافاتهم العلنية جانبا والعمل سوية من أجل ما فيه خير وتقدم البلاد.
ويرى الكاتب أن بعض مظاهر التوتر المحيطة بالرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ليست وليدة العقوبات الدولية، وأن الخلافات تتراوح بين اعتقاد العديد من المحافظين التقليديين بأن مواقف الرئيس الإيراني النارية ربما أضرت بإيران على الساحة الدولية، وبين وجهة نظر البيروقراطيين المتمثلة في كون أحمدي نجاد حصر اتخاذ القرارات بشأن السياسة الاقتصادية في مساعديه المقربين.
وقال ماجد إنه يجب ألا يفاجأ أحد ممن هم على معرفة بالجمهورية الإسلامية بعقلانية بعض معارضي أحمدي نجاد الذي أظهر قسوة خلال الخصام السياسي, وغزا مناطق نفوذ غيره من النخب التقليدية عن طريق تجاوزهم عند اتخاذ القرارات المهمة.
وأضاف أن خامنئي نفسه يتقبل النصح والمشورة من المحافظين المناهضين لنجاد حتى إنه يشجعهم أحيانا لتحدي الرئيس بشكل مباشر عبر صحيفة كايهان أكبر وأوسع الصحف الإيرانية والناطقة بلسان مكتب المرشد الأعلى نفسه.
وأما لماذا شعر المرشد الأعلى بأنه يجب وضع حد للمناكفات العلنية؟ فيرى الكاتب أن أحد الأسباب ربما يكمن في الاهتمام المبالغ فيه الذي حظيت به المناكفات نفسها على المستوى الإعلامي, بالإضافة إلى إدراك خامنئي لكون أعداء إيران يتلهفون لرؤية مؤشرات وعلامات على وهن النظام باعتبار ذلك أفضل مبرر للهجوم العسكري على البلاد.
ويرى الكاتب أن هناك إجماعا واسعا حول قضايا السياسة الخارجية الرئيسية بين الطيف السياسي الإيراني، خاصة فيما يتعلق بالقضية النووية, مضيفا أنه في الوقت الذي تدعي فيه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أن العقوبات القاسية الأخيرة ضد طهران بدأت تعطي أكلها وتجبر الإيرانيين على النظر في التفاوض بشأن البرنامج النووي الإيراني, فإن الزعامة الإيرانية كانت متفقة على تسوية حقيقية إزاء أي خلافات قبل فرض العقوبات.
وقال إنه بالرغم من صدق وحسن نية إيران عبر تصريحاتها إثر الاتفاق الإيراني مع البرازيل وتركيا، والذي وافقت بموجبه طهران على تبادل اليورانيوم المخصب، مقترحة المزيد من المفاوضات مع وكالة الطاقة الذرية الدولية ومجموعة خمسة+1، فإن الولايات المتحدة رفضت الاتفاق دون سبب واضح.
وأضاف الكاتب أن القول إن العقوبات أدت إلى تأجيج التوترات داخل الزعامة الإيرانية أو إن العقوبات هي المسؤولة عن رغبة إيران الواضحة في التفاوض يعتبر عرضا مضللا للمشهد السياسي في طهران.
وأوضح أن من طبيعة إيران تجاهل الخلافات والمنافسات بين الشخصيات الحكومية القوية وكذلك في أوساط رجال الدين، ذلك لأن التاريخ 'علمنا' أن التهديدات الخارجية تؤدي إلى إيجاد وحدة عوضا عن الانقسامات في أوساط الزعامة الإيرانية
ويرى الكاتب أنه ربما كان الدافع وراء دعوة المرشد الأعلى إلى وضع حد للخصام والمناكفة يتمثل في الخشية من الوقوع في الفخ الذي أعده الغرب لإيران بحيث تبدو إيران خاضعة للقوى الكبرى أو عرضة لقيام ثورة ناعمة أو مخملية، بالإضافة إلى أن الوقت ليس وقتا للخصام والشجار، خاصة مع اقتراب موعد انتخابات 2013.
- صحيفة 'هآرتس'
ايران وسورية وحزب الله و... تركيا
كبار الباحثين في معهد بحوث الامن القومي في جامعة تل أبيب لم يحبسوا هذا الاسبوع انفاسهم في ضوء قمة واشنطن واستئناف المحادثات المباشرة بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. في مقدمة لكراس جديد من المقالات يصدر عن المعهد الاسبوع القادم، 'تقدير استراتيجي لاسرائيل 2010'، كتبوا فيه انه مشكوك ان يكون ممكنا الاستئناف في موعد قريب للمفاوضات المباشرة.
الكتاب نزل الى المطبعة في نهاية تموز (يوليو) ـ والرئيس اوباما اثبت منذئذ أنه يمكن احيانا دحض التوقعات المتشائمة في الشرق الاوسط. ولكن التغيير التكتيكي (الانتقال من محادثات غير مباشرة الى مباشرة، بضغط أمريكي نشط) لا يبشر بالضرورة بتغيير استراتيجي. في نظر خبراء المعهد، ان الفوارق في المواقف بين الطرفين لا تزال كبيرة فيما أن مسألة التزام الزعيمين، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة محمود عباس (ابو مازن) تبقى في اطار المجهول.
رئيس المعهد د. عوديد عيران يقول لـ 'هآرتس' انه يجد صعوبة في أن يرى كيف ستنجح اسرائيل والفلسطينيون في جَسر الفوارق في المواقف بينهما في مسائل النزاع الجوهرية: القدس، الحدود واللاجئين. وبرأيه، اذا لم ينجح الطرفان في الوصول الى تسوية انتقالية متفق عليها، يصرحان فيها بانها ستؤدي لاحقا الى حل الدولتين، فقد يكون بالذات تدهور في الوضع. يتحدثون عن أن بنيامين نتنياهو قطع الروفيكون في موقفه من التسوية مع الفلسطينيين. انا لست واثقا من أن قطع الروفيكون معناه ان بيبي مستعد لان يقترح ما اقترحه اولمرت. انا في شك. ما كان يمكن لأي رئيس وزراء اسرائيلي آخر أن يصل الى ما اقترحه اولمرت. النتيجة الاهم من القمة ستكون اذا ما اتفقت الاطراف على المبدأ في أنه في غياب حل كامل، لا يجب هجر المفاوضات مثلما جرى في كامب ديفيد قبل عقد بل مواصلة الاتصالات.
العميد احتياط شلومو بروم الذي حرر كتاب المقالات مع د. عنات كورتس، يذكر أن الوزير ميخائيل ايتان 'ادعى في رسالة الى اعضاء الليكود قبل بضعة اسابيع بان نتنياهو في واقع الامر قرر في صالح الاتفاق. ولكن المفاوضات مع الفلسطينيين ليست امرا سهلا، حتى لو اردت ان تصل الى اتفاق. في كامب ديفيد ايهود باراك اراد ولم يحصل على اتفاق'. كورتس لم تقتنع من تصريحات نتنياهو السلمية، ولا من خطاب الدولتين الذي القاه في جامعة بل ايلان قبل اكثر من سنة. وهي تقول: 'أتوقع أن يعطي رئيس الوزراء تعبيرا لفظيا عن ذلك مع ترجمة عملية. عند فحص فرص التسوية، الضعف الداخلي في الطرفين، الاسرائيلي والفلسطيني، مقلق جدا'.
قراءة في الكتاب الجديد للمعهد هي تجربة بشعة بعض الشيء. في المقدمة للمقالات كتبت كورتس وبروم: 'في السنة السابقة لم يطرأ اختراق يسمح لاسرائيل بتصدّ ٍ افضل للتحديات في محيطها الاستراتيجي. فضلا عن ذلك، فان ميول التهديد تعاظمت. المسيرة السياسية بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية تقف أمام مأزق... الحصار على غزة لم يحقق الامل باضعاف حماس بقدر يسهل على السلطة الفلسطينية ادارة مفاوضات ملموسة مع اسرائيل وبات بؤرة لانتقاد دولي فظ ضد اسرائيل، يخلق اجواء من الحصار الدبلوماسي'. وكتب الباحثان يقولان ان حزب الله يواصل التسلح وتعزيز قوته السياسية في لبنان. 'على خلفية الجمود في المسيرة السياسية بين اسرائيل وسورية وتعاظم قوة حزب الله يبدو أنه في شمال اسرائيل تتبلور جبهة مهددة اكثر مما كانت في السنوات السابقة'.
اما ايران فتوجد في ذروة عملية استكمال برنامج نووي عسكري والرسوخ كرأس حربة للمعسكر المناهض لاسرائيل في المنطقة. 'لهذا المعسكر انضمت بقدر ما تركيا ايضا... في خلفية منظومة التهديدات هذه تلقي بظلها عملية نزع الشرعية المتواصلة عن اسرائيل.
كما أنهما يتعاطيان مع حملة (رصاص مصبوب) التي يحرص قادة الدولة والجيش على الانفعال علنا بآثارها، يتعاطيان بشك. 'صحيح أن اسرائيل اثبتت في السنوات الاخيرة قدرة مثيرة للانطباع في نقل رسالة عسكرية رادعة، ولكن ترافق مع هذا الانجاز ثمن سياسي باهظ. الانتقاد الدولي على قوة رد اسرائيل سيمنعها من خطوات مصممة لاستئناف الردع حين ينتهي مفعوله'. اما المقال الختامي للكتاب فقد توج بعنوان 'سحب متكدرة في الافق'.
الحديث مع الباحثين تراوح بين المسألتين الكبريين لهذه الفترة من ناحية اسرائيل: المفاوضات الفلسطينية والنووي الايراني. في نظر عيران، فان 'المسيرة السلمية وان لم تحل بالضرورة، فانها على الاقل تطرح افقا سياسيا. هذا امر حيوي لاستقرار التحالف غير الرسمي، المعتدل في المنطقة. وانسحاب الولايات المتحدة من العراق بالذات تعطي فرصة لذلك. فالهشاشة الامريكية تقل مع اخلاء القوات. هذا موضوع حاسم. من غير المعقول ان تعمل اسرائيل ضد ايران دون ضوء اصفر، أو حتى على بعض الخضرة من الولايات المتحدة'. ويروي رئيس المعهد بانه قبل لقاء نتنياهو الاول مع اوباما في البيت الابيض في ايار(مايو) 2009 'نقلنا وثيقة الى نتنياهو. واقترحنا عليه الربط بين المسألتين: اعطِ لأوباما وعدا بجهد أعلى لحل النزاع مع الفلسطينيين ومع سورية. اذا ما ازيل التهديد الايراني، بما في ذلك التآمر الاقليمي والمبعوثين الذين تستخدمهم ضدنا، فيمكن لاسرائيل أن تتقدم'.
'لا أتصور أن يعد اوباما بيبي رسميا بمهاجمة النووي اذا لم تنجح العقوبات'، يقول بالمقابل شلومو بروم. ويضيف: 'ولكن اجواء افضل في القناة الفلسطينية ستساعد الولايات المتحدة على اتخاذ عمل أكثر تأثيرا ضد ايران. فالنزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني يطرح اضطرارات ثقيلة على قدرة اللاعبين على اتخاذ خطوات لازمة في السياق الايراني، بسبب الرأي العام العربي. اذا ما ضعف هذا الاضطرار فان مجال العمل سيتسع'.
د. اميلي لنداو تدعي بان 'كل البحث في النووي الايراني يجري تحت الافتراض بانه يوجد حل في متناول اليد لا ينفذ، ولكني قلقة من اهمال الاسرة الدولية. استخدام القوة العسكرية ليس حلا للمشكلة. نجاعة العقوبات ضد ايران ستقاس بتقدم الاطراف نحو مفاوضات اكثر جدية وتصميما. الخيار العسكري هو شبه اعتراف بالفشل. في اقصى الاحوال يمكنه أن يؤجل تحقق البرنامج الايراني. ادارة اوباما تنشغل اقل مما ينبغي في الخيار الدبلوماسي. فهم لم يجروا مفاوضات عنيدة مع طهران. استنتاجي هو أن الادارة على ما يبدو سلمت بتحول ايران الى دولة على حافة النووي، ستكون على مسافلة بضعة اشهر من تحقيق القنبلة'.
اما بروم فيلاحظ مشكلة تنسيق بين الساعات المختلفة في الموضوع الايراني. ساعة العقوبات بطيئة بطبيعتها. في جنوب افريقيا استغرق الامر عشرات السنين الى ان دفعت العقوبات نظام الابرتهايد الى الانهيار. اما حيال ايران، فالعقوبات الاكثر مغزى بدأت متأخرة، بينما بات البرنامج النووي في مرحلة متقدمة'.
د. افرايم كام، نائب رئيس المعهد والخبير في الشؤون الايرانية وبرنامج ايران النووي، يبقى متشائما. 'أثر العقوبات الاكثر تشددا لن يظهر ملموسا الا بعد نصف سنة او اكثر وعندها فقط سيكون ممكنا استخلاص الاستنتاجات. فرضية العمل في الغرب هي أن ايران لم تقرر بعد اذا كانت ستكون دولة حافة النووي. وزير الدفاع الامريكي، روبرت غيتس، قال مؤخرا انه اذا وصل الايرانيون الى الحافة، سيتعين علينا أن نتعاطى معهم كدولة نووية، وذلك لاننا لن نعرف متى سيجتازونها. وسيتعين على الامريكيين أن يقرروا كيفية العمل مع حلول منتصف 2011. في الساحة الداخلية، النظام الايراني نجح في صد موجة الاضطرابات التي بدأت في أعقاب الانتخابات الرئاسية في حزيران (يونيو) 2009 ولكن الشروخ آخذة في الاتساع. يوجد اليوم عداء كبير في اوساط دوائر واسعة للرئيس احمدي نجاد والزعيم الروحي علي خمينئي'.