- صحيفة'نيزافيسيمايا غازيتا' الروسية
مساومة بين موسكو وواشنطن على إيران
كشف مصدر قريب الصلة من الإدارة الأميركية 'أننا لا نستطيع إيجاد حل لإيقاف إيران السائرة إلى إحراز سلاح نووي' قبل أن يضيف 'أننا نسير في الاتجاه غير الصحيح'. وما دام الأمر كهذا فقد يكون استعمال القوة العسكرية ضد إيران هو الحل الصائب حسب المصدر.
كما تأمل واشنطن في أن يَضطر الضغط الاقتصادي المتزايد القيادة الإيرانية إلى إعادة ترتيب أولوياتها حتى تتوقف عن السير إلى إحراز السلاح النووي.
وبالمناسبة كانت موسكو قد لفتت انتباه المسؤولين الأميركيين إلى تصريحات تحدث مسؤولون إيرانيون فيها عن استخدام الطاقة النووية في عام 1991. ولم تلق تحذيرات موسكو اذنا صاغية في أمريكا وقتذاك. والآن ترى روسيا مبررا للحذر من إيران بحسب رأي المصدر الأمريكي الذي يعتقد أن 'روسيا لا تثق في إيران' وأنها 'ليست واثقة من أنها تستطيع التوصل إلى اتفاق مع القيادة الإيرانية الحالية'.
كذلك يرى المصدر أن 'كثيرين في روسيا يخشون أن تعمل إيران على مفاقمة الوضع في شمال القوقاز الروسي وفي منطقة آسيا الوسطى السوفيتية سابقا في حال شاب التوتر العلاقات الروسية الإيرانية'.
وتجدر الإشارة إلى أن خبراء روساً لاحظوا أن 'الإيرانيين نجحوا في توطيد علاقاتهم بعدد من الأقاليم الروسية ومنها تتارستان، وقد يعملون على دعم النزعات الانفصالية في هذه الأقاليم'.
ومن جهة أخرى، لروسيا مصلحة في المحافظة على العلاقات التجارية مع إيران لتبيع منتجاتها إلى هذا البلد، وعلى الأخص الأسلحة، وتتعاون مع إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
ومن هنا فإن موسكو تحاول تحقيق التوازن بين مصالحها المتعلقة بإيران، فلا تريد أن تساعد الإيرانيين من جهة ولا تريد أن تحاربهم من جهة أخرى حسب المصدر الأميركي.
والنتيجة هي أن روسيا تساوم الولايات المتحدة، برأي الأميركيين، على ما يمكن أن تقبضه من ثمن إذا وضعت نفسها في مواجهة محفوفة بمخاطر مع إيران.
ويُعتقد أن اتفاقية التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا في الاستخدام السلمي للطاقة النووية والتي لم يصادق البرلمان الأميركي عليها بعد، والمباحثات المتعلقة بتصدير أسلحة روسية إلى السعودية تدخل في 'الثمن' الذي يمكن أن تقبضه موسكو إذا أحجمت عن تسليم إيران الأسلحة.
وتُضطر الولايات المتحدة في الوقت نفسه لأن تعمل حسابا لتفاوت الآراء بين 'البيت الأبيض' في موسكو (مجلس وزراء روسيا) و'الكرملين' (الرئاسة الأولى). ويقول المصدر 'إن أحدهما يقول إنه ذو الاتجاهات الغربية ويريد أن يعتمد تطور روسيا على التكنولوجيا المتطورة في حين يعلن ثانيهما أنه لا يثق في الغرب، ويتحدث عن أهمية النفط والغاز للاقتصاد'، ويشير إلى أن هذا التضارب يحيّر البيت الأبيض في واشنطن.
ويضيف المصدر أن هناك في الولايات المتحدة مُن لا يثقون في روسيا كشريك صعب يعرف كيف يتعامل مع إيران ذاتها.
- صحيفة 'اسرائيل اليوم'
هل ستبقى اميركا على قيد الحياة؟ / كتب زلمان شوفال
'بعد بضع سنوات ستتدهور الولايات المتحدة الى دولة شرطة فوضوية، يسكنها الجهلة والعامة. وسائل الاعلام ستملي فيها جدول الاعمال، المشادات في السوق ستحتل مكان الابداع، العنصرية والتمييز ضد النساء سيميزان المجتمع والصين ستنظر اليها من أعلى ازدهارها الاقتصادي وتفرك يديها متعة في ضوء تفتت الثقافة الغربية'. هذه، على الاقل، رؤيا الكابوس للكاتب اليهودي، من مواليد روسيا والمقيم في امريكا غاري شتاينغرت.
على نهج انباء الغضب على مدى التاريخ ثمة في أقواله غير قليل من المبالغات، ولكن ايضا نواة الحقيقة. ذرة من الحقيقة. حقيقة هي ان الاساس الانتاجي للاقتصاد الامريكي آخذ في التآكل. وان وسائل الاعلام الالكترونية تقضم من البنية التحتية للثقافة والتعليم العالي، ونهج 'متعدد الثقافات' الذي سيطر على اجزاء واسعة من مؤسسات التعليم في امريكا يخلق مسيرة مناهضة للثقافة في اوساط الجيل الشاب. صحيح ان بعض الجامعات والكليات في ارجاء الولايات المتحدة لا تزال تعتبر من افضلها في العالم، الا أنه في ضوء الازمة الاقتصادية المتواصلة لا ضمانة في أن تبقى في الصدارة.
غير أنه ليس فقط شتاينغرت يقرع أجراس التحذير بل اشخاص آخرون ايضا. في الخطوط العامة الجدال هو بين اولئك الذين يقولون 'يمكننا الحفاظ على مكانة الولايات المتحدة كرقم واحد' وبين اولئك الذين يردون بان 'على أي حال لن نتمكن من البقاء اوائل، بل وافضل هكذا'.
توم فريدمان يكرس في السنوات الاخيرة العديد من مقالاته وكتبه للمعضلة الامريكية. استنتاجه هو انه منذ الازمة الاقتصادية للعام 2008 طرأ تراجع في مكانة أمريكا كزعيمة للعالم، سواء على المستوى السياسي ام المستوى الاقتصادي وذلك لان الاحتياجات المالية الداخلية تقلص قدرة امريكا على ان تكون نشطة وفاعلة في المجال الدولي، وبالتأكيد ليس كما كانت.
وهو يقتبس عن كتاب البروفيسور ميخائيل مندلبلوم من جامعة جونس هوبكنز، الذي ادعى بانه بسبب عبء الديون الخارجية والداخلية لامريكا، فان العالم سيكون في المستقبل 'مكانا أقل أمنا وأكثر انفلاتا'، وذلك لانه لن يكون للولايات المتحدة ذات القدرة على التوجيه للنظام في العالم واداء دور الشرطي العالمي. ولكن مندلبلوم (وفريدمان) اللذين ليسا كشتاينغرت وكالذين يرون السواد على نحو مهني، لا ييأسان. أولا، فهما يذكراننا بان امريكا لا تزال القوة العظمى العسكرية الاقوى في العالم، وكذا الاقتصاد الامريكي، رغم الازمة التي اجتازها، لا يزال اكبر من كل الاقتصادات الاخرى في المعمورة.
برأيهما، فان المفتاح للحفاظ على مكانة الولايات المتحدة هو بالاساس اقتصادي. بمعنى، اذا كان كل ذوي الشأن، بمن فيهم السياسيون، سيركزون على مهمة حث النمو، ترميم القاعدة الصناعية، كبح جماح الاستهلاك العام، تقليص التعلق بالنفط وما شابه فانها ستضمن ايضا في المستقبل المكانة الجيوسياسية وكزعيم للعالم. ليست اوروبا 'المستعطفة' (بالمعنى العسكري والسياسي)، ولا الصين (التي رغم ازدهارها الاقتصادي في المجال العمومي لا تزال توجد في أسفل الدرك من حيث دخل الفرد) وبالتأكيد ليس روسيا (غير الواردة) يمكنهم أن يؤدوا الدور.
وما لكل هذا بنا؟ الاسرائيليون مشوشون قليلا بالنسبة لامريكا. من جهة، نحن نشعر انفسنا قريبين منها، نعترف ونفهم اهمية 'العلاقات الخاصة' في مجال العلاقات الامنية. وعليه فان معظمنا يفهم بان لنا مصلحة في امريكا قوية وسائدة (وليس هذا، بالطبع، صدفة ان دولا كإيران، تركيا، البرازيل وغيرها تحاول المس بالصدارة الامريكية).
ولكن احيانا ايضا نحن نكون مفعمين بالشكاوى والمخاوف من أن تكون الولايات المتحدة، لا سمح الله، سائدة أكثر مما ينبغي. 'نحن لسنا جمهورية موز'، قال في حينه مناحيم بيغن الراحل؛ 'السفير الامريكي ليس المندوب السامي' قال جاد يعقوبي رحمه الله. وهذه بعض من التصريحات الاكثر رقة. اسرائيل حقا ليست 'جمهورية موز' والسفير الامريكي، كائنا من يكون، بعيد عن ان يكون 'المندوب السامي'.
وبالذات، السلوك السياسي لاسرائيل في عهد بيغن يثبت على نحو ظاهر بانه مع امريكا يمكن الجدال، ويمكن الاقناع، بل ويمكن قول 'لا' ايضا، مثلما فعل مرات عديدة معظم رؤساء الوزراء منذ بن غوريون وحتى نتنياهو، ومع ذلك يجب عدم المس بالعلاقات الهامة معها. ولكن هذا شريطة أن نعرف كيف نميز بين الاساسي والتافه، بين الهام حقا وبين الاقل اهمية. ليس دوما يجلس في البيت الابيض رئيس ودي وليس دوما تتميز السياسة الخارجية الامريكية بالحكمة الفائقة. ولكن تخيلوا كيف سيبدو العالم، وماذا كان سيكون عليه وضعنا، لو لم تكن الولايات المتحدة 'رقم واحد' بل اوروبا أو الصين او روسيا؟
- صحيفة 'نيويورك تايمز'
FBI يحذر: 'الإرهابيون المحليون' أخطر تهديد يواجه أميركا الآن
حذر مسؤولون في مكتب التحقيقات الفيدرالية الـFBI أمام لجنة الأمن الداخلى فى مجلس الشيوخ الأسبوع الماضى، من أن أخطر تهديد يواجه الولايات المتحدة الأميركية الآن هو 'الإرهابيون المحليون' الذين يتغلغلون فى جميع أرجاء المجتمع دون رقابة. ووفقا لمدير الـFBI، روبرت مولر، تنظيم القاعدة عكف على'تجنيد الأميركيين أو الغربيين القادرين على إخفاء هويتهم أمام التدابير الأمنية المشددة'.
ودفعت هذه الحقيقة جانيت نابوليتانو، وزيرة الأمن الداخلى إلى الإيمان بأن 'الأمن الداخلي يبدأ من داخل المجتمع.. الذى يتعين عليه أن يراقب أية أنشطة 'مثيرة للشك'، فنحن نشجع هذه الرقابة لكن من دون المساس بالخصوصية والحقوق الدستورية'.
وذكرت صحيفة 'نيويورك تايمز' إن وزارة العدل الأميركية تعمل الآن على مشروع يسمى 'مبادرة مراقبة الأنشطة المثيرة للشك على الصعيد القومي'، وإن المسؤولين الفيدراليين ومسؤولين تطبيق القانون الدوليين والمحلين وضعوا 'مراكز دمج' لهذا البرنامج في عشرات المدن الأميركية التى تضم، بوسطن وشيكاغو وهيوستن، وهي المدن التى ذاعت فيها الأنشطة المثيرة للشك من قبل بعض المواطنين.
وأوردت الصحيفة كيف استوجبت الأحداث الأخيرة وضع لوائح يسير على خطاها مسؤولو تطبيق القانون الأميركيون عند التطرق لقضايا الإرهاب، وتساءلت هل يتعين عليهم مراقبة مثلا شاب يشترى كميات كبيرة من الأسيتون، أم هل ينبغى عليهم إيقاف آخر دخل إلى متجر لبيع مستحضرات التجميل لشراء بيروكسيد الهيدروجين، وهى المواد المستخدمة في صناعة قنبلة، فرغم عدم وقوع جريمة بعينها، إلا أن هذه الأنشطة تدعو للشك.
- صحيفة 'الإندبندنت'
اليمين الإسرائيلي يحتفي بتجدد الاستيطان / كتبت كاترينا ستيوارت
مستوطنة ريفافا، الضفة الغربية - رفعت النسوة أيديهن عالياً وهن يتمايلن على ألحان الموسيقى في الشمس الغاربة، وغنى الحجاج المسيحيون الفنلنديون وضربوا على دفوفهم، بينما أطلق المؤيدون للاستيطان آلافاً من البالونات البيضاء والزرقاء، بألوان العلم الإسرائيلي، في السماء.
وكان هذا التجمع احتفالية بمناسبة إنهاء تجميد إسرائيل للبناء في مستوطنة رفافا اليهودية في الضفة الغربية لمدة 10 أشهر، وسط أجواء من البهجة والسرور. وبينما كان الساسة يستعدون لأخذ أماكنهم على المنصة، قال متحدث باسم النواب اليمينيين في الكنيست إن طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من المستوطنين 'ضبط النفس'، سوف 'يرفض مع الاحترام'.
وبدلاً من ذلك، أقام القادة بداية رمزية في إطار تعهدهم باستئناف بناء 2.000 منزل بمجرد انتهاء مدة التجميد في منتصف ليلة الأحد الماضي، فوضعوا الأساس الإسمنتي لدار حضانة جديدة في مستوطنة كريات نيتافيم المجاورة. وقال داني دانون للحشد، وهو نائب في البرلمان عن حزب الليكود: 'الليلة، سوف نعيد هذا القرار التعيس إلى مزبلة التاريخ'.
وكان حشد من حوالي 2.000 شخص، الكثيرون منهم من حزب السيد نتنياهو اليميني، قد تجمع في فسحة رملية محاطة بالكرفانات والمنازل المبنية حديثاً. وكانت يافطة معلقة على المسرح المؤقت تقول: 'إننا نحيي الرواد في يهودا والسامرة'.
وتقول رازاليا، وهي مهاجرة روسية في الستينيات من عمرها، والتي كانت قد انتقلت إلى إسرائيل قبل 20 عاماً: 'إننا نريد أن نبني. لقد أعطانا الله هذه الأرض'.
ومن بين أكثر المؤيدين حماسة، كان المسيحيون الإيفنجيليكان، الذين كان الكثيرون منهم قد سافروا من أماكن بعيدة مثل الولايات المتحدة والصين، والذين لوحوا باليافطات التي تقول: 'إننا نحب إسرائيل'.
وقالت بواليت، وهي مسيحية قامت بالرحلة من كندا: 'إننا نعرف أن هذا سوف يحدث اليوم، وقد أردنا أن نقف داعمين لكل إسرائيل وأرض الله'. وعندما سئلت عما إذا كانت تؤيد وجود أرض للفلسطينيين، أعترفت بأنها 'لم تكن على معرفة' بالسياسة.
ويشعر الكثير من المستوطنين بقلق عميق من أن واشنطن، التي تقود مفاوضات السلام المتجددة، يمكن أن تبرم صفقة بين إسرائيل والفلسطينيين من أجل تحقيق حل دولتين.
وبالنسبة للبعض، يمثل قيام دولة فلسطينية خطراً وجودياً على دولة إسرائيل. ويقول مارك، وهو مهاجر مسن من روسيا: 'إنه من غير الممكن التوصل إلى اتفاق. إنهما لا يريدوننا هنا'. أما بريان، وهو إسرائيلي يعيش في مستوطنة معاليه أدوميم الكبيرة الواقعة تماماً خارج القدس، فقال: 'إن ما يدعى الضفة الغربية هي منطقة استراتيجية جداً. وإذا ما سيطر عليها العرب، فسيكون بوسعهم أن يقتلونا من هنا'.
ويعيش نحو 300.000 إسرائيلي في مستوطنات يهودية في الضفة الغربية المحتلة، وكلها غير قانونية وفق القانون الدولي. وبينما ينجذب الكثيرون إلى هذه المستوطنات بالتخفيضات الضريبية والإسكان الرخيص، تعتقد مجموعة منهم بأنهم يستعيدون الأرض التي وعدهم بها الله.
وكان الاستيطان قد توسع بتسارع منذ بواكير السبعينيات، وظهر كعقبة كأداء مبكرة في محادثات السلام المستأنفة حديثاً. ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل لا تستطيع التفاوض بإخلاص طالما كانت تستمر في البناء على الأرض التي ربما يتوجب منحها لهم ذات يوم للتحضير لإقامة دولة فلسطين المستقلة.
أما المستوطنون فلا يتزحزحون، على الرغم من تيار من القلق كان يمور تحت احتفالية يوم الأحد من احتمال أن ينفصل عن قاعدته الانتخابية اليمينية ويستسلم لمطالب الولايات المتحدة لتقديم تنازلات من أجل السلام. وقال جدعون آرئيل، وهو عضو اللجنة المركزية في حزب الليكود: 'ما نزال قلقين، إننا نعرف ما حدث من قبل'. مشيراً إلى فك ارتباط إسرائيل من غزة قبل خمس سنوات. وأضاف: 'إننا لا نقتنع بهذه السهولة بأن ذلك لا يمكن أن يحدث مرة أخرى'.
- مجلة 'فورين أفيرز'
أسطورة الدومينو النووي / تفكيك سيناريوهات أسوأ الاحتمالات للانتشار النووي / كتب جوان بيرغيناس
لدى التفكير في مخاطر وجود برنامج إيراني للأسلحة النووية، يجد أولئك الذين يختلفون على الأيديولوجيا السياسية أرضية مشتركة نادراً ما تتوفر. ويتفق الجميع تقريباً، على أنه في حال طورت إيران أسلحة نووية، فإن جيرانها سيفعلون الشيء نفسه بشكل حتمي أيضاً. وكان السيناتور الأميركي السابق سام نون (ديمقراطي من جورجيا) على سبيل المثال قد قال في وقت سابق من هذا العام: 'ينبغي على حكومات العالم معرفة طبيعة التهديد الذي سوف ينجم في حال حصل الإيرانيون على أسلحة نووية، لأنها ربما تكون هناك 10 دول أخرى في الشرق الأوسط، والتي سوف تسلك ذلك الطريق ذاته خلال السنوات العشر إلى العشرين المقبلة'. ويبدو صناع السياسة الأميركيون كافة، من جون بولتون، السفير السابق المحافظ للولايات المتحدة في الأمم المتحدة، إلى نائب الرئيس جون بايدن، وأنهم يتفقون كلهم مع هذه النبوءة القاتمة.
لكن هناك مشكلة واحدة في سيناريو 'الدومينو النووي' هذا: إن السجل التاريخي لا يدعمه. فمنذ فجر العصر النووي، خشي الكثيرون من انتشار نووي سريع وواسع الانتشار؛ وبعد 65 من ذلك، استطاعت 9 دول فقط أن تطور أسلحة نووية. وقد مرت 20 سنة بين ظهور أول دولة نووية، الولايات المتحدة في العام 1945، وبين ظهور الدولة النووية الخامسة، الصين في العام 1964.
كما أفرزت السنوات الأربعون التالية خمساً فقط من الدول النووية الإضافية: الهند، إسرائيل، جنوب افريقيا، الباكستان، كوريا الشمالية. وقد نزعت جنوب افريقيا أسلحتها النووية طوعاً في عقد التسعينيات، وكذلك فعلت كل من بيلاروسيا، وكازاخستان، وأوكرانيا في أعقاب تفكيك الاتحاد السوفياتي. وبعد أن طورت إسرائيل قدرات تصنيع أسلحة نووية في أواخر الستينيات، لم يعقب ذلك أي رد فعل نووي متسلسل في المنطقة، حتى مع أن تلك الدولة محاطة بالأعداء. كما لم يكن هناك حتى ولو سباق تسلح نووي ثنائي واحد في الإقليم.
وبالطريقة ذاتها، مرت الآن أربع سنوات منذ أصبحت كوريا الشمالية دولة مالكة للأسلحة النووية، ومع ذلك لم تحذ كوريا الجنوبية واليابان حذوها، على الرغم من حقيقة أن لديهما القدرات الكامنة لامتلاك أسلحة نووية -أي وصول إلى المادة الانشطارية الضرورية لإنتاج الأسلحة. وكانت قرارات تلك الدول أن لا تصبح نووية قد جاءت بفضل جهود أميركية كثيفة بذلت من أجل ثنيهما عن ذلك. وتتمتع كل من كوريا الجنوبية واليابان بضمانات أمنية حازمة وقديمة من واشنطن، بما في ذلك اشتمالهما بحماية المظلة النووية الأميركية الاستراتيجية، وهو ما يغنيهما عن الحاجة إلى امتلاك قدرات ردع خاصة بهما. وفي أعقاب إجراء كوريا الشمالية تجربتها النووية في العام 2006، سارع الرئيس جورج دبليو بوش على الفور إلى طمأنة كوريا الجنوبية واليابان، مؤكداً لهما أن الولايات المتحدة ستظل ملتزمة بحمايتهما على نحو لا لبس فيه.
وهكذا، كانت ثمرة هذه الجهود لمنع الانتشار النووي المتسارع والممتد، هي السبب ذاته الذي يبقي على فكرة الدومينو النووي مجرد أسطورة. وفي الشرق الأوسط، ليست هناك أي إشارات على أن أي حجارة دومينو سوف تسقط في أي وقت قريب. وعلى الرغم من اعتقاد كثير من الحكومات بأن إيران يمكن أن تكون على بعد سنة إلى ثلاث سنوات من تطوير قنبلة نووية، فإن الدول الشرق أوسطية كافة (ما عدا إسرائيل) تقف على بعد 10 إلى 15 سنة على الأقل من الوصول إلى مثل تلك القدرة.
هذا الإطار الزمني يعطي لواشنطن فرصة جيدة لإقامة أو إعادة تأكيد الاتفاقات الأمنية، مع الدول التي قد تميل إلى تطوير برامجها الخاصة للأسلحة النووية، في رد فعل على القنبلة الإيرانية المحتملة. وفي حقيقة الأمر، كان ذلك الجهد قد بدأ بالفعل. ففي شهر تموز (يوليو) 2009، تحدثت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون عن احتمال توسيع وبسط 'المظلة الدفاعية' للولايات المتحدة بحيث تضم منطقة الخليج، بالإضافة إلى تعزيز القدرات العسكرية لدول تلك المنطقة في حال أصبحت إيران دولة نووية.
وفي الإطار الأعمّ، تحاول الولايات المتحدة تعزيز ثقافة منع الانتشار النووي في الشرق الأوسط. وكانت واشنطن قد أبرمت في أواخر العام 2009 اتفاقاً مع دولة الإمارات العربية المتحدة، حتى تتخلى الأخيرة عن تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة الوقود النووي -وهي خطوات أساسية في تطوير الأسلحة النووية. (وفي المقابل، سوف تتلقى الإمارات العربية المتحدة المساعدة في تطوير برنامج مدني للطاقة النووية لديها). وثمة مبادرات مشابهة تم إنجازها مع كل من العربية السعودية والأردن. وهي دول تسعى إلى تطوير برامج مدنية للطاقة النووية من أجل تنويع مصادر إمداداتها من الطاقة.
وثمة إنجاز آخر تحقق خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي للعام 2010، عندما أقرت الولايات المتحدة إقامة مؤتمر إقليمي حول إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. ومن الممكن أن تكون القمة المقرر عقدها في العام 2012 خطوة أخرى على طريق بناء وتقوية ثقافة منع الانتشار النووي في المنطقة، على الرغم من أن أسلحة إسرائيل النووية تعقد المسألة.
تظل هذه المنجزات رئيسية ومهمة في منع الانتشار النووي في الشرق الأوسط، وهي تعارض سيناريوهات أسوأ الحالات المتعلقة بنجوم إيران نووية. ومع ذلك، فإنها لم تفعل سوى القليل من أجل طمأنة أولئك الذين يتوقعون حدوث ردة فعل على شكل متسلسلة متوالية من الدول النووية في المنطقة.
وتعود مثل هذه المعتقدات الخاطئة في جزء منها إلى فهم الغرب القليل والفقير لإيران. فبعد أكثر من 30 عاماً من العلاقات الدبلوماسية والثقافية والتعليمية المقطوعة مع ذلك البلد، أصبح الغرب يعرف القليل عن قيادة إيران، وعن تطلعاتها الوطنية وثقافتها. وبسبب ذلك، يواجه صانعو السياسة الغربيون أوقاتاً صعبة، وهم يفكرون في الآثار المترتبة على وجود إيران نووية، ويعتمدون في ذلك على فهم أولي تبسيطي، ويستندون إلى مخاوف سياسية منتهية الصلاحية تفتقر إلى الوضوح التاريخي أو المنظور المعاصر. لكن المخاوف المبالغ فيها كانت مفيدة، أيضا: إذ لو أن الولايات المتحدة لم تقدم طموحات إيران النووية في أكثر الأشكال حلكة، فإنها ربما لم تكن لتستطيع كسب الدعم لإقرار فرض أربع جولات من عقوبات الأمم المتحدة الاقتصادية ضد الجمهورية الإسلامية خلال السنوات القليلة الماضية.
وثمة سبب آخر للإصرار على التفكير في سيناريو أسوأ الحالات، هو أن مجاز تساقط الدومينو كثيراً ما يناقش بالتبادل مع سباقات التسلح الثنائية، مثل تلك التي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق، وبين الهند والباكستان. ومع ذلك، يظل هذان مفهومين متمايزين. وتشكل كل من الحرب الباردة ومنطقة جنوب آسيا مثالين على توجهات سباقات التسلح الثنائية -وهو سيناريو لا يمكن استبعاده في الشرق الأوسط. وحتى مع أن هذه الفرضية يجب أن تكون مصدر قلق كبير، فإنها تظل بعيدة جداً عن كابوس الدومينو النووي الذي يتطلب -بالتعريف- أن تسارع المزيد والمزيد من الدول إلى تطوير أسلحة نووية. وفي الشرق الأوسط، يبقى هذا النوع من التطوير السريع غير متاح من الناحية التقنية.
ولا يعني أي من هذا أنه لا ينبغي على العالم أن يقلق من برنامج إيران النووي. إذ يظل للانتشار النووي البطيء تداعيات هائلة على السلم والأمن العالميين مع ذلك. لكن الأكثر مدعاة للقلق هو احتمال أن تمتلك منظمة إرهابية وصولاً إلى سلاح نووي أو إلى المواد اللازمة لصناعة قنبلة قذرة -وهو احتمال يصبح أكثر ترجيحاً في عالم يضم المزيد من الدول النووية التي تنتج المواد الانشطارية. ويعد الخطأ البشري أو التقني سبباً مشروعاً آخر للشعور بالقلق؛ ففي عدة مناسبات خلال حقبة الحرب الباردة، اقترب العالم كثيراً من نشوب حرب نووية بسبب سوء الاتصال بين الدول المالكة للأسلحة الذرية.
وعلى النطاق الأوسع، لا يحتاج العالم إلى المزيد من النقاط النووية الساخنة الإضافية. ولكم أن لا تنظروا أبعد من الهند والباكستان، وهما من ألد الأعداء الذين يملكون أسلحة نووية، والذين كثيراً ما أصبحا على شفير حرب نووية. ولن يعمل إضافة مكون نووي إلى حالة العداء بين إسرائيل وإيران على تحسين آفاق إقامة سلام دائم في المنطقة.
وثمة مخاوف أخرى تتصل بوجود إيران نووية، وهي إقل إقناعاً. فكثيراً ما يقال، على سبيل المثال، إن الدول الجارة لإيران سوف تصبح رهائن لاستبداد طهران النووي. وما من شك في أن إيران نووية سوف تكسب نفوذاً ومكانة إقليمية اعتبارية، وسوف يكون ذلك البلد قادراً على ممارسة ضغط متزايد على الدول الأخرى. لكن القدرة الهجومية للأسلحة النووية تظل محل استنطاق؛ ولم يكن قد تم استخدامها أبداً منذ هيروشيما ونغازاكي. أما كافة الدول النووية الأخرى، فقد اعتمدت على قدراتها غير النووية في الردع، وليس هناك سبب للاعتقاد بأن إيران ستتصرف بطريقة مختلفة. وسوف تكون أي تهديدات إيرانية باستخدام أسلحة نووية فاقدة للمصداقية بكل بساطة. ومن دون مصداقية، فإن إيران -مثل أي بلد آخر- لن تكون قادرة على احتجاز أي بلد آخر ليكون رهينة.
ويزعم آخرون بأن نظام عدم الانتشار النووي الدولي سوف ينهار ويتداعى سريعاً في حال أصبحت إيران دولة نووية. ووفقاً لهؤلاء، فإن إيران نووية ربما تدمر معاهدة عدم الانتشار النووي، وهي الاتفاقية التي تلتزم الدول وفقها بنزع التسلح النووي وبعدم تطوير أسلحة نووية. وإذا ما خرجت إيران كدولة مالكة للأسلحة النووية بعد التحايل والتلاعب بالتزاماتها في المعاهدة، فإن مشروعية معاهدة عدم الانتشار النووي سوف تعاني من ضربة من دون شك. لكن الأمر سوف يتطلب مع ذلك أكثر من مجرد تحايل إيران على المعاهدة حتى يتم نبذها وجعلها غير ذات صلة. وتعد معاهدة عدم الانتشار النووي واحدة من أكثر التوافقات الدولية نجاحاً في التاريخ، وهي تتمتع حالياً بعضوية عالمية. ومن غير المرجح أن يسمح أطرافها المائة والثمانون لبرنامج إيران النووي بأن ينسف مؤسسة ما تزال -وكانت طوال أربعة عقود- أساس الجهود المبذولة لوقف ومنع الانتشار النووي. وإذا كانت إيران تمتلك القوة لجعل معاهدة منع الانتشار النووي تنهار، فإن كون المعاهدة تستحق الحفاظ عليها في المقام الأول يصبح محل استنطاق.
إن التنبؤات بحدوث عواقب وخيمة وكارثية تنجم عن ظهور إيران نووية ليست خاطئة فحسب، وإنما هي ضارة ويمكن أن تأتي بنتائج عكسية أيضاً. كما أن التأكيد على أن انتشاراً نووياً سريع الامتداد سيكون حتمياً ولا مفر منه يمكن أن يصبح نبوءة داعمة لذاتها. وتشكل أسطورة تأثير الدومينو النووي هذه ذريعة للدول الشرق أوسطية الأخرى -حين تتوقع أن يكون جيرانها قوى نووية- حتى تعمل على حيازة أسلحة نووية لنفسها.
وتبقى هذه السيناريوهات الكابوسية خطيرة لسبب آخر أيضاً: ذلك أن الآثار المتوقعة لوجود إيران نووية، سواء كانت حقيقية أو متوهمة، سوف تحدد طبيعة السياسات التي سيتم انتهاجها لمنع طهران من صنع القنبلة. وإذا كانت التداعيات التي يجري التحدث غير متطابقة مع الواقع، فإن الأساليب المستخدمة لمنع إيران من أن تصبح نووية سوف تكون غير متناسبة قياساً مع طبيعة التهديد. وقبل سبع سنوات من الآن، سارت الولايات المتحدة إلى العراق اعتماداً على توقعات سيناريو أسوأ حالات متعلق ببرنامج العراق النووي، والذي كان قد ذهب شأواً بعيداً وراء أي شك منطقي. ولا تستطيع واشنطن تحمل تبعات شن حرب أخرى على أساس ادعاءات كاذبة.
ما من شك في أن العالم سيكون أفضل حالاً إذا لم تمتلك إيران أسلحة نووية، ويجب على المجتمع الدولي أن يستخدم كافة التدابير المناسبة لمنع إيران -أو أي دولة أخرى- من القيام بذلك. لكن القضية القائمة ضد إيران نووية تظل قوية بما يكفي من دون أسطورة الدومينو النووي. وعن طريق إثارة سيناريوهات الحالة الأسوأ والتذرع بها، فإن الساسة لن يفعلوا سوى مجافاة الدقة في التفكير.