- صحيفة 'السفير'
فاتن قبيسي
عندما عُيّن الفنان محمد ابراهيم مديراً للإذاعة اللبنانية منذ سنتين، تساءل البعض عن مدى إمكانيته في القيام بالمسؤولية الكبيرة. وهي الإذاعة التي أهملت كثيراً من قبل الدولة، والتي دفعت غير مرة ضريبة الحروب، من خلال تضرر بعض معداتها وأجهزة إرسالها، وهي التي توقفت قسرياً عن البث في مرحلة ما، وهدّد &laqascii117o;أرشيفها" الثري، غنائياً وبرامجياً، بالتلف والضياع.
بكثير من المشقة، كانت الإذاعة تعيد بعض ما افتقدته. ويحاول اليوم مديرها استنهاض ما لم ينهض بعد، في ظل نقص كبير في الكادر الوظيفي، الذي لا يتجاوز عدده 140 موظفاً، من اصل 375 موظفاً ( في الملاك). وفي ظل مناخ يجعلها قاصرة عن المنافسة إذاعياً.
يحاول محمد ابراهيم، الذي جاء بعد 26 عاماً أدار خلالها المدير السابق فؤاد حمدان دفة الإذاعة، أن يبث روحاً جديدة، عبر دينامية تميز الرجل الذي يحترف الفن (التمثيل والكتابة التلفزيونية والإذاعية) معتبراً &laqascii117o;ان الإذاعة يلزمها عنصران: الفن والإدارة"، ومراهناً على إبقاء بصمة ما فيها.
ولكن ثمة أسئلة تطرحها &laqascii117o;السفير" حول ظروف تعيينه، وآلية بعض البرامج، وتعاطيه مع المشكلات القائمة في الإذاعة الرسمية. وهي اسئلة يرد عليها ابراهيم في هذا الحوار، على أن نتطرق غداً إلى الشق الفني من حياته المهنية.
÷ كيف وجدت واقع الإذاعة اللبنانية لدى استلامك مهامك كمدير فيها؟
} عند استلامي مهام الإدارة كان قد مضى أكثر من سنتين على تحديث جميع الاستوديوهات بما فيها استوديوهات تسجيل الموسيقى والأغاني والدراما والبرامج بأحدث الأجهزة الرقمية وأكثرها تطوراً من خلال شركة &laqascii117o;شتودر" السويسرية، ما سهل العمل الإذاعي والبرامجي والتسجيلات، بالإضافة إلى أجهزة التخزين التي تحفظ رقمياً أرشيف الإذاعة وبرامجها. وكانت الإذاعة قد بدأت بنسخ الأرشيف لحفظه بالطريقة الرقمية. ولا تزال تعمل بآلية جيدة لتنسيق دوراتها الإذاعية ناتجة عن خبرة طويلة. إلا ان الملاحظ كان النقص الحاد في الكادر الوظيفي.
÷ ما هي الخطوات التي قمت بها في الإذاعة اللبنانية منذ توليك مهمة إدارتها؟
} كان همنا مواكبة التطور الإعلامي في لبنان وخارجه، وان تكون الإذاعة اللبنانية حاضرة لما لها من تاريخ إعلامي عريق، وكل إدارة جديدة تحاول دائماً أن تضع بصمتها لا سيما وان العصر الإعلامي الحالي يتطلب سرعة وحركة وديناميكية وروح الشباب. من هنا وضعنا لمساتنا الخاصة في أمور كثيرة، نذكر بعضها: رمَّمنا مبنى الإذاعة من الداخل ليواكب ترميم الاستوديوهات وحداثة الأجهزة. وعملنا مع وزير الإعلام طارق متري ومدير عام الوزارة الدكتور حسان فلحة على سد ثغرة كبيرة في الكادر الوظيفي، فقد وافق مجلس الوزراء على 40 وظيفة أعلن عنها &laqascii117o;مجلس الخدمة المدنية"، وأجرى الامتحانات اللازمة للمتقدمين إليها ونحن بانتظار النتائج.
رفعنا عدد فترات البث المباشر إلى ثلاث يومياً، لنكون على تماس مباشر مع الناس.
ونجحت الإذاعة هذه السنة في حيازة الجائزة الأولى لمسابقة الأغنية العربية التي يقيمها &laqascii117o;اتحاد إذاعات الدول العربية"، والسنة الماضية نلنا الجائزة الثالثة.
÷ هل كان يحق لك قانوناً، تعيينك في هذا المنصب، وأنت موظف فئة رابعة؟ وهل تم تعيينك بموجب قرار استثنائي؟
} صحيح انني كنت فئة رابعة، ولكن ذلك كان غير منصف إذ اني أحمل إجازة في اللغة العربية وآدابها منذ 1986، أي كان من حقي ان أكون فئة ثالثة بموجب القانون وهذا ما تمّ. وأنا الآن أدير الإذاعة بالتكليف ولا موجب لقرارات استثنائية إذ إن القانون ينص على ان يكون مدير الإذاعة وهو من الفئة الثانية، حائزاً على إجازة جامعية في الآداب أو الحقوق والأمر ينطبق عليّ.
÷ إلى أي حد أفادتك خبرتك الإذاعية الطويلة في مجالي الإخراج والكتابة، في القيام بمسؤولياتك الحالية؟
} إدارة الإذاعة ذات شقين إداري بحت، وفني، وخبرتي الطويـلة في المــجال الإذاعي والإخـراج والكتابة والأداء خوّلتني انتقاء البرنامج الصالح الذي يقدم إضافة فنية وإعلامية وكذلك الخبرة في تنسيق الدورات البرامجية واختيار الأفكار الخلاقة والإبداعية.
أما إدارياً، فأزعم انه بعد سنتين أصبح عندي إلمام بالأمور الإدارية بما يكفي لخدمة الإذاعة اللبنانية التي تعبر عن كل لبنان بكل فئاته.
÷ لماذا مازالت الإذاعة اللبنانية قاصرة عن المنافسة؟
} لا شك في ان توقف الإذاعة اللبنانية لفترة كان عاملاً أساسياً في غيابها القسري عن الساحة، لا سيما بعد قصف مراكز إرسال عدة تابعة لها أثناء &laqascii117o;حرب تموز" لا سيما في الشمال وفي عمشيت، وكان إرسالها يغطي العاصمة فقط. ونحن الآن ننتظر استواء الأمور في البلاد لنقوم بحملة دعائية شاملة تغطي كل لبنان لتعريف المستمع إلى موجات الإذاعة واستعادته. المشروع حاضر عند الوزير، إلا اننا ننتظر الموازنة.
÷ الإذاعة اليوم بانتظار نتائج امتحانات &laqascii117o;مجلس الخدمة المدنية" لاختيار 40 موظفاً، هل يتم ذلك بناء على قاعدة &laqascii117o;ستة وستة مكرر"؟
} الأمر برمّته بيد مجلس الخدمة المدنية وتحت رعايته، والمطلوب حوالى 37 مهندساً أما فيما يتعلق بالمذيعين فامتحاناتهم مختلفة عن التقنيين، وقد جرى اختيار لجان فاحصة من قبل مجلس الخدمة، وهذه اللجان مختصة وذات شفافية عالية وأجريت الامتحانات ولم يكن لا لوزارة الإعلام ولا للإذاعة أي دخل فيها لا إشرافاً ولا مشاركة حتى إن الإذاعة لم تعرف عدد المتقدمين للامتحانات ولا أسماءهم. هذا هي حدود دورنا.
÷ هناك تحفظات حول وجود خلل طائفي في الوظائف داخل الإذاعة.
} ليس هناك من خلل طائفي حاد، والأمر عائد لعدم التوظيف منذ بداية التسعينيات في ظل بلوغ عدد كبير من الموظفين سن نهاية الخدمة. ولولا ان النقص الحاد في ملاك الإذاعة يكاد يوقفها لما استحصلنا على قرار الأربعين موظفاً.
÷ لماذا يتم الاستعانة بمذيعين من خارج الملاك لقاء بدل مادي كبير؟
} مبدأ الإعلام الإذاعي والتلفزيوني قائم على الاستعانة بالمواهب من داخل الملاك وخارجه، والقانون يلحظ التعاون مع الطاقات الإبداعية من المثقفين والمبدعين وعندما تدفع الإذاعة مئتي ألف ليرة بدل فترة بث مباشر مدته ساعتان لأربع فترات في الشهر أي 800 ألف ليرة لأسماء كبيرة، أليس هذا بدلاً زهيداً؟!
غداً: حوارحول &laqascii117o;الدراما والدبلجة".