- صحيفة 'واشنطن بوست'
مهمة أوباما مكافحة التقهقر الأميركي
دعا المعلق السياسي يوجين جوزيف الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى إقناع الأميركيين بأن البلاد لا تعيش حالة من التقهقر، ولا سيما أن التراجع الأميركي يطارد السياسات في البلاد.
وقال إن المخاوف من التقهقر قصة أميركية قديمة تعود إلى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، بدءا من الانكماش والتضخم الاقتصادييْن والقلق بشأن الهيمنة اليابانية، وهي ما اعتبرها الكاتب رموزا لعجز أميركا عن التحكم في مصيرها.
وأشار جوزيف إلى أن المشاعر الراهنة بالتقهقر طفت على السطح على نطاق واسع، نظرا لأن 'بلادنا' في العقد الأول من الألفية الجديدة بددت مصالحها الدولية، وأنهكت قواها بحرب 'غير ضرورية' في العراق، ودمرت أموال الحكومات الفدرالية، وانزلقت في أكبر أزمة مالية منذ ثمانين عاما.
وكل ذلك حدث في وقت بدأت فيه الصين وحتى الهند تتحديان الهيمنة الأميركية، وأخذ الأميركيون يشعرون بأن ثمة شيئا خطأ، وهم محقون في ذلك، حسب تعبير الكاتب.
وقال جوزيف إن فوز أوباما بالرئاسة جاء لعدة أسباب أهمها الرغبة الشعبية في تغيير مشاعر التقهقر، مشيرا إلى أن شعاريْ أوباما الانتخابية 'الأمل' و'التغيير' -سواء جاءت بالمصادفة أو عن قصد- لامست مشاعر الخوف من فقد التفوق.
غير أن الكاتب يرى أن على أوباما أن يركز على الدعوة إلى الإصلاح في البلاد، بدلا من خطابه بشأن منافسة الصين والإشارة إلى أن بكين -دون أميركا- تتخذ المبادرات في الطاقة والتعليم وغيرها.
وأضاف أن على الرئيس الأميركي أن تكون له روايته الخاصة به حول الاستثنائية، دون أن يدعي أن الولايات المتحدة تستطيع أن تحتل المكانة التي كانت عليها قبل صعود الصين.
ويمضي قائلا إن رؤية أوباما يجب أن تنصب على أن قدر بلادنا يجب ألا يكون قوة عالمية أخرى من قوى التاريخ التي بدت عاجزة مع تقهقر نفوذها ومعاييرها.
ويتعين على أوباما، يقول الكاتب، أن يكون أكثر إصرارا على استخدام المنافسة مع الصين كحافز، كما فعل الرئيس الأسبق جون كنيدي الذي استخدم المنافسة مع الاتحاد السوفياتي للمضي بالبلاد إلى الأمام سواء على الصعيد المحلي أو ما وراء البحار.
ويرى جوزيف أن ثمة قضايا أكثر أهمية من الحفاظ على معدلات الضرائب المنخفضة للأغنياء، ومخاوف إستراتيجية أكبر من العراق أو حتى أفغانستان، وهناك أهداف سياسية أكثر إلحاحا من شن الهجمات على الحكومة أو من الخوف من المهاجرين الجدد أو الإسلام أو التنوع كأمة.
وأضاف أن جميع الأميركيين سيشتركون مع أوباما إذا ما أدركوا أن ثمة فرصة للمشاركة في إحياء النجاح بالبلاد.
ويخلص إلى أن التجديد السياسي يتطلب من أوباما حملة مستمرة وجريئة تهدف إلى التجديد القومي، وهذا سيشكل تحديا لمعارضيه السياسيين، 'والأهم من ذلك لنا جميعا'.
- صحيفة 'هآرتس'
اسرائيل لا تستطيع مواجهة الصواريخ / جدعون ليفي
لا شر بلا خير: ربما تأتي الدروس من النيران. لا نحتاج فقط الى رجال اطفاء ووحدات اطفاء وطائرات جديدة بل الى تفكير جديد وتزود بمواد تصد الحريق، الحريق الكبير حقا.
يجب أن يُعلمنا ضعف الجبهة الداخلية أن اسرائيل كما يبدو لا تملك خيارا عسكريا. هذا درس أكثر مصيرية من كل دروس الحريق الاخرى ويجب أن نجابهه. إن أوصاف آخر الزمان لهجوم صواريخ على الجبهة الداخلية، في حال هجوم اسرائيلي على ايران أو على لبنان، يتم تصويرها على نحو أكثر رعبا إزاء سلوك اسرائيل في مواجهة حريق غابة متوسط. يجب بناء على ذلك أن ينتقل نقاش مستقبلنا الى الساحة التي يحبها الاسرائيليون: الساحة الأمنية. دعوا حقوق الانسان، ودعوا الاحتلال، ولا تتناولوا الاخلاق والعدل، وانسوا السلام بصفته جنونا يساريا وتجاهلوا المشكلة الفلسطينية فالحديث عن مصالح أمنية وقد تكون وجودية لاسرائيل.
ستكون الحروب الآتية هي حروب الجبهة الداخلية. هذه المرة ستتضرر الجبهة الداخلية الاسرائيلية على نحو لم نعرفه من قبل؛ فقد كانت حرب الخليج الاولى وحرب لبنان الثانية من هذه الناحية المقدمة لما قد يحدث فقط. ان هجوما بآلاف الصواريخ، كما يتنبأ الخبراء، سيُحدث واقعا يصعب على اسرائيل الصمود فيه، فهي غير مزودة لذلك وقد رأينا هذا في الكرمل، وهي غير مستعدة لذلك وقد رأينا هذا في حرب لبنان.
يجب أن يفهم كل زعيم اسرائيلي، مغامر وخريج دورية القيادة العامة، أن خيار الهجوم ليس خيارا في الحقيقة. صحيح أننا نجحنا في عدة عمليات قصف في الماضي لكن الحصانة لن تظل أبدا ولن تكون صواريخ سكاد جوفاء دائما. لن تكون ألف وحدة اطفاء جديدة ولا حتى 'القبة الحديدية' حماية لانه لا يمكن بناء قلعة لكل مواطن. ومن هنا ينبع الاستنتاج الثاني غير الممتنع، الذي يجب أن يتغلغل عميقا عميقا، لا عند الساسة والقادة العسكريين فحسب بل عند مُهيّجي الحرب الكثيرين عندنا، وهو أن الخيار الوجودي الوحيد هو الاندماج في المنطقة (وهذا مصطلح أبدعه أوري افنيري قبل عشرات السنين). فلينظر القوميون والمستوطنون والرافضون والعسكريون والأمنيون ومؤيدو الضم، والصقور واليمينيون وذوو الشعور الوطني، والمتحمسون والخلاصيون فيما حدث في الكرمل، وليقولوا لنا الى أين يريدون المضي بهذا. ليُبيّنوا لنا من فضلهم أي خيارات تواجه اسرائيل عندما تقول 'لا' لكل احتمال سلام، وجبهتها الداخلية ضعيفة الى هذا الحد. أي أمل لها اذا استمرت في العيش على سيفها فقط الذي كان ذات مرة قويا مُهدِّدا، وأخذ يصدأ الآن.
كان رئيس الحكومة اسحق رابين هو الذي اعترف ذات مرة في حديث خاص، بأن التقدير المركزي الذي بعثه على المضي الى مسيرة اوسلو هو الاعتراف بحدود القوة الاسرائيلية. ضعفنا منذ ذلك الحين لا بسبب تهديدات الجبهة الداخلية فحسب بل بسبب مكانتنا الدولية. اذا اعترفنا بهذا، وأدركنا أن الخيار العسكري أصبح غير واقعي، بل عامل ردع أو عمل يأس فسندرك آنذاك انه لم يبق سوى الخيار السياسي الذي لا مناص منه، وهو ما يزال مفتوحا أمامنا.
لن تفنى اسرائيل. فسلاحها الثقيل سيحسم الامر في المرة المقبلة ايضا، لكن مع آلاف القتلى الاسرائيليين كما يبدو، وعشرات الآلاف في الجانب الثاني وجبهة عالمية مصممة تفرض علينا تسوية. ستبدو صدمة حرب يوم الغفران آنذاك مثل حلم ليلة صيف، حتى لو أظهر مجتمعنا الوادع وجه المفاجأة مرة اخرى. فليعلم كل اسرائيلي اذا أن الحل السياسي الذي وافق عليه أكثر الاسرائيليين في كل استطلاع للرأي قبل أن يتابعوا مشاهدة 'الأخ الكبير'، كان موضوعا على بابهم سنين وأن الخراب كان خرابا اختياريا. ليعلم كل سياسي يميني وكل من يضيع زمنا سياسيا على نحو آثِم، ما هو عبء المسؤولية المصيري الملقى على كتفيه. صمدت اسرائيل عشرات السنين بفضل قوتها. وأصبح لهذه القوة الآن قيود حاسمة. أُرسل الينا الاسبوع الماضي رمز دقيق الى ذلك من الكرمل ويجب ان تدوي اصداؤه في كل صالون وفي كل مكتب وزاري
- موقع 'ميدل إيست أونلاين'
البعض ممن يعتقدون بأن أوباما معاد لإسرائيل... / ميدهك أوكاثيل
فوجئ، حتى أولئك الذين على دراية بالتاريخ الطويل والمخجل من استرضاء أميركا لإسرائيل بعرض إدارة أوباما فوق العادي لبنيامين نتنياهو.
ففي مقابل تافه هو إقرار تمديد مدته 90 يوما لتجميد توسيع المستوطنات غير الشرعية في الضفة الغربية المحتلة (باستثناء القدس الشرقية)، ولمرة واحدة فحسب، سوف تحصل إسرائيل على 20 طائرة مقاتلة من طراز 'الشبح' إف-35 بقيمة 3 بلايين دولار، بالإضافة إلى طائفة كبيرة أخرى من الأعطيات الحسنة. وعلى الرغم من ذلك، يقال إن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون صرفت نحو ثماني ساعات مع نتنياهو في محاولة لإقناعه بقبول 'واحدة من أكثر الرشاوى سخاء في تاريخ الولايات المتحدة، والتي تقدمها لقوة أجنبية'. وفيما أشادت برئيس الوزراء الإسرائيلي لموافقته في نهاية المطاف على تقديم هذا العرض لمجلس وزرائه الأمني المصغر، اعتبر الرئيس أوباما ذلك 'مؤشرا على أنه (نتنياهو) جاد.'
ولكن، هل ثمة أي سبب للاعتقاد بأن نتنياهو أصبح اليوم أكثر 'جدية' بأي مقدار إزاء الموافقة على إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة مما كان عليه في العام 2001؟ في شريط فيديو تم بثه على قناة إسرائيل العاشرة هذا الصيف، ظهر نتنياهو وهو يتفاخر خلال فترة الانتفاضة الثانية أمام المستوطنين في الضفة الغربية بالكيفية التي خرّب بها اتفاق أوسلو. وقال لهم: 'سوف أقوم بتفسير اتفاقات بطريقة من شأنها أن تسمح لي بأن أضع حدا لهذا القفز قدما باتجاه حدود'67'. وفي تلك المحادثة التي تم تصويرها سرا، كشف نتنياهو أيضا موقفه المزدري تجاه الولايات المتحدة، فأضاف: 'إنني أعرف ما هي أميركا.. إن أميركا هي شيء يمكنك أن تحركه بكل سهولة، وأن تحركه في الاتجاه الصحيح. إنهم لن يعترضوا الطريق'.
وثمة سبب وجيه لغطرسة رئيس الوزراء الإسرائيلي. ففي مقابلة جرت قبيل الانتخابات التمهيدية لمنتصف المدة مع الصحيفة الإسرائيلية اليومية 'ديلي فوروارد'، أكد عضو الكونغرس غاري أكرمان على أن 'أفضل رهان إسرائيلي لمعالجة أي مخاوف حول سياسة أوباما' كان أن يتمكن الديمقراطيون من استعادة السلطة. وكدليل على نفوذهم الداعم لإسرائيل، استشهد أكرمان والديمقراطيون اليهود الآخرون بتلك 'الانتقادات القوية التي وجهت إلى البيت الأبيض عندما كان أنصار إسرائيل يعتقدون بأن أوباما يضغط بقوة كبيرة على إسرائيل'. وقال أكرمان، الذي كان يترأس اللجنة الفرعية الخاصة بالشرق الأوسط وجنوب آسيا من لجنة مجلس النواب للشؤون الخارجية، إن إسرائيل تحتاج، إذا أرادت تحقيق 'أثر إيجابي على الكونغرس'، إلى ما أسماه 'الفريق من الدرجة الأولى'، والمكون من هوارد بيرمان، وبارني فرانك، وهنري واكسمان، وساندر ليفين، بالإضافة إليه هو نفسه لمواصلة رئاسة اللجان الرئيسية في الكونغرس، لأننا 'نحن جميعا مؤيدون لإسرائيل. ولدينا جميعا تأثير رئيسي وكبير في السلطة التنفيذية'.
ويرجح أن لا تفعل مكاسب الجمهوريين التي تلت في الانتخابات النصفية سوى المزيد من تعزيز ثقة نتنياهو في قدرته على تحريك أميركا 'في الاتجاه الصحيح.' وعشية لقائه يوم 11 تشرين الثاني (نوفمبر) مع هيلاري كلينتون، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد حصل على ما وصف بأنه اجتماع ثنائي 'غير عادي'، إن لم يكن من النوع الذي لم يسمع بمثله من قبل، مع زعيم أغلبية الكونغرس المقبل، إيرك كانتور. ووفقاً لمكتب كانتور، فقد أكد رجل الكونغرس لنتنياهو أن 'الغالبية الجمهورية الجديدة ستكون بمثابة أداة الرقابة على الإدارة.' ولن تكون هذه هي المرة الأولى التي حاول فيها كانتور، الذي سيصبح صاحب أعلى رتبة يحتلها يهودي في الكونغرس، الغض من شأن السياسة الرسمية الأميركية لصالح إسرائيل. وفي العام الماضي، حين قاد وفدا مكوناً من 25 عضواً من أعضاء الكونغرس الجمهوريين في زيارة لإسرائيل، انتقد كانتور إدارة أوباما علنا على تدخلها في الأمور الداخلية الإسرائيلية، مثل طرد عائلات فلسطينية من منازلها في القدس الشرقية، واستمرار الاستعمار والاستيطان اليهودي في الضفة الغربية طوال 43 عاما.
بالنظر إلى الطرف الذي كان يصوغ سياسة أوباما الشرق أوسطية، فإن إدارته ربما لا تكون في حاجة إلى الكثير من الرقابة والتحقق من ولائها. فمنذ العام 2002، كان الرئيس يتلقى المشورة من لي روزنبرغ، وهو عضو رئيسي في 'الشبكة الوثيقة ليهود شيكاغو'، والذي 'رعى ومكّن' مهنة أوباما السياسية، على حد تعبير صحيفة 'شيكاغو تربيون'. ووفقا لروزنبرغ، كان الطامح إلى عضوية مجلس الشيوخ حينذاك قد 'مد يده' لرائد صناعة تسجيلات الجاز والرأسمالي المغامر (روزنبرغ) 'لمعرفة المزيد عن القضايا التي تؤثر على إسرائيل والشرق الأوسط، والعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.' وفي وقت لاحق، عندما ، عندما أوضح أنصار أوباما في شيكاغو له أن إسرائيل هي قضية 'يجب أن يثقف نفسه عنها،' قام روزنبرغ بمرافقة السيناتور آنذاك في زيارته الأولى لإسرائيل، حيث حصل 'تقديرا لاحتياجاتها الأمنية'. وبوصفه عضوا قديماً في آيباك ولفترة طويلة (ورئيسها حالياً)، قام روزنبرغ أيضاً بتقديم مرشح الرئاسة في 2008 إلى مؤتمر اللوبي المؤيد لإسرائيل في العام 2008، حيث تعهد أوباما، في تناقض مع القانون الدولي، بأن القدس 'ستبقى عاصمة إسرائيل، ويجب أن تظل غير مقسمة.'
أما دينيس روس، أحد المؤلفين الرئيسيين لتلك الكلمة، فهو مؤسس حزمة الحوافز أيضاً. وبعد أن أقنع أوباما بضرورة أن 'يصبح أكثر ودا' تجاه نتنياهو، عمل المستشار الأعلى الحالي للرئيس حول قضايا الشرق الأوسط بشكل وثيق مع إيهود باراك وإسحاق مولهو، مستشار نتنياهو، على إعداد الاقتراح الأصلي الذي رفضه نتنياهو في وقت لاحق. وقد وجه مسؤول في الحكومة الأميركية في وقت سابق من هذا العام اتهاما لروس، الذي يلقب 'محامي إسرائيل' بسبب هوسه المفرط بالعمل لخدمة مصالح تل أبيب، ومفاوض الرئيس كلينتون، بأنه 'أكثر حساسية بكثير تجاه سياسة ائتلاف نتنياهو من اهتمامه بمصالح الولايات المتحدة.' وإلى جانب كونه زميلاً في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، المؤسسة الفكرية التي ترعاها (آيباك)، عمل روس أيضا، حتى تعيينه في الحكومة، رئيسا مؤسسا في 'معهد تخطيط سياسة الشعب اليهودي'، ومقره في القدس، والذي يعتبر التزاوج مع غير اليهود تحدياً 'غادراً ومغوياً'. ولدى سماعه بانضمام روس إلى فريق أوباما، علق أحد الناشطين الموالين لإسرائيل المقيمين في شيكاغو بالقول: 'الآن... لم تعد لدينا أي مخاوف على الاطلاق.'
ومع ذلك، ما يزال هناك البعض ممن يعتقدون بأن أوباما معاد لإسرائيل...
- صحيفة 'الغارديان'
مياه السودان المعتكرة / هاري فيرهوفن و ليوك باتي
فيما يقترع الجنوب السوداني على الانفصال عن الشمال، من الممكن أن يقدح النفط في الجنوب زناد النزاع —لكن الصورة تظل قاتمة ومعقدة.
سوف يصوت السودانيون الجنوبيون في استفتاء سيجري هناك في كانون الثاني (يناير) المقبل، ليقرروا إما الانفصال عن الشمال أو البقاء معه. وسيترك جنوبي السودان المستقل حكومة الخرطوم من دون الموفر الرئيس للخبز لها: تقريباً 500.000 برميل نفط في اليوم. ونظراً لأن معظم نفط السودان يقع في الجنوب، فإن هذا يثير السؤال: كيف يمكن للشمال أن يستديم من دون بلايين الدولارات من العوائد السنوية التي يدرها النفط؟
وتخشى إدارة أوباما من أن تعمد الحكومة السودانية إلى التحرك عسكرياً للمحافظة على سيطرتها على الحقول النفطية –ربما عبر إعادة إشعال فتيل الحرب الأهلية هناك، والتي كانت قد وضعت أوزارها في العام 2005. لكن الواقع على الأرض يتسم بأنه أكثر تعقيداً. فالنفط يستطيع أن يكون المسوغ الذي يفضي إلى اندلاع الحرب، لكن ثمة افتراضين يطفوان على سطح فكرة المواجهة المباشرة: إن جنوبي السودان سينعم بثروة نفطية ضخمة وأن الشمال سيغدو لا شيء من دون البترو-دولارات. وإذا قرر جنوبي السودان الانفصال عن الشمال، فإن الحقل النفطي قد يكون قصير العمر. وعلى الرغم من أن وزير النفط، لوال دينغ، يأمل في ازدياد الإنتاج إلى 650.000 برميل يوميا في العام المقبل، فإن مثل هذه التنبؤات الطموحة تحتفظ بسجل طويل من الفشل في السودان.
إلى ذلك، تعطي تقديرات الاحتياطيات الخاصة لوزارة النفط السودان مجرد عقد من الإنتاج التجاري، فيما يعتقد صندوق النقد الدولي بأن مستويات الانتاج ستتراجع اعتباراً من 2012-2013 وصاعداً. وكانت الشركة السويدية لندين والشركة الهندية 'و. في. ل' قد انسحبتا من مجمع كان واعداً في الماضي بعد حفر عدة آبار جافة. وما لم تثبت الشركة الفرنسية 'توتال' أن منطقة امتيازها النفطية تشتمل على مكامن ضخمة، فإن الفرص تظل منخفضة في أن يضم جنوبي السودان تحته محيطاً من النفط.
ومن الممكن أن يشي ذلك بأثر ضخم على قابلية الحياة لجنوب مستقل. ونظراً لأن
98 % من عوائد الحكومة تأتي من النفط الذي ستتداعى احتياطياته على نحو خطير قريباً، فإن المستقبل الاقتصادي لجنوبي السودان الذي لا يطل على البحر والذي تنعدم فيه البنى التحتية، يعتبر قاتماً. وهكذا، فإنها ربما تكون الخرطوم هي التي ستضحك، في النهاية، إذا انفصل الجنوب.
عندما أمسك الإسلاميون بزمام السلطة في العام 1989، كان السودان جاثما على ركبتيه اقتصادياً. وكانت هناك حالات نقص حادة في الغذاء والوقود حتى في العاصمة. وقصم برنامج إنعاش قاسٍ ظهر النقابات العمالية القوية، لكنه أيضاً ساهم في إضفاء الاستقرار على معدل التضخم، وحال دون تداعي السودان على النمط الصومالي.
وأفضى المزج بين السياسات الاقتصادية غير المتشددة والصادرات النفطية إلى تحسينات درامية. ووجد البنك الدولي أن اقتصاد السودان نما خمسة أضعاف في الفترة ما بين العام 1999 والعام 2005، حيث مكن النفط من تحقيق توسيع ضخم في البنية التحتية الفسيولوجية والاجتماعية في البلد، بما في ذلك مضاعفة شبكة الطرقات في السودان وتوليد الكهرباء وتسجيل زيادة حادة في الانخراط في المدارس الابتدائية. وكانت هذه نتائج يشار لها بالبنان، خاصة في وجه عقوبات أميركية طويلة الأمد وجبل دين ضخم، لكنها أتاحت المجال أمام حزب المؤتمر القومي الحاكم لبناء شبكات دعم واسعة في الأراضي الأم الشمالية.
ومع ذلك، ما يزال النمو الاقتصادي السوداني غير عادل، حيث تظل مناطق سودانية عديدة تئن تحت وطأة الفقر الفاضح، محرومة حتى من الخدمات الحكومية الرئيسية أكثر ما يكون. لكن الحاجة تمس إلى الإقرار بأن ثمة دوائر انتخابية رئيسية في الشمال لم تحظ بنفس القدر من الحظ، مع أنها نمت مخلصة للنظام بقوة. وما يزال النفط يلعب دوراً حاسماً في هذا النجاح، لكن الخرطوم تعلم يقيناً أنه سينضب في نهاية المطاف، وما فتئت تعد العدة للمستقبل الذي لا يتوفر فيه النفط. وكان أن صب النظام بلايين الدولارات في برنامج سدود طموح جداً، لكنه مثير للجدل (سد ميروي الذي يتكلف 3 بلايين دولار لوحده استهلك حوالي 40 % من إجمالي الاستثمار العام في الفترة بين العام 2005 و2008). بالإضافة إلى استراتيجية مشتركة لإنعاش القطاع الزراعي.
وفي الغضون، تأمل الخرطوم في اجتذاب أكثر من بليون دولار على شكل استثمارات أجنبية مباشرة في العام المقبل للاستثمار في مشروعات زراعية حول النيل. وتسكب دول الكويت والمملكة العربية السعودية والأردن، مدفوعة بمخاوف حول أسعار الغذاء الكونية، أموالاً في شمالي السودان. وتعتبر الصين أيضاً مهيأة للعب دور كبير في المستقبل الزراعي للبلد، حيث تنافس شركاتها على مساحات من الأراضي (فدانات).
هذه هي المكونات الرئيسية لتقويم الاقتصاد السياسي للسودان، والتي يجب أن توقف أي خطط للفصل بين الشمال والجنوب. وفي الأثناء، يتراجع الإسلاميون الشماليون عن المناطق المحورية في إقليمهم حيث تتركز عمليات الاستثمار وتقديم الخدمات والزراعة المروية. ويوجه القادة البارزون في حزب المؤتمر، وعلى نحو مشترك، الشركات التي تهيمن على اقتصاد السودان غير النفطي، والتي تعتبر جزءا من اندفاعة النظام المائية الزراعية. وتساعد الشراكات الوثيقة الصلة مع الصين والمستثمرين العرب الخليجيين ونخب رائدة معولمة في خندقة السيطرة السياسية للحزب القومي الحاكم في السودان.
إن دور النفط ليس كما يبدو راهناً. فالخرطوم تحب الدولارات وستحس بانهيار أسواق الصرف الأجنبية عندما تضمحل عوائد النفط. ولهذا تداعيات مهمة على التدخلات الدولية من أجل الحفاظ على السلام في السودان.
وفيما يعتبر أمر احترام حق تقرير المصير في الجنوب حاسماً وحساساً، فإن تبني المجتمع الدولي لوجهة نظر طويلة الأمد خاصة بالتنمية والحكم في السودان تحظى بقدر مساوٍ من الحساسية والاهتمام. وفي المدى القصير، يجب على المجتمع الدولي دعم استمرار اقتسام عوائد النفط بين الخرطوم ومناطق جوبا المنتجة للنفط. وبغض النظر عن نتيجة الاستفتاء، سيساعد اقتسام النفط في ضبط حالات التوتر ويعطي المؤتمر القومي الحاكم وجيش تحرير الجنوب حصة في استمرار الحوار والحل.
وعلى المدى البعيد، ينطوي التحدي على المساعدة في بناء مستقبل ما بعد النفط. وفي الجنوب، تمس الحاجة إلى تنمية مستدامة وحكم جيد للمساعدة في الحيلولة دون وقوع لعنة الموارد، وهي الديناميكية التي عصفت بنيجيريا (المنتجة والمصدرة للنفط). وفي الشمال، يعني هذا دعم الجهود الرامية إلى إنعاش الزراعة، شريطة ضمان اقتسام النمو على نحو أكثر مساواة من دون أن يعني ذلك تجريد المجتمعات المحلية من صلاحياتها.
إن موارد السودان النفطية مهمة في الحقيقة، ومن الممكن أن تقدح زناد المزيد من حالات النزاع. لكنها محدودة ومن الممكن تجييرها لتعمل لصالح السلام.
- صحيفة 'نيويورك تايمز'
موجات العنف فى العراق تجبر المزيد من المسيحيين على الفرار
ذكرت صحيفة 'نييورك تايمز' في افتتاحيتها 'أن حملة العنف الأخيرة ضد مسيحيى العراق على ما يبدو أجبرت المزيد من صفوفهم على الفرار إلى شمالى العراق أو إلى خارج البلاد خاصة وأنهم يخشون أن قوات الأمن العراقية ليست قادرة على حمايتهم أو بالأحرى ليست راغبة فى الدفاع عنهم، على حد قول الصحيفة.
وقالت الصحيفة إن الآلاف من السكان المسيحيين سواء فى بغداد أو الموصل، اضطروا إلى الرحيل بعد الهجوم على كنيسة 'سيدة النجاة' فى 31 أكتوبر المنصرم والذى أسفر عن مقتل 51 من المصلين وكاهنين، وبعد وقوع سلسلة لاحقة من التفجيرات وعمليات الاغتيال التى استهدفت المسيحيين.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا النزوح الجديد، وهو ليس الأول، يعكس استمرار تشريد العراقيين رغم تحسن الأوضاع الأمنية واقتراب التوصل إلى حل للجمود السياسى الذى ساد البلاد بعد انتخابات شهر مارس المنصرم.
هذا النزوح يهدد بزوال ما يطلق عليه إيمانيول يوخنا، القس فى الكنيسة الأشورية 'مجتمع تمتد جذوره فى العراق حتى قبل ولادة المسيح'.
وأضافت الصحيفة أن هؤلاء الذين فروا من موجة العنف الأخيرة، وأغلبهم أصابهم الفزع ولم يأخذوا معهم مقتنياتهم، حذروا من أن هذا العنف ينذر بزوال الدين المسيحى فى العراق، مثلما حدث عام 1948 عندما غادر معظم يهود العراق إلى إسرائيل.