روز سليمانحتى تصدّق حجم الاستخفاف في الترويج الإعلاني لبعض حفلات الجالية السورية في الولايات المتحدة الأميركيّة، يكفي أن تحاول قراءة ما كُتب على بطاقة الحفلة التي كان من المفترض أن تقام مساء أمس الجمعة، في &laqascii117o;مقصف ومطعم الليالي الذهبية". للوهلة الأولى يمكن لأي سوريّ لو شاهد تلك البطاقة أن يعتقد أن الحفلة في سوريا، وتغمره السعادة بأنّ الأزمة ربما لن تطول. فالمقاصف المتناثرة على الطريق الذي يصل العاصمة السوريّة بريفها، بفعل الأحداث منذ ثلاث سنوات، أغلقت. لكنّ الحفل لن يقام لا في سوريا ولا لبنان.. بل في أميركا، وتحديداً في ولاية كاليفورنيا، كما يشير الرقم المذيّل في أسفل بطاقة الدعوة.
أمام المشهد البصري السيئ للبطاقة، يكون عليك أن تحاول إعادة تشكيل مفاهيمك حول ما هو رخيص، وما هو مبتذل، ما هو تجاري، وما هو اجتماعي/ خيري أيضاً. تعجّ مساحة البطاقة المستطيلة الصغيرة، بكلّ ما يخطر في بالك من ألوان وعناصر وشعارات ومعلومات: اسم المطعم، &laqascii117o;الليالي الذهبيّة"، إشارة إلى وجود مالك جديد له، سعر البطاقة متضمّنة &laqascii117o;مازا" و&laqascii117o;كباب"، مواعيد الحفلات سبعة أيام في الأسبوع، بار كامل، أراكيل بأفخر أصناف التنباك، وفقرات من الرقص الشرقي، كلّ ذلك مدعوماً بصورة راقصة، ومغنٍّ إلى جانب صورة للممثل محمد خير الجراح، المعروف بدور أبو بدر. ما الذي يفعله أبو بدر هنا، وسط هذه الحفلة البصريّة؟ في الزاوية العليا اليسرى من البطاقة، تجد صورة الممثل السوري، وحوله عبارة تقول: &laqascii117o;ضيف الشرف نجم الدراما السورية محمد خير الجراح (أبو بدر)". &laqascii117o;السفير" تواصلت مع الجراح، فأكّد لنا أنّه متواجد في الولايات المتحدة الأميركيّة، للمشاركة في حفلات المطعم المذكور. ويقول: &laqascii117o;أوافقكم بأن تصميم البطاقة سيئ بصرياً لكنّها نُفّذت من دون اطلاعي المسبق عليها. كان من الضروري متابعة الموضوع من قبلي لكنني مشغول ببعض المسائل العائلية هنا".
الأرجح أن كثراً من أبناء الجالية السوريّة في كاليفورنيا، يجدون في شخصيّة &laqascii117o;أبو بدر" ضِحكَتهم، بعيداً عن أخبار الحرب والأزمات المعيشية الخانقة التي تلاحق أهلهم. ربّما يجدون في طرف ذلك الرجل الضعيف كما يصوّره مسلسل &laqascii117o;باب الحارة"، قوّتهم، بعيداً عن أخبار الموت والقتل والتهجير. لكن ربما من الأجدى بالقيّمين على الحفلات وأماكن الترفيه والتسلية، أن يتجنّبوا الاستخفاف بـ&laqascii117o;حنين" الناس في غربتهم. فمن ستقع بين يديه البطاقة المشار إليها، لن يودّ أن يكون جزءاً من تلك الحفلة!
والسؤال هل فعلاً لا تزال الجالية السورية في الولايات المتحدة، تقبل بمثل تلك القوالب البائدة لحفلاتها؟ تكفي، للمقارنة وإدراك مدى تراجع الذائقة البصرية، العودة إلى صفحة التاريخ السوري على &laqascii117o;فايسبوك"، لنعثر في أرشيف مجلة &laqascii117o;المضحك المبكي" السورية على صورة نشرت العام 1935، بمثابة إعلان عن فندق بلودان الكبير، وهو إعلان أنيق ضمن محدودية التقنيات البصرية والطباعية في تلك الأيام. يقول جزء منه: &laqascii117o;إلى فندق بلودان الكبير حيث تتناسون بين الرياض الغنّاء والمياه الرقراقة العذبة والهواء العليل الصحي جميع أتعابكم".
المصدر: صحيفة السفير