- صحيفة 'لوس أنجلوس تايمز'
أميركا سعت لفهم مظاهرات إيران
كشفت أحدث برقيات دبلوماسية أميركية نشرها موقع ويكيليكس أنه في الوقت الذي خرجت فيه الاحتجاجات إلى شوارع إيران بعد إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد عام 2009 تدافع دبلوماسيون أميركيون للإحاطة بالأزمة السياسية التي انفجرت وأهداف المعارضة المسماة الحركة الخضراء.
وسارع الدبلوماسيون لفهم الأمر بمتابعة نشرات الأخبار والتحدث إلى السفارات الحليفة في أماكن مثل أذربيجان وتركمانستان وتركيا ودبي. واتصلوا بمنشقين ونشطاء في حقوق الإنسان ورجال أعمال إيرانيين ساخطين.
و في مطلع هذا العام بعث الدبلوماسيون الذين يطلق عليهم 'مراقبو إيران' في القنصلية الأميركية في مدينة دبي أول برقية في سلسلة البرقيات التي تدرس المعارضة الإيرانية منذ انتخابات 2009.
وجاء في برقية أرسلت إلى وزارة الخارجية الأميركية في 12 يناير/كانون الثاني 'ما بدا كحركة لإلغاء الانتخابات فإنها الآن تمنح مأوى على حد سواء لأولئك الذين يسعون إلى مجموعة كاملة من الحقوق التي يكفلها لهم دستور إيران الإسلامية وأولئك الذين يسعون لنظام جديد تماما. لكن مثل النظام الذي يسعى لسحقها، المعارضة ليست متجانسة وهناك فجوة واضحة بين قيادتها والحركة الشعبية المتظاهرة في الشوارع'.
إن الوثائق المنشورة تكشف عن وجود صراع محموم من قبل دبلوماسيين أميركيين لقياس مدى فعالية وقوة حركة معارضة غير مسبوقة يمكن أن تسحق في النهاية لأنها كانت مشتتة مثل المؤسسة الإيرانية.
أن الوثائق لا تشير إلى أن الولايات المتحدة أو أي من حلفائها سعوا للتأثير في المعارضة أو تحريض المتظاهرين كما تدعي السلطات الإيرانية.
ووفق برقية أخرى أرسلت في يونيو/حزيران أبلغ مصدر مجهول دبلوماسيا أميركيا في عشق آباد بتركمانستان أن الانتخابات كانت انقلابا بواسطة المؤسسة الدينية والحرس الثوري ووصمت أحمدي نجاد بأنه 'بينوشيه آخر'، إشارة إلى زعيم تشيلي الراحل. وقال المصدر إنه شعر بخيبة أمل من تهنئة الزعماء العرب لأحمدي نجاد على فوزه وحث الولايات المتحدة وآخرين على الاعتراف بعدم شرعية الانتخابات.
وفي أغسطس/آب أبلغ رجل أعمال إيراني في تركيا مسؤولين دبلوماسين أميركيين أن تزويرا للانتخابات قاده ستة أو سبعة جنرالات من الحرس الثوري كانوا يخشون فقدان سلطتهم وامتيازاتهم إذا فاز مير حسين موسوي.
وبحسب برقية أخرى من السفارة الأميركية في باريس على لسان وزير الخارجية الفرنسي خطط دبلوماسيو الاتحاد الأوروبي لمقاطعة مفاجئة لمراسم تنصيب أحمدي نجاد كتعبير علني عن استنكارهم للانتخابات وحملة فرض النظام.
وجاء في برقية أخرى في 20 يناير/كانون الثاني أن دبلوماسيا فرنسيا أبلغ وكيل وزارة الخارجية الأميركي وليام برنز أن دولا مثل إسبانيا والسويد كانت أكثر استعدادا لدعم عقوبات شديدة على إيران بشأن برنامجها النووي بسبب مخالفاتها الجسيمة الأخيرة لحقوق الإنسان.
ووفقا لبرقية من برلين في فبراير/شباط أعرب وزير الخارجية الألماني غويدو فيسترفيله عن قلقه من احتمال محاولة طهران استغلال زيارة وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي المرتقبة لألمانيا كإلهاء 'وتستمر في إعدام الناس أثناء الزيارة'.
وفي اجتماع في باريس في الثامن من فبراير/شباط مع وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس قال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر إن التطورات الداخلية في إيران كانت مهمة 'وحث على تفكير متأن في كيفية تفادي ثني المحتجين عن فرض عقوبات' والضغط على إيران بسبب حقوق الإنسان فضلا عن التكنولوجيا النووية.
- صحيفة 'لوموند'
إيران والعرب في تسريبات 'ويكيليكس'
كلنا نعلم أن البلدان العربية كانت دوماً جد قلقة من أن ترى إيران ذات يوم وهي تتزود بالسلاح النووي. لكننا لم نعهد من هذه البلدان كل هذا القدر من حالة الروع والهلع التي تحدثها الجمهورية الإسلامية في نفوسها. ولم نتوقع منها أن تصبح، ليل نهار، مرعوبة أيما رعب، من تقدم هذه الأخيرة نحو تصنيع السلاح النووي. وتلك بالذات هي النقطة، من بين نقاط عديدة أخرى، الأكثر إثارة في قراءتنا للوثائق المنشورة منذ 28 تشرين الثاني (نوفمبر)، على موقع ويكيلكس، وخمس صحف عالمية، من بينها صحيفة لوموند.
إن مجموع هذه الوثائق يكشف، بصورة لم يسبق لها مثيل، عن خط الصدع الاستراتيجي الذي يشق الشرق الأوسط في الوقت الحالي. فمن ناحية، بات ينظر إلى إيران كقوة صاعدة تطمح إلى فرض هيمنتها في المنطقة. ومن ناحية أخرى، هناك مفارقة التحالف ما بين إسرائيل والعرب، الراغبين جميعا في التصدي للجمهورية الإسلامية وأطماعها.
كل هذا، بالطبع، كان معروفا. لكن هذا الواقع بات اليوم معلنا على الملأ، ومعلقا عليه من أفواه المعنيين أنفسهم. إنه الواقع الذي تتداوله برقيات الدبلوماسيين الأميركيين العاملين في المنطقة.
على خلفية التحاليل البارعة لنساء ورجال في وزارة الخارجية الأميركية، ثمة الوضعية التي خلقتها الحرب الأميركية في العراق. فبإقدامه في شهر نيسان (أبريل) 2003، على قلب دكتاتورية صدام حسين في العراق، حطم جورج بوش الابن، الجبهة العربية القوية التي كانت تحتوي الخطر الإيراني. ولا شك أن الصراع القديم ما بين الفرس والعرب ليس هو الذريعة الوحيدة. وإنما هناك أيضا خط الصدع الذي يقسم الإسلام. ففي حين أن العالم العربي سني في أغلبيته، تبقى إيران ذات أغلبية شيعية.
والحال أن الانقلاب الذي أسقط صدام، قد أحدث انقلابا مهما في المنطقة. فالعراق هو البلد العربي الكبير الوحيد الذي يمثل السنة أقلية السكان فيه. وقد كانوا، إلى جانب المسيحيين، يشكلون بنية نظام صدام حسين. وكان صدام – الدكتاتور المرعب – واحدا من الحلقات القوية في الجبهة المناهضة لإيران.
وبعد أن نحي صدام عن الحكم، أفسح المجال للشيعة الذين استولوا على السلطة في بغداد –أي التشكيلات الواقعة تحت التأثير المباشر لإيران. وهكذا تزعزع خط الدفاع العربي المناهض لإيران. وقد سهّل الوضع الجديد الذي خلقته الحرب على العراق، تصاعد قوة طهران في المنطقة.
ولا أحد يقول هذه الحقيقة أفضل مما قالها الملك عبد الله، عاهل العربية السعودية، في برقية، في كانون الأول 2005. وفيها يشكو الملك بمرارة، من الوضعية التي خلقها الرئيس بوش في العراق، ويلاحظ في هذا الشأن قائلا: 'ففيما كانت الولايات المتحدة الأميركية، والعربية السعودية، وصدام حسين في العراق، متفقين في الماضي على ضرورة احتواء إيران وأطماعها، سلمت السياسة الأميركية العراق إلى إيران، هدية على طبق من الفضة'.
إن الرعب الذي تثيره إيران اليوم في نفوس الأنظمة العربية، قد بلغ حدا يجعل هؤلاء أول من يجمعون، إجماعا كاملا تقريبا، على ضرورة الضغط على الولايات المتحدة الأميركية حتى تستعمل كافة الوسائل، بما فيها القوة، من أجل تعطيل البرنامج النووي الإيراني.
ولم يسبق مطلقا، لحد الآن، أن أتيحت لنا فرصة لقياس مدى قوة ردود الأفعال العربية وحيوية ضغوط العرب على الولايات المتحدة الأميركية. فهنا تحديدا، تقدم وييكيليكس، وجزء من الصحافة العالمية، إلى ضجيج الأحداث وعجيجها، توزيعا مسرحيا للأدوار، يتيح للجميع الوصول إلى دلالات الأحداث في المنطقة، بشكل واضح ودقيق.
- وكالة 'نوفوستي'
الدبلوماسيون الأمريكيين جواسيس
تتطلب دراسة تقارير وبرقيات الدبلوماسيين الأمريكيين التي نشرها موقع 'ويكيليكس' الإلكتروني ما لا يقل عن سبعة أعوام بحسب رأي مؤسس الموقع جوليان أسانغ.
ونشر الموقع جرعة جديدة من التقارير الدبلوماسية الأمريكية تتضمن أكثر من 250000 وثيقة يوم الاثنين الماضي.
وقال أسانغ لمجلة 'روسكي كوريير' الروسية إن ما من أحد أمعن النظر في هذه الوثائق بعد وإن المطلوب، حتى تتم قراءة هذه الوثائق، سبعة أعوام على الأقل.
وتبين لأسانغ من قراءة 'سطحية' لبرقيات الدبلوماسيين الأمريكيين المسربة أن 'هيلاري كلينتون (وزيرة الخارجية الأمريكية) طرحت على الدبلوماسيين الأمريكيين لدى الأمم المتحدة مهام تجسسية.. وجعلت من الدبلوماسيين جواسيس'.
وفي سؤال لـ'روسكي كوريير' حول معلومات تسيء إلى روسيا أجاب أسانغ: هناك تقارير تحكي كيف أن أناسا يأتون إلى لقاء موظفي السفارة الأمريكية في موسكو، ويتحدثون لهم حول الفساد وسط رجال الأعمال الروس أو رجال الدولة.
وحسب أسانغ فإن الوثائق المسربة تكشف أن الولايات المتحدة تؤيد 'الأنظمة العميلة المتورطة في هدر حقوق الإنسان وتبييض أموال قذرة وتحرشات عسكرية، وهو ما تعرفه السفارات (الأمريكية) ولكنها تخفي هذه الحقائق'.
ويرى أسانغ أن هذه الحقائق ستسترعي المزيد من الاهتمام والانتباه.
ووعد مؤسس موقع 'ويكيليكس' بنشر ما حصل عليه من وثائق خلال شهر ونصف الشهر تقريبا، على مراحل.
- صحيفة 'يديعوت أحرونوت'
أردوغان الحقيقي.. تركيا هي ايران
وثائق ويكيليكس أكدت فقط كم هي مصادر قلق الولايات المتحدة واوروبا من النظام الخطير الذي تسلم السلطة في تركيا، حيث يوجد في الشرق الاوسط منذ اليوم كيانان يحكمهما حزب 'الاخوان المسلمين': حماس في غزة واردوغان في أنقرة. ولا عجب في العلاقات الودية بين النظام التركي وحماس، ايران وحزب الله. فالحديث يدور عن حركات للاسلام السياسي، الذي لا يتردد في استخدام كل سبيل لفرض نفسه وتهديد الاخرين.
تركيا الماضي شكلت مرسى مؤيداً للغرب ومهمّاً في الشرق الاوسط، مستقراً، مسؤولا ً وبنـّاء. اما اليوم فهي تشكل تهديدا وخطرا على معظم الانظمة العربية، مثلما على اسرائيل أيضا، بصفتها بؤرة اضطراب وتوتر. وبسلوكه الازعر والمتبجح يهدد اردوغان استقرار المنطقة وكذا ايضا بتأييده لعناصر محور الشر. الانظمة في مصر وفي السعودية، السلطة الفلسطينية وغيرها الكثيرون قلقون جدا من اللاعب الجديد ذي نزعة القوة الذي طل فجأة ضدهم. وبينما يعرف الجميع بان ايران هي العدو، فان النظام الحالي في تركيا لا يزال يختبىء خلف هالة الانظمة السابقة في الدولة، من اصدقاء الغرب.
يجدر بنا أن نفهم: هذا نظام معاد، لا يعتزم اخلاء الحكم في الدولة.
والان جاء التصريح الاخير لاردوغان في بيروت، وبموجبه في حالة حرب جديدة بين اسرائيل وحماس او حزب الله فان 'تركيا لن تقعد ساكتة'، فجعل التهديد ملموسا. من الان فصاعدا تركيا، حسب بيانها، هي عدو عسكري محتمل لاسرائيل، بل ومن شأنها أن تنطلق للقتال ضدنا.
لا مفر، حان الوقت لتغيير السياسة العالمية تجاه النظام التركي. الوضع القائم، الذي يرتبط فيه اردوغان أكثر فأكثر من محور الشر العالمي، يهيج الشرق الاوسط ورغم ذلك لا يدفع الثمن يجب ان ينتهي.
محظور على الكونغرس الامريكي ان يقر صفقات سلاح متطور اخرى مع تركيا مثلا، طائرات اف 35 المتملصة التي تطلبها أنقرة وذلك لان اسرار هذه الطائرات قد تنقل الى الايرانيين او ان تستخدم ضد اسرائيل. من يسعى الى الحفاظ على التفوق العسكري لاسرائيل، محظور عليه أن يصادق على مزيد من السلاح المتطور لتركيا. اما الجيش التركي فيجب أن يحصى اليوم بين اعداء اسرائيل، وليس مع اصدقائها.
لا يحتمل أيضا أن تبقى تركيا عضوا في الناتو، وذلك لانها تتعاون عسكريا مع ايران والصين، الدولتين اللتين تعتبران عدوتين للناتو. وحسب تسريبات ويكيليكس، نقلت تركيا عبر اراضيها مواد عسكرية ونووية الى ايران وهي نفسها نشرت بانها عقدت تدريبات جوية مشتركة مع الصينيين فوق اراضيها. فكيف يمكن الاعتماد على مثل هذه الدولة التي من شأنها أن تنقل اسرار الناتو الى اعدائه؟ تركيا في الناتو هي مثل ايران في الناتو.
وزير الخارجية التركي، الذي حدده الامريكيون بانه 'خطير جدا'، يتظاهر بالبراءة في واشنطن بالطبع، ولكن يجب الايضاح له ولسيده بانه من الان فصاعدا سيجري الكونغرس رقابة وثيقة على تركيا. اذا ما عادت الى القيام بدور مسؤول في الشرق الاوسط، فستواصل الولايات المتحدة مساعدتها، ولكن اذا واصلت زرع التهديدات والزعرنة فسيفكرون بفرض العقوبات عليها، مثلما على سورية. إذ ما الفرق الان بين الاثنتين، عندما تساعدان كلتاهما الارهاب؟ ولكن بينما نظام بشار الاسد علماني ومسؤول بقدر ما (الاسد طلب من اردوغان الهدوء في الوقت الذي عربد فيه هذا بعد قضية الاسطول)، فان النظام التركي الحالي هو نظام كلاسيكي لـ 'الاخوان المسلمين'.
اردوغان نفسه لا يوفر أي فرصة للتحريض بالشكل الاكثر انفلاتاً ضد اسرائيل. وقد غيرت اوروبا منذ الان موقفها من نظامه، ولم يعد له اليوم أي فرصة في أن يقبل في الاتحاد الاوروبي. حان الوقت لان يتعامل الكونغرس الامريكي ايضا بكل الخطورة مع التهديد التركي المتعاظم.
- مجلة 'الإيكونومست'
هل تستطيع إسرائيل أن تقول 'كلا' لأميركا الآن؟
ربما كان أول رد فعل لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عندما سمع باستيلاء الجمهوريين على الكونغرس الأميركي هو إطلاق تنهيدة ارتياح. ذلك أن أقرب أصدقائه الأميركيين هم من الجمهوريين. وثمة شعور واسع النطاق في القدس بأن باراك أوباما يفتقر إلى التعاطف الصادق الذي كان يمتلكه أسلافه المباشرون. وربما يعتقد بعض الصقور الإسرائيليين بأن على الرئيس الأميركي أن يكف الآن عن نقر ظهر إسرائيل المنقور أصلا. أما بالنسبة للفلسطينيين وأصدقائهم العرب، فإنهم يخشون، من دون استثناء، من أن تكون إسرائيل قد أسقطت السيد أوباما من اعتبارها، وبأنه قد يغوى بتغيير تركيز اهتمامه إلى مكان آخر، وخاصة الوطن. وبعبارات أخرى، كانت فرص التوصل إلى صفقة سلام قاتمة أصلاً، وقد ازدادت اضمحلالا.
ومع ذلك، فإن هذه القتامة الإضافية غير مبررة، على الرغم من أن المزاج الدبلوماسي يتسم بالكآبة. فالمفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين والتي كانت قد استؤنفت في أيلول (سبتمبر) واستمرت لمدة شهر بالكاد، قد تأجلت لأجل غير مسمى. ويرفض السيد نتنياهو وقف الإسرائيليين الذين يبنون مستوطنات في الضفة الغربية التي تعتبر محور أي دولة فلسطينية مستقبلية، وذلك بعد أن كان قد جمد البناء في المستوطنات لمدة 10 شهور. ويقول الفلسطينيون إنهم لن يعودوا إلى طاولة المفاوضات طالما كانت عمليات البناء مستمرة.
ومع ذلك، ما يزال احتمال كسر الجمود قائماً على الرغم من أن فرصة التوصل إلى صفقة مبكرة ودائمة تظل بعيدة المنال. والسبب الرئيس وراء ذلك التفاؤل الحذر هو أن العديد من المراقبين الموسميين في القدس يتوقعون من السيد نتنياهو –كما فعل من قبل- استئناف تجميد بناء المستوطنات، باستثناء أكناف القدس الشرقية التي يستشرفها الفلسطينيون عاصمتهم المستقبلية. ومن الممكن أن يستمر التجميد عدة أشهر أخرى.
وقد يغضب هذا بعض القطاعات في ائتلافه الحاكم. وقد تنهار حكومة نتنياهو إن هو أقدم على تقديم تنازلات حول الحدود أو حول اقتسام القدس. وفي غضون ذلك، يواجه إيهود باراك، وزير الدفاع الإسرائيلي وزعيم حزب العمل، مطالبات من زملائه بأن تنسحب مجموعته من الائتلاف الحاكم إذا لم تستأنف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين مع حلول نهاية هذا العام. ويقول أحد الوزراء: 'إنني أشتم في الجو رائحة لإجراء انتخابات أصلاً'. متنبئاً بإجرائها في العام المقبل. ويأمل مؤيدو الرئيس أوباما منذ طويل وقت في أن ينضم الحزب الوسطي 'كاديما' الذي تتزعمه تسيبي لفني إلى ائتلاف معاد التشكيل، والذي يتجه أكثر نحو السلام ويكون أقل عرضة لضغط مطالب الجناح اليميني الإسرائيلي.
وعلى العموم، ومهما كانت علاقات السيد أوباما مع الكونغرس الجديد، فإن وسطاءه الأميركيين ما يزالون يلتفتون من حولهم بحثاً عن سبيل ما لكسر الجمود. ويشكل التوصل إلى كسر الجمود الذي يكتنف مسألة الحدود أملاً كبيراً. فإذا وافق الجانبان على إجراء تعديلات على طول الحدود لعام 1967، مع مقايضة في الأراضي تعطي الفلسطينيين أراضي مساوية، بينما تترك ثلاث أو أربع مجمعات استيطانية داخل حدود إسرائيل الناتئة، فسيكون من المحتمل عندئذ إنهاء الجدل حول تجميد المستوطنات —ويستطيع المفاوضون الانتقال إلى قضايا الوضع النهائي.
أما الاحتمال المخادع الآخر الذي صعد إلى الواجهة، فهو إصرار السيد نتنياهو على أن يعترف الفلسطينيون بإسرائيل كدولة يهودية، كشرط أساسي ربما لمزيد من التجميد. ومن جهتهم، يعارض الفلسطينيون هذا التوجه ويرون فيه تفريغاً لمطلبهم 'حق عودة اللاجئين'. ومع ذلك، فإنهم يدركون أنه لن يسمح في أي صفقة نهائية سوى لعدد رمزي بالعودة إلى منازلهم في المناطق التي تعرف على نطاق واسع بأنها ملكية إسرائيل. ويخشى الفلسطينيون أيضاً من أن يفضي هذا الاعتراف إلى تكريس منزلة إخوانهم الفلسطينيين في إسرائيل كمواطنين من الدرجة الثانية. وفي أي حال، تملأ الثقة نفوس الوسطاء الأجانب في إمكانية التوصل إلى صيغة ما لقبول الهوية اليهودية لإسرائيل مع ملاحق حاسمة لتثبيت حقوق مواطني إسرائيل من غير اليهود.
وفي مقابل ذلك، شرع الفلسطينيون، وفي مقدمتهم رئيسهم المُحارب محمود عباس، وقد شعروا بأن الجمود الذي يعتري المفاوضات سيظل قائما طالما كان السيد نتنياهو حريصاً على الاستجابة لمطالب شركائه اليمينيين في الائتلاف، شرعوا في دفع الأمم المتحدة بقوة للاعتراف بدولة فلسطينية في داخل حدود العام 1967، على الرغم من أن إسرائيل ما تزال تحتل المنطقة عسكرياً. وفي الأثناء، تلعب بعض الحكومات الغربية أيضاً بفكرة رفع منزلة فلسطين لدى الأمم المتحدة من مراقب إلى عضو كامل العضوية. وتشعر إسرائيل بالثقة، وقد تكون على حق، بأن الولايات المتحدة ستستخدم حق النقض -الفيتو- ضد هذا الإجراء. لكن هذه الفكرة بدأت تكسب أرضية، ما يجعل بعض الإسرائيليين يشعرون بالقلق.
وباختصار، ليس واضحاً ما إذا كان السيد أوباما سيحقن مشكلة الشرق الأوسط المحيرة بزخم جديد. وليس هناك أي سبب لغير ذلك، مع عدم وجود أي دليل صلب على أن افتقاره الملموس لحب إسرائيل مؤخراً هو الذي أفقده العديد من الأصوات في الوطن. لكن الاكتئاب الفلسطيني سيتعمق إذا حدث، كما يشاع، أن أظهر جورج ميتشيل مبعوث أوباما الرئيس لمفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية حنقه، وتولى دينيس روس، المعروف عنه أنه منحاز أكثر لإسرائيل، دوراً أكثر نفوذا. وإذا استمر الطريق المسدود على حاله، فستعلو الأصوات التي تطالب السيد أوباما بأن يقدم للإسرائيليين، ربما على حلبتهم، خطته المفصلة للسلام.
إن السيد نتنياهو وليس أوباما هو اللغز المحير الحقيقي. ويشير سجله إلى أنه متردد في تقديم تنازلات تمكن من التوصل إلى صفقة سلام. ولا يجده أي من محاوريه الأميركيين ولا الفلسطينيين ولا حتى الإسرائيليين سهلا على التفسير. وغضونا، لا يشعر أحد باليقين، من موقف القوة الراهن الذي تتمتع به إسرائيل، ما إذا كان بالفعل يريد سلاماً دائما يمنح الفلسطينيين دولة مناسبة، فتراه يترك مساحة للمناورة تارة وتراه طورا مرنا إلى بلوغ نقطة الانتهازية. ويعتقد بعض الذين يقللون من قدره بأنه ما يزال قادرا، شأنه شأن أسلافه من الصقور الإسرائيليين الآخرين، على مفاجأة الجميع بعرض سلام يضعه في مكان ما في تاريخ صنع السلام. لكنها لا تبدو في الأفق أي إشارة إلى هذا المنحى حتى الآن.