- صحيفة 'كرستيان سينس مونيتور'
عرض نووي جديد
مرة أخرى، تقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها بتجهيز عرض لإيران، والذي يدعم الاستخدام السلمي للمواد النووية، لكنه يحرم طهران من القدرة على صنع قنبلة نووية. وكان المجتمع الدولي قد مر بمثل هذا قبل عام من الآن وأخفق. فهل سيتبين أن الأمر أصبح مختلفاً هذه المرة؟
في شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، كان الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن، بالإضافة إلى ألمانيا، قد عرضوا صفقة لمبادلة الوقود النووي، والتي كان من شأنها أن تسمح لإيران بإرسال اليورانيوم منخفض التخصيب إلى بلدان أخرى مقابل الحصول على المزيد من الوقود النووي المخصب. وينبغي أن يخدم الوقود المخصب المعاد إلى إيران في خدمة الأبحاث الطبية، لكنه لا يكون قابلاً للتخصيب من أجل صنع سلاح نووي.
وقد تم التوصل إلى اتفاق مبدئي حول الصفقة، لكنه قوبل في النهاية برفض مرشد البلاد الأعلى، آية الله علي خامنئي. وسيطلب عرض هذا العام، وفقا لتقارير وسائل الإعلام، إرسال كميات أكبر من اليورانيوم إلى خارج البلاد لمعالجته، لأن إيران استطاعت أثناء ذلك الوقت إنتاج المزيد منه.
ربما يكون متغير اللعبة المحتمل الذي حصل منذ الخريف الماضي، هو وجود جولة جديدة من العقوبات الجاري تطبيقها ضد إيران، التي وافق عليها مجلس الأمن الدولي في شهر حزيران (يونيو). وقد شرعت تلك العقوبات التي استهدفت برامج إيران العسكرية والنووية، باللدغ وإيقاع الألم بالبلاد..
وقد أضافت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا واستراليا واليابان، أنياباً لهذه العقوبات من خلال الضغط على قطاع الطاقة في إيران. وقد ذهب الكونغرس الأميركي بذلك خطوة أخرى من خلال جعله أمر قيام الشركات الأجنبية التي تقوم بأعمال معينة مع إيران، بتعاملات تجارية مع الولايات المتحدة أيضاً أمراً أكثر صعوبة.
ونتيجة لذلك، قطعت العديد من الشركات الدولية علاقاتها مع إيران، بما فيها شركات تويوتا، وديملر، اللويدز، وأليانز. كما يقوم موردو الوقود الرئيسيون، مثل شركة 'توتال' بخفض شحناتهم إلى إيران. وعلى الرغم من كون إيران دولة مصدرة للنفط، فإنها تفتقر إلى قدرات تكرير النفط اللازم لتغطية احتياجاتها الخاصة. والآن، تجد إيران نفسها مضطرة إلى تحويل إنتاج الوقود لتغطية الطلب المحلي، غير أنه سيكون من الصعب الإبقاء على ذلك طويلاً، لأن المستثمرين الدوليين في قطاع النفط الإيراني وقطاع الغاز يعمدون إلى الانسحاب.
وفي وقت سابق من شهر تشرين الأول (أكتوبر)، انخفضت قيمة العملة الإيرانية، الريال، على حين غرة، وترتب على البنك المركزي أن يتدخل. ويبدو بالمجمل أن ذلك البلد بات يواجه أوقاتاً صعبة في بيع عملته في الخارج، وفي الحصول على العملة الصعبة من مورديها التقليديين.
يعتقد المسؤولون الأميركيون والأوروبيون بأن العقوبات تقوم بتحفيز إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات، ربما في شهر تشرين الثاني (نوفمبر). ويقوم هذا السلوك الدولي تجاه النظام الإيراني بممارسة المزيد من الضغط على اقتصاد مضطرب أصلاً، ومثقل بالتضخم والبطالة المفرطة. ويجري إجبار طهران على خفض الإعانات الشعبية -والمكلفة مع ذلك- والتي تساعد مواطنيها في الحصول على الغذاء.
لكن العام الماضي شهد أيضاً تغيراً في إيران، والذي ربما لا يبشر بالضرورة بخير فيما يتعلق بإجراء محادثات أو إبرام صفقة. فقد شدد النظام الخناق بقدر أكبر على المعتدلين في صفوفه، وعلى حركة المعارضة 'الخضراء'، التي كانت قد نظمت احتجاجات حاشدة ضد تزوير الانتخابات في صيف العام 2009.
ولم يكن حكام إيران قد طبقوا مثل هذا القدر من التشدد منذ الثمانينيات. وكلما زاد تشددهم، أمكن أن يتوقع المرء من ثيوقراطيي الدولة أن يردوا على عقوبات هذا العام، قل مثلاً على طريقة حكام كوريا الشمالية أو بورما -أي أن يكونوا أكثر مناعة وصلابة أمامها.. وتذكروا أن النظام الإيراني كان قد استطاع أثناء الحرب العراقية-الإيرانية في الثمانينيات تحمل ضربة أكثر خطورة بكثير من العقوبات، والتي جاءت في شكل فقدان حوالي مليون من الأرواح.
من المستحيل أن نعرف كيف يمكن أن تتجلى الاختلافات التي حدثت في غضون سنة في شكل جولة جديدة من المفاوضات، في حال تحقق ذلك التوقع. لكن ثمة أمراً سوف يكون مطلوباً بشكل أكيد من المجتمع الدولي: ينبغي أن يبقى تحالفه متماسكاً معاً إذا ما أريد أن يكون هناك أي أمل في تغيير السلوك الإيراني، قبل أن يقوم بتطوير قدرة تصنيع الأسلحة، أو قبل أن تحاول إسرائيل توجيه ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية.
- صحيفة 'نيويورك تايمز'
'دولتان لشعبين' / روجر كوهن
كل رئيس وزراء إسرائيلي جديد فعل أمورا لم يحلم قط بفعلها. لن أخوض في القائمة كلها ، لكن بالتفكير بتحول إسحاق رابين من 'إكسروا عظامهم' إلى أمير للسلام ، وبقرار أرييل شارون للانسحاب من غزة ، وبالخلاصة المؤلمة التي توصل إليها إيهود أولمرت بأن اتفاقا مع الفلسطينيين يتطلب 'انسحابا من جميع الأراضي المحتلة تقريبا'.
ما هو الأمر الذي الذي لم يحلم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالقيام به ويعد له؟ توصل مؤخرا إلى 'دولتين لشعبين' ، لكن هذا كان مجرد تسجيل نقطة لصالحه. وخلف كل مقايضة غير ملائمة في الأسابيع الأخيرة ، بتركيزها على ما يجري في الضفة الغربية في الستين يوما التالية ، فإن القضية الجوهرية تكمن في أين يتخيل نتنياهو الدولة الفلسطينية.
لقد حدد الفلسطينيون موقعهم: حدود عام 1967 زائد أو ناقص مبادلة أراضْ يتم الاتفاق عليها ، وهذا يعني دولة في الضفة الغربية وغزة بالإضافة إلى القدس الشرقية عاصمة لها. في المقابل ، قال الرئيس محمود عباس ، سوف يسقط الفلسطينيون جميع 'المطالبات التاريخية' ويعيشون جنبا إلى جنب مع إسرائيل آمنة بسلام.
لدى نتنياهو والإسرائيليين الكثير من الأسباب للتشكيك ، أقلها انقسام فتح وحماس في الحركة الوطنية الفلسطينية وكيف قاد الانسحاب من غزة إلى إطلاق الصواريخ من جانب حماس.
يجب على الرئيس بارك أوباما أن يتجاوز هذا التشكيك إن كان لا يريد لكلماته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة أن تضاف إلى القائمة الطويلة من الهراء الحسن النية عن الشرق الأوسط. كانت تلك الكلمات: 'عندما نعود إلى هنا العام المقبل ، سيكون معنا اتفاقية ستقود إلى دخول عضو جديد في الأمم المتحدة - دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة ، تعيش في سلام مع إسرائيل'.
العام المقبل، إنه أيلول عام ,2011 وكانت الولايات المتحدة - بمشاركة روسيا والإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة - قد صادقت قبل خمسة أسابيع على تقرير للبنك الدولي يفيد بأنه 'إذا ما حافظت السلطة الفلسطينية على أدائها الحالي في بناء المؤسسات وتقديم الخدمات العامة ، ستكون في موقع يمكنها من تأسيس دولة في أي وقت في المستقبل القريب'.
في أي وقت في المستقبل القريب، تلك التعهدات الدولية المتزنة تضع جدولا زمنيا ثابتا للدولة الفلسطينية وتعكس نفاذ الصبر الدولي ، وبالرغم من ذلك مازالت المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية متوقفة.
ربما تقدم انتخابات نصف المدة فرصة لأوباما للتفكير مرة أخرى. الحفر بشكل أعمق نحو الفشل هو غباء واضح. والاندفاع نحو تمديد قصير محتمل من طرف إسرائيل لوقف بناء المستوطنات يرتقي إلى مرتبة إذلال أميركا. يجب على أوباما أن ينظر إلى أبعد مما يلوح في الأفق ويسأل نتنياهو هذا السؤال:
'السيد رئيس الوزارء ، أنا أتفهم مخاوفك الأمنية. وسوف تقف الولايات المتحدة دائما بجانب إسرائيل. لكن قل لي: إذا تم الوفاء بكافة ما يقلقك من الناحية الأمنية ، مخاوفك كلها ، ما هي الحدود التي تريدها لإسرائيل'؟
يجب أن تتم الإجابة على هذا السؤال للتحرك قدما. لقد كانت اتفاقية كامب ديفيد مع مصر عام 1978 معلقة على أن يصرح الرئيس الإسرائيلي مناحيم بيغن بوضوح أنه مستعد للانسحاب من سيناء - بالشروط المناسبة. لكننا الآن ، كما قال لي أحد المسؤولين الإسرائيليين ، 'لم نحدد موقفنا الحالي من الأرض مقابل السلام لأسباب سياسية ونفسية'.
سوف يماطل نتنياهو ، وسيقول أن حقوق ائتلاف وسط اليمين الذي يقوده سوف يتقوض في اللحظة التي يوضح فيها حدود إسرائيل. سيقول أنه بحاجة لضمانات أمنية قبل الحديث عن الحدود. لكن دون إعطاء جواب ، سوف يحكم على جهود أوباما للسلام بالفشل.
الاحتمال الوحيد للمرونة من الجانب الفلسطيني في قضية تجميد بناء المستعمرات تكمن في ضمانات من الولايات المتحدة بأن قضية الحدود سوف يتم التعامل معها بسرعة. وعندما تصبح الحدود أمرا مركزيا ، لا يهم ن قامت إسرائيل بالبناء ضمن تلك الحدود.
لذا على أوباما أن يقرر كيف يحصل على جواب لسؤاله. يمكنه أن يقول ، إلى الجحيم أنت وإئتلافك يا بيبي ، يمكن لك أن تجلب كاديما. ويمكن أن يفكر مليا كيف يمكنه هو نفسه أن يطمئن الإسرائيليين بشأن أمنهم: خطابان موجهان للعالم الإسلامي قد يختتما بخطاب في إسرائيل. يمكنه أن يضع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في قلب العملية: فقد قويت قناعاتها حيال الدولة الفلسطينية وأكدت ذلك لليهود (كما فعل زوجها). لكن كل هذا قد لا يكون كافيا.
لا أعتقد أن إسرائيل قد توصلت حتى الآن إلى ما توصل إليه العالم: حتمية الدولة الفلسطينية. ولا أعتقد أن وهم يهودا والسامرة - كل الأرض - قد مات كليا في عقل نتنياهو.
إذن ما هو ، في نهاية المطاف ، تأثير أوباما على نتنياهو؟ بعض المقاييس الأميركية الممكن تخيلها لا يمكن تصورها سياسيا. لكن ربما كان هاجس إسرائيلي في المساومات الأخيرة التي جرى تهميشها تقدم مفتاحا للغز: إلحاحها على أن لا تشارك الولايات المتحدة في العام المقبل في أي من قرارات الأمم المتحدة المعادية لإسرائيل.
الإسرائيليون قلقون من أن أوباما - وبغياب تعاون جدي من نتنياهو مع الموعد النهائي في عام 2011 - سيقول لرئيس الوزارء: 'في هذه الحالة ، حضرة الرئيس ، ليس أمامي خيار سوى الموافقة مع مدفيديف وساركوزي وكاميرون بأن نذهب إلى مجلس الأمن ونبحث عن حل لإنشاء دولة فلسطينية داخل حدود عام 1967 ، وأن نقترح بأن تعترف بها كل الدول'.
يشكل قلق الإسرائيليين نوعا من النفوذ. وعلى نتنياهو أن يدرك بأن هذا الوقت هو الوقت الحاسم.
- صحيفة 'هآرتس'
هل يشن أوباما حربا على إيران؟
تناول الكاتب الإسرائيلي ألوف بن ، في مقال نشرته صحيفة 'هآرتس'، أسباب تراجع شعبية الرئيس الأميركي باراك أوباما، وتوقع أن يخوض أوباما حربا على إيران لإنقاذ شعبيته، موضحا أن الحروب هي الحل دائما للمشاكل الكبيرة في الولايات المتحدة.
ويوضح بن أنه إذا ما أنصت أوباما للتحليل القائل بكون الحرب هي الحل للأزمة الاقتصادية فستنشأ ظروف لما وصفها بصفقة تاريخية بين الولايات المتحدة وإسرائيل تتمثل في إحباط التهديد الإيراني، مقابل استقلال للفلسطينيين وتفكيك المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
ويعرض الكاتب تخلي إسرائيل عن مستوطنة 'إيتمار' الموجودة في الأراضي الفلسطينية مقابل تدمير منشأة 'نطنز' النووية الإيرانية، وغيرها من عروض المقايضة.
ويقول إن أوباما فشل لأنه لم يحافظ على علامته التجارية السياسية، فالسياسيون مثل المنتجات الاستهلاكية والسيارات والأفكار يمتحنون بمسألة 'ماذا أنت؟' وليس 'من أنت؟'، وبقدر ما تكون هويتهم أكثر وضوحا يكون نجاحهم مضمونا لزمن طويل، وبقدر ما يتعرض جوهرهم للتشويش يفقدون الأصوات وأجزاء من السوق.
فقدان الهوية
فمنذ لحظة صعوده إلى الحكم، فقد أوباما هويته وأصبح سياسيا آخر من السياسيين الصغار الذين تجاوزهم في طريقه إلى الأعلى، ربما لأن انضباط الحملة أصبح ضعيفا، أو لأن أمله خاب بعد اكتشافه أن قدرة محدودة، أو لأن الواقع يصعّب عليه الإيفاء بوعوده مثل إغلاق معتقل غوانتانامو وإنهاء 'صدام الحضارات' بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، رغم أن إصلاحاته الصحية أقرها الكونغرس، ولكن فقط بعدما أصبحت جملة بيرقراطية متعددة البنود والأنظمة، والنتيجة كانت أن أوباما فقد الرسالة ولم يجد لها بديلا.
وهكذا انتقل تعريف العلامة التجارية 'أوباما' إلى خصومه من حركة 'حفلة الشاي' الذين عارضوه واعتبروه وحشا، حيث وصفوه بأنه مشكوك في أميركيته وأنه مسلم متخف وشيوعي متطرف يريد أن يضعضع النظام الاجتماعي ويحطم المؤسسة الأخلاقية الأميركية. والبعد العنصري في الحملة ضد أوباما عزز رسالة المعارضة التي تقول إنها تكافح في سبيل البيت لإنقاذه من الغازي الأجنبي، وفي ظل هذه الراية التي ترفعها المعارضة فمن السهل تجنيد المؤيدين.
ويمضي الكاتب يقول إن إبداع 'حفلة الشاي' كان في توجيه رسالة أوباما ضده، وهو أخطأ في الاستخفاف بالعدو ولم يقدم رسالة مضادة، بل تمترس عبر إقناع ذاته بأن سياسته صحيحة وأن الآخرين لا يفهمونه. وحتى في خطاب الهزيمة الذي أعلن فيه تحمله المسؤولية عن هزيمة الديمقراطيين في الانتخابات النصفية، أصر أوباما على أن قراراته كانت صحيحة، ولكن الناخبين خاب أملهم من النتائج الاقتصادية.. وحسب نهجه فإنه هو المحق والاقتصاد هو المذنب.
وأما السوق السياسية فشخصت بسرعة الفارق بين المرشح المثير للحماسة والرئيس المخيب للآمال، فالرسوم البيانية التي تتابع الرئاسة يوميا وينشرها معهد الاستطلاعات 'رسموسان' تبدو كالمنزلقات في حديقة الترفيه للأطفال. ومنذ مارس/آذار الماضي، نجح أوباما في إيقاف الهبوط، ولكنه بقي عالقا تحت الـ50% في شعبيته، ومع فارق 16% لصالح من خاب أملهم فيه.
'نظرية السوق الناجعة' في الاقتصاد تقوم على جمع المعلومات التي بحوزة المشترين والبائعين، حيث بمجرد التوقع أن الشركة ستسجل خسائر فإن السهم سيهبط حتى قبل أن تنشر التقارير المالية. وهذا صحيح في السياسة أيضا، ويشرح ضعف أوباما في الشرق الأوسط، فالإسرائيليون والفلسطينيون الذين كانوا قبل بضعة أسابيع يخافون من كلمة تصدر عن أوباما، فقدوا الخوف من هيبته في اللحظة التي استوعبوا الهزيمة المتوقعة لحزبه في انتخابات التجديد النصفي، فنتنياهو رفض تمديد تجميد المستوطنات وعباس أوقف محادثات السلام، وعاد كلاهما إلى مواقفه الأولى التي تخلى عنها سابقا تحت ضغط من أوباما.
ويقول الكاتب الإسرائيلي إنه الآن جاء 'اليوم التالي'، وإن نتنياهو سيسافر إلى واشنطن كي يعيد تقدير وضعه حيال الإدارة، فانتصار الجمهوريين في مجلس النواب يعتبر أمرا جيدا بالنسبة له، حيث لا شيء أحب إليه من المناورات في السياسة الأميركية، وأوضاع الكونغرس المناكف للإدارة تساعده في مثل هذه المناورات. أما أوباما فسيسافر ليواسي نفسه في آسيا، وبالتالي لن يلتقي هذه المرة بنتنياهو، ولكن مع عودته سيتعين عليه أن يقرر إلى أين سينطلق من هنا.
دولة فلسطينية
وأما السياسة الخارجية فكانت منذ البداية ملجأ الرؤساء الأميركيين الذين تعرضوا للضربات في انتخابات التجديد النصفي، فوزير الدفاع ومستشار نتنياهو المقرب إيهود باراك يقدر أن أوباما سيعمل بكل قوته على إقامة دولة فلسطينية في الصيف القريب القادم، فهذا ما وعد به، وهذا ما يتوقعه العالم منه، وهذا يناسب إيمانه الداخلي وإحساسه بالعدل، وإنه حسب هذا النهج سيسعى إلى إقامة دولة فلسطين متجاهلا الثمن السياسي الداخلي.
لكن هذا ليس الخيار الوحيد، فالأخبار الأجمل التي قرأها نتنياهو هذا الأسبوع جاءت في مقال لكبير المحللين السياسيين بأميركا دافيد برودر نشره الأحد في واشنطن بوست، إذ يقول: إذا استمر الركود فلن يتمكن أوباما من الفوز بفترة رئاسية ثانية، ولا يملك الرئيس سوى تأثير هامشي فقط على حجم الأعمال التجارية، فكيف يمكنه مع ذلك أن يؤثر؟ وبحسب برودر 'فالجواب واضح من تلقاء ذاته ولكن آثاره مخيفة، فالحرب والسلام يؤثران على الاقتصاد'، مستذكرا أن الرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين روزفلت أنقذ بلاده من الأزمة الكبرى عندما دخل في الحرب العالمية الثانية.
وأما استنتاج برودر فيتمثل في أن على أوباما أن يسعى لمواجهة مع إيران، وأن هذا فقط هو ما سينقذه من الأفول السياسي، فالكونغرس الجمهوري والجمهور سيؤيدونه، والاستعدادات للحرب ستحفز الاقتصاد الأميركي من جديد، و'إذا ما لجم أوباما التطلعات النووية لإيران، فإن العالم سيكون أكثر أمنا وهو سيذكر كأحد الرؤساء الناجحين في التاريخ'. ويضيف أن هذا بالضبط ما قاله نتنياهو لأوباما في لقائهما الأول، وهو أن 'التاريخ سيحاكمك حسب نجاحك في صد التهديد الإيراني'.
ويمضي الكاتب فيقول إن برودر ليس رجلا يمينيا تواقا للحروب، بل هو صوت المركز الأميركي الذي أيد أوباما ولا يزال يؤمن بقوته لإعادة بناء نفسه، وإذا ما أنصت الرئيس له فستنشأ الظروف لصفقة تاريخية مع إسرائيل تتمثل في إحباط التهديد الإيراني مقابل استقلال للفلسطينيين وتفكيك المستوطنات في الضفة الغربية.
ويختم بالقول إن أوباما ونتنياهو متشابهان، وكلاهما كان رجل حملة كبيرا في المعارضة، وإن علامتيهما التجاريتين السياسيتين تشوشتا مع صعودهما إلى الحكم، وإن رد اعتبارهما سيكون عبر التغلب على ضعف الشخصية ورواسب الماضي والخلافات بينهما، وعبر تصميم المسار الذي سيشكل الشرق الأوسط من جديد، وإنهما إذا ما نجحا فسيتركان وراءهما إرثا كبيرا، بل وسيفوزان في الانتخابات القادمة.