إعلام جديد » «ذا إنترسبت».. صحافة المواجهة واللاخوف


صحيفة السفير ـ فادي الطويل

أكثر من مئة يوم مرّت على مقالة غلين غرينوالد الأخيرة في صحيفة &laqascii117o;ذا غارديان". يومها، ودّع القرّاء على وعد &laqascii117o;توريطهم" في مشروع إعلامي مختلف، يتّسع للتحديات التي يعيشها كأحد أبرز وجوه الصحافة الاستقصائية حالياً. وبعد أشهر من التكهنات، اتّضحت الصورة أمس الأوّل (الاثنين 10 شباط/فبراير)، حين أعلن بتغريدة عبر حسابه على &laqascii117o;تويتر"، عن إطلاق مجلة الكترونية: The Intercept.
لا يمكن النظر إلى المجلة الجديدة كمشروع متكامل، بل كانطلاقةٍ لمشروع أكبر، هو مؤسسة &laqascii117o;فيرست لوك ميديا" التي يملكها الملياردير بيار أوميديار. يبحث الأخير عن أفق أبعد من مجرد تعريفه كصاحب ومؤسس لموقع &laqascii117o;إي باي"، الخاص بالبيع والشراء على الإنترنت. كرّس أوميديار مبلغ 250 مليون دولار لمشروعه الصحافي الجديد، أُنفق منها 50 مليوناً، لبناء موقع &laqascii117o;فيرست لوك" الأمّ، ولإنشاء المجلّة الأولى، والتي ستتبعها إصدارات أخرى. يبدو رجل الأعمال الإيراني الأميركي، مدركاً لما ينتظره من صعوبات، خصوصاً أنّ الاعتراضات على نهج المجلّة وأهدافها المُعلنة، بدأت قبل صدورها (وإن كان أيّ اتّهام للمشروع يصبّ في مصلحة المشروع ذاته ويوجّه الأنظار إليه بعد فترة الترقب الماضية).
في فيديو تعريفي بـ&laqascii117o;فيرست لوك ميديا"، يقول أوميديار إنّ أفق المشروع الكبير، وإنّه &laqascii117o;مزيجٌ من المؤسسة التقنية وغرفة الأخبار"، وإنّه يهدف إلى تذليل العقبات التي تواجه الصحافة الحرّة. يشرح في ذلك الفيديو، أنّه يريد التعويض على الصحافة بعدما سلبها المدّ الرقميّ جزءاً من التقدير. وأشار إلى أنّ المؤسسة ستكرّس إمكانات كبيرة لتأمين ظروف عمل مناسبة وحماية قانونية لكوادرها، من دون أن ينشغلوا بمسألة المحتوى الرقميّ الذي ستنظّمه مؤسسة منفصلة.
بالعودة إلى The Intercept، حظيت المجلة في الساعات الأولى على إطلاقها (بين الثامنة إلى الحادية عشرة بتوقيت غرينتش) بنسبة متابعة عالية على موقعها، وعلى &laqascii117o;تويتر". وحمل عنوان أوّل مقال يُنشر على صفحتها، ما تريد المجلة نقله تماماً: &laqascii117o;دور &laqascii117o;وكالة الأمن القومي" السري في برنامج الاغتيالات الأميركي". عنوان صادم ومستفزّ للسلطة الأميركيّة التي لم، ولن، توفّر جهداً في التضييق على عمل الصحافيين في &laqascii117o;فيرست لوك"، وغرينوالد بالتحديد.
تضمّ المجلة في فريقها، أسماء هامة، ضمن كادر عمل كبير من صحافيين أصحاب خبرة. فبالإضافة إلى غرينوالد، يبرز اسم جيريمي سكايهل، الصحافي ومؤلف كتابَي: &laqascii117o;بلاك ووتر" و&laqascii117o;حروب قذرة"، وحوّل هذا الأخير فيلماً وثائقياً ونال ترشيحاً للأوسكار عن فئته، ومخرجة الأفلام الوثائقية لورا بويتراس. يتمحور عمل &laqascii117o;ذا إنترسبت" على هذا الثلاثيّ، الذي بدأ عمله، من حيث توقّف، وتحديداً تسريبات إدوارد سنودن. هذا الأخير وإن كان غائباً عن مشهد المجلّة، إلا أنّ ظلّه بقي حاضراً، لدرجة وصفت &laqascii117o;ذا غارديان" المطبوعة الناشئة، بمجلّة &laqascii117o;سنودنية".
ردود الأفعال التي واكبت إطلاق المجلة كانت مترقِّبةً بمعظمها. لكن الحال كانت أكثر سخونة في منصات التواصل الإعلامي. فعلى &laqascii117o;رديت" و&laqascii117o;تويتر"، صارت المجلة الخبر الأوّل. عرّفت المجلّة عن نفسها عبر حسابها على &laqascii117o;تويتر" بـ&laqascii117o;صحافة اللاخوف، والمواجهة". وأثارت المقالة الأولى جدلاً كبيراً، وإن مال كثيرون للدفاع عن وجهة نظر كاتبيها، غرينوالد وسكايهل. وأمس أيضاً، استضافت آمي غودمان في موقع &laqascii117o;ديموكراسي ناو"، كلاً من سكايهل وغرينوالد (من مقرّ إقامته في نيو دي جانيرو)، الهدف العام من إنشاء الموقع. عبّر الصحافيّان عن رغبتهما الحفاظ على &laqascii117o;روحيّة الصحافة" وحقّ الناس في المعرفة، واعتراض (intercept) ممارسات الحكومة الأميركية، وانتهاكها المستمرّ لحريات المواطنين بذرائع واهية. وتطّرق اللقاء إلى تصريحات رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب مايك روجرز، الذي عدّ حصول غرينوالد على الوثائق المسرّبة ونشرها، سرقةً. فردّ الصحافي واصفاً روجرز بـ&laqascii117o;كاذب" يمارس الدور المنوط به من قبل الحكومة الأميركيّة.
ليس هجوم روجرز على غرينوالد، إلا نموذجاً لما سيتعرّض له المشروع الجديد. وذلك ما أبدى فريق &laqascii117o;فيرست لوك" جاهزيته لمواجهته، كلٌّ في مجاله: الملياردير صاحب المشروع في الجانب التمويلي والتسويقي، إلى جانب العمل الصحافي الاستقصائي، وتكريس دور الصحافة في كشف الحقائق بمنظور جديد، ومفهوم مبتكر قدر الإمكان.
جاء توقيت إطلاق المجلة، كما يقول سكايهل، في توقيت حساس &laqascii117o;بسبب ما كنَّا نشعر به من رغبة في تحدّي الضغوط التي يستمرّون بفرضها علينا، لذلك كان لا بدّ لنا من إظهار التحدّي". قبل أيام فقط، أعلن غرينوالد أنَّه مستعدّ للعودة إلى الولايات المتحدة، لكنه اشتكى مجدداً من أن الحكومة الأميركية لا تقدّم ردّاً واضحاً أو ضمانات في هذا الشأن، إن بالنسبة له أو بالنسبة للورا بايتروس المقيمة في برلين. وستخصّص المجلّة قسماً فرعيّاً على موقعها، لمتابعة قضية عودة غرينوالد إلى بلاده.
يومٌ حافلٌ عاشته الصحافة عموماً أمس، والالكترونية خاصة، لأنَّه لم يشهد بداية مشروعٍ إعلاميّ جديد فقط، بل استمرار تحدِّ بين نظام حكوميّ يدافع عن &laqascii117o;تجميعه" معلومات وإن بشكل غير شرعي، ونظام شفافية صحافية يدافع عن حقّ أصحاب تلك المعلومات في المعرفة، ويحافظ على روحية الصحافة التي تتعرض لتحديات غير مسبوقة، على حدّ تعبير غرينوالد.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد