- صحيفة 'نيزافيسيمايا غازيتا' الروسية
السعودية لا تشتري الأسلحة من أجل الحرب بل من أجل الهيبة !
أبلغت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية يوم الأربعاء الماضي برلمان الولايات المتحدة رسميا نية توقيع أكبر صفقة أسلحة منذ تأسيس الولايات المتحدة لبيع أسلحة بقيمة إجمالية مقدارها 60 مليار دولار إلى السعودية.
وأخبر نائب وزير الدفاع الأمريكي الكسندر فيرشبو ومساعد وزيرة الخارجية اندرو شابيرو الصحفيين بأن الأسلحة المزمع توريدها إلى السعودية تشمل 84 طائرة إف-15 وقرابة مائتي مروحية. كما يتضمن العقد المطلوب إبرامه تحديث 70 طائرة عسكرية.
وقال شابيرو إن هذه الصفقة التي يجب أن يناقشها الكونغرس الأمريكي خلال شهر ستكون بمثابة الرسالة إلى البلدان الأخرى بالمنطقة التي نقول فيها إننا مصممون على حماية أمن شركائنا وحلفائنا الأساسيين في الخليج والشرق الأوسط وإن الهدف من هذه الصفقة المحافظة على التوازن العسكري في الشرق الأوسط إزاء تصاعد البرنامج النووي الإيراني، معتبرا أن هذا سيعزز قدرة السعودية على حماية حدودها ومنشآت الصناعة النفطية التي تنطوي على أهمية كبيرة لمصالح الولايات المتحدة الاقتصادية.
ويذكر أن إسرائيل التي تعارض تزويد البلدان العربية بالأسلحة دائما لم تبد معارضتها لهذه الصفقة التي يعللها الأمريكيون بضرورة مواجهة 'الخطر الإيراني المتنامي' لاسيما وإن الحكومة الأمريكية وعدت إسرائيل بأن السعودية لن تحصل على التكنولوجيا العسكرية المتطورة.
في كل الأحوال فإن خيبر صحيفة 'نيزافيسيمايا غازيتا' الروسية فيكتور ليتوفكين لا يرى مبررا لأن تخاف إيران وإسرائيل من القوة العسكرية السعودية المتعاظمة، معتقدا أن 'الدول الشرقية الغنية ومن بينها السعودية، لا تشتري الأسلحة العصرية من أجل الحرب بل تشتريها من أجل تحقيق الذات وتدعيم هيبتها على الأرجح'.
ومن جهته يرى خبير عسكري روسي آخر وهو العقيد إيغور كوروتشينكو، أن تزايد احتمال نشوب الحرب مع إيران يدفع السعودية لتطوير التعاون التسليحي مع الولايات المتحدة. ومن هنا فإن الخبير يرى مبررا للقول إن 'الخطر الإيراني' يجدي نفعا لمؤسسة التصنيع العسكري الأمريكية وقد يمنع إنجاح المفاوضات التجارية الروسية السعودية حول ببيع أسلحة روسية إلى المملكة السعودية، معبرا عن أسفه لأن تعاقد الولايات المتحدة مع السعودية 'سيترك أثره السلبي على نجاح مفاوضات بيع أسلحة روسية'.
ويخلص الخبير إلى القول 'إن الأمريكيين يضعون بعض العراقيل أمام مصالحنا التجارية في المنطقة وإن هذه الصفقة تظهر مدى نجاحهم في تحقيق أهدافهم'.
- موقع 'ذا بالستاين كرونيكل'
الولاء لإسرائيل 'اليهودية الديمقراطية'.. / جوناثان كوك
وفق كل الاحتمالات، سوف أكون واحداً من أوائل غير اليهود الذين يتوقع أن يقسموا يمين الولاء لإسرائيل كأيديولوجية، لا كدولة.
وحتى الآن، يتعهد المواطنون المجنسون؛ مثل الجنود في البلد، بالولاء لإسرائيل وقوانينها. وهذا هو الوضع الطبيعي والسائد في معظم البلدان. ولكن قريباً، وإذا مرر البرلمان الإسرائيلي قانوناً تقدمت به الحكومة، فإنه سيطلب من المواطنين المتطلعين للمواطنية أن يقوموا بدلاً من ذلك باعتناق فرضية الأغلبية الصهيونية القائلة إن إسرائيل هي 'دولة يهودية ديمقراطية'.
ومن المقرر أن يتم النظر في طلبي للحصول على الجنسية خلال الأشهر القليلة المقبلة، بعد سبع سنوات من زواجي من مواطنة فلسطينية في إسرائيل. ويشكل فلسطينيو البلاد البالغ عددهم 1.3 مليون نسمة -الذين عادة ما يشار إليهم باسم 'العرب الإسرائيليين'- خمس عدد السكان. ويرجح أن أقوم أنا، مثل القليلين من الآخرين في مثل وضعي، بتقديم هذا التعهد من بين أسنان متشنجة، وأصابعي متصالبة خلف ظهري. ومهما يكن ما أعلنه على الملأ لمسؤولي وزارة الداخلية، فإنه سيكون كذبة. وفيما يلي جملة الأسباب:
أحد الأسباب هو أن هذا القانون عنصري إلى حد لا يمكن تسويغه. وهو ينطبق فقط على المتقدمين للحصول على الجنسية ممن هم من غير اليهود. ولا يعود ذلك، كما يفترض معظم المراقبين، إلى أن اليهود كافة في إسرائيل سوف يقدمون، طوعاً وعن طيب خاطر، على أداء هذا التعهد، وإنما لأن هناك جماعة واحدة كبيرة ومهمة سوف ترفض أداء القسم، فتبطل بذلك حقها في أن يكون أفرادها إسرائيليين. وتلك الجماعة هي اليهود الأرثوذكس، المتشددون المتدينون الذين يمتازون بملابسهم السوداء، والذين يشكلون أسرع المجتمعات نمواً بين سكان إسرائيل اليهود. وهم يحتقرون مؤسسات دولة إسرائيل العلمانية، ويمكن أن يقسموا يمين الولاء فقط لدولة تسترشد بالقانون الإلهي.
وهكذا، تطلب إسرائيل من غير اليهود ما لا تطلبه من اليهود أنفسهم.
وثمة سبب آخر، وهو أنني لا أؤمن بأن دولة يهودية يمكن أن تكون ديمقراطية، بأكثر مما أؤمن بأن دولة ديمقراطية لا يمكن أن تكون يهودية. وأعتقد بأن هذين المبدأين متعارضين مثل قول 'دولة مسيحية وديمقراطية' أو 'دولة بيضاء وديمقراطية'. ولست الوحيد في هذا التقدير، إذ يفكر أكاديميون بارزون في الجامعات الإسرائيلية بالطريقة نفسها. وقد خلص هؤلاء إلى أن دولة تعلن عن نفسها بأنها يهودية لا تتأهل لتكون ديمقراطية ليبرالية، وإنما ككيان سياسي أقل ندرة بكثير: إثنوقراطية.
ويوضح أحد أهم المدافعين عن هذا الرأي، الأستاذ أورين يفتحئيل من جامعة بن غوريون في النقب، أن العناصر الديمقراطية في النظم الإثنوقراطية لا تكون أعمق من مجرد طبقة الجلد الخارجية. ويكون هدف هذه الأنظمة الأساسي هو الاحتفاظ بهيمنة الجماعة العرقية المعنية على الأخريات. وتنبغي ملاحظة أن إسرائيل لديها الكثير من القوانين، لكن ليس من بينها ما يضمن المساواة. ويلاحظ الأستاذ يفتحئيل أن التمييز العنصري مشرع في بنية نظام المواطنة، بحيث يحق لمجموعة إثنية واحدة أن تحوز على الامتيازات على حساب المجموعة الأخرى في جميع جوانب الحياة الأساسية: مثل الحصول على الأراضي، والمياه، والاقتصاد، والتعليم، والهيمنة السياسية، وهكذا.
حتى أن الحفاظ على أغلبية الجماعة العرقية يتم من خلال عملية غش معقدة: حيث تمنح إسرائيل الجنسية للمستوطنين اليهود الذين يعيشون خارج حدودها المعترف بها، في حين تحظر تماماً على الفلسطينيين الذين طردوا في العام 1948 التمتع بحقوق الهجرة التي يتقاسمها اليهود في كل أنحاء العالم.
أما السبب الثالث، فهو أن القسم الجديد في حد ذاته يقوي البنية المركبة من التمييز العنصري المؤسسي القائم على قوانين المواطنة الإسرائيلية.
ويعرف عدد قليل من الغرباء في الخارج أن إسرئيل تمنح الجنسية بموجب قانونين مختلفين، بحيث يتوقف تفعيل أحدهما على ما إذا كنت يهودياً أو غير يهودي. ويحق لليهود كافة والمهاجرين اليهود، وكذلك أزواجهم، الحصول على الجنسية تلقائياً بموجب 'قانون العودة'. وفي الوقت نفسه، يخضع مواطنو إسرائيل الفلسطينيون -شأنهم شأن الأزواج المستحقين للتجنس، من أمثالي- لما يدعى 'قانون المواطنة'. وهذه المواطنة المتفارقة هي التي تسببت بالغضب السابق الناجم عن السلوك الإسرائيلي: مصادرة إسرائيل لحق مواطنيها الفلسطينيين في كسب المواطنة، بل وحتى حظر حقوق الإقامة للزوج الفلسطيني المستحق للتجنس في كثير من الحالات.
ومرة أخرى، يكون 'قانون المواطنة' للفلسطينيين، وليس 'قانون العودة' لليهود، هو الذي تستعد إسرائيل لمراجعته من أجل إجبار أزواج المواطنين الفلسطينيين، بمن فيهم أنا، على التعهد بأداء قسم للدولة نفسها التي لا تعطي لهؤلاء الفلسطينيين أنفسهم ولا لأزواجهم سوى مواطنة من الدرجة الثانية.
والسبب الرابع هو أن هذا القسم يشكل مثالاً كلاسيكياً على قانون 'المنحدر الزلق'. فرغم ابتهاج أفيغدور ليبرلمان، الوزير اليميني المتطرف الذي خاض حملته الانتخابية تحت شعار 'لا ولاء، لا مواطنة'، يرجح أن ينطبق هذا القانون في صيغته الحالية فقط على بضع مئات من المتقدمين لنيل الجنسية سنوياً.
ويستثنى من الخضوع لذلك القانون المواطنون الموجودون حالياً كافة، سواء كانوا يهوداً أم فلسطينيين؛ والأزواج غير اليهود المجنسين وفق 'قانون العودة'؛ والأزواج الفلسطينيون الممنوعون تماماً من عملية التجنيس. وسيكون على العدد الصغير فقط من الأزواج غير اليهود للمواطنين الفلسطينيين أن يقدموا التعهد، لكن القليلين يعتقدون بأن هذا القسم سوف يبقى هامشياً على هذا النحو إلى الأبد. ويجري الآن للمرة الأولى تكريس مبدأ لربط حقوق المواطنة بإعلان للولاء في إسرائيل.
أما الأهداف التالية التي سيطالها هذا النوع من التشريعات، فهي الأحزاب السياسية غير الصهيونية المكونة من الأقلية الفلسطينية في إسرائيل. وتقوم الأحزاب اليهودية فعلياً بصياغة مشاريع قوانين من أجل الطلب إلى أعضاء البرلمان أداء قسم للولاء لـ'دولة يهودية وديمقراطية'. ويجري تصميم ذلك من أجل تحييد أحزاب إسرائيل الفلسطينية، التي تتقاسم جميعاً، كبرنامج لها، مطلباً بأن تقوم إسرائيل بإصلاح نفسها، فتتحول من دولة يهودية إلى 'دولة لجميع مواطنيها' أو إلى ديمقراطية ليبرالية.
وبطبيعة الحال، سيكون الهدف التالي في منظور ليبرمان، هو الفلسطينيون كافة في إسرائيل، والبالغ عددهم 1.3 مليون، الذين يتوقع منهم أن يصبحوا صهاينة أو أن يواجهوا فقدان المواطنة واحتمال الطرد والإبعاد. وقد أكون أنا الأول من بين غير اليهود الذي يقدم هذا التعهد، لكن من المؤكد أن الكثيرين سوف يضطرون إلى أن يحذوا حذوي.
- مجلة 'الايكونوميست'
العقوبات تلقي بظلالها على الاقتصاد الإيراني
لطالما أفضت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة إلى تعقيد أمر استخدام بطاقات الائتمان في إيران. وتسهيلاً على الزائرين الذين يزعجهم حمل أكوام من السيولة النقدية معم، عمد المتعاملون الإيرانيون الفطنون في تجارة السجاد وفي الفنادق إلى تفادي الحصار من خلال تقاضي حسابات بطاقة الائتمان في الخارج، في أماكن مثل دبي مثلاً، قبل تحويل الأموال برقياً إلى حساباتهم المحلية.
لكن هذه الخدمة البارعة أصبحت تنطوي الآن على قدر أكبر من الخداع. فتطبيقاً للعقوبات الدولية التي شددت مؤخراً، عمد المنظمون الماليون في الإمارات العربية المتحدة، التي تضم إمارة دبي، إلى تجميد عشرات الحسابات البنكية الإيرانية، كما فرضت ضوابط مشددة على تحويلات العملة للجمهورية الإسلامية. وقد أفضى التقييد المفاجئ لإمدادات العملات الاجنبية، والذي ضرب أيضا تجارة دبي الضخمة والمربحة في إعادة التصدير، إلى هبوط مفاجئ بلغ 15 % في قيمة الريال الإيراني في الشهر الماضي. وقد هرع المواطنون المتوترون إلى تجار العملات في طهران سعياً لشراء الدولار قبل أن يطرأ أي خفض آخر على قيمة العملة الإيرانية.
وفي الغضون، تدخل البنك المركزي الإيراني في الحال، ضاخاً كمية كافية من الدولارات لتثبيت وضعية السوق. ومع ذلك، كشف الذعر الوجيز الذي ساد البلاد عن أن المواطنين الإيرانيين العاديين، ورغم تبجح قادتهم، باتوا يشعرون بالقلق المتزايد من آثار العقوبات التي ألحقت بهم أضراراً في حقيقة الأمر. وتأخذ هذه العقوبات الآن العديد من الأشكال: من الحظر الشامل والتام على استيراد السجاجيد الفارسية إلى أميركا، والذي كان قد دخل حيز التنفيذ في الشهر الماضي، إلى استهداف مسؤولين إيرانيين بسبب مزاعم بارتكابهم انتهاكات لحقوق الإنسان، وإلى وقف للعمليات الإيرانية من جانب الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات، كما وإلى تردد متنام لدى شركات الشحن والتأمين في مناولة الشحنات المتوجهة إلى إيران.
حتى لو أخذناها بمجملها، فإن من غير المرجح أن تفضي هذه العقوبات إلى تركيع خامس أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم على ركبتيها. وتظل الثغرات القانونية كبيرة على نحو كاف، كما أن جاذبية سوق إيران القوية، التي يقطنها 75 مليون نسمة، تظل كافية إلى حد كبير لجعل السلع والأموال تتدفق على ذلك البلد باستمرار. ورغم أن كوريا الجنوبية انضمت إلى اليابان في الشهر الماضي في فرض العقوبات على طائفة من البنوك والمؤسسات الإيرانية، مواكبة بذلك خط حلفاء الولايات المتحدة الأميركية، فإنها ما تزال حريصة على حماية تجارتها مع إيران، والتي بلغت الذروة لتصل إلى 10 بلايين دولار في العام الماضي. ولذلك تراها وقد عمدت بسرعة إلى توقيع صفقة تسمح للمتاجرين الكوريين والإيرانيين بتسوية حساباتهم عبر تسهيلات خاصة في بنكين كوريين، وبالعملة الكورية. وبالإضافة إلى ذلك، يرى بيت القوة الآسيوي؛ الصين، أنه ليس ثمة من حاجة للجوء إلى مثل هذه الحيلة المخادعة تبعاً. ولذلك عمدت إلى توسيع حصتها في السوق الإيرانية بشكل سريع كما فعلت تركيا.
ومع ذلك، فإن العقوبات التي كانت قد شددت على إيران في حزيران (يونيو) الماضي، من خلال إقرار جولة رابعة من الإجراءات التي اتخذها مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، والتي استهدفت معاقبة إيران على طموحاتها النووية، أخذت هذه العقوبات تضاف إلى حد كبير إلى كلفة وصعوبة إجراء العمليات التجارية. وتقريباً، فإن المتاجرين الدوليين في المنتجات البترولية المكررة كافة، على سبيل المثال، قد توقفوا عن التعامل مع إيران، مما أجبر البلد على الاعتماد على الشحنات البرية صغيرة الحجم والأكثر كلفة لشحن مادة البنزين التي ما تزال إيران بحاجة لاستيرادها بسبب تدني مستوى الاستثمار في التكرير.
وفي الاثناء، لجمت العقوبات تدفق الاستثمارات والتجارة الخارجية التي تمس الحاجة إليها في إيران، خصوصا لقطاع الطاقة الذي يوفر 80 % من مداخيل الصادرات الإيرانية. وفي الأشهر الأخيرة، وعدت خمس شركات نفطية أوروبية ضخمة ممن كانت قد حافظت على تواجد طويل لها في إيران على أمل أن تكون لها ميزة الاستفادة من الاحتياطيات الهائلة غير المستغلة يوماً ما، وخصوصا في حقل الغاز الطبيعي، وعدت بالانسحاب من ذلك البلد إلى الأبد. وتقول شركة 'إنبكس'، التي تعد أكبر شركة يابانية في مجال التنقيب عن النفط، إنه من غير المرجح أن تعمد إلى تعليق عملياتها في إيران. وفي شهر حزيران (يونيو) الماضي، أعلنت الشركة الكورية الجنوبية GS للهندسة والإنشاءات عن إلغاء مشروع بقيمة 1.2 بليون دولار لمعالجة الغاز. وبسبب ما يعود، في جزء كبير منه، إلى مثل هذه التراجعات، فإن من غير المرجح أن تحقق وزارة النفط الإيرانية أهدافها الخاصة برفع الطاقة الانتاجية للنفط بواقع 35 % مع حلول العام 2015، وبالتالي تدشين صادرات الغاز الطبيعي المسال، كما يستنتج تقرير صدر مؤخراً عن شركة 'نومورا' -وسيط البورصة الياباني. وبدلا من ذلك، يرجح أن يهبط الانتاج النفطي بواقع 15 %، وأن تهبط نسبة الصادرات بواقع يصل إلى 25 %.
لكن أيا من هذا لم يردع تشدد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي كرر مؤخراً تنبؤه بأن تكون الرأسمالية صائرة إلى الفشل. ولذلك تراه يفخر بإنجازات صغيرة الحجم مثل التوصل إلى صفقة تجارة حرة مع أرمينيا المجاورة، واتفاقية تم التوصل إليها لاستئناف الرحلات الجوية المباشرة بين إيران ومصر بعد توقف استمر 30 عاماً، باعتبار ذلك مؤشرات على النجاح الدبلوماسي. وفي الغضون، يصر الرئيس الإيراني على القول، من دون الكشف عن أي أرقام، أن احتياطيات بلاده من العملات الاجنبية تستطيع أن تحافظ على استقرار الريال الإيراني لسنوات مقبلة.
ربما يكون الرئيس الإيراني على حق في الاعتقاد بأن التحديات الخارجية ليست أكبر مصادر القلق بالنسبة لبلاده. وفي أعقاب قمعه لمعارضيه الإصلاحيين، دخل جناحه المحافظ في حملة مناكفات حادة وعلى نطاق واسع. وأكبر قضية تلوح في الأفق هي التي تتعلق بخطة أحمدي نجاد لإلغاء مساعدات الدعم التي تقدمها الحكومة للمستهلك، والتي تكلف حكومته ما يتراوح بين 70 و100 بليون دولار سنوياً، أي ربع إجمالي الناتج المحلي الإيراني. ويواجه الإيرانيون أصلاً، والذين يعيقهم معدل النمو الاقتصادي الضعيف والمعدل العالي لتفشي البطالة، يواجهون احتمال حدوث ارتفاعات حادة ربما تطرأ على أسعار الغذاء والوقود والنقل. وعلى وجه العموم، يبدو أن فصل الشتاء الإيراني المقبل سيكون قاسياً وصعباً.
- صحيفة 'كريستيان ساينس مونيتور'
حرب في اليمن بين الحكومة والقاعدة
إن حربا نشبت في جنوب اليمن المتقلب بين الحكومة والمتشددين المحليين وهو ما يسبب المزيد من التهديد لهذا البلد العربي الفقير.
إن الحكومة شنت هذا الأسبوع ضربات جوية في مدينة مودية بمحافظة أبين تلت غارات جوية الشهر الماضي على معقل مشتبه فيه لتنظيم القاعدة في محافظة شبوة المجاورة. ومنذ اندلاع القتال في أغسطس/آب كانت هناك مناوشات شبه أسبوعية بين الجنود والمتشددين الذين تقول الحكومة إنهم ينتمون إلى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
وقال غريغوري جونسن، المتخصص في الشؤون اليمنية بجامعة برنستون الأميركية، إن المعركة في أبين وشبوة في تنام لأن المنطقة مسقط رأس زعيم التنظيم ناصر الوحيشي. وأضاف أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يحاول بشتى الطرق إقناع أعضاء قوات الأمن والجيش اليمني بالانضمام إلى التنظيم.
ومن جانبها ترد الحكومة اليمنية من خلال ضربات عسكرية ومحاولة تأليب القبائل على القاعدة.
ويخشى محللون أن تكون فصائل القبائل الجنوبية قد ولت ظهرها للرئيس اليمني على عبد الله صالح وأنها تأوي الآن متشددي تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
وقال محمد خضر، نائب مدير الأمن في أبين إن المواجهات بين قوات الأمن والقاعدة أدت إلى مقتل أكثر من ستة متشددين خلال الأيام القليلة الماضية. وأضاف أن قوات الأمن تقوم بعملية مطاردة لعشرين إرهابيا فروا إلى الجبال في المنطقة.
يشار إلى أن الهجوم جاء بعد أيام من اغتيال المتشددين لمدير أمن مودية أسامة محمد سالم ومحاولة قتل حاكم المحافظة أحمد المصري.
أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب نشر تسجيلا على الإنترنت الأسبوع الماضي أعلن فيه عن تشكيل 'جيش عدن أبين'.
وقال فؤاد الصلاحي، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء إن قادة القاعدة في جزيرة العرب اختاروا أبين لموقعها الإستراتيجي حيث تقع بالقرب من المناطق الصحراوية الشاسعة التي تسهل عبور المتشددين من السعودية، وقربها من البحر يجعلها بوابة أخرى لمن وصفهم بالجهاديين.
ومع ذلك أضاف الصلاحي أنه لا يعتقد أن كل هجوم ضد الجيش اليمني في جنوب اليمن يكون بالضرورة من تنفيذ القاعدة، رغم أن الحكومة قد تقول عكس ذلك.
ونوهت الصحيفة إلى أنه بالإضافة إلى وجود القاعدة تعتبر أبين معقل الحركة الانفصالية في اليمن الجنوبي. وقد استخدم الانفصاليون، الذين ينادون بإعادة تشكيل دولة جنوبية مستقلة، العنف ضد قوات الأمن في الماضي. ومع أن الحكومة اليمنية تواجه عدوا مشتركا مع القاعدة في جزيرة العرب فإنه ليس هناك دليل على أن قادة الانفصاليين يعملون مباشرة مع القاعدة في جزيرة العرب.
- صحيفة 'الغارديان'
سورية: الوسيط النافذ في الشرق الأوسط
'سوف تنجح الديمقراطية العراقية، وسيبعث ذلك النجاح الأخبار من دمشق إلى طهران بأن الحرية يمكن أن تكون مستقبل كل أمة'.
تلك كانت كلمات الرئيس جورج دبليو بوش يوم 6 تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2003.
ولكن، لحظة، ولنقلها صريحة: إن النتيجة ليست كما استشرفها بوش. فقد شجع غزو كل من أفغانستان والعراق إيران على التخلص ببساطة من عدويها اللدودين: نظام صدام حسين في العراق، وطالبان في أفغانستان. أما سورية، من جهة أخرى، فقد خرجت ثانية مؤخراً وحسب من الغياب لتكون وسيط قوة إقليميا رئيسيا، بعد أن تخلصت من أعوام من الضغوطات الأميركية والدولية عليها في لبنان والعراق على حد سواء، واللتين أمستا راهناً دولتين مقسمتين ضعيفتين، ونهباً لسطوة النفوذ الخارجي، وللحروب التي تجري على أراضيهما بالإنابة، بالإضافة إلى المساومات.
وبينما زادت من سوية نفوذها الإقليمي، بقيت سورية متشبثة بخط الدفاع، مما جعلها منعزلة على نحو متنام. وغضوناً، عززت إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش من سياستها العدوانية عندما أقرت قانون محاسبة سورية، ممهدة الطريق أمام ممارسة المزيد من الضغط السياسي والاقتصادي عليها.
ثم تدهور موقف سورية أكثر فأكثر في أعقاب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في العام 2005. وقد عملت التداعيات السياسية والشعبية لعملية الاغتيال، سوية مع الضغط الدولي المتصاعد، على إجبار سورية على سحب قواتها وتنصيب حكومة معادية للنظام السوري في لبنان.
وطبقاً للسفير الأميركي السابق في سورية، ريتشارد ميرفي، فقد شعرت سورية عندئذٍ بأنها 'وحيدة تماماً، وبأن واشنطن رأت في ذلك حالة عقلية جيدة لوضع السوريين فيها'. وكانت إدارة بوش تقيم مستقبل سورية من خلال التحدث مع معارضي الرئيس السوري بشار الأسد، وحتى عبر تقديم مساعدات مالية لهم في حالات معينة.
وفي العراق، وجهت الاتهامات مراراً وتكراراً إلى سورية حتى، من جانب حلفاء إيران العراقيين الشيعة، حيث اتمت بدعم التمرد السني وتسهيل انتقال المفجرين الانتحاريين عبر حدودها. لكن سورية نفت هذه الاتهامات، حتى بعد أن بث التلفزيون العراقي الرسمي اعترافات من متمردين ألقي القبض عليهم، والتي تبين بما ليس فيه مجال للغموض، أنهم كانوا قد تلقوا تدريبات في سورية بينما كانوا في طريقهم إلى العراق.
وفي الأثناء، اعتصمت سورية بالسمت والانتظار، عل قادم الأيام تجلب تغييراً في التوجهات. أو بعبارات أخرى، في انتظار أفول إدارة الرئيس بوش. وكان الصبر سلاحاً هائلاً بالنسبة لنظام غير ديمقراطي: ذلك أن الوقت بالنسبة إليه لا ينفد، في الوقت الذي لا تبقى فيه السياسة الخارجية محددة بحدود دستورية.
ويبدو أن الصبر السوري قد آتى أكله على خير ما يرام، فاستعادت سورية وزنها السياسي. وفي كانون الأول (ديسمبر) الماضي، قام رئيس الوزراء اللبناني الحالي سعد الحريري - نجل رفيق الحريري- بزيارة دمشق، وقابل الرئيس الأسد الذي كان الأول قد كال له الاتهامات بالوقوف وراء اغتيال والده (ومنذ ذلك الحين، سحب الحريري اتهاماته).
ومن جهته، أقدم الزعيم اللبناني الدرزي وليد جنبلاط على إحداث انعطافة رئيسية في موقفه، واعتبر أن تحالفه مع الإدارة الأميركية السابقة كان بمثابة 'نقطة سوداء' في تاريخه، ودعا إلى تمتين الصلات مع سورية، ثم أعلن انسحابه من تحالف 14 آذار الحاكم- في خطوة قد تعطي سورية الآن أغلبية في البرلمان اللبناني.
وفي الجانب العراقي، استغرق الحصاد السوري وقتاً أطول. وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد اتهم سورية بإيواء البعثيين السابقين، مما زاد من تدهور العلاقات بين البلدين الجارين.
وقررت سورية، من ثم، الجلوس وانتظار ما عساها أن تجلب الانتخابات العراقية - بكلمات نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد 'حكومة أكثر ودية'. وفي الانتخابات التي أجريت في شهر أيار (مايو) الماضي، دعمت سورية (سوية مع المملكة العربية السعودية) علناً قائمة ائتلاف القائمة العراقية بقيادة السياسي العلماني إياد علاوي، رئيس الوزراء العراقي الأسبق. وبعد تلقيه دعماً سنياً غير مسبوق، كسب ائتلاف علاوي أكبر حصة من المقاعد في البرلمان العراقي (91 مقعداً)، أي أكثر قليلاً من المالكي (89).
وقد أرادت سورية للمالكي أن يخرج من الحكم، لكن إيران كان لها وجهة نظر مختلفة، فعمل البلدان كل على هواه في اتجاهين مختلفين. وبعد الكثير من الجهد الإيراني، اقتنعت سورية في نهاية المطاف بقبول المالكي - بعد أن أرسل رسالة إلى دمشق، قيل إنه اعتذر فيها عن اتهاماته. وفي اليوم التاسع من أيلول (سبتمبر)، تبادل رئيسا وزراء البلدين مكالمة هاتفية وصفت بأنها (ودية).
وقد كان لتلك المكالمة أثرها السحري. فبعد 24 ساعة منها، وقع وزيرا النفط في البلدين اتفاقية لمد خط أنابيب يربط بينهما لتصدير النفط العراقي عبر الأراضي السورية؛ كما أعيد تنشيط كافة اتفاقيات التعاون بين البلدين؛ وعاد سفيرا البلدين إلى موقعيهما في دمشق وبغداد. وبعد حوالي أسبوع من ذلك، زار أحمدي نجاد دمشق لبحث 'الموضوع العراقي' من بين مواضيع أخرى، ثم رد الرئيس الأسد تلك الزيارة بزيارة قام بها إلى طهران.
ولأول مرة منذ الغزو الأميركي للعراق في العام 2003، يكون لسورية الآن تأثير سياسي في بغداد. ويحتاج المالكي إلى الدعم من دمشق حتى يتمكن من تشكيل حكومة شرعية إقليمية ومحلية، تشتمل على تمثيل سني معقول، وبغية إطلاق مبادرة تصالحية أخرى مع قادة التمرد.
ولم تكن حالة العراق هي المرة الأولى التي تختلف فيها دمشق مع طهران في 'تحالفهما الاستراتيجي'. وكانت سورية وإيران قد خاضتا حربا بالإنابة في لبنان في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي من خلال الحركتين الشيعيتين المتنافستين أمل وحزب الله، المصطفتين على التوالي مع البلدين. وكان الجيش السوري قد خاض اشتباكات مع حزب الله في بيروت وأعدم 23 من أعضاء الحزب في العام 1987.
وفي العام الماضي، وقفت سورية في أزمة اليمن إلى جانب المملكة العربية السعودية التي هاجمت قواتها الثوار الشيعة عبر الحدود، في الوقت الذي اتهمت فيه إيران بتدريب هؤلاء الثوار ودعمهم. وفي وقت سابق من هذا العام، استأنف حزب البعث السوري الحاكم في دمشق دوره التوسطي بين حكومة اليمن ومجموعة مظلة أحزاب المعارضة، وهو دور آخر يتضارب مع سياسة إيران الخارجية.
ولا تنتهي طموحات سورية هناك، فهي تسعى أيضاً إلى التوسط بين إيران والغرب. ومن غير الواضح بعد طبيعة الدور الذي تستطيع سورية أن تضطلع به على هذا الصعيد. لكن ما هو أكيد مع ذلك هو أن أيام الضغط والقتامة التي تميزت بها حقبة بوش قد ولت، وأن إدارة أوباما أدركت الحاجة إلى الانخراط مع سورية، كما أوصت مجموعة دراسة العراق في العام 2006.
ومن جهتها، تحتاج إدارة أوباما إلى سورية من أجل مساعدتها في الموضوع الفلسطيني، خاصة بالنظر إلى التأثير القوي الذي تتمتع به سورية على حركة حماس (التي يقيم زعيمها خالد مشعل في دمشق)، بالإضافة إلى تواجد أكثر من 12 جناحاً فلسطينياً معارضاً آخر هناك. ولذلك السبب، اجتمعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مع نظيرها السوري وليد المعلم في نيويورك يوم 27 أيلول (سبتمبر) الماضي، ومع نائبه لاحقاً، خلال زيارة قاما بها لواشنطن.
وفي الوقت الراهن، أصبح الماضي بالنسبة للبلدين ماضياً فحسب، أما ما يتبقى، فهو لعبة الدمشقيين المفضلة: المساومة.