صحافة دولية » -- - مقالات مترجمة من صحف ومجلات أجنبية

- مجلة 'ديرشبيغل'
سحر أوباما المفقود / كلاوس برينكبومر

بعد سنتين من تحقيقه انتصاره الانتخابي التاريخي، يغذ الرئيس الأميركي باراك أوباما الخطى في محاولة حثيثة لاستعادة سحره المفقود، فيما تلوح في الأفق نذر تشير إلى خسارة الحزب الديمقراطي في انتخابات نصف المدة. لكنه لم يعد الرجل الذي اعتاد أن يكونه، كما أن نافذة فرصته قد انغلقت.
إنه يريد لكل شيء أن يكون كما كان من ذي قبل؛ وهو يريد لكل شيء أن يكون بريئاً وعطوفاً وأميناً وبلا حدود؛ ويريد أيضاً للانتخابات أن تكون مليئة بالوعود وبالاعتقاد بأن كل شيء ممكن التحقق في أرض الفرصة. لأنه، وكما كان قال لمؤيديه في حينه: 'سنبقى في انتظارهم'. وقد كانت تلك صرخة تحشيد مفعمة بالقوة، ورومانسية إلى درجة بدت معها وكأنها سطر من أغنية جميلة.
واليوم، فإن الرئيس أوباما هو أول رئيس أسود للولايات المتحدة. ووراء في العام 2008، ربما كان أفضل داعية انتخابات على الإطلاق في كل الأزمان. وراهناً، نراه يخوض في مسار الحملة ثانية. وسيتحدث في هذا الخريف في فيلادلفيا وشيكاغو وكولومبوس وأوهايو لينشر الرسالة التي تقول 'إنهم' (الجمهوريين ومانحيهم) يريدون أن يسرقوا 'منا' (الأميركيين الشباب متفتحي الأذهان) مستقبلنا.
في تقاطع الطرق
يشبه واقع الحال الآن فتى يافعاً يعود ثانية إلى أماكن كان قضى فيها شبابه: بركة السباحة العامة التي تعلم فيها السباحة، والتقاطع الذي جرب فيه أول قبلة. وهي رحلة عاطفية بينما تشكل في الوقت نفسه إقراراً بأن الشباب لا يدوم إلى الأبد.
ثمة تقاطع طرق في كل حياة، وثمة لحظات حاسمة. وبعد كل شيء، فما كان حقيقة واقعة قبل لحظة يصبح الآن مجرد فكرة وحسب، كما أن الحاضر قد تغير. والسياسي الذي ركب مرة صهوة حصان بديل جديد شجاع بشعاره الأيقوني 'نعم نستطيع التغيير'، ربما يحب لو كان قادراً على تجميد لحظة انتصاره كما كانت، والتعويل على سهولة تلك السنوات المبكرة البريئة. لكن ذلك ليس ممكناً؛ فالاحتراف السياسي، شأنه شأن السير الذاتية، قد ينجح أو يفشل -لكنهما لن يتوقفا.
لقد شاب الرئيس أوباما، الذي يتولى سدة الرئاسة في البيت الأبيض، منذ 21 شهراً وحسب. وأصبح أكثر نحولاً وهزالاً مما كان أصلاً. وهو يخوض الحملة في تشرين الأول (أكتوبر) الحالي لأن عليه بأن يفعل ذلك. وهو يخوضها نيابة عن أولئك المرشحين الديمقراطيين الذين ما يزالون يتمتعون بفرصة للنجاح في انتخابات نصف المدة التي ستجرى يوم الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وإذا كانت لدى أوباما أي فرصة في تمرير تشريع في العامين المقبلين، فعلى رفاقه الديمقراطيين بأن يدافعوا عن أغلبيتهم في مجلس الشيوخ، وكذلك في مجلس النواب. وفي الأسبوعين الأخيرين اللذين يسبقان الانتخابات، يجب على أوباما أن يعكس الاتجاهات وتصنيفات الاستطلاعات السيئة كافة. ولعمل ذلك، يحتاج لأن يخلق إيحاء بأنه يمكنك في الحقيقة استعادة شبابك وأحلامك، وبأن من الممكن تقويم الأخطاء -وحتى ذلك الخطأ الكبير الذي غير كل شيء.
خيبة الأمل مع أوباما
ليس باراك أوباما رئيساً سيئاً. فهو سلس متقد الذهن، وبالتأكيد لم يفقد أياً من مواهبه منذ أن انتقل إلى المكتب البيضاوي. ويقول أعضاء من فريق موظفيه إنه ما يزال يستمع إلى ما يقوله الناس. ويقول أحد الشيوخ ممن خسروا الانتخابات لصالح أوباما إن الرئيس يطالب بمخالفة الآراء ويعتمد عليه، وهو مرح ويعمل أفضل ما يكون وهو تحت الضغط.
وليس أوباما برئيس ضعيف. فقد بدأ في سحب القوات الأميركية من العراق، كما أنه ما يزال بإمكانه تقوية تحالفاته. وبالإضافة إلى ذلك، عالج الأزمة الاقتصادية الكونية من خلال صفقة محفزات بقيمة 800 مليون دولار، كما ومن خلال إصلاح الأسواق المالية. وفي الأثناء، تستهدف سياساته التعليمية تحسين الأداء، وترمي إلى تحسين نظام المدارس العامة سيئ التمويل على نحو كارثي. وقد ظل ملايين الأميركيين يحلمون بإصلاح نظام الرعاية الصحية منذ عقود، وكان الرئيس بيل كلينتون قد فشل في تمريره، لكن أوباما نجح.
وإذن: لماذا يبدو وكأن الأميركيين يفضلون إحداث جمود سياسي بين البيت الأبيض ومجلسي الكونغرس، وبالتالي ضمان عدم قابليتهما للحكم بدلاً من إعطاء الرئيس قليلاً من المزيد من الوقت؟ ولماذا تميل الولايات المتحدة ثانية نحو نوع الجمهوريين الذين لديهم القليل وحسب لتقديمه باستثناء خفض الضرائب، والذين تركوا أوباما مع إرث حربين وأزمة اقتصادية؟ لأن باراك أوباما ليس جيداً كما أراد أن يكون.
'نستطيع' في بعض الأحيان
'نعم نستطيع'، كانت تلك لحظة نشوة سياسية مطلقة وبلا حدود. وكانت حركة شابة يمكن ركوب موجتها. ومنذئذ نجم شخص مؤهل، أحياناً. في بعض الأحيان نستطيع، وأحياناً لا نستطيع. تلك هي الواقعية السياسية. وذلك هو أوباما النامي مع كل نقاط تقصيره ونقاط ضعفه.
كانت ثمة العديد من نقاط الضعف. فقد سمح أوباما للكونغرس بالتفاوض على تفصيلات برنامجه الخاص بالرعاية الصحية بينما احتفظ به هو عمداً. وكان ما نجم إصلاح فاتر معقد، هو إصلاح نظام التأمين الصحي. لكن، وبغية الحصول على ذلك الإصلاح، وظف أوباما رأسماله السياسي، وهو النافذة الواحدة للفرصة التي يحصل عليها كل رئيس جديد.
أولم تكن هناك قضايا أكثر إلحاحاً كان بإمكانه البت فيها؛ مثل إصلاح الطاقة، على سبيل المثال، والذي كان من شأنه أن ينطوي على تغيير اتجاه حقيقي، والذي كان ليعني إعادة تثقيف المستهلكين في أميركا؟ أو، ماذا عن سوق العمل؟ يقر أوباما بأنه أساء تقدير مشكلة البطالة التي ما فتئت تحلق فوق معدل 9 %. وهو يعترف أيضاً بأنه سمح لنفسه بأن يصور وكأنه منفق ديمقراطي آخر، يعطي بتقطير وبسرور دولارات ضرائبية.
خلال حملة الانتخابات الرئاسية، استطاع أوباما ضبط صورته العامة بامتياز. وفي الرئاسة، مع ذلك، ظل يرسل بعض الإشارات الغريبة نوعاً ما. وفيما كان التسرب النفطي الذي أحدثته شركة 'بريتيش بتروليوم' يلوث خليج المكسيك، سافرت زوجته وابنته إلى أسبانيا، بينما كان الرئيس شخصياً يلعب كرة السلة مع أصدقائه. وقد أعطى ذلك انطباعاً بأن أوباما كان جزءا من مجموعة قوية تسلي نفسها في وقت كانت فيه البلاد تمر بالمصاعب.
لم تعد أرض أوباما متحدة
عادة ما يبدو فريق الرئيس قوياً، ويكون مليئاً بأناس أذكياء يبدأون العمل عند السادسة صباحاً ويعودون إلى منازلهم عند الساعة 11 ليلاً. لكن أرض أوباما لم تعد المكان المتلاحم الذي كانت عليه خلال الانتخابات الرئاسية، عندما كان كل شخص متحداً خلف الرؤية نفسها. وفي الغضون، شرع المؤيدون، الذين خاب أملهم، في المغادرة، وسوف يغادر الموظفون المنهكون بعد انتخابات نصف المدة، في حين سينحى الضعفاء جانباً. وعندما يتحدث الناس عن المزاج في العام 2008، فإنهم يبدون مثل زملاء دراسة سابقين في حفل لم شمل في المدرسة بعد 20 عاماً: أتذكر عندما كنا ما نزال شباباً؟
لقد صنع أوباما القليل بالنسبة للأميركيين من أصل إفريقي، ولم يعمل شيئاً للشواذ جنسياً. ونتيجة لذلك، خسر ناخبين في اليسار. وكان ذلك أمراً محتماً بالطبع، ذلك أن كل شخص ينتخب في الولايات المتحدة سرعان ما ينتقل إلى الوسط عندما يصل إلى المنصب. لكن حقيقة أن الرئيس خسر دعم هذه الأرضية الوسط أيضاً، كانت إنجازاً يشار له بالبنان.
قد يكون الأمر أن الولايات المتحدة لا تستطيع ببساطة الخروج من أفغانستان، لكن أحداً لم يعد يفهم هذه الحرب في الولايات المتحدة بعد الآن. وقد توقف النزاع منذ وقت طويل عن أن يكون حرب بوش، وأصبح الآن حرب أوباما. ويبقى الأسوأ من ذلك أنه سيؤول إلى انسحاب غير مجيد في نهاية المطاف. فلماذا يجب على الولايات المتحدة، والحالة تلك، أن تقوم بإرسال المزيد من القوات إلى هناك؟ ولماذا يترتب عليها إنفاق 100 بليون دولار سنوياً في شن حرب، في وقت تذهب فيه محطات القطارات والمدارس في الوطن من سيئ إلى أسوأ؟ وعندما يكون من الأفضل إنفاق المال على مشاريع وأبحاث أميركية أخرى؟ وفي الغضون يرفض الكونغرس الموافقة على إنفاق مبالغ إضافية على تجديد أميركا.
بعيد تماماً عن الكمال
عندما تولى أوباما زمام الأمور في البيت الأبيض، نشدت البلاد بلوغ الكمال. لكن حكومته هي أبعد ما تكون عن الكمال مع ذلك. بل إنها ليست حتى قريبة منه.
بيد أن ما يقض المضاجع أكثر، وما يدهش أكثر على صعيد العديد من المستويات، هو وضع الأمة -الحماقة السياسية لولايات وأنظمة فيدرالية برمتها، والتي تبدو متجهة نحو تدمير ذاتها. وفي الغضون، تبعد أوروبا والولايات المتحدة عن بعضهما بعضا أكثر بكثير مما يظن الكثير من الأوروبيين. فالولايات المتحدة مختلفة كلية ومطلقاً. ولدى الأميركيين فهم مختلف تماماً للتضامن الاجتماعي وواجبات الدولة. لكن ثمة أيضاً تناقضات؛ ذلك أن هناك ملايين من الأميركيين الذين يريدون التقليل من الصلاحيات الممنوحة للحكومة، لأن تلك كانت الطريقة التي لطالما فكر بها بنو جلدتهم. لكن هؤلاء الأميركيين أنفسهم يريدون لرئيسهم أن يقودهم إلى خارج الأزمة: إنهم يريدون محطات سكة حديد ومدارس وطاقة نظيفة، ولكنهم لا يريدون دفع ضرائب. وهم سليلو مهاجرين يفتخرون بهذا النسب، لكنهم يعارضون الهجرة.
لقد أفضت عقود من الازدهار إلى جعل الولايات المتحدة بلداً كسولاً. وفي مفارقة مع الأوروبيين الذين تشكلت حيواتهم وبلدانهم بفعل الحروب، اعتاد الأميركيون على الشعور بأنهم نسيج وحدهم ولا يعانون من أي نقاط ضعف. وتبعاً لذلك، تراهم يصدرون رد فعل قريباً من البارانويا (الشك) حيال نجوم صين قوية أو أن يحكمهم رئيس أسود. ويدرك الأميركيون أنهم بحاجة إلى التغيير، لكنهم يوجسون منه خيفة. ويجوز أن توصف مثل هذه المواقف بأنها فصامية، وهي بالتأكيد وصفة للهستيريا.
مولعون بالكراهية، ومهووسون بالأسلحة
جاء المتظاهرون الألمان المسنون والمحافظون، الذين خرجوا مؤخراً إلى الشوارع للاحتجاج على مشروع محطة القطارات 'شتوتغارت 21' المثيرة للجدل، نتاجاً للتغير الديمغرافي بقدر ما جاؤوا نتاجاً لمخاوفهم الخاصة. لكن المحتجين الألمان لا ينطوون على أذى مطلقاً قياساً مع الموغلين في الكراهية من الأميركيين المهووسين بالأسلحة، وديموغاجيي 'حزب الشاي' الذين يسوقون أولاً تشابهاً لأوباما بهتلر، ثم بعد دقائق بين أوباما وستالين. إنهم أناس مليئون بالنقد اللاذع، بحيث لا يستطيعون التفكير على نحو سوي -أناس مثل مقدم التلفاز 'غلين بك'، الذي يقول إن وضع الخير العام أولاً هو 'بالضبط نوع الحديث الذي أفضى إلى إقامة معسكرات الموت في ألمانيا'. ولبك الملايين من الأتباع، ويظهر في العلن مع حاكمة ألاسكا السابقة سارة بالين، محبوبة حركة 'حزب الشاي'، التي تلفظ بتلمظ اسم والد باراك أوباما (حسين)، وكأن الاسم ينطوي على معنى سيئ تهديدي. وقبل عامين، كانت مثل هذه الأشياء نوعاً من المحرمات، واعتبرت من جانب الجمهوريين ضرباً تحت الخصر.
هذا هو الجو الجديد في أميركا، وهو منعكس في مجلسي الشيوخ والنواب؛ الجسمين الواثقين بالنفس، المسكونين من جانب حزبين رئيسيين يتناوبان بشغف الإمساك بمقاليد الأمور. وهم يشلون أنفسهم بأحكام تتطلب أغلبيات لا يمكن الحصول عليها. وحتى الدستور ينص، بشكل غير قابل للإلغاء، على أن عضو مجلس الشيوخ المتحدر من ألاسكا قليلة السكان له الحقوق نفسها التي يتمتع بها عضو مجلس الشيوخ عن نيويورك.
في غضون ذلك، تتناوب وسائل الإعلام في ألمانيا، وعلى أساس يومي، على التحدث عن 'انتصار أوباما' ووصفه بـ'الخاسر'. لكنه غالباً ما تكون كلتا وجهتي النظر غير دقيقتين، لأن الرئيس لا يملك سوى القليل من التأثير، أو لا نفوذ له على الكثير مما يتم أو لا يتم في الولايات المتحدة وولاياتها الفيدرالية الخمسين.
صيحات الكراهية
من الطبيعي أن تكون وسائل الإعلام الأميركية مسؤولة بشكل كبير عن الانطباع الذي يكونه الناس عن الرئيس أوباما، كما وعن حالة الأمة ككل. وقد تخصصت محطة 'فوكس نيوز'؛ قناة الأخبار التلفازية لروبرت مردوخ، في الخصوم الحزبيين. وثمة أربعة من مرشحين جمهوريين رئاسيين محتملين مستقبلاً مدرجين على سلم رواتب فوكس نيوز. وتبقى القنوات الليبرالية مختلفة وحسب -لكنها لا تعد بأفضل؛ فقد أفلتت شبكة (سي إن إن) إلى علبة صابون للمقدمين الصحافيين. ولم يعد هناك أي تحليل في التلفزيون الأميركي وقليل من الأخبار -فقط هجمات مرائية وصراخ يتم خلال فقرات تستمر لتسعين ثانية.
وفي الغضون، توفر الصحف الرئيسية فقط تحليلات فكرية يكتبها أشخاص؛ مثل كاتب العمود ذي البصيرة الحصيف في النيويورك تايمز ديفيد بروكس. ولسوء الطالع، فإن أميركا أوباما مستقطبة جداً لدرجة أن وجهات نظر بروكس ونظرائه يقرؤها قراء قليلون في الساحلين الشرقي والغربي، وهكذا يكون لها القليل من التأثير وحسب.
وبينما يتسبب مهووسو الكراهية من المسنين في إحداث حالات ضجيج أعلى، تظهر الاستطلاعات أن الجيل الأصغر مقتنع بشكل عام بالاتجاه الذي تسير فيه البلاد. أو بدلاً من ذلك، تراهم لامبالين يتخذون وجهة نظر محسنة من الراشدين الطيبين ورئيسهم الجيد والطيب، وتلك القصص الموحشة عن العام 2008. وسيذهب الكارهون، من جهة أخرى، إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في تشرين الثاني (نوفمبر).
أحلام مفقودة
وفي الوقت الراهن، تراهم يصفون أوباما بأنه 'ضعيف'. لكن ذلك ليس إنصافاً. ومن الطبيعي أن يعمد باراك أوباما إلى إصدار رد فعل بطريقة أكثر نضجاً ورشداً من سلفه جورج دبليو بوش. والمشكلة تكمن ببساطة في أن أوباما أصغر من الوعد الذي كان قد قطعه، وأكثر ضآلة مقارنة بالآمال العراض التي وضعتها الأمة بأسرها على كاهله في العام 2008. هناك شيء واحد فشل أوباما في عمله. كان ذلك هو فشله الحقيقي، الخطأ الكبير الذي ارتكبه وراء عندما كان كل شيء يبدو ممكناً.
كان لدى باراك أوباما تفويض: وعد بأن يغير أميركا وبأن يغير واشنطن وبأن يغير الأمة. وقال إن على كل شخص بأن يستثمر في شيء ما وأن يعطي شيئاً ما. وقال أيضاً إن على كل شخص أن يشمر عن ساعديه وأن يعمل بجد. ومع ذلك، لم يتعدّ عدد الأميركيين الذين صوتوا له 69 مليون شخص. وقد انتخبوه في الحقيقة لهذا السبب على وجه التحديد.
وراء عندها، كان أوباما مثل خريج المدرسة الثانوية الذي تحدث عن نيته الإبحار حول المعمورة، أو أن يصبح كاتباً أو رئيساً. وبدلاً من ذلك، شرع الحالم في العمل كموظف بنك متدرب، والآن أصبح مدير بنك. ومن المؤكد أن ذلك المنصب ليس منصباً سيئاً وهو يعمل ما فيه خيره. لكنه يتذكر الآن ومرة أخرى من كانَه ذات يوم وحلمه حول إطالة أمد شبابه. وهو يدرك أنها كانت مهمة صعبة، وكان ينبغي له أن يبذل محاولة على الأقل. لكنه لم يجد الشجاعة للإقدام على المحاولة.
 

- صحيفة 'هآرتس'
فيتو امريكي في مجلس الامن / الوف بن

يوم الاربعاء القريب القادم سيبدأ في امريكا عصر 'ما بعد الانتخابات' والرئيس باراك اوباما سيتفرغ من جديد للشرق الاوسط ومشاكله المضنية. رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو يترقب نتائج التصويت الى الكونغرس كي يقدر قوة اوباما ومدى رغبته وقدرته على التدخل بين اسرائيل والفلسطينيين. حتى ذلك الحين لن يحصل شيء.
لقد رد نتنياهو طلب اوباما التمديد بشهرين تجميد الاستيطان، لاعطاء الرئيس هدوءا سياسيا حول انتخابات منتصف الولاية. وشرح نتنياهو بأن عليه أن يظهر 'المصداقية والصمود'، والاغراءات التي عرضها عليه اوباما مقابل التمديد لم تحركه عن موقفه. يمكن التخمين بان نتنياهو لم يرغب في أن يساعد اوباما عشية الانتخابات، فيغضب خصوم الجمهوريين للرئيس. نتنياهو يحتاج الى دعمهم كي يحبط الضغوط من البيت الابيض.
هذا التأييد سيكون حيويا من الآن فصاعدا بسبب 'تغيير المنهاج' للمسيرة السياسية، من المفاوضات الى التدويل. نتنياهو لا يزال يصر في المحادثات المغلقة على أنه يمكن تحقيق تسوية دائمة مع الفلسطينيين في غضون سنة. وحسب نهجه، فانه الوزير الاكثر تفاؤلا بين اعضاء السباعية. ستة زملائه مفعمون بالشكوك باحتمالية التسوية. اما نتنياهو فسيطلب فرصة اخرى لاستئناف المحادثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، التي كانت انهارت فور بدئها.
ولكن الخطاب السياسي انتقل الى مكان آخر: الفلسطينيون يهددون بالتوجه الى مجلس الامن، كي يعترف بدولة فلسطينية في حدود 67. اذا ما اتخذ مثل هذا القرار، فانها ستجعل كل تواجد اسرائيلي خلف الخط الاخضر كتجاوز اجرامي للحدود. مستوطنو التلال من يتسهار، الجنود في الاستحكامات، المصلون في المبنى وسكان الحي اليهودي في البلدة القديمة، بل حتى الطلاب الذين يسكنون في غربي القدس ويقطعون الخط الاخضر في طريقهم الى الجامعة في جبل المشارف.
معنى القرار سيكون، ان الفلسطينيين يحق لهم طرد الغازي الاسرائيلي من اراضيهم والانطلاق الى حرب تحرر وطنية برعاية الامم المتحدة. وستحشر اسرائيل في الزاوية. اذا عارضت القرار وانطلقت الى الحرب كي تحبطه، فانها ستعلق في وضع القيادة الفلسطينية في العام 1947، التي رفضت مشروع التقسيم. واذا بدت اسرائيل كمن ترفض قرار التقسيم الجديد، فستنبذها الاسرة الدولية وتعزلها. وربما ايضا تبعث بالقوات لفرض اخلاء الجيش الاسرائيلي وتفكيك المستوطنات.
يتمتع الموقف الفلسطيني بدعم واسع في العالم. وفقط قوة واحدة يمكنها أن توقف هذا السيناريو المخيف: فيتو امريكي في مجلس الامن. وسيركز نتنياهو سياسته في الاشهر القادمة على وعد الفيتو وسيجند لهذا الغرض كل مؤيديه في امريكا. اوباما يعرف ان نتنياهو في حالة ضغط. وكان اقترح عليه 'مظلة فيتو' على مدى سنة اذا ما مدد التجميد لشهرين. وماذا سيحصل في نهاية السنة؟ هل اوباما يريد فقط لنتنياهو أن يتصبب عرقا، أم أنه يلوح بالامتناع عن الفيتو كعصا ثقيلة فوق رأسه كي يفرض عليه تسوية؟
يوجد سبيل آخر. بدلا من الفزع يمكن قلب الطاولة على الفلسطينيين. تريدون الذهاب الى مجلس الامن؟ تفضلوا، اذهبوا. بدلا من ادارة معركة صد دبلوماسية لمنع القرار، يمكن لنتنياهو ان يدخل في مفاوضات مع اوباما على طبيعته ومضمونه، وان يصممه في الصيغة الاقل صعوبة لاسرائيل. ان يدخل فيه مثلا مطلب الاعتراف بدولة يهودية ورفض حق العودة، انتشار الجيش الاسرائيلي في غور الاردن وادراج الكتل الاستيطانية في اسرائيل. اذا وافق الفلسطينيون، سيحقق نتنياهو التسوية التاريخية التي وعد بها؛ واذا قالوا على طريقتهم 'لا'، فسيخف الضغط الدولي على اسرائيل.
الانتقال من المفاوضات الى التدويل سيسهل على رئيس الوزراء الوضع في الداخل ايضا. الموافقة على قرار الامم المتحدة لا يحتاج الى إذن الكنيست، استفتاء شعبي أو انتخابات ويعطل المشاكل الائتلافية لنتنياهو. وبالطبع ثمة لهذا ثمن: اسرائيل سيتعين عليها أن تنسحب من الضفة الغربية، ان تخلي وتعوض نحو مائة الف مستوطن، وان توافق على تقسيم القدس. ولكن هذه ستكون ايضا النتيجة المعقولة لكل تسوية تتحقق بالمفاوضات. وبالتالي، لعله من الافضل لاسرائيل أن تسير مع اوباما والاسرة الدولية وان تظهر كمحبة للسلام وليس كرافضة وطامعة بالاستيطان.  


- مجلة 'فورين بوليسي'
مخاوف من أن تتصرف الصين بطريقة فظة بلعب دور المهيمن أو المسيطر الإقليمي

يقول الكاتب جون لي إن جيران الصين يرحبون بها دولة قوية شريطة ألا تسعى للهيمنة على جيرانها، ويضيف أنه ينبغي للولايات المتحدة أن تلعب دورا في عدم تمكين بكين من فرض الهيمنة على جاراتها من العواصم الأخرى.
ويوضح الكاتب -وهو عضو السياسة الخارجية في مركز الدراسات المستقلة في سيدني، والمحاضر الزائر في معهد هودسون في واشنطن، ومؤلف كتاب 'هل ستسقط الصين؟'- أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ستزور هانوي قريبا لحضور مؤتمر قمة دول شرق آسيا.

وستكون هيلاري ضيفا خاصا في هانوي, وسيعكس حضورها لهذا التجمع الاعتقاد بأن الولايات المتحدة ستدعى لحضور المؤتمر كعضو دائم في 2011.  
ووفقا للتحركات الدبلوماسية الآسيوية هذه الأيام, فإن مستقبل مثل تلك الدعوة أمر يتعلق كثيرا بالصين كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة، حيث تؤكد حقيقة بشأن القوة العظمى الآسيوية الصاعدة، وهي أن وضع بكين الباهر في المنطقة قد وصل إلى حده الأقصى أو النقطة التي لا زيادة بعدها.
وبينما تمكنت الصين بنجاح من إقناع جيرانها بأنها قوة صاعدة شرعية ولا غنى عنها في المنطقة, لقيت بكين الترحاب كعضو مؤسس في منتدى آسيان الإقليمي، حيث جرت فيه أوسع وأول مناقشة من قبل العديد من الأطراف للقضايا الأمنية في آسيا.
عملات أجنبية
وكانت الصين أطلقت خلال 1994 وفي العام الجاري -ومعها الدول المجاورة- ترتيبات تبادلات نقدية متعددة الأطراف باحتياطي من العملات الأجنبية يعادل 120 مليار دولار, لكن إن كانت تلك الدول ترغب في هيمنة صينية, فتلك قضية أخرى بالكامل.
وأضاف الكاتب -في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي الأميركية- أن عصر جني الأرباح الدبلوماسية السهلة قد انتهى, وإن جيران بكين بدؤوا في النظر في وسائل للتكاتف في وجه صعودها وحتى في تقليص خياراتها الإستراتيجية، وهو ما يعني أنهم يتطلعون إلى حضور أميركي في المنطقة بعيون جديدة.

وقال إن الصين تدرك أن قوة أميركا ونفوذها في آسيا مبني على أمرين اثنين، هما تفوقها العسكري والاقتصادي، وسجلها الذي لا يضاهى خلال عقود عديدة في نشر الرخاء والسلام في المنطقة.

وأضاف أن الغالبية الساحقة من الدول الآسيوية ترحب بوجود الأسطول الأميركي السابع كدعم حيوي، ما دام استمرار التواجد الأميركي يعتمد بشكل كبير على موافقتها وتعاونها.

وقال الكاتب إن إستراتيجية الصين معلنة بوضوح بشأن التزامها بالحلول السلمية للقضايا المتنازع عليها في المنطقة، لكن بكين ترفض بذل مساع جدية لحلها, والنتيجة أن هناك شكا كبيرا في أن الصين الصاعدة تستعد للاستيلاء على تلك المناطق المتنازع عليها، حينما تصبح قدرتها السياسية أشد بأسا.
وفي الوقت الذي تشعر فيه الدول الآسيوية بالرضا عن الدور الذي تلعبه واشنطن كقوة متفوقة لتوفير الأمن في آسيا, فإن هناك مخاوف من أن تتصرف الصين بطريقة فظة بلعب دور المهيمن أو المسيطر الإقليمي, كما تجب الخشية مما يتحدث عنه ويصوره الحزب الشيوعي الحديث من أن الصين ستستعيد وضعها كمملكة آسيا، كما كان الحال عليه في القرون الوسطى، وهذا تصور تسلطي للسياسات الإقليمية سيشعر جيران الصين بالخوف والرعشة.

وأضاف أن الدول الإقليمية الرئيسية لا تتكاتف ضد صعود الصين، ولكنها تنضم إلى واشنطن من أجل التقليل من الخيارات الإستراتيجية الصينية, ودعوة الولايات المتحدة للانضمام إلى منتدى الآسيان كعضو كامل العضوية تعد أحد تجليات هذا التحرك الإستراتيجي, بالرغم من أن عواصم مثل سول وجاكرتا وهانوي عبرت عن تلهفها لتعزيز روابطها العسكرية مع واشنطن خلال الأشهر الستة الأخيرة.  

واختتم الكاتب قائلا إن زيارة هيلاري كلينتون القادمة لكل من فيتنام وكمبوديا وماليزيا وبابو غينيا الجديدة ونيوزيلندا وأستراليا تأتي في لحظة مواتية, فالولايات المتحدة ما زالت بحاجة للالتزام بنشر المزيد من الجنود والسفن في المنطقة، وللتأكيد لعواصم دول المنطقة أن الولايات المتحدة على خلاف الصين, وأن قراراتها الكبرى تهدف إلى الاحتفاظ بالاستقرار في آسيا.
 

- صحيفة 'فايننشال تايمز'
تنظيم القاعدة في جزيرة العرب عدو ذكي

نشرت صحيفة 'فايننشال تايمز' مقالا للكاتب كريستوفر بوشيك يعيب فيه على تيار من العسكريين الأميركيين اهتمامهم بمزيد من القوة العسكرية لمواجهة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وعدم الاكتراث بمعالجة أزمات اليمن الداخلية.  
ويقول الكاتب 'إن عدم التعامل مع أزمات اليمن الداخلية سوف يؤدي إلى إعطاء القاعدة مزيدا من الحرية في التآمر والتخطيط وشن الهجمات الإرهابية، لا بل إن ذلك التوجه سوف يؤدي إلى ولادة مواجهة أمنية من جانب واحد، وذات تكلفة عالية لن ينتج عنها إلا مزيد من سوء الوضع'.  
ويتابع أن 'تنظيم القاعدة في جزيرة العرب عدو ذكي ويجيد قنص الفرص، وقدرته على مهاجمة الأهداف الأميركية في اليمن تزداد يوما بعد يوم. إن محاولة التنظيم الفاشلة لتفجير طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة في أعياد الميلاد عام 2009، قد أبرزت رغبة التنظيم في إيصال ذراعه الضاربة إلى التراب الأميركي. أما المحاولة الأخيرة لإرسال طردين ملغومين إلى الولايات المتحدة، فتثبت أن التنظيم أخطر من تنظيم القاعدة المركزي نفسه الذي ينشط في باكستان'.  

ويشير إلى أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب طور طريقة وصوله إلى الهدف، ونفذ العديد من الهجمات الناجحة في اليمن وصلت إلى أربعين هجوما، استهدفت البنية التحتية والأجانب وقوات الأمن الداخلي والدعم العسكري الأميركي لليمن.  
ويضيف أن 'التنظيم يتمتع بقدرة بارعة على إيصال ما يريد، فمنشوراته باللغة الإنكليزية التي تدعو إلى المزيد من الهجمات على الولايات المتحدة -إلى جانب نجاحاته العسكرية- تمكن من استقطاب المزيد من الإرهابيين الأجانب إلى اليمن، كما أصبح اليمن وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب نتيجة لذلك مركز إلهام للمتطرفين في الخارج'.  

ثم يعود الكاتب إلى موضوع مقاله الرئيسي ليقول إن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يزدهر بانتشار الفوضى التي تضرب اليمن من الداخل، والمتمثلة في حربين متزامنتين في الشمال والجنوب، وعجز الحكومة عن السيطرة على جميع أنحاء البلاد يمنح القاعدة ملاذا وفرصة لاستغلال الفقر والمظالم المشروعة الناتجة عن نظام قمعي للحصول على الدعم لمشروعه.  
ويشير إلى المسألة الاقتصادية قائلا إنه إذا تمت تنحية المخاوف الأمنية جانبا، فإن اليمن على حافة كارثة اقتصادية، حيث يعاني البلد من الفقر والعوز، ومصادر المياه فيه تعاني استنزافا شديدا، علما بأن معظم أعمال العنف الداخلي التي يشهدها اليمن سببها الصراع على الموارد المائية.  
مساعدات هزيلة
وبعد استعراض معضلات اليمن الاقتصادية والاجتماعية يعود الكاتب ليعيب على الولايات المتحدة ضآلة مساعداتها المقدمة إلى اليمن، ويقارن الوضع مع باكستان التي ستتسلم مليارات الدولارات من الإعانة الأميركية العام المقبل، بينما لا تتجاوز حصة اليمن مائتي مليون دولار، وهو مبلغ ضئيل لا يكفي حتى لمواجهة التحديات الأمنية التي يواجهها البلد، و'التي تخصنا مباشرة'.  
ويحذر بوشيك من أن الخطر يكمن في احتمال التأثير على تلك المساعدات الهزيلة أصلا بسبب التركيز على التعاون الأمني، مثل السماح لسي آي أي بتشغيل برنامجها لطائرات التجسس بدون طيار، وهو أمر قد يزيد من التوتر الداخلي الذي كان سببا في قدوم القاعدة إلى هذا البلد أصلا.  
ويرى أن 'الولايات المتحدة بحاجة إلى تطوير القوانين والتشريعات في اليمن، وتطوير قدرات قواته الأمنية، وتسريع نموه الاقتصادي ودعم الإصلاح وتطوير التعليم ومحاربة الفساد فيه. فجهود مثل هذه ستوجه ضربة قاضية إلى لب المنهج الذي يستخدمه التنظيم لكسب الدعم له، وسوف تصب في مصلحة الأهداف التي تنشدها الولايات المتحدة والمتمثلة في احتواء مخاطر الإرهاب'.

وبحسب الكاتب، ستكون المملكة العربية السعودية شريكا أساسيا في جهود كهذه، فقد قدمت ملياريْ دولار لليمن، 'ولكن علينا نحن أيضا أن ندلي بدلونا بشكل أكثر فاعلية'.   
ويختتم الكاتب مقاله بقوله 'لدينا فرصة ضئيلة في التعامل مع أصل المشاكل التي أدت إلى ظهور الإرهاب وعدم الاستقرار في اليمن، وعلينا ألا نكتفي بمعالجة النتائج فقط. إذا تصرفنا بصورة متسرعة أو عجزنا عن التحرك أصلا فإن تلك الفرصة ستضيع، وعندها سيكون اليمن معرضا لخطر الانهيار، وسيتعاظم الخطر الإرهابي على الغرب'.   
حرب أفغانستان لن تضع أوزارها قريبا
عن فورين بولسي حيث استبعد العسكري الأميركي أندرو إكزم -الذي قاد فصيلا من المشاة في أفغانستان عام 2002- نجاح المحادثات بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية.
فتحت عنوان 'دخان ومرايا في كابل' كتب إكزم   يقول إن حرب أفغانستان لن تضع أوزارها قريبا.

ونبه إلى أن هذا الرأي الذي يتبناه نابع من تجربته العملية على الساحة هناك خصوصا في مناسبتين، ومن خدمته لفترة قصيرة كمستشار أمني لقيادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) هناك في عام 2009.
وأضاف أنه عادة ما تنتهي الحروب المدنية كتلك التي في أفغانستان عن طريق تسوية يجري التفاوض عليها بين الخصوم، وقد استغرق تحديد الخطوط الحمر لكل من الناتو وشركائه الكثير من الوقت، وكذلك الآفاق التي يمكنهم فيها التوصل إلى تسوية مع المجموعات المسلحة في أفغانستان.
وكلمة المفاوضات تبعث الآمال في أذهان الأميركيين والغربيين لوضع حد للصراع, لكن ما يجري حاليا هو جولة أخرى من السباق للفوز بين القوى السياسية الأفغانية المتصارعة.
 
وتخبط الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي أجرى مراجعة للإستراتيجية الأميركية في أفغانستان في نهاية عام 2009, حينما أعلن على الملأ أن القوات الأميركية يمكن أن تباشر الانسحاب من أفغانستان بدءا من يوليو/تموز 2011.  
ووفقا لما قاله المحلل الدفاعي ستيفين بيديل فلن تقبل أي مجموعة من مجموعات المقاومة بجزء صغير من الكعكة عندما يبدأ توزيع المكاسب، فلماذا تتفاوض طالبان وغيرها من مجموعات التمرد إذن حينما تكون الولايات المتحدة تستعد للرحيل؟.
تباين
والمشكلة في أفغانستان تكمن في أن اختلاف المجموعات المسلحة يعقد محادثات المصالحة.
 
ومن بين المجموعات الرئيسية الثلاث نجد أن الحزب الإسلامي الذي يتزعمه قلب الدين حكمتيار هو وحده المؤهل للتفكير في المصالحة مع حكومة كابل.
ولكن يقال إن الحزب الإسلامي هو أقل تلك المجموعات الرئيسية الثلاث أهمية، ومن غير المرجح أن يسمح لحكمتيار بأن يلعب دورا في حكومة أفغانية.
وبالنسبة للمجموعتين الأخريين, فإن مجموعة حقاني بزعامة سراج الدين تحتفظ بعلاقات قوية مع تنظيم القاعدة، وهي غير معنية بالمصالحة، ويعتقد أن طالبان معنية بالمصالحة فقط في حال موافقة زعيمها الملا محمد عمر.
تأثير باكستان
وما يزيد الطين بلة هو الافتراض بأن تلك المجموعات مستقلة, فالحقيقة أن تقدم المفاوضات بين أي مجموعة والحكومة الأفغانية وقطعها شوطا بعيدا لن يتم سوى بموافقة المخابرات الباكستانية.

وهناك اعتقاد على نطاق واسع بأن باكستان تعمدت إفشال المفاوضات بين طالبان وحكومة كابل من أجل خدمة مصالحها والحفاظ على نفوذها.
وأيا كان الحال، فإن الشكوك تحوم حول ما يجري في جنوب أفغانستان بالضبط, فقد منع الصحفيون من مرافقة العمليات العسكرية التي تدور هناك, بالرغم من أنه يعتقد أن القوات الأميركية وحلفاءها قد نالوا من طالبان وقدرتها على إعادة  تنظيمها لدى استئناف موسم القتال في فصل الربيع.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ستنتظر القوات الأميركية إلى وقت متأخر جدا في موسم القتال من أجل إلحاق ضرر كبير وجدي بطالبان قبل انسحاب مقاتليها لدى قدوم الشتاء؟، وهل هناك أي اختلاف في تراجع هجمات المتمردين حاليا عن التراجع الموسمي الذي يسبق قدوم الشتاء؟.  
وهل تسبب إضعاف قدرة طالبان في إجبارها على الذهاب إلى طاولة المفاوضات؟، وهل أدركت طالبان أن الولايات المتحدة لن تنسحب في الواقع من أفغانستان في شهر يوليو/تموز 2011؟، ربما يمر بعض الوقت قبل أن نعرف الإجابة على تلك الأسئلة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد