- صحيفة 'هآرتس'
'آفي' ' بين 'مخربي حزب الله' '
من آن لآخر ينجم الحاخام شموئيل الياهو، حاخام صفد الرئيس، في حياتنا العامة، ويكون ذلك في الاكثر بتصريحات عنصرية من نوع ما. فمرة يطلب ابعاد العرب عن كلية صفد، ومرة يؤيد بصوت رفيع قتل الأبرياء اذا كانوا فلسطينيين، وفي المدة الاخيرة فقط كما ابلغت القناة الاولى، دعا رعاياه الى عدم ايجار العرب شققا لانه 'هكذا ورد في التوراة'.
في رد على تساؤل كيف يسمح لنفسه موظف في الحياة العامة رفيع المستوى يحصل على راتبه من الدولة، بأن يتحدث بلغة ما كانت لتُخجل أي سياسي معاد للسامية في روسيا في مطلع القرن العشرين، يزعم الحاخام الياهو بأنه 'رجل حقيقة'. 'أنا في الحاصل العام أنطق بحقيقتي وبما ورد في التوراة'، يدافع عن نفسه. أفلا يحسن الاصغاء الى كل شخص يقول 'حقيقته' وإن لم تُرح آذاننا؟ هل حرية العبادة لا تحمي أناسا كالحاخام الياهو ايضا؟ اذا تجاوزنا الجدل، الحسن في حد ذاته، كم يفترض أن تحمي حرية التعبير العنصرية تحت غطاء ديني، فانه يحسن ايضا ان نفحص عن مبلغ قوة دعوى الحاخام الياهو في انه رجل شريعة مستقيم 'متمسك بحقيقته'.
كتب الحاخام الياهو في صيف 2009 مثلا خاتمة لكراسة عنوانها 'عن جانبي الحدود'، نشرت زمنا ما في قواعد الجيش الاسرائيلي. بل إن تمير شالوم، قائد كتيبة نحشون، كتب اهداء قصيرا لهذا الكُتيّب، ويمكن حتى اليوم أن نجده في الانترنت بسهولة. الحديث عن كُتيّب آسِر بل مُسلٍ جدا يبسط شهادة محارب حزب الله ابراهيم، الذي عمل جاسوسا من قبل الموساد، وهرب الى اسرائيل وتهوّد في نهاية الامر وغيّر اسمه ليصبح 'آفي'. يمر 'آفي' حتى النهاية الجيدة بمغامرات يقف لها الشعر بين 'مخربي حزب الله' كأفضل ما نجد في أفلام جيمس بوند. يتحدث 'آفي' في جملة ما يتحدث عنه عن أنه شارك في وفد سري من قبل نصر الله الى البابا وزعماء اوروبيين، للتخطيط للقضاء على دولة اسرائيل. والبابا يخطط لفعل ذلك، وكان تخمينكم صحيحا، بتمويل منظمات يسارية داخل اسرائيل.
بحسب شهادة جندي احتياط لصحيفة 'هآرتس'، اقتنع جنود قرأوا الكراسة بصحة ما ورد فيها بل قالوا ان 'هذه الحقيقة عن العرب' الذين يُعرض اكثرهم فيها بأنهم غيلان قتَلَة متعطشون للدماء. لم يكتب الحاخام الياهو خاتمة الكراسة فقط بل زعم ايضا انه هوّد هو نفسه 'آفي'.
بيد ان كل من ينظر في الكراسة نظرا نقديا يعرف سريعا بأن الحديث عن تزييف فظ. فالنص مملوء الى حد مرهق بأخطاء محرجة عن الاسلام والشرق الاوسط لا يفعلها أي شخص ذي خلفية عربية: فمنظمة حزب الله الشيعية تصبح بضربة واحدة 'شعبة عن الاخوان المسلمين'، ولا فرق بين مخيمات اللاجئين الفلسطينيين والقرى الشيعية، ومُحتل القدس صلاح الدين سُمي 'ناصر الدين'، ويُعرّف الايرانيون بأنهم 'عرب'. كذلك يُذكر السُم والكراهية اللذان يُسكبان من الكراسة على اوروبا والبابا على نحو مُريب بمنشورات السبت الحريدية القومية أكثر مما يُذكر بالخطاب الاسلامي ذي الصلة. من المثير أن نذكر ان كُتاب الكراسة يجدون مع كل ذلك فضلا واحدا في الاسلام الاصولي الايراني ألا وهو قوانين 'الحشمة'.
يحسن اذا ان يعلم كل تلاميذ 'رجل الحقيقة' ذاك، وسكان صفد والجمهور كله بأن هذا الرجل ليس عنصريا متطرفا فقط بل مزيفا ايضا.
والى ذلك، يزعم 'آفي' في الكراسة ان اللاجئين العرب هربوا في 1948 لا لأنهم طردوهم أو بسبب الخوف من الحرب، بل لأنهم أدركوا ان الله أعطى اليهود الارض. وهكذا تُربط المطالبة الدينية بارض اسرائيل بالرفض التام لحق العرب في سكنها. ونوايا التطهير العرقي في المستقبل لبواعث دينية واضحة. من العار والشنار على دولة اسرائيل والجيش الاسرائيلي أن نُشر هذا الكُتيّب في قواعده ولو كان ذلك زمنا قصيرا. يجب على الحكومة ايضا أن تستنتج استنتاجات تتعلق بملاءمة الحاخام الياهو لوظيفته العامة في صفد ويحسن أن يكون ذلك في أسرع وقت.
- صحيفة 'ديلي تلغراف'
هزيمة القاعدة أمر غير ممكن
قال قائد القوات المسلحة البريطانية السير ديفد ريتشاردز إن دول الغرب لا يمكنها أن تهزم تنظيم القاعدة أو الفصائل الإسلامية المسلحة في العالم، وإن الخطر الذي تفرضه القاعدة والفصائل والخلايا التابعة لها حول العالم يشكل تهديدا للأمن القومي البريطاني في الثلاثين سنة القادمة.
وأوضح قائد الجيش البريطاني أن محاولة إلحاق الهزيمة بالفصائل الإسلامية المسلحة في العالم أمر غير ضروري وربما لا يمكن تحقيقه، موضحا أنه يمكن احتواء ما سماه 'التسلح الإسلامي' من أجل أن ينعم البريطانيون بحياة آمنة.
وقال ريتشاردز إن الحرب التي يشنها الغرب ضد ما سماه 'الفكر الهدام' تشبه القتال ضد النازية الألمانية في الحرب العالمية الثانية، مضيفا في مقابلة مع صحيفة ديلي تلغراف البريطانية أنه يستبعد أمر إرسال الأمير وليام ليخدم ضمن القوات البريطانية في الحرب على أفغانستان.
وأضاف القائد العسكري البريطاني أن الشعب الأفغاني أصبح مرهقا ويعاني من عدم قدرة قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) على تحقيق وعودها على الأرض الأفغانية، مشيرا إلى أن بريطانيا ضحت بـ343 جنديا منذ 2001.
وبينما قال ريتشاردز إنه يستبعد أن يقوم الجيش البريطاني بالاستغناء عن خدمات الجنود الذين أصيبوا في الحربين على العراق وأفغانستان، أضاف أنه يمكن لبعض العسكريين الذين يعانون إصابات بالغة ترك الخدمة وبدء حياة جديدة.
وبينما أوضح السير ريتشاردز أن النصر والهزيمة في الحروب التقليدية أمر ممكن ويكون بشكل واضح عبر دخول القوات المنتصرة إلى عاصمة الدولة المنهزمة، قال إن النصر الواضح ضد ما سماه 'التسلح الإسلامي' هو أمر غير ضروري وأنه لا يمكن تحقيقه.
وتساءل القائد العسكري عن إمكان احتواء 'التسلح الإسلامي' بحيث يمكن تأمين حياة آمنة للبريطانيين ولأبنائهم وأطفالهم. وأجاب قائلا 'يمكننا ذلك'.
وقال إن السلاح الحقيقي في الحرب ضد القاعدة يتأتى باستخدام أسلوب الوقاية ونشر التعليم والديمقراطية, لكنه أوضح أن المشاكل التي أدت إلى ظهور وبروز 'الإسلام المسلح' لا يمكن إيجاد الحلول المناسبة لها في الوقت الراهن.
وفي معرض رده بشأن أي حروب مستقبلية محتملة، قال الجنرال إنه لا يرى أي ضرورة لأي تدخل عسكري ضد البلدان الأخرى في الوقت الراهن، معربا عن أمله في أن لا يجد نفسه يوما في موقف مختلف.
- موقع 'بالستاين مونيتور'
القوات الإسرائيلية تعمل على تحجيم التعليم العالي الفلسطيني
يوم 27 آب (أغسطس) الماضي، قامت القوات الإسرائيلية بمداهمة شقة للطلبة في بير زيت. وقال عنان قرمز، منسق منظمة الحق في التعلم، وهي منظمة تدافع عن حقوق الطلبة وتتخذ من بير زيت مقراً لها، إن القوات الإسرائيلية 'اعتقلت ستة من الطلبة بتهمة وجود روابط سياسية أو نشاطية لهم'. وأضاف: 'جاؤوا في منتصف الليل واعتقلوا الطلبة الستة، ثم عاثوا فساداً في الشقة'.
واقتيد الطلبة بعد ذلك إلى مركز اعتقال قبل أن يتم نقلهم إلى السجن. وفيما بعد، أطلق سراح عدد قليل منهم فيما أبقي الآخرون وراء القضبان في انتظار المحاكمة ومقابلة محاميهم ورؤية القاضي الوحيد الذي سيقرر مصيرهم.
لكن أميل عبد الله كان محظوظاً. فقد انتقي سوية مع مجموعة أخرى من الطلبة لها صلات مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أو ثاني أكبر تنظيم سياسي في الائتلاف الحاكم في فلسطين. ففيما كان قيد الاعتقال في سجن عوفر مع أعضاء آخرين من اتحاد الطلبة الكتاب الديمقراطيين، كان محاموه من مجموعة الدفاع عن الفلسطينيين 'الضمير' يعدون تقديم التماس لإطلاق سراحه.
وقالت ماجدة المغربي، وهي مسؤولة الدفاع والاتصال في منظمة 'الضمير': 'ما نزال نشهد منذ العام 2009 تصاعداً إجرامياً ضد عمل حقوق الإنسان. إن الدروس التي استقتها إسرائيل من الغضبة الدولية التي أعقبت عملية الرصاص المصهور (ضد قطاع غزة)، وفشل الهجوم على أسطول السفن (التي قصدت كسر الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة في شهر أيار الماضي) لم تكن ضرورة ضبط النفس، وإنما الحاجة إلى قمع المقاومة الفكرية للاحتلال. ويعتبر استهداف الطلبة جزءا من الحملة الرامية إلى إعاقة اليسار داخل إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة. وطبقاً لقاعدة البيانات التي تشرف عليها وتديرها منظمة الحق في التعلم، فإن الطلبة هم الأخيرون في حملة ممنهجة للاحتلال.
وتعتبر الأرقام التي أنتجتها المنظمة سجلاً صادماً عن القوات الإسرائيلية التي تعمل على تقزيم التعليم العالي الفلسطيني. فمنذ العام 2003، اعتقل نحو 411 من الطلبة، وأبقي على أحد الطلبة رهن الاعتقال لمدة تزيد على ثلاثة أعوام، وفقاً لتقرير للمنظمة صدر في العام 2009. وكان نصف هؤلاء الطلبة الذين دافع عنهم محامو المنظمة 'سجناء ضمير يقضون أحكاماً بالسجن لمجرد انتمائهم إلى اتحادات طلابية أو أحزاب سياسية'.
تشكل الضغوطات التي يمارسها الاحتلال تهديداً دائماً للطلبة: فقد اعتقل تقريباً ثلث الطلبة في بير زيت بسبب 'مقابلات تعسفية'. ويدرك الطلبة بأن تعرضهم لاعتقال السلطات الإسرائيلية مسألة تتعلق بمتى، لا بإذا. وبينما كان يجلس في سكنه الجامعي، صدم الطالب رواد، لكنه لم يستغرب، عندما سمع صوت قنابل تنفجر من حوله. فكتب على الموقع الإلكتروني لمنظمة حقوق التعلم في العام 2008: 'عم شعور بالرعب المنطقة بأكملها -كانت تنطلق صرخات عالية من السكان فأدركت في الحال أنها كانت هناك سيارات جيب في عموم المنطقة'. وأضاف: 'ومنذ أن انخرطت في جامعة بير زيت شاهدت ذلك يحدث مع طلبة آخرين، وما أزال في انتظار اليوم الذي يستهدفني فيه الجيش الإسرائيلي -أنا وأصدقائي- لاعتقالنا من دون توجيه تهمة لنا في محاولة لتخويفنا'.
وفي الأثناء، تعمل منظمة 'الضمير' على تحرير هؤلاء الطلبة وغيرهم من السجناء، والحصول على تصاريح زيارة لعائلاتهم، وتحسين ظروف سجنهم. ولا يعتبر عمل المنظمة سهلاً: فالحرمان من الحقوق الشرعية هو هدف النظام القضائي العسكري الإسرائيلي. ويستطيع الادعاء تقديم دليل 'سري' لا يستطيع محامو الدفاع نفيه أو محاججته. كم يحظر على المحامين دخول إسرائيل من الضفة الغربية للدفاع عن موكليهم. ويجبر العديد من المتهمين 'المدعى عليهم' على التوقيع على وثائق لا يستوعبون محتوياتها. وعلى الرغم من مناقضة ذلك لقرارات المحكمة، يحظر على المحامين الحصول على ترجمات رسمية للمداولات. ويمكن أن يستغرق مجرد العثور على عملائهم في نظام يشبه المتاهة شهوراً طويلة. وعندما يسمح لهم في نهاية المطاف بالاجتماع، يكون ذلك غالباً قبل دقائق من انعقاد المحكمة التي يكون القاضي والعضو الوحيد فيها عسكريا إسرائيليا. ويمكن استمرار اعتقال السجناء لمدة 90 يوماً من دون السماح لهم بالاجتماع مع محام، و188 يوماً من دون توجيه تهمة من جانب محكمة عسكرية، و730 يوماً إلى أن تستكمل المحاكمة.
من جهتها، قالت المغربي إن استهداف الطلبة هو ضرب من الهجوم المنهجي على المجتمع المدني، والذي يستهدف تدمير تطور المعارضين السياسيين من داخل فلسطين. وأضافت المغربي: 'تعد الجامعات مركزاً لإنتاج قادة المستقبل السياسيين، كما والحياة الاجتماعية قيد التشكيل.. ويرجح أن يبقى الطلبة المسيسون أو الذين ينتسبون لأحزاب أو يعتبرون جزءاً من اتحادات طلابية ناشطين سياسياً بعد التخرج.
في الوقت الراهن، يوجد لكل فلسطينيين من أصل كل خمسة فلسطينيين سجل سجن إسرائيلي. لكنه لا يتم إيداع كافة أولئك الذين يتعرضون للاعتقال في السجون الإسرائيلية -حيث يوجد نحو عشرين طالباً من جامعة النجاح في نابلس في سجون السلطة الفلسطينية بتهمة الانتماء إلى أحزاب منافسة، مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة حماس. ويشي هذا الاعتقال بوجود منحى مقلق في اعتقال الطلبة.
وفي غضون ذلك، تعد الولاءات السياسية خارج حركة فتح مستهدفة على نحو غير متكافئ، مما يدفع بالبعض إلى الاعتقاد بوجود تعاون بين القوات الإسرائيلية والقوات الفلسطينية -غير رسمي وربما عن غير قصد- وذلك بهدف تحجيم التعددية السياسية خارج ميزان القوة الحرج للاحتلال. وتقول المغربي: 'إن هؤلاء الناس يعتبرون غالباً أكثر خطراً من القادة الفلسطينيين الذين وقعوا على أوسلو أو التنمية الدولية'.
وأفرج عن عبدالله بعد أن أمضى 25 يوماً في السجن -فقد آتى استدعاء منظمة الضمير أكله. واعترف بأنه انضم إلى اتحاد الكتاب الديمقراطي المتأثر بالماركسية عندما كان في الكلية، وبأنه وزع منشورات سياسية. وأصبح عبد الله الآن رجلاً حراً بعد موافقته على عدم المشاركة في أي أحزاب سياسية محظورة مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ودفع غرامة بلغت 2500 شيقل.
- مجلة 'وان-إنفرا'
حرية التعبير في إيران..
ربما لا تكون إيران بعيدة أبداً عن عناوين الأخبار الدولية، لكنه نادراً ما يكون ثمة صحافيون إيرانيون ممن ينالون الفرصة لصياغة الجدال والمناظرة. فقد نجح دكتاتور محارب، مدعوماً بنظام قمعي من رجال الدين في عزل البلد عن كل أشكال التحليل الداخلي النقدي، في سياق العملية التي تعيد تعريف حرية التعبير لتكافئ ارتكاب جريمة ضد الدولة.
رغم المحاولة المنهجية لخنق وجود صحافة حرة ومستقلة، يستمر رجال ونساء شجعان في نقل الأخبار والكشف عن حقائق الحياة من داخل البلد، مخاطرين غالباً بالتعرض إلى أحكام سجن طويلة، أو النفي، بل وحتى خسران الحياة فقط لمجرد قيامهم بأداء عملهم بكل بساطة.
بينما يدخل أرض المجهول وانعدام اليقين، ويواجه مستقبلاً مستحيلاً ويهرب من ماض قريب مخيف، خرج المصور الصحافي الإيراني إحسان المالكي من منزله في طهران سيراً على الأقدام يوم 3 آب (أغسطس) من أجل 'سلامة' العراق، حيث كان في انتظار التشرد، والاعتقال والتصنيف كلاجئ. ومن دون جواز سفره، حاملاً الضروريات فقط، ومساعدة مهرب كحول محلي، عبر المصور السابق لوكالة 'سيبا' البالغ من العمر 30 عاماً، عبر الحدود الإيرانية-العراقية في محنة استمرت لأكثر من 17 ساعة.
كان المالكي في طهران، عندما اجتاح الناس الشوارع في مظاهرة ضد نتيجة انتخابات حزيران (يونيو) 2006، التي شهدت فشل 'الحركة الخضراء' الإصلاحية في سعيها إلى السلطة. وقد شرح في مقابلة أجرتها معه مجلة 'وان-إنفرا' بمناسبة إحياء يوم حرية الصحافة العالمي يوم 3 أيار (مايو) 2010، فقال: 'بعد الانتخابات، قامت الوزارة المسؤولة عن مراسلي الإعلام الأجانب رسمياً بمنعنا من إرسال تقاريرنا الإخبارية عن الاحتجاجات، وقد نصحني المحرر المسؤول عني بالبقاء في المنزل لأن الوضع في الخارج كان خطيراً جداً على المصورين'. وأضاف: 'لقد أحسست بأن تلك كانت لحظة بالغة الأهمية في تاريخ بلدي، ولم أستطع أن أدعها تفلت مني إذا بقيت في المنزل، حتى لو لم يكونوا سيقومون بنشر صوري. وكان الشيء الوحيد الذي استطعت عمله هو أن أخرج من المنزل'.
وفي الوقت الذي كان فيه زملاؤه يتعرضون للتطويق، كانت لديه البصيرة ليخبئ آلة تصويره قبل أن يتم اعتقاله هو نفسه. وبعد بضعة أيام قضاها في بيت آمن، قرر أن من الخطر الشديد البقاء هناك بكل بساطة. ولعلها فكرة واقعية أن العراق من دون الأماكن، مثل للمالكي ولعدد لا حصر له من أمثاله، الطريق إلى الحرية، وفرصة لبدء حياة جديدة ومغامرة تستحق عناء خوضها وأكثر. ورغم المخاطر الهائلة المحيطة بالمسألة، فإن البديل للصحافيين هو السجن في غالب الأحيان، والتعذيب والاعترافات المتلفزة بجرائم ضد الدولة. وبالنسبة لإحسان المالكي، إلى جانب الكثير جداً من الصحافيين الإيرانيين، كان النفي الذاتي هو الطريقة الوحيدة حتى يبقى الواحد حياً.
في أعقاب الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها، فرضت السلطات الإيرانية إجراءات حازمة وواسعة النطاق من أجل إسكات الأصوات المنتقدة للرئيس محمود أحمدي نجاد. وقد تم مباشرة بعد الحدث، سجن 110 صحافيين على الأقل، وفرض الرقابة على 20 وسيلة إخبارية. وحتى هذا التاريخ، ما يزال هناك 23 صحافياً على الأقل وراء القضبان، والذين يشكلون حوالي خمس الصحافيين المسجونين في العالم كله.
ويشتمل أكثر من نصف القضايا في إيران على صحافيين ممن تم إيداعهم السجن وفق تهم غامضة بمعاداة الدولة، على يد نظام يعمل يائساً لإسكات أشكال المعارضة المنتقدة كافة. ومن بين سجناء الضمير هؤلاء، هناك الصحافي والأكاديمي والمحلل السياسي أحمد أبو زيد عبادي، رئيس التحرير السابق لصحيفة 'أزاد'، الذي يقدم إسهامات لصحيفة 'هامشاهاري' الموجودة في طهران وخدمة 'بي بي سي' باللغة الفارسية. وبسبب دعمه لإحداث تغير ديمقراطي سلمي، صدر عليه حكم في تشرين الثاني (نوفمبر) في السنة الماضية بالسجن لمدة 6 سنوات، وحظراً لمدى الحياة على ممارسته مهنته.
ويعرف زيد عبادي على نطاق واسع برسالة مفتوحة كتبها من السجن في العام 2000، والتي يحتج فيها على معاملة القضاء للصحافيين المسجونين. ويقال إن أولئك الذين تحتجزهم وزارة الاستخبارات الإيرانية يتعرضون لضغوط هائلة حتى يقوموا بطلب العفو علينا من المرشد الأعلى للثورة، آية الله خامنئي، حيث تكون 'التوبة' فيما يبدو 'واحدة من الشروط' لإطلاق سراحهم. ويرفض زيد عبادي أن يشجب معتقداته. وفي تقدير واعتراف لسلوكه الشجاع في وجه الاضطهاد، وبسبب إسهامه المميز في الدفاع عن حرية الصحافة وتعزيزها، منحته 'وان-إنفرا' جائزة القلم الذهبي للحرية في حفل افتتاح منتدى المحررين الدولي السابع عشر في هامبورغ، ألمانيا، يوم 6 تشرين الأول (أكتوبر).
للأسف، لم يكن الفائز بجائزة القلم الذهبي قادراً على تلقي إطراء صحافة العالم وتقديره وهو قابع في السجن. وقد استلم أكبر غانجي الجائزة نيابة عن زيد عبادي، وغانجي هو صحافي استقصائي بارز وفائز بجائزة القلم الذهبي لحرية الصحافة في العام 2006. وهو منتقد صريح للنظام الإيراني، والذي أمضى هو نفسه 6 سنوات في السجن بسبب دعوته إلى إجراء إصلاحات اجتماعية وسياسية في إيران أثناء مؤتمر عقد في برلين في العام 2000.
وقد أعلن غانجي في كلمة قوية ألقاها أمام ما يقارب 600 محرر من أنحاء العالم كافة: 'إن إيران اليوم تقع تحت احتلال عصبة من الكاذبين المخادعين، وهي الطبيعة الحقيقية المتجسدة أكثر ما يكون في أقبية سجون إيفين، كاهريزاك، ورجائي شهر. ويمكن فقط مشاهدة كيف يقوم هذا النظام بتغذية صعود أكثر الشخصيات وضاعة، وكم هو حقير هذا النظام، في الزوايا الجهنمية لهذه السجون. وقد فعل آية الله الخميني وآية الله خامنئي أموراً دون أقل درجة من التردد، وربطا أنواع المبررات الدينية وغير الدينية كافة لتسويغ ما قاما به'.
وأضاف غانجي: 'في إسلامهما الأيديولوجي، يجري اعتبار أي شيء، وبالتأكيد كل فعل شنيع، على أنه مبرر. ولهذا السبب يبقى كل شيء مسموحاً في حكومة القاضي الأعلى، كل شيء بالمطلق، من أجل تحطيم همة السجناء السياسيين وانتهاك كرامتهم الإنسانية. وليس لدي أي شك بأن أحمد زيد عبادي لو كان هنا معنا، لكان قد شاركنا شرف تلقي هذه الجائزة الرفيعة مع السجناء السياسيين كافة. وينبغي على المرء أن يفهم هذه الجوائز باعتبارها نوعاً من الاعتراف الأخلاقي والمعنوي بالناشطين الديمقراطيين الملتزمين بالحرية وحقوق الإنسان.
إن إيران بلد معقد، وهو يبقى ملغزاً وإشكالياً بالنسبة للغالبية في الخارج. وبينما ينظر العالم إلى إيران بقدر كبير من التفهم، تقابله إيران بنظرة تنطوي على درجة عالية من الشك، وهو موقف أمكن أن يطول لكل هذا الوقت لأن الصحافة المستقلة في إيران مخنوقة. وسوف يشهد العقد المقبل الجمهورية الإسلامية وهي تلعب دوراً يزداد أهمية باطراد في تعريف العلاقات الجيو-سياسية، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، عندما يتعلق الأمر بالقضايا المتنوعة مثل المسألة النووية، وإمدادات النفط، ودور الإسلام في داخل بناء نظام الحكم العالمي. تبقى الكيفية التي سيدير بها النظام الحالي هذه القضايا هي السؤال البارز؛ وكذلك هو مستوى الغموض الذي يلف الآن الكثير جداً من نقاد الجدل الحاسمة هذه.
في حال استمرت إيران بالسير على مسارها الحالي الذي ينكر على مواطنيها الفضاء المناسب لمناقشة طبيعة وسلوك بلدهم نفسه، ومناقشة اتجاهات سياسته وأن يكون صوتهم مسموعاً، فإن النظام سوف يكون مجبراً عند ذلك إلى اتخاذ إجراءات أكثر قمعية من أجل إدامة إطباق قبضته على السلطة. ولن يبقى الناس صامتين، وسوف يستمر أولئك الذين في الخارج في تكريس أنفسهم من أجل هدف تحقيق حرية التعبير والحقوق الإنسانية لجميع الإيرانيين. إن ما يعرفه النظام تماماً هو أنه ليس هناك سجن واحد يمكن أن يكون كبيراً بما يكفي، ولا حتى سجن إيفين سيئ السمعة، والذي يمكن أن يتسع لكل هؤلاء جميعاً.
- صحيفة 'لوموند'
أوباما الذي لم يقدَّر حق قدره / مارتين وولف
توقفت سيارة إسعاف على قارعة الطريق حتى تقدم الإسعاف لرجل تعرض لأزمة قلبية. وبعد جهود مضنية عاش المريض. وبعد أن نُقل إلى المستشفى تماثلت صحته للشفاء، حتى وإن لم يكن هذا الشفاء المتواصل إلا جزئيا.
بعد مرور عامين، وبدلا من أن يبدي امتنانه، راح هذا المريض يجر إلى المحاكم الممرضين والأطباء الذين أنقذوه. 'فلو لم يتدخلوا، لكنت اليوم في صحة جيدة! هكذا يدعي. أما عن أزمته القلبية فلم تكن، حسب ادعائه دائما، سوى وعكة عابرة. فلو تركوه وشأنه لكان وضعه الصحي أفضل بكثير.
تلك هي الوضعية التي يجد الرئيس أوباما نفسه فيها اليوم. إن جزءا كبيرا من الشعب الأميركي سرعان ما نسي خطورة الأزمة القلبية المالية التي تعرضت لها البلاد في خريف العام 2008. وقد نجح الجمهوريون بالفعل في إقناع العديد من الناخبين بأن تدخل الديمقراطيين، وليس الكارثة التي تركها جورج بوش الابن، هو الذي يفسر الوعكة الاقتصادية والسياسية الحالية. وهذه بالتأكيد ضربة دعائية قوية للغاية.
فهل الرئيس أوباما مسؤول عن انقلاب الأحداث؟ نعم، ولا! لا، لأن العلاج الذي قدمه للأزمة كان صحيحا في مبدئه! ونعم، لأنه كان من الناحية العملية فزّاعا خوافا!.
من المهم في هذا السياق أن نستذكر سياق الأحداث. إن الأزمات المالية الكبرى تتسبب في خسائر مستدامة. في هذا الشأن، يقول كارمين رينهارت، من جامعة ميريلاند، وكنيت روغوف، من جامعة هارفارد: 'في معظم الأحيان يتميز مستقبل الأزمات المالية الكبرى بخصائص ثلاث. أما الخاصية الأولى فهي أن انهيار أموال الأسواق يكون انهيارا عميقا ودائما. وأما الخاصية الثانية فهي أن هذا الانهيار يعقبه انخفاض واضح في الإنتاج وفرص العمل. وأما الخاصية الثالثة فهي أن القيمة الحقيقية للدين العام تميل إلى الانفجار'.
ترى، كيف تصرف الاقتصاد الأميركي أثناء هذه الأزمة؟ تصرف بشكل جيد جدا من بعض جوانبه، لا سيما فيما يتعلق بالإنتاج الاقتصادي الكامل، وتصرف بشكل أقل جودة على مستويات أخرى، ولا سيما في مجال البطالة.
انخفض الناتج المحلي الإجمالي، عن كل فرد، في المعدل العام/ بنسبة 9,3 % أثناء الأزمات السابقة التي درسها الأستاذان رينهارت، وروغوف. وفي أثناء الأزمة الأخيرة، لم ينخفض الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأميركية إلا بنسبة 5,4 %. أما معدل البطالة فقد ارتفع بـ7 نقاط مئوية خلال الأزمات السابقة. وفي أثناء الأزمة الأخيرة لم ترتفع البطالة في الولايات المتحدة الأميركية إلا بـ 5,7 نقاط مئوية.
هذا التناقض ما بين الأداءات الرديئة في مجال فرص العمل، والأداءات الصحيحة في مجال الإنتاج، نجده أيضا في المقارنة مع باقي البلدان ذات الدخل العالي. ففي الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة في قلب مركز الأزمة، سجلت انخفاضا في الإنتاج عن كل فرد، أقل بكثير من الانخفاض الذي سجلته باقي البلدان ذات الدخل العالي، باستثناء فرنسا. لكن البطالة ازدادت كثيرا وبسرعة أكبر في الولايات المتحدة أكثر مما زادت في باقي البلدان. ويعود ذلك إلى أن ارتفاع الإنتاجية الأميركية كان سريعاً للغاية، لا سيما في العام 2009.
وفي النهاية، فقد سجل الاقتصاد الأميركي نتائج طيبة في المجالات التي تدخل في حل مشاكلها المطروحة، ونتائج أكثر سوءا في المجالات التي لم يتدخل فيها إطلاقا.
وكما قال مستشار أوباما الرئيسي، لورانس سومر، أثناء محاضرة نظمتها فايننشال تايمز، في نيويورك، يوم الخميس 7 تشرين الأول (أكتوبر) فإن انشغال الإدارة الأميركية الرئيسي كان هو العودة إلى الاستقرار، وإلى الثقة، وإلى تدفق القروض من أجل تقديم مساندة متينة للإصلاح الاقتصادي.
لقد ذهبت عناصر هذه السياسة، أولا، إلى دعم النظام المالي –من خلال برنامج إغاثة الأصول المتعثرة، الموروث عن الإدارة السابقة، عن بعض الضمانات المالية، و'اختبارات المقاومة' التي اضطرت بعض المؤسسات المالية للخضوع إليها، وثانيا، إلى إجراءات الانتعاش في الموازنة، وثالثا إلى المبادرات الفدرالية الاحتياطية الهادفة إلى دعم تدفق القروض.
في جوهرها، تساند هذه السياسات الطلب وتدعمه، ومن ثم الإنتاج. أما تأثيرها الحاسم على العمل (البطالة) فهو تأثير غير مباشر. فكما لوحظ ذلك، فقد كان ارتفاع الإنتاجية مهما جدا، لكن الأداء رغم فعاليته في مجال الإنتاج، لم ينجح في الحيلولة دون تفاقم البطالة.
فالحقيقة إذن ليست كون أن هذه السياسة سياسة مجازفة، وكونها فشلت في النهاية، لكن الحقيقة أن هذه السياسة، بحكم أنها سياسة خجولة، لم يكن في وسعها أن تنجح. إن عدم الاهتمام بشكل مباشر بسوق العمل، بتخفيض الرسوم على الأجور مؤقتا، ربما كان في حد ذاته خطأ كبيرا. لكن أخطاء أخرى ارتكبت أيضا: الجهود التي بذلت من أجل الحد من ثقل ديون البيوت (العائلات) كان يمكن أن تكون أكثر صرامة.
لكن الجمهوريين، مع الأسف، نجحوا في أن يقنعوا قطاعا واسعا من الرأي العام، بأنه لو ترك المريض يتدبر أمره بنفسه لكان يتمتع اليوم بصحة رائعة. إن هذا الأمر، بالطبع، محض خرافة. لكن المنتخبين لا يولون في الغالب سوى القليل من الاهتمام للمصائب التي نجوا منها. فهم لا يشغلون أنفسهم إلا بالمسافة التي تفصل بين حياتهم اليومية وبين آمالهم. ولا شك أن خطاب أوباما، المفرط في طموحه، هو الذي زاد طين الخيبة بلة!
إن إرادة باراك أوباما في أن لا يطلب القدر الكافي من الجهود والإصلاحات، كانت، كما يتضح لنا اليوم، خطأ استراتيجيا هائلا. وفي هذا ما يتيح لخصومه القول والادعاء بأن الديمقراطيين قد حصلوا على ما كانوا يأملون، وبأن ذلك هو الذي أدى إلى الفشل في النهاية. فلو لم ينجح الرئيس في الحصول على ما كان يريده، لكان اليوم في استطاعته أن يؤكد بأن الوضعية الحالية ليست من صنعه.
مع الطريق المسدود الذي يرتسم في أعقاب الانتخابات التمهيدية، فإن كل مبادرة جديدة سوف تتعطل وتتوقف. ومن المرجح جدا أن الولايات المتحدة الأميركية سوف تدخل في عقد زمني خاسر. وسيكون ذلك كارثة عليها... وعلى باقي العالم أيضا!
- صحيفة 'فايننشال تايمز'
العراق.. المهمة التي لم تكتمل
إن الولايات المتحدة أخفقت في سعيها لتمكين إياد علاوي من تولي منصب رئيس الجمهورية في العراق بعد أن تصدرت قائمته الانتخابات التي جرت هناك مؤخرا.
وأضافت في افتتاحيتها اليوم أن المنصب ذهب إلى الزعيم الكردي جلال الطالباني، الذي وصفته بالحليف القديم لإيران.
ويبدو أن طهران تفوقت بسهولة على واشنطن في الشأن العراقي، لكن السؤال الأكبر هو ما إذا كانت الصفقة التي تمت بين الفرقاء العراقيين لإنهاء الأزمة السياسية في تلك الدولة العربية تملك مقومات حكومة وحدة وطنية أم أنها مجرد محاصصة موروثة للمناصب ومحسوبية.
وحذرت الصحيفة البريطانية من مغبة الخصام الطائفي، الذي قد يجعل العراق يقتدي بالنموذج اللبناني.
ولكي لا يحدث ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن هناك شروطا ثلاثة ينبغي على الحكومة الجديدة التركيز عليها، أولها أن تواجه بجسارة ما سمته 'بقايا التمرد الجهادي الخبيث'.
وعلى الحكومة الجديدة أيضا أن تعيد بناء مؤسسات الدولة، والامتناع عن التعامل معها على أنها 'غنيمة' حزبية، والحد من مظاهر الفساد.
وثالث تلك الشروط -بنظر فايننشال تايمز- هي أن تظهر الحكومة قدرتها على توفير الخدمات الأساسية كإمدادات الماء والكهرباء ومرافق البنية التحتية لكي يتسنى للاقتصاد أن ينطلق مجددا.
واختتمت بالقول إنه ما من سبيل لعودة الملايين من المهنيين العراقيين إلى وطنهم ولا للبلاد أن تعود لها سيرتها الأولى إلا بتلبية تلك الشروط الثلاثة.
أما صحيفة ذي غارديان الصادرة في لندن اليوم فقد خصصت هي أيضا افتتاحيتها للموضوع العراقي.
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة وصفت الإعلان عن الائتلاف الحكومي الجديد بأنه 'خطوة كبيرة نحو الأمام'.
وخلصت إلى الاستدراك بأن موضوع العراق يبقي المهمة التي فشل رئيسان أميركيان في إكمالها، في إشارة إلى باراك أوباما وسلفه جورج دبليو بوش.
- مجلة 'فورين بولسي'
الشيخ الهارب / ديفيد كينير
هناك مثل قديم يقول 'التاريخ يكرر نفسه، المرة الأولى هي مأساة والثانية مهزلة'. ويبدو أن عمر بكري قد تخطى المرة الأولى. فقد حكم على الشيخ الراديكالي السني، الذي فر إلى لبنان بعد حظره من بريطانيا في 2005، بالسجن مدى الحياة من قبل محكمة لبنانية بتهمة التحريض على القتل. وقد صدر الحكم ببكري غيابيا ، وأمامه 15 يوما لاستئناف الحكم قبل إلقاء القبض عليه.
يعيش الشيخ عمر حاليا في مدينة طرابلس الشمالية، وهو لم يغير رقم هاتفه منذ ثلاث سنوات. وقال بكري لموقعنا 'أنا لن اسلم نفسي أبدا لأي محكمة غير شرعية'، مضيفا 'ليست لديهم أدلة، ولا أي خيط'. وصرح بكري أن لديه خطة للهروب، قائلا 'إذا ما حدث الأسوأ، فإنني سأذهب إلى بيروت وأطلب الحماية من حزب الله'. وأضاف انه كان يخطط للتوجه إلى بيروت هذه الليلة لمناقشة شروط أي نوع من الحماية قد يكون حزب الله مستعدا لتقديمها له.
قد يبدو ذلك كله مشينا للغاية، ولكنه من الصعب في الواقع أخذ هذا الكلام على محمل الجد. فبكري يتبجح كثيرا - وبخاصة للصحافيين الغربيين في مقاهي بيروت الجميلة-- عن إعجابه بأسامة بن لادن، ولكن نفوذه الفعلي بين الشباب السني في طرابلس هو موضع شك. ونظرا لتصريحاته، كان من المؤكد أن محكمة لبنانية ستوجه له اتهاما في نهاية المطاف، ولكن وسط مصادر الاضطراب الكثيرة في البلاد، ليس لبكري سوى تأثير صغير.
وأصر بكري أن حزب الله سيكون على استعداد لضمان سلامته لأنه يشارك الحزب عدائه لإسرائيل ومناهضته للولايات المتحدة. ربما... لكنني لست متأكدا من ذلك. فحزب الله يحق له بالعمل خارج القواعد العادية للمجتمع لأن الكثير من اللبنانيين يرون أنه يعمل كوسيلة دفاع لازمة ضد التهديد الذي تشكله إسرائيل وأعدائهم الآخرين. كما يشعر العديد من اللبنانيين بالفعل بالغيظ من حصانة حزب الله الحالية، ومن هنا، إذا ما استخدم الحزب مظلته الأمنية لحماية ثرثار حيث لا أنصار للحزب، فإن ذلك سيجعل تبرير الوضع الراهن أكثر صعوبة.
قد تجمع بعض الآراء السياسية بكري بحزب الله، لكن هناك اختلاف واحد هام جدا – وهو أن احدهم فقط قادرة على تحويل أقواله إلى أفعال.