إعلام جديد » جيجيك عن أسانج: التجسّس لمصلحة الشعب

فادي الطويل

assanjmed_300يستعيد الفيلسوف والمفكر السلوفيني سلافوي جيجيك في مقالته المنشورة في &laqascii117o;الغارديان" البريطانية مؤخّراً، بعنوان &laqascii117o;كيف فتحت &laqascii117o;ويكيليكس" عيوننا على وهم الحرية"، ذكرى محددة. يقول جيجيك إن من الواجب إضافة تاريخ جديد إلى لائحة المناسبات التي نتذكرها ونتوقف عندها سنوياً، لا سيما السياسية منها وما يرتبط بعالم اليوم متشابك العلاقات والمصالح. هذا التاريخ هو 19 حزيران/ يونيو، الذي يصادف ذكرى لجوء جوليان أسانج إلى السفارة الإكوادورية في لندن. يقول جيجيك: &laqascii117o;يقوم معظمنا بالتجوّل خلال النهار للحصول على بعض الهواء النقي. ولا بدّ من وجود سبب قوي لمن لا يستطيعون فعل ذلك ـ قد يكون لديهم عمل يمنعهم (عمال مناجم، غواصون)، أو مرض غريب يجعل التعرض للشمس خطراً مميتاً. حتى السجناء ينالون ساعة يومية من التنفس في الهواء الطلق. لقد احتُجز أسانج بشكل دائم في بناء السفارة الاكوادورية في لندن. بحيث أنه إذا ما خطا خارج البناء، فسوف يُعتقل مباشرةً. ماذا فعل أسانج ليستحق هذا؟ من ناحية ما، يمكن للمرء أن يتفهّم السلطات: لقد اتّهم أسانج وزملاؤه من مسرّبي المعلومات بأنهم خونة. لكنهم، في عيون السلطات، شيء أسوأ بكثير".
ومع أن جيجك ذاته كتب كثيراً وباستفاضة عن &laqascii117o;ويكيليكس" وأسانج بالذات، إلا أنه يكرر هنا أن عمل أسانج في &laqascii117o;التجسس لمصلحة الشعب" ينطوي على إساءة فهم يكرّسها ويحاول الإعلام الحكومي تثبيتها ضمن مفهوم عكسيّ، ليقدم دلالات &laqascii117o;العمل كعميل مزدوج، يبيع أسرارنا للعدو". لكن مع ذلك، فإن ما قام به أسانج هو أشد تطرفاً بكثير من مبدأ الخيانة المزعومة. &laqascii117o;إنه يضرب مبدأ التجسس بعينه، مبدأ السرية، على اعتبار أن هدفه هو جعل الأسرار مكشوفة وعامة. لم يعد الأشخاص الذين يساعدون &laqascii117o;ويكيليكس" مسرّبي معلومات يكشفون الممارسات غير القانونية للشركات الخاصة (البنوك، وشركات التبغ والنفط) أمام السلطات الشعبية العامة، إنهم باتوا يكشفون هذه السلطات الشعبية ذاتها أمام طيف شعبي عام أعرض".
يرى جيجيك أن أهمية كشوفات &laqascii117o;ويكيليكس" تكمن في أنها خلقت حالة من الإدراك المفاجئ الذي لا سبيل معه لمزيد من التجاهل الذي كان يهرب إليه المواطن ـ الأميركي خصوصاً ـ في نوع من عدم التدخّل في الشأن الحكومي. لقد أصبحت القضية إنسانية شاملة، ولا يمكن الهروب من مواجهتها، كما لم يعد ممكناً الصمت تجاه أوهام الحرية التي ثبُتَ أنه تمّ تسويقها كأفكار مفرّغة من مضمونها. لا سيّما أن المرء بات يدرك أنه متحكَّم به من قبل عوامل خارجية، وهو لا يزال في حالة استكشاف تدريجي لفاجعة قوة هذه السيطرة وما بلغته من مستوى غير مسبوق. ويكرّر أن الولايات المتحدة لا تستخدم العنف الذي يمكن أن تستخدمه دول مثل روسيا والصين. &laqascii117o;تخيّلوا فقط ما كان يمكن أن يحدث لتشلسي مانينغ في محكمة صينية. من الوارد جداً ألا تكون هناك محاكمة عامة، سوف تختفي وحسب. لكن الولايات المتحدة وبسبب تقدّمها التقني لا تحتاج لاستخدام النهج الوحشي المكشوف (الذي هو أكثر من جاهز للتطبيق عند الضرورة). وهي لهذا السبب بالتحديد تبقى الخطر الأكثر تهديداً لحرياتنا". إن اعتقاد الناس بالتمتع بذوات حرة هو نوع من غشاوة تخفي وراءها سيطرة ميكانيزمات الدولة عليهم.
&laqascii117o;لهذا السبب اتّهم أسانج بالتسبّب بكثير من الضرر. مع أنه لا يوجد عنف فيما تقوم به &laqascii117o;ويكيليكس". نعرف جميعنا ذلك المشهد الكرتوني الكلاسيكي: تصل الشخصية إلى حافة جرف وتستمرّ بالجري، متجاهلة حقيقة أنّه لم يعد ثمّة أرض تحت قدميها، تبدأ بالسقوط فقط عندما تنظر إلى الأسفل وتلاحظ الهاوية. ما تفعله &laqascii117o;ويكيليكس" ليس إلا تذكير مَن هم في السلطة أن ينظروا إلى الأسفل".
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد