صحافة دولية » - مقالات مترجمة من صحف أجنبية

- صحيفة jeascii117neafriqascii117e
نصر الله رجل واقعي، سلس، براغماتي

نشرت الصحيفة تحقيقا تحت عنوان 'حسن نصرالله، الامام الغائب'! ومما جاء فيه:
انه بطل مقاومة اسرائيل بنظر العرب، وقائد حزب الله، والمختفي قسرا تجنبا للاغتيال، والذي اصبح من اللاعبين الرئيسيين في المنطقة.
لقد حل مكان جمال عبد الناصر في افئدة العرب والمسلمين، وهو عالم الدين القادم من بيئة متواضعة، ومنذ ان تمكنت منظمته من اجبار اسرائيل على الانسحاب من لبنان عام 2000، ومن مواجهة هجمات الجيش الاسرائيلي عام 2006، فإن ملايين الاشخاص من الجزائر الى طهران يثقون بانه سوف ينهي قرن من الاذلال،  وكما كتب رامي خوري في صحيفة 'دايلي ستار' اللبنانية فان ذلك الحب لا يجد جذوره في الايديولوجيا بل في البسيكولوجيا.
 
رجل الشعب
ذكي براغماتي خطيب مفوه باعتراف الاعداء قبل الاصدقاء، ان قائد حزب الله '50 عاما' قريب من الشعب، ولد في الكرنتينا احدى ضواحي بيروت، وهو الولد البكر لاسرته الى جانب 8 اولاد، وكان والده عبد الكريم بائع خضار، وقد عايش حسن نصرالله وهو فتى الارمن والاكراد والفلسطينيين، ومن هنا بدات جذور تعاطفه مع الفئات المضطهدة، واذا اردنا ان نصفه بكلمه واحدة فهو 'المؤمن الورع' واسم عائلته تعني بالعربية 'نصر .. الله'.
رجل براغماتي
على عكس رجال الدين الراديكاليين من 'السنة' فان نصرالله رجل واقعي، سلس، براغماتي، وهو من قال 'نظام طالبان هو النظام الاسلامي الذي لا يمكن ان نجد اكثر سؤا منه' وقد تم اختياره عام 2010  الشخصية الرابعة الاكثر شعبية بين العرب وفق استطلاع اجراه معهد Brookings Institascii117te (بعد ان كان الاول عام 2008) ويسبقه اردوغان وتشافيز و نجاد. ورغم ما يشاع عن وجود 'تباين' بينه وبين الشيخ نعيم قاسم، فإنه تمكن من الحفاظ على وحدة الحزب منذ 18 سنة، وتم اعادة انتخابه امينا عاما للحزب وللمرة الرابعة عام 2009.  


- صحيفة 'معاريف'  

باحث في معهد ابحاث الامن القومي في جامعة تل ابيب

هل تواجه اسرائيل وسورية تجديد التفاوض؟ وهل تنوي سورية مقابل اعادة هضبة الجولان ان تتخلى عن صلاتها بايران وحزب الله؟ اسمحوا لي أن أُبرد الحماسة شيئا ما. فيما يتعلق بوجود قناة سورية اسرائيلية، لم تشتمل الردود على النبأ في القدس ودمشق على إنكار جارف، وقد توجد قناة لنقل رسائل بوساطة امريكية بين العاصمتين. هذه القناة تخدم الجانبين. فهي تُقلل الضغط عن نتنياهو في ضوء الجمود مع الفلسطينيين، والضغط عن الاسد في ضوء علاقاته بايران وحزب الله والاتهامات المتوقعة من قبل فريق التحقيق في مقتل الحريري. لكن هل هذا حقيقي؟.
مدة بضعة اشهر، حتى كانون الاول (ديسمبر) 2008، أجرت اسرائيل وسورية اربع جولات 'محادثات تقارب' بوساطة تركية. وبفضل ذلك 'الإحلال' الذي منحه اولمرت للاسد تحسنت مكانة سورية الدولية والاقليمية. فقد تخلت الولايات المتحدة وفرنسا وعلى أثريهما العربية السعودية ايضا عن إقصاء دمشق وبدأت تعامل سورية باعتبارها دولة رئيسة ذات قدرة على التأثير في ساحات مختلفة في الشرق الاوسط. وكان ذلك ايضا عن طموح الى قطعها علاقتها بايران.
لكن سورية لم تُغير الى الآن سلوكها السلبي. ففي السنة الاخيرة فقط أشارت دمشق في عدة فرص الى ان تسوية سلام مع اسرائيل ليست خيارا جذابا كما كان في الماضي، وحتى لو خرجت من القوة الى الفعل فانها غير مستعدة كما كانت الحال في الماضي لتطبيع كامل. وقد أعلن السوريون ايضا بأنهم لن يتخلوا عن 'الشراكة الاستراتيجية' مع طهران حتى لو وقع اتفاق سلام مع اسرائيل. واسوأ من كل شيء ان سورية تحولت من 'انبوب' لنقل الوسائل القتالية من ايران الى حزب الله الى مزودة للمنظمة الارهابية بوسائل قتالية متقدمة مباشرة بل انها تُدرب نشطاءها داخلها.
من المحتمل ان امكانية قطع العلاقات أو تغيير طابعها على الأقل، بين سورية وايران، يُثار في كل نقاش تجريه اسرائيل يتعلق بالمزايا المحتملة لاتفاق سلام بين الدولتين. إن تغيير دور دمشق قد يضائل بحسب هذه الرؤية التهديد لدولة اسرائيل. فسيصعب من جهة على القدس ان تدخل تفاوضا كهذا إن لم تكن مقتنعة بأن هذا الأمر احدى نتائجه. ومن جهة اخرى، بدء التفاوض السياسي بل التوقيع على اتفاق سلام لا يضمن ان تُبرد ايران وسورية علاقاتهما.
إن سوريا معنية بتحقيق سلسلة مصالح منها اعادة الجولان بوساطة تسوية تكون في مصلحتها. وعلى العموم ليست هي عضوا طبيعيا في المحور المتطرف، فهي دولة علمانية وهي لا ترفض بخلاف ايران وحزب الله وحماس، امكانية التوصل الى سلام مع اسرائيل.
إن وضعها الاقتصادي الصعب، وعدم الوضوح المتعلق بسياسة الولايات المتحدة معها، والضربات التي تلقتها من اسرائيل وابتعاد الخيار السياسي في نظرها، قوّت على نحو طبيعي علاقة دمشق بطهران. هل تُغرق مسيرة سياسية وجه الارض بتضارب المصالح بين سورية وايران؟ هل تُغير سورية مع الوقت شكل علاقتها بايران وبحزب الله؟
في ضوء سلوك الاسد يبدو انه غير معني بذلك في هذه المرحلة، لا على حساب علاقته بايران وبحزب الله. يحتمل من مسيرة سياسية كما حدث في الماضي ان تزرع الشك بين دمشق وطهران لكن سيصعب على السوريين في نهاية الامر ان يقطعوا تماما هذه العلاقات التي تُثبت نفسها منذ ثلاثة عقود، لمصلحة وعود بتسوية ما.


- صحيفة 'نيويورك تايمز'

الشرق قادم على الطريق / أيان موريس

يتربع الغرب على قمة العالم. ويعيش نحو سبع سكان الكوكب فقط في أوروبا أو في أميركا الشمالية، لكنهم يولدون ثلثي ثروتها ويملكون ثلثي أسلحتها، وينفقون أكثر من ثلثي دولاراتها المخصصة للبحث والتطوير. وفي المعدل، يبز العمال الأميركيون نظراءهم الصينيين سبع مرات، كمنتجين.
ولكن، عندما قام ريتشارد نيكسون بزيارته إلى بكين وراءً في العام 1972، كان العمال الأميركيون أكثر إنتاجاً بعشرين ضعفاً من نظرائهم الصينيين. وفي ذلك الوقت، كانت حصة الصين من الانتاج الكوني لا تتعدى
5 %، لكنها تبلغ راهناً 14 %. وفي الوقت الحالي، تشكل الصين ثاني أضخم اقتصاد في العالم (تأتي اليابان في المرتبة الثالثة). وهي أكبر باعث للكربون في العالم. كما أن أسرع 'سوبر كمبيوتر' في العالم هو صيني.
إننا نعيش في أكبر انتقال للثروة والطاقة والوجاهة منذ أن قذفت الثورة الصناعية أوروبا الغربية نحو الهيمنة الكونية قبل 200 عام. وأما القوة الدافعة التي تدفع الشرق نحو الصعود، فهي بالضبط القوة نفسها التي كانت قد دفعت في السابق بالصعود المبكر للغرب: تفاعل الجغرافيا مع الاقتصاديات والتكنولوجيا.
وراء في القرن الخامس عشر، جعلت طرق جديدة في الإبحار (والتي كانت الصين هي رائدتها) من الممكن للسفن أن تعبر المحيطات. وفجأة أصبح التفصيل الجغرافي القائم على أن أوروبا الغربية كانت تبعد 3000 ميل فقط عن الساحل الشرقي للولايات المتحدة بينما كانت الصين تبعد 8000 ميل عن ساحلها الغربي، أصبح أكثر الحقائق أهمية في العالم. وقد عنت تلك الحقيقة أن الأوروبيين، ولس الصينيين، هم الذين استعمروا العالم الجديد وخلقوا أنواعاً جديدة من اقتصاديات السوق حول شواطئ الأطلسي.
وولدت هذه السواق بقدر مساوٍ محفزات جديدة، والتي دفعت الأوروبيين، وليس الصينيين، لتسخير طاقة وقود المستحاثات في الثورة الصناعية. وأفضى ابتكار السفن البخارية والسكك الحديدية التي أفرزتها هذه الثورة إلى تقليص العالم أكثر في القرن التاسع عشر، طارحة الإمكانية الصناعية الضخمة للمناطق الخلفية في أميركا الشمالية. ومع حلول العام 1900، حلت الولايات المتحدة محل أوروبا الغربية كمركز جذب للعالم.
لكن التاريخ لم يتوقف عند تلك النقطة، إذ حافظت التكنولوجيا على الاستمرار في تقليص العالم، مروراً إلى القرن العشرين. ومع حلول العام 1950، لم يعد الباسفيكي يشكل حاجزاً أمام التجارة مقارنة مع ما كان عليه الأطلسي قبل قرن من الزمن.
أما الآن، فقد حان الوقت لإطلاق الإمكانات الصناعية الضخمة لشرق آسيا: اليابان ثم كوريا الجنوبية فتايوان وسنغافورة وماليزيا أولاً، والآن الصين، كلها سحبت للدوران في فلك الاقتصاد الكوني. ومع حلول العام 2000 كسبت الصين على حساب الولايات المتحدة. وقد تحل محلها تماماً مع حلول العام 2050.
في القرن التاسع عشر، لم يكن ثمة شيء بوسع حكام وجنود ومفكري الشرق فعله لوقف الجغرافيا عن تغيير المكانة والأهمية. أما الآن، في القرن الحادي والعشرين، فليس ثمة شيء يستطيع الغرب عمله لوقف الجغرافيا عن تغيير الأهمية مرة أخرى.
يقال إن هناك الكثير مما كان بإمكان الشرقيين فعله لإدارة صعود الغرب. فقد كان رفض سفارة التجارة الحرة لبريطانيا في العام 1793 كارثة بالنسبة للصين. كما كان الفشل في تعزيز دلتات بيرل ويانغتزي أمام السفن الحربية البريطانية في العام 1840 أمراً أكثر سوءاً. أضف إلى ذلك، أن قرار اليابان مهاجمة ميناء بيرل هاربر في العام 1941 كان أسوأ عمل تم القيام به على الإطلاق. وكان بالإمكان، عند أي نقطة مفصلية من هذه النقاط، كما عند أي من نقاط أخرى كثيرة، لو تم اتخاذ قرارات أفضل، أن يفضي اتخاذ قرارات أفضل إلى جني مكاسب ضخمة للشرق.
وعلى نحو مشابه، ثمة الكثير الذي يستطيع غربيو القرن الحادي والعشرين عمله لإدارة صعود الشرق. ولعل أحد الأمثلة الواضحة على ذلك يكمن في تسديد ديون الغرب الضخمة. كما أن تشجيع الهجرة لموازاة المواطنين المكشوفين في الغرب يشكل مثالاً آخر.
وثمة مطلب ثالث هو تحرير أنفسنا من النفط والغاز. فالمنافسة بين الشرق والغرب حول الموارد، تدور في 'قوس عدم الاستقرار' الذي يمتد من أفريقيا إلى الشرق الأوسط إلى آسيا الوسطى، ويغص بالمشاكل، خصوصا وأن الاحترار الكوني وانتشار الأسلحة النووية يفاقمان من زعزعة استقرار المنطقة.
وعلى أن استخدام القوة العسكرية الأميركية لضمان النظام الدولي يحظى بالقدر نفسه من الأهمية، وأن ذلك يشكل حملاً ثقيلاً، إلا أن الأسلحة الأميركية ما تزال تحافظ على السلام في تايوان وكوريا منذ 60 عاماً. كما أن الأسلحة الأميركية هي التي ستجعل من صعود الصين يتخذ مساراً سلمياً في القرن الحادي والعشرين -إذا قدر لشيء أن يؤتي أكله.
وأخيراً وليس آخراً، فإن الضغط المستمر على الصين لفتح مجتمعها يستطيع أن يجلب المزايا. فقد ضمت الحكومات الثماني عشرة التي قاطعت حفل توزيع جوائز نوبل للسلام العديد من الدول الرافضة في العادة للغرب، بدءاً من إيران وانتهاء بفنزويلا. لكن حقيقة أن أفغانستان ومصر والعراق والباكستان والعربية السعودية كلها اختارت صداقة الصين على صداقة أميركا، تبقى حقيقة تقض المضاجع بالفعل.
وعلى المدى البعيد، قد تجعل القوى المتصلبة في التغير التكنولوجي والعولمة من مخاوف اليوم بسبب صعود الشرق أمراً غير ذي صلة. وبعد 100 عام من الآن، قد لا تكون قسمة 'الشرق' و'الغرب' الشيء الكثير. أما على المدى القصير والمدى المتوسط، وفيما نحاول حل المشاكل الكونية المتزايدة في إطار الدول -الأمم التي كانت قد خلقت في القرنين التاسع عشر والعشرين، فإن المخاطر تكون كبيرة.
وفي عالم مليء بأسلحة الدمار الشامل، لا يكون الفشل في إدارة هذه المشاكل خياراً. وستكون الأعوام الأربعين التالية هي الأهم على الإطلاق في التاريخ البشري.
 

- صحيفة 'وول ستريت جورنال'

شمال العراق: بؤرة المتاعب التالية / سام داغر

الآن، وقد اتفق المشرعون العراقيون على تشكيل حكومة، واضعين بذلك نهاية لفترة جمود تركت البلاد في حالة فوضى لأشهر عديدة، يركز الدبلوماسيون الأميركيون على حالة انقسام آخر -التوترات العرقية في الشمال، والتي تهدد بتقطيع أوصال الشمال العراقي.
وقد صادق البرلمان العراقي مؤخراً على حكومة جزئية برئاسة رئيس الوزراء نوري المالكي، معبئاً بذلك فراغاً في السلطة يعود في جذوره إلى انتخابات آذار (مارس) الماضي غير الحاسمة. وجاء الانفراج نتاجاً لصفقة لاقتسام السلطة دعمتها الولايات المتحدة، واتفق عليها في الشهر الماضي، دعت إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الفصائل العراقية الإثنية والطائفية الرئيسية.
لكن، في شمال العراق يستمر العرب والأكراد والمجموعات الاثنية الأصغر في مواجهة بعضهم بعضا حول دزينة من المناطق الغنية بالنفط، والتي تمتد لمساحة 300 ميل وراء منطقة كردستان في العراق.
ومن جهتهم، يغذ الأكراد، الذين يتمتعون أصلاً بقدر من الحكم الذاتي في إقليمهم، الخطى نحو الحصول على المزيد. لكن أعضاء المجموعات الأخرى -العرب والتركمان الاثنيين في المنطقة، من بين آخرين- يقولون إن الطموحات الكردية فاقت الحدود على نحو مبالغ فيه.
وفي الخضم، ثمة 9.600 جندي أميركي، يشكلون نحو خمس التواجد العسكري الأميركي الموجود راهناً في العراق، يكافحون من أجل الحفاظ على السلام، فيما تحاول وزارة الخارجية الأميركية، شأنها شأن الأمم المتحدة التوصل إلى تسوية سياسية دائمة قبل أن تغادر القوات الأميركية العراق في نهاية العام المقبل.
وقال الكولونيل لاري سويفت، قائد قوات الجيش الأميركي في كركوك، التي تعد مستودعاً نفطياً في المنطقة المتنازع عليها، في مقابلة أجريت معه قبل تدوير وحدته في أوائل تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي: 'لا أحد يعرف على وجه التحديد ما الذي سيحدث عندما ننسحب من هنا تماماً'.
وستكون لما تتوصل إليه بعثة السلام الأميركية عواقب ستشمل طول البلاد وعرضها. ومن الممكن أن يفضي نجاحها أو فشلها إلى المساعدة على تقرير ما إذا كان العراق سيتشظى إلى عدة فضاءات للسلطة: كردية وعربية سنية وعربية شيعية. وفيما عزز الأكراد سلطتهم في الشمال، أقدمت مجموعات أخرى، بما في ذلك القادة الشيعيون في الجنوب العراقي الغني بالنفط أيضاً، على الدفع في اتجاه تحقيق الحكم الذاتي لهم هم الآخرون.
ويقول الدبلوماسيون الأميركيون إن أولوية واشنطن الأولى في أعقاب تسمية حكومة جديدة، تكمن في محاولة التوسط لإيجاد حل في الشمال. وقال السفير الأميركي جيمس اف. جيفري مؤخراً إن واشنطن تسعى للحصول على تخويل رسمي من الحكومة العراقية للحفاظ على مكتبين فرعيين مؤقتين للسفارة في مدينتي كركوك والموصل الشماليتين. وقال إن المكتبين سيساعدان على 'التعامل مع القضايا السياسية في تلك المنطقة المعقدة جداً'.
ومشددة على الجو القابل للاشتعال هنا، تئن الخدمات الأمنية للمنطقة تحت وطأة ولاءات الفصائل المتنافسة. وعند مدخل 'طوز خورماتو' هذه البلدة المغبرة التي تمتد على حدود العراق الشمالية والإقليم الكردي الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي، ثمة مجمع محاط بسياج يؤوي فريق نخبة أمنيا يستجيب للقادة السياسيين الأكراد.
لكن قائد الشرطة في البلدة، التركماني، يتلقى تعليماته من الحكومة الإقليمية ذات القيادة العربية، والتي تتخذ مقرها في بلدة أخرى تقع على بعد 60 ميلاً. ويقول العقيد حسين البياتي إنه لا يتعاطى مع القوة الكردية التي يتهمها بأنها 'تدعم السيادة' على البلدة.
أفضت الثقة المتزعزعة إلى توليد العنف الذي ما يزال يجعل المنطقة واحدة من أخطر المناطق بالنسبة للقوات الأميركية والعراقية على حد سواء. وعلى النقيض من أي منطقة أخرى في العراق، حيث أصبحت المهمة الأميركية من الناحية الرسمية غير قتالية اعتباراً من نهاية آب (أغسطس) الماضي، ما يزال الأميركيون هنا يقومون بأعمال الدورية في الخطوط الأمامية، ويشكلون ما هو أقرب إلى قوة حفظ السلام. ويتفقد الجنود الأميركيون نقاط التفتيش المتقاسمة، بشكل غير سهل، بين القوات الكردية وجنود الجيش العراقي، ويقوم الأميركيون بتسيير دوريات ويقومون بتنفيذ عمليات مع الجانبين مستهدفين المتمردين.
وفي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، قتل جندي أميركي في هجوم شنه متمردون بأسلحة صغيرة في الجنوب الغربي من طوز. وتظل القاعدة الأميركية الرئيسة في كركوك هدفاً للهجمات الصاروخية، ما دفع الأمم المتحدة في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الماضي إلى إجلاء موظفيها الأجانب بشكل مؤقت.
وفي ما يراه العديد منطوياً على تصعيد منذر، عثر على رجل عربي مقتولاً، بعد أن أصيب بعدة طلقات نارية في رأسه في كركوك مؤخراً. وكان الرجل قد اختطف مع أخته رداً على اختطاف زوجة ضابط شرطة رفيع ما تزال قيد الاحتجاز، كما يقول رجال الشرطة.
وتعود الثقة المتزعزعة إلى عقود سابقة، لكن وتيرتها ازدادت حدة في أعقاب غزو العام 2003 بقيادة الولايات المتحدة، والذي أطاح بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وعلى مدار الكثير من العقد الماضي، خاض الأكراد والعرب والتركمان معارك في ثلاث جبهات حول حدود متنازع عليها في منطقة تعد موطناً لمجموعة ولاءات إثنية وطائفية: حول السيطرة على كركوك وحول مصير ثروة النفط والغاز الطبيعي في المنطقة.
وهرع الأكراد المدفوعون من جانب قادتهم السياسيين والمدعومون من جانب القوات الأمنية الكردية للسكن في الكثير من المناطق موضع النزاع بعد العام 2003. وهم يقولون إنهم قد عادوا، ببساط، إلى الأماكن التي كان صدام حسين قد أجبرهم على النزوح منها عندما جرف مئات القرى الكردية في المنطقة في أعوام السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.من جهته، قال مسعود برزاني رئيس حكومة الإقليم الكردستاني المتمتع بالحكم شبه الذاتي، في كلمة له في وقت سابق من كانون الأول (ديسمبر): 'لن نقبل بأي تسويات حول هوية كركوك (الكردية)'.
وفي صفقة بغداد الأخيرة لاقتسام السلطة، نجم السيد برزاني كصانع الملك، منتزعاً ثمناً باهظاً من السيد المالكي نظير دعم برلماني كردي لولاية ثانية للأخير في رئاسة الوزراء. وطالب السيد برزاني الحكومة بإجراء إحصاء طال إرجاؤه، واستفتاء على وضع الإقليم المتنافس عليه، والذي يطالب به العرب والأكراد على حد سواء. ومن شأن الإجراءين أن يفيدا الأكراد بعد سنوات من المطالبة بجزء كبير من المناطق المتنازع عليها. وقد وافق السيد المالكي.ويقول العرب والأكراد إنهم سيقاطعون الإحصاء المخطط له -أول إحصاء على مستوى الأمة في العراق منذ العام 1987 مشيرين إلى مخاوف من أنه سيشدد من القبضة السياسية الكردية على المنطقة.
وقال راكان الجبوري، العربي السني الذي يشغل منصب نائب محافظ كركوك، إنه قال لأرفع دبلوماسي أميركي في الشمال، إن الشباب العرب الذين تدفقوا ذات مرة على التمرد سوف يكونون صيداً سهلاً للمليشيات حتى تجندهم بسبب ما يعزوه إلى الممارسات الجائرة التي يلاقونها من الأكراد.
ومؤخراً، استقبل الجبوري مجموعة من العرب السنة من منطقة دهوك بين كركوك وطوز، واشتكوا له من أن أكراداً مسلحين كانوا يرتدون ملابس مدنية استولوا بالقوة على أراضيهم في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي.
وقال برهان ذياب العبيدي، المحامي الذي يمثل القرويين، إن العرب بمن فيهم عملاؤه ملتزمون بحل النزاع سلمياً، لكن الصبر آخذ في النفاد. وأضاف: 'إنني أحاول التقيد بالقانون، لكنه في حال استمر هذا الوضع على ما هو عليه... فإنني سأبلغك عن القتلى والمعتقلين'.
وقال مسؤول كردي في داهوك، هو أمير الزندي، إنه لا يعلم بقضم مزعوم للأراضي. وأضاف أنه في جميع الأحوال، فإن 'الغالبية المطلقة' من الأراضي تعود للأكراد في المقام الأول. وقال إنه تم السماح، بعد العام 2003، بأن تستضيف المنطقة عرباً 'كضيوف' على أن يتم تقرير مصيرها النهائي من خلال الإحصاء والاستفتاء.وفي الأثناء، تراقب الأطراف كافة، كما تتسابق من أجل الفوز بقصب السبق قبل المغادرة الكاملة للقوات الأميركية والمقررة في العام 2011. وقد وافقت القوات الأميركية على تدريب وتجهيز وحدات الباشميرغا؛ القوة العسكرية الكردية، على غرار المستوى نفسه الذي تُدرب به القوات التابعة للجيش العراقي، والذي يستجيب لبغداد التي يهيمن عليها العرب.
ويقول قادة أميركيون إن القوات الكردية التي تلقت تدريباً حديثاً ستشكل قوة 'حرس إقليمي' للقيام بدوريات في المنطقة المتنازع عليها والحدود الشمالية مع سورية وإيران وتركيا. لكن السيطرة النهائية للقوة تظل عالية في الهواء. ومن الناحية الفنية، ستخضع الوحدات إلى 'البنية الدفاعية' الفدرالية العراقية، كما قال برهم صالح رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان الإقليمية. وأضاف أنها في الواقع ستظل قوة كردية منفصلة.
ويقول السيد صالح: 'لكنه إذا كان الناس يتوقعون منا... تسليم أسلحتنا والتنازل عن مصيرنا مقابل كلمات طيبة من هذا وذاك، فهذا شيء غير وارد على الإطلاق'.
وفي الأثناء، يعمل عبد الرحمن العبيدي، وهو زعيم قبائلي عربي سني من كركوك، على استنفار قواته 'جيش الفرسان العرب' المكونة من 6300 رجل للتصدي للنفوذ الكردي. ويقول إن القوة العربية ستضمن وجود 'توازن قوى' مع الأكراد و'تيسير نجاح المحادثات والمفاوضات'.
ومن جهته، قال مسؤول أميركي في بغداد إن واشنطن 'ستقلق بسبب أي اقتراح يشي بأن أمن العراق سيكون في حال أحسن من خلال تشكيل مليشيات أمنية جديدة'.
وفي صيف العام 2009، كان أرفع قائد أميركي في العراق في حينه، جنرال الجيش راي أودييرنو، قد بدأ في دفع القادة العرب والأكراد نحو قبول ترتيب أمني مشترك بإشراف الولايات المتحدة في المناطق المتنازع عليها لتعبئة فراغ تركته الفصائل المتحاربة.
وتتولى القوات الأميركية راهناً الوقوف على 22 نقطة تفتيش مشتركة، سوية مع القوات الكردية والعراقية. وإلى ذلك، يطري المسؤولون العراقيون والأكراد والأميركيون على هذه الإجراءات، ويعتبرونها مضفية للاستقرار، مرجعين الفضل في خفض حدة التوتر إلى تواجد القوات. لكن القادة من جميع الجوانب يقولون إنهم يشعرون بالقلق من الانسحاب الأميركي المرتقب في العام 2011.
ويقول العميد طرحان عبد الرحمن، نائب قائد شرطة كركوك، التركماني والحليف القوي للولايات المتحدة، إن الجدول الزمني للأميركيين في العراق لا يتوافق مع الصبر المطلوب للبت في النزاع.
ومشيراً إلى الجنود العراقيين الذين يتناوبون في العراق يقول: 'يريدون أن يساعدوننا. ويحتاجون إلى وقت لفهم المسألة، لكنهم لسوء الطالع، سيكونون قد غادروا مع الوقت الذي يكونون قد فهموا فيه'.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد